المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب وجوه الإحرام وصفته - فقه الإسلام = شرح بلوغ المرام - جـ ٤

[عبد القادر شيبة الحمد]

الفصل: ‌باب وجوه الإحرام وصفته

‌باب وجوه الإحرام وصفته

ص: 36

1 -

عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فَمِنَّا مَنْ أهلَّ بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بحج، وأهلَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالحج، فأما من أهل بعمرة فَحَلَّ، وأما من أهل بحج وعمرة أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يومُ النحر" متفق عليه.

[المفردات]

وجوه الإحرام: أى أنواعه من الإفراد والقران والتمتع.

وصفته: أى كيفيته التى يكون فاعلها بها محرمًا.

خرجنا: أى من المدينة. وكان خروجهم يوم السبت لخمس بقين من ذى القعدة بعد صلاة الظهر بالمدينة أربعا وبعد أن خطبهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خطبة علمهم فيها مناسك الحج وذلك سنة عشر من الهجرة.

حجة الوداع: سميت حجة الوداع لأن النبى صلى الله عليه وسلم ودَّع الناس فيها فقالوا هذه حجة الوداع كما جاء فى صحيح البخارى. وفى لفظ للبخارى ومسلم من حديث جابر رضى اللَّه عنه قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يرمى على راحلته يوم النحر وهو يقول: "خذوا عنى مناسككم، لا أدرى لعلى لا أحج بعد حجتى هذه. وهذا ينبئ أن الناس فهموا من هذا أن رسول اللَّه

ص: 36

صلى اللَّه عليه وسلم يُوَدِّعهم.

فمنا: أى فمن أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

أهل بعمرة: أى لبى بالعمرة وحدها فقال: لبيك عمرة وأراد أن يكون متمتعا. والإهلال هنا هو رفع الصوت بالتلبية عند الدخول فى النسك، والمرأة لا ترفع صوتها بالتلبية.

أهل بحج وعمرة: أى لبى بالحج والعمرة معا فقال: لبيك حجا وعمرة وصار قارنا.

أهل بحج: أى لبى بالحج وحده فقال: لبيك حجا، وصار مفردا.

فحل: أى فتحلل من إحرامه بعدما أدى مناسك العمرة من الطواف والسعى والحلق أو التقصير.

فلم يحلوا: أى فلم يتحللوا.

[البحث]

قول عائشة رضى اللَّه عنها: وأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر" محمول على من ساق الهدى من هؤلاء، أما من لم يسق الهدى منهم فقد أمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالتحلل، فقد روى البخارى ومسلم من حديث عائشة رضى اللَّه عنها قالت: خرجنا مع النبى صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا أنه الحج، فلما قدمنا تَطَوَّفْنا بالبيت، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم من لم يكن ساق الهدى أن يحل

ص: 37

فحل من لم يكن ساق الهدى، ونساؤه لم يَسُقْنَ فَأحْلَلْن" كما روى البخارى ومسلم فى صحيحيهما من حديث حفصة رضى اللَّه عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول اللَّه ما شأن الناس حَلُّوا بعمرة، ولم تَحْلِلْ أنت من عمرتك؟ قال:"إنى لَبَّدتُّ رأسى، وقَلَّدت هديى، فلا أحل حتى أنحر" كما روى البخارى ومسلم من حديث جابر رضى اللَّه عنه أنه حج مع النبى صلى الله عليه وسلم يوم ساق البدن معه، وقد أهلُّوا بالحج مُفردًا، فقال لهم:"أحِلُّوا من إحرامكم بطواف البيت، وبين الصفا والمروة، وقَصِّروا، ثم أقيموا حلالا، حتى إذا كان يوم التروية فأهِلُّوا بالحج، واجعلوا التى قدمتم بها متعة" فقالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمَّينَا الحج؟ فقال: "افعلوا ما أمرتكم، فلولا أنى سُقْتُ الهدى لفعلت مثل الذى أمرتكم، ولكن لا يحل منى حرام حتى يبلغ الهدى محله" ففعلوا، وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على أن الإنسان مخير بين أحد الانساك الثلاثة: الإفراد أو القران أو التمتع. وليس أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدى من المفردين والقارنين بالتحلل وجعلها عمرة دليلا على بطلان الإفراد أو القران ممن لم يسق الهدى، بل أراد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يبطل اعتقادا جاهليا إذ كانوا يعتقدون أن العمرة فى أشهر الحج من أفجر الفجور فقد روى البخارى ومسلم فى صحيحيهما من حديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: كانوا يرون أن العمرة فى أشهر الحج من

ص: 38

أفجر الفجور فى الأرض، ويجعلون المحرم صَفَرًا. ويقولون: إذا بَرَأ الدَّبَر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر، قدم النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، قالوا: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أىُّ الحِلِّ؟ قال: "حلٌّ كُلُّه".

[ما يفيده الحديث]

1 -

جواز الإحرام بأحد الانساك الثلاثة من الإفراد أو التمتع أو القران.

2 -

أن من ساق الهدى من المفردين والقارنين لا يحل إلا يوم النحر.

3 -

أن من لم يسق الهدى من المفردين أو القارنين له أن يتحلل بعمرة.

ص: 39