الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عاض المخالف له ولم تدم هذه الفترة طويلا، فبعد سنة 1901م أسفر عن وجهه الحقيقي بأنه نبي كامل، وأن كل ما قاله أو كتبه من أنه نبي غير كامل صار منسوخاً بثبوت نبوته.
ثم أدركه بعد ذلك عرق السوء في سنة 1904م، فاحتقر النبوة ورآها غير كافية في شخصه فادعى أنه ((كرشن)) ، وهو معبود من معبودي الهنادك، ولعله طمع في ميل الهنادك (1) إليه، وهو في هذه الدعوى الخطيرة لم يأت بجديد؛ فهو خلف لأسلافه من الطغاة الذين ادعوا الألوهية على مر العصور.
2- إلهاماته:
دعوى أي شخص أن الله ألهمه كذا وكذا، من الأمور اليسيرة التي هي بإمكان كل إنسان أن يدعيها، إلا أن الخطر يكمن في ظهور النتائج-على حد قول أحد الشعراء
من تحلى بما ليس فيه
…
فضحته نتائج الامتحان
على أن ما يحصل للنفس من إلهام ليس له مورد واحد، بل عدة موارد، فقد يرد عليها الإلهام من الله تعالى، وهنا لابد من أهلية صاحبها وتقواه وصدق إخلاصه لربه وصفاء توحيده.
وقد يرد عليها الإلهام من وساوس الشياطين إذا كان صاحبها لائقاً بذلك بعيداً عن الله.
وإلهامات الغلام كلها من هذا النوع، وقد ظهر الكذب فيها والتكلف الممقوت رغم أنه يصوغها على غرار الآيات القرآنية، يريد أن يوحى به إلى
(1) انظر: المراجع السابقة.
الناس على أنه إلهام من الله له ووحي مباشر إليه، يتبين ذلك من خلال صيغته وإنشائه.
لقد كثرت إلهامات الغلام التي جعلها بمثابة وحي من الله تعالى، وهي أفكار زخرفها، وتقوَّلَ فيها على الله تعالى وتنطع، وخرج عن الإيمان بالإسلام وبختم النبوة المحمدية.
ثم تحول القادياني من شخص مسلم غيور على الدين في أول أمره إلى عدو لدود للمسلمين والإسلام، حينما رأى إقبال الناس عليه ودفع الحكومة الإنجليزية له إلى الأمام في غيه، كما هو عادة الإنجليز وخداعهم للناس.
ولهذا فقد وصل به التعلق بالإنجليز إلى حد أن الذي يأتيه بالوحي هو رجل في صورة شاب إنجليزي.
بل والوحي نفسه اختلط عليه الأمر فيه فمرة يوحى إليه بالعربية، ومرة بالفارسية وأخرى بالأردية، بل وأحياناً بالإنجليزية إتماماً للنعمة.
ويمكن أن أجعل عذر الندوي في عدم الإتيان بتلك الإلهامات التي نزلت على الغلام كلها- أجعله عذراً لي، وذلك في قوله عن الغلام:
((ثم ذكر الشيء الكثير من إلهاماته مما يطول نقله وتثقل قراءته على القارئ الأديب، إلا أننا نقتصر على مثالين من هذه الإلهامات الطريفة)) (1) .
ثم ذكر مثالين منها يكفيان القارئ الحُكم على الغلام، ومدى ما وصل إليه من استهتار بكتاب الله وسنة نبيه، بل وبعقول الناس، بل وبعقله أيضاً هو؛ حيث جاء بكلام لا يفهمه حتى هو فضلاً عن غيره، فمما أورد الغلام في
(1) القادياني والقاديانية ص45.
كتابه ((براهين أحمدية)) قوله: ((لقد أُلهِمْتُ آنفا وأنا أعلق هذه الحاشية، وذلك في شهر مارس عام 1882م ما نصه حرفياً: ((يا أحمد، بارك الله فيك، ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى. الرحمن علم القرآن، لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم، ولتستبين سبيل المجرمين، قل إني أمرت وأنا أول المؤمنين، قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً، كل بركة من محمد صلى الله عليه وسلم فتبارك من علم وتعلم
…
)) إلى أن يقول: ((يقولون أنى لك هذا، أنَّى لك هذا، إن هذا إلى قول البشر، وأعانه عليه قوم آخرون (1)
…
)) إلى أن يقول: ((إني رافعك إلي وألقيت عليك محبة مني، لا إليه إلا الله، فاكتب وليطبع (كذا) وليرسل في الأرض، خذوا التوحيد التوحيد يا أبناء الفارس (كذا)
…
أصحاب الصفة، وما أدراك ما أصحاب الصفة
…
) إلى أن يقول:
((قيل ارجعوا إلى الله فلا ترجعون. وقيل استحوذوا فلا تستحوذون، ولا يخفى على الله خافية، ولا يصلح شيء قبل إصلاحه ومن رد من مطبعه، (كذا) فلا مرد له)) (2) .
وأكتفي بذكر هذه النصوص عن الوحي الذي يزعمه، ولكن من الأنفع للقارئ أن يقف على جملة الإلهام أو الوحي الذي نزل على الغلام في آخر كتابه ضميمة الوحي؛ ليقف عليه القارئ وليرى مقدار ما وصل إليه هذا الشخص في إقدامه على التلاعب بكتاب الله عز وجل، وليرى الوقاحة التامة
(1) لقد صدق في هذا؛ فإن هذا الخلط والتكسير للآيات الكريمة من وضعه، وأعانه عليه الحكيم نور الدين البهيروي.
(2)
هذا تخويف لأصحاب المطابع ألا يردوا أي كتاب يصل إليهم من الغلام دون طياعته، كما ذكر الندوي.
التي اتصف بها هذا الرجل وعدم خوفه عاقبة أكاذيبه.
وليرى كذلك جملة من الكلام الركيك والهذيان الفاحش والفكر الناقص المضطرب الذي تحدى به البشر.
وكتاب الغلام أو رسالته التي جعلها بعد ذلك ملحقة بكتابه ((براهين أحمدية)) وضميمة له، صاغها على طريقة القرآن الكريم في قصر الآيات وطريقة الوقوف على رأس كل آية. ثم خلط بين آيات متباعدة دون رابط مع تبديل كلمات القرآن بكلمات من عنده أحياناً، وتحريف لألفاظ القرآن أحياناً أخرى، مع الجسارة التامة على التلاعب بترتيب الآيات ونطقها وتبديل ما شاء وترك ما يشاء.
وليقف كذلك على جهل الغلام بخالق السموات والأرض وبدائيته في ذلك؛ حيث لفق 97 صفحة ليضاهي بها القرآن الكريم (1) .
وقد تحدى الغلامُ البشر أن يأتوا بصفحات من مثل كلامه الذي هو كالقرآن فقال يرد على الذين يقولون إن كلامه مسروق وليس بإلهام من الله:
((ووالله إنه ظل القرآن ليكون آية لقوم يتدبرون. أتقولون سارق فأتوا بصفحات مسروقة كمثلها في التزام الحق والحكمة إن كنتم تصدقون)) (2) .
هذا وهو القائل:
((ألا لعنة الله على من افترى على الله أو كذّب الصادقين، وكل من كذّب
(1) انظر لذلك: كتاب الغلام براهين أحمدية 3/239- 242، 4/509، ص554-556، نقلاً عن القادياني والقاديانية ص42-44.
(2)
ضميمة الوحي ص 10.
الصادق أو افترى جمعهم الله في نار أعدت لهم وليسوا منها بخارجين، قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين)) (1) .
وبعد أن تحدى الغلام البشر أن يأتوا بصفحات من مثل الوحي الذي جاءه، عاد وتحدى البشر أن يأتوا بآية من تلك الآيات التي تلقاها عن الله تعالى قائلاً ومقسماً:((ووالله لو اجتمع أولهم وآخرهم وخواصهم وعوامهم ورجالهم ونسائهم ما استطاعوا أن يأتوا بآية كما نعطى من ربنا، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً)) (2)، ومن أقوى ما أوحي إليه هذا الكلام: ((فروا من مائدة الله ورغفانها وانتشروا، وبقيت الخِوَانُ على مكانها، وآثروا عصيدة الدنيا وتحلبت لها أفواههم وتلمظت لها شفاههم
…
)) (3) إلخ. فمن يستطيع أن يأتي بمثل هذا غيره؟!.
وقد ذكر أن من الأدلة على نبوته أنه كان قد نقش في خاتمه: ((أليس الله بكاف عبده يا أهل الآراء)) (4) قبل أن يخبره الله بأنه نبي فاعجب لهذا الدليل أيها العاقل! وذكر أن الخاتم مضى عليه أكثر من ثلاثين سنة ولا يزال محفوظاً لديه، فضلاً من الله ورحمة، ومع هذا الفضل من الله عليه فقد سجل على نفسه أنه كان يكتم بعض الوحي؛ خوفاً من الحكومة، فقد نبأه الله أن رجلاً من أعدائه اسمه سعد الله سيموت، فأراد أن ينشر هذا الإلهام فثناه عنه وكيله فقال:
((فأردت أن أفصله في كلامي وأشيع ما صنع الله بذلك الفتان..فمنعني
(1) ضميمة الوحي ص 11.
(2)
ضميمة الوحي ص 24.
(3)
المصدر السابق ص41.
(4)
ضميمة الوحي ص 31.
من ذلك وكيل كان من جماعتي، وخوفني من إرادة إشاعتي وقال: لو أشعتها لا تأمن مقت الحكام ويجرك القانون إلى الآثام
…
وليست الحكومة تارك المجرمين)) (1) .
فكيف بكتم الوحي لئلا يكون مجرماً أمام الحكومة، وصدق الله:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً} سورة النساء: 82.
ومن إلهاماته الأخرى هذه العبارات:
1.
إني ألهِمْتُ إن شاء الله (2) .
2.
إني ألهِمْتٌ رجل معقول (3) .
3.
إني ألهِمْتُ الأسف كل الأسف (4) .
4.
إني إلهِمتُ جوهدري رستم (5) علي.
5.
فراش العيش (6) .
6.
أنت مني بمنزلة أولادي (7) .
(1) ضميمة الوحي ص 39.
(2)
البشرى للغلام 2/65، ماهي القاديانية؟ .
(3)
المصدر السابق ص84.
(4)
مجموعة إلهامات الغلام - البشرى 2/71، عن القاديانية.
(5)
البشرى ص94، ماهي القاديانية؟ .
(6)
البشرى ص88، ماهي القاديانية؟ .
(7)
((أربعين)) حاشية ص23، القاديانية دراسة وتحليل.