المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كالتوسل إِلَى الله بجاه الصَّالِحين وَالْحلف بِغَيْر الله وَقَول الشَّخْص - فتاوى مهمة لعموم الأمة

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌أَنْوَاع التَّوْحِيد

- ‌خَصَائِص الْفرْقَة النَّاجِية

- ‌سَبَب قُوَّة الْمُسلمين

- ‌أَنْوَاع الشّرك

- ‌شَاب يُقيم أَرْكَان الْإِسْلَام لكنه يرتكب بعض الْمعاصِي فَمَا حكمه

- ‌تَعْرِيف الْبِدْعَة

- ‌كرامات الْأَوْلِيَاء

- ‌الاحتفال بالمود النَّبَوِيّ بِدعَة محدثة فِي الدّين

- ‌حكم الْحلف بِغَيْر الله

- ‌حكم زِيَارَة الْقُبُور والتوسل بالأضرحة وَأخذ أَمْوَال للتوسل بهَا

- ‌حكم زِيَارَة قُبُور الْأَوْلِيَاء وَقِرَاءَة الْقُرْآن على الْقُبُور

- ‌حكم الطّواف بالقبور وَدُعَاء أَصْحَابهَا وَالنّذر لَهُم

- ‌التوسل وَأَحْكَامه

- ‌الذّبْح لغير الله شرك

- ‌حكم الإستغاثة بِغَيْر

- ‌حكم دُعَاء أَصْحَاب الْقُبُور

- ‌حكم التوسل بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الرَّد على شُبْهَة للقبوريين

- ‌حكم السّفر لزيارة قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم تَعْلِيق الصُّور

- ‌حل السحر بِسحر مثله

- ‌الْوِقَايَة من الْعين

- ‌الرقى والتمائم

- ‌الرّقية الشَّرْعِيَّة والغير شَرْعِيَّة

- ‌مَا حكم مُوالَاة الْكفَّار

- ‌وجوب عَدَاوَة اليهو وَالْمُشْرِكين وَغَيرهم من الْكفَّار

- ‌مَا حكم الْإِقَامَة فِي بِلَاد الْكفَّار

- ‌حكم من يحكم بِغَيْر مَا أنزل الله

- ‌الِاسْتِهْزَاء بالملتزمين بأوامر الله وَرَسُوله

- ‌هَل يعْتَبر الشعة فِي حكم الْكَافرين

- ‌النّظر إِلَى الصُّور الْمُحرمَة

- ‌حكم زِيَارَة النِّسَاء للقبور

- ‌الْمَرْأَة والدعوة إِلَى الله

- ‌حكم تَحْدِيد النَّسْل الْعَزْل مَشْرُوط بِإِذن الزَّوْجَة

- ‌فسخ زواج من لَا يُصَلِّي

الفصل: كالتوسل إِلَى الله بجاه الصَّالِحين وَالْحلف بِغَيْر الله وَقَول الشَّخْص

كالتوسل إِلَى الله بجاه الصَّالِحين وَالْحلف بِغَيْر الله وَقَول الشَّخْص مَا شَاءَ الله وشئت وَلَا تَنْقَسِم الْبدع فِي الْعِبَادَات إِلَى الْأَحْكَام الْخَمْسَة كَمَا زعم بعض النَّاس لعُمُوم حَدِيث كل بِدعَة ضَلَالَة فتاوي اللجنة 2321

‌كرامات الْأَوْلِيَاء

8 -

سُؤال هَل للأولياء كَرَامَة وَهل لَهُم أَن يتصرفوا فِي عَالم الملكوت فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهل يشفعون وهم فِي البرزخ لأهل الدُّنْيَا أم لَا جَوَاب الْكَرَامَة أَمر خارث للْعَادَة يظهره الله تَعَالَى على يَد عبد من عباده الصَّالِحين حَيا أَو مَيتا إِكْرَاما لَهُ فَيدْفَع بِهِ عَنهُ ضرا أَو يُحَقّق لَهُ نفعا أَو ينصر بِهِ حَقًا وَذَلِكَ الْأَمر لَا يملك العَبْد الصَّالح أَن يَأْتِي بِهِ إِذا أَرَادَ كَمَا أَن النَّبِي لَا يملك أَن يَأْتِي بالمعجزة من عِنْد نَفسه بل كل ذَلِك إِلَى الله وَحده قَالَ الله تَعَالَى وَقَالُوا لوللا أنزل عَلَيْهِ آيَات من ربه قل إِنَّمَا الْآيَات عِنْد الله وَإِنَّمَا أَنا نَذِير مُبين وَلَا يملك الصالحون أَن يتصرفوا فِي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا بِقدر

ص: 33

مَا آتَاهُم الله من الْأَسْبَاب كَسَائِر الْبشر من زرع وَبِنَاء وتجارة وَنَحْو ذَلِك مِمَّا هُوَ من جنس أَعمال الْبشر بِإِذن الله تَعَالَى وَلَا يملكُونَ أَن يشفعوا وهم فِي البرزخ لأحد من الْخلق أَحيَاء وأمواتا قَالَ الله تَعَالَى قل لله الشَّفَاعَة جَمِيعًا وَقَالَ وَلَا يملك الَّذين يدعونَ من دونه الشَّفَاعَة إِلَّا من شهد بِالْحَقِّ وهم يعلمُونَ وَقَالَ من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ وَمن اعْتقد فِي أَنهم يتصرفون فِي الْكَوْن أَو يعلمُونَ الْغَيْب فَهُوَ كَافِر لقَوْل الله عز وجل لله ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَهُوَ على كل شَيْء قدير (1) وَقَوله سُبْحَانَهُ قل لَا يعلم من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا الله (2) وَقَوله سُبْحَانَهُ آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم بِمَا يزِيل اللّبْس ويوضح الْحق قل لَا أملك لنَفْسي نفعا وَلَا ضرا إِلَّا مَا شَاءَ الله وَلَو كنت أعلم الْغَيْب لاستكثرت من الْخَيْر وَمَا مسني السوء إِن أَنا إِلَّا نَذِير وَبشير لقوم يُؤمنُونَ (3) فتاوي اللجنة 1388

ص: 34

حكم الاحتفال بالموالد النَّبَوِيَّة وَغَيرهَا (1) الْحَمد لله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله وعَلى آله وَصَحبه وَمن اهْتَدَى بهداه

9 -

أما بعد فقد تكَرر السُّؤَال من كثير عَن حكم الاحتفال بمولد النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالْقِيَام لَهُ فِي أثْنَاء ذَلِك وإلقاء السَّلَام عَلَيْهِ وَغير ذَلِك مِمَّا يفعل فِي الموالد وَالْجَوَاب أَن يُقَال لَا يجوز الاحتفال بمولد الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَلَا غَيره لِأَن ذَلِك من الْبدع المحدثة فِي الدّين لِأَن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لم يَفْعَله وَلَا خلفاؤه الراشدون وَلَا غَيرهم منالصحابة رضوَان الله عَلَيْهِم وَلَا التابعون لَهُم بِالْإِحْسَانِ فِي الْقُرُون المفضلة وهم أعلم النَّاس بِالسنةِ وأكمل حبا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه مِمَّن بعدهمْ وَقد ثَبت عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ

ص: 35

فَهُوَ رد أَي مَرْدُود عَلَيْهِ وَقَالَ فِي حَدِيث آخر عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي تمسكوا بهَا وعضوا عَلَيْهَا بالنواجذ وَإِيَّاكُم ومحدثات الْأُمُور فَإِن كل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة فَفِي هذَيْن الْحَدِيثين تحذير شَدِيد من إِحْدَاث الْبدع وَالْعَمَل بهَا وَقد قَالَ سبحانه وتعالى فِي كِتَابه الْمُبين وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا (1) وَقَالَ عز وجل فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره أَن تصيبهم فتْنَة أَو يصيبهم عَذَاب أَلِيم (2) وَقَالَ سُبْحَانَهُ لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة لمن كَانَ يرجوا الله وَالْيَوْم الآخر وَذكر الله كثيرا (3) وَقَالَ تَعَالَى وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان رَضِي الله عَنْهُم وَرَضوا عَنهُ وَأعد لَهُم جنَّات تجْرِي تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا أبدا

ص: 36

ذَلِك الْفَوْز الْعَظِيم (1) وَقَالَ تَعَالَى الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا (2) والآيات فِي هَذَا الْمَعْنى كَثِيرَة وإحداث مثل هَذِه الموالد يفهم مِنْهُ أَن الله سُبْحَانَهُ لم يكمل الدّين لهَذِهِ الْأمة وَأَن الرَّسُول عليه الصلاة والسلام لم يبلغ مَا يَنْبَغِي للْأمة أَن تعْمل بِهِ حَتَّى جَاءَ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخّرُونَ فأحدثوا فِي شرع الله مَا لم يَأْذَن بِهِ زاعمين أَن ذَلِك مِمَّا يقربهُمْ إِلَى الله وَهَذَا بِلَا شكّ فِيهِ خطر عَظِيم وَاعْتِرَاض على الله سُبْحَانَهُ وعَلى رَسُوله صلى الله عليه وسلم وَالله سُبْحَانَهُ قد أكمل لِعِبَادِهِ الدّين وَأتم عَلَيْهِم النِّعْمَة وَالرَّسُول صلى الله عليه وسلم قد بلغ الْبَلَاغ الْمُبين وَلم يتْرك طَرِيقا يُوصل إِلَى الْجنَّة ويباعد من النَّار إِلَّا بَينه للْأمة كَمَا ثَبت فِي الحَدِيث الصَّحِيح عَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا بعث الله من نَبِي إِلَّا كَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَن يدل أمته على خير مَا يُعلمهُ لَهُم وَيُنْذرهُمْ شَرّ مَا

ص: 37

يُعلمهُ لَهُم رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه وَمَعْلُوم أَن نَبينَا صلى الله عليه وسلم هُوَ أفضل الْأَنْبِيَاء وخاتمهم وأكملهم بلاغا وَنصحا فَلَو كَانَ الاحتفال بالموالد من الدّين الَّذِي يرضاه الله سُبْحَانَ لبينه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم للْأمة أَو فعله فِي حَيَاته أَو فعله أَصْحَابه رضي الله عنهم فَلَمَّا لم يَقع شَيْء من ذَلِك علم أَنه لَيْسَ من الْإِسْلَام فِي شَيْء بل هُوَ من المحدثات الَّتِي حذر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم مِنْهَا أمته كَمَا تقدم ذكر ذَلِك فِي الْحَدِيثين السَّابِقين وَقد جَاءَ فِي مَعْنَاهُمَا أاديث أُخْرَى مثل قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي خطْبَة الْجُمُعَة أما بعد فَإِن خير الحَدِيث كتاب الله وَخير الْهَدْي هدي مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل بِدعَة ضَلَالَة رَوَاهُ الإِمَام مُسلم فِي صَحِيحه والآيات وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب كَثْرَة وَقد صرح جمَاعَة من الْعلمَاء بإنكار الموالد والتحذير مِنْهَا عملا بالأدلة الْمَذْكُورَة وَغَيرهَا وَخَالف بعض الْمُتَأَخِّرين فأجازها إِذا لم تشْتَمل على شَيْء من الْمُنْكَرَات كالغلو فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وكاختلاط النِّسَاء بِالرِّجَالِ وَاسْتِعْمَال آلَات الملاهي وَغير ذَلِك مِمَّا يُنكره الشَّرْع المطهر وظنوا أَنَّهَا من الْبدع الْحَسَنَة وَالْقَاعِدَة

ص: 38

الشَّرْعِيَّة رد مَا تنَازع فِيهِ النَّاس إِلَى كتاب الله وَسنة رَسُوله مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ الله عز وجل يأيها الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ذَلِك خير وَأحسن تَأْوِيلا (1) وَقَالَ تَعَالَى وَمَا اختلفتم فِيهِ من شَيْء فَحكمه إِلَى الله (2) وَقد رددنا هَذِه الْمَسْأَلَة وَهِي الاحتفال بالموالد إِلَى كتاب الله سُبْحَانَهُ فوجدناه يَأْمُرنَا بِاتِّبَاع الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِيمَا جَاءَ بِهِ ويحذرنا عَمَّا نهى عَنهُ ويخبرنا بِأَن الله سُبْحَانَهُ قد أكمل لهَذِهِ الْأمة دينهَا وَلَيْسَ هَذَا الاحتفال مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فَيكون لَيْسَ من الدّين الَّذِي أكمله الله لنا وأمرنا بِاتِّبَاع الرَّسُول فِيهِ وَقد رددنا ذَلِك أَيْضا إِلَى سنة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فَلم نجد فِيهَا أَنه فعله وَلَا أَمر بِهِ وَلَا فعله أَصْحَابه رضي الله عنهم فَعلمنَا بذلك أَنه لَيْسَ من الدّين بل هُوَ من الْبدع المحدثة وَمن التَّشَبُّه بِأَهْل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي أعيادهم

ص: 39

وَبِذَلِك يَتَّضِح لكل من لَهُ أدنى بَصِيرَة ورغبة فِي الْحق وإنصاف فِي طلبه أَن الاحتفال بالموالد لَيْسَ من دين الْإِسْلَام بل هُوَ من الْبدع المحدثات الَّتِي أَمر الله سُبْحَانَهُ وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم بِتَرْكِهَا والحذر مِنْهَا وَلَا يَنْبَغِي للعاقل أَن يغتر بِكَثْرَة من يَفْعَله من النَّاس فِي سَائِر الأقطار فَإِن الْحق لَا يعرف بِكَثْرَة الفاعلين وَإِنَّمَا يعرف بالأدلة الشَّرْعِيَّة كَمَا قَالَ تَعَالَى عَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَقَالُوا لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ هودا أَو نَصَارَى تِلْكَ أمانيهم قل هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين (1) وَقَالَ تَعَالَى وَإِن تُطِع أَكثر من فِي الأَرْض يضلوك عَن سَبِيل الله (2) الْآيَة ثمَّ إِن غَالب هَذِه الاحتفالات بالموالد مَعَ كَونهَا بِدعَة لَا تخلوا من اشتمالها على مُنكرَات أُخْرَى كاختلاط النِّسَاء بِالرِّجَالِ وَاسْتِعْمَال الأغاني وَالْمَعَازِف وَشرب المسكرات والمخدرات وَغير ذَلِك من الشرور وَقد يَقع فِيهَا مَا أعظم من ذَلِك وَهُوَ الشّرك الْأَكْبَر وَذَلِكَ بالغلو فِي رَسُول الله

ص: 40

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو غَيره من الْأَوْلِيَاء ودعائه والاستغاثة بِهِ وَطَلَبه المدد واعتقاد أَنه يعلم الْغَيْب وَنَحْو ذَلِك من الْأُمُور الكفرية الَّتِي يتعاطها الْكثير من النَّاس حِين احتفالهم بمولد النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَغَيره مِمَّن يسمونه بالأولياء وَقد صَحَّ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ إيَّاكُمْ والغلو فِي الدّين فَإِنَّمَا أهلك من كَانَ قبلكُمْ الغلو فِي الدّين وَقَالَ عليه الصلاة والسلام لَا تطروني كَمَا أطرت النَّصَارَى ابْن مَرْيَم إِنَّمَا أَنا عبد فَقولُوا عبد الله وَرَسُوله خرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه من حَدِيث عمر رضي الله عنه وَمن الْعَجَائِب أَن الْكثير من النَّاس ينشط ويجتهد فِي حَضَرُوهُ هَذِه الاحتفالات المبتدعة ويدافع عَنْهَا ويتخلف عَمَّا أوجب الله عَلَيْهِ من حُضُور الْجمع وَالْجَمَاعَات وَلَا يرفع بذلك رَأْسا وَلَا يرى أَنه أَتَى مُنْكرا عَظِيما وَلَا شكّ أَن ذَلِك من ضعف الْإِيمَان وَقلة البصيرة وَكَثْرَة مَا ران على الْقُلُوب من صنوف الذُّنُوب والمعاصي نسْأَل الله الْعَافِيَة لنا ولسائر الْمُسلمين وَمن ذَلِك أَن بَعضهم يظنّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد وَلِهَذَا يقومُونَ لَهُ محيين ومرحبين وَهَذَا من أعظم الْبَاطِل وأقبح

ص: 41

الْجَهْل فَإِن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لَا يخرج من قَبره قبل يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يتَّصل بِأحد من النَّاس وَلَا يحضر اجْتِمَاعهم بل هُوَ مُقيم فِي قَبره إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وروحه فِي أَعلَى عليين عِنْد ربه فِي دَار الْكَرَامَة كَمَا قَالَ الله تَعَالَى فِي سُورَة الْمُؤمنِينَ ثمَّ إِنَّكُم بعد ذَلِك لميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة تبعثون (1) وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنا أول من ينشق عَنهُ الْقَبْر يَوْم الْقِيَامَة وَأَنا أول شَافِع وَأول مُشَفع عَلَيْهِ من ربه أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام فَهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة والْحَدِيث الشريف وَمَا جَاءَ فِي مَعْنَاهُمَا من الْآيَات وَالْأَحَادِيث كلهَا تدل على أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَغَيره من الْأَمْوَات إِنَّمَا يخرجُون من قُبُورهم يَوْم الْقِيَامَة وَهَذَا أَمر مجمع عَلَيْهِ بَين عُلَمَاء الْمُسلمين لَيْسَ فِيهِ نزاع بَينهم فَيَنْبَغِي لكل مُسلم التنبه لهَذِهِ الْأُمُور والحذر مِمَّا أحدثه الْجُهَّال وأشباههم من الْبدع والخرافات الَّتِي مَا أنزل الله بهَا من سُلْطَان وَالله الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِهِ

ص: 42

أما الصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَهِيَ من أفضل القربات وَمن الْأَعْمَال الصَّالِحَات كَمَا قَالَ تَعَالَى إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا (1) وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من صلى عَليّ وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا وَهِي مَشْرُوعَة فِي جَمِيع الْأَوْقَات ومتأكدة فِي آخر كل صَلَاة بل وَاجِبَة عِنْد جمع من أهل الْعلم فِي التَّشَهُّد الْأَخير من كل صَلَاة وَسنة مُؤَكدَة فِي مَوَاضِع كَثِيرَة مِنْهَا مَا بعد الْأَذَان وَعند ذكره عليه الصلاة والسلام وَفِي يَوْم الْجُمُعَة وليلتها كَمَا دلّت على ذَلِك أَحَادِيث كَثِيرَة وَالله الْمَسْئُول أَن يوفقنا وَسَائِر الْمُسلمين للفقه فِي دينه والثبات عَلَيْهِ وَأَن يمن على الْجَمِيع بِلُزُوم السّنة والحذر من الْبِدْعَة إِنَّه جواد كريم وَصلى الله على نَبينَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه مَجْمُوع فتاوي سماحة الشَّيْخ ابْن باز 1183

ص: 43