الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة
تعريف الفقرة:
مجموعة من الجمل المترابطة تدور حول فكرة واحدة وتعالجها تفصيلًا وتطويرًا والأصل اللغوي يفيد شيئًا من هذا المعنى، فالفِقْرَة بكسر الفاء عبارة عن حِلية مصاغة على شكل فقرة من فقرت الظهر1، وكما هو مَعْرُوفٌ فَإِنَّ كل فقرة ترتبط مع غيرها من الفقرات لتؤدي معًا وظائفها المنوطة بها، وتتفاوت الفقرات في الطول وفقًا للفكرة المطروحة لكن من المستحسن أن تتناسق فقرات النص من حيث الطول "تفصيلًا أو إجمالًا".
الشروط التي ينبغي أن تتوفر في الفقرة الجيدة:
أولًا: تناسق الفقرة وانسجامها مع الفكرة التي تعالجها والانضباط داخل سياق محدد خالٍ من الاستطراد والتشعب الذي يفضي إلى التشتت والفوضى والتشويش، لذا ينبغي أن تكون كل جملة داخل الفقرة موظفة لخدمة الفكرة الأساسية، وأي جملة زائدة لا تخدم الهدف تهدد وحدة الفقر وتخرج بها عن محورها الأصلي.
ثانيًا: أن يكون الهدف من توالي الجمل داخل الفقرة تطوير الفكرة وتنميتها وبلورتها، وليست مجرد تراكم إنشائي أو تداعيات لغوية تؤدي إلى تَرَهُّل الفقرة ومن ثم هلهلتها فكثيرًا ما تكون الجمل داخل الفقرة مجرد إضافات كمية لا تطور الفكرة فتصبح مملة وغير مستساغة.
1 في لسان العرب: فقر: حفر، وفقر الشيء: حزه وأثر فيه، والفقر الحز والشق الْفُقُر االآبار المتناسقة التي ينفذ بعضها إلى بعض.
ثالثًا: الترابط العضوي داخل الفقرة على مستوى الصياغة اللغوية كمقابل للترابط المعنوي، لأن هذين الشكلين من أشكال الترابط متعاضدان، لا يتم أحدهما إلا بالآخر، ويتوفر هذا النوع من الترابط بواسطة أدوات الربط اللفظية والمعنوية على النحو الذي أشرنا إليه.
رابعًا: الانتظام الحركي داخل الفقرة بشكل منطقي وطبيعي، مما يوفر نوعًا من السلامة والانسيابية داخل الفقرة، وبذلك بتنظيم الانتقالات الزمانية والمكانية والمعنوية. فعلى المستوى الزماني لا بد من تصور مسبق لسياقه، وتتبدى هذه القضية على نحو شديد الوضوح عند التعرض لكتابة القصة، فليس من الضروري أن تكون النقلات وفقًا للتسلسل الزمني، ولكن وفقًا لتصور الكاتب لرؤيته، أما في الكتابة الإجرائية والموضوعية فلا بد من التسلسل وتنظيمه والسيطرة عليه، وقس على ذلك أيضًا -الترتيب المكاني- وخصوصًا ما يتعلق بالوصف، فإذا كان هذا الوصف في إطار تصور إبداعي معتمد على اختيار الموصوف لتأدية غرض معين فلا قيد عليه على أن يتم ضمن تصور معين، أما إذا كان ضمن موضوع إجرائي، فينبغي المحافظة على التسلسل والترتيب في الانتقال من جزئية إلى أخرى.
وفي الكتابة الموضوعة ينبغي مراعاة الانتقال من الخاص إلى العام أو من العام إلى الخاص وفقًا للمنهج الذي يرتضيه الكاتب، فإذا كان المنهج استقرائيًّا يبدأ الكاتب بالخاص متمثلًا بالتتبع للتفصيلات الجزئية وصولًا إلى النتيجة العامة، أما إذا كان المنهج استدلاليًّا بمعنى أنه يعتد على إقرار القاعدة -أولًا- ثم سرد الشواهد والأدلة، فإن الانتقال يكون من العام إلى الخاص.
ويدخل في هذا الإطار الانتقال من السؤال إلى الجواب، أو من الفرض إلى السؤال ثم إلى الجواب، فقد يطرح الكاتب سؤالًا لإثارة ذهن القارئ ثم يشرع في الإجابة على السؤال، وقد يكون الغرض سابقًا على السؤال إذ يفترض
الكاتب عدة فروض ثم يثير مجموعة من الأسئلة تكون الإجابة عليها بالموازنة بين هذه الفروض، فتكون حركة الفقرة دائرية محكمة، وكل ذلك يكون في الكتابة الإجرائية عادة.
خامسًا: خلو الفقرة من التكرار اللفظي والمعنوي، وقد سبق أن أومأنا إلى ضرورة أن تكون الفقرة محددة، ومتناسقة، والتحديد والتناسق لا يتمان إلا بانتفاء التكرار من الفقرة، لأن التكرار يخل بتوازن الفقرة ويقود إلى الركاكة والضعف، ونستثني من ذلك التكرار البلاغي الذي يخدم غرضًا معينًا.
سادسًا: تنظيم حركة الضمائر وفقًا للسياق النحوي والمعنوي بحيث يكون الاقتصاد في ذكر الضمائر من الأمور التي تؤخذ بعين الاعتبار، كما أن الانتقال من ضمير إلى آخر ينبغي أن يتم من خلال تصور يخدم الغرض من الفقرة.
بناء الفقرة
تتكون الفقرة من عدة جمل، وهذه الجمل تتفاوت في أهميتها وقدرتها على الإفضاء بالمعنى المحوري في الفقرة، ولهذا رأى بعض الباحثين أن الفقرة تتكون عادة من جملة رئيسية تؤازرها عدة جمل: بعضها أولي يتلوها في الأهمية، والبعض الآخر ثانوي يفصل ما جاء فيها ويوضحه1، ومن أمثلة ذلك قولنا:
الخلق عماد الرجولة وهو أنواع متعددة: عملي يتبدى في السلوك والأفعال ونظري قارٌّ في النفس، وهو مناط التقويم، فإذا كان سيئًا يدل على خِسَّةٍ في الطبع وحقارة في التعامل كان صاحبه مجردًا من صفات الرجولة، أما إذاكان دمثًا يدل على النخوة والشهامة اعتبر صاحبه ممن اكتملت فيهم عناصر الرجولة.
الجملة الرئيسية في الفقرة هي: الخلق عماد الرجولة:
الجملة الداعمة الأولية الأولى: وهو أنواع متعددة، وما بعدها يعتبر من الجمل الداعمة الثانوية.
الجملة الداعمة الأولية الثانية: وهي مناط التقويم، وما بعدها جمل داعمة ثانوية.
وهكذا فإن هذه الفقرة القصيرة تحتوي على جملة رئيسة هي محور الفكرة التي تدول حولها الفقرة بكاملها، وجملتين داعمتين أوليتين يتفرع إليهما المعنى الرئيسي، وجمل أخرى ثانوية تفصل هذه المعاني وتوضحها.
وقد تكون الجملة الرئيسية في أول الفقرة، أو وسطها وفقا للنسق الفكري "المعنوي في الفقرة"وقد تتعدد الجمل الداعمة الأولية، والجمل الداعمة الثانوية حسبما يقتضيه الموقف.
1 راجع لمزيد من التفاصيل: د/ محمد علي الخولي، المهارات المدرسية، عكاظ للنشر والتوزيع، جدة سنة 1401هـ سنة 1981م ص 73.