المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب النكاح ‌ ‌الزواج المبكر من محمد بن إبراهيم إلى سعادة مدير عام - فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ - جـ ١٠

[محمد بن إبراهيم آل الشيخ]

الفصل: ‌ ‌كتاب النكاح ‌ ‌الزواج المبكر من محمد بن إبراهيم إلى سعادة مدير عام

‌كتاب النكاح

‌الزواج المبكر

من محمد بن إبراهيم إلى سعادة مدير عام الإذاعة

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد:

فقد جرى الإطلاع على الاستفتاء المشفوع بخطابكم رقم 2596-1 وتاريخ 24/10/83هـ بخصوص رغبة حسن الثقفي في إيجاد حل للجمع بين رغبة والده في إلزامه بالزواج المبكر، ورغبته هو في تأجيله الزواج حتى يتخرج، لزعمه أن الزواج قد يحد من نشاطه الدراسي.

ونفيدكم: أنما قصده والد من إلزامه بالزواج هو ما دعى إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحسن للفرج) الحديث رواه الجماعة.

وهذا من الوالد نتيجة حتمية لمشاعره الودية تجاه ابنه، ومدى اهتمامه باستقامته وتخوفه من أن يلحق بركب الشباب الطائش لا سيما وقد أصبحت عوامل الإغراء والإثارة تتنازع الشبيبة من كل جانب مما كان له أسوأ الأثر في انحراف كثير منهم.

ولا شك أنه يتعين على المسلم البر بوالديه، وإطاعة أوامرهما فيما لا معصية فيه أو فيه مصلحة، إذ أنهما في الغالب لا يأمران أبناءهما إلا بما يريان فيه المصلحة لهم في حياتهم الدنيا وفي

ص: 5

الآخرة، قال الله تعالى {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} (1) وقال تعالى {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير} (2) . وقال صلى الله عليه وسلم:(رغم أنف امرئ أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة)(3) .

ولا ريب أن الزواج كما قال صلى الله عليه وسلم فيه تحصين للفروج وغض للأبصار وهو عامل فعال من أقوى عوامل الاستفادة والاهتداء.

أما تعلل الولد بأن الزواج قد يحد من نشاطه الدراسي، فالملاحظ أن الشاب في سن المراهقة تنتابه كثير من الأفكار المشتتة لذهنه، وليس كمثل الزواج علاج لمثل هذه الأحوال النفسية، ينضم إلى هذا أن في هذا الزواج علاوة على مصالحه الذاتيه طاعة للوالدين، وامتثالاً لأمر الله تعالى بتنفيذ رغباتهما مما لا معصية فيه، فحري به أن يبارك الله فيه، قال الله تعالى:{ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب} وقال تعالى {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} وبالله التوفيق والسلام عليكم. (ص-ف80-1 في 10-1-1384) .

(1) سورة الإسراء - آية 23، 24.

(2)

سورة لقمان - آية 14.

(3)

أخرجه مسلم.

ص: 6

الإعلان للخطاب

قوله ويجب على من يخاف زنا بتركه من رجل وامرأة.

فالرجل منه السعي في ذلك بجميع الوجوه التي يسعى إليه بها. والمرأة بأن تجيب إذا خطبها الكفؤ. فإن لم يتيسر فلا مانع أن تسعى وتسبب من يذكرها للأكفاء بطريقة لا تخرجها عما هو متعارف لما ينبغي في حق النساء من الحياء. فإن الأصل أن الأشياء التي يستحي منها لا تباشر، ولهذا في قصة علي (كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني) .

فيكون بطريق سري. تقول إذا كانت ثيباً: إذا علمت من يتزوج من هو كفؤ. وإن كانت بكراً فمن طريق أمها ونحوها. في البلاد الأخرى ينشر فلانه صفتها وكذا وكذا فمن يريد يأتي إلى صاحب الجريدة فيسأل عنها.. إلخ، ثم الوصول إلى هذه الغاية كأن فيه شيئاً، إلا أنه بالنسبة إلى شيء أفظع فالظاهر لا محذور فيه، لكن في الطرق المذكورة أولاً غنى عن هذا النشر. (تقرير)

الزواج بثانية مع وجود الأولى

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة فضيلة السكرتير العام لجمعية العلماء المركزية -دهلي- وفقهم الله للعمل بكتابه وتحكيم شريعة رسول محمد صلى الله عليه وسلم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

فنحمد الله إليكم تعالى، ونصلي ونسلم على خاتم أنبياءه ورسله

ص: 7

محمد وآله وصحبه. وقد وصلنا كتابكم الذي ذكرتم فيه أن المجلس التنفيذي للجمعية لعلماء الهند قرر في جلسته المنعقدة بولاية دلهي بالهند أن تتصل بالهيئات الإسلامية في البلاد الإسلامية الناهضة، ليستنير بآراء رجالها وما وضعوه من قوانين في سبيل الإصلاح الديني والاجتماعي الذين يتلاءم مع التعاليم والأخلاق الإسلامية، ويتعرف العوامل والأسباب الأساسية التي راعاها المصلحون الشرعيون، والأهداف التي يرمون إليها، وذلك تمهيداً لإصدار قوانين إصلاحية شاملة للنهوض بالمسلمين بالهند. وذكرتم من المسائل التي يهم المجلس أن يستنير بالرأي فيها ما يلي:

1-

حكم من يتزوج بزوجة ثانية مع وجود الزوجة الأولى.

2-

حكم إشراك بين الابن في الميراث مع وجود أبناء الصلب.

3-

حكم إنفاق الأموال في حفلات الزواج والمآتم.

وقبل الشروع في الجواب أحب أن أقدم لكم مقدمة مختصرة مهمة وهي: أنه مما يسرنا ويسر كل مسلم غيور على دينه أن يتكون من الجمعيات العامة التي تهدف إلى إصلاح الأوضاع التمسك بأصل الدين وتعاليمه الشريفة ومحاربة كل ما خالف الشريعة الإسلامية من البدع والخرافات والدخل، وكذلك ما هو أهم من ذلك ما يدخله الملحدون والزنادقة والمستشرقون وغيرهم في أفكار بعض المسلمين من تشكيكهم في أصل دينهم وتضليلهم عن سنة نبيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم وشريعته، وتحكيم القوانين الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية، وأهم ذلك معرفة أصل التوحد الذي بعث الله به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم

ص: 8

وتحقيقه علماً وعملاً ومحاربة ما يخالفه من الشرك الأكبر الذي يخرج من الملة، أو من أنواع الشرك الأصغر. وهذا هو تحقيق معنى (لا إله إلا الله) وكذلك تحقيق معنى (محمد رسول الله) من تحكيم شريعته، والتقيد بها. ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي من حكم بها أو حاكم إليها معتقداً صحة ذلك وجوازه فهو كافر الكفر الناقل عن الملة، وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه فهو كافر الكفر العلمي الذي لا ينقل عن الملة.

أما الجواب على (الأسئلة) : فالمسألة الأولى - وهو سؤالكم عن حكم من تزوج بزوجة ثانية مع وجود زوجته الأولى.

فالجواب: أن للرجل أن يتزوج بزوجة ثانية مع وجود زوجته الأولى، وكذلك له أن يتزوج بثالثه ورابعة، لقوله تعالى {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} (1) ولحديث غيلان (2) والإجماع منعقد على هذا.

ولكن يجب عليه العدل بينهن، ولا يميل مع إحداهن بشيء من القسم والنفقة والكسوة ونحو ذلك من الواجبات، بل عليه أن يخصص لكل أحد منهن يوماً وليلة يبيت معها، ويأوي إليها، ويكون عندها كما يكون عند الزوجة الثانية.

(ص-ف62-1 في 9-1-1385هـ)

(1) سورة النساء - آية 3.

(2)

قال (أسلمت وعندي امرأتان أختان فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أطلق أحداهما) رواه الخمسة إلا النسائي. وعن الزهري عن ابن عمر قال (أسلم غيلان الثقفي وتحته عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعاً) رواه أحمد وابن ماجه والترمذي.

ص: 9

بعض النساء تعين زوجها على دنياه، وتعبير رؤيا

(قوله: واحده

إلخ)

بعض النساء تعين الرجل على دنياه، بل قد تكفيه أمر دنياه، وهو لا بأس به إذا لم ينقص شيئاً من رجولته فلا محذور.

عند هذه المناسبة: رجل كان يعبر الأحلام، فجاءه رجل فقال: رأيت كأني لابس دراعه زوجتي، وهي لابسة ثوبي.

فقال له: الله أعلم أنك موليها التصرف.

والذي عبر له الرؤيا (ابن عليان) مطوع الدرعيه إذ ذاك، وكان فيه خير، وهو طالب علم، مطوع، وخطيب، ومن الأولين الذين أدركوا الدرعيه. (تقرير)

قد يكون وجود الأم أصلح

(قوله: بلا أم.

كثيراً ما تفسد أمها. وأيضاً إذا كانت بدون أم فهو أتم أن يملكها ويملك عليها أمرها.

وقد تكون الأم أصلح، وهو موجود كثير، ولكن هذا يختلف باختلاف البنات والأمهات جميعاً، فإذا كانت البنت ذات عقل وفطنه واتزان ودين وكانت أمها بخلاف ذلك فخير لها ولزوجها أن لا تكون لها.

وإن كانت أمها مثلها في ذلك فخير إلى خير. وإن كانت البنت ليس فيها الصفات المتقدمة والأم بالصفات المتقدمة فوجود الأم خير، وإن كانت الأم بالصفات السوء وأمها بالصفات السوء فوجودها شر إلى شر.

(تقرير)

ص: 10

نظر ما لا يظهر غالباً لا يجوز

قوله: ويباح له نظر ما يظهر غالباً.

أما ما لا يظهر غالباً فلا يحل له أن ينظر إليه، لأن ذاك شيء خرج عن أصل التحريم إلى الإباحة لأجل الحاجة فيتقدر بقدرها ويكفي الوجه هو أهم شيء، الحسن كله في الوجه، وفي الكفين والقدمين شيء من ذلك، وفي الرقبة، والقد تحت الثياب يعرف في الجمله. أما غير ذلك فمفسده نظره راجحة على المصلحة.

النظر إلى باطن العورة لا يحل. والمحرمات من الأجنبية على قسمين: منها ما تحريمه تحريم وسائل، ومنها ما تحريمه تحريم غايات. فالقبلة واللمسة ونحو ذلك تبع للجماع تحريمه من تحريم الغايات.

(تقرير)

(قوله: مراراً

لا يلمح ثم يعرض، بل يعيد النظر إلى أن يتحقق. وينظر إلى القيد الآخر، وهو أمن ثوران الشهوة.

وهي أيضاً يباح لها أن تراه.

(تقرير)

(قوله: ولا يحتاج إلى إذنها

يفيد أنه لو استأذنها لها أن تأذن له أو أهلها، فيدخل الدار لينظر فقط، هذا مباح بلا خلوة. إن لم يمكن إلا بخلوة فيتركه، فإنه ليس واجباًَ. (تقرير)

(قوله والشاهد معامل.. إلخ)

وهذا كله بلا شهوة، يعني بلا تمتع أو تلذذ بالنظر، فإن الله قد حرم عليه هذه المرأة أن ينتفع بشهوة منها من نكاح وما يتبعه. (تقرير)

ص: 11

كشف الأطباء على عورات النساء للعلاج، وخلوتهم بهن

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

وزير الداخلية

المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد:

فقد جرى إطلاع على المعاملة الواردة إلينا بخطاب سموكم رقم (1) وتاريخ

المتعلقة بكشف الأطباء على عورات النساء وما استفصل عنه كل من مساعد رئيس محكمة الدمام وقاضي مستعجلة القطيف وطبيبي مستشفى الملك بالأحساء. وبتأمل الجميع تقرر ما يلي:

أولاً: أن المرأة عورة، ومحل مطمع للرجال بكل حال. فلهذا لا ينبغي لها أن تمكن الرجال من الكشف عليها أو معالجتها.

ثانياً: إذا لم يوجد الطبيبه المطلوبة فلا بأس بمعالجة الرجل لها، وهذا أشبه بحال الضرورة، ولكنه يتقيد بقيود معروفه، ولهذا يقول الفقهاء: الضرورة تقدر بقدرها، فلا يحل للطبيب أن يرى منها أو يمس ما لا تدعوه الحاجة إلى رؤيته أو مسه ويجلي عليه ستر كل ما لا حاجة إلى كشفه عند العلاج.

ثالثاً: مع كون المرأة عورة، فإن العورة تختلف، فمنها عورة مغلظة، ومنها ما هو أخف من ذلك، كما أن المرض التي تعالج منه المرأة قد يكون من الأمراض الخطره التي لا ينبغي تأخر علاجها، وقد يكون من العوارض البسيطة التي لا ضرر

ص: 12

في تأخر علاجها حتى يحضر محرمها ولا خطر كما أن النساء يختلفن، فمنهن القواعد من النساء، ومنهن الشابه الحسناء، ومنهن ما بين ذلك ومنهن من تأتي وقد أنهكها المرض، ومنهن من يعمل لها بنج موضعي أو كلي، ومنهن من يكتفي بإعطائها حبوباً ونحوها. ولكل واحده من هؤلاء حكمها.

وعلى كل فالخلوة بالمرأة الأجنبية محرمه شرعاً ولو للطبيب الذي يعالجها، لحديث، ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما (1) . فلا بد من حضور أحد معها سواء كان زوجها أو أحد محارمها الرجال، فإن لم يتهيأ فلو من أقاربها النساء، فإن لم يوجد أحد ممن ذكر وكان المرض خطراً لا يمكن تفادياً من الخلوة المنهي عنها.

رابعاً: أما سؤال الدكتور عبد الفتاح عن أدنى سن للطفلة فجوابه: أن الطفلة إذا كانت صغيرة لم تبلغ سبع سنين فليس لها عورة، وإذا بلغت سبعاً فلها عورة من هي أكبر منها سناً.

والله الموفق والسلام.

مفتي البلاد السعودية

(ص-ف2700 في 21-9-1385هـ) .

(1) وفي حديث جابر (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها، فإن ثالثهما الشيطان، رواه أحمد. عن ابن عباس (أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) ، فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجه، وإني أكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: فانطلق فحج مع امرأتك) متفق عليه.

قلت وتقدم بعض ما يتعلق بالخلوة بالأجنبية في كتاب الحج.

ص: 13

وإذا وجدت طبيبة تذهب إلى الطبيب

قوله: ولطبيب نظر ولمس ما دعت إليه حاجة.

إذا كان النساء يحسن ما يحسنه الرجل يمكن أن يقال إن الرجل لا يباح له شيء من هذه، فإذا أصابها مرض فلا تذهب إلى الطبيب إذا وجد دكتورة فيها الكفاية لهذا الشيء فهي غير محتاجة إلى نظر الرجل، غنية عن ذلك.

وإذا أبيح للرجل الطبيب النظر فيشترط أن لا يكون بشهوة.

(تقرير)

لا يكشف على عورات النساء في التهم الأخلاقية إلا النساء إذا رآه القاضي

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

وزير الداخلية

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فبالإشارة إلى خطابكم رقم 3986-6 وتاريخ 21-12-86هـ والذي أجبتم به على ما كتبناه لسموكم برقم 3343-1 وتاريخ 17-11-1386هـ بخصوص الكشف على عورات النساء والغلمان في حوادث اتهامهم بفعل الفاحشة، وأنكم سبق أن تلقيتم الأمر السامي رقم 8071 وتاريخ 10-4-1380هـ عطفاً على قرارنا رقم 430 وتاريخ 24-3-1380هـ بأن قيام الأطباء بالكشف على عورات النساء مخالف للشريعة. وإذا استوجب الأمر الكشف على عورة امرأة فيتولى ذلك النساء الثقات، سواء كن قابلات وزارة الصحة أو من نساء البلد الموثوق بهن، وأن وزارة الصحة قد تبلغت صورة من الأمر السامي. كما أنكم أبلغتم مديرية

ص: 14

الأمن العام بخطابكم رقم 6008 وتاريخ 2-5-1386هـ لاعتماد موجبه حرفياً، وأن هذا هو الإجراء المتبع في الوقت الحاضر.

لقد اطلعنا على ما ذكر، غير أن هناك فرقاً بين الكشف على عورة المرأة والغلام للعلاج ونحوه وبين الكشف عليهما لوجود تهمة أخلاقية، فإن الكشف عليهما للتهمة لا يسوغ إلا إذا اقتضت المصلحة الشرعية التي يقررها القاضي، لأن مجرد وجود مثل هذا لا يدين المتهم بمفرده إذا أنكر. أما إذا كان الكشف لعلاج ونحوه فهذا هو الذي يسوغ إذا اقتضته المصلحة الطبية، غير أنه يلاحظ أن لا يكشف الطبيب الرجل على عورة المرأة إلا بحضور محرم ونحوه بما بيناه بخطابنا السابق رقم 430 وتاريخ 24-3-1380هـ. والسلام عليكم.

مفتي البلاد السعودية

(ص-ف 3551-1 في 10-9-1387هـ)

ومعرفة البكارة والثيوبه

من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة نائبنا في المنطقة الغربية

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

فبالإشارة إلى خطابكم المرفق رقم 13338 وتاريخ 19-9-1380هـ المعطوف على ما وردكم من رئيس محكمة أبها برقم 4629 وتاريخ 7-6-1380هـ المشفوع به مذكرة قاضي النماص رقم 668 في 25-8-1380هـ حول قيام الأطباء بالكشف على عورات النساء وما أشار إليه قاضي النماص من أن

ص: 15

العمل عندهم في حال معرفة البكارة والثيوبه وما في معناهما أن يكون الكشف بواسطة نساء ثقات. أما القضايا الجنائية فليس عندهم نساء يعرفن أنواع الجراحات فيجري الكشف على مواضع جراحات النساء بواسطة مقدر الشجاج بحضور محرم للمرأة المضروبة، وذلك لأجل الضرورة كما يجوز النظر إلى وجهها لمعرفتها للشهادة عليها وللمعالجة. اهـ.

وبتأمل ما ذكره قاضي النماص لم نر به بأساً، وقد صرح الأصحاب بمعناه في أول (كتاب النكاح) كما في الإقناع والمنتهي وغيرهما من كتب الفقه، لكن عليه أن يستر منها ما عدى موضع الحاجة، لبقائه عل الأصل في تحريم النظر إليه، والسلام عليكم (1) .

(ص - ف 1730 في 25-11-1380) .

حكم النظر إلى غير المخطوبة بقصد أو بغير قصد

وأما السؤال عن النظر إلى النساء المتبرجات: بقصد، أو بغير قصد؟

فالجواب عنه: أن النظر بقصد لا يجوز، لقوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) (2) وقد جعل الله سبحانه وتعالى العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره غض القلب

(1) والكشف على المرأة يكون من قبل النساء إذا ادعت عدم وطئه ووجود بكارتها (انظر - فتوى في العيوب برقم 133/3/1 في 11/10/86هـ) .

(2)

سورة النور - آية 30.

ص: 16

شهوته وإرادته، وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته، وفي الصحيح (أن الفضل بن عباس رضي الله عنهما يوم النحر من مزدلفة إلى منى فمرت ظعن بجرين فطفق الفضل ينظر إليهن فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشق الآخر) قال ابن القيم في (روضة المحبين) : هذا منع - أي للنظر إلى الأجنبيات- وإنكار بالفعل، فلو كان النظر جائزاً لأقره عليه، قال: وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، واللسان يزني وزناه النطق، والرجل تزني وزناها الخطى، واليد تزني وزناها البطش، والقلب يهوى ويتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه)(1) . فبدأ بزني العين لأنه أصل زنا اليد والرجل والقلب والفرج. ونبه بزني اللسان بالكلام على زنى الفم بالقبل. وجعل الفرج مصدقاً لذلك إن حقق الفعل، أو مكذباً له إن لم يحققه. قال وهذا الحديث من أبين الأشياء على أن العين تعصي بالنظر، وأن ذلك زناها، ففيه رد على من أباح النظر مطلقاً. ا. هـ. المراد منه.

وأما النظر بغير قصد من الناظر فلا يعاقب عليه إذا لم يتعمده القلب، فإذا اتبعه نظراً آخر أثم، روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن جرير رضي الله عنه قال:(سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري) قال التزمذي: هذا حديث حسن صحيح، وروى أحمد وأبو داود

(1) متفق عليه، واللفظ لمسلم.

ص: 17

والترمذي عن بريدة رضي الله عنه، أنه قال:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي يا عليّلا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة) قال الترمذي: حسن غريب. ففي هذين الحديثين دليل على أنه إذا صرف النظر في الحال فلا إثم عليه، وإن استدام النظر أثم. وفي (باب نظر الفجأة، وما كره من النظر) من (كتاب الورع) للإمام أحمد بن حنبل رواية أبي بكر أحمد بن محمد المروذي عنه ما نصه: قلت لأبي عبد الله رجل تاب وقال لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية غير أنه لا يدع النظر قال أي توبة هذه؟ قال جرير: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري) .

(ص-ف 64 - 4-1-80هـ) .

التأثيم لا يرتفع

سألت شيخنا: هل يرفع تكذيب الفرج الإثم؟

فأجباب: لا يظهر أنه يرفع التأثيم، فالنظرة العمد لها حكمان: إحداهما التحريم والثاني: وصفه بالزنا، فالتكذيب رفع وصف زنى العين، وبقي التأثيم والله أعلم.

(تقرير)

السفور منكر ولا يجوز، حتى لأخوة الزوج

من محمد بن إبراهيم إلى المكرم إبراهيم المحمد الجريفان

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

فقد جرى إطلاعنا على استفتائك بخصوص سؤالك: هل يجوز التسامح للنساء بكشف وجوههن أمام إخوة أزواجهن؟

ص: 18

ونفيدك أنه سبق أن كتبنا فتوى بهذا الخصوص تجد الجواب على سؤالك فيها نرفق لك صورة منها. والسلام عليكم.

مفتي البلاد السعودية

(ص-ف)

(الصورة)

استفتاء من رمز نفسه بحائر وغيور، يشتمل استفتاؤه على ثلاث نقاط هي:

أولاً: تألمه مما أصيب به مجتمع المرأة العربية المسلمة في بلادها: من التهتك والتبرج وخلع جلباب الحياء والاحتشام مما هو دخيل علينا، ومستورد ممن لا خلاق لهم ولا دين، بحجة التطور والتقدم.

ونحن نشكره على شعوره الطيب محو أخواته المسلمات، ونشاطره الألم والحسرة على ما أصيبت به المرأة في البلاد الإسلامية من أخلاف وتقاليد كان لمن اتصف بها من بنات الغربيين الأثر السيء في فساد الأخلاق، وتفكك الأسر، وشيوع ما بطن من الفواحش، وانتشار ما ظهر منها، وكان فيما حل بهذه المجتمعات من الفساد والانحلال والتفكك العبرة والعظة والدرس الغالي لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

ثانياً: يذكر أنه كان بينه وبين أحد رفاقه مناقشة في السفور الشائع في بعض جهات بلادنا الجنوبية وفي بلاد اليمن، حيث أنه ليس كالسفور الموجود في بعض البلاد العربية والإسلامية مقصود به التهتك والتبرج وإبداء كامل الزينة أخذاً بأسباب

ص: 19

التقدم والتطور المزعوم، وإنما جرت عادتهم بذلك من قديم الزمن ويسأل عن حكم هذا السفور.

والجواب: لا شك أن جميع المسلمين ذكرهم وأنتاهم عربيهم وأعجميهم أسودهم وأبيضهم مخاطبون بتعاليم الإسلام وتكاليفه، وأنه إذا انفرد من أجناسهم نوع له حال تخصه منهم صار له في التشريع ما يختص به تبعاً لحاله كالإماء بالنسبة لحرائر المسلمين.

إذا فهمنا هذا - عرفنا أن المرأة في حدودنا الجنوبية وفي اليمن امرأة كغيرها من نساء المسلمين حرة مخاطبة بتعاليم الدين، ملزمة بتكاليفه في حدود استطاعتها، لا تختص دونهن بوصف يخرجها عنهن - ظهر لنا أن السفور الموجود الآن في تلك الجهات منكر مخالف لما اتفق عليه المحققون من علماء الإسلام من وجوب إخفاء الزينة ومنها: الوجه واليدين، إلا ما ظهر منها وهو الثياب الظاهرة أخذاً بقوله تعالى:{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن} الآية (1) . وقال ابن مسعود: (إلا ما ظهر منها)(2) كالرداء والثياب يعني كل ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها. وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه، لأن هذا لا يمكنها إخفاؤه. ونظيره في زي النساء ما يظهر من إزارها وما لا يمكن إخفاؤه. وقال بقول ابن مسعود: الحسن، وابن سيرين وأبو الجوزاء، وإبراهيم النخعي، وغيرهم.

(1) سورة النور - آية 31.

(2)

سورة النور - آية 31.

ص: 20

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تفسيره هذه الآية: وأمر النساء خصوصاً بالاستتار، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ومن استثناه الله تعالى في الآية. فما ظهر من الزينة هو الثياب الظاهرة فهذا لا جناح في إبدائها إذا لم يكن في ذلك محذور آخر فإن هذه لا بد من إبدائها، وهذا قول ابن مسعود وغيره، وهو المشهور عن أحمد - إلى أن قال:(وقد ذكر عبيده السماني وغيره أن نساء المؤمنين كن يتدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق. وثبت في الصحيح (أن المرأة المحرمه تنهى عن الانتقاب والقفازين) وهذا يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن.

وقال في موضع آخر: والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء، كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه أن الحرة تحتجب والأمة تبرز، وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أمة مختمرة ضربها، وقال: أتتشبهين بالحرائر أي لكاع؟ قال الله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} (1) . قال ابن عباس رضي الله عنهما فيما روى عنه من تفسير هذه الآية مما ذكره ابن جرير في تفسيره: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة. وعن ابن سيرين قال: سألت عبيده بن سفيان بن الحارث الحضرمي

(1) سورة الأحزاب - آية 59.

ص: 21

عن قوله تعالى {قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} قال: فقال بثوبه فغطى رأسه ووجهه. وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه. أ. هـ.

ونظراً لضيق المجال فإنه لا يسعنا تتبع أقوال العلماء حول هذه المسألة في هذه العجالة من الزمن، لعل الله يوفقنا لإيفاء البحث حقه في رسالة مستقلة.

نعود إلى كلامنا عن السفور في اليمن وفي بعض جهات حدودنا الجنوبية لتكمل القول في أنه منكر، وأنه يلزم المسلمين إنكاره بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا شك أن على أولياء أولئك النسوة مسئولية كبرى في الحفاظ عليهن وإرشادهن إلى حكم السفور ومخالفته للمقتضيات الشرعية.

ثالثاً: يذكر المستفتي أن الإخوة في البيت الواحد لا تحتجب زوجة واحدهم عن الآخر بل لا تستر وجهها وغيره مما يظهر غالباً لمحارمها، ويسأل عن حكم ذلك؟

والجواب: لا شك أن الإسلام دين يسر وسماحه، قال تعالى {فاتقوا الله ما استطعتم} (1) ولا شك أن من المشقة على المرأة في بيتها تقييد حرية تنقلاتها فيه والحال أنها مسئولة عن شئونه كما أن التآلف والتعاون أمر يحترمه الإسلام ويدعو إليه.

فلا يلزم المسلم باعتزال من يرغب المعيشة معه من إخوانه ونحوهمفي بيته. وحيث الأمر كذلك فإنه يعفي للمرأة عن بروزها أمام إخوة زوجها ونحوهم وعليها بالتستر وإخفاء كامل زينتها إلا ما ظهر منها كالثياب ونحوها، كما أنه محظور عليها الخلوة بهم، قال

(1) سورة النور - آية 31.

ص: 22

صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه عقبة بن عامر: (إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) رواه الترمذي. (الحمو أخو الزوج) . وعن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) أخرجه البخاري وبما ذكرنا يتضح المقصود، وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد.

نشر صور النساء السافرات العاريات

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة الأخ معالي

الشيخ عبد الله بن عدوان

المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

يؤسفنا ويؤسف كل غيور على ما قامت جريدة الرياض تنشره من صور نساء سافرات عاريات، وقد طلع العدد (1109) منها الصادر بتاريخ يوم الاثنين 10 شوال 1388هـ وعلى صفحته الرابعة صورة كاملة للمغنية أم كلثوم. أفهذا يخفى عليكم؟

إننا نعتقد فيكم الغيرة لله، والترفع بهذه الصحيفة عن هذه الرذائل بنشر هذه الصور المحرمة، وننتظر ماذا تعملون تجاه هذه الأمور. هذا والسلام عليكم ورحمة الله.

(ص-م 5305 في 11-10-1388هـ) .

حكم سفور المرأة، وخروجها بين الرجال الأجانب

المسألة الثالثة: عن حكم سفور المرأة، وخروجها بين الرجال الأجانب.

ص: 23

والجواب: الحمد لله رب العالمين. لا يخفى أن عمل المسلمين ونساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الصحابة في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين والسلف الصالح رضوان الله عليهم أن المرأة لا تخرج سافرة، والنصوص الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة ومن بعدهم على هذا كثيرة معروفة، وقد أمر الله نساء المؤمنين (أن يدنين عليهن من جلابيبهن) وفسره ابن عباس وغيره من السلف بتغطية الوجه عن الرجال الجانب، ولم يضع الجناح في ترك الحجابة إلا عن القواعد بشرط عدم التبرج، فقال تعالى:{والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة} ، وقال صلى الله عليه وسلم:(المرأة عورة) . والعورة يجب سترها كلها ولا يجوز كشف شيء منها، وحكى ابن المنذر الإجماع على أن المرأة المحرمة تغطي رأسها وتستر شعرها وتسدل الثوب على وجهها سدلاً خفيفاً تستتر به عن نظر الرجال الأجانب، وحكى ابن رسلان إتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه.

ولو تتبعنا كل ما ورد في هذا لطال الكلام، وفي هذا كفاية لمن كان قصده الحق، والله الموفق، ونسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويرزقنا التمسك) .

(ص-ف 1243 في 21-6-1389هـ) .

ص: 24

استفتاء عن حكم كشف المرأة وجهها ويديها للرجال الأجانب، وعن معنى آيات في الحجاب، وعن جواز اختلاط النساء بالرجال

من محمد بن إبراهيم إلى صاحب الفضيلة

رئيس المحكمة الكبرى بأبها

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

بالإشارة إلى خطابكم لنا رقم 4619 وتاريخ 9-8-78هـ وبرفقة الاستفتاء المقدم من محمد مرعي علي القحطاني وصل وقد سأل فيه عما يأتي:

الأول: ما معنى قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}

الجواب: اختلف المفسرون في معنى هذه الآية، على أقوال:

الأول: روى الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وسعيد بن منصور في سننه وابن أبي شيبه في المصنف وغيرهم بأسانيدهم، عن ابن مسعود أنه قال:(ولا يبدين زينتهن) الزينة السوار والدملج والخلخال والقرط والقلادة (إلا ما ظهر منها) الثياب والجلباب.

الثاني: روى عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد في تفسيره بسنديهما، عن ابن عباس رضي الله عنه، أنه قال:(ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قال: هو خصاب الكف، والخاتم.

الثالث: روى ابن أبي شيبة في مصنفه وابن أبي حاتم في تفسيره بسنديهما، عن ابن عباس رضي الله عنه، أنه قال في قوله

ص: 25

(إلا ما ظهر منها) الوجه، والكفان، والخاتم. وروى ابن أبي شيبة في المصنف عن عكرمة في قوله:(إلا ما ظهر منها) قال الوجه والكفان، وبه قال سعيد بن جبير: وعطاء.

وروى أبو داود والبيهقي في سننهما بسنديهما، عن عائشة رضي الله عنها قالت:(إن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها، وقال: (يا أسمى إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفه)(1) وروى أبو داود في المراسيل عن قتادة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل) .

إذا علمت ما سبق من الأقوال فالراجح منها هو قول ابن مسعود رضي الله عنه، لدلالة الكتاب والسنة على مشروعية التستر للنساء في جميع أبدانهن إذا كن بحضرة الرجال الأجانب.

أما أدلة الكتاب فهي ما يلي:

الأول: قال تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} (2)

وجه الدلالة أن المرأة إذا كانت مأمورة بسدل الخمار من رأسها على وجهها لتستر صدرها فهي مأمورة بدلالة التضمن أن تستر ما بين الرأس والصدر وهو الوجه والرقبة، وروى البخاري في

(1) ضعف هذا الحديث كثير من العلماء لأنه من رواية خالد بن دريك عن عائشة وهو لم يسمع منها، فهو منقطع. وقال أبو داود بعد روايته سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يحتج بروايته. وعلة ثالثة وعي عنعنه قتادة عن خالد بن دريك وهو مدلس، ورابعه، أنه شاذ من هذا الوجه فليس له شاهد من حديث غيره.

(2)

سورة النور - آية 31.

ص: 26

الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: رحم الله نساء المهاجرين الأول لما نزل (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن أزرهن فاختمرن بها.

و (الخمار) ما تغطي به المرأة رأسها. و (الجيب) موضوع القطع من الدرع والقميص، وهو من الأمام كما تدل عليه الآية لا من الخلف كما تفعله نساء الإفرنج ومن تشبه بهن من نساء المسلمين.

الثاني: قوله تعالى: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وإن يستعففن خير لهن والله سميع عليم} (1)

قال الراغب في (مفرداته) وابن فارس في (معجمه) : القاعدة لمن قعدت عن الحيض والتزوج.

وقال البغوي في تفسيره، قال ربيعة الرأي: هن العجز اللاتي إذا رآهن الرجال استقذروهن، فأما من كانت فيها بقية من جمال وهي محل الشهوة فلا تدخل في هذه الآية. انتهى كلام البغوي.

وأما (التبرج) فهو إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال الأجانب، ذكر ذلك صاحب اللسان والقاموس وغيرهما.

وجه الدلالة من الآية أنها دلت بمنطوقها على أن الله تعالى رخص للعجوز التي لا تطمع في النكاح أن تضع ثيابها فلا تلقي عليها جلباباً ولا تحتجب لزوال المفسدة الموجودة في غيرها، ولكن إذا تسترن كالشابات فهو أفضل لهن، قال البغوي:(وإن يستعففن) فلا يلقين الحجاب والرداء (خير لهن) وقال أبو حيان

(1) سورة النور - آية 60.

ص: 27

(وإن يستعففن) عن وضع الثياب ويستترن كالشابات فهو أفضل لهن. إنتهى كلام أبي حيان.

ومفهوم المخالفة لهذه الآية أن من لم تيأس من النكاح وهي التي قد بقي فيها بقية من جمال وشهوة للرجال فليست من القواعد ولا يجوز لها وضع شيء من ثيابها عند الرجال الأجانب لأن افتتانهم بها وافتتانها بهم غير مأمون.

الثالث: قال تعالى {وقرن في بيوتكن ولا تبجرن تبرج الجاهلية الأولى} (1) .

وجه الدلالة أن الله تعالى أمر نساء النبي بلزوم بيوتهن ونهاهن عن التبرج، وهو عام لهن ولغيرهن كما هو معلوم عند الأصوليين أن خطاب المواجهة يعم، ولكن خصهن بالذكر لشرفهن على غيرهن ومن التبرج المنهي عنه إظهار الوجه واليدين.

الرابع: قوله تعالى {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب} المتاع عام في جميع ما يمكن أن يصلب من مواعين وسائر المرافق للدين والدنيا.

وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى أذن في مسألة نساء النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجاب في حالة تعرض ومسألة يستفتن فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنه أصول الشريعة من أن المرأة عورة بدنها وصوتها فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها وداء يكون ببدنها وسؤال عما يعرض وتعين عندها، وهذا يدل على مشروعية الحجاب، ولهذا قال:{ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن} (2) يريد الخواطر

(1) سورة الأحزاب - آية 33.

(2)

سورة الأحزاب - آية 53.

ص: 28

التي تعرض للنساء في أمر الرجال. وبالعكس: أي ذلك أنفى للريبة، وأبعد للتهمة، وأقوى في الحماية، وهذا يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يثق بنفسه في الخلوة مع من لا تحل له.

الخامس: قال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً} (1) .

وجه الدلالة من الآية ما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم بأسانيدهم، عن ابن عباس رضي الله عنهما وعبيدة السماني رضي الله عنه، أنهما قالا: أمر الله نساء المسلمين إذا خرجن من بيوتهن في حجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة. انتهى كلامهما.

وقوله (عليهن) أي من على وجوههن، لأن الذي كان يبدو في الجاهلية منهن هو الوجه. والجلابيب جمع جلباب. قال ابن منظور في (لسان العرب) نقلاً عن ابن السكيت أنه قال: قالت العامرية: الجلباب الخمار. وقال ابن الأعرابي: الجلباب الإزار، لم يرد به إزار الحقو، ولكنه أراد إزاراً يشتمل به فيحلل جميع البدن، وكذلك إزار الليل وهو كثوب السابغ الذي يشتمل به النائم فيغطي جسده كله. انتهى كلام ابن منظور. وفي صحيح مسلم عن أم عطية رضي الله عنها:(قالت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لتلبسها أختها من جلبابها) وقال أبو حيان في تفسيره: كان دأب الجاهلية أن تخرج الحرة والأمة

(1) سورة الأحزاب - آية 59.

ص: 29

وهما مكشوفتا الوجه في درع وخمار وكان الزناة يتعرضون لهن إذا خرجن بالليل لقضاء حوائجهن في النخيل والمحيطان للإماء، وربما تعرضوا للحرة بعلة الأمة يقولون حسبنا أمة، فأمرن أن يخالفن بزيهن زي الإمام بلبس الأردية والملاحف وستر الرؤوس والوجوه ليحتشمن ويهبن فلا يطمع فيهن.

وإذا قد أتينا على الأدلة من الكتاب فيحسن أن نختم الكلام عليها بكلام لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم عبد السلام ابن تيمية يتعلق بهذه الآيات. قال رحمه الله تعالى: والسلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة؟ على قولين، فقال ابن مسعود ومن وافقه هو ما في الوجه واليدين مثل الكحل والخاتم. قال: وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتهن: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة وجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذي المحارم.

وأما الباطنة فلا تبديها إلا للزوج وذي المحارم. وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا حجاب يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذا ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها إظهاره، ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله:{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} حجب النساء عن الرجال وكان ذلك لما تزوج النبي صلى الله عليه وسله الستر ومنع أنساً من أن ينظر، ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك على خبير قالوا إن حجبها فهي من نساء المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها، فلما أمر الله أن لا يسألن إلا من وراء حجاب،

ص: 30

وأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن (والجلباب) هو الملائة، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره (الرداء) وتسمية العامة (الإزار الكبير) الذي يغطي رأسها ويستر بدنها، وقد حكى عبيده وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها وجنسه (النقاب) فكان النساء ينتقبن، وفي الصحيح (أن المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين) وإذا كن مأمورات بالجلباب وهو ستر الوجه بالنقاب كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن عباس أول الأمرين. انتهى كلام شيخ الإسلام.

وأما الأدلة من السنة فنقتصر منها على ما يأتي:

الدليل الأول: عن أم سلمة رضي الله عنها، أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ميمونة، قال:(بينما نحن عندها أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه وذلك بعد أن أمر بالحجاب فقال صلى الله عليه وسلم احتجبا منه فقلت يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟!) . رواه الترمذي وغيره. وقال بعد إخراجه: حديث حسن صحيح، وقال ابن حجر: إسناده قوي.

الثاني: عن أنس رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه (يا رسول الله إن نسائك يدخل عليهن البر

ص: 31

والفاجر فلو أمرت نساء المؤمنين بالحجاب؟ فأنزل الله آية الحجاب) أخرجه الشيخان.

الثالث: عن عائشة رضي الله عنها، قالت (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسيلم محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه) رواه الإمام أحمد وأبو داود، وابن ماجه، وغيرهم.

الرابع: عن عقبة بن عامر: (أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن اخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة ، فقال ردوها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام) رواه الإمام أحمد، وأهل السنن وقال الترمذي بعد إخراجه هذا حديث حسن.

أما وجه الدلالة من الأحاديث الثلاثة الأول فظاهر. وأما الرابع فوجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالاختمار، لأن النذر لم ينعقد فيه، لأن ذلك معصية، والنساء مأمورات بالاختمار والاستتار.

الخامس: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المرأة عورة) رواه الترمذي والبراز وابن أبي الدنيا، والطبراني وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما وقال الترمذي، حديث حسن صحيح غريب، وقال المنذري: رجاله رجال الصحيح.

والمقصود أن الأدلة الدالة على جواز كشف الوجه واليدين نسخت بالأدلة الدالة على وجوب تستر المرأة كما يدل عليه حديث أم سلمة وحديث أنس السابقان.

ص: 32

(الثاني) : من المقصود بقوله تعالى: {أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال} (1) ؟

والجواب: أما المراد بقوله: (أو نسائهن) فقد اختلف فيه المفسرون على قولين:

الأول: أن المراد بالنساء المسلمات، ويدخل في هذه الإماء المؤمنات، ويخرج منه نساء المشركين من أهل الذمة وغيرهم، فلا يحل لامرأة مؤمنة أن تكشف شيئاً من بدنها بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون أمة لها، فلذلك قوله تعالى:{أو ما ملكت أيمانههن} وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يحل لمسلمة أن تراها يهودية أو نصرانية لئلا تصفها لزوجها. وأخرج عبد ابن حميد وابن المنذر في تفسيرهما من طريق الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس (أو نسائهن) قال: هن المسلمات لا تبدين ليهودية أو نصرانية- وهو النحر والقرط والوشاح وما حوله.

وروى سعيد بن منصور في سننه وابن المنذر في تفسيره والبيهقي في سننه عن مجاهد، قال، لا تضع المرأة خمارها أي لا تكون قابلة عند مشركة، ولا تقبلها، لأن الله تعالى يقول (أو نسائهن) فلسن من نسائهن. وروى سعيد بن منصور والبيهقي في سننهما وابن المنذر في تفسيره بأسانيدهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه كتب إلى عبده: اما بعد: فإنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك، فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملتها.

الثاني: أنه عام في نساء المسلمين وغيرهم، وهذا قول

(1) سورة النور - آية 31.

ص: 33

ابن العربي المالكي، وبناه على اللفظ عام، وأن الضمير إنما جاء للاتباع فقط. والقوال الأول أرجح، لما سبق من الأدلة على ذلك. وأما قوله:(أو ما ملكت أيمانهن) فظاهر الآية إنها تشمل العبيد والإماء من كان مسلماً ومن كان كتابياً، يدل على ذلك ما رواه أبو داود في سننه بسنده عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها، قال وعلى فاطمة ثوب إذا غطت به رأسها لم يبلغ إلى رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ إلى رأسها، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى من ذلك قال: إنه لا بأس عليك إنما هو أبوك وغلامك.

وبهذا القول قال ابن عباس ومجاهد وجماعة من أهل العلم وهو الظاهر من مذهب عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما.

وأما قوله: (أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال) فاختلف المفسرون في ذلك على سبعة أقوال، وهو من باب اختلاف التنوع فإن هذه الأقوال تجتمع في أن المقصود من لافهم له ولا همة ينتبه بها إلى النساء كالعينين والشيخ الكبير والصبي الذي لم يدرك.

والسؤال الثالث: ما معنى قوله تعالى: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} (1) .

الجواب: ما روى ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر في تفاسيرهم بأسانيدهم إلى ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: هو ان تقرع الخلخال بالآخر عند الرجال، وتكون على رجليها خلالخل فتحركهن عند الرجال، فنهى الله عن ذلك لأنه من عمل

(1) سورة النور - آية 31.

ص: 34

الشيطان. وجاء هذا التفسير أيضاً عن ابن مسعود وقتادة ومعاوية ابن قرة وسعيد بن جبير وغيرهم.

السؤال الرابع: هل يجوز اختلاط الرجال بالنساء إذا أمنت الفتنة؟

الجواب: اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات:

الأولى: اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال، وهذا لا إشكال في جوازه.

الثانية: اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد، وهذا لا إشكال في تحريمه.

الثالثة: اختلاط النساء بالأجانب في: دور العلم والحوانيت والمكاتب والمستشفيات والحفلات ونحو ذلك فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في بادئ الأمر أنه لا يؤدي إلى افتتان كل واحد من النوعين بالآخر. ولكشف حقيقة هذا القسم فإنا نجيب عنه من طريق: مجمل، ومفصل.

أما المجمل: فهو أن الله تعالى جبل الرجال على القوة والميل إلى النساء، وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف ولين، فإذا حصل الاختلاط نشأ على ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيء، لأن النفوس أمارة بالسوء، والهوى يعمي ويصم والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر.

وأما المفصل: فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها، ووسائل المقصود الموصلة إليه حكمه، فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال، وقد سد الشارع الأبواب المفضية إلى تعليق كل فرد

ص: 35

من أفراد النوعين بالآخر وينجلي ذلك بما نسوقه لك من الأدلة من الكتاب والسنة.

أما الأدلة من الكتاب فستة:

الدليل الأول: قال تعالى: {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون} (1) وجه الدلالة أنه لما حصل اختلاط بين امرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كان كامناً فطلبت منه أو يوافقها، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها، وذلك في قوله تعالى:{فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم} (2) وكذلك إذا حصل اختلاط بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر، وبذل بعد ذلك الوسائل للحصول عليه.

الدليل الثاني: أمر الله الرجال بغض البصر، وأمر النساء بذلك فقال تعالى:{قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} (3) الآية.

(1) سورة يوسف - آية 23.

(2)

سورة يوسف - آية 34.

(3)

سورة النور - آية 30-31.

قلت: وإني لأعجب من تكرير بعض القراء صدر سورة يوسف، بخلاف سورة النور فلا يقرؤونها وقد قال بعض السلف: ما حصلناه في سورة يوسف اتفقناه في سورة النور. والعجب الثاني قراءة صدر سورة مريم دون تكميل الموضوع الذي سيقت له من بيان حقيقة عيسى ونفي الولد والأمر بعبادة الله واختلاف الأحزاب في عيسى

الخ. وبعض يخص السور أو الآيات ببعض المساجد، وبعض يقرأ آيات الرحمة دون غيرها، وهكذا بعض لا يقرأ الآيات التي تذم بعض الأشخاص إذا كان من بلده

ص: 36

وجه الدلالة من الآيتين: أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، وأمره يقتضي الوجوب، ثم بين تعالى أن هذا أزكى وأطهر. ولم يعفو الشارع إلا عن نظر الفجأة، فقد روى الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:(يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة) قال الحاكم بعد إخراجه: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه: ووافقه الذهبي في تلخيصه، وبمعناه عدة أحاديث.

وما أمر الله بغض البصر إلا لأن النظر إلى من يحرم النظر إليه زناً، فروى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا) متفق عليه، واللفظ لمسلم. وإنما كان زناً لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها، فتعلق في قلبه، فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها. فإذا نهى الشارع عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط، فكذلك الاختلاط ينهى عنه لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه.

الدليل الثالث: الأدلة التي سبقت في أن المرأة عورة، ويجب عليها التستر في جميع بدنها، لأن كشف ذلك أو شيئاً منه يؤدي إلى النظر إليها، والنظر إليها يؤدي إلى تعلق القلب بها، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها، وكذلك الاختلاط.

الدليل الرابع: قال تعالى: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} (1) .

(1) سورة النور - آية 31.

ص: 37

وجه الدلالة أنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزاً في نفسه لئلا يكون سبباً إلى سمع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم إليهن. وكذلك الاختلاط يمنع لما يؤدي إليه من الفساد.

الدليل الخامس: قوله تعالى: {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} (1) فسرها ابن عباس وغيره: هو الرجال يدخل على أهل البيت بيتهم، ومنهم المرأة الحسناء وتمر به، فإذا غفلوا لحظ، فإذا فطنوا غض، وقد اطلع إليه من قلبه أنه لو اطلع على فرجها وأنه لو قدر عليها فزنى بها.

وجه الدلالة أن الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة فكيف بالاختلاط.

الدليل السادس: أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن، قال تعالى:{وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} الآية (2) .

وجه الدلالة: أن الله أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين، لما تقرر في علم الأصول أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه، وليس هناك دليل يدل على الخصوص، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن، فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق. على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء وخلعهن جلباب الحياء، واستهتارهن بالتبرج والسفور عند

(1) سورة غافر - آية 19.

(2)

سورة الأحزاب - آية 23.

ص: 38

الرجال الأجانب والتعري عندهم، وقل الوازع عن من أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم.

وأما الأدلة من السنة فإننا نكتفي بذكر عشر أدلة:

الأول: روى الإمام أحمد في المسند بسنده عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: إني أحب الصلاة معك.

قال: (قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي) . قال فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه، فكانت والله تصلي فيه حتى ماتت.

وروى ابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان من بيتها ظلمة) .

وبمعنى هذين الحديثين عدة أحاديث تدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد.

وجه الدلالة: أنه إذا شرع في حقها أن تصلي في بيتها وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه، فلئن يمنع الاختلاط من باب أولى.

الثاني: ما رواه مسلم والترمذي وغيرهما بأسانيدهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء

ص: 39

آخرها وشرها أولها) ، قال الترمذي بعد إخراجه: حديث حسن صحيح.

وجه الدلالة: أن الرسول صل الله عليه وسلم شرع للنساء إذا أتين إلى المسجد فإنهن ينفصلن عن الجماعة على حده، ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير. وما ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك، ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربه من النساء اللاتي يشغلن البال وربما أفسدت به العبادة وشوشن النية والخشوع. فإذا كان الشرع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط، فحصول ذلك إذا وقع اختلاط من باب أولى، فيمنع الاختلاط من باب أولى.

الثالث: روى مسلم في صحيحه عن زينب زوجة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنها قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً) .

وروى أبو داود في سننه والإمام أحمد والشافعي في مسنديهما بأسانيدهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات) .

قال ابن دقيق العيد: فيه حرمة التطيب على مريده الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم، وربما يكون سبباً لتحريك شهوة المرأة أيضاً. قال ويلحقن بالطيب

ص: 40

ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة قال الحافظ ابن حجر: وكذلك الاختلاط بالرجال. وقال الخطابي في (معالم السنن) : التفل سوء الرائحة. يقال: امرأة تفله إذا لم تتطيب، ونساء تفلات.

الرابع: روى أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء) رواه البخاري ومسلم.

وجه الدلالة: أنه وصفهن بأنهن فتنة، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون؟ هذا لا يجوز.

الخامس: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستحلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل في النساء) رواه مسلم.

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء، وهو أمر يقتضي الوجوب، فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط؟! هذا لا يجوز.

السادس: روى أبو داود في السنن والبخاري في الكنى بسنديهما، عن حمزة بن السيد الأنصاري، عن أبيه رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء:(استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق) فكانت المرأة تلصق بالجدار

ص: 41

حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها) هذا لفظ أبي داود.

قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث: (يحفظن الطريق) هو أن يركبن حقها، وهو وسطها.

وجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلى الافتنان، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك؟!

السابع: روى أبو داود الطيالسي في سننه وغيره، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء، وقال لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد) وروى البخاري في (التاريخ الكبير) عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تدخلوا المسجد من باب النساء) .

وجه الدلالة أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال والنساء في أبواب المساجد دخولاً وخروجاً ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد سداً لذريعة الاختلاط، فإذا منع الاختلاط في هذه الحال، ففيه ذلك من باب أولى.

الثامن: روى البخاري في صحيحه، عن أم سلمة رضي الله عنها قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قال النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيراً) وفي رواية ثانية له: (كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عله وسلم) وفي رواية ثالثة: (كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى

ص: 42

من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال) .

وجه الدلالة: أنه منع الاختلاط بالفعل، وهذا فيسه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضع.

الدليل العاشر: روى الطبراني في (المعجم الكبير) عن معقل ابن يسار رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له) .

قال الهيتمي في (مجمع الرزوائد) : رجاله رجال الصحيح. وقال المنذري في (الترغيب والترهيب) : رجاله ثقات.

وروى الطبراني أيضاً من حديث أبي أمامه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لأن يزحم رجل خنزيراً متلطخاً بطين وحماة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له) .

وجه الدلالة من الحديثين: أنه صلى الله عليه وسلم منع مماسة الرجل للمرأة بحائل وبدون حائل إذا لم يكن محرماً لها، بما في ذلك من الأثر السيء، وكذلك الاختلاط يمنع ذلك.

فمن تأمل ما ذكرناه من الأدلة تبين له أن القول بأن الاختلاط لا يؤدي إلى فتنة إنما هو بحسب تصور بعض الأشخاص وإلا فهو في الحقيقة يؤدي إلى فتنة، ولهذا منعه الشارع حسماً لماة الفساد.

ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة كما يقع في الحرم المكي والحرم المدني نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يزيد المهتدي

ص: 43

منهم هدى، وأن يوفق ولاتهم لفعل الخيرات وترك المنكرات، والأخذ على أيدي السفهاء، إنه سميع قريب مجيب، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

مفتي الديار السعودية

(ص-ف 1118 في 14-5-1388هـ)

منع اختلاط النساء السافرات بالرجال

جلالة الملك المعظم

أيده لله

حفظ الله جلالتكم: بلغني أن بعض المهندسين الأجانب الذين يجلبون إلى نجد تبعاً لبعض المصالح يطالبون بمجيء نسائهم معهم.

ولا يخفى على جلالتكم أن وجود النساء النصارى في المملكة مفسدة كبرى. أولاً: لفسادهن وخبثهن. ثانياً: لا وجه لإجبارهن على الغطا لكونهن غير مسلمات، ولو كن من مدعيات الإسلام وجب إجبارهم على التغطي إلتزاماً لما يدعينه من الإسلام. ونشوء المسلمين من ذكر وأنثى محتاجون إلى إبعاد جميع أسباب الشر عنهم، وتأثير الخلطة أمر معلوم، أعزكم الله وأعز بكم دينه.

(ص-م 348 في 9-3-75هـ) .

محمد بن إبراهيم (1)

منع النساء السافرات الأجنبيات من الخروج إلى الشوارع

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

رئيس مجلس الوزراء

حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

(1) وتقدم في فتوى برقم 1278/1 في 13/5/85هـ في (توحيد الالهية) حكم اختلاط النساء بالرجال وحضور المرأة مجالس الرجال برقم 3559/1 في 26/11/86هـ في كتاب الجهاد وفتوى في صلاة الجماعة برقم 204/3/1 في 12/8/87هـ.

ص: 44

نرفع لسموكم برفقه المكاتبة الواردة إلينا من فضيلة رئيس محكمة الظهران برقم (بدون) في 2-1-1380هـ المعطوفة على ما رفعه له رئيس محكمة الخبر برقم 2249 وتاريخ 4-1-1380هـ حول ما لاحظه في مدينة الخبر من خروج النساء الأجنبيات في شوارعها سافرات متبرجات كاشفات الوجوه والرؤوس، باديات السيقان والأذرع. ولا يخفى سموكم ما في ذلك من الفساد والفتنة للرجال، مع أن ذلك وسيلة كبرى لاقتداء المسلمين بهن، والتزين بزينتهن كما هو الواقع وكما أشار إلى ذلك قاضي الظهران بحيث تعذر التمييز بينهن. والذي يتعين في مثل هذا غيرة لله ولدينه وقياماً لواجب الرعية التي ولاكم الله عليها هو العمل على حسم أسباب الفساد وتدهور الأخلاق بمنع أولئك النساء من الخروج سافرات متبرجات، لا سيما والمعروف أن الأجنبي لا يسمح له بدخول البلاد إلا بعد أخد التعهد عليه بالخضوع لتعاليم البلاد المعمول بها فيها، وأملنا وطيد في أن تولوا هذا الأمر الخطير ما يستحقه من العناية والاهتمام التام.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (كلكم راعي وكلكم مسئول عن رعيته) أخرجه البخاري. حفظكم الله ونصر بكم الحق وأهله أينما كان والسلام عليكم.

رئيس القضاة

(ص-ف 147 في 24-2-1380هـ)

ص: 45

خطر اختلاط النساء بالرجال في حديقة الحيوان

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

أمير منطقة الرياض

حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

فإنه اتصل بعلمي بأنه يحصل للنساء مزاحمة من بعض الرجال في (حديقة الحيوانات) في اليوم المخصص للنساء، وأن بعض الناس يخرج إلى هناك لهذا الغرض وللنظر إلى النساء المتفرجات.

وتعلمون سموكم خطر هذا الأمر على فساد الأخلاق، وقد يحدث ما بين حين وآخر من جرائها ما لا تحمد عقباه لذا نرجو أن يتخذ سموكم الإجراءات الإيجابية الحاسمة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة والتي يظهر أثرها لدى المتحمسين للخير المنكرين لهذه الشرور وأمثالها. وفقكم الله والسلام عليكم.

(ص-م 1240 في 17-3-1384هـ)

اختلاط سفلة الرجال بالنساء في أسواق الأقمشة

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الفضيلة

الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

بمنطقة نجد

وتوابعها

المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فقد اتصل بعلمنا أنه يحصل في أسواق الأقمشة اختلاط سفلة الرجال بالنساء، ومتابعتهم لهن، ومحاولة معاكستهن، أو للحصول منهن على وعد أو موافقة.

ص: 46

وحيث أن هذا الأمر مبدأ خطير وله ما بعده إذا حصل التساهل، لذا نأمل أن تهتموا بهذا الأمر وتوصوا مركز الهيئة في السوق بملاحظة ذلك بدقة واستمرار الملاحظة وفقنا الله وإياكم لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله.

(ص-م 1241 - دوسية 76-14)

حكم اختلاط المحاسبين بالمدرسات

من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة رئيس مدارس البنات

المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

كتب لنا بعض المطلعين من مكة يقول: إنه لاحظ وضع مكتب في فناء مدرسة البنات يجلس عليه ثلاثة رجال من موظفي المحاسبة وتأتي المدرسات فيجتمعن حولهم على هذا المكتب ليوقعن على مسيرات الرواتب ويستملن استحقاقهن. وذكر أن بعض أولياء أمور المدرسات طلب تسليم راتبها إليه بعد توقيعها على المسيرات وبموجب وكالة منها فلم يحصل، بل أصروا على حضورها بنفسها واستلامها الراتب. وقصده بذلك يستفتي عن حكم اختلاط هؤلاء الثلاثة الرجال بالمدرسات على الصفة التي ذكرها.

وقد لفت نظرنا هذا، ورأينا تنبيهكم عليه لتقوموا حوله بما يلزم، وتخبرونا بالحقيقة. والسلام عليكم.

(ص-م 3130 في 14-11-1385هـ)

جواب عن شبهات دعاة السفور

أحاديث نظر الفجأة مع أحاديث إباحة النظر إلى الخطوبة تفيد المنع من السفور، فإنه قد اغتر به من اغتر، ومفسدته أكبر

ص: 47

المفاسد، وحاصله أن زوجها يستمتع بمقدار وقسم من الناس يستوفي منه أكثر منه، فلا بقي إلا الفرج.

الرجل الذي يرضى أن يتفكه بزوجته ديوث.

وهذه زوجها بعض من ينتسب إلى العلم، وإلا فهي من أوضح شيء، ولكن الهوى يعمي ويصم، وقصه صرف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل استدلوا بها ولا دليل فيها، إذ لا يفيد أنها كاشفة وجهها، فإنه قد يدرك شيء مع تغطية الوجه، خصوصاً الأعراب، فإنهم قد لا يكملون التستر.

وأيضاً صرف وجهه لأجل المفسدة وهو ثوران الشهوة الذي يجر إلى الفاحشة.

وأيضاً من يقول: إن الرجل يصرف وجهه عنها؟ ما يحصل، بل وجهه في وجهها، ونظره في نظرها.

من يقول إن الرجال متعبدين بصرف وجوههم والمرأة لها السفور؟! ولا يمكن صرف وجوههم فالنظر واقع والمفسدة لا محالة، فيكون فيه المنع من السفور.

(تقرير)

س: الشيخ ناصر الدين الألباني يرى السفور

ج: يريد أن يطلب زكاماً فيحدث جذاماً. (تقرير)

القبلة

أما قبلة المرأة ليدفع عن نفسه الضرر فلا يجوز.

والمسألة التي نسبت للشيخ هل يجوز أن يقبلها رجاء أن يطفئ لهيب الشهوة؟

ص: 48

فأجاب بالجواز. ولكنها كذب، وقد فندها تلمذه في (روضة المحبين)(1) .

مهنة البيع لا يتولاها النساء الفاتنات

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

أمير منطقة الرياض

الموقر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

حفظك الله - اتصل بعلمي أنه يوجد في السوق (بالمقيبرة) نساء يبعن البيض مقدار خمس نساء، وهن نساء فاتنات للرجال، لجمالهن، وتبرجهن بالملابس والحلي، ويصافحن الرجال بأيديهن وأنه يشاهد بعض سفلة الرجال يجلسون إليهن ويتكلمون معهن، وحيث أن ذلك منكر ظاهر، فإنا نأمل منعهن من هذه المهنة، ولا يسمح أن يتولى ذلك إلا رجال، أو نساء عجائز ليس فيهن شبهة ما دمن بهذه الحالة، قواكم الله في الحق، وأخذ بيدكم إلى ما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله.

(ص-م 1244 في 17-3-84هـ)

الواجب في مسألة الاختلاط

وأما اختلاط النساء بالرجال وحصول المفاسد التي ذكرتها (2) فهذا من أكبر المنكرات التي يتعين إنكارها على الجميع،

(1) ص129-231 - قال ابن القيم: وأما الفتوى التي حكيتموها فكذب عليه لا تناسب كلامه بوجه، ولولا الإطاله لذكرناها جميعها حتى يعلم الواقف عليها أنها لاتصدر عمن هو دونه فضلاً عنه، وكان بعض الأمراء قد أوقفني عليها قديماً وهي بخط رجل متهم بالكذب. أهـ.

(2)

في السؤال - وهو ما يحصل من النساء هناك من خروجهن سافرات، واختلاطهن بالرجال في محافل الزواج، وعند القدوم من السفر، وعند حفل الولادة، ونحو ذلك إلى آخر ما ذكرته (هذا نص السؤال) .

ص: 49

كما يجب على كل فرد أن يمنع نساءه من هذا السفور والاختلاط، فإن فتنة النساء فتنة عظيمة، وفي الحديث (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)(1) وهذه المسائل تحتاج إلى موالات النصائح، وبذل الجد في تحذير الناس من مغبتها. وتبيين مفاسدها والاستمرار بذلك، والاستعانة بذوي السلطة وأصحاب النفوذ لعل الله أن يهدي ضال المسلمين والسلام عليكم.

(ص-ف 1278-1 في 13-5-1385)

خلوة الرضيع بأخته من الرضاعة

قوله: ويحرم خلوة ذكر غير محرم بامرأة.

لكن كثير من الرضعاء يخشى منهم إذا كان ليس صاحب أمانة ومشهور بالشر فينبغي أن لا يخلو بها، ولا يكون محرماً في الحج كما نبه عليه في المناسك، فإنه لا يوجد في الرضيع غيرة على رضيعته والتشيم من ذلك واستفضاعه مثل ما عند صاحب القرابة المقصود التنبيه أن الرضعاء يختلفون. والأصل الإباحة، لكن يصار إلى ملاحظتهم، الذي معروف أنه ما فيه خير لا ينبغي أن يكون محرماً في سفر أو نحوه.

الخلوة بجمع من النسوة

س: جمع نسوة؟

ج: ما يصلح، الشيطان غير مأمون، فإنه قد يتسرب إلى واحدة وهي قد تتسرب إليه، أو يخص على من يعلم أنها تجيبه ونحو ذلك، لا تبيت المرأة إلا مع ذي محرم ولو كانت

(1) سورة غافر - آية 19.

ص: 50

الدار ذات صفف وكل في صفة إذا كان يحويها باب واحد بأن يكون في دار.

(تقرير)

ولا يخلو الرجل بالمرأة ولو للتحقيق، ولا تسجن إلا مع نساء، وكذلك الأحداث

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

وزير الداخلية

وفقه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

فقد اطلعنا على برقيتكم رقم 7261 وتاريخ 24-11-1388هـ بخصوص نقل السجينات من جهة لأخرى، أو ترحيلهن وفيهن السعوديات والأجنبيات، وفيهن من لا محرم لها، وتطلبون الحل الشرعي لهذه الحالة وأمثالها؟

والجواب: الحمد لله. المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن المرأة لا تسجن مثل هذا السجن الطويل، ومع هذا فإذا دعت الحاجة إلى سجن المرأة فيتعين أن تسجن عند نساء ثقات قويات لا تسلط للرجال عليهن، وإذا سجنت المرأة فلا تخرج من سجنها إلا إذا ادعى أمر ضروري لذلك، على أن يرفقها محرمها المأمون في خروجها حتى ترجع إلى محلها، ولا يدع أحداً من الرجال يقربها ولا يخلو بها، حتى ولو كان للتحقيق، فلا يخلو بها الرجل مطلقاً، حتى ولو فرضنا أن التحقيق سري فلا بد من وجود محرمها، فإن لم يكن لها محرم فمع امرأة مأمونة قوية ولا تمكن أحداً يقربها ولا يخلو بها، وإن كانت امرأتان فهما أحوط.

هذا إذا لم يكن معها محرم، وإلا فحضور محرمها الذي يغار عليها هو المتعين.

ص: 51

وبهذه المناسبة ينبغي تفقد القائمين على سجون النساء والصبيان ومن يتصلون بهم، وأخذ الاحتياطات اللازمة في المحافظة على النساء السجينات والأحداث، غيرة على محارم الله أن تنتهك.

وحيطة على محارم المسلمين، ولا يكفي إحسان الظن في مثل هذا بل المقام مقام خطر عظيم يستدعي الحذر والحزم وأخذ بالأحواط. والله يتولى الصالحين والسلام عليكم.

مفتي الديار السعودية

(ص-ف 2026-1 في 27-3-1389هـ)

ركوب النساء في سيارات الأجرة (التكاسي)

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

أمير منطقة الرياض

وفقه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

فقد اتصل بنا مندوبكم عبد الرحمن بن عبيكان بخصوص ركوب النساء مع أصحاب سيارات الأجرة بدون محرم. ووعدته بأن أتأمل المسألة وأكتب الجواب اللازم.

والآن لم يبق شك في أن ركوب المرأة الأجنبية مع صاحب السيارة منفردة بدون محرم يرافقها منكر ظاهر، وفيه عدة مفاسد لا يستهان بها، سوا كانت المرأة خفرة أو برزة، والرجل الذي يرضى بهذا لمحارمه ضعيف الدين، ناقص الرجولة، قليل الغيرة على محارمه، وقد قال صلى الله عليه وسلم (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)(1) وركوبها معه في السيارة أبلغ من الخلوة بها في بيت ونحوه لأنه يتمنكن من الذهاب بها حيث

(1) وتقدم.

ص: 52

شاء من البلد أو خارج البلد، طوعاً منها أو كرهاً. ويترتب على ذلك من المفاسد أعظم مما يترتب على الخلوة المجردة.

ولا يخفى آثار فتنة النساء والمفاسد المترتبة عليها، ففي الحديث:(ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)(1) وفي الحديث الآخر (اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)(2) .

لهذا وغيره مما ورد في هذا الباب وأخذاً بما تقتضيه المصلحة العامة ويحتمه الواجب الديني علينا وعليكم نرى أنه يتعين البت في منع ركوب أي امرأة أجنبية مع صاحب التاكسي بدون مرافق لها من محارمها أو من يقوم مقامه من محارمها أو أتباعهم المأمونين المعروفين. كما يتعين على المسئولين القيام بهذا الأمر بحد وصرامة، ويشكل لجنة وتقرر لذلك من الجزاء ما يتناسب مع حالة مرتكبه، ومن خالف ذلك فيطبق بحقه الجزاء المقرر، فمثلاً يقرر عليه غرامة مالية، فإن عاد ثانية فتضاعف عليه الغرامة مع حبسه مدة معينة وتعزيره أسواطاً معلومة، فإن عاد ثالثاً ضوعفت عليه الغرامة والحبس والتعزير وسحبت منه الرخصة من مزاولة هذه المهنة، كما تعزر المرأة التي ترتكب مثل هذا، ويعزر وليها الذي يرضى لها بمثل ذلك. ولكن لا بد من إعلان ذلك في الجرائد والإذاعة وتحذير الناس أولاً. وعلى مدير الشرطة وقلم المرور وشرطة النجدة مراقبة ما ذكر، وتطبيق الجزاء، وإعطاء كل مركز أو نقطة الصلاحية بما ذكر، وكذلك مراكز الحسبة ودوريتهم

(1) متفق عليه.

(2)

أخرجه مسلم.

ص: 53

وأفراد رجالهم. كما ينبغي نصيحة هؤلاء النساء وولاة أمورهن، وتذكيرهم بما ورد، وتخويفهم مغبة طاعة النساء، فقد روي في الحديث (هلك الرجال حين أطاعوا النساء)(1)، وفي الحديث الآخر (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب ذي اللب من إحداكن) (2) ولما أنشده أعشى باهله أبياته التي يقول فيها: وهن شر غالب لمن غلب. جعل صلى الله عليه وسلم يرددها ويقول: (هن شر غالب لمن غلب)(3) . والله الموفق، والسلام عليكم (4) .

مفتي الديار السعودية

(ص-ف2663-1 في 18-9-1385هـ)

الخلوة بالأخت مع الشبهة

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

أمير الرياض

حفظه الله تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

فقد جرى الإطلاع على الأوراق الواردة وفق خطابكم لنا برقم 12824-1 وتاريخ 29-4-80هـ المختصة بطلب العسيري تسليم أخته.

ونشعر سموكم أنه سبق أن فصلت أخته منه بحكم من قاضي بقيق سابقاً الشيخ حمد بن غنيم بموجب تهمة سابقة، ثم بعد مدة عامين دارت مخابرة بيننا وبين قاضي بقيق الحالي انتهت

(1) هلكت الرجال حين أطاعت النساء. أخرجه أحمد والطبراني والحاكم.

(2)

أخرجه البخاري.

(3)

أخرجه أحمد.

(4)

وانظر فتوى في المحرم في السفر في الحج برقم 283/ في 7/3/79هـ.

ص: 54

بكتابنا له برقم 56 وتاريخ 24-1-1380هـ باعتماد إكمال ما يلزم في الموضوع وأن لا تبقى المرأة هكذا معلقة. وسبق أن كتبنا له في 19-9-1379هـ بأن الذي نراه هو إجراء ما فيه المصلحة الشرعية جواباً لما كتبه لنا من أن المرأة في بيت لا محرم لها فيه. وبناء على ذلك وعدم ثبوت التهمة السابقة لديه حكم بتسليم الأخت لأخيها، ولكن حيث ذكر الرئيس العام للهيئات في خطابه لسموكم برقم 1744 وتاريخ 17-4-80هـ أن أخته لا ترغب البقاء عنده وحده إلا أن يتزوج هو أو يزوجها أو يأتي بوالدته معها في البيت، وأنها رضيت بالبقاء في سجن النساء خوفاً من العار على نفسها من أخيها، فإن الذي ينبغي أن تكون في بيته فيه نساء موثوقات لا رجال فيه، أو فيه رجل مأمون وبيته لا يخلو من نساءه، ويسلم لهم مصرفها، لأن ذلك أحسن وأسلم لخلقها ودينها وسمعتها وسجنها مع هؤلاء النسوة اللاتي قد اشتهرن بفعل السوء وفساد الأخلاق ولو رضيت به لما يلحقها ويلحق أخاها من العار بسبب ذلك، لا سيما وهي امرأة لم يعرف لها سابق تهمة، وأيضاً فإن سجنها مع النساء ذوات السوء مما ينفر الخطاب ويسبب عدم رغبة الأكفاء في الزواج بها، وإذا خطبها الكفؤ ورضيت به فإن زوجها أخوها فذاك، وإلا زوجها القاضي. والله يتولاكم. والسلام.

رئيس القضاة

(ص-ق 408 في 18-5-1380هـ)

ص: 55

تعريض من معه أربع؟

ج: إذا كانت بائنة فالظاهر له التعريض. وأما إن كانت رجعية فلا، لأن الرجعية زوجة أما التسريح فيحرم فيهم كليهما.

(تقرير)

الخطبة على خطبة المسلم وقبولها من الثاني

من محمد بن إبراهيم إلى يحي بن علي القنفذي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فقد وصل إلينا كتابك الذي ذكرت فيه قصة الرجل الذي خطب امرأة، ثم خطبها خر، فزوجها أبوها من الخاطب الأخير إلى آخره....

والجواب: الحمد لله. ورد في الحديث النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه المسلم وهذا إذا كان يعلم أنه خاطب قبله فإن لم يكن يعلم ولكن أهل المرأة لم يقبلوا خطبة السابق فلا حرج.

أما بالنسبة لأب المرأة فلا يحل له أن يقبل خطبة الرجل الأخير وهو قبل من الأول ما لم يكن هناك موجب شرعي. وعلى كل فإذا كان الأمر قد انقضى وتم العقد للأخير فالعقد صحيح. والله الموفق. والسلام عليكم.

مفتي الديار السعودية

(ص-ف 858-1 في 19-3-1373هـ)

مجرد الخطبة لا تمنع تزويجها بغير الخاطب

من محمد بن إبراهيم إلى المكرم احمد محمد اليماني

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

ص: 56

فقد جرى الإطلاع على الاستفتاء الموجه إلينا منك بخصوص ذكرك أن شخصاً جاء بشقيقته وقد كانت مخطوبة لأحد الرجال في بلادها اليمن. واليوم يريد أخوها تزويجها في الطائف. هل يصح تزويجها والحال أنها مخطوبة؟

والجواب: الحمد لله. ما دامت لم يعقد لها على من خطبها فمجرد خطبته إياها لا تمنعها من تزويجها بغيره. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفتي البلاد السعودية

(ص-ف 1916-1 في 22-7-1384هـ)

خطبها، ووعدوه وهو مغترب، ثم زوجوها غيره

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم مارشي سعيد

المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فقد وصل إلينا كتابك المؤرخ 24-5-83هـ الذي تذكر فيه مسألة الولد الذي تغرب عن بلاده ثم اتفق هو أولاد عمه على خطبة أختهم وتراضوا على المهر وغيره، والولد في بلاد الغربة وبعد هذا زوجوا البنت من رجل غيره، وتسأل عن حكم ذلك؟

والجواب: الحمد لله. إذا كان الحال كما ذكرته فالذي ينبغي لهم أن لا يزوجوها على غيره حتى يفهموه بالحقيقة: إما يقدم عليهم لإجراء الزواج، أو يتأخر ويكونون معذورين، ولكن ما دام الولد لم يعقد له عليها عقد النكاح وإنما هو مجرد خطبة ووعد بالزواج إذا جاء من غربته فلما طالت عليهم المدة

ص: 57

وهو في غربته زوجوها على غيره برضاها فإن هذا النكاح صحيح.

وليس له عليهم إلا أن يرجعوا له المهر إن كان قد دفعه إليهم.

(ص-ف 1330-1 في 9-7-1383هـ)

إذا خطبها ودفع مبلغاً فزوجها الولي غير عزر

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الجلالة

رئيس مجلس الوزراء

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

فقد جرى الإطلاع على أوراق المعاملة الواردة إلينا رفق الخطاب مقام رئاسة مجلس الوزراء برقم 11354 وتاريخ 20-5-80هـ المختصة بدعوى الفائدي ضد سعيد بن عبد العزيز الكبيري في مبلغ أربعمائة واثنين وعشرين ريالاً وأربعة قروش ونصف كيس أرز التي يدعي أنه دفعها له بمناسبة أنه خطب منه بنته سليمى، كما جرى الإطلاع على صك الحكم الصادر من قاضي أملج برقم 75 وتاريخ 28-5-79هـ وصنورة ضبطه.

وبتتبع أوراق المعاملة ودراسة صك الحكم وصورة ضبطه وجد يتضمن سياق دعوى صالح سليمي أنه خطب من سعيد بنته سليمى فقبل سعيد خطبته، وبموجب قبوله استجر منه دراهم ومقاضي من دكانه، وأخيراً رفض سعيد خطبة صالح وزوج بنته من رجل آخر، كما يتضمن سياق جواب المدعي عليه من إنكار الخطبة واعترافه بالمبلغ المدعي عليه من إنكار الخطبة واعترافه بالمبلغ المدعى به مجروراً من الدكان بضاعة على ذمته، وأن بينه وبين حساب بذلك، كما يتضمن الحكم بأن

ص: 58

لا حق لصالح سلمى في المطالبة بعد أن زوجها أبوها من رجل آخر. ويتضمن الحكم على سعيد بدفع المبلغ الذي اعترف به لصالح ودعوى سعيد الأعسار أنه مدين لعدة غرماء وبذل بيع نصيبه من حوض نخل في خيف الغبايا لوفاء جميع غرمائه ومنهم صالح سلمى المذكور. وبتأمل ما ذكر لم نجد فيه ما يلاحظ عليه، إلا أنه إن ثبت أن صالحاً لم يدفع لسعيد هذا المبلغ إلا على أساس خطبته بنته فإن سعيد يعتبر بتزويجها غيره مخادعاً له ومتلاعباً به، فإن لم يأت بمخرج شرعي فينبغي تعزيره بما يتناسب مع مخادعته. والله يحفظكم.

رئيس القضاة

(ص-ق 695 في 24-7-1380هـ)

إذا لم يعلم أنه قد أجيب

قوله: أو جهل الحال

وبهذا عرفنا أنه إذا عرف أن إنساناً خطب ولم يدر أجيب أورد أنه ليس ممنوعاً من الخطبة.

ومن ذلك إذا علم أنه جازم بالخطبة فيسبقه ويبادر ويخطب قبل أن يخطب فجائز، وذلك أنه مثل تملك المباحات يعلم مباحاً يريده إنسان فيسبقه إليه، فهذا لا محذور فيه.

(تقرير)

تنازل عن الخطبة في مقابلة مبلغ ثم أراد استرجاعه

من محمد بن إبراهيم إلى المكرم فضيلة رئيس محكمة تبوك

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

ص: 59

فنشير إلى خطابك المرفق رقم 1844-147 المتضمن استرشادك حول دعوى دخيل الله.... ضد خميس...... بأنه سلمه خمسين ديناراً أردنياً لأجل المرأة بخيته بنت غصيان حينما أراد الزواج بها، واعترف خميس بصحة أن والدها قد وعده بها، وأن المدعي عليه اعترف باستلامه الخمسين الدينار معللاً بأن ذلك في مقابل تنازله عن المرأة الموعود بزواجه بها من قبل والده الذي هو عمه.

ونفيدكم أنه متى ثبت ما ذكره المدعى عليه فالذي نراه أنه ليس للمدعي حق استرجاع المبلغ الذي سلمه الله. والسلام.

رئيس القضاة

(ص-ف 1681 - 1 - في 1-7-1383هـ)

لا تعطى مأذونية عقود الأنكحة إلا من ثبتت كفاءته العلمية والدينية

حضرة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية

المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فنرفق لكم من طيه خطاب فضيلة رئيس محكمة جازان رقم 450-1 في 27-1-1385هـ ومرفقاته خطاب قاضي أبي عريش واستدعاء مقدم من بعض الأهالي حول حدوث عقود أنكحة فاسدة جرت بسبب بعض من يتعاطى عقود الأنكحة هناك بدون إذن شرعي. إلخ

وحيث أن هذا أمر من الأهمية بمكان، ولا يسوغ التساهل فيه، لما ينتج عنه من أسوأ النتائج وأقبح العواقب والشرور. فإننا

ص: 60

نرغب من سموكم الإيعاز لمن يلزم بمنع كل من يتعاطى عقد الأنكحة ما لم يكن لديه إذن شرعي من رئاسة القضاة. حيث أنها جهة الاختصاص في هذه الناحية حفظاً للحق العام. وخوفاً من العبث والفساد. ونأمل إجراء اللازم إعادة الأوراق. وفقكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله.

(ص-ق 463-3-خـ في 9-3-1385هـ)

توصية لمتولي عقود أنكحة

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم الشيخ عبد اله بن قعود

المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

فبناء على المفاهمة الجارية منكم معنا بخصوص عقود الأنكحة فقد أذنا لكم في إجراءها بين من يراجعكم وعليكم بالتثبت اللازم في الموضوع، وأخذ الحيطة اللازمة عما تخشى عواقبه ويحسن اتخاذكم سجلاً يسجل فيه اسم الزوج والزوجة والعاقد والشاهدين، وينوه فيه عن تسليم الصداق ومقدار المؤجل منه، وأخذ التواقيع اللازمة في نفس السجل ليكون مرجعاً فيما لو حصل إشكال أو اختلاف بينهم في المستقبل. والله يحفظكم.

(ص-ف 1172-3 في 21-3-1379أ)

من يتولى عقود الأنكحة للأجانب وما يشترط لها

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

نائب رئيس مجلس الوزراء

حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

ص: 61

فبالإشارة إلى خطاب سموكم رقم 19065 وتاريخ 10-10-1382هـ بخصوص طلب سفارة المملكة الليبية تزويدها بنسخة من الأنظمة المعمول بها والصادرة في هذا الشأن للتمشي بموجب أحكامها. وترغبون منا موافاتكم بما لدينا.

ونفيد سموكم أنه ليس لدينا تعليمات في شكل نظام خاص، وإنما هناك أوامر عامة تقضي بأن جميع عقود الأنكحة تجري من قبل مأذونين شرعيين رخص لهم بذلك من قبل ولاة الأمر.

ومعروفة أسماؤهم لدى المحاكم الشرعية. وأنه قد جرى إبلاغ السفارات والقنصليات الموجودة داخل المملكة عن طريق وزارة الخارجية بموجب خطابنا الموجه منا لسمو وزير الخارجية برقم 561-1 في 18-6-81هـ بعدم إجراء عقود الأنكحة لا منهم ولا من موظفيهم إلا بعد صدور الإذن من الحاكم الشرعي للمأذون الشرعي المرخص له بإجراء العقود من المحاكم الشرعية.

كما نفيد سموكم أنه لدى المحاكم تعليمات خاصة بخصوص عقود نكاح الأجانب تقضي بعدم إجراء العقد إلا بعد التحقق من هوية الزوجين والولي والشهود وصدور الإذن من الحاكم الشرعي وذلك إثر ما لوحظ بأن موظفي السفارات يقومون بإجراء عقود الأنكحة غير مستكملة للإجراءات الشرعية، كالعقد للزوجين بدون ولي للزوجة. أو بدون تحقق عن هويات الزوجين والولي والشهود. وحيث أن ولي الأمر مسئول عن رعاية أحوال المسلمين وتنظيم علاقاتهم المختلفة على أسس مستمدة من المقتضيات الشرعية فإننا لا نرى ما يخالف ما اعتمدته المحاكم وتبلغته الممثليات الأجنبية في بلادنا مما ذكرناه في صدر الخطاب،

ص: 62

كما أن هذا لا يتعارض مع السطات والاختصاصات المعترف بها للقناصل الأجانب في القانون الدولي العام، إذ أنها مفيدة بوجوب مراعاة مقتضيات النظام العام للدولة. ومما ذكرناه من وجوب الرجوع إلى المحاكم بخصوص عقود زيجات الأجانب يمكن اعتباره من النظام العام للدولة. وبالله التوفيق. والسلام عليكم.

مفتي البلاد السعودية

(ص-ف 1923-1 في 24-7-1384)

مما يختص بزواج الأجانب أيضاً

من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة نائبنا بالمنطقة الغربية

المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد

فبالإشارة إلى خطابكم رقم 4800 المؤرخ في 1-1-1380هـ المرفق به قرار هيئة الرئاسة بطرفكم رقم 56 في 29-12-79هـ وخطاب مدير الأمن العام برقم 23833-1 في 3-12-1379هـ حيال زواج الأجنبي.

نفيدكم بأننا نوافق على أنه يجب عند طلب نكاح الأجنبي من التأكد من: حسن سيرته وسلوكه، والإطلاع على هويته، وإقامته الرسمية، وصحة جواز سفره، وماله، ومهنته، ويجب أخذ الكفيل القوي عليه لتغريمه جميع التكاليف الأدبية والمالية إذا ثبت حصول خلل في الشروط السابقة، ومن لم تتوفر فيه هذه الشروط فلا يسمح له بالزواج، ضماناً للمصلحة العامة، فاعتمدوا ذلك، وعمموه على المحاكم من قبلكم، وفق الله الجميع.

رئيس القضاة

(ص-ق 626-3 في 7-2-1380هـ)

ص: 63

الزواج ليلة الجمعة

من محمد بن إبراهيم إلى المكرم محمد جابر المسرى

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

بالإشارة إلى كتابك الذي تسأل فيه عن الزواج ليلة الجمعة هل هو بدعة. أو لا؟

والجواب: إذا كان أهل البلد يتخذون من الزواج في هذه الليلة اعتقاداً منهم أن فيها بركة تتعدى إلى الزوجين بحيث يحصل بينهما وفاق أو نحو ذلك - فهذا لا يسوغ على هذا الوجه. وإن كان إيقاعه في هذه الليلة من جهة أنها عطلة الأسبوع وإن رجال الأعمال الذي يدعوهم الزوج أو ولي الزوجة يكون عندهم فراغ فيستجيبون للدعوة فلا شيء في ذلك. والسلام عليكم.

مفتي الديار السعودية

(ص-ف 1153 في 12-6-1389هـ)

كيف يدعو العاقد إذا كان هو الزوج أو الولي

قوله: ويسن أن يقول العاقد

ثم - والله أعلم - لو كان العاقد هو الزوج أو الولي يدعو بذلك لكن بالضمائر المناسبة لهما. بارك الله لنا، وجمع بيننا في خير. وإن كان الولي فيقول بارك الله لكما، مخاطباً الزوج وزوجته، أو بارك الله لك ولنا فإنه النائب للمعقود عليها.

(تقرير)

ص: 64