الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
نشأة النصيرية
تركت وفاة الحسن العسكري -الإمام الحادي عشر للاثني عشرية- دون عقب كما قدمنا أثراً ظاهراً وخلافاً حاداً بين الشيعة، فقد اختلفوا إلى 14 فرقة تقريباً بين مؤيد للقول بوجود ابن للحسن العسكري يسمى محمداً وناف لوجوده أصلاً.
ولما كان الزمان لا يخلو من وجود إمام معصوم يتولى تصريف شئون الناس، وإلا لتعطلت الحياة بزعمهم، وكان هذا الإمام غير ظاهر، فأوجدوا في أذهانهم فكرة ((الباب)) إليه، والباب شخص مخلص لآل البيت، يكون حلقة الاتصال بين الناس وبين الإمام المستور.
ويستدلون على هذه البابية الخرافية بما يزعمون من روايات عن الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من طلب العلم فعليه بالباب)) ، ((أنا مدينة العلم وعلي بابها)) ، ومن هنا وضعوا قائمة بالأبواب أولهم علي بن أبي طالب، وهو باب للرسول صلى الله عليه وسلم، وسلمان الفارسي، وهو باب لعلي، وهكذا إلى الإمام الحادي عشر -الحسن العسكري.
ثم اختلفت كلمتهم، فادعى النصيريون أن الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري لم يكن له باب، بل استمر الباب للإمام الحادي عشر- الحسن العسكري- أبو شعيب محمد بن نصير، ومن هنا وقع الخلاف بين
النصيرية والإمامية الاثني عشرية، مما أدى إلى انفصاله وفرقته عن الاثني عشرية كما تقدم بيان ذلك.
ولقد أصبح مذهبه فيما بعد من أعمق المذاهب في الوثنية والغلو في البشر. قال عنه عبد الحسين العسكري: ((وقال ابن نصير بربوبية أبي الحسن العسكري، وزعم أنه نبي ورسول بعثه أبو الحسن)) (1) .
وبعد وفاة ابن نصير تناوب على زعامة النصيرية عدة أشخاص أثروا المذهب النصيري بأفكارهم وتنوع المعتقدات وتعدد الطرق والآراء، كان من أبرزهم أبو محمد الجنبلاني، وتلميذه الحسين بن حمدان الخصيبي، ومحمد ابن علي الجلي، وعلي الجسري، والميمون -ابن سرور بن قاسم الطبراني، وحسن المكزون السنجاري، وهو آخر مظهر لقوة النصيرية، قال الدكتور سليمان الحلبي عن الحال النصيرية بعد وفاته:
((وبعد وفاة الحسن المكزون تفرق النصيريون إلى عدة مراكز دينية غير مرتبطة ببعضها البعض، يتبوأ كل منها لمرجع ديني يطلقون عليه لقب الشيخ، واستقل كل شيخ برئاسة مركز صغير إلى استطاعوا بالأمس القريب وفي غفلة المسلمين ((غفاة البشر)) في سوريا وغيرها- من السيطرة على نظام الحكم في سوريا، فعادت لهم سطوتهم وقوتهم مرة أخرى يتحكمون بها في رقاب المسلمين)) (2) .
ولكنهم في هذا الظهور الجديد اتخذوا لهم أسماء براقة خادعة مثل حزب البعث الاشتراكي، ودعوى التقدمية والتحرر، وما إلى ذلك، وهم إنما غيروا الاسم لإبعاد الأنظار عن حقيقتهم قدر الإمكان ولجلب الساقطين إلى صفوفهم.
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
(1) العلويون ص 15، وانظر: فرق الشيعة للنوبختي ص 78.
(2)
طائفة النصيرية ص42.