الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذاهب التي كان يغترف منها مدعياً أن كلامه وحي وظهور لكلام الله تعالى، ولقد ذكر العلماء أقوالاً شنيعة في تناقض المازندراني حين ادعى أنه أمي مع ما لفقه في كتبه من أقوال الناس (1) .
عمالته هو وأسرته لأعداء الإسلام والمسلمين:
كانت أسرته عميلة وفية للروس، فقد كان أخوه الأكبر كاتباً في السفارة الروسية، وكان زوج أخته الميرزا مجيد سكرتيراً للوزير الروسي بطهران.
ولذلك كان الجاسوس الروسي كنييازد الجوركي من بناة البابية الأوائل، وليس الروس وحدهم في هذا الميدان؛ بل إن اليهود أيضاً دخلوا في خدمة هذه النحلة أفواجاً مع شدة تعصب اليهود لدينهم ولجنسهم واحتقارهم الآخرين.
وهدفهم واضح من هذه المسارعة وهو دعم هذه النحلة ظاهراً ليوجهوها لخدمتهم، كما تم ذلك بالفعل وبالتعاون أيضاً مع سائر أجهزة التبشير العالمي. وإلا فمتى كان اليهود يحبون خدمة الإسلام والمسلمين على حد من يزعم أن البهائيين مسلمون.
لقد أدرك اليهود وهم يسعون حثيثاً لامتلاك دولة باسمهم أن أي دعوة تقبل فكرة محو الجهاد في سبيل الله تعالى وتستهجنه أدركوا أن هذه الدعوة هي إحدى الروافد التي تمدهم بالقوة.
فكيف إذا كانت تلك الدعوة إنما تقوم من الأساس على أكتاف اليهود وعلى تجمعهم في فلسطين، فإن المازندراني نفسه قال في الوحي الذي زعمه: ((قل تالله الحق إن الطور يطوف حول مطلع الظهور، والروح ينادي من في
(1) انظر: كلامه في المصادر التي جمعها إحسان إلهي رحمه الله في كتابه البهائية ص 10 - 13.
الملكوت هلموا وتعالوا يا أبناء الغرور. هذا يوم فيه سر كرم الله شوقاً للقائه وصاح الصهيون قد أتى الوعد وظهر ما هو المكتوب في ألواح الله المتعالي)) ، وهذا النداء إنما هو موجه إلى اليهود ليعودوا من كل مكان إلى امتلاك فلسطين وغيرها، وإقامة دولتهم، وجاء ابنه أو عبده -كما سمى نفسه- عباس عبد البهاء فأجلى الحقيقة بما لا وضوح بعده فقال:
((وفي زمان ذلك الغصن الممتاز، وفي تلك الدورة سيجتمع بنو إسرائيل في الأرض المقدسة، وتكون أمة اليهود التي تفرقت في الشرق والغرب والجنوب والشمال مجتمعة)) .
إن هذا الكلام ليس إخباراً بالمغيبات ولكنه إخبار عن مؤامرات محكمة لعودة اليهود وتجمعهم في الأرض المقدسة، عاش عبد البهاء ووالده من قبله أول خيوط تنفيذها ولا يزالون إلى اليوم يعملون على إخراجها ليلاً ونهاراً، وسراً وإعلاناً.
وتاريخنا في هذا العصر إنما هو شاهد على نجاح تلك المخططات بكل وضوح، وشاهد على جرم البهائية ومسايرتها لليهودية، وشاهد على حقدهم على الإسلام وأهله. لقد امتزجت أفكار البهائية بأفكار اليهود وأصبح لليهود فضل كبير على عميلهم البهاء، فقد آزروه، وآووه، وهيئوا السبل لنشر أفكاره.
وكان على البهاء أن يرد جميلهم هذا بأن يضم فكره إلى أفكارهم، ويوجه لهم عقول الناس لتقبلهم وترضى باستعمارهم، ونجد ذلك متمثلاً في الأمور الآتية:
1-
ادعى اليهود أن الموجود بأيديهم في الكتاب المقدس حسب زعمهم من البشارات بنبي يبعث بعد موسى وعيسى ليس هو محمداً عليه السلام؛ بل إن
تلك البشارات إنما تشير إلى نبي يبعث في القرن التاسع عشر، القرن الذي ظهر فيه البهاء، وأن تلك البشارات انطبقت تماماً على البهاء في زمنه، وأن نصب خيام البهاء على جبل الكرمل قد أشارت إليه التوراة والإنجيل.
وأن اليهود في زمن النبي عليه السلام إنما أقروا له (1) بالنبوة واعترفوا بإثبات البشارات به تملقاً واتقاء له كما يفترون، وهذا هو السبب في زعمهم الذي قوى في الرسول عليه السلام الاعتقاد بأن أهل الكتاب أخفوا البشارات التي جاءت فيه. أي حينما لم يصارحوه بأن هذه البشارات إنما تنطبق فقط على رجل سيأتي فيما بعد ذلك وليس هو محمداً صلى الله عليه وسلم.
ومن هنا قام الميرزا حسين المازندراني مدافعاً عن اليهود والنصارى ومبطلاً ما وضحه القرآن من تغيير أهل الكتاب للنصوص المثبتة لنبوة محمد عليه السلام وإخفائهم لها.
فزعم أن هذا الفهم لتحريف أهل الكتاب إنما هو فهم الهمج والرعاع-يقصد علماء المسلمين- وأن التصحيح كما يزعم هو أن التحريف الذي وقع فيه اليهود إنما هو تفسيرهم للفظ الدال على نبوة محمد عليه السلام إلى تفسير آخر لا يدل عليه، وإلا فهم حسب رأيه لم يغيروا ولم يبدلوا.
ثم شبه حال اليهود في امتناعهم عن التسليم بصفات الرسول محمد عليه السلام بحال المسلمين الذين لم يؤمنوا بدعوة البهاء، وفسروا النصوص لغير صالحه وصالح دعوته الممقوتة.
وهذه الفرية الكاذبة يعرف بطلانها كل من شرح الله صدره وآمن بما جاء في القرآن الكريم وتفهم معاني نصوصه، فيعرف أن ما ذكره عن تحريف أهل
(1) أي الذين آمنوا واعترفوا بنبوته وبثبوته البشارات والوصف الذي له عليه السلام في كتبهم
الكتاب وتغييرهم له بحسب أهوائهم هو تفسير منه حسب هواه وفجوره.
2-
هيأ اليهود لعميلهم في عكا قصر البهجة الذي صار بعد ذلك مهوى أفئدة البهائيين وقبلتهم وكعبتهم الجديدة حسب أمر الله وإرادته كما يزعم البهاء.
3-
اشتمل كتابه الأقدس على بشارات للصهاينة واستيطانهم في فلسطين وصاغ ذلك بعبارات توحي بأنه من علم الغيب وليس من معرفته بسر المؤامرات.
4-
دعا في كتابه المذكور إلى تحريم الجهاد وذلك بتحريم حمل آلات الحرب مطلقاً، وأن الشخص خير له أن يكون مقتولاً لا قاتلاً، فلا جهاد في عهده لليهود ولا لغيرهم.
ولتمييع شعلة الجهاد في نفوس الرجال أباح لهم لبس الحرير في نص واحد دل على تحريم الجهاد وإباحة لبس الحرير، وهذا النص ظاهر الدلالة على الدعوة إلى الميوعة والخمول فإذا كان الرجل يلبس الحرير ويظهر النعومة ولا يحدث نفسه بالجهاد بل بالهرب منه فأي رجولة تبقى له بعد هذا وبعد لبسه الحرير (1) ، فحال مثل هذا أخطر من اليهود.
ولم تقتصر عمالة المازندراني لليهود فقط، فقد ظل على اتصال وثيق بالدول الأجنبية المعادية للإسلام، وعلى رأس هؤلاء الإنجليز كبار المجرمين العالميين الذين نكبوا المسلمين بما لم يصل إليه أحد غيرهم، لقد عرف الإنجليز -كما عرف اليهود- أن قيام حركة المازندراني وانتصارها إضافة جديدة إلى رصيدهم من الأسلحة الفتاكة بالعالم الإسلامي.
(1) انظر: كتاب قراءة في وثائق البهائية ص 89 عنوان حلف الشيطان.
وقم أتم عبد البهاء ما كان أسسه الطاغوت الكبير من خدمة الإنجليز، فلقد منح الإنجليز عبد البهاء وسام الإمبراطورية البريطانية في احتفال أقامه الحاكم البريطاني ((أللنبي)) في بيته وألقى كلمة شَكَرَ فيها عبد البهاء وأنعم عليه بلقب ((سير)) ، فكان يدعو لهم بالنصر والتأييد ظاهراً وباطناً.
ومن هنا فلا عجب حين تعلم أن الإنجليز قد خططوا ونفذوا بكل ما في وسعهم لقيام الحركة البهائية، بالأموال وبالتأييد المعنوي، وبتسهيل تنقل البهائيين، وتحذير كل من يفكر في صد طغيانهم، على غرار ما فعلوه مع عميلهم في الهند غلام أحمد، لأن الهدف واحد والغاية واحدة لكلا العميلين.
وفي دراسة القاديانية نصوص كثيرة عن هذا العميل القادياني وتبجحه بخدمة الإنكليز، وإخلاصه لهم ظاهراً وباطناً، وأن عقيدته ستتسع باتساع ملك بريطانيا، وقد أكد هذا المفهوم هو وخلفاؤه كلهم، ولا يزالون عليه إلى يومنا الحاضر.
ولم يكتف المازندراني بالعمالة للإنجليز واليهود؛ بل كان على اتصال وثيق بالروس، وكانوا يقدمون له المساعدة والرعاية بسخاء، ولا أدل على ذلك من وقفة السفارة الروسية حين تحمست لحمايته عندما عزمت الحكومة الإيرانية على تقديمه للمحاكمة، حينما قامت محاولة من جانب البابيين لقتل الشاه انتقاماً لقتل زعيمهم علي محمد الشيرازي.
فاتهم النوري بالتآمر على ذلك فآوته السفارة وحذرت ملك إيران ناصر الدين شاه من المساس به؛ بل وقدمت السفارة الحجج على براءة عميلهم من تلك المؤامرة الفاشلة التي دبرها زعماء البابية لاغتيال الملك.
ويتضح من اعتناء الروس به أنهم اختاروه لعمالتهم بعد قتل الشيرازي
واشتروا ضميره، وقرروا أن يجعلوه رئيساً للبابيين بدل أخيه صبح الأزل الذي كان يقل عنه مكراً ودهاءً، ولأجل ذلك كان تنحية صبح الأزل عن المسرح وإقامة حسين المازندراني مقامه لما رأوا فيه من الدهاء والذكاء والمكر ومسايرة الأمور والمماشاة مع الأحوال والظروف.
وحينما كان المازندراني في إيران كان وجوده هناك يشكل حركة خطيرة، ولهذا أحست الحكومة أن خطره يتزايد فطلبت من الحكومة العثمانية نقله إلى داخل الإمبراطورية التركية فنقل إليها، وبدأ يجهر بدعوته البهائية فعارضه أخوه صبح الأزل بعد أن أحس أنه يحتطب لنفسه ويريد إقصاء صبح الأزل، ومن هنا بدأ الشقاق بين الأخوين، وبدأ الميرزا حسين علي يدبر المؤامرات ضد المخالفين له، وبعد ظهور الخلاف بين الأخوين وأتباع كل منهما رأت الحكومة أن تبعد كل واحد عن الآخر فنفت البهاء إلى فلسطين ويحيى صبح الأزل إلى قبرص.
فلقي حسين علي في فلسطين التأييد الكامل من اليهود الذين كانوا يحاولون في تلك الأثناء إقامة دولتهم وإسقاط الحكم العثماني.
وقد تدرج المازندراني في دعواه، فبدأ يبشر بأنه هو خليفة الباب الشيرازي وحده ثم ادعى أنه هو الباب، ثم انتقل إلى دعوى أن الباب لم يأت إلا ليبشر به كما كان يوحنا مبشراً بالمسيح، ثم ادعى أنه هو نفسه المسيح الذي بشر عنه وأنه هو النبي والرسول إلى الناس.
ولما وجد أذاناً صاغية لتلك الافتراءات لم يكتف بما ادعاه سابقاً؛ بل تاقت نفسه إلى دعوى الألوهية، وأن الله ظهر في صورته -تعالى الله عما يقول الظالمون.
وكان إذا مشى في الطريق أسدل على وجهه برقعاً لئلا يشاهد بهاء الله
المتجلي في وجهه، وقد نشرت صورته في بعض الكتب مبرقعاً وكتابه الأقدس مملوء بالدعوة إلى ألوهيته وتصرفه في هذا الكون كما يريد، وزعم أن الرسل من أولهم إلى آخرهم لم يبعثوا إلا مقدمة بين يدي ظهوره المتمثل في ظهور الله تعالى قريباً من خلقه (1) .
هذه بعض الأخبار التي ذكرها العلماء في كتبهم عن عمالة هذا الشخص والأدوار المرتبة التي عاشها هو وخلفاؤه في أحضان أعداء الإسلام، وفي وقت توالت فيه الضربات من كل جانب على الدولة التي كانت تمثل العالم الإسلامي، والتي كانت هي الأخرى تدنوا إلى نهايتها رويداً رويداً.
في الوقت الذي نشط فيه حثالات الناس وكبراء اللصوص وأصحاب المطامع والأخيلة المريض وساسة الشر والحقد لاقتسام تركة الرجل المريضة في هذا الجو الخانق والظلام الحالك، استطاع هؤلاء أن يصطادوا في الماء العكر؛ أي في غفلة من الحراسة الإسلامية وانشغال الدولة الإسلامية بمشاكلها التي افتعلها أعداء الإسلام ليشغلوهم بها في عقر دارهم.
ولقد ظهر لي من خلال دراستي عن البهائية وأقوالهم ومواقفهم، والتفاف اليهود حول البهاء المازندراني ومساعدته ونشر أفكاره وقيام بعض كبراء اليهود بتأليف الكتب في تثبيت عقائد البهائية والدعاية لها-ظهر لي من هذا وغيره رأي لم أجد من أستند إليه في ذكره، ولكن لا يمنع أن أذكره ليكون محل لفت نظر؛ وهو أن أصل البهاء لا يستبعد أن يكون يهودياً من يهود إيران استناداً إلى ما سبق، وإلى مسارعة اليهود للدخول في نحلته وسماحهم له أن
(1) انظر: البهائية نقد وتحليل ص 19- 26، 309- 352، وانظر: حقيقة البابية والبهائية ص 171 - 185، وانظر: البهائية وتاريخها وعقيدتها ص 323- 334، ولقد توسع غفر الله له في إبراز الصلة الخبيثة بين اليهود وبين هذه الطائفة بالأدلة الدامغة، وأبطل فيها مكر البهائية وتظاهرهم بالإسلام، وانظر: خفايا الطائفة البهائية ص 110، 117، 119.