الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى الجهل، لأنهم يدعون الناس بزعمهم إلى توحيد المعدوم -تعالى الله عن قولهم- وما عرفوا المولى الموجود -أي الحاكم بأمر الله-.
وقد أوجب داعيتهم الأول حمزة محاربة دعوة الأنبياء، وأوجب البراءة من جميع أديانهم، ويحقدون على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كثيراً لأنه أوجب الجهاد، بينما إلههم الحاكم قد أبطله، وسبوا الصحابة وخصوصاً من أطفأ نار المجوسية منهم كأبي بكر، وعمر، وغيرهما من خيار الصحابة.
والدروز لا يؤمنون بالكيفية التي أخبر الله بها عن بدء الخلق، فأنكروا أن يكون آدم هو أبو البشر وحواء أمهم مدعين أن آدم وحواء من نسل بشر أيضاً لا أن آدم مخلوق من تراب؛ إذ التراب لا يخلق منه إلا العقارب والحيات والخنافس ولم يستندوا في هذا الافتراء والهوس إلا إلى عقولهم وأفهامهم السقيمة (1) .
5- إنكارهم التكاليف:
لا يؤمن الدروز بوجوب القيام بتلك التكاليف التي جاء بها الشرع في القرآن الكريم وفي السنة النبوية. وقد جعلوا للمكلف طريقة يستطيع أن يتخلص بها من كل تكليف أو عمل، وهي ما بيّنها عنهم الدكتور محمد كامل حسين بقوله:
((واتخذوا لهم فرائض أطلقوا عليها الفرائض التوحيدية وهي معرفة الباري (2) وتنزيهه عن جميع الصفات والأسماء
…
ثم معرفة الإمام قائم
(1) الحركات الباطنية في العالم الإسلامي ص 302، عقيدتهم في الأنبياء.
(2)
أي الحاكم.
الزمان وهو حمزة بن علي بن أحمد وتمييزه عن سائر الحدود (1) ووجوب طاعته طاعة تامة، ثم معرفة الحدود بأسمائهم وألقابهم ومراتبهم ووجوب طاعتهم. فإذا اعترف الإنسان بهذه الفرائض التوحيدية الثلاثة أصبح موحداً، وليس عليه أن يقوم بتكاليف أي فريضة من الفرائض)) (2) .
إلى أن يقول بعد ذكره شريعتهم التي نقضوا بها التكاليف (3) : ((ومعنى هذا أن شريعة الدروز تتلخص في إسقاط الفرائض الدينية التكليفية وعدم إقامة الفرائض الدينية الإسلامية)) (4) .
ويذكر أحمد الفوزان السبب في هذا المسلك للدروز فقال: ((ويعتقدون أيضاً أنهم موجودون منذ الأزل، واعتنقوا كثيراً من الديانات على مر الدهور كان آخرها الإسلام، ثم تحولوا عنه إلى دين مستقل هو الدين الدرزي الذي يجدده الأقطاب من زمن إلى زمن)) (5) .
ومن هنا فإن الدروز أخذوا في الدعوة إلى إسقاط التكاليف بتأويلاتهم الباطنية التي يستندون فيها إلى القرآن الكريم أكثر من كل الفرق، وهم لا يؤمنون به، فالصلاة والصوم والحج والجهاد لها معان عندهم غير المعاني التي فهمها المسلمون وبينها الرسول صلى الله عليه وسلم، وغير التي فهمها الإسماعيليون أيضاً، لأن حمزة الزوزني أراد أن يأتي بشريعة جديدة تبطل كل ما قبلها من الشرائع، سواء كانت عقيدة الباطنية أو غيرها من العقائد والتي في أولها الإسلام،
(1) كبار دعاتهم.
(2)
طائفة الدروز ص 118.
(3)
اقرأ ص 117، 118.
(4)
الصفحات السابقة.
(5)
أضواء على العقيدة الدرزية ص 51.
ولهذا فقد أوَّل النصوص على هواه مجانباً المفاهيم الإسلامية والباطنية أيضاً في كتابه النقض الخفي (1) .
فالصلاة: معناها صلة قلوب الدروز بعبادة الحاكم على يد خمسة حدود هم أنبياء الحاكم الخمسة: حمزة وإسماعيل ومحمد الكلمة وأبو الخير وبهاء الدين علي بن أحمد السموقي، وهؤلاء هم أشهر دعاة الدروز، ومعرفة هؤلاء وحبهم هي الصلاة عند الدروز.
أما الصلاة المعروفة عند المسلمين فقد أبطلها حمزة، ومن هنا فإنهم لا يؤدونها بل وتظاهروا في هذا الزمن -كما يذكر عنهم العارفون بهم- بحرب إقامة المساجد ومنعوها ومنعوا المسلمين الموجودين بينهم من بنائها، وأقاموا عوضاً عنها الخلوات التي يجتمعون فيها لإقامة طقوسهم.
وهذا المفهوم للصلاة عند الدروز يخالف أيضاً مفهومها عند الباطنية الذين يزعمون أن معناها الدعاء إلى الإمام ومعرفة الأئمة (2) .
والزكاة معناها عبادة الحاكم وتزكية قلوبهم وتطهيرها وترك ما كانوا عليه قبل معرفة الحاكم في ظهوره الجديد. يقول عنهم محمد كامل حسين: ((الزكاة الحقيقية هي توحيد المولى وترك ما كان عليه الناس قديماً)) (3) ؛ أي من الأديان بما فيها الإسلام.
بينما الزكاة عند الباطنية معناها أخذ العلم عن الأئمة (4) .
(1) انظر لهذه المعاني: النقض الخفي - نقلاً عن الحركات الباطنية في العالم الإسلامي ص 280.
(2)
بيان مذهب الباطنية وبطلانه ص 8.
(3)
طائفة الدروز ص 118.
(4)
بيان مذهب الباطنية وبطلانه ص 8.
والصوم معناه صيانة قلوبهم - التي هي من أردأ القلوب - بتوحيد مولاهم الحاكم، وقد ذكر محمد حسين أن الدروز يصومون في أيام خاصة وهي التسعة الأيام الأولى من شهر ذي الحجة (1) .
بينما الصوم عند الباطنية معناه كتمان أسرار الأئمة (2) .
والحج معناه توحيد الحاكم لا المجيء إلى مكة والطواف والسعي والرمي والوقوف بعرفة إلى آخر مشاعر الحج.
بينما هو عند الباطنية طلب العلم والمجيء إلى مشائخهم (3) ، ولهم كلام في غاية الفحش والاستهزاء بهذه المشاعر التي فرض الله تعظيمها.
والجهاد: معناه السعي والاجتهاد في توحيد الحاكم ومعرفته وعدم الإشراك به لا الجهاد الذي فرضه الله؛ لأن الحاكم أبطله في الشرع الجديد.
بينما الجهاد عند النصيرية الباطنية كما يذكر سليمان الأضني نوعان:
أولهما: الشتائم على أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة، وعلى جميع الطوائف المعتقدين بأن علي بن أبي طالب أو الأنبياء أكلوا وشربوا وتزوجوا وولدوا من نساء؛ لأن النصيرية يعتقدون بأنهم نزلوا من السماء بدون أجسام، وأن الأجسام التي كانوا فيها إنما هي أشباه وليست هي بالحقيقة أجسام.
والنوع الثاني من الجهاد: إخفاء مذهبهم من غيرهم، ولا يظهرونه ولو
(1) طائفة الدروز ص 120.
(2)
فضائح الباطنية ص 56.
(3)
بيان مذهب الباطنية ص 8.
أصبحوا في أعظم الخطر وهو خطر الموت (1) .
وهكذا فإنهم أرادوا بهذه الأفكار محاربة الإسلام والقضاء عليه بأي وسيلة يستطيعون من خلالها تحقيق أهدافهم الخبيثة وعودة الناس إلى المجوسية وهم ألد أعداء الإسلام والمسلمين قديماً وحديثاً.
* * * * * * * * * * * * * * * * **
(1) الباكورة السليمانية ص 164 نقلاً عن الحركات الباطنية ص 392.