الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكم العافية، الله لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم) (1) .
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ الفاتحة عند زيارة القبور، وعلى هذا فقراءة الفاتحة عند زيارة القبور خلاف المشروع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما زيارة القبور للنساء، فإن ذلك محرم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج (2) ، فلا يحل للمرأة أن تزور المقبرة، هذا إذا خرجت من بيتها لقصد الزيارة، أما إذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة فلا حرج عليها أن تقف وأن تسلم على أهل المقبرة بما علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، فيفرق بالنسبة للنساء بين من خرجت من بيتها لقصد الزيارة، ومن مرت بالمقبرة بدون قصد فوقفت وسلمت، فالأولى التي خرجت من بيتها للزيارة قد فعلت محرماً، وعرضت نفسها للعنة الله عز وجل وأما الثانية فلا حرج عليها.
* * *
س353: هناك عادة في بعض البلاد وهى أنه إذا مات الميت رفعوا أصواتهم بالقرآن ومن خلال المسجلات في بيت الميت فما حكم هذا العمل
؟
(1) انظر صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور.
(2)
أخرجه أبو داود: كتاب الجنائز/ باب في زيارة النساء القبور (3236)، والترمذي: كتاب الصلاة/ باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجداً (320) . والنسائي: كتاب الجنائز/ باب التغليظ في اتخاذ السرج على القبور (2042) . وابن ماجه: كتاب الجنائز باب ما جاء في النهي عن زيارة النساء القبور (1575) .
الجواب: الجواب أن نقول إن هذا العمل بدعة بلا شك فإنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد أصحابه، والقرآن إنما تخفف به الأحزان إذا قرأه الإنسان بنفسه بينه وبين نفسه، لا إذا أعلن به على مكبرات الصوت التي يسمعها كل إنسان حتى اللاهون في لهوهم، حتى الذين يستمعون المعزف وآلات اللهو تجده يسمع القرآن ويسمع هذه الآلات، وكأنما يلغون في هذا القرآن ويستهزؤون به، ثم إن اجتماع أهل الميت لاستقبال المعزين هو أيضاً من الأمور التي لم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إن بعض العلماء قال: إنه بدعة، ولهذا لا نرى أن أهل الميت يجتمعون لتلقي العزاء بل يغلقون أبوابهم، وإذا قابلهم أحد في السوق، أو جاء أحد من معارفهم بدون أن يعدوا لهذا اللقاء عدته، ودون أن يفتحوا الباب لكل أحد فإن هذا لا بأس به، وأما اجتماعهم وفتح الأبواب لاستقبال الناس فإن هذا شيء لم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان الصحابة يعدون الاجتماع عند أهل الميت، ووضع الطعام من النياحة، والنياحة كما هو معروف من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة، وقال:((النائحة إذا لم تتب قبل موتها تُقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب)(1) . نسأل الله العافية.
فنصيحتي لإخواني المسلمين أن يتركوا هذه الأمور المحدثة؛ لأن ذلك أولى بهم عند الله، وهو أولى بالنسبة للميت أيضاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الميت يُعذب ببكاء أهله عليه، وبنياحة أهله
(1) أخرجه مسلم: كتاب الجنائز/ باب التشديد في النياحة (934) .
عليه، ومعنى يُعذَّب يتألم من هذا البكاء وهذه النياحة، وإن كان لا يعاقب عقوبة للفاعل، لأن الله تعالى يقول:(وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)(الأنعام: الآية164)، ولا يلزم من العذاب أن يكون عقوبة ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم:((السفر قطعة من العذاب)) (1) ، وليس السفر عقوبة، بل إن الألم والهم وما أشبه ذلك يعد عذاباً، ومن كلمات الناس العابرة قول ((عذبني ضميري)) إذا اعتراه الهم والغم الشديد، والحاصل أنني أنصح إخواني عن مثل هذه العادات التي لا تزيدهم إلا بعداً، ولا تزيد موتاهم إلا عذاباً.
* * *
(1) أخرجه البخاري: كتاب العمرة/ باب السفر قطعة من العذاب (1804) . ومسلم: كتاب الإمارة/ باب السفر قطعة من العذاب (1927) .