الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البكاء عند قراءة القرآن:
وأورد فيه في رواية الأعمش، عن إبراهيم بن عبيدة، عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ علي"، قلت: اقرأ عليك، وعليك أنزل؟ قال:"إنى أشتهى أن أسمعه من غيري". قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} قال لي: "كُفَّ" أو: "أمسك". "فرأيت"1 عينيه تذرفان.
وهذا من المتفق عليه كما تَقَدَّمَ، وكما سيأتي إن شاء الله.
1 في "أ": "فإذا".
من 1 راءى بقراءة القران أو تأكَّلَ به أو فخر به:
حدَّثَنا2 محمد بن كثير، أنا سفيان، ثنا الأعمش، عن خَيْثَمَة، عن سويد بن غفلة، عن على -رضى الله عنه- قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتى فى آخر الزمان قومٌ حُدَثَاءُ الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة".
وقد روى في موضعين آخرين، ومسلم وأبو داود والنسائى من طرق عن الأعمش به.
حدَّثَنا3 عبد الله بن يوسف، ثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن
1 الذي في "البخاري": "باب إثم من راءى
…
إلخ".
2 البخاري في "الفضائل""9/ 99".
وأخرجه البخاري أيضًا في "المناقب""6/ 618"، وفي "استتابة المرتدين""12/ 283"، ومسلم "1066"، وأبو داود "4767"، والنسائي "7/ 119"، وفي "الخصائص""173"، وأحمد في "المسند""1/ 81، 113، 131"، وفي "الفضائل""1198"، وأبو يعلى "1/ 226"، وكذا ابن أبي عاصم في "السنة""914"، وغيرهم من طرق عن الأعمش بسنده سواء.
3 البخاريّ في "الفضائل""9/ 99".
وأخرجه مالك "1/ 204/ 10"، ومن طريقه النسائي في "الفضائل""113، 114"، وأحمد "3/ 60".
وتوبع مالك؛ تابعه عبد الوهاب الثقفي، فرواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري بسنده سواء.
أخرجه البخاري في "استتابة المرتدين""12/ 283"، ومسلم "1064/ 147"، وزاد في الإسناد "عطاء بن يسار" مع "أبي سلمة"، وللحديث طرق أخرى عن أبي سلمة في "الصحيحين" وغيرهما.
محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمى، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبى سعيد الخدرى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرءون القرآن لا يجاوز تراقِيَهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر فى النصل فلا يرى شيئًا، وينظر فى القدح فلا يرى شيئًا، وينظر فى الريش فلا يرى شيئًا، ويتمارى فى الفوق".
ورواه فى "موضع آخر"، ومسلم أيضًا والنسائى من طرق، عن الزهرى، عن أبى سلمة به، وابن ماجة من رواية محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبى سلمة به.
حدَّثَنا1 مسدد بن مسرهد، حدَّثَنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن أبى موسى رضي الله عنهما، عن
1 البخاري في "الفضائل""9/ 100".
وأخرجه مسلم "797/ 243"، وأبو داود "4830"، والنسائي في "فضائل القرآن""106"، وابن ماجه "214"، وأحمد "4/ 408"، والفريابي في "صفة المنافق""40"، والشجري في "الأمالي""1/ 83" من طرق عن شعبة، عن قتادة، عن أنس، عن أبي موسى به.
ورواه همام بن يحيى، وأبو عوانة، وأبان بن يزيد العطار، وسعيد بن أبي عروبة ومعمر بن راشد وأبو هلال الراسبي جميعًا عن قتادة، وقد ذكرت أحاديثهم في "التسلية".
النبى صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن الذى يقرأ القرآن ويعمل به، كالأُتْرُجَّةِ طعمُها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به، كالتَّمْرَةِ طعمها طيب، ولا ريح لها، ومَثَلُ المنافق الذى يقرأ القرآن، كالرَّيْحَانة ريحها طيب وطعمها مُرٌّ، ومَثَلُ المنافق الذى لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مُرٌّ -أو خبيث- وريحها مُرٌّ".
ورواه فى "مواضع أُخَرَ" مع بقية الجماعة، من طرق عن قتادة به.
ومضمون هذه الأحاديث: التحذير من المراءاة بتلاوة القرآن التى هى من أعظم القرب، كما جاء فى الحديث:"واعلم أنك لن تتقرَّبَ إلى الله بأعظم ممَّا خرج منه"1، يعنى: القرآن، والمذكورون فى حديث على وأبي سعيد هم الخوارج، وهم الذين لا يجاوز إيمانهم حناجرهم.
وقد قال فى الرواية الأخرى: "يحقِرُ أحدُكم قراءته مع قراءتهم، وصلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم".
ومع هذا أمر بقتلهم؛ لأنهم مراءون فى أعمالهم فى نفس الأمر، وإن كان بعضهم قد لا يصد ذلك، إلا أنهم أسسوا أعمالهم على اعتقاد غير صالح، فكانوا فى ذلك كالمذمومين فى قوله: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى
1 هذا حديث ضعيف الإسناد، أخرجه أحمد "5/ 268"، والترمذي "2911"، وابن نصر في "قيام الليل""ص41-42، 122"، وفي "تعظيم قدر الصلاة""178"، وابن بطة في "الإبانة""8- الرد على الجهمية"، والخطيب "7/ 88، 12/ 220" من حديث أبي أمامة، واستغربه الترمذي، وقد اختلف في سنده؛ فمرَّة عن أبي أمامة، ومرَّة عن جبير بن نوفل، ومرَّة عن أبي ذر، ومرَّة عن عقبة بن عامر، ومرَّة عن جبير بن نفير مرسلًا، فهو حديث مضرب لا يصحُّ كما قال الإمام البخاري في "خلق أفعال العباد""509". والله أعلم.
مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ_ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 109]
وقد اختلف العلماء فى تكفير الخوارج وتفسيقهم ورَدِّ رواياتهم، كما سيأتى تفصيله فى موضعه إن شاء الله "تعالى"2.
والمنافق المُشَبَّه بالريحانة "التى"2 لها ريحٌ ظاهر وطعمها مُرٌّ، هو المرائى بتلاوته، كما قال تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} .
ثم قال البخاري:
1 من "أ" و"ط".
2 في "جـ": "إلى".