الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابة عثمان رضي الله عنه للمصاحف:
قال البخاري1 رحمه الله: حدَّثَنا موسى بن إسماعيل، ثنا إبراهيم، "ثنا"2 ابن شهاب، أن أنس بن مالك حدثه، أن حذيفة بن اليمان قَدِمَ على عثمان بن عفان -رضى الله "عنهما"3، وكان يغازى أهل الشام فى فتح أرمينيه وأذربيجان مع أهل العراق؛ فأفزع حذيفة اختلافهم فى القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا فى الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف "ننسخها"4، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها فى المصاحف.
وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فى شىء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش؛ فإنما أنزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف فى المصاحف، رَدَّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن فى
1 في "الفضائل""9/ 11-فتح"، وأخرجه الترمذي "3104"، النسائي "13"، وأبو عبيد "ص153" كلاهما في "الفضائل"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة""3/ 991"، وأبو يعلى "87"، وابن أبي داود في "المصاحف""ص19"، والبيهقي "2/ 385"، والطبراني في "مسند الشاميين"، والخطيب في "المدرج"، كما في "الفتح""9/ 16".
2 ساقط من "جـ".
3 في "جـ": "عنه".
4 في "أ": "فننسخها".
كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
قال ابن شهاب الزهرى: فأخبرنى خارجة بن زيد بن ثابت، سمع زيد بن ثابت "قال"1: فقال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصارى:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} فألحقناها في سورتها "في المصحف"2.
وهذا أيضا من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضى الله عنه.
فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شىء، وهو جمع الناس على قراءة واحدة لئلا يختلفوا فى القرآن، ووافقه على ذلك جميع الصحابة، وإنما روي عن عبد الله بن3 مسعود شيء من التغضُّبِ بسبب
1 في "ط": "يقول".
2 في "أ": "بالمصحف".
3 يشير المصنف -رحمه الله تعالى- إلى ما أخرجه مسلم "2462/ 114" والسياق له، والنسائي في "الفضائل" "22" قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا عبدة بن سليمان، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود أنه قال:
{وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَة} [آل عمران: 161]، ثم قال: على قراءة مَنْ تأمروني أن أقرأ؟ فلقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أن أحدًا أعلم مني لرحلت إليه.
قال شقيق: فجلست في حَلَقِ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فما سمعت أحدًا يرد ذلك عليه، ولا يعيبه.
وتابعه هارون بن إسحاق، ثنا عبدة بن سليمان بسنده سواء =
أنه لم يكن ممن كتب المصاحف، وأمر أصحابه بغلِّ مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام، ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق1، حتى قال على بن2 أبى طالب: لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا.
= أخرجه ابن أبي داود "ص16".
وخالفهما الحسن بن إسماعيل بن سليمان، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن ابن مسعود، فذكر بعضه. أخرجه النسائي "8/ 134".
والحسن بن سليمان وإن كان ثقة، إلَّا أن رواية ابن راهويه وهارون أرجح، وقد رجحت روايتهما بمرجحين، ذكرتهما في "التسلية". والحمد لله.
1 ويأتي تخريجه قريبًا.
2 أخرجه أبو عبيد في "الفضائل""ص157"، وابن أبي داود في "المصاحف""12، 23" من طرق عن شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن رجل، عن سويد بن غفلة، عن علي أنه قال حين أحرق عثمان المصاحف:"لو لم يصنعه هو لصنعته".
وهكذا رواه عن شعبة ثقات أصحابه، منهم:"محمد بن جعفر غندر، وأبو داود الطيالسي، وعبد الرحمن بن مهدي"، وخالفهم يعقوب بن إسحاق الحضرمي وهو صدوق، فرواه عن شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سويد بن غفلة، عن علي.
فأسقط الواسطة بين علقمة وسويد.
أخرجه ابن أبي داود "ص12"، ورواية الجماعة أرجح من غير شك، ولكن أخرج عمر بن شبة في "تاريخ المدينة""3/ 994-995، 996"، وابن أبي داود "ص23" والبيهقي -كما في "البداية والنهاية""7/ 236" من طريق محمد بن أبان، قال: أخبرني عقلمة بن مرثد، قال: سمعت العيزار بن حريث، يقول: لما خرج المختار
…
فذكره مطوَّلًا، وفيه: "قال علي: أيها الناس! إياكم والغلو في عثمان؛ تقولون: أحرق =
فاتفق الأئمة الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلى، على أن ذلك من مصالح الدين، وهم الخلفاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من 1 بعدى" ، وكان السبب فى هذا حذيفة بن
= المصاحف؟! والله ما حرقها إلّا عن ملأ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولو وليت مثل ما ولي، لفعلت مثل الذي فعل".
قلت: وهذا سند رجاله ثقات، إلا محمد بن أبان وهو ابن صالح الكوفي، ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""3/ 2/ 199"، ونقل عن أبيه قال:"ليس هو بقوي في الحديث، يكتب حديثه على سبيل المجاز"! وقال أحمد: "لم يكن يكذب".
فالحديث محتمل للتحسين بالطريقين معًا. والله أعلم.
1 حديث صحيح.
أخرجه أبو داود "4607"، والترمذي "2676"، وابن ماجه "42، 43، 44"، والدارمي "1/ 43-44"، وأحمد "4/ 126، 127"، وأبو عبيد في "الخطب والمواعظ""2"، وابن حبان في "صحيحه""102" وفي "الثقات""1/ 4"، والطبري في "تفسيره""10/ 212"، وابن نصر في "السنة""21، 22"، وابن أبي عاصم في "السنة""1/ 19، 26-27، 29، 30" وآخرون في العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا بعد صلاة الغداة موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع، فماذا تَعْهَدُ إلينا يا رسول الله؟ قال:"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدٌ حبشي، فإنه من يعش منكم يرى اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عُضُّوا عليها بالنواجذ".
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
وقال أبو نعيم: "هو حديث جيد من صحيح حديث الشاميين" نقله ابن رجب في "جامع العلوم""ص -226".
اليمان -رضى الله عنه، فإنه لما كان غازيا فى فتح أرمينية وأذربيجان، وكان قد اجتمع هناك أهل الشام والعراق، وجعل حذيفة يسمع منهم قراءات على حروفٍ شتَّى، ورأى منهم اختلافًا "كثيرًا"1 وافتراقا، فلما رجع إلى عثمان أعلمه، وقال لعثمان: أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا فى الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.
وذلك أن اليهود والنصارى مختلفون فيما بأيديهم من الكتب، فاليهود بأيديهم نسخة من التوراة، والسامرة يخالفونهم فى ألفاظٍ كثيرة ومعانى أيضا، وليس فى توراة السامرة حروف الهمزة، ولا حرف الهاء ولا الياء، والنصارى أيضا بأيديهم توراة يسمونها العتيقة، وهى مخالفة لنسختى اليهود والسامرة.
وأما الأناجيل التى بأيدى النصارى فأربعة: إنجيل مرقس، وإنجيل لوقا، وإنجيل متى، وإنجيل يوحنا، وهى مختلفة أيضا اختلافا كثيرا، وهذه الأناجيل الأربعة كل منها لطيف الحجم؛ منها ما هو قريب من أربع عشرة ورقة بخط متوسط، ومنها ما هو "أكبر"2 من ذلك، إما بالنصف أو بالضعف، ومضمونها سيرة عيسى عليه السلام، وأيامه، وأحكامه، وكلامه، ومعه شىء قليل مما يدعون أنه كلام الله، وهى مع هذا مختلفة كما قلنا. وكذلك التوارة مع ما فيها من التحريف والتبديل، ثم هما منسوخان بعد ذلك بهذه الشريعة المحمدية المطهرة.
فلما قال حذيفة لعثمان ذلك أفزعه، وأرسل إلى حفصة أم المؤمنين أن ترسل إليه بالصحف التى عندها مما جمعه الشيخان؛ ليكتب ذلك في
1 ساقط من "ا" و"ط" و"ل".
2 في "ا" و"ل": "أكثر".
مصحف واحد، وينفذه إلى الآفاق، ويجمع الناس على القراءة به وترك ما سواه، ففعلت حفصة. وأمر عثمان هؤلاء الأربعة، وهم: زيد بن ثابت الأنصارى، أحد كتاب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشى الأسدى، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا، وأصلا وفضلا، وسعيد بن العاص بن أمية القرشى الأموى، وكان كريما جوادا مُمَدَّحًا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى.
فجلس هؤلاء النَّفَر الأربعة يكتبون بالقرآن نسخًا، وإذا اختلفوا في "وضع"1 الكتابة على أيِّ لغة، رجعوا إلى عثمان، كما اختلفوا فى التابوت2، أيكتبونه بالتاء أو الهاء؟ فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه، وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت، "فترافعوا"3 إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش؛ فإن القرآن نزل بلغتهم، وكان عثمان "رضى الله عنه"4 -والله أعلم- رتَّبَ السور فى المصحف، وقدَّم السبع الطُّوَل، وثنَّى بالمئين.
1 في "أ": "موضع".
2 أخرجه الترمذي "3104"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة""3/ 1000-1001"، وابن أبي داود في "المصاحف""ص19"، والبيهقي "2/ 385" من قول الزهري.
قال الحافظ في "الفتح""9/ 20": "قال الخطيب: إنما رواها ابن شهاب مرسلة". أ. هـ.
وأخرجه البيهقي من طريق أبي الوليد، عن إبراهيم بن سعدة عن الزهري قوله، وصنيعه يرجع الإرسال. والله أعلم.
3 في "أ" و"ط": "فتراجعوا".
4 من "أ".
ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذى والنسائى، من حديث غير واحد من الأئمة الكبار، عن عوف الأعرابى، عن يزيد الفارسى، عن ابن1 عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: "ما2 حملكم""على"3
1 حديث منكر.
أخرجه أبو داود "786، 787"، والنسائي في "الفضائل""32"، والترمذي "3086"، وأحمد "1/ 57، 69"، وأبو عبيد في "الفضائل""47/ 2"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة""3/ 1015، 1016"، وابن حبان "43"، وابن أبي داود في "المصاحف""ص31-32"، والحاكم "2/ 221، 230"، والبيهقي "2/ 42"، والخطيب في "الموضح""1/ 338" من طريق عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس فذكره.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن، لا نعرفه إلّا من حديث عوف عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس، ويزيد الفارسي هو من التابعين من أهل البصرة، ويزيد بن أبان الرقاشي، هو من التابعين من أهل البصرة، وهو أصغر من يزيد الفارسي، ويزيد الرقاشي إنما يروي عن أنس بن مالك". أ. هـ.
قلت: فاختلف العلماء: هل يزيد الفارسي هو يزيد بن هرمز، أم هما رجلان؟! فذهب ابن مهدي، وأحمد، وابن المديني، ومحمد بن المثنى، وابن سعد إلى أنهما واحد، وأنكر ذلك يحيى القطان، وابن معين، وأبو حاتم، والترمذي، وعمرو بن علي الفلاس، ومال إليه البخاري والخطيب، وإقامة البرهان على ذلك فيه طُولٌ ذكرته في "التسلية"، والخلاصة أن يزيد الفارسي شبه المجهول، فتفرده بهذا الحديث الخطير لا يقبل منه، وتصحيح الحاكم من قبله ابن حبان مردود، وكذلك تجويد ابن كثير له فيما يأتي، ولعل مستندهم هو عدم التفريق بين الفارسي وابن هرمز، والله أعلم.
2 ساقط من "ط".
3 ساقط من "جـ".
أن عمدتم إلى الأنفال، وهى من المثانى، وإلى براءة، وهى من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتموها فى السبع الطول، ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يأتى عليه الزمان وهو ينزل عليه السورة ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشىء دعا بعض من كان يكتب، فيقول:"ضعوا هؤلاء الآيات فى السورة التى يذكر فيها كذا وكذا".
وكانت الأنفال من أوَّل ما "نزل"1 بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها، "فقبض"2 رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم "يبين"3 لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم، فوضعتها فى السبع الطول.
ففهم من هذا الحديث أنَّ ترتيب الآيات فى السور أمرٍ توقيفي متلقى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما ترتيب السور فمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضى الله عنه4، ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته، فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرًا، وأما ترتيب السور فمستحب، اقتداء بعثمان -رضى الله عنه، والأولى إذا قرأ أن يقرأ متواليا، كما قرأ عليه السلام فى صلاة الجمعة بسورة الجمعة
1 في "أ": "نزلت".
2 في "جـ": "وقبض".
3 في "أ" و"ط": "يتبين".
4 بل الصواب أن ترتيب السور توقيفي أيضًا، وللشيخ أبي الأشبال أحمد بن محمد شاكر بحث مانع قوي حول هذا الموضوع.
والمنافقين1، وتارةً2 بـ {سَبِّحِ} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَة} فإن فرق جاز، كما صَحَّ3 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيد بـ "قاف" و {اقْتَرَبَتِ
1 صحيح.
أخرجه مسلم "879/ 64" والسياق له، وأبو داود "1074"، والنسائي "2/ 159، 3/ 111"، والترمذي "520" وصححه، وابن ماجه "821"، وأحمد "1/ 307، 316، 328، 334، 340، 354"، والطيالسي "2634"، وابن أبي شيبة "2/ 142" وآخرون من طرق عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة {الم، تَنْزِيل} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ} ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين.
2 صحيح.
أخرجه مسلم "878/ 62" واللفظ له، وأبو داود "1122"، والنسائي "3/ 111"، والترمذي "533"، وابن ماجه "1281"، وأحمد "4/ 271، 273، 276، 277"، والدارمي "1/ 315"، وابن أبي شيبة "14/ 264"، والطيالسي "795"، والمحاملي في "صلاة العيدين""ق27/ 2-28/ 1"، وابن الجارود "265، 300"، وأبو نعيم في "مسند أبي حنيفة""ق74/ 1-2" من حديث النعمان بن بشير، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين والجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، يقرأ بهما أيضًا في الصلاتين.
3 صحيح.
أخرجه مالك "1/ 180/ 8"، ومسلم "891/ 14"، وأبو نعيم في "المستخرج""ج15/ ق12/ 1"، وأبو داود "1154"، والنسائي "3/ 183-184"، والترمذي "534، 535"، وابن ماجه "1282"، وأحمد "5/ 217"، والسراج في "حديثه""ج9/ ق156/ 2"، =
السَّاعَةُ} .
رواه مسلمٌ عن أبي "واقد"1.
وفى "الصحيحين"2 عن أبى هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ
= والمحاملي في "صلاة العيدين""ق26/ 2"، وآخرون من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، سأل أبا واقدٍ الليثي: ما كان يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر؟ فقال: كان يقرأ فيهما بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} .
قال الترمذي: "حسن صحيح".
قلت: لكن وقع في سنده اختلاف، فرواه مالك وابن عيينة على الوجه السابق: "عبيد الله بن عبد الله، أن عمر سأل أبا واقد
…
"، وخالفهما فليح بن سليمان فرواه عن ضمرة بن سعيد، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي واقد، قال: سألني عمر
…
فذكره.
أخرجه مسلم "891/ 15"، وأبو نعيم "15/ 12/ 1"، وأحمد "5/ 219"، وابن خزيمة "1440"، وأبو يعلى "1447"، والمحاملي "ق26/ 2-27/ 1"، والطبراني في "الكبير""ج3/ رقم 3306"، والبيهقي "3/ 294". قال ابن خزيمة:"لم يسند هذا الخبر أحد أعلمه غير فليح بن سليمان، ورواه مالك بن أنس وابن عيينة عن ضمرة بن سعيد، عن عبيد الله بن عبد الله، وقالا: إن عمر سأل أبا واقد".
وخالفه ابن عبد البر في "التمهيد""16/ 328"، والنووي في "شرح مسلم""6/ 181"، فرجحا الوصل باعتبار أن عبيد الله سمعه من أبي واقد، وفيه نظر؛ إذ اعتبار هذا الكلام يهدر الخلاف القائم ويسوي بين رواية مالك ومُخالِفِه، وليس بصحيح، والحديث حسن لوجود طرق أخرى له. ولله الحمد.
1 وقع في "الأصول" كُلِّها: "عن أبي قتادة". وهو سبق قلم، صوابه:"أبو واقد".
2 صحيح.
أخرجه البخاري "2/ 377، 552"، ومسلم "880/ 65-66"، وأبو نعيم في "المستخرج""15/ 7/ 1-2"، والنسائي "2/ 159"، وفي "التفسير""413"، وابن ماجه "823"، والدارمي "1/ 362"، وأحمد "2/ 430، 472"، وآخرون من حديث أبي هريرة.
فى صلاة الصبح يوم الجمعة {ألم} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ} ، وان قَدَّمَ بعض السور على بعض، جاز أيضًا؛ فقد روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران.
أخرجه1 مسلم.
وقرأ عمر2 في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.
1 صحيح.
أخرجه مسلم "772/ 203"، واللفظ له، وأبو عوانة "2/ 135-136، 163-164"، وأبو داود "871"، والنسائي "2/ 224 و3/ 225"، والترمذي "262"، وابن ماجه "897، 1351"، والدارمي "1/ 299"، وأحمد "5/ 382، 384، 389، 394، 397" وآخرون من حديث صلة بن زفر، عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلًا، إذا مرَّ بآيةٍ فيها تسبيح سبَّح، وإذا مَرَّ بسؤال سألَ، وإذا مَرَّ بتعوّذ تَعَوَّذَ، ثم ركع فجعل يقول:"سبحان ربي العظيم"، فكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم قال:"سمع الله لمن حمده"، ثم قام طويلًا، قريبًا مما ركع، ثم سجد فقال:"سبحان ربي الأعلى" فكان سجوده قريبًا من قيامه.
وعزاه المصنف رحمه الله في مطلع تفسير سورة البقرة لـ "الصحيحين" فوهم.
2 أخرجه البخاري "7/ 59-61"، وابن حبان "6917" في قصة مقتل عمر رضي الله عنه، وفيه: وكان -يعني: عمر- إذا مَرَّ بين الصفين قال: "استووا"، حتى إذا لم ير فيهم خللًا تَقَدَّمَ فكبَّر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس. الحديث. ولم أقف على ما ذكره المصنِّف رحمه الله أنه قرأ بالسورتين في ركعة، وأنه قدم النحل على يوسف، فالله أعلم.
ثم إن عثمان -رضى الله عنه- رَدَّ الصحف إلى حفصة -رضى الله عنها، فلم تزل عندها حتى أرسل إليها مروان بن الحكم يطلبها، فلم تعطه حتى ماتت، فأخذها من عبد الله بن عمر فحرقها؛ لئلا يكون فيها شىء يخالف المصاحف الأئمة التى نفذها عثمان إلى الآفاق، مصحفا إلى مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا.
رواه أبو بكر1 بن أبى داود عن أبى حاتم السجستانى؛ سمعه يقوله.
وصحَّحَ2 القرطبى أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف -وهذا غريب، وأمر بما عدا ذلك من مصاحف الناس أن يحرق لئلَّا تختلف قراءات الناس فى الآفاق، وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك، ولم ينكره أحمد منهم، وإنما نقم عليه ذلك "أولئك"3 الرهط الذين تمالئوا عليه وقتلوه -قاتلهم الله، وذلك فى جملة ما أنكروا مما لا أصل له، وأما سادات المسلمين من الصحابة، ومن نشأ فى عصرهم ذلك من التابعين، فكلهم وافقهوه.
1 في "المصاحف""ص34".
2 في "تفسيره""1/ 54" وعبارته: "ونسخ منها عثمان نسخًا، قال غيره، قيل: سبعة، وقيل: أربعة، وهو الأكثر". أ. هـ.
3 سقط من "أ".
قال أبو داود1 الطيالسى وابن مهدى وغندر عن شعبة، عن علقمة ابن مرثد، عن رجل، عن سويد بن غفلة، قال على، حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هو لصنعته.
وقال أبو بكر2 بن أبى داود، حدثنا أحمد بن سنان، ثنا عبد الرحمن، ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد بن أبى وقاص قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف، فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد.
وهذا اسناد صحيح.
وقال أيضًا3: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف، ثنا يحيى بن كثير، ثنا ثابت بن عمارة الحنفى قال: سمعت غنيم بن قيس المازنى قال: قرأت القرآن على الحرفين جميعا، والله ما يسرنى أن عثمان لم يكتب المصحف، وأنه وُلِدَ لكل مسلمٍ كلما أصبح غلامٌ، فأصبح له مثل ماله، قال: قلنا له: يا أبا العنبر، لم؟ قال: لو لم يكتب عثمان المصحف، لطفق الناس يقرءون الشعر.
1 مَرَّ تخريجه آنفًا.
2 في "المصاحف""ص12".
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن""ص156-157"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة""3/ 1004" من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد، فذكره.
وإسناده صحيح.
3 أخرجه ابن أبي داود "ص13"، ومن طريقه المزي في "التهذيب""23/ 123" وسنده جيد.
ويحيى بن كثير هو ابن درهم العنبري؛ وثَّقَه عباس العنبري، وابن حبان. =
وحدثنا يعقوب1 بن سفيان، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنى عمران بن حدير، عن أبى مجلز قال: لولا أن عثمان كتب القران لألفيت الناس يقرءون الشعر.
وحدثنا2 أحمد بن سنان، سمعت ابن مهدي يقول: خصلتان لعثمان ابن عفان ليستا لأبي بكر ولا لعمر: صبره نفسه حتى قُتِلَ مظلوما، وجمعه الناس على المصحف.
وأما عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقد قال إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن خمير بن مالك قال: لما أمر بالمصاحف -يعنى بتحريقها، ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يَغُلَّ مصحفا فليغلل؛ فإنه من غَلَّ شيئًا جاء بما غَلَّ يوم القيامة، ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من فِي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد صبى، أفأترك ما أخذت من فى رسول3 الله صلى الله عليه وسلم؟
= وقال النسائي: "ليس به بأس" وقال أبو حاتم: "صالح الحديث".
وثابت بن عمارة وَثَّقَه ابن معين والدارقطني وابن حبان، وقال أحمد والنسائي:"لا بأس به"، وقال أبو حاتم:"ليس عندي بالمتين"، وأبو حاتم جرَّاح! ورفع شأنه شعبة بن الحجاج، فقال:"تأتوني وتدعون ثابت بن عمارة"، وغنيم بن قيس أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره، ووفد على عمر بن الخطاب، وغزا مع عتبة بن غزوان؛ ووثَّقَه النسائي.
1 أخرجه ابن أبي داود "ص13" وسنده صحيح.
ومحمد بن عبد الله هو الأنصاري، وعمران بن حدير وثَّقَه الجمع.
قال يزيد بن هارون: "كان عمران أصدق الناس".
وأبو مجلز، هو: لاحقُ بن حميدٍ، ثقة معروف.
2 ابن أبي داود "ص13" وسنده صحيح.
3 أخرجه أحمد "1/ 389، 405، 414"، والطيالسيّ "405"، =
وقال أبو1 بكر: حدثنا "عبد الله بن محمد"2 بن النصر، ثنا سعيد بن سليما، ثنا "أبو"3 شهاب عن الأعمش، عن أبى وائل قال: خطبنا ابن مسعود على المنبر فقال: من يغلل يأت بما غَلَّ يوم القيامة، غلوا مصاحفكم، وكيف تأمرونى أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، وقد قرأت القرآن من فِي رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، وأن زيد بن ثابت ليأتى مع الغلمان له ذؤابتان، والله ما نزل من القرآن شىء إلا وأنا أعلم فى أى شىء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله منى، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانًا تبلغه أعلم بكتاب الله منى لأتيته، قال أبو وائل: فلما نزل عن المنبر جلست فى الحلق، فما أحد ينكر ما قال.
أصل هذا مخرَّجٌ فى "الصحيحين"4، وعندهما:"ولقد علم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنى من أعلمهم بكتاب الله".
= ومن طريقه البخاري في "التاريخ الكبير""2/ 1/ 247"، وابن أبي داود "ص15"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 125"، والحاكم "2/ 228" وصححه، والطبراني في "الكبير""ج9/ رقم 8434، 8435" والهيثم بن كليب في "مسنده""ق99/ 1-2"، والدارقطني في "المؤتلف""ص672" من طرق عن أبي إسحاق، عن خمير بن مالك، عن ابن مسعود، فذكره. وهذا سند رجاله ثقات، إلّا خمير بن مالك فترجمه ابن أبي حاتم "1/ 2/ 391" ولم يحك فيه شيئًا، وذكره ابن حبان في "الثقات" "4/ 214" وقال ابن سعد:"له حديثان".
1 ابن أبي داود "ص15-16".
2 وقع في "أ": "محمد بن عبد الله بن محمد"! و"محمد" الأولى مقحمة.
3 في "أ" و"ط": "ابن"، وهو خطأ.
4 أخرجه البخاري "9/ 46-فتح"، ومسلم "2462/ 114"، والنسائي في "الفضائل""22"، وفي السنن "8/134"، وابن سعد "2/ 343-344"، وأحمد "1/ 411"، والطبراني في "الكبير""ج9/ 8448"، والهيثم بن كليب في "المسند""ق63/ 2"، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة""2/ 537"، وابن أبي داود في "المصاحف""15"، والطحاوي في "المشكل""5595" من طرقٍ عن الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود.
وقول أبي وائل: فما أحمد ينكر ما قال، يعنى: من فضله وحفظه وعلمه، والله أعلم، وأما أمره بغلِّ المصاحف وكتمانها، فقد أنكره عليه غير واحد. قال الأعمش1 عن إبراهيم عن علقمة قال: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء فقال: كنا نَعَدُّ عبد الله "جبانا"2 فما باله يواثب الأمراء؟
وقال أبو بكر3 بن أبي داود: باب رضا عبد الله بن مسعود بجمع
1 أخرجه ابن أبي داود "ص18" قال: حدثنا عمي وحمدان بن عليّ قالا: حدثنا ابن الأصبهاني عن عبد السلام بن حرب، عن الأعمش بسنده سواء. وهذا سند صحيح، وعم ابن أبي داود هو:"محمد بن الأشعث"، وابن الأصبهاني هو محمد بن سعيد بن سليمان.
2 كذا في "الأصول" كلها؛ من "الجبن" بالجيم والباء، ووقع في "كتاب المصاحف""حنانًا" بالحاء المهملة والنون، فكأنه تصحيف، فإن لم يكن فتوجيهه ظاهر، والله أعلم.
3 أخرجه أحمد في "العلل""3725 - رواية عبد الله"، وفي "المسند""1/ 445"، وابن أبي داود "ص18"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة""3/ 1006"، والهيثم بن كليب في "مسنده""881"، والطحاوي في "المشكل""4/ 182" من طريق زهير بن معاوية، حدثني الوليد بن قيس، عن عثمان بن حسان العامري، عن فلفلة الجعفي، فذكره.
وخالفه سفيان الثوري، فرواه عن الوليد بن قيس، عن القاسم بن حسان، عن فلفلة. =
عثمان المصاحف بعد ذلك:
حدثنا عبد الله بن سعيد ومحمد بن عثمان العجلي قالا: ثنا أبو أسامة،
= أخرجه النسائي في "الفضائل""9" من طريق أبي داود، وأحمد في "العلل""3723 - رواية عبد الله" عن إسحاق بن يوسف، كلاهما عن الثوري. ونظر الدارقطي -كما في "العلل""5/ 237"- في هذا الاختلاف، ورجَّحَ رواية الثوري، ويقصد الدارقطني أن شيخ الوليد بن قيس هو "القاسم"؛ وذلك أنه قد وقع في اسمه اختلاف: هل هو "عثمان بن حسان" أو "القاسم بن حسان"؟ فقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""3/ 1/ 148": "عثمان بن حسان العامري، ويقال: القاسم بن حسان، وبعثمان أشبه، روى عن فلفلة الجعفي، روى عنه أبو همام الوليد بن قيس، سمعت أبي يقول ذلك". أ. هـ. وأخرج البخاري في "التاريخ الكبير""3/ 2/ 219" هذا الحديث مختصرًا في ترجمة عثمان بن حسان العامري، وأشار إلى رواية سفيان، فالظاهر من صنيعهما أن الأصوب أنه:"عثمان" لا "القاسم"، وقد رواه أحمد في "العلل" "3724" قال: حدثنا أبو أسامة بحفظه، قال: أخبرني سفيان وزهير، عن الوليد بن قيس، عن القاسم بن حسان، عن فلفلة الجعفي
…
فذكره، فهذا يؤيد ما ذهب إليه الدارقطني، إلّا أن يكون أبو أسامة وهم على زهير فيه. وسواء كان هذا أو ذاك فهو مجهول الحال، وعثمان لم أر من روى عنه غير الوليد بن قيس، وفلفلة الجعفي ذكره ابن حبان في "الثقات" وروى عنه جمع من الثقات، وقال ابن سعد:"قليل الحديث".
وقال الهيثمي "7/ 152-153": "فيه عثمان بن حسان العامري، وقد ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه؛ وبقية رجاله ثقات"! وقال شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني -حفظه الله تعالى- في "الصحيحة""2/ 135": "وهذا إسناد جيد موصول، رجاله كلهم ثقات معروفون، غير فلفلة هذا
…
". كذا! ولم يلتفت شيخنا -أيده الله- إلى الاختلاف على الوليد بن قيس في سنده، وسواء كان هو القاسم أو عثمان، فهل في أحدهما توثيق معتبر؟!
حدثني زهير، حدثني الوليد بن قيس، عن عثمان بن حسان العامرى، عن فلفلة الجعفى قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله فى المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أُنِزَل على نبيكم من سبعة أبواب على سبعة أحرف -أو حروف، وإن الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من باب واحد على حرف واحد.
وهذا1 الذى استدلَّ به أبو بكر رحمه الله على رجوع ابن مسعود فيه نظرٌ من جهة أنه لا يظهر من هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه، والله أعلم.
وقال أبو بكر2 أيضًا: حدثنى عمى، ثنا أبو رجاء، أنا اسرائيل عن
1 قلت: هذا الذي عقَّبَ به المصنِّف رحمه الله على استدلال ابن أبي داود له وجه قويّ، فإن قيل: قول ابن مسعود هذا يدل على أنه رضي بحرف غيره، فهذا نقيض اعتراضه الأول؟! قيل: إنما أنكر أن يقرأ هو على حرف زيد بن ثابت، ولم ينكر على غيره أن يقرأ، لذلك فهذا الأثر غير صريح في الرجوع، وأقصى ما فيه الإيماء إلى ذلك، وكأن ابن مسعود رضي الله عنه أراد تسكين الفتنة، كما فعل في زمان الحج مع عثمان لمَّا أتمَّ الصلاة في منى، وقال:"الخلاف شر" -فرضي الله عنهم أجمعين.
2 أخرجه ابن أبي داود "ص23-24"، وصحَّح المصنف رحمه الله سنده وفيه شيء؛ لأن سماع إسرائيل من جده كان بأخرة، نعم؛ كان الذهبي وغيره يرجح إسرائيل في جده على سفيان وشعبة، ويصفه بأنه "عكاز جدِّه"، وقد توبع إسرائيل، فتباعه غيلانُ بن جامع، عن أبي إسحاق، عن مصعب ابن سعد، فذكر نحوه.
أخرجه ابن أبي داود أيضًا "ص24" من طريق يحيى بن يعلى بن الحارث، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا غيلان به، وهذا سند رجاله ثقات.
أبي إسحاق عن مصعب بن سعد قال: قام عثمان فخطب الناس فقال: "يا أيها"1 الناس "عهدكم"2 نبيكم منذ ثلاث عشرة، وأنتم تمترون فى القرآن، وتقولون: قراءة أُبَيّ، وقراءة عبد الله، يقول الرجل: والله ما يقيم قراءتك، وأعزم على كل رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شىء لما جاء به، فكان الرجل يجىء بالورقة والأديم فيه القرآن، حتى تجمَّعَ من ذلك شىء كثير، ثم دخل عثمان فدعاهم رجلا رجلا، فناشدهم: لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أملاه عليك؟ فيقول: نعم، فلما فرغ من ذلك عثمان قال: من أَكْتَبُ النَّاس؟ قالوا: كاتبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت، قال: فأي الناس أعرب؟ قالوا: سعيد بن العاص؛ قال عثمان: فليمل سعيد، وليكتب زيد، فكتب زيد مصاحف ففرقها فى الناس، فسمعت بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: قد أحسن. إسناد صحيح.
وقال أيضًا3: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد، ثنا أبو بكر "ثنا"4 هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف، جمع له اثنى عشر رجلا من قريش والأنصار، فيهم أُبَيُّ بن كعب وزيد بن ثابت، قال: فبعثوا إلى الربعة
1 في "أ" و"ط": "أيها".
2 في "أ": "عهد".
3 أخرجه ابن أبي داود "ص25-26" وصححه المصنف، وفي إسناده أبو بكر بن عياش، وهو ثقة إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح. فالله أعلم.
4 في "أ": "ابن"، وهو خطأ.
التى فى بيت عمر فجىء بها، قال: وكان عثمان يتعاهدهم، فكانوا إذا تدارءوا فى شىء أخَّروه، قال محمد: فقلت لكثير، وكان فيهم فيمن يكتب: هل تدرون لم كانوا يؤخرونه؟ قال: لا، قال محمد: فظننت ظنًا إنما كانوا يؤخرونها لينظروا أحدثهم عهدا بالعرضة الأخيرة، فيكتبونها على قوله.
صحيح أيضًا.
"قلت": الربعة هى الكتب المجتمعة، وكانت عند حفصة -رضى الله عنها، فلمَّا جمعها عثمان -رضى الله عنه- في المصحف ردَّهَا إليها، ولم يحرقها فى جملة ما حرقه مما سواها؛ لأنها هي بعينها "التي"1 كتبه، وانما رتَّبَه، ثم أنه كان قد عاهدها على أن يردها إليها، فما زالت عندها حتى ماتت؛ ثم أخذها مروان بن الحكم فحرقها، وتأوَّل فى ذلك ما تأوَّل عثمان.
كما رواه أبو2 بكر بن أبى داود: حدثنا محمد بن عوف، ثنا أبو اليمان، ثنا شعيب عن الزهرى، أخبرنى سالم بن عبد الله، أن مروان كان يرسل إلى حفصة يسألها عن الصحف التى كتب منها القرآن، فتأبى حفصة أن تعطيه اياها، قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها،
1 في "أ": "الذي".
2 في "المصاحف""ص24-25" وسنده صحيح، كما قال المصنف -رحمه الله تعالى.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن""ص156"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة""3/ 1003-1004" وابن عبد البر في "التمهيد""8/ 300".
أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر، ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر، فأمر بها مروان فشُقِّقَتْ.
وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كُتِبَ وحُفِظَ بالمصحف، فخشيت ان طال بالناس زمان، أن يرتاب فى شأن هذه الصحف مرتاب، أو يقول: إنه قد كان شىء منها لم يكتب.
إسناد صحيح.
وأما ما رواه الزُّهريُّ عن خارجة عن أبيه فى شأن آية الأحزاب، والحاقهم إياها فى سورتها، فذكره لهذا بعد جمع عثمان فيه نظر، وإنما هذا كان حال جمع الصديق الصحف، كما جاء مصرحا به فى غير هذه الرواية عن الزهرى، عن عبيد بن السباق، عن زيد بن ثابت، والدليل على ذلك أنه قال: فالحقناها فى سورتها من المصحف، وليست هذه الآية ملحقة فى الحاشية في المصاحف العثمانية.
فهذه الأفعال من أكبر القربات التى بادر إليها الأئمة الراشدون: أبو بكر وعمر -رضى الله عنهما- حفظا على الناس القرآن، وجمعاه لئلَّا يذهب من شيء؛ وعثمان -رضى الله عنه- جمع قراءات الناس على مصحف واحد، ووضعه على العرضة الأخيرة التى عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر رمضان من عمره عليه السلام، فإنه عارضه به عامئذ مرتين، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته لما مرض:"وما أرى ذلك إلّا لاقتراب أجلي".
أخرجاه في "الصحيحين"1.
1 صحيح.
أخرجه البخاري "11/ 79-80"، ومسلم "16/ 5 - نووي"، =
وقد روى أن عليا -رضى الله عنه- أراد "أن"1 يجمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبًا بحسب نزوله أولًا فأولًا.
كما رواه ابن أبى2 داود رحمه الله، حيث قال: حدثنا محمد بن
= والنسائي في "الخصائص""129"، والطحاوي في "المشكل""1/ 48"، والقطيعي في "زوائد فضائل الصحابة""1343"، والطبراني في "الكبير""22/ 419"، وأبو نعيم في "الحلية""2/ 39"، والبيهقي في "الدلائل""7/ 164-165"، والبغوي في "شرح السنة""14/ 160" من طريق أبي عوانة، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة مطوّلًا.
وتابعه زكريا بن أبي زائدة، عن فراس به نحوه.
أخرجه مسلم "2450/ 29"، والنسائي في "الخصائص""128"، وابن ماجه "1621"، وأحمد "6/ 282" في آخرين، وتابعه شيبان بن عبد الرحمن، عن فراس نحوه.
أخرجه الدولابي في "الذرية الطاهرة""189".
1 ساقط من "جـ".
2 ضعيف منقطع.
أخرجه ابن أبي داود "ص10"، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق""ج12/ ق327-328"، وأمَّا تليين ابن أبي داود الأشعث، فالجواب عنه أنه متابع؛ فأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" "8/ 300-301" من طريق إسماعيل بن علية قال: حدثنا أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين قال: لما بُويعَ أبو بكر أبطأ عليٌّ عن بيعته.. ثم ساقه بنحوه. وأخرجه ابن عساكر "12/ 328" من طريق ابن عُليَّة، عن أيوب وابن عون، عن ابن سيرين قال: نبئت أن عليًّا
…
وساق نحوه، وأخرجه ابن أبي شيبة "10/ 545" قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا ابن عون، عن ابن سيرين مثله. وهذا سندٌ رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه منقطع، كما قال المصنف -رحمه الله تعالى.
إسماعيل الأحمسي، ثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن محمد بن سيرين قال: لما توفى النبى صلى الله عليه وسلم، أقسم عليٌّ أن لا يرتدى برداء إلا لجمعة، حتى يجمع القرآن فى مصحف، ففعل، فأرسل إليه أبو بكر -رضى الله عنه- بعد أيام: أكرهت إمارتى يا أبا الحسن؟ فقال: لا والله، إلا أنى أقسمت أن لا أرتدى برداء إلا لجمعة، فبايعه ثم رجع.
هكذا رواه وفيه انقطاع.
ثم قال: لم يذكر "المصحف"1 أحد إلا أشعث، وهو لين الحديث، وإنما رووا: حتى أجمع القرآن، يعنى: أتمَّ حفظه، فإنه يقال للذي "يحفظ"2 القرآن: قد جمع القرآن.
"قُلتُ": وهذا الذى قاله أبو بكر أظهر، والله أعلم، فإن عليا لم ينقل عنه مصحف -على ما قيل- ولا غير ذلك، ولكن قد توجد مصاحف على الوضع العثماني، يقال: انها بخط عليٍّ -رضى الله عنه، وفي ذلك نظر؛ فإن في بعضها [كتبه علي بن "أبو"3 طالب] وهذا لحن من الكلام، وعلي -رضى الله عنه- من أبعد الناس عن ذلك؛ فإنه -كما هو المشهور عنه- هو أول من وضع علم النحو، فيما رواه عنه "أبو"4 الأسود ظالم بن عمر الدؤلي، وإنه قسم الكلام إلى اسم
1 في "ط": "المصحف".
2 من "ل". وهو الموافق لما في "المصاحف""ص10"، ووقع في "أ" و"جـ" و"ط":"يجمع"، وهو سبق قلم. والله أعلم.
3 في "جـ": "أبي"؛ وفيه تضييع لهذا التعقب.
4 ساقط من "أ".
وفعل وحرف، وذكر أشياء أُخَر تمَّمها أبو الأسود بعده، ثم أخذ الناس عن أبى الاسود فوسَّعوه ووضَّحوه، وصار علما مستقلا.
وأما المصاحف العثمانية الأئمة فأشهرها -اليوم- الذى فى الشام بجامع دمشق عند الركن، شرقي المقصوة المعمورة بذكر الله، وقد كان قديما بمدينة طبرية، ثم نُقِلَ منها إلى دمشق فى حدود ثمانى عشرة وخمسمائة، وقد رأيته كتابا عزيزا جليلا عظيمًا ضخمًا بخطٍّ حسن مبين قوى بحبر محكم، فى رق أظنه من جلود الإبل، والله أعلم، زاده الله تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا.
فأمَّا عثمان -رضى الله عنه، فما يُعْرَفُ أنه كتب بخطِّه هذه المصاحف، وإنما كتبها زيد بن ثابت فى أيامه وغيره، فنسبت إلى عثمان؛ لأنها بأمره واشارته، ثم قُرِئَتْ على الصحابة بين يدى عثمان، ثم نفذت إلى الآفاق، رضى الله عنه.
وقد قال أبو بكر1 بن أبى داود: حدَّثَنَا عليُّ بن حرب الطائى، ثنا قريش بن أنس، ثنا سليمان التيمى، عن أبى نضرة، عن أبي سعيد مولى
1 وأخرجه الطبريُّ في "تاريخه""4/ 383" من طريق معتمر بن سليمان التيمي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد، فذكره.
وأخرجه عمر بن شبة في "تاريخ المدينة""3/ 1138-1139" من طريق سعيد بن يزيد، حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" "ج1/ رقم 119" من طريق الزهري عن أبي سلمة قال: لما ضرب عثمان
…
إلخ، وحسن إسناده الهيثمي في "المجمع""9/ 94"، وهو منقطع بين أبي سلمة وعثمان رضي الله عنه.
بنى أسيد قال: لما دخل المصريون على عثمان ضربوه بالسيف على يده، فوقعت على:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} فمدَّ يده وقال: والله إنها لأول يد خطت المفصَّل.
وقال أيضًا1: حَدَّثَنَا أبو الطاهر، ثنا ابن وهب قال: سألت مالكا عن مصحف عثمان فقال لى: ذهب.
يحتمل أنه سأله عن المصحف الذى كتبه بيده، ويحتمل أن يكون سأله عن المصحف الذى تركه فى المدينة، والله أعلم.
"قلت": وقد كانت الكتابة فى العرب قليلة جدا، وإنما أول ما تعلموا ذلك، ما ذكره هشام بن محمد بن السائب الكلبى وغيره، أن بشر بن عبد الملك أخا أكيدر دومة تعلم الخطَّ من الأنبار، ثم قدم مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية؛ أخت أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية، فعلَّمَه حرب بن أمية وابنه سفيان، وتعلَّمه عمر بن الخطاب من حرب بن أمية، وتعلمه معاوية من عمه سفيان بن حرب.
وقيل: إنَّ أوَّل من تعلَّمه من الأنبار قومٌ من طيئ، من قرية هناك يقال لها: بقة، ثم هذبوه ونشروه فى جزيرة العرب، فتعلمه الناس.
ولهذا قال أبو بكر بن2 أبى داود: حدَّثَنَا عبد الله بن محمد الزهري "إن شاء الله"3، ثنا سفيان عن مجاهد، عن الشعبى قال: سألنا المهاجرين: من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الأنبار.
1 أخرجه ابن أبي داود "ص35" وسنده صحيح.
2 أخرجه ابن أبي داود "ص4" وسنده صحيح إلى الشعبي.
3 ساقط من "أ" و"ل".
"قلت": والذى كان يغلب على زمان السلف الكتابة المتكوفة، ثم هذَّبَهَا أبو على بن مقلة الوزير، وصار له فى ذلك نهجٌ وأسلوب فى الكتابة، ثم قرَّبَها على بن هلال البغدادى المعروف بـ "ابن البواب"، وسلك الناس وراءه، وطريقته فى ذلك واضحة جيدة.
والغرض أن الكتابة لما كانت فى ذلك الزمان لم تحكم جيدا، وقع فى كتابة المصاحف اختلاف فى وضع الكلمات من حيث صناعة الكتابة لا من حيث المعنى، وصنَّف الناس فى ذلك، واعتنى بذلك الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله فى كتابة:"فضائل القرآن"، والحافظ أبو بكر بن أبى داود رحمه الله، فبوَّبَا على ذلك، وذكرا قطعة صالحة هى من صناعة القرآن ليست مقصدنا هاهنا.
ولهذا نصَّ الإمام مالك "رحمه الله"1 على أنه لا توضع المصاحف إلا على وضع كتابة الامام، ورخَّصَ غيره فى ذلك، واختلفوا فى الشكل والنقط، فمن مرخِّصٍ ومن مانعٍ.
فأما كتابة السورة وآياتها والتعشير والأجزاء والأحزاب "فكثر"2 في مصاحف زماننا، والأولى اتباع السلف الصالح.
ثم قال البخاري3:
1 ساقط من "أ" و"ط".
2 في "أ": "فكثير".
3 كذا نقل ابن كثير -المصنف- رحمه الله عن "صحيح البخاري"؛ والذي فيه: "باب: كاتب النبي صلى الله عليه وسلم" هكذا بالإفراد، وليس بالجمع، ونقل الحافظ في "الفتح""9/ 22" هذا عن المصنف هنا، ثم قال:"لم أقف في شيء من النسخ إلّا بلفظ: "كاتب"، بالإفراد، وهو مطابق لحديث الباب؛ =
.....................................................................................
= نعم قد كتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة غير زيد بن ثابت، أما بمكة فلجميع ما نزل بها؛ لأن زيد بن ثابت إنما أسلم بعد الهجرة، وأما بالمدينة فأكثر ما كان يكتب زيد، ولكثرة تعاطيه ذلك أطلق عليه الكاتب بلام العهد، كما في حديث البراء بن عازب ثاني حديثي الباب، ولهذا قال له أبو بكر: إنك كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان زيد بن ثابت ربما غاب فكتب الوحي غيره، وقدكتب له قبل زيد بن ثابت: أُبَيّ بن كعب، وهو أول من كتب له بالمدينة، وأول من كتب له بمكة من قريش: عبد الله بن سعد بن أبي سرح، ثم ارتدَّ، ثم عاد إلى الإسلام يوم الفتح، وممن كتب له في الجملة: الخلفاء الأربعة، والزبير بن العوام، وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص بن أمية، وحنظلة بن الربيع الأسدي، وعبد الله بن رواحة في آخرين. وروى أحمد وأصحاب السنن الثلاثة، وصَحَّحَه ابن حبان والحاكم، من حديث عبد الله بن عباس، عن عثمان بن عفان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول:"ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا" الحديث. أ. هـ.