الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعلُّم الصبيان القرآن:
حدَّثَنا موسى بن إسماعيل، ثنا أبو عوانة، عن أبى بشر، عن سعيد بن جبير قال: إن الذى تدعونه المفَصَّل هو المحكم.
قال: وقال ابن عباس: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين، وقد قرأت المحكم.
حدَّثَنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا هشيم، أنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال، جمعت المحكم فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، فقلت له: وما المحكم؟ قال: المفصَّل.
انفرد بإخراجه البخارى1، وفيه دلالة على جواز تعلُّم الصبيان القرآن؛ لأن ابن عباس أخبر عن سنه حين موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان جَمَعَ المفصَّل، وهو من الحجرات، كما تَقَدَّمَ ذلك، وعمره إذ ذاك عشر سنين.
وقد روى2 البخارى أنه قال: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مختون،
1 في "الفضائل""9/ 83".
وأخرجه أحمد "2283، 2601، 3125" من طرق عن أبى بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله.
2 في "كتاب الاستئذان""11/ 88" عن سعيد بن جبير قال: سُئِلَ ابن عباس: مِثْلُ مَنْ أنت حين قُبِضَ النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أنا يومئذ مختون
…
إلخ، ثم روي عن ابن عباس قال: قُبِضَ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ختين.
وأخرجه أحمد "2379" من طريق محمد بن إسحاق، حدثني الحجاج بن أرطاة، عن عطاء بن أبي رباح قال: سمعت ابن عباس
…
فذكره باللفظ الثاني.
قال الشيخ أبو الأشبال: إسناده صحيح، ولعله في "صحيح مسلم"! قلت: كذا! والحجاج فيه مقال مشهور! ثم الحديث تفرَّد به البخاري دون مسلم، والله أعلم.
وكانوا لا يختنون حتى يحتلم، فيحتمل أنه احتلم لعشر سنين؛ جمعًا بين هذه الرواية وتلك، ويحتمل أنه تجوز فى هذه الرواية بذكر العشر وترك ما زاد عليها من الكسر، والله أعلم.
وعلى كل تقدير، ففيه دلالة على جواز تعليم القرآن فى الصِّبا، وهو ظاهر، بل قد يكون مستحبا أو واجبا؛ لأن الصبى إذا تعلَّم القرآن بلَغَ وهو يعرف ما يصلى به، وحفظُه فى الصِّغَرِ أولى من حفظِه كبيرا، وأشد علوقا بخاطره، وأرسخ وأثبت، كما هو المعهود في حال الناس.
وقد استحبَّ بعض1 السلف أن يترك الصبى فى ابتداء عمره قليلا للعب، ثم توفر همته على القراءة؛ لئلا يلزم أولاً بالقراءة فيملها ويعدل عنها إلى اللعب.
وكره بعضهم2 تعليمه القرآن وهو لا يعقل ما يُقَال له، ولكن يُترك حتى إذا عَقِلَ ومَيَّزَ عُلِّمَ قليلًا قليلا، بحسب همته ونهمته وحفظه وجودة ذهنه.
واستحبَّ3 عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- أن يلقن خمس آيات
1 منهم سعيد بن جبير، وانظر "فتح الباري""9/ 83".
2 منهم إبراهيم النخعي، أخرجه ابن أبي داود كما في "الفتح".
3 أخرجه الإسماعيلي -كما في "مسند الفاروق""1/ 170" للمصنف- والبيهقي في "الشعب""1807"، وأبو نعيم في "الحلية""9/ 319"، والخطيب في "تاريخه""13/ 287" من طريق علي بن بكار، عن أبي خلدة خالد بن دينار، عن أبي العالية، عن عمر بن الخطاب قال: تعلَّموا القرآن خمسًا خمسًا، فإن جبريل عليه السلام نزل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم خمسًا خمسًا. =
خمس آيات.
رويناه عنه بسند جيد.
= وقد جوَّد المصنِّفُ سنده، وفيه نظر، فقد خُولِفَ علي بن بكار؛ خالفه وكيع ومسلم بن إبراهيم والفضل بن دكين، فرووه عن أبي خلدة، عن أبي العالية. قوله: أخرجه ابن أبي شيبة "10/ 461"، وابن أبي حاتم في "العلل""ج2/ رقم 1749"، والبيهقي في "الشعب" "1806" وقال:"رواية وكيع أصح" وكذا رجح أبو زرعة أنه من قول أبي العالية، ليس عن عمر، والله أعلم.
وعزا السيوطي في "الدر المنثور""4/ 205" نحوه لأبي سعيد الخدري.