المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اعتراض المعتزلة على الأشاعرة - التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية - جـ ٢

[فالح بن مهدي آل مهدي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الاعتماد على الاثبات المجرد عن نفي التشبيه طريقة المشبهة

- ‌معنى التشبيه عند المعطلة

- ‌المحذور الذي نفته الأدلة هو أن يكون لله شريك أو مثيل

- ‌من الصفاتيه من لا يصف الصفات بالقدم

- ‌اصطلاح المعتزلة والجهمية في مسمى التشبيه

- ‌فساد القول بتماثل الأجسام

- ‌معنى الأفعال الاختيارية

- ‌معنى الهيولى

- ‌قول الروافض لا ولاء الا ببراء

- ‌من دخل في اسم مذموم في الشرع كان مذموما

- ‌بيان فساد طريقة المعطلة

- ‌من نفى اشتراك الموجودات في المعنى العام لزمه التعطيل المحض

- ‌الاشاعرة يجمعون بين الأمرين المتناقضين

- ‌اضطراب أساطين الكلام في المسائل الخمس

- ‌بيان فساد مسلك المعطلة في ردهم

- ‌أمور أربعة يتضح بهافساد مسلك المعطلة

- ‌الأعتماد على مجرد نفي التشبيه لا يكفي في إثبات الصفات

- ‌اعتراض المعتزلة على الأشاعرة

- ‌سورة (قل هو الله أحد) : هي نسب القرآن

- ‌اشارة الشارح إلى القاعدة السابعة

- ‌ الأصل الثاني من نوعي التوحيد

- ‌معنى حديث الأنبياء اخوة لعلاة

- ‌دين الأنبياء واحد وان اختلفو افي الشرعة والمنهاج

- ‌أول الرسل يبشر بآخرهم

- ‌تنازع الناس في اسلام من تبقى من أمة موسى وعيسى

- ‌ ما وقع من الغلط في مسمى "التوحيد

- ‌القرآن منزل غير مخلوق

- ‌اقرار المرء بأن الله خالق كل شيء لا يغني عنه إلا إذا نطق بالشهادتين

- ‌معنى الجبر

- ‌مذهب القدرية والجهمية في الوعد والوعيد

- ‌لابد من تحقيق الشهادتين

- ‌مراتب القدر

- ‌مجرد الأسباب لايوجب حصول المسبب

- ‌حديث ما منكم أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة أو النار

- ‌اتفاق الناس على ان الفعل يلائم الفاعل او ينافره يعلم بالعقل

- ‌المعتزلة لا يثبتون حكمة تعود إلى الله تعالى فيما خلقه وأمر به

- ‌خطأ من شهد الربوبية العامة فقط

- ‌قول بعض الصوفية أريدأن لا أريد

- ‌الفناء يراد به ثلاثة أمور

- ‌مخالفة الجبرية للعقل والقياس

- ‌المؤمن مأمور بأن يفعل المأمور ويترك المحذور

- ‌لابد للعبد في الأمر من أصلين وفي القدر من أصلين

- ‌الأصلان اللذان لابد منهما في عبادة الله

- ‌الناس في عبادة الله والاستعانة به أربعة أقسام

- ‌دين الله هو ما بعث به رسله

- ‌اشارة الشارح إلى أن الرسالة التدمرية لم تشرح قبله

- ‌مراجع الكتاب

الفصل: ‌اعتراض المعتزلة على الأشاعرة

فيه. وبعبارة أصرح قد يعبر عما سبق بأن يقال: لابد من اعتبار يحتم ما يجب إثباته لله ويحتم ما يجب نفيه عنه، وإن كان النص كافيا في ذلك كان خبره مطابقا لما الأمر عليه في نفس الواقع، وحينئذ فما الفرق بين نفي ما ينفى وإثبات ما يثبت؟ فكما تقولون يجب أن لا يثبت لله إلا ما ورد في النص فقولوا لا ينفى عن الله إلا ما جاء السمع بنفيه. هذا حاصل كلام المعترض فيقال ردا عليهم ودحضا لباطلهم: كل ما نافى صفات الكمال فهو منفي عن الله، فإن إثبات الشيء نفي لضده، كما أن نفي الشيء إثبات لضده. فمثلا: هو سبحانه موصوف بالوجود والأولية والغنى والحياة والقيومية والقدرة والقوة وإثبات هذه الأوصاف مستلزم لنفي أضدادها.

ص: 39

‌اعتراض المعتزلة على الأشاعرة

قوله:

وبالجملة. فالسمع قد أثبت له من الأسماء الحسنى وصفات الكمال ما قد ورد، فكل ما ضاد ذلك فالسمع ينفيه، كما ينفي عنه المثل والكفء فإن إثبات الشيء نفي لضده ولما يستلزم ضده، والعقل يعرف نفي ذلك كما يعرف إثبات ضده، فإثبات أحد الضدين نفي للآخر ولما يستلزمه، فطرق العلم بنفي ما ينزه عنه الرب متسعة لا يحتاج فيها إلى الاقتصار على مجرد نفي التشبيه والتجسيم. كما فعله أهل القصور والتقصير الذين تناقضوا في ذلك وفرقوا بين المتماثلين، حتى أن كل من أثبت شيئا احتج عليه من نفاه بأنه يستلزم التشبه، وكذلك احتج القرامطة على نفي جميع الأمور، حتى نفوا النفي والإثبات، فقالوا: لا يقال لا موجود ولا ليس بموجود ولا حي، ولا ليس بحي، لأن ذلك تشبيه بالموجود أو المعدوم، فلزم نفي النقيضين، وهو أظهر الأشياء امتناعا، ثم إن هؤلاء يلزمهم من تشبيهه بالمعدومات والممتنعات والجمادات أعظم مما فروا منه من التشبيه بالأحياء الكاملين، فطرق تنزيهه وتقديسه عما هو منزه عنه متسعة لا تحتاج إلى هذا.

ص: 39

ش: بعد أن مثل المؤلف بصفة الوجود والأولية والغنى المطلق والقوة والقدرة والحياة والقيومية وأن إثبات هذه الأوصاف مستلزم لنفي أضدادها أردف يقول: ومجمل القول أنه قد ورد في النصوص من أسماء الله الحسنى وأوصافه العليا ما هو ثابت معلوم، وإثبات ذلك مستلزم لنفي ضده كالعلم مع الجهل والكلام مع الخرس والسمع مع الصمم وأشباه ذلك ونفي الشيء إثبات لضده كالظلم مع العدل ونفي المثيل والكفء والشريك إثبات للوحدانية والتفرد بالخلق والتدبير والكمال المطلق: فإثبات أحد الضدين نفي للآخر ولما يستلزمه ولقد أحسن القائل:

والضدُّ يظهرُ حسنَه الضدُّ

وبِضِدِّها تتبينُ الأشياءُ

وسيأتي بعد هذا في كلام الشيخ أمثلة توضح هذا المقام، والعاقل بما وهبه الله من عقل سليم يدرك ذلك فهي قضية بدهية ضرورية، وحينئذ فطرق تنزيه الله عما لا يليق به متعددة ليست منحصرة فيما يدعيه أهل الجهل والتفريط من أن نفي التشبيه يكفي في إثبات ما لم يرد من الصفات، أو أنه يعتمد عليه في نفي ما ورد بحجة التنزيه كما هي طريقة الجهمية والمعتزلة والأشاعرة وأضرابهم. فقد أثبت البعض شيئا ونفى شيئا والبعض منهم نفى الجميع، ولاشك أن هذه الطوائف قد تناقضت في مقالاتها وفرقت بين الأمور المتماثلة في الحكم. وأخذ بعضها يحتج على البعض الآخر بما يوافقه فيه. ثم إنهم لم يستفيدوا من دعوى التنزيه ونفي التشبيه إلا تنقص رب العالمين وتشبيهه بالناقصات، فقد فروا من تشبيهه سبحانه بالأحياء الكاملين، على زعمهم أن إثبات صفاته تشبيه، فوقعوا في التشبيه بالجماد والمعدوم والممتنع، شأنهم في ذلك شأن القرامطة النافين الإثبات والنفي، زعما منهم أن الإثبات يلزم منه التشبيه بالموجودات والنفي يلزم منه التشبيه بالمعدومات، فوقعوا في تشبيهه بالممتنعات. وحينئذ فتنزيه الله عما لا يليق به لا يكون بوصفه بأوصاف النقص، كما لا يكون بنفي أوصاف الكمال.

ص: 40