المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر كتاب النبى صلى الله عليه وسلم: - فضائل القرآن لابن كثير

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المحقق

- ‌ترجمة الحافظ ابن كثير رحمه الله

- ‌وصف نسخ الكتاب الخطية:

- ‌صور من الأصول

- ‌كتاب فضائل القرآن:

- ‌جمع القرآن:

- ‌كتابة عثمان رضي الله عنه للمصاحف:

- ‌ذكر كتاب النبى صلى الله عليه وسلم:

- ‌تأليف القرآن:

- ‌القراء من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم:

- ‌نزول السكينة والملائكة عند القراءة:

- ‌من قال: لم يترك النبى صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدَّفتين:

- ‌فضل القرآن على سائر الكلام:

- ‌الوصاة بكتاب الله:

- ‌مَنْ لم يتغنَّ بالقرآن:

- ‌اغتباط صاحب القرآن:

- ‌خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ:

- ‌القراءة عن ظهر قلب:

- ‌استذكار القرآن وتعاهده

- ‌القراءة على الدابة:

- ‌تعلُّم الصبيان القرآن:

- ‌نسيان القرآن، وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا؟ وقول الله: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ}

- ‌من لم ير بأسا أن يقول: سورة البقرة وسورة كذا وكذا:

- ‌الترتيل في القراءة:

- ‌مد القراءة:

- ‌الترجيع:

- ‌حُسْنُ الصَّوْتِ بِالقِرَاءَةِ:

- ‌مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ القِرَاءَةَ مِنْ غَيْرِهِ:

- ‌قول المقرئ للقارئ: حَسْبُكَ:

- ‌في كَمْ يُقْرَأُ القُرْآنُ:

- ‌البكاء عند قراءة القرآن:

- ‌اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم:

- ‌كتاب الجامع لأحاديث شتَّى تتعلق بتلاوة القرآن وفضائله وفضل أهله:

- ‌ذكر الدعاء المأثور لحفظ القرآن وطرد النسيان:

- ‌ الفهارس:

الفصل: ‌ذكر كتاب النبى صلى الله عليه وسلم:

‌ذكر كتاب النبى صلى الله عليه وسلم:

وأورد فيه من حديث الزهري، عن ابن السباق، عن زيد بن ثابت، أن أبا بكر الصديق قال له: وكنت تكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر نحو ما تقدَّمَ فى جمعه القرآن، وقد تقدَّمَ. وأورد حديث زيد1 بن ثابت فى نزول {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ، ولم يذكر البخارى أحدًا من الكتاب فى هذا الباب سوى زيد بن ثابت،

1 صحيح.

أخرجه البخاري "6/ 45 و8/ 259"، والنسائي "6/ 9-10"، والترمذي "3033"، وأحمد "5/ 184"، وابن الجارود في "المنتقى""1034" من طريق صالح بن كيسان، عن الزهري، قال: حدثني سهل بن سعد، قال: رأيت مروان بن الحكم جالسًا في المسجد، فأقبلت حتى جلست إليه، فأخبرنا عن زيد بن ثابت قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه "لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله"، قال: فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها علي، فقال: يا رسول الله، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت -وكان رجلًا أعمى، فأنزل الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفخذه على فخذي، فثقلت حتى خِفْتُ أن تَرُضَّ فخذي، ثم سري عنه، فأنزل الله عز وجل:{ْغَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ، وقد توبع صالح بن كيسان، عن الزهري به. أخرجه النسائي.

وخالفهما معمر بن راشد، فرواه عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، عن زيد بن ثابت.

أخرجه أحمد "5/ 184"، قال: حدثنا عبد الرزاق، ثنا معمر.

ويظهر لي أن الوجهين محفوظان، والله أعلم.

ص: 93

وهذا عجب، وكأنه لم يقع له حديث يورده سوى هذا، والله أعلم. وموضع هذا فى كتاب السيرة عند ذكر كتابه -عليه "الصلاة"1 والسلام.

ثم قال البخارى2 رحمه الله: "أنزل القرآن على سبعة أحرف".

حدثنا سعيد بن عفير، ثنا الليث، حدثنى عقيل عن ابن شهاب قال: حدثنى عبيد الله بن عبد الله، أن عبد الله بن عباس حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أقرأنى جبريل عليه السلام على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزديني حتى انتهى إلى سبعة أحرف".

وقد رواه أيضًا فى "بدء الخلق"، ومسلم من حديث يونس، ومسلم أيضًا عن معمر، كلاهما عن الزهري بنحوه.

1 ساقط من "جـ" و"ط" و"ل".

2 في "صحيحه""9/ 23-فتح".

وأخرجه أيضًا في "بدء الخلق""6/ 305"، ومسلم "819/ 272"، وأحمد في "مسنده""1/ 263-264، 299، 313"، وعبد الرزاق "ج11/ رقم 20370"، وابن جرير "1/ 14"، والطحاوي في "المشكل""4/ 190"، وأبو الفضل الزهري في "حديثه""ج1/ ق49/ 1"، والطبراني في "الصغير""1/ 35"، والبيهقي في "الكبرى""2/ 384"، وفي "الصغرى""1001"، وفي "الشعب""ج5/ رقم 2075"، والخطيب في "تاريخه""4/ 305"، والبغوي في "شرح السنة""4/ 501" من طرق عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس مرفوعًا فذكره.

ورواه عن الزهري: "يونس بن يزيد، ومعمر بن راشد، وعقيل بن خالد، ومحمد بن عبد الله ابن أخي الزهري".

ص: 94

ورواه ابن جرير من حديث الزهرى به.

ثم قال الزهرى: بلغنى أن تلك السبعة الأحرف إنما هى فى الأمر الذي يكون واحدا؛ لا يختلف فى حلال ولا فى حرام، وهذا مبسوط فى الحديث الذى:

رواه الإمام أبو عبيد1 القاسم بن سلام حيث قال: حدَّثَنا يزيد ويحيى بن سعيد، كلاهما عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، عن أبى بن كعب قال: ما حك فى صدرى شىء منذ أسلمت، إلا أننى قرأت آية وقرأها آخر غير قراءتى، فقلت: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أقرأتنى آية كذا وكذا؟ قال:"نعم"، وقال الآخر: أليس تقرئنى آية كذا وكذا؟ قال: "نعم"، فقال:"إن جبريل وميكائيل أتيانى، فقعد جبريل عن يمينى، وميكائيل عن يسارى، فقال جبريل: أقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، وكل حرف كاف ٍشافٍ".

وقد رواه النسائى2 من حديث يزيد -وهو ابن هارون، ويحيى

1 في "فضائل القرآن""ص201".

2 في "المجتبى""2/ 154" قال: أخبرني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى القطان.

وأخرجه في "الفضائل""11" قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال، أنا يزيد بن هارون، كلاهما عن حميد الطويل، بسنده سواء.

وأخرجه أحمد "5/ 114، 122" حدثنا يحيى القطان، وابن أبي شيبة "10/ 517"، وعبد بن حميد "164"، وابن حبان "737" والضياء في "المختارة""1129""1130"، والبيهقي في "السنن الصغرى""3010" عن يزيد بن هارون، كلاهما عن حميد الطويل به.

ص: 95

ابن سعيد القطان، كلاهما عن حميد الطويل، عن أنس، عن أبى بن كعب بنحوه.

وكذا رواه1 ابن أبي عدي "ومحمد"2 بن ميمون الزعفراني، ويحيى بن أيوب، كلهم عن حميد به.

وقال ابن3 جرير: ثنا محمد بن مرزوق، ثنا أبو الوليد، ثنا حماد

1 أخرجه ابن جرير "26" قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي، وحدَّثَنا أبو كريب، قال: حدثنا محمد بن ميمون الزعفراني، جميعًا عن حميد بسنده سواء.

وهذه الأسانيد كلها صحاح.

وأخرجه عبد الله بن أحمد "5/ 122"، والطحاوي في "المشكل""4/ 189"، وابن أبي حاتم في "العلل""ج2/ رقم 1745"، وابن جرير "27" من طرقٍ أخرى عن حميد الطويل به، ورواه عن حميد:"بشر بن المفصل، ومعتمر بن سليمان، وعبد الله بن بكر السهمي، ويحيى بن أيوب"، قلت: فقد رواه عن حميد الطويل: "يحيى القطان، ويزيد بن هارون، وبشر ابن المفضل، ويحيى بن أيوب، وعبد الله بن بكر السهمي، ومعتمر بن سليمان، وابن أبي عدي، ومحمد بن ميمون" ثمانيتهم، عن حميد، عن أنس، عن أُبَيِّ بن كعب.

وخالفهم حماد بن سلمة، فرواه عن حميد الطويل، عن أنس، عن عبادة بن الصامت، عن أُبَيِّ بن كعب، فذكره. ويأتي الكلام عليه.

2 في "أ": "محمود"! وهو خطأ.

3 في "تفسيره""28".

وأخرجه أحمد "5/ 114"، وابن حبان "742"، وتمام الرازي في "الفوائد" =

ص: 96

ابن سلمة، عن حميد، عن أنس، عن عبادة بن الصامت، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" ، فأدخل بينهما عبادة بن الصامت.

وقال الإمام أحمد1 بن حنبل رحمه الله: حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل بن أبى خالد، حدثني عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن

= "1706"، والطحاوي في "المشكل""4/ 182"، وابن عدي "2/ 679" من طرق عن حماد بن سلمة عن حميد الطويل، عن أنس، عن عبادة بن الصامت، عن أُبَيّ بن كعب، فذكره، فزاد في الإسناد "عبادة بن الصامت"، ولعل هذا مما وَهِمَ فيه حماد، وكان تَغَيَّرَ حفظه قليلًا، ويؤيده إيراد ابن عدي للحديث في ترجمته، ولم أجد من تابعه مع مخالفة هذا الجمع.

وذكر أبو حاتم -كما في "العلل""1745"- رواية حماد من غير ترجيح، فإن كان يرجح روايته على زهير، فلم يتفرد زهير به، فتابعه من قدمنا ذكرهم، وهم أكثر عددًا وأشد إتقانًا، والله أعلم.

1 صحيح.

أخرجه أحمد "5/ 127" قال: حدثنا يحيى بن سعيد، بسنده سواء. وأخرجه مسلم "820/ 273"، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند""5/ 128، 129"، وكذا ابن جرير "30، 31، 32"، وابن أبي شيبة "10/ 516"، وابن حبان "740"، والخطَّابي في "الغريب""1/ 587"، والبيهقي "2/ 383-384"، والبغويّ في "شرح السنة""4/ 503، 504" من طرق، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب، فذكره.

ورواه عن إسماعيل بن أبي خالد: "وكيع، ويحيى القطان، وابن نمير، ومحمد بن بشر، ومحمد بن يزيد الواسطي، وخالد بن عبد الله، ومحمد بن فضيل، ومحمد بن عبيد".

ص: 97

بن أبى ليلى، عن أُبَيِّ بن كعب، قال: كنت فى المسجد، فدخل رجل، فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فقمنا جميعا فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل هذا فقرأ "غير"1 قراءة صاحبه، فقال لهما النبى صلى الله عليه وسلم:"اقرءا"، فقرأ فقال:"أصبتما" ، فلما قال لهما النبي صلى الله عليه وسلم الذى قال، كَبُرَ عليَّ ولا إذا كنت فى الجاهلية، فلما رأى الذي غشينى ضرب فى صدرى، ففضت عرقا، وكأنما أنظر إلى الله فرقا، فقال:"يا أُبَيّ، إن الله أرسل إليَّ أن اقرأ القران على حرف، فرددت إليه أن هون على أمتي، فأرسل إليَّ أن أقرأه على حرفين، فرددت إليه أن هَوّن على أمتي، فأرسل إلي أن أقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة تسألنيها"، قال: قلت: "اللهم اغفر لأمتى، اللهم اغفر لأمتى، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق حتى إبراهيم عليه السلام".

وهكذا رواه مسلم من حديث إسماعيل بن أبى خالد به.

وقال ابن جرير: حَدَّثَنَا أبو كريب، ثنا محمد بن فضيل، عن اسماعيل بن أبى خالد، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبى ليلى، عن أبيه عن جده، عن أُبَيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أمرنى أن اقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: خفف " عن"2 أمتى، فقال: اقرأه على حرفين، فقلت: رب خفف "عن"2 أمتى، فأمرنى أن أقرأه على سبة أحرف من سبعة أبواب الجنة، كلها شافٍ كافٍ".

وقال ابن3 جرير:.............

1 في "أ": "سوى".

2 في "جـ": "على".

3 في "تفسيره""رقم 38". =

ص: 98

"حدَّثنا"1 يونس عن ابن وهب، أخبرنى هشام بن سعد، عن عبيد الله

= وصرَّحَ المصنِّف بصحة سنده، ولكن قال إبراهيم الحربي -كما في "التهذيب" "7/ 40":"لم يدرك عبيد الله عبد الرحمن بن أبي ليلى"، فأجاب عنه الشيخ العلامة أبو الأشبال رحمه الله بقوله:"وأنا أرجح أن هذا خطأ من الحربي؛ فإن عبد الرحمن مات سنة "82" أو "83"، وعبيد الله مات سنة "144" أو "145" فالمعاصرة ثابتة، وهي كافية في إثبات اتصال الرواية، إذا لم يكن الراوي مدلسًا، وما كان عبيد الله ذلك قط، ولذلك جزم ابن كثير بصحة الإسناد". أ. هـ.

قلت: لا يتم لك الأمر إلّا إذا أثبت أن عبيد الله عمر، وقد صرَّح الذهبي في "السير" "6/ 304":"أن عبيد الله ولد بعد السبعين أو نحوها"، فمن المحتمل أن يكون في أول السبعين أو في آخرها، وعلى أي تقدير فيكون تجاوز العاشرة بسنين قليلة، سنتين أو ثلاثة، وهذا وإن كان أدرك الزمان، لكن لعل الحربي قصد "إدراك السماع"، فإذا أضفت إلى هذا أن عبد الرحمن كوفيّ، وعبيد الله مدنيّ، ويبعد أن يرحل ابن عشر سنين أو فوقها بقليل لطلب الحديث، ترجَّح لك كلام الحربي، ثم فوق كل هذا، فإن هشام بن سعد قد خولف في روايته عن عبيد الله بن عمر، خالفه المعتمر بن سليمان، قال: سمعت عبيد الله بن عمر، عن سيار أبي الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره. أخرجه ابن جرير "39" قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، ثنا المعتمر.

فخالفه المعتمر في موضعين: الأول: أنه أثبت الواسطة بين عبيد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى وهو يؤيد كلام الحربي في الانقطاع.

الثاني: أنه أرسله، ورواية المعتمر أرجح، فهو أوثق من هشام بن سعد، بل تكلَّم أحمد وابن معين والنسائي في حفظ هشام وضعَّفوه، ومشَّاه غيرهم؛ فتصحيح المصنف للإسناد لا يخفى ما فيه. والله تعالى أعلم.

1 في "أ": "حدثني".

ص: 99

بن عمر، عن عبد الرحمن بن أبى ليلى، عن أُبَيّ بن كعب أنه قال: سمعت رجلا يقرأ فى سورة النحل قراءة تخالف قراءتى، ثم سمعت آخر يقرؤها بخلاف ذلك، فانطلقت بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إنى سمعت هذين يقرآن في سورة النحل، فسألت: من أقرأهما؟ فقالا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: لأذهبن بكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ خالفتما ما أقرأنى رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحدهما:"أقرأ" فقرأ، فقال:"أحسنت"، ثم قال للآخر:"اقرأ" ، فقرأ، فقال:"أحسنت".

قال أُبَيّ: فوجدت فى نفسى وسوسة الشيطان حتى احمرَّ وجهى، فعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وجهى، فضرب يده فى صدرى، ثم قال:"اللهم أخسئ الشيطان عنه، يا أبى، أتانى آتٍ من ربى فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف " عن أمتى"1، ثم أتانى الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على "حرفين"2، فقلت: رب خفف عن أمتى، ثم أتانى الثالثة فقال مثل ذلك، وقلت مثل ذلك، ثم أتانى الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة، فقال: "يا رب اللهم اغفر لأمتي، يا رب اغفر لأمتى، واختبأت الثالثة شفاعة لأمتى يوم القيامة". إسناد صحيح.

"قلت": هذا الشك الذى حصل لأُبَيّ فى تلك الساعة هو -والله أعلم- السبب الذى لأجله قرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة "إبلاغ وإعلام"3

1 في "جـ": "عني".

2 في "جـ": "حرف واحد" وهو سبق قلم.

3 في "أ": "إعلام وإبلاغ".

ص: 100

ودواء لما كان حصل له سورة {لَمْ يَكُنِ " الَّذِينَ كَفَرُوا "1 " مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ " 2} إلى آخرها، لاشتمالها على قوله:{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً 2 فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} ، وهذا نظير تلاوته سورة الفتح حين أنزلت مرجعه "عليه السلام"3 من الحديبية على عمر بن الخطاب، وذلك لما كان تقدم له من الأسئلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، "ثم"4 لأبي بكر الصديق، وفيها قوله تعالى:{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] .

وقال ابن5 جرير: حدثنا محمد بن مثَّنى، ثنا محمد بن جعفر، ثنا

1 ساقط من "أ".

2 ساقط من "ط".

3 ساقط من "أ".

4 في "أ": "و".

5 صحيح، وهو في "تفسيره""رقم35".

وأخرجه مسلم "821/ 274"، وأبو داود "1478"، والنسائي "2/ 152-153"، وأحمد "5/ 127-128"، والطيالسي "558"، وأبو عبيد "ص202"، والهيثم بن كليب في "مسنده""1455، 1456"، والطحاوي في "المشكل""4/ 191"، وابن جرير "36، 37"، والبيهقي "2/ 384"، وفي الأسماء "1/ 411" من طرق عن شعبة بسنده سواء. وتابعه محمد بن جحادة، عن الحكم بن عتيبة بسنده سواء.

أخرجه ابن حبان "738"، والطبري "34، 46"، والطبراني في "الكبير""ج1/ رقم 535"، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند""5/ 128"، وابن عبد البر في "التمهيد""8/ 287"، والهيثم بن كليب "1457" ووقع في "المسند": "قال عبد الله: حدثني أبي، ثنا جعفر بن مهران السباك

إلخ". =

ص: 101

شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن أبى ليلى، عن أُبَيّ بن كعب، أن رسول الله كان عند أضاة بنى غفار، فأتاه جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف، قال:"أسأل الله معافاته ومغفرته؛ فإن أمتى لا تطيق ذلك"، قال: ثم أتاه الثانية، فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين، قال:"أسأل الله معافاته ومغفرته؛ ان أمتى لا تطيق ذلك"، ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبة أحرف، فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا.

وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائى من رواية شعبة به.

وفى لفظ لأبى1 داود عن أُبَيّ بن كعب قال: قال "لى"2 رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أقرئت القرآن،.................

= كذا! وذكر "أحمد بن حنبل" في السند خطأ؛ لأن أحمد لم يرو شيئًا عن جعفر بن مهران، إنما ذكروا في ترجمته أن عبد الله بن أحمد هو الذي يروي عنه. والله أعلم.

ثم رأيت الحديث في "جزء الألف دينار""رقم 28" لأبي بكر القطيعي فرواه عن عبد الله بن أحمد، عن جعفر بن مهران، ونبَّه على هذا الخطأ صاحبنا الشيخ بدر البدر، جزاه الله خيرًا.

وتوبع الحكم بن عتيبة، تابعه بكير بن الأخنس، عن مجاهد به مختصرًا، أخرجه أبو الشيخ في "الطبقات""228" من طريق الأعمش عن بكير.

1 أخرجه أبو داود "1477" من طريق سليمان بن صرد، عن أبى بن كعب، ويأتي تخريجه قريبًا.

2 ساقط من "أ".

ص: 102

" فقيل "1 لي: على حرف أو حرفين؟ فقال الملك الذى معى: قل على حرفين، فقيل لى: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذى معى: قل على ثلاثة حتى بلغ سبعة أحرف، ثم قال: ليس منها الا شافٍ كافٍ، ان قلت: سميعا عليما عزيزا حكيما ما لم تخلط آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب".

وقد روى ثابت2 بن قاسم نحوا من هذا عن أبى هريرة3 عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن كلام ابن مسعود نحو ذلك.

وقال الإمام4 أحمد: حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن

1 في "جـ": "قيل".

2 كذا في "الأصول" كلها، وليس هو -كما يتابدر- التابعيّ الذي يروي الحديث عن أبي هريرة، ولكنه كما يبدو لي أحد العلماء المصنفين، وقد روى الحديث بسنده إلى أبي هريرة في "مصنفه"، ويقع لي -والله أعلم- أنه:"قاسم بن ثابت السرقسطي" صاحب كتاب "الدلائل" في غريب الحديث، فلعل اسمه انقلب على المصنف أو الناسخ، فإن كان ذلك كذلك، وإلا فليحرر. والعلم عند الله تعالى.

3 حَسَنٌ.

أخرجه أحمد "2/ 232، 440"، وابن أبي شيبة "10/ 516"، وابن حبان "743"، والبزار "ج3/ رقم 2313"، والطبري "8، 9" من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا:"أنزل القرآن على سبعة أحرف، حكيمًا، عليمًا، غفورًا، رحيمًا". قال ابن حبان: "حكيمًا عليمًا غفورًا رحيمًا: قول محمد بن عمرو، أدرجه في الخبر، والخبر إلى سبعة أحرف". وسنده حسن، ويأتي الكلام عن طرقه قريبًا إن شاء الله.

4 في "مسنده""5/ 132".

وأخرجه ابن أبي شيبة "10/ 518"، وابن حبان "739"، وابن جرير =

ص: 103

عاصم، عن زِرٍّ عن أُبَيّ قال: لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المِرَا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل:"إنى بعثت إلى أمة أميين، فيهم الشيخ العاميّ، والعجوز الكبيرة والغلام"، فقال: مرهم فليقرءوا القرآن على سبعة أحرف.

وأخرجه الترمذى من حديث عاصم بن أبى النجود، عن زِرٍّ،1 [عن "أبي"2 به؛ وقال:"حسن صحيح". وقد رواه.....

= "29"، وأبو الفضل الزهري في "حديثه""ج3/ ق73/ 2"، من طريق زائدة بن قدامة بسنده سواء. وتابعه شيبان بن عبد الرحمن، عن عاصم ابن أبي النجود به.

أخرجه الترمذي "2944"، والضياء في "المختارة""1168" من طريق الحسن بن موسى، نا شيبان بسنده سواء، وقال الترمذي:"حسن صحيح"، وتابعه عبيد الله بن موسى، وأبو النضر هاشم بن القاسم، كلاهما عن شيبان بسنده سواء.

أخرجه الهيثمي بن كليب في "مسنده""1480، 1481"، ووقع عنده في رواية أبي النضر، قال:"نا أبو معاوية، عن عاصم"، وأبو معاوية هذا ليس هو الضرير محمد بن خازم، بل هو شيبان بن عبد الرحمن وهذه كنيته. والله أعلم. واختلف على شيبان كما يأتي.

وقد توبع شيبان؛ تابعه أبو عوانة الوضّاح اليشكري فرواه عن عاصم، بسنده سواء أخرجه الضياء في "المختارة""1169".

وتابعهما حمَّاد بن سلمة، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن أُبَيٍّ بن كعب، فذكره. أخرجه الطيالسي "543". واختلف فيه على حماد، كما يأتي إن شاء الله تعالى.

1 ما بين المعكوفين ساقط من "أ".

2 وقع في "الأصول": "ابن مسعود" وهو خطأ، فلم يقع في "الترمذي" حديث ابن مسعود هذا؛ نعم أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" "8/ =

ص: 104

أبو عبيد1، عن أبي النضر، عن شيبان، عن عاصم بن أبى النجود، عن زِرٍّ] 2، عن حذيفة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقى جبريل عند احجار المِرَا، فذكر الحديث.

وهكذا رواه الإمام3 أحمد، عن.............

= 289" من طريق يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا شيبان عن عبد الرحمن أبو معاوية، عن عاصم بن أبى النجود، عن زِرٍّ، عن عبد الله قال: أتيت المسجد فجلست إلى ناسٍ وجلسوا إلي

وذكر حديثًا فيه أنهم اختلفوا في القراءة.

وهذا لونٌ آخر من الاختلاف في إسناده ومتنه، فهل وَهِمَ يحيى بن أبي بكير على شيبان فيه؟ أو لعله من سوء حفظ عاصم، وهذا أقوى. والمحفوظ أنَّ هذا يرويه الأعمش وأبو بكر بن عياش، وإسرائيل بن يونس وغيرهم عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله، وليس فيه ذكر الأحرف السبعة.

أخرجه أحمد "1/ 419، 421"، وابن حبان "746، 747"، والطبري "13"، والآجري في "الشريعة""ص69"، والحاكم "2/ 223-224" وصححه. وأصله في "البخاري" من حديث النزال بن سبرة، عن ابن مسعود. والله أعلم.

1 في "فضائل القرآن""ص202-203".

فهكذا رواه أبو النضر هاشم بن القاسم، عن شيبان.

وخالفه عبيد الله بن موسى والحسن بن موسى الأشيب، فروياه عن شيبان، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن أبي بن كعب، وقد مَرَّ ذكره آنفًا، وكلهم من الثقات الأثبات، فيترجح لي أن الاضطراب من عاصم بن أبي النجود، وعندي أنه من "مسند أُبَيّ بن كعب" أشبه؛ لكثرة الطرق بذلك. والله أعلم.

2 إلى هنا انتهى السقط الذي بدأ من الصفحة السابقة.

3 في "مسنده""5/ 391، 400" قال: حدثنا عفان بإسناده سواء =

ص: 105

"عفان"1، عن حماد، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن حذيفة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لقيت جبريل عند أحجار المِرَا، فقلت: يا جبريل، إني أرسلت إلى أمة أمية، الرجل والمرأة والغلام والجارية، والشيخ العامي الذي لم يقرأ كتابا قط"، فقال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف.

وقال أحمد2 أيضًا: حدثنا وكيع وعبد الرحمن، عن سفيان، عن

= وأخرجه الطبراني في "الكبير""ج3/ رقم3019" قال: حدثنا محمد بن العباس المؤدب، ثنا عفان بن مسلم بسنده سواء.

وتابعه عبد الصمد بن عبد الوارث، وهدبة بن خالد، ومنصور بن سقير، كلهم عن حماد بن سلمة بسنده سواء.

أخرجه أحمد "5/ 405-406"، والبزار "ج3/ رقم 2310"، والطحاوي في "المشكل""4/ 182"، وابن قانع في "معجم الصحابة""1/ 37/ 1".

وخالفهم جميعًا أبو داود الطيالسي، فرواه في "مسنده""543" عن حماد ابن سلمة بسنده سواء، لكنه جعله عن "أُبَيّ بن كعب" وهم يترجَّحون عليه في حماد، لا سيما "عفان بن مسلم"، هذا إن لم يكن الإضطراب فيه من عاصم كما سبق ذكره، والله أعلم.

وقال البزار: "هكذا رواه حماد بن سلمة، ورواه أبو معاوية عن عاصم عن زِرٍّ عن أُبَيّ بن كعب". فكأنما يشير إلى أن الوهم فيه من حماد وليس من الرواة عنه، وأبو معاوية الذي أشار البزار إلى روايته هو -عندي- شيبان بن عبد الرحمن، مع أن هذه الكنية إذا أطلقت عني بها "الضرير محمد بن خازم"، لكني لم أجد له رواية عن عاصم بن بهدلة، مع شهرة رواية شيبان لهذا الحديث، فهذا هو الذي حدا بي أن أرجح هذا الرأي. والله أعلم.

1 ساقط من "جـ" و"ل".

2 في "مسنده""5/ 385، 401" ولم يجمع الإمام حديث شيخيه في =

ص: 106

إبراهيم بن مهاجر، عن ربعيّ بن حراش، قال: حدثني من لم يكذبني -"يعني"1 حذيفة- قال: لقى النبى صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المِرَا، فقال: ان أمتك يقرءون القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منهم فليقرأ كما علم ولا يرجع عنه، وقال عبد الرحمن: إن من أمتك الضعيف؛ فمن قرأ على حرف فلا يتحول عنه إلى غيره رغبة عنه.

هذا إسناد صحيح، ولم يخرجوه.

"حديث آخر" فى معناه عن سليمان بن صرد، قال ابن2 جرير:

= سياق واحد، إنما فرَّقه، وهذا الجمع من تصرف المصنِّف رحمه الله.

وهذا إسناد رجاله ثقات، إلّا إبراهيم بن مهاجر، فقد ليَّنه أكثر النقاد، فتصحيح المصنف لإسناده لا يخفى ما فيه، أما الهيثمي فقال في "المجمع" "7/ 151":"رواه أحمد وفيه راوٍ لم يسم"! وهذا وَهْمٌ عجيب، أظنه بسبب عجلة الهيثمي النظر في السند، فقد وقع في السند: "

ربعي بن حراش، حدثني من لم يكذبني -يني حذيفة". فلما وقع بصره على قوله:"من لم يكذبني" قال ما قال!! وقد علمت أنه سُمِّيَ، فرحمه الله تعالى.

1 ساقط من "أ".

2 في "تفسيره""رقم/ 21".

وأخرجه الطحاوي في "المشكل""4/ 189" قال: حدثنا فهد، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل بن بنت السدي بإسناده سواء.

وخالفه محمد بن جعفر الوركاني، فرواه عن شريك، عن أبي إسحاق، عن سليمان بن صرد، عن أُبَيّ بن كعب رفعه. أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند""5/ 125" عن الوركاني.

ورواية الوركاني أولى، فهو أوثق من إسماعيل بن موسى.

وقد توبع شريك على جعله من "مسند سليمان بن صرد"، فتابعه زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق عن سلميان بن صرد، قال: أتى محمدًا صلى الله عليه وسلم =

ص: 107

حدثنا إسماعيل بن موسى السدى، ثنا شريك عن أبى إسحاق، عن سليمان بن صرد يرفعه، قال:"أتانى ملكان فقال أحدهما: اقرأ، قال: "على كم"؟ قال: على حرف، قال: "زده، حتى انتهى إلى سبعة أحرف ".

ورواه النسائى1 فى "اليوم والليلة" عن عبد الرحمن بن محمد بن

= الملكان، ثم ذكر نحوه.

أخرجه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة""ج9/ ق118/ 2"، والطحاوي، في "المشكل""4/ 189" من طريق أبي نصر التمار، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة.

وتابعه عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا عبيد الله بن عمرو بسنده سواء. أخرجه الطبراني في "الأوسط" "1189" وقال الهيثمي "7/ 153":"رواه الطبراني وفيه جعفر، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"، ونسخة "المعجم الأوسط" وقع فيه سقط، فكان مما سقط:"عبد الله بن"، وبقي:"جعفر"؛ لذلك لم يعرفه الهيثمي رحمه الله.

ولكن خالفهما العوام بن حوشب، فرواه عن أبي إسحاق، عن سليمان بن صرد، عن أُبَيّ بن كعب، فذكره. ويأتي الكلام عليه، إن شاء الله تعالى.

1 أخرجه النسائي في "اليوم والليلة""671" قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام، قال: حدثنا إسحاق الأزرق، حدثنا العوام بسنده سواء.

هكذا رواه إسحاق الأزرق، حدثنا العوام بسنده سواء.

هكذا رواه إسحاق الأزرق، فجعل العوام بن حوشب متابعًا لشريك وزيد بن أبي أنيسة على جعل الحديث من "مسند سليمان بن صرد".

وخالفه يزيد بن هارون، فرواه عن العوام بن حوشب، قال: حدثني أبو إسحاق الهمداني، عن سليمان بن صرد، عن أُبَيّ بن كعب، فذكره. فجعله من "مسند أبي بن كعب".

أخرجه النسائي "670" أيضًا، قال: أخبرنا أبو داود، قال: حدثنا يزيد، وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل""ص201"، وأحمد بن منيع في "مسنده" -كما في "إتحاف المهرة""ق229/ 1"، ومن طريقه أبو القاسم البغوي =

ص: 108

سلام، عن اسحاق الأزرق، عن العوام بن حوشب، عن أبى إسحاق، عن سليمان بن صرد، قال: أتى أُبَيّ بن كعب رسول الله صلى الله عليه وسلم برجلين اختلفا فى القراءة، فذكر الحديث.

وهكذا رواه أحمد بن منيع، عن يزيد بن هارون، عن العوام1 [ابن حوشب به.

ورواه أبو عبيد، عن يزيد بن هارون، عن العوام] 1، "عن"2 أبى اسحاق، عن سليمان بن صرد، عن أُبَيّ، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجلين فذكره.

وقال ابن جرير3: ثنا أبو كريب، ثنا يحيي بن آدم، ثنا إسرائيل، عن

= في "معجم الصحابة" ج9/ ق118/ 1"، والضياء في "المختارة" "1176"، وابن الأعرابي، ومن طريقه الخطابي في "الغريب" "1/ 587"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 188".

وهذا الوجه أشبه، وإسحاق الأزرق، وإن كان ثقة مأمونًا، فقد قال ابن سعد:"ربما غلط"، ويحتمل أن يصح الوجهان معًا كما أشار إلى ذلك المصنف رحمه الله، ويكون الحديث بـ "أُبَيّ بن كعب" أشهر وأكثر. والله أعلم.

"1-1" ساقط من "أ".

2 في "جـ": "ابن". وهو خطأ.

3 في "تفسيره""رقم/ 25".

وأخرجه أبو عبيد "ص202"، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند""5/ 124"، والهيثم بن كليب في "مسنده""1439" وابن عبد البر في "التمهيد""8/ 285-286" وابن عساكر "ج2/ ق592" من طرق عن إسرائيل بن يونس بسنده سواء.

وسقير -ويقال: صقير- قال فيه الحسيني: "مجهول"، فردَّ عليه الحافظ في "التعجيل" "385" قائلًا: "ولم يصب في ذلك، فقد ذكروه في حرف =

ص: 109

أبى إسحاق عن فلان العبدى -قال ابن جرير: ذهب عنى اسمه- عن سليمان بن صرد، عن أبى بن كعب، قال: رحت إلى المسجد فسمعت رجلا يقرأ، فقلت: من أقرأك؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: استقرئ هذا، قال: فقرأ، فقال:"أحسنت". قال1: [قلت: إنك اقرأتنى كذا وكذا، فقال: "وأنت قد أحسنت". "قال: قلت"2 قد أحسنت! قد أحسنت! قال] 1: فضرب بيده على صدرى ثم قال: "اللهم أذهب عن أُبَيّ الشك". قال: ففضت عرقا، وامتلأ جوفى فرقًا، قال: ثم قال: "إن الملكين أتياني، فقال أحدهما: اقرأ القرآن على حرف، وقال الآخر: زده"، قال:"قلت: "زدنى" ، فقال: اقرأه على حرفين، حتى بلغ سبعة أحرف، اقرأه على سبعة أحرف".

وقد رواه أبو عبيد عن حجَّاج، عن إسرائيل، عن أبى اسحاق،

= الصاد المهملة، ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم فيه قدحًا، وذكره ابن حبان في "الثقات""4/ 385"". أ. هـ.

قلت: وما ذكره ابن حجر لا يخرجه عما قاله الحسيني كما لا يخفى، فأما ابن حبان فخطته معروفة، وأما تبييض البخاري وابن أبي حاتم للراوي فليس أمارة توثيق؛ لأن البخاري قد يبيض للراوي، ويضعفه في "ضعفائه"؛ وأما ابن أبي حاتم فقد صرَّح في مطلع "كتابه" أنه يبيض للراوي إذا لم يعلم فيه شيئًا. والله الموفق.

وهذا الوجه أيضًا من وجوه الاختلاف على أبي إسحاق في إسناده، ولعله منه فقد كان حفظه تغير، ونازع الذهبي في اختلاطه، ولعل هذا الوجه هو أشبه الوجوه كلها لمكان إسرائيل بن يونس من جده، وملازمته إياه. والله أعلم.

1 ساقط من "أ" وفي "ط": "فقلت".

2 ساقط من "جـ".

ص: 110

عن "سقير"1 العبدى، عن سليمان بن صرد، عن أُبَيّ2 [عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك.

ورواه أبو3 داود عن أبى الوليد الطيالسى، عن همام، عن قتادة، عن يحيى بن يَعْمَر، عن سليمان بن صرد، عن أُبَيّ] 2 بن كعب بنحوه.

فهذا الحديث محفوظ من حيث الجملة عن أُبَيّ بن كعب، والظاهر أن سليمان بن صراد الخزاعى شاهد ذلك، والله أعلم.

"حديث آخر عن أبي بكرة":

قال الإمام4 أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن

1 في "أ": "ستير"!

"2-2" ساقط من سياق "أ"، وقيد بخطٍّ دقيق في الحاشية.

3 في "سننه""1477".

وأخرجه أحمد "5/ 124" وابنه في "زوائد المسند"، والطحاوي في "المشكل""4/ 189"، والبيهقي في "الكبرى""2/ 384"، وفي "الصغرى""1009"، والضياء في "المختارة""1173-1175" من طرق عن همام ابن يحيى، عن قتادة، عن يحيى بن يعمر، عن سليمان بن صرد، عن أُبَيّ بن كعب فذكره. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.

4 في "مسنده""5/ 41".

وأخرجه أحمد أيضًا "5/ 51"، والطحاوي في "المشكل""4/ 191" من طريق عفان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة به، وتابعه زيد بن الحباب، عن حماد.

أخرجه ابن أبي شيبة "10/ 517"، وابن جرير "40، 47".

وتوبع حماد بن سلمة. تابعه عبد الوارث بن سعيد، عن علي بن زيد به. أخرجه مسدد بن مسرهد في "مسنده"- كما في "إتحاف المهرة" "ق299/ 1"- قال: ثنا عبد الوارث، وعزاه الهيثمي في "المجمع""7/ 151" للطبراني، وقال:"فيه علي بن زيد بن جدعان، وهو سيء الحفظ، وقد تُوبع، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح". أ. هـ.

ص: 111

سلمة، عن على بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبى بكرة عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أتانى جبريل وميكائيل عليهما السلام، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف واحد، فقال ميكائيل: استزده، قال: اقرأ القرآن على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ، ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب برحمة".

وهكذا رواه ابن جرير عن أبى كريب، عن زيد بن الحباب، عن حمَّاد بن سلمة به.

وزاد فى آخره: "كقولك هَلُمَّ وتعال".

"حديث آخر عن سَمُرَة":

قال الإمام1 أحمد: حدثنا بَهْزٌ وعفَّانٌ، كلاهما عن حمَّاد بن سلمة،

1 في "مسنده""5/ 16، 22" ورواية بهز وعفان وقعت في "المسند" مفرقة في موضعين، وهذا الجمع بينهما من صنيع المصنِّف -رحمه الله تعالى، ولم يصب في صنيعه هذا؛ فإن رواية بهز بن أسد عن حماد:"سبعة أحرف"، ورواية عفان عنه:"ثلاثة أحرف"، فقد اختلفا في هذا الحرف؛ فلا يصحُّ جمع روايتهما في سياق واحد. والله أعلم.

وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل""ص203"، وابن أبي شيبة "10/ 517"، وتمام الرازي في "الفوائد""742"، والبزار "ج3/ رقم 2314"، والطبراني في "الكبير""ج7/ رقم 6853"، وابن عدي في "الكامل""2/ 679"، والحاكم "2/ 223"، والطحاوي في "المشكل""4/ 195" من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سَمُرَة =

ص: 112

.....................................................................

= مرفوعًا: "أنزل القرآن على ثلاثة أحرف".

ورواه عن حمَّاد هكذا: "حجاج بن منهال، وعفان بن مسلم" وخالفهما بهر -كما تقدم- فقال: "سبعة أحرف".

قال البزار: "لا نعلم يُروى هذا اللفظ إلّا عن سمرة، ولا رواه عن قتادة إلّا حماد".

وقال الحاكم: "قد احتجَّ البخاري برواية الحسن عن سمرة، واحتج مسلم بأحاديث حماد بن سلمة، وهذا الحديث صحيح، وليس له علة"، ووافقه الذهبي! كذا قالا! وقد قال الذهبي في "السير" "4/ 588":"قال قائل: إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن: "عن فلان"، وإن كان مما قد ثبت لُقِيُّه فيه لـ" فلان" المعين؛ لأن الحسن معروف بالتدليس، ويدَّلس عن الضعفاء، فيبقى في النفس من ذلك، فإننا وإن ثبتنا سماعه من سمرة، يجوز أن يكون لم يسمع منه غالب النخسة التي عن سمرة، والله أعلم". أ. هـ. وأما ما ذكره الحاكم من احتجاج البخاري برواية الحسن، عن سَمُرَة، فالجواب عنه:

أن البخاري روى في "كتاب العقيقة""9/ 590- فتح" عن حبيب بن الشهيد قال: "أمرني ابن سيرين أن أسال الحسن: ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته، فقال: من سمرة بن جندب". أ. هـ.

قلت: فهذا ما وقع في "البخاري" فأين الاحتجاج، ومما يقوِّي أن البخاري لم يحتج بهذه الترجمة: أنه لم يسق الحديث، سلَّمنا أنه احتج بهذا الحديث، فالأمر بالنسبة إلى المدلس مختلف عن البريء منه. والله أعلم. ولعل المصنف اعتمد على تصحيح الحاكم، وقد بينَّا ما فيه، والصواب أن الحديث منكر، مخالف لسائر الأحاديث عن الصحابة في أن الحروف "سبعة"، وأورد الحديث ابن عدي في ترجمة "حماد بن سلمة" إشارة منه إلى نكارته، ووافقه الذهبي فأورده في "الميزان". والله أعلم.

وقد خولف قتادة فيه، خالفه ميمون أبو حمزة فرواه عن الحسن البصري، =

ص: 113

أنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أنزل القرآن على سبعة أحرف".

إسنادٌ صحيح، ولم يخرجوه.

"حديث آخر عن أبى هريرة":

قال الإمام1 أحمد: ثنا أنس بن عياض، حدثني أبو حازم، عن

= عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ".

أخرجه الطبراني في "الأوسط""ج2/ ق72/ 2" من طريق شجاع بن الوليد ثنا أبو خيثمة، عن أبي حمزة عن الحسن، فذكره. وقال:"لم يرو هذا الحديث عن ميمون أبي حمزة إلا أبو خيثمة، تفرد به شجاع". وقال الهيثمي "7/ 153": "فيه ميمون أبو حمزة، وهو متروك".

1 في "مسنده""2/ 300".

وأخرجه النسائي في "الفضائل""118"، وابن حبان "74"، وابن جرير "7"، وأبو يعلى في "مسنده""ج1م رقم 6016"، والخطيب في "تاريخ بغداد""11/ 26" من طرق عن أنس بن عياض بسنده سواء. وإسناده صحيح.

وتابعه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا:"أنزل القرآن على سبعة أحرف، حكيمًا عليمًا، غفورًا رحيمًا". لفظ ابن حبان.

أخرجه أحمد "2/ 332، 440"، وابن أبي شيبة "10/ 516"، وابن حبان "743"، والبزار "ج3/ رقم 2313"، والطبري "8، 9"، وأبو الفضل الزهري في "حديثه""ج6 ق105/ 2"، وابن عبد البر في "التمهيد""8/ 284"، والبيهقي في "السنن الصغرى""1007" من طرق عن محمد بن عمرو به.

وقال ابن حبان: "حكيمًا، عليمًا، غفورًا، رحيمًا" قول محمد بن =

ص: 114

...............................................................................

= عمرو أدرجه في الخبر، إلى "سبة أحرف" فقط. أ. هـ.

وقال الهيثمي في "المجمع""7/ 151": "رواه أحمد بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح".

وأخرجه الحاكم "2/ 223"، والطبراني في "الأوسط""2499"، والآجري في "الشريعة""ص67"، وأبو نعيم في "الحلية""8/ 212-213"، وابن بطة في "الإبانة""1042" من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا: $"المِرَاءُ في القرآن كفر". وهذا سند حسن.

وله طريق آخر عن أبي هريرة.

أخرجه الطبري "45"، وابن عبد البر في "التمهيد""8/ 288" من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعًا:"إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ولا حرج، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة". وقد رواه عن إسماعيل هكذا: "عمرو بن عثمان العثماني، وإسماعيل بن إسحاق". ورواه إسماعيل القاضي مرة، وإسحاق بن سويد الرملي، وسهل بن زنجلة، وأيوب بن سليمان بن بلال، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن عجلان، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود مرفوعًا:"أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن".

أخرجه ابن حبان "75"، وأبو يعلى "ج9/ رقم 5403"، والبزار "ج3/ رقم 2312"، والطبراني في "الكبير""ج/ رقم 10090"، والبيهقي في "الصغرى""1008".

قال البزار: "لم يروه هكذا غير الهجري، ولا روى ابن عجلان عن الهجري غيره، ولا نعلمه من طريق ابن عجلان إلّا من هذا الوجه".

فلعلَّ هذا الاضطراب من إسماعيل بن أبي أويس، وقد توبع في الجملة على =

ص: 115

أبى سلمة لا أعلمه إلا عن أبى هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"نزل القرآن على سبعة أحرف، مراءٌ فى القرآن كفرٌ -ثلاث مرات- فما علمتم منه فاعملوا، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه". ورواه النسائى عن قتيبة، عن أبي ضَمْرَة أنس بن عياض به.

"حديث آخر عن أم أيوب":

قال الإمام1 أحمد: حدثنا سفيان، عن عبيد الله -وهو ابن أبى يزيد- عن أبيه، عن أم أيوب -يعنى امرأة أبى أيوب- الأنصارية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أُنزل القرآن على سبعة أحرف، أيها قرأت أجزاك".

= الوجه الأول.

فأخرجه الطحاوي في "المشكل""4/ 184" من طريق عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

وهذا سند حسن. أما الوجه الثاني، فأخرج الطبري "11" قال: حدثا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، قال: حدثنا سفيان، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود مرفوعًا فذكر مثله. وسنده واهٍ، وابن حميد متروك، لكنه توبع، فأخرجه الخطيب في "الموضح""1/ 379" من طريق عمرو بن عليّ، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان بسنده سواء.

1 في "مسنده""6/ 433، 462-463".

وأخرجه ابن أبي شيبة "10/ 515-516"، والحميدي "338"، ابن جرير "20، 23"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""3320"، والطحاوي في "المشكل""4/ 183" من طريق سفيان بن عيينة بإسناده سواء، وهذا سند حسن. وتابعه أبو الربيع السمان، قال: حدثني عبيد الله بن أبي يزيد بسنده سواء. أخرجه ابن جرير "24"، وأبو الربيع السمان متروك.

ص: 116

وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أحدٌ من أصحاب الكتب الستة.

"حديث آخر عن أبى جُهَيْمٍ":

قال أبو عبيد1: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن يزيد بن خصيفة، عن

1 في "فضائل القرآن""ص202".

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير""4/ 1/ 262"، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده""490/ 1- زوائده"، والبيهقي في "الشعب""2069"، والبغوي في "شرح السنة""4/ 505-506" من طريق إسماعيل بن جعفر، عن يزيد بن خصيفة، عن مسلم بن سعيد، عن أبي جهيم، فذكره.

ورواه عن إسماعيل بن جعفر، هكذا:"علي بن حجر، وعاصم بن علي، وأبو عبيد"، وخالفهم خالد بن القاسم المدائني فرواه عن إسماعيل بن جعفر، أنبأ يزيد بن خصيفة، عن بُسر بن سعيد مولى الحضرميين، عن أبي جُهَيْم الأنصاري، فذكره. فجعل شيخ يزيد هو "بسرًا" لا "مسلمًا".

أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده""490/ 1"، لكن خالد بن القاسم كذَّبه إسحاق بن راهويه. وقال يعقوب بن شيبة:"تركه الناس أجمع، وكان علي بن المديني حسن الرأي فيه"، وقد خولف فيه إسماعيل بن جعفر في إسناده على الوجه الأول.

خالفه سليمان بن بلال، فرواه يزيد بن خصيفة، عن بسر بن سعيد، عن أبي جهيم به.

أخرجه أحمد "4/ 169-170"، والطبري "41"، وابن عبد البر في "التمهيد""8/ 282"، والطحاوي في "المشكل""4/ 183".

ولعل هذا الاختلاف من يزيد بن خصيفة، فهو وإن كان ثقة إلّا أن أحمد قال في رواية:"منكر الحديث"، وقد خولف فيه كما يأتي، وزعم المعلق على "تهذيب الكمال""32/ 173" أن هذا لم يثبت عن أحمد، ولم يُبْدِ حجة سوى قوله:"فيما أرى"! وبأن أحمد قال: "لا أعلم إلا خيرًا"، وهذا القول لا يمنع أن يكون لأحمد فيه قول آخر، والله أعلم. وقد رجَّح المصنِّف رواية سليمان بن بلال وصحَّحَ الإسناد لذلك.

ص: 117

مسلم بن سعيد مولى الحضرَمِيّ -وقال غيره: عن بُسْر بن سعيد- عن أبي جُهَيْم الأنصارى، أن رجلين اختلفا فى آية من القرآن، كلاهما يزعم أنه تلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشيا جميعا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أبو جُهَيْم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن هذا القرآن " نزل "1 على سبعة أحرف، فلا تماروا؛ فإن مِراءً فيه كفرٌ".

وهكذا رواه أبو عبيد على الشك.

وقد رواه الإمام أحمد على الصواب، فقال: حدثنا أبو سلمة الخزاعى، ثنا سليمان بن بلال، حدثنى يزيد بن خُصَيْفَة، أخبرني بُسْر بن سعيد، حدثني أبو جُهَيْمٍ أن رجلين اختلفا فى آية من القرآن، قال هذا: تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال هذا: تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألا النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"القرآن يُقْرَأُ على سبعة أحرف، فلا تماروا فى القرآن، فإن مراء في القرآن كفرٌ".

وهذا إسناد صحيح أيضًا، ولم يخرجوه.

ثم قال أبو عُبَيْد2: حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن

1 في "1": "أنزل".

2 في "فضائل القرآن""ص202"، وعبد الله بن صالح كاتب الليث فيه مقال شهير، لكنه كان من ألزم الناس لِلَّيْث، لزمه عشرين سنة، ولم يتفرد به، فأخرجه أحمد "4/ 204، 205"، وابن أبي عمر في "مسنده" -كما في "إتحاف المهرة""ق230/ 1"، والبيهقي في "الشعب""ج5/ رقم 2070"- من طريق عبد الله بن جعفر، والدراوردي كلاهما عن يزيد =

ص: 118

يزيد بن الهاد، عن محمد بن ابراهيم، عن بُسْرِ بن سعيد، عن أبى قيس مولى عمرو بن العاص، أن رجلا قرأ آية من القرآن، فقال عمرو -يعني: ابن العاص: إنما هى كذا وكذا؛ بغير ما قرأ الرجل، فقال الرجل: هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتياه، فذكرا ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فأى ذلك قرأتم أصبتم، فلا تماروا فى القرآن، فإن مراء فيه كفرٌ".

ورواه الإمام أحمد، عن أبى سلمة الخزاعي، عن عبد الله بن جعفر ابن عبد الرحمن بن المسبور بن مخرمة، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة ابن الهاد، عن بُسْر بن سعيد، عن أبى قيس مولى عمرو بن العاص به نحوه، وفيه:"فإن المراء فيه كفر، إنه للكفر به".

وهذا أيضًا "حديث"1 جيد.

= ابن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن ابراهيم، عن بسر بن سعيد، عن أبى قيس مولى عمرو، عن عمرو بن العاص.

قال الحافظ في "الفتح""9/ 126": "إسناده حسن".

قلت: لكن خُولف محمد بن إبراهيم التَّيْمِيّ فيه، خالفه يزيد بن خُصَيْفَة وهو أوثق منه، فرواه عن بُسْرِ بن سعيد، عن أبي جُهَيْمٍ. وهذا أولى، والله أعلم. وأخرجه ابن أبي شيبة "10/ 528" قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن سعد مولى عمرو بن العاص، قال: تشاجر رجلان في آية، فارتفعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"لا تماروا فيه، فإن المراء فيه كفر".

وقال أبو حاتم في "العلل""ج2/ رقم 1782": "هذا وهمٌ، إنما رواه يزيد بن الهاد عن محمد بن ابراهيم التيمي، عن بُسْر بن سعيد، عن أبى قيس مولى عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم". أ. هـ.

1 ساقط من "أ" و"ط".

ص: 119

"حديث آخر عن ابن مسعود":

قال ابن1 جرير: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهب، أخبرني حَيْوَة بن شريح، عن عقيل بن خالد، عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه، عن ابن مسعود، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحِلُّوا حلاله وحرِّموا حرامه، وافعلوا ما أُمِرْتُم به، وانتهوا عما نُهِيتُم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا

1 في "تفسيره""رقم 67".

وأخرجه ابن حبان "745"، والطحاوي في "المشكل""4/ 184-185" وأبو نصر السجزي في "الإبانة" -كما في "الدر""2/ 6"، والهروي في "دم الكلام""ق62/ 2" -كما في "الصحيحة""587"، وابن عبد البر في "التمهيد""8/ 275"، والحاكم "1/ 553، 2/ 289-290"، وصحَّحَه ولم يوافقه الذهبي في الموضع الثاني، وتعقبه الحافظ -أعني: الحاكم- في "الفتح""9/ 29" وقال: "في تصحيحه نظر؛ لانقطاعه بين أبي سلمة وابن مسعود"، وسبقه ابن عبد البر والطحاوي إلى هذا الإعلال؛ فقال الأول في "التمهيد" "8/ 275":"وهذا حديث عند أهل العلم لا يثبت؛ لأنه يرويه حيوة عن عقيل، عن سلمة هكذا، ويرويه الليث عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سلمة بن أبي سلمة، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به". أ. هـ.

وقال الطحاوي: "فاختُلِفَ حيوة والليث على عقيل في إسناد هذا الحديث

قال: وكان أهل العلم بالأسانيد يدفعون هذا الحديث لانقطاعه في إسناده، ولأن أبا سلمة لا يتهيأ في سنه لقاء عبد الله بن مسعود ولا أخذه إياه عنه" فحاصل الكلام أن الحديث أُعِلَّ بعلتين: إحداهما الانقطاع، والثانية الإرسال. =

ص: 120

بمتشابه، وقولوا: آمنَّا به كلٌّ من عند ربنا".

ثم رواه1 عن أبى كريب، عن المحاربى عن ضمرة بن حبيب، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود من كلامه وهو أشبه، والله أعلم.

= والرواية المرسلة أخرجها الطحاوي في "المشكل"، والبيهقي في "المدخل" -كما في "البرهان في علوم القرآن""1/ 217" للزركشي، وقال -يعني: البيهقي: "هذا مرسل جيد، وأبو سلمة لم يدرك ابن مسعود"، وكذا نقله مختصرًا الحافظ في "الفتح""9/ 29"، وأخرجه الطبري في "الكبير""ج9/ رقم 8296"، وعنه الشجري في "الأمالي""1/ 87" من طريق عمار بن مطر، حدثنا ليث بن سعد، عن الزهري، عن سلمة بن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود: "إن الكتب كانت تنزل من السماء

" فذكر نحوه. وسنده ضعيف جدًّا، وعمار بن مطر، قال الذهبي: "هالك"، وبه أعله الهيثمي "7/ 153".

1 يعني ابن جرير "رقم 70"، وأخرجه ابن الضريس في "الفضائل""129" من هذا الوجه ورجاله ثقات، لكنه منقطع بين القاسم وابن مسعود، فلم يدركه، قال ابن المديني:"لم يلق القاسم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غير جابر بن سَمُرَة".

وأخرج البيهقي في "الشعب""ج5/ رقم 2095" من طريق معارك بن عباد، حدثني عبد الله بن سعيد المقبري، حدثني أبي، عن أبي هريرة مرفوعًا: "أعربوا القرآن واتبعوا غرائبه وفرائضه وحدوده، فإن القرآن نزل على خمسة أوجه

" وساقه بمثل كلام ابن مسعود.

وسنده ضعيف جدًّا، ومعارك ضعيف، وعبد الله بن سعيد متروك.

ثم رأيته في "الضعيفة""1346" لشيخنا الألباني حفظه الله، وضعفه جدًّا وعزاه لابن جبرون المعدل في "الفوائد العوالي""1/ 28/ 1"، والثقفي في "الثقفيات""ج9/ رقم 14" من طريق معارك بن عباد به.

ص: 121

فصل:

قال أبو عبيد1: قد تواترت هذه الأحاديث كلها على الأحرف السبعة، إلّا ما حدثنى عفَّان، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سَمُرَة بن جندب، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"نزل القرآن على " ثلاثة "2 أحرف".

قال أبو عبيد1: ولا نرى المحفوظ إلا السبعة؛ لأنها المشهورة، وليس معنى تلك السبعة أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه، وهذا شيء غير موجود، ولكنه عندنا أنه نزل سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف الواحد منها بلغة قبيلة، والثاني بلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما كذلك إلى السبعة، وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض، وذلك بين فى أحاديث تترى.

قال: وقد روى الكلبى3، عن أبى صالح، عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجر من هوازن.

قال أبو عبيد4: والعجر هم: بنو أسعد بن بكر، وخيثم بن بكر،

1 في "الفضائل""ص203"، ورواه عنه البيهقي في "الكبرى""2/ 385" و"الصغرى""1003".

2 في "الأصول": "سبعة" وهو سبق قلم من المصنِّف أو الناسخ.

3 انظر "فضائل القرآن" لأبي عبيد "ص204""التمهيد""8/ 280"، و"فتح الباري""9/ 26-27" وسنده ضعيف جدًّا، والكلبي هو محمد بن السائب، تالفٌ ألبتة.

4 في "الفضائل""ص204".

ص: 122

ونصر بن معاوية، وثقيف وهم علياء هوازن، الذين قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح العرب علياء هوازن، وسفلى تميم؛ يعنى: بنى دارم.

ولهذا قال1 عمر: لا يملى فى مصاحفنا إلا غلمان قريش أو ثقيف.2 [قال ابن3 جرير: "واللغتان الآخرتان قريش وخزاعه. رواه قتادة عن

1 أخرجه أبو عبيد في "الفضائل""ص204"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة""3/ 1014"، وابن أبي داود في "المصاحف""ص11"، والخطيب في "تاريخه""7/ 450" من طريق جرير بن حازم، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن معقل، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد خولف جرير بن حازم في إسناده.

خالفه شيبان بن عبد الرحمن وأبو عوانة فروياه عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سَمُرَة، عن عمر بن الخطاب به، وهذا أصحّ الأوجه.

أخرجه أبو عبيد "ص204" معلقًا، وابن أبي داود "ص11" وقال ابن كثير في "مسند عمر" "2/ 562":"إسناده صحيح".

وتابعهما جرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك، عن جابر، عن عمر.

أخرجه سعيد بن منصور في "تفسيره""419"، قال: نا جرير بن عبد الحميد، وخولف سعيد؛ خالفه الحسن بن هارون بن عفان ابن أخي سلمة بن عفان، قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سَمُرَة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يملين مصاحفنا إلا غلمان قريش وثقيف".

أخرجه الخطيب في "تاريخه""2/ 155، 7/ 449" من طريق أحمد بن محمد بن بشار بن أبي العجوز -وما كتبناه إلّا عنه- قال: أنبأنا الحسن بن هارون به، وقال الخطيب:"تفرَّدَ برفعه ابن أبي العجوز، وهو محفوظ من قول عمر بن الخطاب". أ. هـ.

وخلاصة البحث أن رفع هذا الحديث منكر. والله أعلم.

2 سقط من سياق "ط" وألحق بالهامش.

3 في "تفسيره""1/ 66"، ونقل المصنف عبارته بشيء من التصرف، وحديث قتادة عن ابن عباس أخرجه ابن جرير "65"، وأخرجه أبو عبيد "ص204" قال: وكذلك يحدثون عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عمن سمع ابن عباس فذكر نحوه، فهذا يؤيد كلام ابن جرير.

ص: 123

ابن عباس، لكن لم يلقه"] 1.

قال أبو عبيد2: وحدَّثَنَا هشيم، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عُبَيْد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس أنه كان يسأل عن القرآن فينشد فيه الشعر.

قال أبو عبيد: يعنى أنه كان يستشهد به على التفسير.

وحدَّثَنَا3 هشيم، عن أبى بشر، عن سعيد أو مجاهد، عن ابن عباس

1 ما بين المعكوفين ساقط من "ط" وألحق بالهامش.

2 في "الفضائل""ص205" وإسناده جيد.

وأخرجه ابن أبي شيبة "8/ 517-518 و10/ 474"، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، عن مسمع بن مالك اليربوعي، سمعت عكرمة، عن ابن عباس، فذكره، ومسمع بن مالك ترجمه ابن عساكر "ج16/ ل499-500" ولم يذكر فيه شيئًا يتعلق بروايته.

3 أخرجه أبو عبيد في "فضائله""ص205"، هكذا رواه هشيم بن بشير بالشك.

وأخرجه ابن جرير "30/ 76" من طريق شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عباس، فذكره.

وسنده صحيح، ووقع عند ابن جرير:"مستوسقات لو يجدن سائقًا"، وهذا عجز بيت، صدره:"إن لنا قلائصًا حقائقًا"، وعزاه ابن منظور في "لسانه""5/ 4837" للعجاج، وعزاه في "الدر المنثور""6/ 330" لابن صرمة، ومطلعه عنده:"إن لنا قلائصًا نقانقا".

ص: 124

في قوله: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} [الانشقاق: 17] قال: وما جمع، وأنشد:

قد اتسقن لو يجدن سائقا

حدثنا1 هشيم: أنا حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى:{فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 14] قال: الأرض.

قال: وقال ابن عباس: قال أمية بن أبى الصلت:

عندهم لحم بحر ولحم ساهرة

حدثنا يحيى2 بن سعيد، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر "عن مجاهد"3، عن ابن عباس قال: كنت لا أدرى ما فاطر السموات والأرض، حتى أتانى أعرابيان يختصمان فى بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أنا ابتدأتها. إسناد جيد أيضًا.

وقال الإمام أبو جعفر بن جرير الطبرى رحمه الله بعد ما أورد طرفا مما تقدَّم: "وصحَّ وثبت أن الذى نزل به القرآن من ألسن العرب،

1 أخرجه أبو عبيد "ص205" وهذا الشطر مكسور، وليس بموزون، ووقع في "اللسان" "3/ 2132": قال ابن عباس وأنشد:

وفيها لحم ساهرة وبحر

وما فاهوا به أبدًا مقيم

وأخرج ابن أبي شيبة "8/ 516، 10/ 475" عن الشعبي أنه أنشد في تفسير هذه الآية أبياتًا لأمية بن أبي الصلت:

وفيها لحم ساهرة وبحر.

2 أخرجه أبو عبيد أيضًا، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور""5/ 244" لعبد ابن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر، والبيهقي في "الشعب"، وإبراهيم بن مهاجر فيه ضعف من قبل حفظه.

3 ساقط من "أ".

ص: 125

البعض منها دون الجميع1؛ إذ كان معلوما أنَّ ألسنتها ولغاتها أكثر من سبع بما يعجز عن إحصائه".

ثم قال: "وما برهانك على ما قلته دون أن يكون معناه ما قاله مخالفوك؛ من أنه نزل بأمر وزجر وترغيب وترهيب وقصص ومَثَلٍ، ونحو ذلك من الأقوال، فقد علمت قائل ذلك عن سلف الأمة وخيار الأئمة؟ قيل له: إن الذين قالوا ذلك، لم يدعوا أن تأويل الأخبار التى تقدم ذكرها هو ما زعمت أنهم قالوه في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن دون غيره، فيكون ذلك لقولنا مخالفا، وإنما أخبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف؛ يعنون بذلك أنه نزل على سبعة أوجه، والذى قالوا من ذلك كما قالوا، وقد روينا بمثل الذى قالوا من ذلك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن جماعة من الصحابة، من أنه نزل من سبعة أبواب الجنة كما تَقَدَّمَ".

يعنى كما تَقَدَّمَ في رواية أُبَيّ بن كعب وعبد الله بن مسعود، أن القرآن نزل من سبعة أبواب الجنة.

قال ابن جرير: والأبواب السبعة من الجنة هى المعانى التى فيها من الأمر والنهى، والترغيب والترهيب، والقصص والمثل، التى إذا عمل بها العامل، وانتهى إلى حدودها المنتهى، استوجب به الجنة.

ثم بسط2 القول فى هذا بما حاصله أن الشارع رخَّصَ للأمة التلاوة على سبعة أحرف.

ثم لما رأى الامام أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضى الله عنه- إختلاف الناس فى القراءة، وخاف من تفرق كلمتهم، جمعهم على حرف

1 في "أ": "الجمع".

2 "1/ 57-67" فأطنب وأطاب -رحمه الله تعالى، ورضي عنه.

ص: 126

واحد، وهو هذا المصحف الإمام. قال: واستوسقت له الأمَّة على ذلك؛ بل أطاعت ورأت أن فيما فعله "من ذلك"1 الرشد والهداية، وتركت القراءة بالأحرف الستة التى عزم عليها إمامها العادل فى تركها، طاعة منها له، ونظرا منها لأنفسها ولمن بَعْدَهَا من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأمة معرفتها، "وتعفَّت"3 آثارها، فلا سبيل اليوم لأحد إلى القراءة بها؛ لدثورها وعُفُوّ آثارها، إلى أن قال:

فإن قال من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بقراءتها؟

قيل: ان أمره أياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفَرْضٍ، وإنما كان أمر إباحة ورخصة؛ لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم، لوجب أن يكون العمل بكل حرف من تلك الأحرف السبعة عند من تقوم بنقله الحجة، ويقطع خبره العذر، ويزيل الشك من قراءة الأمة، وفى تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا فى القراءة بها مخيَّرين، إلى أن قال: فأما ما كان من اختلاف القراءة فى رفع حرف ونصبه وجره، وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فعن معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف" بمعزل؛ لأن المِرَاءَ فى مثل هذا ليس بكفر فى قول أحد من علماء الأمة، وقد أوجب صلى الله عليه وسلم بالمراء فى الأحرف السبعة الكفر، كما تَقَدَّمَ3.

1 ساقط من "أ".

2 في "أ": "وانعفت".

3 هذا كله من كلام ابن جرير، لم ينقله المصنِّف بلفظه، بل تَصَرَّفَ فيه.

ص: 127

الحديث الثاني:

قال البخاري1 رحمه الله: حدَّثَنَا سعيد بن عفير، ثنا الليث، حدثنى عقيل، عن ابن شهاب قال:"أخبرنى"2 عروة بن الزبير، أن المسْوَر بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القارى حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة "رسول الله"3 صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره فى الصلاة، فتصبَّرت حتى سلَّم فلببتُه بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التى سمعتك تقرأ؟ "قال"4: اقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إنى سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروفٍ لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أرسله" 5 اقرأ يا هشام"، فقرأ عليه القراءة التى سمعته يقرأ، فقال صلى الله عليه وسلم: "كذلك أنزلت"، ثم قال: "اقرأ يا عمر" ، فقرأت القراءة التى أقرأنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذلك أنزلت، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منه".

وقد رواه الإمام6 أحمد والبخارى أيضًا ومسلم وأبو داود والنسائي

1 في "فضائل القرآن""9/ 23- فتح".

2 في "الصحيح": "حدثني".

3 في "أ": "النبي".

4 في "جـ" و"ط": "فقال".

5 ساقط من "أ".

6 في "مسنده""297".

أخرجه البخاري في "الفضائل""9/ 87" وفي "استتابة المرتدين" =

ص: 128

والترمذى من طرق عن الزهرى.

ورواه الإمام1 أحمد..........................................

= "12/ 303" معلقًا، وفي "التوحيد""13/ 520"، ومسلم "818/ 271"، والنسائي "2/ 151-152"، وابن أبي شيبة "10/ 517-518"، والطيالسي "ص9"، والطبري "15"، والطحاوي في "المشكل""4/ 185-186"، وأبو عبيد في "الفضائل""ص201"، وأبو القاسم الحنائي في "الفوائد" "ج1/ ق8/ 1-2" وقال:"هذا حديث صحيح"، والبيهقي في "الشعب""ج5/ رقم 2071".

وتابع عقيل بن خالد عليه: "يونس بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، وفُلَيْح بن سليمان، وعبد الرحمن بن عبد العزيز".

وتابعهم معمر بن راشد، فرواه عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن القاري والمسْوَر معًا، عن عمر.

أخرجه عبد الرزاق في "المصنَّف""ج11/ رقم 20369"، ومن طريقه مسلم "818/ 271"، والترمذي "2943"، وأحمد "278، 296"، والبيهقي "2/ 383".

وتابعه عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن المِسْوَر وحده، عن عمر.

أخرجه النسائي "2/ 150"، وأحمد "158".

1 في "مسنده""277".

وأخرجه البخاري في "الخصومات""5/ 73"، ومسلم "818/ 270"، والنسائي "2/ 150"، والشافعي في "الرسالة""752"، وفي "المسند""2/ 183-184"، وفي "السنن المأثورة""103- رواية الطحاوي"، وأبو عبيد في "الفضائل""200-201"، وأبو القاسم البغوي في "حديث مصعب بن الزبير""ق270/ 2"، وابن حِبَّان "741"، والطحاوي في "المشكل""4/ 185-186"، والآجري في "الشريعة" "ص69- =

ص: 129

"أيضًا"1 عن ابن مهدى، عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، عن عمر، فذكر الحديث بنحوه.

وقد قال الإمام2 أحمد: حدثنا عبد الصمد، ثنا حرب بن ثابت،

= 70"، وابن عبد البر في "التمهيد" "8/ 272"، والبغوي في "شرح السنة" "4/ 502" جميعًا من طريق مالك، وهو في "الموطأ" "1/ 201/ 5 -رواية يحيى" و"242 -رواية أبي مصعب" عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبد القاري وحده، عن عمر.

وأخرجه أبو الشيخ في "الطبقات""461"، ومن طريقه أبو نعيم في "أخبار أصبهان""1/ 212-213" من طريق عبد الله بن ميمون، ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، وعبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر مرفوعًا:"أُنْزِلَ القرآن على سبعة أحرف".

وأخرجه ابن جرير "17" من طريق عبد الله بن ميمون، ثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر وفيه قصة. وسنده ساقط، وعبد الله بن ميمون القداح ذاهبُ الحديث. قال الحاكم:"روى عن عبيد الله بن عمر أحاديث موضوعة".

1 ساقط من "جـ" و"ط" و"ل".

2 في "مسنده""4/ 30"، وأخرجه الطبري في "تفسيره""16" من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث بسنده سواء.

ووقع عند ابن جرير:

فوقع في صدر عمر شيء، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وجهه، قال: فضرب صدره وقال: "ابعد شيطانًا". قالها ثلاثًا. ثم قال: "يا عمر!

" فذكره، وقد خُولِفَ عبد الصمد في إسناده؛

خالفه موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حرب بن ثابت المنقري، قال: حدثني إسحاق الأنصاري، عن أبيه، عن جدِّه وكانت له صحبة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره. =

ص: 130

.............................................................................................

= أخرجه البغوي في "معجمه" -كما في "الكنز""1/ 618"- والبخاري في "التاريخ الكبير""1/ 1/ 382" وقال:

"وقال عبد الصمد: حدثنا حرب أبو ثابت، سمع إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه، عن جَدِّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وقال بعضهم: لُقِّن عبد الصمد، فقالوا: ابن عبد الله بن أبي طلحة، ولم يكن في كتابه "ابن عبد الله"، وقال الحسن بن علي: حدثنا يزيد بن هارون، عن حرب، عن إسحاق بن جارية، قال: لقيتُهُ بواسط القصب، أو كما قال". أ. هـ.

قلت: فالبخاري يشير إلى الاختلاف في نسب "إسحاق"، وكأن البخاري يرجح أنه "إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة"، فإنه نقلَ توهيم عبد الصمد بعبارة قلقة، فقال:"وقال بعضهم"، وفي ترجمة "حرب بن أبي حرب أبو ثابت" "2/ 1/ 62" قال:"وقال مسلم: حَدَّثَنَا حرب بن ثابت، سمع إسحاق بن عبد الله، حدثني إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الصمد، قال: حَدَّثَنَا حرب أبو ثابت، قال: حَدَّثَنَا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة. ويُقَالُ: إن هذا إسحاق ليس بـ "ابن أبي طلحة"، وَهِمَ فيه عبد الصمد من حفظه، وأصله صحيح". أ. هـ.

فقد استفدنا من ترجمة البخاري هذه أن عبد الصمد تُوبِعَ على جعله "إسحاق بن عبد الله"، تابعه مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وكأن البخاري يضعِّفُ دعوى توهيم عبد الصمد؛ إذ إنه نقله بلفظ "يقال" الذي يفيد التضعيف غالبًا.

وقد انفصل الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر رحمه الله على ذلك، لكنه فَهِمَ من قول البخاري:"واصله صحيح" أنه يعني صحة الحديث، فقال في تعليقه على "تفسير الطبري" "1/ 27":"وأصله صحيح، يعني: أصل الحديث، فهو تصريح منه بصحة الحديث، وبرفض قول هذا القائل الذي شك فيه". أ. هـ.

وما فهمه الشيخ أبو الأشبال بعيد، فإن معنى قول البخاري هنا:"وأصله صحيح" يعني "كتابه صحيح"، ثم إني أرجِّح الآن أن هذه الجملة =

ص: 131

ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة، عن أبيه عن جَدِّه، قال: قرأ رجل عند عمر، فَغَيَّرَ عليه، فقال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يُغَيِّرْ عليَّ، قال: فاجتمعا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ الرجل على النبى صلى الله عليه وسلم فقال له:"قد أحسنت"، قال: فكأن عمر وجد من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا عمر، إن القرآن كله صواب ما لم تجعل عذاب مغفرة، ومغفرة عذابا".

وهذا إسناد حسن. وحرب بن ثابت هذا يُكَنَّى بأبي ثابت، لا نعرف أحدًا جَرَّحَه.

وقد إختلف العلماء فى معنى هذه السبعة الأحرف وما أريد منها على أقوال.

= "وأصله صحيح"، ليست من قول البخاري، بل هي تتمة كلام صاحب المقالة التي مَرَّضَها البخاريُّ. فكأنه قال: إن عبد الصمد وَهِمَ في نسبه لمَّا حدَّث من حفظه؛ لأن كتابه -وهو أضبط من حفظه- ليس فيه "ابن عبد الله"، فالتعويل على كتابه الصحيح، وليس على حفظه. هذا ما ظهر لي. والله أعلم.

فالصواب أنه "إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة"، ولذلك أثبته الإمام أحمد في "مسند أبي طلحة الأنصاري" والحمد لله.

وقال الحافظ ابن كثير عَقِبَه:

"وهذا إسناد حسن، وحرب بن ثابت هذا يُكَنَّى بأبي ثابت، ولا نعرف أحد جَرَّحَه". أ. هـ.

قلت: وحرب هذا ذكره ابن حبان في "الثقات"، وترجمه البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه شيئًا، فالصواب أن السند ضعيف، والله أعلم. وقال الهيثمي في "المجمع" "7/ 151":"رجاله ثقات"!

ص: 132

قال أبو عبد الله محمد بن أبى بكر بن فَرْح الأنصاريُّ القرطبيُّ المالكيُّ فى "مقدمات تفسيره": وقد اختلف العلماء فى المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولاً، ذكرها أبو حاتم محمد بن حِبَّان البُسْتِيّ، ونحن نذكر منها خمسة أقوال.

"قلت": ثم سردها القرطبى وحاصلها ما أنا مورده ملخَّصًا.

"فالأول": وهو قول أكثر أهل العلم، منهم: سفيان بن عُيَيْنَة وعبد الله بن وهب وأبو جعفر محمد بن جرير والطحاوى، أن المراد سبعة أوجه من المعانى المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهَلُمَّ. وقال الطحاوي: وأَبْيَنُ ما ذُكِرَ في ذلك حديث أبى بكرة1، قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف فقال: اقرأ فكلٌّ كافٍ شافٍ، إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة"، "على"2 نحو: هَلُمَّ وتعال وأقبل، واذهب وأسرع وعَجِّل.

وروى ورقاء "عن"3 "ابن"4 أبى نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن أُبَيِّ بن كعب أنه كان يقرأ:{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا " نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ "} 3: للذين أمنوا أمهلونا، للذين آمنوا أخِّرونا، للذين آمنوا أرقبونا. وكان يقرأ: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا

1 مَرَّ تخريجه "ص111-112"، وكلام الطحاوي هذا في "المشكل""4/ 191-194".

2 ساقط من "أ".

3 ساقط من "جـ" و"ط" و"ل".

4 في "أ": "أبي نجيح"!

ص: 133

فِيهِ} : مروا فيه، سعوا فيه.

قال الطحاوى وغيره: وإنما كان ذلك رخصة أن يقرأ الناس القرآن على سبع لغات، وذلك لما كان يتعسَّر على كثير من الناس التلاوة على لغة قريش وقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفظ، وقد ادَّعى الطحاوي والقاضي الباقلاني والشيخ أبو عمر بن عبد البر أن ذلك كان رخصة فى أوَّل الأمر، ثم نُسِخَ بزوال العذر وتَيَسُّر الحفظ وكثرة الضبط وتعلُّم الكتابة.

"قلت": وقال بعضهم: إنماكان الذى جَمَعَهَم على قراءة واحدة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، أحد الخلفاء الراشدين المهديين المأمور بإتباعهم، وإنما جمعهم عليها لما رأى من اختلافهم فى القراءة المفضية إلى تَفَرُّقِ الأمة، وتكفير بعضهم بضًا، فرتَّبَ لهم المصاحف الأئمة على العَرْضَةِ الأخيرة، التى عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر رمضان كان من عمره عليه السلام، وعزم عليهم أن لا يقرءوا بغيرها، وأن لا يتعاطَوْا الرخصة التى كانت لهم "فيها"1 سعة، ولكنها أدت إلى الفرقة والاختلاف، كما ألزم عمر بن الخطاب الناس2 [بالطلاق الثلاث المجموعة، حتى تتابعوا فيها وأكثروا منها، قال: فلو أنا أمضيناه عليهم، وأمضاه عليهم. وكذلك كان ينهى] 2 عن المتعه فى أشهر الحج؛ لئلَّا تقطع زيارة البيت فى غير أشهر الحج، وقد كان أبو موسى "يفتي"3 بالتمتع، فترك فتياه اتباعًا لأمير المؤمنين، وسمعًا وطاعة للأئمة المهديين.

1 ساقط من "جـ".

"2-2" سقط من سياق "ط" وقيد بالحاشية.

3 في "أ" و"ط": "يبيح التمتع".

ص: 134

"القول الثانى":

أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرفٍ آخر.

قال الخطَّابي: وقد يقرأ بعضه بالسبع لغات، كما فى قوله:{وَعَبَدَ الطَّاغُوتِ} و {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} .

قال القرطبى1: ذهب إلى هذا القول أبو عبيد، واختاره ابن عطية.

قال أبو عبيد2: وبعض اللغات أسعد به من بعض.

وقال القاضى الباقلانى: ومعنى قول عثمان: إنه نزل بلسان قريش؛ أى: معظمه، ولم يقم دليلٌ على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى:{قُرْآنًا عَرَبِيًّا} ، ولم يقل: قرشيا، قال: واسم العرب يتناول جميع القبائل تناولاً واحداً، يعنى: حجازها ويمنها.

وكذا قال الشيخ أبو عمر بن3 عبد البر، قال: لأن لغة غير قريش موجودة فى صحيح القراءات، كتحقيق الهمزات، فإن قريشا لا تهمز.

وقال ابن عطية: قال ابن عباس: ما كنت أدرى معنى: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [فاطر: 1] حتى سمعت أعرابيًّا يقول -لبئر ابتدأ حفرها: أنا فطرتها.

"القول الثالث": إن لغات القرآن السَّبْعَ منحصرةٌ فى مُضَرَ على اختلاف قبائلها خاصة، لقول عثمان: أن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش

1 في "تفسيره""1/ 43-44".

2 في "فضائل القرآن""ص203"، وعبارته هناك:"وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض".

3 في "التمهيد""8/ 280".

ص: 135

هم بنو النضر بن الحارث، على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما ينطق به الحديث فى "سنن ابن ماجه" وغيره.

"القول الرابع": وحكاه الباقلانى عن بعض العلماء، أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء؛ منها ما "تتغيَّر"1 حركته ولا تتغيَّر صورته ولا معناه، مثل:{وَيَضِيقُ صَدْرِي} [الشعراء: 13] ، "ويضيق". ومنها ما لا تتغيَّر صورته ويختلف معناه، مثل:{فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ -باعد2- بَيْنَ أَسْفَارِنَا} [سبأ: 19] . وقد يكون الاختلاف فى الصورة والمعنى بالحرف، مثل:{نُنْشِزُهَا} وننشرها. أو بالكلمة مع بقاء المعنى، مثل:{كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 5]، أو:"كالصوف المنفوش". أو باختلاف الكلمة واختلاف "المعنى"3، مثل:{وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} [الواقعة: 29]، "وطلع منضود". أو بالتقدم والتأخر: مثل {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [ق: 19] أو: "سكرة الحق بالموت". أو بالزيادة، مثل:{تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَة} -أنثى. [ص: 23]، "وأما الغلام فكان كافرًا وكان أبواه مؤمنين" [الكهف: 80] ، "فإن الله بعد اكراههن لهن غفور رحيم" [النور: 33] .

"القول الخامس": أن المراد بالأحرف السبعة معانى القرآن، وهى أمرٌ، ونهيٌ ووعدٌ، ووعيدٌ، وقصصٌ، ومجادلةٌ، وأمثالٌ.

قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى حروفا، وأيضا فالاجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل......

1 في "أ": "لا تتغير" وهو خطأ.

2 ساقط من "جـ".

3 في "أ": "المعاني".

ص: 136

"حرام"1، ولا في تغيير شيء من المعانى، وقد أورد القاضى الباقلانى فى هذا حديثا، ثم قال: وليست هذه هى التى أجاز لهم القراءة بها.

فصل:

قال القرطبى: قال كثير من علمائنا "كالداودى"2 وابن أبى صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع، ليست هى الأحرف السبعة التى اتسعت الصحابة فى القراءة بها، وإنما هى راجعة إلى حرفٍ واحد من السبعة، وهو الذى جَمَع عليه عثمان المصحف، ذكره ابن النحاس وغيره.

قال القرطبى: وقد سوَّغ كلُّ واحد من القراء السبعة قراءة الآخر وأجازها، وإنما اختار القراءة المنسوبة إليه؛ لأنه رآها أحسن "والأولى"3 عنده، قال: وقد أجمع المسلمون -فى هذه الأمصار- على الاعتماد على ما صحَّ عن هؤلاء الأئمة فيما رَوَوْه ورأوه من القراءات، وكتبوا فى ذلك مصنفات، واستمَرَّ الاجماع على الصواب، وحصل ما وعد الله من حفظه الكتاب4.

قال البخاري 5 رحمه الله:

1 في "أ" و"ط": "حلال"؛ ولا معنى لها، ثم وقفت على عبارة ابن عطية في "تفسيره" "1/ 35" فقال:"وأيضا فالاجماع أن التوسعة لم تقع فى تحريم حلال، ولا تحليل حرام".

2 في "ط": "المداوردوي"!

3 في "أ": "وأولى"، وفي "تفسير القرطبي" "1/ 46":"ما هو الأحسن عنده والأولى".

4 كتب على حاشية "جـ": "آخر الجزء الأول من أجزاء المؤلف".

5 في "فضائل القرآن""9/ 38-39- فتح" وحذف المصنِّف -كعادته- =

ص: 137

.................................................................................................

= من كلام البخاري كلمة "باب"، وأخرجه النسائي في "فضائل القرآن""12" من طريق حجاج الأعور، عن ابن جريج بسنده سواء.

ص: 138