المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خيركم من تعلم القرآن وعلمه: - فضائل القرآن لابن كثير

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المحقق

- ‌ترجمة الحافظ ابن كثير رحمه الله

- ‌وصف نسخ الكتاب الخطية:

- ‌صور من الأصول

- ‌كتاب فضائل القرآن:

- ‌جمع القرآن:

- ‌كتابة عثمان رضي الله عنه للمصاحف:

- ‌ذكر كتاب النبى صلى الله عليه وسلم:

- ‌تأليف القرآن:

- ‌القراء من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم:

- ‌نزول السكينة والملائكة عند القراءة:

- ‌من قال: لم يترك النبى صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدَّفتين:

- ‌فضل القرآن على سائر الكلام:

- ‌الوصاة بكتاب الله:

- ‌مَنْ لم يتغنَّ بالقرآن:

- ‌اغتباط صاحب القرآن:

- ‌خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ:

- ‌القراءة عن ظهر قلب:

- ‌استذكار القرآن وتعاهده

- ‌القراءة على الدابة:

- ‌تعلُّم الصبيان القرآن:

- ‌نسيان القرآن، وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا؟ وقول الله: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ}

- ‌من لم ير بأسا أن يقول: سورة البقرة وسورة كذا وكذا:

- ‌الترتيل في القراءة:

- ‌مد القراءة:

- ‌الترجيع:

- ‌حُسْنُ الصَّوْتِ بِالقِرَاءَةِ:

- ‌مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ القِرَاءَةَ مِنْ غَيْرِهِ:

- ‌قول المقرئ للقارئ: حَسْبُكَ:

- ‌في كَمْ يُقْرَأُ القُرْآنُ:

- ‌البكاء عند قراءة القرآن:

- ‌اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم:

- ‌كتاب الجامع لأحاديث شتَّى تتعلق بتلاوة القرآن وفضائله وفضل أهله:

- ‌ذكر الدعاء المأثور لحفظ القرآن وطرد النسيان:

- ‌ الفهارس:

الفصل: ‌خيركم من تعلم القرآن وعلمه:

‌خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ:

حدَّثَنَا1 حجاج بن منهال، ثنا شعبة، أخبرنى علقمة بن مرثد، سمعت سعد بن عبيدة، عن أبى عبد الرحمن، عن عثمان بن عفان -رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ". وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان -رضى الله عنه- حتى كان الحجاج، قال، وذلك الذى أقعدنى مقعدى هذا.

وقد أخرج الجماعة هذا الحديث، سوى مسلم من رواية شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عُبَيْدة، عن أبي عبد الرحمن؛ وهو عبد الله ابن حبيب السلمى رحمه الله.

وحَدَّثَنَا2 أبو نعيم، ثنا سفيان، عن عقلمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمى، عن عثمان بن عفان -رضى الله عنه- قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ".

1 البخاري في "فضائل القرآن""9/ 74".

وأخرجه أبو داود "1452"، والنسائي في "فضائل القرآن""61"، والترمذي "2907"، والدارمي "2/ 314"، وأحمد في "المسند""1/ 58"، وفي "الزهد""366"، وخَلْقٌ كثير من طريق شعبة بسنده سواء. وأخرجه النسائي "62"، والترمذي "5/ 174"، وابن ماجه "211"، وأحمد "1/ 69" من طريق يحيى القطان، ثنا شعبة وسفيان معًا، عن علقمة ابن مرثد، عن سعد بن عُبَيْدَةَ، عن أبى عبد الرحمن السلمي، عن عثمان.

2 البخاري في "فضائل القرآن""9/ 74".

وأخرجه النسائي في "الفضائل""63"، والترمذي "2908"، وأحمد "1/ 57" وغيرهم من طرق عن سفيان الثوري بسنده سواء.

ص: 205

وهكذا رواه الترمذى والنسائى وابن ماجه من طرق، عن سفيان، عن علقمة، عن أبى عبد الرحمن من غير ذكر سعد بن عبيدة، كما رواه شعبة ولم يختلف عليه فيه.

وهذا المقام مما حكم لسفيان الثورى فيه على شعبة، وخطَّأَ بندار يحيى1 بن سعيد فى روايته ذلك عن سفيان، عن عقلمة، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، وقال: رواه جماعة من أصحاب سفيان عنه بإسقاط سعد بن عبيدة، ورواية سفيان أصح.

وفى هذا المقام المتعَلِّق بصناعة الإسناد طول، لولا الملالة لذكرناه، فيما ذكر كفاية وإرشاد إلى ما ترك، والله أعلم.

والغرض أنه عليه الصلاة والسلام قال: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ" ، وهذه صفات المؤمنين المتبعين للرسل، وهم الكُمَّلُ فى أنفسهم المُكَمِّلِينَ لغيرهم، وذلك جمع بين النفع القاصر والمتعدى، وهذا بخلاف صفة الكفار الجبارين الذين لا ينفعون ولا يتركون أحدًا ممن أمكنهم أن ينتفع، كما قال تعالى:{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: 88]، وكما قال تعالى:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [الأنعام: 26]، فى أصحِّ قولى المفسرين فى هذا: هو أنهم ينهون الناس عن اتباع القرآن، مع نأيهم وبعدهم عنه أيضًا، فجمعوا بين التكذيب والصدِّ، كما قال تعالى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا} [الأنعام: 157] فهذا شأن شرار الكفار، كما أن شأن الأخيار الأبرار أن يتكمَّل فى نفسه، وأن يسعى في تكْمِيلِ غيره، كما قال

1 كلَّا! لم يخطئ يحيى القطان في روايته، وقد استوفيت تخريج الحديث، وتعليله، وترجيح الراجح في "تسلية الكظيم"، فلله الحمد.

ص: 206

-عليه السلام: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ"، وكما قال تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33] ، فجمع بين الدعوة إلى الله، سواء كان بالأذان أو بغيره من أنواع الدعوة إلى الله تعالى؛ من تعليم القرآن والحديث والفقه، وغير ذلك مما يبتغى به وجه الله، وعمل هو فى نفسه صالحًا، وقال قولاً صالحًا أيضًا، فلا أحد أحسن حالاً من هذا، وقد كان أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمى الكوفى أحد أئمة الإسلام ومشايخهم ممن رَغَّبَ فى هذا المقام، فقعد يعلِّمُ الناس من إمارة عثمان إلى أيام الحجاج.

1 [قالوا: وكان مقدار ذلك الذى مكث يعلم فيه القرآن سبعين سنة] 1، رحمه الله "وأثابه"2، وآتاه ما طلبه ورامه، آمين.

3 [ثم قال البخارى4: حدَّثَنا عمرو بن عون، ثنا حمَّاد بن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: أتَتِ النبي صلى الله عليه وسلم امرأة، فقالت: إنها قد وهبت

"1-1" سقط من سياق "أ" واستدرك في الحاشية.

2 ساقط من "جـ".

3 من أول هنا إلى آخر الفصل ساقط من "جـ".

4 في "فضائل القرآن""9/ 74".

وأخرجه مالك "2/ 526/ 8" و"1/ 572 -رواية أبي مصعب"، والبخاري "4/ 486، 9/ 78، 131، 175، 180، 181، 188، 190، 191، 198، 205، 216 و10/ 322-323 و13/ 402 فتح"، ومسلم "1425/ 77"، وأبو داود "2111"، والنسائي "6/ 123"، والترمذي "1114"، وابن ماجه "1889"، والدارمي "2/ 65-66"، وأحمد "5/ 330، 336"، وغيرهم من طرق عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، وقال الترمذي:"حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ص: 207

نفسها لله ولرسوله، فقال:"ما لي فى النساء من حاجة"، فقال رجل: زوجنيها؟ قال: "أعطها ثوبًا"، قال: لا أجد، قال:"أعطها ولو خاتما من حديد"، فاعتل له، فقال:"ما معك من القرآن"؟ قال: كذا وكذا، قال:"قد زوجتكها بما معك من القرآن".

وهذا الحديث متفق على صحة إخراجه من طرق عديدة.

والغرض منه الذى قصده البخارى: أن هذا الرجل تعلَّم الذى تعلَّمه من القرآن، وأمره النبى صلى الله عليه وسلم ان يُعَلِّمَ تلك المرأة، ويكون ذلك صداقا لها على ذلك، وهذا فيه نزاع بين العلماء: هل يجوز أن يجعل "مثل هذا"1 صداقًا؟ أو هل يجوزك أخذ الأجرة على تعليم القرآن؟ وهل هذا كان خاصا بذلك الرجل؟ وما معنى قوله عليه السلام: "زوجتكها بما معك من القرآن"؛ أى: بسبب ما معك، كما قاله أحمد بن حنبل: نكرمك بذلك أو يعوض ما معك، وهذا أقوى؛ لقوله فى صحيح مسلم:"فعلمها"، وهذا هو الذى أراده البخاري ههنا، وتحرير باقى الخلاف مذكور فى باب النكاح والإجارات، وبالله المستعان] 2.

1 بياض في "أ".

2 إلى هنا انتهى السقط الذي نبهنا عليه آنفًا.

ص: 208