الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
زعيم القاديانية
1- اسمه وأسرته:
ترجم المرزا لنفسه ولأسرته في آخر كتابه ((ضميمة الوحي)) وجاء بخلط عجيب في ذلك.
أما اسمه فهو: غلام أحمد القادياني، واسم والده غلام مرتضى، واسم أمه جراج بي بي (1) وفي نسبة أسرته يتضارب قوله؛ فهو يزعم أنه ينتمي إلى أسرة أصلها من المغول من فرع برلاس، ومرة قال: إن أسرته فارسية (2) ، ومرة زعم أن أسرته صينية الأصل، ومرة أنه من بني فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخرى قال بأنها جاءت من سمرقند، وزعم مرة أنه يرجع إلى بني إسحاق (3) .
وبعد كل هذا الخلط والاضطراب زعم أن الله أوحى إليه أن نسبه يرجع إلى فارس فقال: ((والظاهر أن أسرتي من المغول، ولكن الآن ظهر علي من كلام الله تعالى أن أسرتي حقيقة أسرة فارسية، وأنا أؤمن بهذا؛ لأنه لا يعرف أحد حقائق الأسر مثل ما يعرفها الله تعالى)) (4) .
(1) القاديانية دراسة وتحليل ص205 نقلاً عن يعقوب القادياني، حياة النبي: 1/ 141 - 142.
(2)
القادياني والقاديانية ص20.
(3)
ذكر تلك الأخبار إحسان إلهي في كتاب القاديانية ص125 -126 نقلاً عن كتب الغلام كتاب البرية ص134 حاشية أربعين ص17، ضميمة حقيقة الوحي ص77، تحفة كولرة ص29.
(4)
حاشية أربعين ص27 رقم (2) ، القاديانية ص125.
وفي تقرير هذا الخلط قال في ضميمة الوحي: ((وسمعت من أبي أن آبائي كانوا من الجرثومة المغلية، ولكن الله أوحى إلي أنهم كانوا من بني فارس لا من الأقوام التركية، ومع ذلك أخبرني ربي بأن بعض أمهاتي كن من بني الفاطمة-ومن أهل بيت النبوة، والله جمع فيهم نسل إسحاق وإسماعيل من كمال الحكمة والمصلحة)) (1) .
وكل من سأله عن هذه التقلبات في نسبه يقول: هكذا أخبرني الله تعالى، أو هكذا أُلهِمَ من الله أو كُلمَ على التعبير الذي يحبه (2) . أي أخبره الله بكل هذه التناقضات التي لا مبرر لها إلا الجهل والنفاق-والله يتنزه عن هذا التناقض- ومهما قال عن أسرته، فإنها أسرة عميلة اشتهرت بعاملتها وتفانيها في خدمة الإنجليز المستعمرين لهم. وكان الغلام كثيراً ما يتباهى بأنه هو وأجداده كانوا من المخلصين لخدمة الإنجليز، كما سيأتي ذكر النصوص التي تبجح بها القادياني وأتباعه.
أما ولادته: فقد ولد غلام أحمد في عام 1256هـ على أحد الأقوال في قرية قاديان إحدى قرى البنجاب بالهند. يقول المودودي: ((ولد الميرزا غلام أحمد- كما أشرنا في البداية- حوالي سنة 1839م، أو سنة 1840م حسبما كتبه الميرزا في تأليفه كتاب البرية، إلا أن أحد مؤرخيه كتب أنه ولد سنة 1835م (3)، وقد وصف القادياني قريته التي ولد فيها بقوله:
(1) ضميمة الوحي ص85 مترجم.
(2)
القاديانية والقاديانية ص20.
(3)
القاديانية ص15 نقلا عن المجدد الأعظم ص 16، 17.
((كانت قريتي أبعد من قصد السيارة، وأحقر من عيون النظارة، درست طلولها، وكره حلولها، وقلت بركاتها، وكثرت مضراتها ومعراتها، والذين يسكنون فيها كانوا كبهائم، وبذلتهم الظاهرة يدعون اللائم، لا يعلمون ما الإسلام وما القرآن وما الأحكام، فهذا من عجائب قضاء الله وغرائب القدرة أنه بعثني من مثل هذه الخربة)) (1) .
وأغلب الظن أنه كان صادقاً في وصفه لقريته بأنها خربة، ولأهلها بأنهم مثل البهائم لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً؛ إذ لولا أنهم كذلك لما جرؤ على دعوى النبوة بينهم.
2-
أما هو وثقافته:
فقد قرأ مبادئ العلوم وقرأ في المنطق والعلوم الدينية والأدبية في داره على بعض الأساتذة، مثل فضل إلهي، وفضل أحمد، وكل على شاه، كما قرأ الطب القديم على والده الذي كان طبيباً ماهراً (2) وعرافاً حاذقاً (3) ، وقد كان يكثر القراءة والطلب وأجهد نفسه في ذلك (4) ، إلا أن جميع معلوماته عن الإسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم كانت مشوشة ومملوءة بالأخطاء والخلط الشنيع، كما ذكر عنه الأستاذ إحسان إلهي وذكر الأمثلة على ذلك (5) .
وقد بدأ حياته العملية بأن توظف في محكمة حاكم المديرية في مدينة
(1) ضميمة الوحي ص28.
(2)
القاديانية والقاديانية ص22.
(3)
القاديانية ص127.
(4)
كتاب البرية ص149، 150.
(5)
القاديانية ص128.
سيالكوث إحدى المدن في باكستان، بمرتب يساوي خمس عشرة روبية في ذلك الوقت، وبقي على ذلك أربع سنوات من عام 1864 إلى عام 1868م، وقد استغل في هذه الفترة وقته فأقبل على تعلم الإنجليزية، كما التحق بدراسة الحقوق وأخفق في الامتحان، ثم استقال من وظيفته هذه عام 1868م وشارك والده في المحاكمات والقضايا التي كان مشغولاً بها (1) .
وهكذا بدأ حياته في تقشف وحاجة شديدة عبر عنها في كتابه: ضميمة الوحي بعدة أساليب نأخذ منها على سبيل المثال في الاستفتاء الأول الذي بدأ بقوله: ((يا علماء الإسلام وفقهاء ملة خير الأنام؛ أفتوني في رجل ادعى أنه من الله الكريم- يقصد نفسه- إلى أن قال: ((وكان في أول زمنه مستوراً في زاوية الخمول، لا يعرف ولا يذكر، ولا يرجى منه ولا يحذر، وينكر عليه ولا يوقر، ولا يعد في أشياء يحدث بها بين العوام والكبراء، بل يظن أنه ليس بشيء ويعرض عن ذكره في مجالس العقلاء)) (2) .
وقال أيضاً: ((وما كنت من المعروفين فأوحى إلي ربِّي، وقال: اخترتك)) (3) .
إلى أن يقول: ((وكنت أعيش كرجل اتخذه الناس مهجوراً)) .
ونصوص أخرى كثيرة ذكرها حول إثبات هذه الحقيقة.
إلا أنه حينما تبوأ الزعامة الدينية أقبلت عليه الدنيا والهدايا الكثيرة التي تمدح بها في كتابه ضميمة الوحي في سبعة مواضع، بتعبيرات مختلفة زاعماً
(1) القادياني والقاديانية ص22، 23 نقلاً عن كتاب سيرة المهدي، وكتاب البرية وكلاهما للغلام.
(2)
ضميمة الوحي ص3.
(3)
المصدر السابق ص28، وانظر ص30.
أنها فضل من الله، ودليل أيضاً على نبوته، منها:
((ثم بعد ذلك أيَّد الله هذا العبد كما كان وعده بأنواع الآلاء وألوان النعماء، فرجع إليه فوج من الطلباء بأموال وتحايف وما يسرُّ من الأشياء، حتى ضاق عليها المكان)) (1) .
وقال أيضاً:
((وانهالت علي الهدايا كأنها بحر تهيَّج في كل آن أمواجاً، هذه آيات الله)) (2) .
وقال: ((يأتوني من كل فج عميق بالهدايا وبكل ما يليق، هذا وحي من السماء من حضرة الكبرياء، ما كان حديثاً يفترى)) (3) .
ومن هنا وحين أقبلت عليه الدنيا بالزعامة الدينية رتع فيها كيفما حلى له على حساب المغفلين من أتباعه، وصار ينفق في المسكن والمأكل والمشرب بما في ذلك شرب أقوى المسكرات من الخمر والمعجونات المقوية الثمينة، وصارت حياته أشبه ما تكون بحياة الزعماء السياسيين حتى شكى كثير من أتباعه هذه الحياة المملوءة بالإسراف بالنسبة للغلام ولزوجاته، من لبسهن الحرير والحلي والحلل الفاخرة، بينما أتباعه يعيشون في فقر مدقع.
وكان الغلام يغضب كثيراً حينما يُسأل عن كيفية إنفاق تلك الأموال التي تأتي بكثرة، لكنها لا ترى بعد ذلك ولا يلمس لها أثر (4) .
(1) ضميمة الوحي ص6.
(2)
المصدر السابق ص28،
(3)
المصدر السابق ص29، وانظر ص30.
(4)
انظر: القادياني ص24، 25، وانظر: القاديانية لإحسان إلهي ص144 - 146.
ومما يذكر في ترجمته أن الله قد عاجله بكثير من الأمراض، فقد أصيب بعدة أمراض حتى كان يغمى عليه كثيراً من شدة مرض السكر به، إضافة إلى الصداع الشديد الملازم له، إضافة إلى مرض المراق، وأمراض أخرى ذكرها المودودي والندوي وغيرهما في ترجمتهم له، مستندين إلى كتب الغلام وغيره من كبار أصحابه (1) .
وأما حياة خلفاء الغلام من بعده فقد أضافوا إلى الحَشَفِ سوءَ كيلة؛ لقد استهتروا بكل القيم ورتعوا في كل مراتع اللهو والفجور، ويكفي الشخص أن يقرأ كلمة الأستاذ عبد الرحمن مصري مدير كلية تعليم الإسلام في قديان، وكان من كبار علماء الجماعة القاديانية كما يذكر الأستاذ الندوي.
فقد أسلم هذا الرجل على يد بعض القاديانيين ونشأ في حضانتهم وتعلم في مصر، وحاز ثقة الجماعة حتى كان يستخلفه الميرزا بشير الدين في إمامة الصلوات، ثم اطلع على أسرار هؤلاء الماسونيين القاديانيين وثار عليهم، وألف جماعة من الثوار كان يرأسهم هو. فقد سجل قاضي محكمة الاستئناف في لاهور- كما يذكر عبد الرحمن المصري في يوم 23 سبتمبر من عام 1938م- ما يأتي:
إن الخليفة الحالي الميرزا بشير الدين محمود من كبار الفساق، إنه يتصيد الفتيات في ستر من الزعامة الدينية، وله وكلاء وسماسرة من الرجال والنساء يحضرون له الفتيات الغافلات والشباب الغر، وقد أسس لهذا الغرض نادياً سرياً من الرجال والنساء يفسق فيه (2) .
(1) انظر تفصيل ذلك في القادياني والقاديانية ص24 نقلاً عن سيرة المهدي 1/ 17، وانظر القاديانية ص16 - 20 نقلاً عن سيرة المهديوكتاب البرية للغلام.
(2)
انظر: القادياني والقاديانية ص90، وانظر: القاديانية لإحسان إلهي ص56، مظلومو القاديان.