الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن
علاقة القاديانية بالإسلام وبالمسلمين وبغير المسلمين،
وموقف علماء الهند وباكستان من القاديانيين
لقد ابتعد القادياني وعن الإسلام عن المسلمين، وزاحمت القاديانية الإسلام، وأرادت أن تحل محله في العقيدة والفكر والعاطفة، وقطعت أقوى صلة للقاديانية بالإسلام، وجعلت كل من يدخل هذه الديانة الجديدة أو الإسلام الجديد -كما يزعم القاديانيون- بعيداً عن الإسلام الذي ارتضاه رب العالمين لخلقه. ومن هنا نرى القاديانيين يقارنون بين أصحاب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وبين أتباع الغلام، دون أن يجدوا في ذلك أي حرج، فقد جاء في صحيفة الفضل القاديانية:((لم يكن فرق بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتلاميذ الميرزا غلام أحمد؛ إلا أن أولئك رجال البعثة الأولى وهؤلاء رجال البعثة الثانية)) (1) .
ثم جعلوا الحج الأكبر هو زيارة قاديان، وقبر القادياني، مضاهاة لزيارة المسجد النبوي الشريف والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، ونصوا على أن الأماكن المقدسة في الإسلام ثلاثة: مكة والمدينة وقاديان، وأوَّلوا المراد بالمسجد الأقصى بأنه مسجد قاديان، فقد جاء في تلك الصحيفة أيضاً:
((إن الذي يزور قبر المسيح الموعود عند المنارة البيضاء، يساهم في البركات التي تخص قبة النبي الخضراء في المدينة، فما أشقى الرجل الذي يحرم نفسه هذا
(1) جريدة الفضل عدد (92) 28 مايو سنة 1918 م.
التمتع في الحج الأكبر إلى قاديان)) (1) .
وفيها أيضاً: ((أن الحج إلى مكة بغير الحج إلى قاديان حج جاف خشيب؛ لأن الحج إلى مكة اليوم لا يؤدي رسالته ولا يفي بغرضه)) (2) .
واخترعوا لهم أشهراً غير الأشهر الإسلامية، وهي:
الصلح، التبليغ، الأمان، الشهادة، الهجرة، الإحسان، الوفاء، الظهور، تبوك، الإخاء، النبوءة، الفتح (3) .
وهو نفس المسلك الذي سار عليه البهاء المازندراني حين اخترع له أشهراً غير الأشهر الإسلامية، ليقطعوا صلتهم بالأشهر الإسلامية وبما جاء فيها من مناسبات مفضلة، ومن هنا يتضح أن علاقة القاديانيين بالمسلمين أتباع محمد صلى الله عليه وسلم علاقة مبتورة، فقد قطعوا كل صلة بهم وعاملوهم على الأسس الآتية:
1.
أن المسلمين كفار ما لم يدخلوا في القاديانية؛ لأنهم يفرقون بين الرسل، والله تعالى يقول:{لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ} سورة البقرة: 285، فالمؤمن بالإسلام ونبيه إذا لم يؤمن بالقاديانية ونبيها فإنه يكون كافراً.
2.
وعلى هذا فإنه لو مات مسلم، فإنه لا يجوز للقادياني الصلاة عليه ولا دفنه في مقابرهم؛ لأنه كافر لعدم إيمانه بنبوة الغلام، فلا تجوز الصلاة عليه ولو كان طفلاً أيضاً، ويذكر أن ظفر الله خان وزير خارجية باكستان لم يُصَلِّ على
(1) جريدة الفضل عدد (1848) ج 10 سنة 1922 م.
(2)
القادياني والقاديانية للندوي ص 119، نقلاً عن المجلد 21 عدد 33. وعنها أخذت تلك المصادر.
(3)
القادياني والقاديانية ص 121.
القائد الشهير محمد علي جناح حين مات، لأنه في نظر ظفر الله كافر لعدم إيمانه بنبوة الغلام.
3.
لا يجوز نكاح المسلم بالقاديانية، ويجوز ذلك للقادياني كما هو الحال بالنسبة لأهل الكتاب؛ أي إنهم يعاملون المسلمين معاملة أهل الكتاب.
4.
لا تصح الصلاة خلف غير القادياني مهما كانت منزلته، وإذا فعل ذلك تقية أو لمصلحة، فعليه أن يعيد تلك الصلاة حتماً، حتى وإن كان صلاها في أحد الحرمين الشريفين، وهذه التقية أو النفاق هو الأساس الذي قام عليه مذهب الشيعة والباطنية والقاديانية.
5.
لا يجوز حضور اجتماعات المسلمين سواء كانت في أفراحهم أو في مصائبهم، بل ولا يجوز أن يذكر المخالف للقاديانية من المسلمين أو يترحم عليه أو يستغفر له.
6.
بل وأبعد من هذا أنهم لا يجوزون الصلاة على من يصلي من القاديانيين خلف المسلمين أو يتعامل معهم أو يوادهم (1) .
علاقتهم بغير المسلمين:
وأما علاقتهم بغير المسلمين فنوجزها فيما يلي:
1.
لقد قامت بين القاديانيين وبين كثير من الملل المخالفة للإسلام علاقات قوية، خصوصاً بينهم وبين الدول المعادية للمسلمين، مثل بريطانيا وإسرائيل اليهودية الحاقدة، فهي تتمتع معهم بصداقات حميمة واتصالات وثيقة، وقد أعطتهم إسرائيل أمكنة لفتح المراكز والمدارس، وأغدقت عليهم الأموال سراً
(1) انظر مصادر هذا الكلام في: القاديانية درسة وتحليل ص34، فصل القاديانية والمسلمون.
وجهراً، وقد جاء في خطاب للقاديانيين باسم ((مراكزنا في الخارج)) هذا النص:
((ويمكن للقارئين أن يعرفوا مكانتنا في إسرائيل بأمر بسيط، بأن مبلغنا جوهدري محمد شريف حينما أراد الرجوع من إسرائيل إلى باكستان سنة 1956م، أرسل إليه رئيس دولة إسرائيل بأن يزوره قبل مغادرته البلاد، فاغتنم المبشر هذه الفرصة وقدم إليه القرآن المترجم إلى الألمانية الذي قبله الرئيس بكل سرور (1) !!! وقد نشر تفاصيل اللقاء في الصحف الإسرائيلية، كما أذيع أيضاً في الإذاعة، بل وقد سمحت لهم إسرائيل بإنشاء مدرسة بقرب جبل الكبابير.
ومن المعروف بداهة أن إسرائيل ما كانت لتحتضن هذه الدعوة القاديانية ولا أن تقوم بتمويلها بل والدعاية لها لو أنها تعرف فيها مثقال ذرة من الإسلام، الذي تعتبره إسرائيل الخطر الحقيقي عليها، كما أن إسرائيل تمول جميع الحركات الهدامة من قاديانية وبهائية وغير ذلك لتحقيق أهدافها في السيطرة والعلو، فالمؤامرات واضحة لا تحتاج إلى سياسي بارع ولا ذكي في تحليل الأحداث.
2.
رحب القوميون الهنود بالقاديانية وفرحوا بها وتحمسوا لها كثيراً، لأن هؤلاء الهنادك يحقدون على الإسلام حقداً لا يقل عن حقد اليهود والنصارى، وضايقهم جداً توجه المسلمين الهنود بقلوبهم إلى نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وكتاب ربهم، بل وإلى الجزيرة العربية إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولهذا فقد اعتبروا توجه الناس إلى قاديان انتصاراً للوطنية الهندية على الإسلام
(1) كتابر ((مراكزنا في الخارج)) ص79، انظر:((القاديانية)) لإحسان إلهي ص 48، وانظر: كتاب ((ما هي القاديانية؟)) ص66، حيث نقل الكلام السابق بتصرف وعزاه إلى كتاب القاديانية ((بعثاتنا الخارجية)) تأليف الميرزا مبارك أحمد القادياني.
الأجنبي عن بلادهم، وفرصة سانحة للتحول العظيم في تفكير المسلمين الهنود وغيرهم من الإسلام إلى القوميات والتعصب لها بدلاً عن الإسلام. وفي هذا يقول الكاتب الهندوكي د/شنكرداس مهرا:
((إن المسلمين الهنود يعتبرون أنفسهم أمة منفصلة متميزة ولا يزالون يتغنون ببلاد العرب ويحنون إليها، ولو استطاعوا لأطلقوا على الهند اسم العرب، وفي هذا الظلام الحالك وفي هذا اليأس الشامل يظهر شعاع من النور يبعث الأمل في صدور الوطنيين وهي حركة الأحمديين (القاديانيين) .
وكلما أقبل المسلمون إلى الأحمدية نظروا إلى قاديان كمكة هذه البلاد والمركز الروحي العالمي وأصبحوا مخلصين للهند وقوميين بمعنى الكلمة.
إن تقدم الحركة الأحمدية ضربة قاضية على الحضارة العربية والوحدة الإسلامية. وكل من اعتنق الأحمدية تغيرت وجهة نظره وضعفت صلته الروحية بمحمد صلى الله عليه وسلم بذلك، وتنتقل الخلافة من الجزيرة العربية وتركيا إلى قاديان في الهند، ولا يتبقى لمكة والمدينة إلا حرمة تقليدية.
إن كل أحمدي سواء كان في البلاد العربية أو تركيا أو إيران أو في أي ناحية من نواحي العالم يستمد من قاديان القوة الروحية وتصبح قاديان أرض نجاة له، وفي ذلك سر فضل الهند، وهذا هو سر عدم ارتياح المسلمين إلى حركة الأحمدية وقلقهم منها؛ لأنهم يعتقدون أن حركة الأحمدية هي المنافسة للحضارة العربية والإسلام.
ولذلك اعتزل الأحمديون عن حركة الخلافة لأنهم يحرصون على تأسيس الخلافة في قاديان مكان تركيا والجزيرة العربية، وإن كان هذا الواقع مقلقاً لمسلمين الذين لا يزالون يحلمون بالاتحاد الإسلامي وبالاتحاد
العربي، ولكنه مصدر سرور وارتياح للوطنيين الهنديين)) (1) .
والكلام ظاهر المعنى ينفث خبثاً وحقداً على المسلمين وعلى الإسلام، ويريد قائله أن تشن الحرب التي لا هوادة فيها على كل مسلم غير القاديانيين، الذين يرى فيهم تحقيق أحلامه الكفرية ومحو الإسلام من أذهان المسلمين والاهتداء بعميل الإنجليز وبالوطنيين الهنود، كما يريد فوضويو المجوسية وداعتها الحاقدون.
ومما يوضح موقف القاديانيين من الإسلام أيضاً ذلك الدفاع الذي بذله عدو الإسلام والمسلمين في الهند جواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند حينذاك عن هذه الطائفة المسلمين-يقص القاديانيين-على حد زعمه، وغريب منه أن يتعاطف مع المسلمين، فقد قال متسائلاً ومستنكراً: لماذا يلح المسلمون على فصل القاديانية عن الإسلام، وهي طائفة من طوائف المسلمين الكثيرة؟ فأجابه الدكتور محمد إقبال رحمه الله فقال: ((القاديانية تريد أن تنحت من أمة النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم أمة جديدة تؤمن بالنبي الهندي
…
وقال: إنها أشد خطراً على الحياة الاجتماعية الإسلامية في الهند عن عقائد ((أسفنورا)) الفيلسوف الثائر على نظام اليهود)) (2) .
وحينما تظاهر القاديانيون في خبث ودهاء ومكر بالإسلام، إنما أرادوا أن يموهوا على المسلمين ويدخلوا على عوامهم من طرق لا يفطنون لها ليسلخوهم عن دينهم شيئاً فشيئاً إن استطاعوا، ولن يتم لهم ذلك إن شاء الله تعالى.
ومن هنا نجد أن لعلماء الهند وباكستان من المسلمين مواقف ونضالاً مريراً
(1) مقالة الدكتور شنكر داس مهرا في صحيفة بند في ماترم الصادرة في 22 أبريل سنة 1932م، وانظر: القادياني والقاديانية ص122.
(2)
انظر: ما هي القاديانية؟ ص57، وقد أثنى المودودي على الجهود التي بذلها محمد إقبال رحمه الله لدحض القاديانية، والمواقف المشرفة التي وقفها في وجه القاديانيين بإخلاص وصدق غيرة على دينه الإسلامي الحنيف.
للقاديانية؛ حيث جعلوها بالعراء وبينوا زيف تظاهر القاديانيين بالإسلام ومدى عداوتهم له.
والجدير بالذكر أن محكمة باكستانية موقرة أصدرت حكماً شرعياً بشأن هذه الفئة الشريرة من القاديانيين وبكل حزم وشجاعة، وقد ظهر في الأسواق في شكل كتاب، وقد صدر الكتاب مترجماً من الأردية إلى العربية تعريب الأستاذ/محمد بشير، باسم ((المحكمة الشرعية الفيدرالية بجمهورية باكستان الإسلامية تقرر: القاديانية فئة كافرة)) .
جاء في أول الكتاب قوله: ((بإذن من المحكمة الشرعية الفيدرالية الباكستانية بإسلام آباد طبعنا النص الكامل لحكمها على الالتماس الشرعي رقم 17/ آيل لعام 1984م، والالتماس الشرعي رقم 2/آيل لعام 1984م والقاضي بوضع القاديانيين من كلتا الفرقتين: الفرقة اللاهورية والفرقة القاديانية)) (1) .
وكانت هذه المحكمة مؤلفة من سيادة القاضي: فخر عالم رئيس القضاة، القاضي: شودري محمد صديق، القاضي الشيخ: ملك غلام علي، القاضي الشيخ: عبد القدوس القاسمي.
وقد بحث هؤلاء القضاة مسألة القاديانية بكل جد وحزم، وقد استعانوا بمجموعة من العلماء في مناقشتهم لقضية القادياني وزعمه النبوة، ومواقف القاديانيين من المسلمين ومن الإسلام ونبيه وتعاليمه، على ضوء الالتماس الذي قدمه بعض المحامين والقاديانيين، ومنهم مجيب الرحمن، والنقيب
(1) ص7.
المتقاعد عبد الواحد وغيرهما.
وقد استوفت المحكمة دراسة المسألة كاملة، وظهرت النتيجة بتاريخ 1984م كما يلي:
1.
أصدر رئيس المحكمة فخر عالم مرسوماً يسمى: ((مرسوم حظر ومعاقبة النشاطات المناهضة للإسلام للفرقة القاديانية والفرقة اللاهورية والأحمديين)) .
2.
جعلت هذه البنود فعلاً إجرامياً من القادياني:
أ- أن يسمي نفسه أو يتظاهر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بكونه مسلماَ أو أن يسمى مذهبه الإسلام.
ب- أن ينشر ويروج مذهبه أو أن يدعو غيره إلى قبول مذهبه أو يثير بطريقة ما المشاعر الدينية للمسلمين.
ج- أن يدعو الناس إلى الصلاة بقراءة الأذان، أو يسمي طريقة ندائه للصلاة أو شكله بكلمة الأذان.
د- أن يدعو أو يسمي محل عبادته مسجداً.
هـ- أن يذكر أي شخص غير أحد من خلفاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم بكلمة أمير المؤمنين أو خليفة المؤمنين أو خليفة المسلمين أو الصحابي أو رضي الله عنه، أو يذكر أحداً غير زوج من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة أم المؤمنين أو أن
يسمى غير أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة أهل البيت (1) .
ومما لا ريب فيه أن هذا توفيق عظيم من الله لهذه المحكمة، أجزل الله لهم ولمن ساعدهم الأجر والثواب إلى يوم الدين؛ فإنهم أصابوا القاديانية في مقتلها دون أن يظلموهم بكلمة واحدة أو قانون غير ما يستحقونه.
وفي أحكام العقوبات جاء في المرسوم:
((أي شخص يدنس اسماً مقدساً لأي من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (أمهات المؤمنين) أو أهل بيته أو خلفائه الراشدين أو صحابته، بأية كلمات منطوقة أو مكتوبة، أو بأي تعبير محسوس أو بأي تعريض أو تلميح أو إيماء ما، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة -سيعاقب بسجن لمدة يجوز أن تمتد إلا ثلاث سنوات عن كل تعبير، أو الغرامة أو العقوبتين كلتيهما (2)
ومنه: أي شخص من الفرقة القاديانية أو الفرقة اللاهورية الذين يسمون أنفسهم أحمديين أو بأي اسم آخر، يذكر بكلمات منطوقة أو مكتوبة أو بأي تعبير محسوس طريقة النداء للصلوات التي تستعملها فرقته بكلمة الأذان، أو يقرأ الأذان كما يقرؤه المسلمون -سيعاقب بسجن لمدة يجوز أن تمتد إلى ثلاث سنوات عن كل تعبير، وسيكون معرضاً للغرامة أيضاً)) (3) .
وقد بلغت دراسة المحكمة لهذه الطائفة (188) مائة وثمان وثمانين صفحة استوعبت أهم ما يتعلق بأفكار القادياني وفرقته الشريرة، وانتهت
(1) المحكمة الشرعية الفيدرالية بجمهورية باكستان الإسلامية تقرر: القاديانية فئة كافرة ص10. (مترجم) .
(2)
القاديانية فئة كافرة ص14.
(3)
المصدر السابق ص15.
بصرف النظر عن الالتماسات التي تقدم بها مجيب الرحمن وعبد الواحد وغيرهما من القاديانيين.
* * * * * * * * * * * * * * * * **