الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحلقة الثالثة عشرة
بسم اللَّه الرحمن الرحيم أيها الإِخوة المؤمنون.
السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته أما بعد:
فقد بشر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الحجاج الذين ابتعدوا عن المعاصى والآثام بأنهم ليس لهم جزاء إلا الجنة فقد روى البخارى ومسلم فى صحيحيهما من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" ووصف رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَن حج فلم يرفث ولم يفسق بأنه يرجع نقى الصحيفة مغفور الذنب فقد روى البخارى ومسلم فى صحيحيهما من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من حج للَّه فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" وبيَّن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن الحج المبرور وهو الخالى من المعاصى والآثام والمخالفات هو أفضل الأعمال بعد الإِيمان باللَّه ورسوله والجهاد فى سبيله فقد روى البخارى ومسلم فى صحيحيهما من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أى العمل أفضل؟ قال: "إيمان باللَّه ورسوله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد فى سبيل اللَّه" قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور".
وبين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن حج المرأة إذا برته هو أفضل الجهاد
بالنسبة لها فقد روى البخارى فى صحيحه من حديث الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عائشة أم المؤمنين رضى اللَّه عنها قالت: قلت: يا رسول اللَّه نرى الجهاد أفضل العمل أَفَلَا نجاهد؟ قال: "لكُنَّ أفضل الجهاد حج مبرور" وقد أشار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أن البشاشة وإفشاء السلام والبذل والمسامحة من أهم أسباب بر الحج فقد روى أحمد رحمه الله والطبرانى فى الأوسط بإسناد حسن من حديث جابر بن عبد اللَّه الأنصارى رضى اللَّه عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" قيل: وما بره؟ قال: "إطعام الطعام وطيب الكلام" كما بين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ماذا عند اللَّه تبارك وتعالى من الجزاء الحسن للحجاج الذين يبرون حجهم فقد روى الطبرانى والبزار وابنُ حبان بسند صحيح من حديث عبد اللَّه بن عمر رضى اللَّه عنهما قال: جاء رجل من الأنصار إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه! كلماتٌ أسأل عنهن! فقال صلى الله عليه وسلم: "اجلس" وجاء رجل من ثقيف فقال: يا رسول اللَّه! كلمات أسأل عنهن فقال صلى الله عليه وسلم: "سبقك الأنصارى" فقال الأنصارى رضى اللَّه عنه: إنه رجل غريب وإن للغريب حقا فابدأ به: فأقبل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الثقفى فقال: "إن شئتَ أنبأتُك عما كنت تسألنى عنه، وإن شئتَ تسألنى وأخبِرُك" فقال: يا رسول اللَّه! أجبنى عما كنتُ أسألك: قال صلى الله عليه وسلم: "جئت تسألنى عن
الركوع والسجود والصلاة والصوم" فقال: والذى بعثك بالحق ما أخطأتَ مما كان فى نفسى شيئا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك ثم فرِّج أصابعك، ثم اسكن حتى يأخذ كل عضو مأخذه، وإذا سجدتَّ فمَكِّن جبهتك ولا تَنْقُر نقرا، وصل أولَ النهار وآخره" فقال: يا نبى اللَّه فإن أنا صليت بينهما؟ قال: "فأنت إذًا مُصَلٍّ، وصم من كل شهر ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة" فقام الثقفى. ثم أقبل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الأنصارى فقال: "إن شئت أخبرتُك عما جئت تسألُنى، وإن شئت تسألنى وأخبرُك" فقال: لا يا نبى اللَّه أخبرنى بما جئتُ أسألك! قال صلى الله عليه وسلم: "جئتَ تسألنى عن الحاج مالَه حين يخرج من بيته ومالَه حين يقوم بعرفات وماله حين يرمى الجمار، وماله حين يحلق رأسه، وماله حين يقضى آخر طواف بالبيت" فقال: يا نبى اللَّه والذى بعثك بالحق ما أخطأتَ مما كان فى نفسى شيئا، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"فإن له حين يخرج من بيته أن راحلته لا تخطو خَطْوَة إلا كتب اللَّه له بها حسنة أو حط عنه بها خطيئة فإذا وقف بعرفات فإن اللَّه عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا فيقول: "انظروا إلى عبادى شُعثًا غُبْرًا اشهدوا أنى قد غفرتُ لهم ذنوبهم وإن كانت عدد قطر السماء ورمل عالِج، وإذا رمى الجمار لا يدرى أحد مالَه حتى يتوفاه اللَّه يوم القيامة. وإذا قضى آخر طواف بالبيت خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"
كما أكد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن الحج يهدم ما كان قبله من الخطايا والسيئات فقد روى مسلم فى صحيحه من طريق ابن شماسة المَهْرِى قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو فى سياقة الموت يبكى طويلا، وحوَّل وجهه إلى الجدار فجعل ابنُه يقول: يا أبتاه! أما بشَّرك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكذا؟ أما بشَّركَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكذا؟ قال: فأقبل بوجهه فقال: إن أفضل ما نُعِدُّ شهادة ألا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه، إنى قد كنت على أطباق ثلاث لقد رأيتُنى وما أحدٌ أشدَّ بُغضًا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولا أحبَّ إلىَّ أن أكون قد استمكنتُ منه فقتلته، فلو مُتُّ على تلك الحال لكنتُ من أهل النار، فلما جعل اللَّهُ الإسلام فى قلبى أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فقلتُ: ابْسُطْ يمينك فلأبايعك، فبسط رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يمينه قال: فقبضت يدي قال: "مالَك يا عمرو؟ " قال: قلت: أردتُ أن أشترط! قال: "تشترط بماذا؟ قلتُ: أن يغفر لى، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أما علمتَ أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله" كما أخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن الحج والعمرة ينفيان الذنوب والفقر كما ينفى الكير خبث الحديد وأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة فقد روى النسائى والترمذى بسند صحيح من حديث عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "تابعوا بين الحج والعمرة فإنها ينفيان الفقر والذنوب