المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المحقق

- ‌ترجمة الحافظ ابن كثير رحمه الله

- ‌وصف نسخ الكتاب الخطية:

- ‌صور من الأصول

- ‌كتاب فضائل القرآن:

- ‌جمع القرآن:

- ‌كتابة عثمان رضي الله عنه للمصاحف:

- ‌ذكر كتاب النبى صلى الله عليه وسلم:

- ‌تأليف القرآن:

- ‌القراء من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم:

- ‌نزول السكينة والملائكة عند القراءة:

- ‌من قال: لم يترك النبى صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدَّفتين:

- ‌فضل القرآن على سائر الكلام:

- ‌الوصاة بكتاب الله:

- ‌مَنْ لم يتغنَّ بالقرآن:

- ‌اغتباط صاحب القرآن:

- ‌خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ:

- ‌القراءة عن ظهر قلب:

- ‌استذكار القرآن وتعاهده

- ‌القراءة على الدابة:

- ‌تعلُّم الصبيان القرآن:

- ‌نسيان القرآن، وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا؟ وقول الله: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ}

- ‌من لم ير بأسا أن يقول: سورة البقرة وسورة كذا وكذا:

- ‌الترتيل في القراءة:

- ‌مد القراءة:

- ‌الترجيع:

- ‌حُسْنُ الصَّوْتِ بِالقِرَاءَةِ:

- ‌مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ القِرَاءَةَ مِنْ غَيْرِهِ:

- ‌قول المقرئ للقارئ: حَسْبُكَ:

- ‌في كَمْ يُقْرَأُ القُرْآنُ:

- ‌البكاء عند قراءة القرآن:

- ‌اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم:

- ‌كتاب الجامع لأحاديث شتَّى تتعلق بتلاوة القرآن وفضائله وفضل أهله:

- ‌ذكر الدعاء المأثور لحفظ القرآن وطرد النسيان:

- ‌ الفهارس:

الفصل: ‌في كم يقرأ القرآن:

‌في كَمْ يُقْرَأُ القُرْآنُ:

وقول الله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} :

حدَّثَنا1 علي، حدَّثَنا سفيان قال: قال لى ابن شبرمة: نظرت كم يكفى الرجل من القرآن؟ فلم أجد سورة أقل من ثلاث آيات، فقلت: لا ينبغي لأحد أن يقرأ أقل من ثلاث آيات.

قال سفيان2: أخبرنا منصور، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، أخبره علقمة، عن أبى مسعود، فلقيته وهو يطوف بالبيت، فذكر النبى صلى الله عليه وسلم أن "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة فى ليلة كفتاه".

وقد تَقَدَّم أن هذا الحديث متفق عليه.

وقد جمع البخاري فيما بين عبد الرحمن بن يزيد وعلقمة عن أبي مسعود، وهو صحيح؛ لأن عبد الرحمن سمعه أولا من علقمة، ثم لقى أبا مسعود وهو يطوف فسمعه منه.

وعلى هذا: هو ابن المديني وشيخه سفيان بن عُيَيْنَة، وما قاله عبد الله بن "شبرمة"3 فقيه الكوفة فى زمانه استنباطٌ حسنٌ.

وقد جاء فى حديث فى "السنن"4: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وثلاث

1 البخاري في "الفضائل""9/ 94".

2 قائل ذلك هو عليُّ بن المديني، ووقع هذا صريحًا في سائر روايات "الصحيح"، إلّا رواية أبي ذر، فلم يذكر عليَّ بن المديني، والله أعلم.

3 في "أ": "الكوفة"!!

4 كذا قال ابن كثير رحمه الله: "السنن"، وهذا يعني الأربعة، ولم أجد الحديث فيها ولا في أحدها، إنما أخرجه ابن عدي في "الكامل""5/ 1687" من طريق عمر بن يزيد المدائني، عن عطاء، عن ابن عمر مرفوعًا: "لا تجزئ =

ص: 246

آيات"، ولكن هذا الحديث -أعنى حديث أبى مسعود- أصح وأشهر وأخص، ولكن وجه مناسبته للترجمة التى ذكرها البخارى فيه1 نظر، والله أعلم، والحديث الثانى أظهر فى المناسبة وهو قوله:

حدَّثَنا2 موسى بن إسماعيل، ثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو قال: أنكحنى أبى امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كَنَّتَهُ، فيسألها عن بعلها، فتقول: نعم الرجل من رجل، لم يطأ لنا فراشًا، ولم يفتش لنا كنفا منذ اتيناه، فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"القِنِي به"، فلقيته بعد، فقال:"كيف تصوم"؟، قال: كل يوم، قال:"كيف تختم"؟، قال: كل ليلة، قال:"صم كل شهر ثلاثة، واقرأ القرآن فى كل شهر"، قال: قلت: انى أطيق أكثر من ذلك، قال:"صم ثلاثة أيام فى الجمعة"، قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال:"أفطر يومين وصم يوما"، قلت: أطيق أكثر

= في المكتوبة إلّا بفاتحة الكتاب، وثلاث آيات فصاعدًا".

وأخرجه ابن الجوزي في "الواهيات""1/ 419" من طريق ابن عدي وقال: "هذا حديث لا يصح، ومحمد بن معاوية، قال محمد بن عبد الله الحضرمي: لا نريده، كان واقفيًا، وعمر بن يزيد انفرد بما لا يرويه غيره". أ. هـ.

والصواب إعلاله بعمر بن يزيد، فقد قال ابن عدي:"منكر الحديث"، وما أورده ابن عدي في ترجمته يدل على وهائه، والله أعلم.

1 كذا قال المصنِّف رحمه الله، وتعَقَّبَه الحافظ في "الفتح""9/ 95"، فقال:"وقد خفيت مناسبة حديث أبي مسعود بالترجمة على ابن كثير، والذي يظهر أنها من جهة أن الآية المترجم بها تناسب ما استدلَّ به ابن عُيَيْنَة من حديث أبي مسعود، والجامع بينهما أن كلًّا من الآية والحديث يدل على الاكتفاء بخلاف ما قال ابن شبرمة". أ. هـ.

2 البخاري في "فضائل القرآن""9/ 94-95".

ص: 247

من ذلك، قال:"صم، أفضل الصوم صوم داود: صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ فى كل سبع ليال مرة"، فليتنى قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنى كبرت وضعفت، فكان يقرأ على بعض أهله السبع من القرآن بالنهار، والذى يقرأ يعرضه بالنهار؛ ليكون أخَفَّ عليه بالليل، وإذا أراد أن يتقوى أفطر أيامًا وأحصى وصام مثلهن، كراهية أن يترك شيئا فارق عليه النبى صلى الله عليه وسلم.

وقال بعضهم1: فى ثلاث، وفى خمس، وأكثرهم على سبع.

وقد رواه فى "الصوم"2، والنسائى أيضًا عن بندار، عن غُنْدُر، عن شعة، عن مغيرة، والنسائى من حديث حُصَيْن، كلاهما عن مجاهد به.

ثم روى البخارى3 ومسلم وأبو داود من حديث يحيى بن أبى كثير،

1 القائل هو البخاري.

2 "4/ 224".

وأخرجه النسائي "4/ 209-210"، وفي "فضائل القرآن""91"، وآخرون تَقَدَّمَ ذكرهم.

3 أخرجه البخاري في "الفضائل""9/ 95"، ومسلم "1159/ 184"، والبيهقي في "الكبرى""2/ 396 و4/ 299"، وفي "الشعب""ج5/ رقم 975"، وفي "الصغرى""993" من طريق شيبان بن عبد الرحمن، عن يحيى بن أبى كثير، عن محمد بن عبد الرحمن مولى بني زهرة، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.

أمَّا أبو داود؛ فإنه روى الحديث "1388" من طريق أبان العطَّار، عن يحيى بن أبى كثير، عن محمد بن إبراهيم، وليس عن محمد بن عبد الرحمن، وبهذا يتبيَّن وَهْمُ الحافظ ابن كثير رحمه الله في عَزْوِهِ الطريق السابق لأبي داود، مع أنَّ سياق حديث شيبان يختلف عن حديث أبان، والله أعلم.

ص: 248

عن محمد بن عبد الرحمن مولى "بنى زهرة"1، عن أبى سلمة قال: وأحسبنى سمعتُ أنا من أبى سلمة عن عبد الله بن عمرو قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: "اقرأ القرآن فى شهر"، قلت: إنى أجد قوة، قال:"فاقرأه فى سبع، ولا تزد على ذلك".

فهذا السياق ظاهره يقتضى المنع من قراءة القرآن فى أقل من سبع.

وهكذا الحديث الذى رواه أبو عبيد2:

حدَّثَنا حجاج وعمر بن طارق ويحيى بن بكير، كلهم عن ابن لهيعة، عن حِبَّان بن واسع، عن أبيه، عن قيس بن صَعْصَعَة، أنه قال للنبى صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، فى كم اقرأ القرآن؟ قال:"فى كل خمس عشرة"، قال: إنى أجدنى أقوى من ذلك، قال:"ففى كل جمعة".

وحدَّثَنا3 حجاج، عن شعبة، عن محمد بن ذكوان -رجل من أهل الكوفة- قال: سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يقول: كان عبد الله

1 في "أ": "أبي هريرة"!

2 في "فضائل القرآن""ص87".

وأخرجه يعقوب الفسوي في "التاريخ""1/ 298"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""2008"، والطبراني في "الكبير""ج18/ رقم 877" من طُرُقٍ عن ابن لهيعة، حدثني حِبَّان بن واسع، عن أبيه، عن قيس بن أبي صعصعة، فذكره.

قال الهيثمي في "المجمع""2/ 269": "فيه ابن لهيعة، وفيه كلام"، قلت: وقد اضطرب في إسناده، كما يأتي إن شاء الله تعالى، وقد ذكر ابن السكن -كما في "الإصابة""5/ 479"- أن ابن لهيعة تَفَرَّدَ به.

3 أبو عُبَيْد في "الفضائل""ص87"، ويأتي الكلام عليه قريبًا إن شاء الله تعالى.

ص: 249

ابن مسعود يقرأ القرآن فى غير رمضان من الجمعة إلى الجمعة، وعن1 حجاج، عن شعبة، عن أيوب، سمعت أبا قلابة عن أبى المهلب قال: كان أُبَيُّ بن كعب يختم القرآن في كل ثمان.

1 أبو عبيد في "الفضائل""ص88".

وأخرجه عبد الرزاق "ج3/ رقم5949"، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات""1209"، وابن سعيد "3/ 500"، والفريابي في "فضائل القرآن""133، 134، 135، 136"، وابن نصر في "قيام الليل""ص156"، وأبو عمرو الداني في "البيان في عد آي القرآن""ص323" من طرق عن أيوب السخستياني، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن أُبَيّ بن كعب، فذكره. وهذا سند ظاهره الصحة، وقد صرَّح أبو المهلَّب بالسماع من أُبَيّ بن كعب في رواية معمر بن راشد والثوري عن أيوب، وكلاهما من الثقات الأثبات، ولكن قال شعبة:"أبو المهلَّب لم يسمع من أُبَيّ بن كعب". كذا في "المراسيل""ص143" لابن أبي حاتم، وزاد في "مقدمة الجرح والتعديل" "ص129":"أبو المهلب لم يسمع من أُبَيّ حديثه أنه كان يقرأ القرآن في ثمان"، ومثل هذا النفي الخاص يُقَدَّمُ على مطلق القول بالسماع عند بعض العلماء، فلعلَّ الثوري ومعمرًا حفظا ما لم يحفظه شعبة، والعبرة في إثبات السماع بالأسانيد الصحيحة، إذ لعلَّ النافي لم يطَّلع على مثل هذا الإسناد، أو وقع له الإسناد بواسطة بينهما، فإذا رآه مرة بغير واسطة جزم بالانقطاع، والذي عندي أن الإسناد صحيح ما لم يقع التصحيف في الكتاب، والله أعلم. وقد خولف أيوب؛ خالفه خالد الحذَّاء، فرواه عن أبي قلابة، قال: كان أُبَيّ بن كعب يختم في كل ثمان، أخرجه أبو عبيد "ص88"، وعنه أبو عمرو الداني في "البيان""ص325" من طريق عليّ بن عاصم، عن خالد. وتوبع علي بن عاصم؛ تابعه هشيم، عن خالد الحذّاء، أخرجه أبو عمرو الداني أيضًا، وخالفهما وهيب، فرواه عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي المهلَّب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلَّب، عن أُبَيّ بن كعب، أخرجه الفريابي في "الفضائل""136".

ص: 250

وكان1 تميم الدارى يختمه فى كل سبع.

وحدَّثَنا2 هشيم، عن الأعمش، عن إبراهيم، 3 [أنه كان يقرأ القرآن في كل سبع.

حدثنا4 جرير، عن منصور، عن ابراهيم] 3، قال: كان الأسود يختم القرآن فى كل ست.

وكان علقمة يختمه فى كل خمس، فلو تركنا ومجرد هذا؛ لكان الأمر في ذلك جليا، ولكن دلَّت أحاديث أُخَر على جواز قراءته فيما دون ذلك، كما:

رواه الإمام أحمد فى "مسنده"5: حدَّثَنا حسن، ثنا ابن لهيعة،

1 أخرجه أبو عبيد "ص88"، وأبو عمرو الداني في "البيان""ص325"، والفريابي "136".

2 أخرجه أبو عبيد "ص88"، وعنه الداني "ص328"، وسنده صحيح.

3 ساقط من "أ".

4 أخرجه أبو عبيد "ص88"، وابن أبي شيبة "2/ 501"، والفرياي "139"، وأبو نُعَيْم في "الحلية""2/ 99، 103"، والبيهقي في "الشعب""ج5/ رقم 2000"، وأبو عمرو الداني "ص326، 327"، وابن حِبَّان في "الثقات""4/ 31" من طرق عن منصور، عن إبراهيم، وسنده صحيح، وتابعه الأعمش عن إبراهيم، أخرجه الداني "ص327".

5 سقط هذا الحديث من "المسند" المطبوع، وقد ذكره الحافظ في "أطراف المسند""2/ 465"، وكذا عزاه الهيثمي في "المجمع""2/ 268" إلى أحمد.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد""1274"، وأبو عبيد "ص88"، والفريابي "128"، كلاهما في "فضائل القرآن"، والطبراني في "الكبير" =

ص: 251

حدَّثَنا حِبَّان بن واسع، عن أبيه، عن سعد بن المنذر الأنصارى أنه قال: يا رسول الله، اقرأ القرآن فى ثلاث؟ قال:"نعم". قال: فكان يقرؤه حتى توفى.

وهذا إسناد جيد قوى "حسن1، فإن" حسن "بن موسى"2 الأشيب ثقةٌ متفقٌ على جلالته، روى له الجماعة وابن لهيعة، إنما يُخشى من تدليسه أو سوء حفظه، وقد صرَّح ههنا بالسماع، وهو من أئمة العلماء بالديار المصرية في زمان، وشيخه حِبَّان بن واسع بن حِبَّان وأبوه، كلاهما من رجال مسلم، والصحابى لم يخرج له أحد من أهل الكتب الستة، وهذا على شرط كثير منهم، والله أعلم.

وقد رواه أبو عبيد رحمه الله عن ابن بكير، عن ابن لهيعة، عن حِبَّان بن واسع، عن أبيه، عن سعد بن المنذر الأنصارى أنه قال: يا رسول الله، اقرأ القرآن فى ثلاث؟ قال:"نعم، إن استطعت"، قال: فكان يقرؤه

= "ج6/ رقم 5481"، والداني في "البيان""ص326"، من طرق عن ابن لهيعة بسنده سواء. وقد أجاب المؤلف رحمه الله عن ابن لهيعة، فقال:"وابن لهيعة إنما يُخشى من تدليسه أو سوء حفظه، وقد صرَّح هَهُنَا بالسماع، وهو من أئمة العلماء بالديار المصرية". أ. هـ. فلم يُجب ابن كثير على اتهامه بسوء الحفظ إلَّا بقوله: هو من أئمة العلماء، وهذا لا يعني أنه حافظٌ ثَبْتٌ، فكم من عالمٍ فقيهٍِ وصالحٍ دَيِّنٍ لم يقبل العلماء روايته لخفة ضبطه، وهذا الحديث قد اضطرب فيه ابن لهيعة في تسمية صحابي الحديث، وإن كان الأشبه أنه "سعد بن المنذر" لرواية ابن المبارك، وهو من قدماء أصحاب ابن لهيعة، فالله أعلم.

1 ساقط من "جـ".

2 في "جـ": "ابن أبي موسى"!!

ص: 252

كذلك حتى توفى.

"حديث آخر": قال أبو عبيد1: حدَّثَنا يزيد، عن همَّام، عن قتادة، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تفقه في قرءة في أقل من ثلاث".

وهكذا أخرجه أحمدُ وأصحابُ "السنن الأربعة" من حديث قتادة به.

وقال الترمذى: "حسن صحيح".

"حديث آخر": قال أبو2 عبيد: حدَّثنا يوسف بن الغَرِق3، عن الطَّيِّبِ بن سلمان قال: حدَّثَتْنَا عمرة بنت عبد الرحمن، أنها سمعت عائشة تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يختم القرآن في أقل من ثلاث.

1 أخرجه أبو عبيد في "الفضائل""ص89".

وأخرجه أبو داود "1390-1394"، والترمذي "2949"، والنسائي في "الفضائل""92"، وابن ماجه "1347"، والدارمي "1/ 289"، وأحمد "6535، 6546، 6775"، والطيالسي "2275"، وابن أبي شيبة ط2/ 500-501"، وابن حبان "758"، والفريابي "143-145"، والبيهقي في "الشعب" "ج5/ رقم 1981"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" "1/ 265" من طرق عن قتادة بسنده سواء، وقد اختلف في إسناده، وهذا أرجح الوجوه، والله أعلم، ومن ثَمَّ صحَّحَه الترمذي.

2 في "الفضائل""ص88-89".

وشيخ أبي عبيد: "يوسف بن الغَرِق"؛ كذَّبه أبو الفتح الأزديّ، وقال أبو علي الحافظ:"منكر الحديث"، ووثَّقَه ابن حِبَّان، ومشَّاه ابن عدي "7/ 2625"، وليَّنَه أبو حاتم الرازي.

3 الغَرِق: بالغين المعجمة والقاف بينهما راء مكسورة. وانظر "تبصير المنتبه""3/ 1041".

ص: 253

هذا حديث غريب جدًا، وفيه ضعف؛ فإن الطيب بن سلمان هذا بصرى؛ ضعَّفَه الدارقطنى، وليس هو بذاك المشهور، والله أعلم.

وقد كره غير واحد من السلف قراءة القرآن فى أقلِّ من ثلاثٍ، كما هو مذهبُ "أبى عبيد"1 وإسحاق بن راهويه وغيرهما من الخلف أيضًا.

قال أبو2 عبيد: حدَّثَنا يزيد، عن هشام بن حسان، عن حفصة، عن أبى العالية، عن معاذ بن جبل، أنه كان يكره أن يقرأ القرآن فى أقل من ثلاث.

صحيح.

وحدَّثَنا3 يزيد، عن سفيان، عن على بن بذيمة، عن أبى عبيدة، قال عبد الله: من قرأ القرآن في أقل في ثلاث؛ فهو راجز.

..................................................................................

1 في "جـ": "أبو عبيد" على حكاية الحال.

2 في "فضائل القرآن""ص89".

وأخرجه أبو عمرو الداني في البيان "ص325-326" من طريق سفيان، عن هشام، عن أم الهذيل، عن أبي العالية، عن معاذ أنه كان يقرؤه في ثلاث، ووقع في "الكتاب":"أم البديل" وهو تصحيف. وأم الهذيل هي حفصة بنت سيرين، وقد صحَّحَه المؤلف رحمه الله، ولكن نقل ابن أبي حاتم في "المراسيل" "ص58" عن شعبة أنه قال:"قد أدرك أبو العالية رفيع بن مهران عليَّ بن أبي طالب ولم يسمع منه شيئًا". وقد قُتِلَ أمير المؤمنين عليِّ رضي الله عنه في رمضان سنة أربعين، ومات معاذ بن جبل رضي الله عنه سنة ثماني عشرة في خلافه عمر، وقد أدرك أبو العالية الجاهلية، فإدراكه لمعاذ صحيح، والله أعلم.

3 أخرجه أبو عبيد "ص89".

ص: 254

وحدَّثَنا1 حجاج، عن شعبة، عن على بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله مثله "سواء"2.

وحدَّثَنا3 حجاج، عن شعبة، عن محمد بن ذِكْوان، عن "عبد الرحمن ابن"4 عبد الله بن مسعود، عن أبيه، أنه كان يقرأ القرآن فى رمضان فى ثلاث.

إسناد صحيح.

[وفي5 "المسند"6 عن عبد الرحمن بن شبل مرفوعًا: "اقرءوا

1 يأتي تخريجه في آخر كتاب "فضائل القرآن".

2 ساقط من "أ".

3 أخرجه أبو عبيد "ص87"، وابن نصر في "قيام الليل""ص155"، والفريابي "123"، والطبراني في "الكبير""ج9/ رقم 8706"، وابن أبي داود، وأبو عمرو الداني في "البيان""ص325" من طرق عن شعبة، عن محمد بن ذكوان، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، وأخرجه البخاري في "التاريخ " 1/ 1/ 78" من هذا الوجه بلفظ "كان عبد الله يختم في جمعة".

وقد صحَّح إسناده المؤلف رحمه الله، وقد قال الذهب:"محمد بن ذكوان اروى عه غير شعبة". فهذا يعني أنه مجهول، وقد تبع الذهبي ابن أبي حاتم في هذا، وقد وقع لابن أبي حاتم خلط، فنقل ما قيل في محمد بن ذكوان بياع الأكيسة، نقله في محمد بن ذكوان خال والد حمّاد بن زيد، وهذا ضعيف، وذاك وثَّقَه ابن معين وابن حِبَّان، وقال شعبة:"كان كخير الرجال"، فالصواب أن إسناد الحديث حسن، والله أعلم.

4 ساقط من "أ".

5 ساقط من "أ" و"ط".

6 أخرجه أحمد "3/ 444"، وأبو يعلى "ج3/ رقم 1518"، والبيهقي في "الشعب""ج5/ رقم 2383" من طرق عن يحيى ابن أبي كثير عن زيد بن سلام، عن جده أبي سلام، عن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن شبل، فذكره، وسنده صحيح، وقد اختُلِفَ في إسناده، وهذا أثبت الوجوه.

ص: 255

القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به".

فقوله: "لا تغلو فيه"؛ أي: لا تُبالغوا في تلاوته بسرعة في أقصر مدة، فإن ذلك ينافي التدبير غالبًا، ولهذا قابله بقول:"ولا تجفوا عنه"؛ أي: لا تتركوا تلاوته] 1.

فصل:

وقد ترخَّصَ جماعات من السلف فى تلاوة القرآن فى أقل من ذلك؛ منهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضى الله عنه.

قال أبو عبيد2 رحمه الله: حدَّثَنا حجاج، عن ابن جُرَيْج، أخبرنى ابن خُصَيْفَة، عن السائب بن يزيد، أن رجلا سأل عبد الرحمن بن عثمان التيمى عن صلاة طلحة بن عبيد الله، فقال: إن شئت أخبرتك عن صلاة

1 ما بين المعكوفين ساقط من "أ" و"ط".

2 أخرجه أبو عبيد في "الفضائل""ص90".

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف""ج3/ رقم 4653" من طريق ابن جريج بسنده سواء.

وصحَّحَ المؤلف سنده وهو كما قال، ولكن ليس في هذه الرواية دلالة على أن عثمان رضي الله عنه ختم القرآن في ركعة، بل فيها عكسه، فهي تدل بجلاء على أنه صلَّى أكثر من ركعة، لكنه أوتر بواحدة لم يصل غيرها، ولو أنه أثبت بدلها رواية ابن المنكدر عن عبد الرحمن بن عثمان، لكان أولى من هذه في مقام الاحتجاج، وقد سقت لفظها مع طرق أخرى في "تسلية الكظيم"، فلله الحمد.

ص: 256

عثمان -رضى الله عنه، فقال: نعم، قال: قلت: لأغلبن الليلة على الحجر، فقمت، فلما قمتُ إذ أنا برجل مقنَّع يزحمنى، فنظرت، فإذا عثمان بن عفان -رضى الله عنه، فتأخرت عنه فصلى، فإذا هو يسجد سجود القرآن، حتى إذا قلتُ، هذه هوادي الفجر؛ أوتر بركعة لم يصل غيرها.

وهذا إسناد صحيح.

ثم قال1: حدَّثَنا هشيم، أنا منصور، عن ابن سرير قال: قالت نائلة بنت الفرافصة الكلبية، حيث دخلوا على عثمان ليقتلوه، إن تقتلوه أو تدعوه؛ فقد كان يحيى الليل كله بركعة يجمع فيها القرآن.

وهذا حسن.

وقال2 أيضًا: حدَّثَنا أبو معاوية، عن عاصم، عن ابن سليمان، عن ابن سيرين، أن تميما الدارى قرأ القرآن في ركعة.

.....................................................................

1 أخرجه أبو عبيد "ص90-91".

وأخرجه ابن أبي شيبة "1/ 367" قال: حدثنا هشيم بإسنادة سواء.

وأخرجه ابن أبي شيبة "2/ 503" أيضًا، وابنُ سعد "3/ 75، 76" وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة""4/ 1272"، والطبراني في "الكبير""ج1/ رقم 130"، وأبو نُعَيْم في "الحلية""1/ 57" من طرق عن ابن سيرين، فذكره.

2 أخرجه أبو عبيد "ص91".

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد""1277"، وابن أبي شيبة "2/ 502"، وعنه ابن حِبَّان في "الثقات""3/ 40"، والبيهقي في "الكبرى""3/ 25"، وفي "الشعب""ج5/ رقم1994" من طريق عاصم الأحول بسنده سواء.

ص: 257

حدَّثَنا1 حجاج، عن شعبة، عن حَمَّاد، عن سعيد بن جبير أنه قال: قرأت القرآن فى ركعة فى البيت؛ يعنى: الكعبة.

وحدَّثَنا2 جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة أنه قرأ القرآن فى ليلة، طاف بالبيت أسبوعًا، ثم أتى المقام فصلى عنده3، [فقرأ بالطُّوَل، ثم طاف بالبيت أسبوعًا، ثم أتى المقام فصلى عنده] 3، فقرأ بالمئين، ثُمَّ طاف بالبيت أسبوعًا، ثمَّ أتى المقام فصلَّى عنده فقرأ بقية القرآن.

وهذه كلها أسانيد صحيحة.

ومن أغرب ما ههنا ما رواه أبو عبيد4 رحمه الله، حدَّثنا سعيد بن

1 أبو عبيد في "الفضائل""ص91".

وأخرجه ابن حِبَّان في "الثقات""4/ 276" عن وكيع، والطحاوي في "شرح المعاني""1/ 348" من طريق أبي نُعَيْم وابن سعد "6/ 259"، حدَّثَنا يزيد بن هارون جميعًا، عن الثوري، عن حمَّاد مثله.

وأخرجه أبو عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد""ص370" وعنه أبو نعيم في "الحلية""4/ 273" من طريق إسحاق مولى عبد الله بن عمر، عن هلال بن يساف قال: دخل سعيد بن جبير الكعبة فقرأ القرآن في ركعة، وعلَّق الذهبي في "السير" "4/ 325" بقوله:"هذا خلاف السنة".

2 أخرجه أبو عبيد "ص91" وعنه ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق""ج11/ ق822"، وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" "140" قال: حدَّثَنا عثمان بن أبي شيبة، وابن حِبَّان في "الثقات" "5/ 208" عن أبي بكر بن أبي شيبة قالا: حدَّثَنا جرير بسنده سواء.

"3-3" ساقط من "أ"، وليس هو في "كتاب أبي عبيد" أيضًا، فالله أعلم.

4 في "الفضائل""ص91". وهو غريب جدًّا، لا أصدقه، فإنه لا يكاد المرء يفعل ذلك ولو قرأ القرآن هذًّا هذًّا. نعم! ذكر الذهبي في "السير""4/ 132" عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد أن سليم بن عتر كان يقرأ القرآن كل ليلة ثلاث مرات. وسنده ضعيف.

ص: 258

عُفير، عن بكر بن مضر، أن سليم بن عتر التجيبي كان يقرأ القرآن فى ليلة ثلاث مرَّات، ويجامعُ ثلاث مرات، قال: فلمَّا مات قالت امرأته: رحمك الله، إن كنت لتُرضي ربَّك وترضى أهلك، قالوا: وكيف ذلك؟ قالت: كان يقوم من الليل فيختم بالقرآن، ثم يُلمُّ بأهله، ثم يغتسل ويعود، فيقرأ حتى يختم، ثم يُلمّ بأهله، ثم يغتسل ويعود، فيقرأ حتى يختم، ثم يُلِمُّ بأهله، ثم يغتسل ويخرج إلى صلاة الصبح.

قلت: كان سليم بن عتر تابعيا جليلا ثقة نبيلا، وكان قاضيا بمصر أيام معاوية وقاصَّها.

قال أبو حاتم1: روى عن أبى الدرداء وعنه ابن زحر.

ثم قال: حدَّثَنِي محمد بن عون، عن أبى صالح كاتب الليث، حدثنى حرملة بن عمران، عن كعب بن علقمة قال: كان سليم بن عتر من خير التابعين.

وذكره ابن يونس فى "تاريخ مصر"، وقد روى ابن أبى داود عن مجاهد، أنه كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء.

وعن منصور2 قال: كان عليٌّ الأزديُ يختم فيما بين المغرب والعشاء

1 في "الجرح والتعديل""2/ 1/ 211-212".

2 أخرجه ابن حِبَّان في "الثقات""5/ 164-165" من طريق ابن أبي شيبة، ثنا عبيدة بن حميد، عن منصور به. وسنده صحيح.

ص: 259

كل ليلة من رمضان.

وعن إبراهيم بن سعد قال: كان أبى يحتبى، فما يحلُّ حَبْوَتَه حتى يختم القرآن.

قلت: وروى عن منصور1 بن زاذان، أنه كان يختم فيه بين الظهر والعصر، ويختم أخرى فيما بين المغرب والعشاء، وكانوا يؤخرونها قليلا.

وعن الإمام الشافعى رحمه الله أنه كان يختم فى اليوم والليلة من شهر رمضان ختمتين، وفي غيره ختمة.

وعن أبي عبد الله البخارى صاحب "الصحيح" أنه كان يختم فى الليلة ويومها من رمضان ختمة.

ومن غريب هذا وبديعه ما ذكره الشيخ أبو عبد الرحمن السلمى الصوفى قال: سمعت الشيخ أبا عثمان المغربى يقول: كان ابن الكاتب يختم بالنهار أربع ختمات، وبالليل أربع ختمات، وهذا نادر جدا، فهذا وأمثاله من الصحيح عن السلف محمول إما على أنه ما بلغهم فى ذلك حديث مما تَقَدَّمَ، أو أنهم كانوا يفهمون ويتفكرون فيما يقرءونه "مع"2 هذه السرة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

قال الشيخ أبو زكريا النواوي في كتابه................

1 أخرجه البيهقي في "الشعب""ج5/ رقم1999"، وأبو نُعَيْم في "الحلية""3/ 57، 58" من طريق هشام بن حسان قال: صليت إلى جنب منصور بن زاذان فيما بين المغرب والعشاء، فختم القرآن وبلغ في الثانية إلى النحل، ووقع في رواية ابن معين عن يحيى بن أبي بكير:"في رمضان".

وأخرجه ابن حِبَّان في "الثقات""7/ 474" عن يزيد بن هارون نحوه.

2 في "جـ": "في".

ص: 260

"التبيان"1 بعد ذكر طرف مما تَقَدَّمَ: والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان له بدقيق الفكر لطائف ومعارف، فليَقْتَصِر على قدرٍ يحصل له كمال فهم ما يقرؤه، وكذا من كان مشغولا بنشر العلم وغيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مُرْصَدٌ له، وإن لم يكن من هؤلاء، فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حَدِّ الملل والهذرمة.

ثم قال البخاري2 رحمه الله:

1 "ص76".

2 في "فضائل القرآن""9/ 98" وتَقَدَّمَ تخريجه.

ص: 261