الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س15: كيف نوفق بين علم الأطباء الآن بذكورة الجنين وأنوثته، وقوله تعالى:(وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ)(لقمان: الآية34) وما جاء في تفسير ابن جرير عن مجاهد أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عما تلد امرأته، فأنزل الله الآية. وما جاء عن قتادة رحمه الله؟ وما المخصص لعموم قوله تعالى:(مَا فِي الْأَرْحَامِ)
؟
الجواب: قبل أن أتكلم عن هذه المسألة أحب أن أبين أنه لا يمكن أن يتعارض صريح القرآن الكريم مع الواقع أبداً، وأنه إذا ظهر في الواقع ما ظاهره المعارضة، فإما أن يكون الواقع مجرد دعوى لا حقيقة له، وإما أن يكون القرآن الكريم غير صريح في معارضته، لأن صريح القرآن الكريم وحقيقة الواقع كلاهما قطعي، ولا يمكن تعارض القطعيين أبداً.
فإذا تبين ذلك فقد قيل: إنهم الآن توصلوا بواسطة الآلات الدقيقة للكشف عما في الأرحام، والعلم بكونه أنثى أو ذكراً فإن كان ما قيل باطلاً فلا كلام، وإن كان صدقاً فإنه لا يعارض الآية، حيث إن الآية تدل على أمر غيبي هو متعلق علم الله تعالى في هذه الأمور الخمسة، والأمور الغيبية في حال الجنين هي: مقدار مدته في بطن أمه، وحياته، وعمله، ورزقه، وشقاوته أو سعادته، وكونه ذكراً أم أنثى، قبل أن يخلق، أما بعد أن يخلق، فليس العلم بذكورته أو أنوثته من علم الغيب، لأنه بتخليقه صار من علم الشهادة، إلا أنه مستتر في الظلمات الثلاثة، التي لو أزيلت لتبين أمره، ولا يبعد أن يكون فيما خلق الله تعالى من الأشعة أشعة قوية تخترق هذه الظلمات حتى يتبين الجنين ذكراً أم أنثى. وليس في الآية تصريح
بذكر العلم بالذكورة والأنوثة، وكذلك لم تأت السنة بذلك.
وأما ما نقله السائل عن ابن جرير عن مجاهد، أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم، عما تلد امرأته، فأنزل الله الآية. فالمنقول هذا منقطع لأن مجاهداً رحمه الله من التابعين.
وأما تفسير قتادة رحمه الله فيمكن أن يحمل على أن اختصاص الله تعالى بعلمه ذلك إذا كان لم يخلق، أما بعد أن يخلق فقد يعلمه غيره. قال ابن كثير رحمه الله في تفسير آية لقمان: وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه تعالى سواه، ولكن إذا أمر بكونه ذكراً أو أنثى أو شقياً أو سعيداً علم الملائكة الموكلون بذلك ومن شاء من خلقه. أهـ.
وأما سؤالكم عن المخصص لعموم قوله -تعالى- (مَا فِي الْأَرْحَامِ) . فنقول: إن كانت الآية تتناول الذكورة والأنوثة بعد التخليق فالمخصص الحس والواقع، وقد ذكر علماء الأصول أن المخصصات لعموم الكتاب والسنة إما النص، أو الإجماع، أو القياس، أو الحس، أو العقل، وكلامهم في ذلك معروف.
وإذا كانت الآية لا تتناول ما بعد التخليق وإنما يراد بها ما قبله، فليس فيها ما يعارض ما قيل من العلم بذكورة الجنين وأنوثته.
والحمد لله أنه لم يوجد ولن يوجد في الواقع ما يخالف صريح القرآن الكريم، وما طعن فيه أعداء المسلمين على القرآن الكريم من حدوث أمور ظاهرها معارضة القرآن الكريم فإنما ذلك لقصور فهمهم لكتاب الله تعالى، أو تقصيرهم في ذلك لسوء نيتهم، ولكن