المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب فضله وبيان من فرض عليه - فقه الإسلام = شرح بلوغ المرام - جـ ٤

[عبد القادر شيبة الحمد]

الفصل: ‌باب فضله وبيان من فرض عليه

بسم الله الرحمن الرحيم

‌كتاب الحج

‌باب فضله وبيان من فُرضَ عليه

ص: 3

1 -

عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" متفق عليه.

[المفردات]

الحج: هو لغة القصد إلى شئ معظم، واصطلاحا: قصد بيت اللَّه الحرام لأداء مناسك مخصوصة بصفة مخصوصة فى زمن مخصوص. والحج بفتح الحاء وكسرها. وهو أحد أركان الإسلام الخمسة.

فضله: أى فضل الحج.

من فُرضَ عليه: أى لزمه ووجب عليه.

العمرة: هى لغة الزيارة، قال الحافظ فى الفتح: وقيل إنها مشتقة من عمارة المسجد الحرام، واصطلاحا هى الاحرام من الميقات والطواف والسعى والحلق أو التقصير.

إلى العمرة: قيل: إن "إلى" هنا بمعنى مع، والمراد العمرة بعد العمرة.

لما بينهما: أى لما بين العمرتين.

المبرور: أى المؤدى على نهج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الخالى من الرفث والفسوق والجدال.

جزاء: أى ثواب وأجر ومكافأة.

[البحث]

عنون المصنف رحمه الله بقوله: "باب فضله" يعنى فضل الحج

ص: 3

وساق هذا الحديث وهو فى فضل العمرة والحج، ولا عيب فى مثل هذا الصنيع لأن المعيب أن يعنون لشئ ويأتى بأقل مما فى العنوان.

وقد أخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن عمرة فى رمضان تعدل حجة معه صلى الله عليه وسلم فقد روى البخارى ومسلم واللفظ لمسلم من طرق عطاء قال: سمعت ابن عباس يحدثنا قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها: "ما منعك أن تحجى معنا؟ " قالت: لم يكن لنا إلا ناضحان فحج أبو ولدها وابنها على ناضح وترك لنا ناضحا نَنْضِحُ عليه، قال:"فإذا جاء رمضان فاعتمرى فإن عمرة فيه تعدل حجة" وفى رواية للبخارى ومسلم واللفظ للبخارى من طريق عطاء عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: لما رجع النبى صلى الله عليه وسلم من حجته قال لأم سنان الأنصارية: "ما منعك من الحج؟ " قالت: أبو فلان تعنى زوجها كان له ناضحان حج على أحدهما والأخر يسقى أرضًا لنا. قال فإن عمرة فى رمضان تقضى حجة أو حجة معى" وفى قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث الباب: "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" زيادة فضل للحج عن الفضل الثابت بقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى أخرجه الشيخان عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من حج للَّه فلم يَرفثْ ولم يفسُقْ رجع كيوم ولدته أمه".

[ما يفيده الحديث]

1 -

استحباب كثرة الاعتمار.

2 -

جواز الاعتمار قبل الحج.

3 -

جواز الاعتمار فى أشهر الحج.

ص: 4

4 -

وجوب الحرص على ترك الرفث والفسوق والجدال فى الحج.

ص: 5

2 -

وعن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: قلت: يا رسول اللَّه على النساء جهاد؟ قال: "نعم علين جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة" رواه أحمد وابن ماجه واللفظ له، وإسناده صحيح، وأصله فى الصحيح.

[المفردات]

على النساء جهاد: أى هل على النساء قتال فى سبيل اللَّه؟ نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: أى عليهن عمل يعطيهن اللَّه تعالى عليه أجر المجاهدين ولا يتعرضن فيه للقتال، وفسره صلى الله عليه وسلم بالحج والعمرة، وهذا الجواب النبوى هو الأسلوب البلاغى المعروف بأسلوب الحكيم، وسمى الحج والعمرة جهادا لما فيهما من مجاهدة النفس.

واللفظ له: أى لابن ماجه.

وأصله فى الصحيح: أى فى صحيح البخارى من حديث عائشة رضى اللَّه عنها.

[البحث]

أصل هذا الحديث الذى فى الصحيح هو ما رواه البخارى فى باب حج النساء من كتاب الحج من طريق مسدد: حدثنا عبد الواحد حدثنا حبيب بن أبى عمرة قال: حدثتنا عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضى اللَّه عنها قالت:

ص: 5

قلت: يا رسول اللَّه! ألا نغزو أو نجاهد معكم؟ فقال: لكن أحسن الجهاد وأجله الحج، حج مبرور" فقالت عائشة: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم" ورواه البخارى فى باب فضل الحج المبرور قال: حدثنا عبد الرحمن ابن المبارك حدثنا خالد أخبرنا حبيب بن أبى عمرة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضى اللَّه عنها أنها قالت: يا رسول اللَّه نرى الجهاد أفضل العمل، قال: "لكن أفضل الجهاد حج مبرور" قال الحافظ فى الفتح: اختلف فى ضبطه لكن فالأكثر بضم الكاف خطاب للنسوة، قال القابسى: وهو الذى تميل إليه نفسى، وفى رواية الحموى: لكن بكسر الكاف وزيادة ألف قبلها بلفظ الاستدراك، والأول أكثر فائدة لأنه يشتمل على إثبات فضل الحج وعلى جواب سؤالها عن الجهاد اهـ ولفظ الحديث الباب أخرجه ابن ماجه من طريق محمد بن فضيل عن حبيب، ببقية سند البخارى ولذلك قال المصنف: إسناده صحيح، وإطلاق لفظ الجهاد على غير القتال قد ثبت كذلك فى الصحيحين من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضى اللَّه عنه أن رجلا استأذن النبى صلى الله عليه وسلم فى الجهاد فقال: "أحيّ والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد".

[ما يفيده الحديث]

1 -

إن الحج والعمرة يقومان مقام القتال فى سبيل اللَّه بالنسبة للنساء.

ص: 6

2 -

وأن النساء لا يجب عليهن القتال.

3 -

أن الحج والعمرة من الجهاد فى سبيل اللَّه.

ص: 7

3 -

وعن جابر ابن عبد اللَّه رضى اللَّه عنهما قال: أتى النبىَّ صلى الله عليه وسلم أعرابى فقال: يا رسول اللَّه! أخبرنى عن العمرة أوَاجِبة هى؟ فقال: "لا. وأن تعتمر خير لك" رواه أحمد والترمذى، والراجح وقفه، وأخرجه ابن عَدِى من وجه آخر ضعيف عن جابر مرفوعا "الحج والعمرة فريضتان".

[المفردات]

أعرابى: هو أحد الأعراب وهم سكان البادية.

عن العمرة: أى عن حكمها الشرعى.

فقال: لا: أى أخبره أنها غير واجبة.

خير لك: أى إن عمل العمرة مستحب.

وقفه: أى على جابر رضى اللَّه عنه وليس من كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

[البحث]

هذا الحديث عند أحمد والترمذى من رواية الحجاج بن أرطأة، وهو ضعيف. قال الحافظ فى التلخيص: قال البيهقى: المحفوظ عن جابر موقوف، كذا رواه ابن جريج وغيره، وروى عن جابر

ص: 7

بخلاف ذلك مرفوعا، يعنى حديث ابن لهيعة، وكلاهما ضعيف، ثم أشار الحافظ إلى أنه قد نسب إلى الترمذى تصحيحه من هذا الوجه، وقد نبه صاحب الإمام إلى أنه لم يزد على قوله حسن. ثم قال: وفى تصحيحه نظر كثير من أجل الحجاج فإن الأكثر على تضعيفه والاتفاق على أنه مدلس، وقال النووى: ينبغى أن لا يغتر بكلام الترمذى فى تصحيحه فقد اتفق الحفاظ على تضعيفه، وقد نقل الترمذى عن الشافعى أنه قال: ليس فى العمرة شئ ثابت، أنها تطوع، وأفرط ابن حزم فقال: إنه مكذوب باطل اهـ، والمراد بالوجه الآخر الضعيف الذى أخرجه ابن عدى من حديث جابر مرفوعا هو ما أخرجه ابن عدى من طريق ابن لهيعة، وهو ضعيف أيضا كما تقدم فى كلام الحافظ فى التلخيص، ثم قال الحافظ فى التلخيص: ورواه ابن عدى من طريق أبى عصمة عن ابن المنكدر أيضا، وأبو عصمة كذبوه اهـ.

هذا وقد قال البخارى فى صحيحه: باب وجوب العمرة وفضلها" وقال ابن عمر رضى اللَّه عنهما: ليس أحد إلا وعليه حجة وعمرة. وقال ابن عباس رضى اللَّه عنهما: إنها لقرينتها فى كتاب اللَّه عز وجل -وأتموا الحج والعمرة للَّه- قال الحافظ فى الفتح: والضمير فى قوله: "لقرينتها" للفريضة، وكان أصل الكلام أن يقول: لقرينته" لأن المراد الحج اهـ.

ص: 8

4 -

وعن أنس رضى اللَّه عنه قال: قيل: يا رسول اللَّه ما السبيل؟ قال: "الزاد والراحلة" رواه الدارقطنى وصححه الحاكم والراجح إرساله. وأخرجه الترمذى من حديث ابن عمر وفى إسناده ضعف.

[المفردات]

ما السبيل: أى الذى ذكره اللَّه عز وجل حيث قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} يعنى الشئ الذى يكون به الإنسان قادرا على الحج وأصل السبيل الطريق.

الزاد: أى نفقة طعامه وشرابه.

الراحلة: أى المركب الذى يركبه من حيوان أو غيره يعنى إذا كان بينه وبين مكة مسافة يحتاج فيها إلى الركوب.

[البحث]

أشار الحافظ فى تلخيص الحبير إلى أن هذا الحديث قد أخرجه الدارقطنى والحاكم والبيهقى ثم قال: قال البيهقى: الصواب عن قتادة عن الحسن مرسلا يعنى الذى خرجه الدارقطنى، وسنده صحيح إلى الحسن ولا أرى الموصول إلا وهما، وقد رواه الحاكم من حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس أيضا إلا أن الراوى عن حماد هو أبو قتادة عبد اللَّه بن واقد الحرانى، وقد قال أبو حاتم:

ص: 9

هو منكر الحديث، ورواه الشافعى، والترمذى، وابن ماجه، والدارقطنى من حديث ابن عمر وقال الترمذى: حسن، وهو من رواية إبراهيم بن يزيد الخوزى وقد قال فيه أحمد والنسائى: متروك الحديث، ورواه ابن ماجه، والدراقطنى من حديث ابن عباس، وسنده ضعيف أيضا ورواه ابن المنذر من قول ابن عباس، ورواه الدراقطنى من حديث جابر، ومن حديث على بن أبى طالب، ومن حديث ابن مسعود ومن حديث عائشة ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وطرقها كلها ضعيفة، وقد قال عبد الحق: إن طرقها كلها ضعيفة، وقال أبو بكر بن المنذر: لا يثبت الحديث فى ذلك مسندا، والصحيح من الروايات رواية الحسن المرسلة اهـ.

ص: 10

5 -

وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم لقى ركبا بالرَّوحاء فقال: من القوم؟ قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت قال: "رسول اللَّه" فرفعت إليه امرأة صَبِيًّا فقالت: ألهذا حَجٌّ؟ قال: نعم ولك أجر" رواه مسلم.

[المفردات]

بالروحاء: هى موضع بين مكة والمدينة ويبعد عن المدينة بحوالى ستة وثلاثين ميلا.

ص: 10

فقال: أى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

المسلمون: أى نحن المسلمون المنقادون لأمر اللَّه وأمر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.

من أنت: لعل استفهامهم عن شخصه صلى الله عليه وسلم: إمَّا لأن الوقت كان ليلا فلم يروه صلى الله عليه وسلم، أو كان نهارا ولكن لم يكونوا قد رأوه صلى الله عليه وسلم من قبل.

صبيا: أى طفلا.

ألِهذا حج: أى أيصح الحج من مثل هذا الصغير؟ .

ولك أجر: أى ولك ثواب فى تحجيجه، وذلك بسبب أنها سبب فى حجه وتعليمه أفعال الحج التى يقدر عليها إن كان مميزا، أو أجر النيابة عنه فى الاحرام والرمى والإيقاف، والحمل فى الطواف والسعى إن لم يكن مميزا.

[البحث]

هذا الحديث ظاهر الدلالة على صحة حج الصبيان وإن لم يكن الحج واجبا عليهم قال الحافظ فى الفتح: قال ابن بطال: أجمع أئمة الفتوى على سقوط الفرض عن الصبى حتى يبلغ اهـ وظاهر ذلك أن حجه هذا لا يسقط الفرض عنه إن بلغ وإنما يكون له ثوابه يحفظه اللَّه له، وذكر الحافظ أن الطحاوى رحمه الله ساق بإسناد

ص: 11

صحيح عن ابن عباس راوى هذا الحديث أنه قال: أيما غلام حج به أهله ثم بلغ فعليه حجة أخرى" اهـ وقد عنون البخارى فى صحيحه فقال: باب حج الصبيان ثم روى بسنده عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: بعثنى أو قدَّمنى النبى صلى الله عليه وسلم فى الثَّقل من جَمْع بليل" ثم ساق بإسناده عن السائب بن يزيد رضى اللَّه عنهما قال: حُجَّ بى مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين".

[ما يفيده الحديث]

1 -

جواز حج الصبى.

2 -

ثبوت الأجر لمن تولى تحجيجه.

ص: 12

6 -

وعنه رضى اللَّه عنه قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، وجعل النبى صلى الله عليه وسلم يَصْرِف وجهَ الفضل إلى الشِّق الآخر، فقالت: يا رسول اللَّه إن فريضة اللَّه على عباده فى الحجْ أدْرَكت أبى شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفَأحُجُّ عنه؟ قال: نعم" وذلك فى حجة الوداع. متفق عليه واللفظ للبخارى.

[المفردات]

وعنه: أى وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما.

الفضل: هو ابن العباس بن عبد المطلب، وهو أكبر أبناء

ص: 12

العباس وبه كان يكنى، وكان جميلا، وقد مات بالشام فى طاعون عمواس، وليس له عقب.

رديفه: أى يركب خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكان الفضل على عَجز راحلته صلى الله عليه وسلم وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أردف أسامة من عرفة إلى المزدلفة ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى.

خثعم: قبيلة معروفة، مساكنها تقع جنوبى مساكن غامد وزهران.

يصرف وجه الفضل: أى يلويه حتى لا يتمكن من النظر إليها.

الشِّق الآخر: أى إلى الجانب الآخر الذى لا تقع عينه فيه على الخثعمية.

لا يثبت على الراحلة: أى لا يستطع أن يستمسك على ظهر راحلته.

قال: نعم: أى حجى عنه.

وذلك فى حجة الوداع: أى وقصة هذا الحديث وقعت فى حجة الوداع قُبَيل رمى جمرة العقبة أو بعدها يوم النحر.

[البحث]

لفظ مسلم من حديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما أنه قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم

ص: 13

فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، قالت: يا رسول اللَّه! إن فريضة اللَّه على عباده فى الحج أدركت أبى شيخا كبيرا، لا يستطع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال:"نعم" وذلك فى حجة الوداع".

وفى لفظ لمسلم من طريق ابن جريج عن ابن شهاب عن سليمان ابن يسار عن ابن عباس عن الفضل أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول اللَّه! إن أبى شيخ كبير عليه فريضة اللَّه فى الحج، وهو لا يستطيع أن يستوى على ظهر بعيره، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:"فحجى عنه" وفى لفظ البخارى عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع، قالت: يا رسول اللَّه، إن فريضة اللَّه أدركت أبى شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستوى على الراحلة فهل يقضى عنه أن أحج عنه؟ قال:"نعم" وقد ذكر البخارى فى باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة صدر هذا الحديث من طريق ابن جريج عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن ابن عباس عن الفضل بن عباس رضى اللَّه عنه أن امرأة ولم يكمل البخارى هذا الحديث من هذا السياق: وقد ساقه مسلم بتمامه من هذا السياق: كما رأيت، فيحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من الفضل فحدث له عنه مرة حدَّث به من غير واسطة مرة أخرى، قال الحافظ فى الفتح: وإنما رجح البخارى الرواية عن

ص: 14

الفضل لأنه كان ردف النبى صلى الله عليه وسلم حينئذ، وكان ابن عباس قد تقدم من مزدلفة إلى منى مع الضعفة كما سيأتى بعد باب. وقد سبق فى باب التلبية والتكبير من طريق عطاء عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم أردف الفضل فأخبر الفضل أنه لم يزل يلبى حتى رمى الجمرة، فكأن الفضل حدَّث أخاه بما شاهده فى تلك الحالة، ويحتمل أن يكون سؤال الخثعمية وقع بعد رمى جمرة العقبة فحضره ابن عباس فنقله تارة عن أخيه لكونه صاحب القصة، وتارة عما شاهده اهـ.

[ما يفيده الحديث]

1 -

جواز الحج عمن لا يستطيع أن يثبت على الراحلة.

2 -

العمل على منع النظر إلى الأجنبيات.

3 -

وأن تغيير المنكر باليد للقادر عليه مقدم على تغييره باللسان.

4 -

وأنه يخشى على الصالحين ما يخشى على غيرهم من الفتنة بالنساء.

5 -

العمل على عدم اختلاط النساء بالرجال.

6 -

إحرام المرأة فى وجهها فيجوز كشفه عند أمن الفتنة.

7 -

أن الحج عن الوالد من بره.

8 -

أنه يجوز للمرأة الاستفتاء فى العلم والترافع فى الحكم، والمعاملة وإظهار صوتها فى ذلك إذا لم تحدث فتنة.

ص: 15

7 -

وعنه رضى اللَّه عنه أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمى نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال:"نعم حُجَّى عنها، أرأيت لو كان على أمك دَيْنُ أكنتِ قاضيته؟ اقضوا اللَّه، فاللَّه أحق بالوفاء" رواه البخارى.

[المفردات]

وعنه: أى وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما.

جهينة: قبيلة مشهورة كانت تسكن قرب ساحل البحر من شمال ينبع ومن بلادها الحُرقات التى بعث إليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سرية فيها أسامة بن زيد رضى اللَّه عنهما.

نذرت: أى تعهدت والتزمت للَّه عز وجل.

قاضيته: أى مؤديته وموفيته.

اقضوا اللَّه: أى أدُّوا ووفوا ما ثبت فى الذمة للَّه عز وجل.

أحق بالوفاء: أى أولى بأن يؤدى ما ثبت فى ذمة العباد له من سواه.

[البحث]

أخرج البخارى هذا الحديث فى باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة بهذا اللفظ من حديث أبى عوانة عن أبى بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما. وقد

ص: 16

أورد فى كتاب النذور من رواية شعبة عن أبى بشر هذا الحديث بلفظ: أتى رجل النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن أختى نذرت أن تحج. الحديث وفيه: "فاقض اللَّه فهو أحق بالقضاء" ولا معارضة فى ذلك لإمكان أن يكون الرجل سأل عن أخته وأن تكون المرأة سألت عن أمها. قال الحافظ فى الفتح: سيأتى فى الصيام من طريق أخرى عن سعيد بن جبير بلفظ: قالت امرأة إن أمى ماتت وعليها صوم شهر ثم قال: وزعم بعض المخالفين أنه اضطراب يعل به الحديث، وليس كما قال، فإنه محمول على أن المرأة سألت عن كل من الصوم والحج ويدل عليه ما رواه مسلم عن بريدة أن امرأة قالت: يا رسول اللَّه إنى تصدقت على أمى بجارية وإنها ماتت قال: وجب أجرك وردها عليك الميراث. قالت: إنه كان عليها صوم شهر، أفأصوم عنها؟ قال:"صومى عنها" قالت: إنها لم تحج، أفأحج عنها؟ قال:"حجى عنها" اهـ.

[ما يفيده الحديث]

1 -

جواز الحج عمن نذر أن يحج فمات قبل أن يحج.

2 -

مشروعية القياس.

3 -

أن ما التزم به الميت ومات دون أن يوفيه فإن وليه يؤدى عنه ذلك.

4 -

أن دين اللَّه أحق بالقضاء.

ص: 17

8 -

وعنه رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أيما صَبِىٍّ حج ثم بلغ الحِنْث فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما عَبْدٍ حج ثم أعْتقَ فعليه أن يحج حجة أخرى" رواه ابن أبى شيبة والبيهقى ورجاله ثقات، إلا أنه اختُلِفَ فى رفعه، والمحفوظ أنه موقوف.

[المفردات]

وعنه: أى وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما.

بلغ الحنث: أى أدرك البلوغ، وأصل الحنث الإثم، أى إنه بلغ الحال التى يكتب عليه حنثه وما يفعله من الخطايا.

أعْتِقَ: أى حرِّر من الرق.

حجة أخرى: أى غير التى حج أولا.

[البحث]

قال المصنف فى تلخيص الحبير: حديث: أيما صبى حج ثم بلغ فعليه حجة الإسلام، وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة الإسلام" ابن خزيمة والاسماعيلى فى مسند الأعمش، والحاكم، والبيهقى، وابن حزم وصححه، والخطيب فى التاريخ، من حديث محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة عن الأعمش عن أبى ظبيان عنه قال ابن خزيمة: الصحيح موقوف، وأخرجه كذلك من رواية ابن

ص: 18

أبى عدى عن شعبة وقال البيهقى: تفرد برفعه محمد بن المنهال، ورواه الثورى عن شعبة موقوفا. قلت: لكن هو عند الاسماعيلى والخطيب عن الحارث بن سريج عن يزيد بن زريع متابعة لمحمد بن المنهال ويؤيد صحة رفعه ما رواه ابن أبى شيبة فى مصنفه: نا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى ظبيان عن ابن عباس قال: احفظوا عنى ولا تقولوا: قال ابن عباس فذكره -وهذا ظاهره أنه أراد أنه مرفوع، فلذا نهاهم عن نسبته إليه، وفى الباب عن جابر، أخرجه ابن عدى بلفظ: "لو حج صغير حجة لكان عليه حجة أخرى -الحديث- وسنده ضعيف، وأخرجه أبو داود فى المراسيل عن محمد بن كعب القرظى نحو حديث ابن عباس مرسلا، وفيه راوٍ مبهم اهـ وقول المصنف فى البلوغ: والمحفوظ أنه موقوف يعارض قوله فى التلخيص: ويؤيد صحة رفعه الخ، واللَّه أعلم.

ص: 19

9 -

وعنه رضى اللَّه عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: لا يَخْلُوَنَ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذى محرم" فقام رجل فقال: يا رسول اللَّه! إن امرأتى خرجت حاجة وإنى اكْتُتِبتُ فى غزوة كذا وكذا؟ قال: انطلق فحُجَّ مع امرأتك" متفق عليه، واللفظ لمسلم.

[المفردات]

وعنه: أى وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما.

ص: 19

لا يخلون: أى لا ينفَرِدَن فى خلوة ولا يقعد وحده معها.

ومعها ذو محرم: أى قريب لها يحرم عليه نكاحها.

خرجت حاجة: أى أرادت أن تخرج قاصدة الحج وليس معها أحد المحارم.

اكتتبت فى غزوة كذا: أى أثبت اسمى فيمن يخرج فيها.

[البحث]

حرص الإسلام أشد الحرص على صيانة المجتمع الإسلامى من كل أسباب الانهيار والانحلال، وسد كل باب يتذرع منه الشيطان لإفساد أخلاق المسلمين، وقد أثر أنه ما خلا رجل بامرأة أجنبية عنه إلا كان الشيطان ثالثهما لذلك حرم الإسلام على الرجل أن يخلو بامرأة أجنبية عنه، وحرم أن تسافر المرأة بلا محرم حتى ولو كان سفرها للحج، وقد جاء فى لفظ البخارى من حديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذى محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم" فقال رجل: يا رسول اللَّه، إنى أريد أن أخرج فى جيش كذا وكذا، وامرأتى تريد الحج، فقال:"اخرج معها" وقد اقتصر فى هذا الحديث المتفق عليه على المحرم ولم يذكر الزوج لأنه معلوم أنه أولى من المحرم، وقد جاء فى حديث البخارى من طريق قزعة عن أبى سعيد الخدرى رضى اللَّه عنه قال: أربع سمعتهن من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأعجبننى وأنقننى: أن لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها

ص: 20

زوجها أو ذو محرم، ولا صوم يومين: الفطر والأضحى، ولا صلاة بعد صلاتين: بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدى، ومسجد الأقصى" ولفظ مسلم من طريق قزعة عن أبى سعيد قال سمعت منه حديثا فأعجبنى فقلت له: أنت سمعت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: فأقول على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما لم أسمع. قال: سمعته يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدى هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى، وسمعته يقول: لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها وفى لفظ لمسلم من حديث أبى سعيد الخدرى رضى اللَّه عنه أن نبى اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: لا تسافر امرأة فوق ثلاث ليال إلا مع ذى محرم" وفى لفظ لمسلم من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها" وفى لفظ لمسلم من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لا مرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذى محرم" وفى لفظ لمسلم من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذى محرم عليها" ولا معارضة بين هذه الروايات التى اختلفت فى مدة المسير لأنها

ص: 21

محمولة: إما على اختلاف أحوْال السائلين وإما أن الأقل يدخل فى الأكثر قال النووى: الروايات كلها صحيحة لكن لم يرد النبى صلى الله عليه وسلم تحديد المدة بل المراد حرمة السفر للمرأة بغير محرم، والاختلاف وقع لاختلاف السائلين ويؤيده إطلاق رواية ابن عباس رضى اللَّه عنهما: لا تسافر امرأة إلا مع ذى رحم محرم اهـ.

[ما يفيده الحديث]

1 -

أنه يحرم على المرأة أن تسافر وحدها ولو كان سفرها للحج.

2 -

لا يحل أن يخلو الرجل بامرأة أجنبية عنه.

3 -

وجوب سد ذرائع الشيطان.

4 -

وجوب صيانة المجتمع الإسلامى من كل أسباب الانهيار الخلقى.

ص: 22

10 -

وعنه رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، قال: مَن شبرمة؟ قال: أخ لى، أو قريب لى فقال: حججت عن نفسك؟ قال: لا. قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان، والراجح عند أحمد وقفه.

[المفردات]

لبيك: أى إجابة لك بعد إجابة، وإقامة على طاعتك بعد إقامة

ص: 22

وتلبية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

[البحث]

هذا الحديث عند أبى داود وابن ماجه من طريق عَبْدَة بن سليمان عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا، قال الحافظ فى التلخيص: قال البيهقى: إسناده صحيح، وليس فى هذا الباب أصح منه، وروى موقوفا رواه غندر عن سعيد كذلك، وعبدة نفسه محتج به فى الصحيحين، وقد تابعه على رفعه محمد بن بشر ومحمد بن عبد اللَّه الأنصارى، وقال ابن معين: أثبت الناس فى سعيد عبدة وكذا رجح عبد الحق وابن قطان رفعه وأما الطحاوى فقال: الصحيح أنه موقوف وقال أحمد بن حنبل: رفعه خطأ وقال ابن المنذر: لا يثبت رفعه، ثم قال: وقال ابن عبد البر: روى عن قتادة عن سعيد بإسقاط عزرة، وأعله ابن الجوزى بعزرة فقال: قال: يحيى ابن معين عزرة لا شئ، ووهم فى ذلك، إنما قال ذلك فى عزرة اين قيس، وأما هذا فهو ابن عبد الرحمن ويقال فيه: ابن يحيى. وثقه يحيى بن معين وعلى بن المدينى وغيرهما. وروى له مسلم اهـ قلت: وقد قال الحافظ فيه قبل ذلك: عزرة بن ثابت. فى بدء كلامه على هذا الحديث فى التلخيص.

ص: 23

وقال الصنعانى: فى سبل السلام: قال ابن تيمية: إن أحمد حكم فى رواية ابنه صالح عنه أنه مرفوع، فيكون قد اطلع على ثقة من رفعه، قال: وقد رفعه جماعة على أنه وإن كان موقوفا فليس لابن عباس فيه. مخالف اهـ.

[ما يفيده الحديث]

1 -

أنه يجب على من يحج عن غيره أن يكون قد حج عن نفسه قبل ذلك.

2 -

أنه يجوز حج القريب عن قريبه إذا كان غير قادر على الحج.

3 -

أن من أحرم عن غيره وهو لم يحج فإنه ينعقد إحرامه ويحوله إلى نفسه متى علم بوجوب الحج عن نفسه أوَّلًا.

ص: 24

11 -

وعنه رضى اللَّه عنه قال: خطنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إن اللَّه كتب عليكم الحج، فقام الأقرع بن حابس فقال: أفى كل عام يا رسول اللَّه؟ قال: لَو قُلْتُها لَوَجَبَتْ الحج مرة، فما زاد فهو تطوع" رواه الخمسة غير الترمذى وأصله فى مسلم من حديث أبى هريرة.

[المفردات]

وعنه: أى وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما.

كتب: أى فرض.

ص: 24

الأقرع بن حابس: هو الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد ابن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم. كان فى وفد بنى تميم الذى قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأسلم وكان ممن يتألفهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقد أعطاه مائة من الإبل من غنائم هوازن، يوم حنين. وكان ينزل أرض بنى تميم ببادية البصرة. رضى اللَّه عنه.

أفى كل عام يا رسول اللَّه: أى أيتكرر الحج على المسلم كل عام على سبيل الفريضة؟

لوْ قلتُها لوجبتْ: أى لو قلت نعم لوجبت على المسلم أن يحج كل عام.

الحج مرة: أى على سبيل الفريضة.

فما زاد: أى عن المرة.

فهو تطوع: أى نافلة.

[البحث]

أصل هذا الحديث فى صحيح مسلم من طريق أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: خطبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس، قد فرض اللَّه عليكم الحج فحجوا" فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول اللَّه؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت، ولَمَا استطعتم" ثم قال:

ص: 25

"ذرونى ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه".

[ما يفيده الحديث]

1 -

أن الحج إنما يجب على المكلف مرة واحدة فى العمر.

2 -

أن شريعة الإسلام مبناها اليسر ودفع الحرج.

ص: 26