الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام والردة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رد فضيلتكم على من يقول من المسلمين إن الشخص المولود لأبوين مسلمين لم يكن مخيرا في اختيار دين الإسلام فكيف يكون حرا في الاختيار وهو يعلم أنه إذا اختار غير الإسلام فسوف يحكم عليه بالردة ويقتل. فكيف نرد عليه وما موقفنا منه؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالولد يحكم بإسلامه إذا كان أحد أبويه مسلما عند جمهور العلماء. وقال المالكية إنه لا يحكم بإسلامه إلا إذا كان أبوه مسلما.
ففي المغني لابن قدامة: ومن أسلم من الأبوين كان أولاده الأصاغر تبعا له، وبهذا قال الشافعي.. وقال مالك: إن أسلم الأب تبعه أولاده، وإن أسلمت الأم لم يتبعوها
…
وإذا حكم بإسلام من ولد من أبوين مسلمين أو أحدهما، فإنه إذا امتنع عن الإسلام بعد ذلك يحكم عليه بالردة ويقتل، لما روى البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من بدل دينه فاقتلوه. وقال الماوردي في الأحكام السلطانية: فأما القسم الأول في قتال أهل الردة: فهو أن يرتد قوم حكم بإسلامهم، سواء ولدوا على فطرة الإسلام أو أسلموا عن كفر، فكلا الفريقين في حكم الردة سواء
…
وعند أصحاب الرأي أنه يجبر على الإسلام من غير قتل. ففي المغني: وقال أصحاب الرأي: إذا أسلم أبواه أو أحدهما وأدرك فأبى الإسلام أجبر عليه ولم يقتل.
وأما الحرية التي وردت في السؤال، فإن كان الشخص المسؤول عنه يعني قول الله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّين {البقرة: 256} . فإن هذه الآية الكريمة لا تتعارض مع ما ذكرناه، وقد تكلم فيها أهل العلم على النحو التالي: قال ابن العربي في أحكام القرآن: قيل إنها منسوخة بآية القتال، وهو قول ابن زيد. الثاني: أنها مخصوصة في أهل الكتاب الذين يقرون على الجزية
…
الثالث: أنها نزلت في الأنصار، كانت المرأة منهم إذا لم يعش لها ولد تجعل على نفسها إن عاش أن تهوده ترجو به طول عمره، فلما أجلى الله تعالى بني النضير قالوا: كيف نصنع بأبنائنا! فأنزل الله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّين. (1/310) .
هذا هو الرد الذي ينبغي أن نقول لمن يقول مثل ما ذكرت.
وأما موقفنا منه، فإن كان يقول ما يقوله طعنا في الإسلام وتنقيصا منه، فإنه يكون بذلك مرتدا والعياذ بالله، وحكم المرتد هو القتل بعد الاستتابة، والذي يقوم بهذا الحد هو السلطان أو نائبه ولا يقوم به عوام الناس.
وإن كان لا يقوله طعنا وإنما يرى أن القتل غير واجب بالنسبة لمن ينطق بالشهادة وقد حكم بإسلامه تبعا لإسلام أبويه. فهذا يعذر فيما قاله، لأنه قد قال بمثله أصحاب الرأي كما تقدم، ويبين له أنه خلاف ما عليه جمهور أهل العلم وأن المعتمد في المسألة ما عليه الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425