المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فن كتابة المقالة - فن التحرير العربي

[محمد صالح الشنطي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة الطبعة الخامسة

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولي

- ‌المدخل

- ‌مفاهيم اصطلاحية

- ‌الكتابة وأنواعها

- ‌مستلزمات الكتابة

- ‌ إتقان الأداة:

- ‌ التمرس بالأساليب الأدبية الرفيعة

- ‌ الإلمام بالثقافة العصرية الجادة *

- ‌ تكوين قاعدة فكرية خاصة بالموضوع الذي يراد الكتابة فيه

- ‌إضاءة حول مصادر الثقافة:

- ‌مدخل

- ‌المعلقات:

- ‌ المفضليَّات:

- ‌ الْأَصْمَعِيَّات:

- ‌ جمهرة أشعار العرب:

- ‌الحماسة الكبرى:

- ‌ حماسة البحتري:

- ‌ أهم المختارات في العصر الحديث

- ‌من المختارات الحديثة:

- ‌ دواوين الشعراء الفحول

- ‌مدخل

- ‌ البيان والتبيين

- ‌ الحيوان

- ‌ الكتب المفيدة

- ‌ كتاب الكامل

- ‌ كتاب العقد الفريد

- ‌ الأغاني

- ‌ من كتب الأدب المشهورة

- ‌ كتب الطبقات

- ‌أوقات الكتابة

- ‌مدخل

- ‌من صحيفة بشر بن المعتمر

- ‌شروط الكاتب:

- ‌ضوابط الكتابة

- ‌عناصر البناء التعبيري

- ‌الكلمة:

- ‌الجملة

- ‌الفقرة

- ‌الأسلوب

- ‌وسائل الربط

- ‌الربط الجزئي

- ‌الربط بواسطة الحروف بشكل عام

- ‌الربط الكلي

- ‌ضوابط الرسم الكتابي

- ‌القواعد الأساسية للإملاء

- ‌نبذة تاريخية

- ‌الهمزة

- ‌ الزيادة

- ‌الحذف

- ‌الوصل والفصل بين الحروف والكلمات:

- ‌الألف اللينة

- ‌تاء التأنيث:

- ‌علامات الترقيم

- ‌المختصرات ورموزها الكتابية

- ‌مكتبة الإملاء

- ‌أنماط التحرير

- ‌الكتابة الوظيفية (الإجرائية)

- ‌التلخيص*

- ‌التقرير

- ‌الرسالة

- ‌الكتابة الإبداعية

- ‌فنون النثر

- ‌فن كتابة القصة

- ‌فن المسرحية

- ‌فن كتابة التراجم والسير

- ‌الخطابة

- ‌فن الشعر

- ‌محاولة للتعريف - نظريات في فهم الشعر - كيف تكتب قصيدة الشعر - عناصر الإبداع الشعري

- ‌بين الإبداعي والوظيفي

- ‌فن كتابة المقالة

- ‌المحاضرة*

- ‌الندوة

- ‌التعليق

- ‌البحث

- ‌تحليل النصوص

- ‌ملحق بمفردات التعبير والإنشاء في مراحل التعليم العام

- ‌التعبير بين الكتابة الإبداعية والوظيفية

- ‌إضاءات حول مفردات التعبير في المقررات الدراسية في مراحل التعليم العام

- ‌تطبيقات إملائية

- ‌تطبيقات على الهمزة

- ‌تطبيقات على الحذف

- ‌تطبيقات على الحروف الزائدة

- ‌تطبيقات على الفصل والوصل بين الحروف والكلمات

- ‌تطبيقات على التاء المفتوحة والتاء المربوطة

- ‌تطبيقات على الأفعال والأسماء المنتهية بألف التأنيث المقصورة والممدودة

- ‌تطبيقات عامة

الفصل: ‌فن كتابة المقالة

‌بين الإبداعي والوظيفي

‌فن كتابة المقالة

تعريف المقالة

اختلف الباحثون والكتاب في تعريف المقالة، فمنهم من يرى أنها عبارة عن مجموعة من الخواطر والتأملات لا تجري على نسق معين، وليس لها نظام خاص بل يمارس الكاتب حريته كاملة في الطريقة التي يصوغ فيها أفكاره وتأملاته، حيث يعرفها الدكتور جونسون أحد كتاب المقالة في أطوارها المبكرة بأنها نزوة عقلية لا ينبغي أن يكو لها ضابط من نظام، وهي قطعة لا تجري على نسق معلوم، ولم يتم هضمها في نفس كاتبها1.

وهذا التعريف ربما يصدق على المقالة في بدايتها الأولى، ولكنه - في ذات الوقت - مؤشر مهم على طبيعة المقالة، ففي اشتقاقها اللغوي الأجنبي والعربي ما يوحي بمثل هذا المعنى، فالدلالات التي تشير إليها المفردات اللغوية المستخدمة للدلالة على المقالة تقترب بالمقالة من هذا المفهوم، إذ تعني في مجملها محاولة أو خبرة أو تطبيقًا مبدئيًا أو تجربة أولية؛ فهي وفقًا لذلك تُبقي الباب مفتوحًا أمام المصطلح ليومئ إلى أشكال متباينة وغير محددة من التعبير، وكذلك الكلمة في اللغة العربية فهي مصدر ميمي بمعنى القول، والقول قد يتشكل في أنماط متعددة وغير محددة.

لهذا نجد كاتبًا عربيًا متخصصًا في هذا الميدان يعرف المقالة بأنها "وثبة عقلية لا ينبغي أن يكون لها ضابط من نظام"2 على غرار تعريف جونسون، على الرغم من مرور عشرات السنين على هذا التعريف.

"2،1"راجع: د. إبراهيم إمام: دراسات في الفن الصحفي، الأنجلو المصرية، القاهرة "د. ت" ص180.

ص: 245

ويقترب تعريف الدكتور محمد يوسف نجم من مضمون التعريف الذي أوردته الموسوعة البريطانية، ويبدو أكثر شمولًا حيث يقول:

"المقالة نص نثري محدود الطول يدور حول موضوع معين تظهر فيه شخصية الكاتب، وله مقومات فنية تتمثل في المقدمة والعرض والخاتمة، وشرطها الأساسي أن تكون صياغتها أدبية سلسة تستهوي القارئ"1.

وعلى العموم، فإن ثمة إجماعًا بين الباحثين على أن المقالة فيها شيء من العفوية وقلة التعمق أو الإحاطة والشمول والتنظيم، وخصوصًا ما اصطلح على تسميته بالمقال الصحفي، وإن كان البعض قد أصر على الشبه بين المقالة والبحث.

وقد دأب الباحثون على تقسيم المقالة إلى ذاتية وموضوعية، وهي في اعتقادنا عملية غير دقيقة لأنه؛ يفترض أن يكون في المقالة جانب ذاتي بارز، بل هو شرط أساسي؛ كذلك فإن التزام حدود موضوعية معينة يعتبر أصلًا في المقالة مهما كان نوعها؛ لهذا نفضل أن يكون التمييز بين أنواع المقالة قائمًا على أساس آخر، ووفقًا لهذا الأساس يمكن التعرف على طريقة كتابة المقالة، ونرى من الأسلم أن تقسم المقالة إلى نوعين أساسيين هما المقالة الصحفية والمقالة غير الصحفية "المقالة البحثية".

أولًا: المقالة الصحفية:

وهي عدة أقسام وفقًا للغرض والمنهج ووفقًا للموضوع.

أما التقسيم وفقًا للغرض والمنهج فيقضي بأن نميز بين:

أ- المقالة الافتتاحية.

1 د. محمد يوسف نجم: فن المقالة، دار الثقافة، بيرو "د. ت" ص94.

ص: 246

ب- العمود الصحفي "الخاطرة".

ج- مقال الرأي.

والمقالة غير الصحفية هي تلك التي تتخذ طابعا بحثيا وتنشر في كتاب أو دوريات متخصصة، وهو نمط خاص يقترب من البحث.

أما المقالة الافتتاحية فيكون كاتبها ذا خط فكري واضح يلتزم بسياسة الجريدة، ويكتبه أصحاب الشأن من المحررين، وقد يكون مقصورا على رئيس التحرير، ويستعين بالوثائق والأرشيف ويلتمس الفكرة المثيرة والحقائق والشواهد المؤكدة للفكرة ويلتزم بالخصائص التالية:

1-

الحذر والتحفظ في إبداء الرأي والعمل على بلورته بحيطة ودقة.

2-

العمل على إقناع القارئ وتشويقه إلى متابعة القراءة.

3-

التماس الموضوعات الطازجة والمسايرة للحدث.

4-

النزوع إلى الاستمالة والتوجيه ومخاطبة الرأي العام.

ولابد أن يكون كاتب المقال الافتتاحي يقظا شديد الحساسية ملما ذا ذاكرة قوية، قادرة على الربط بين الأحداث والمواقف.

أما العمود الصحفي أو الخاطرة فيلتقط كاتبه فكرة أو واقعة، أو ظاهرة يتحدث فيها من وجهة نظره الخاصة انتقادا أو استحسانا أو تحليلا بسيطا، وفي الغالب يكون العنوان ثابتا والكتابة دورية أسبوعية أو يومية، وغالبا ما يتسم أسلوب كاتب العمود الصحفي بخصوصية متميزة، وبإيجاز غير مخل، وربما تكمن خصوصية الأسلوب في السخرية أو في خفة العبارة ورشاقتها.

وهناك من يرى أن أهم عناصر الخاطرة أو العمود الصحفي: الفكرة الجوهرية أو الواقعة ثم الشواهد ثم النتيجة، وهذا ليس أمرا مفروضا بالضرورة.

ص: 247

أما النوع الثالث من المقالة الصحفية فهو مقالة الرأي، التي تقترب من المقالة الافتتاحية، ولكنها لا تعبر بالضرورة عن رأي الجريدة أو المجلة، وخطها الثابت، كما أنها ليست كالمقالة الافتتاحية مقصورة على جوانب سياسية، أو اجتماعية مثار الاهتمام من قبل الرأي العام بل تتناول موضوعات مختلفة، يبدي كاتبها رأيه مدعمًا بالأدلة وفق تسلسل مدروس يفضي إلى نتيجة، وقد يكون تحليلًا مستفيضًا لموقف أو دراسة مستقصية لظاهرة.

وفيما يتعلق بالتقسيم الموضوعي فإن طريقة المعالجة هي التي تحدد المجال التصنيفي، فالموضوع في حد ذاته قد يتناوله كاتب صحفي أو باحث متخصص.

ما المقصود بالتحقيق الصحفي؟

التحقيق يتناول ظاهرة معينة من جوانب متعددة ووجهات نظر مختلفة أو متباينة، ويتم بأساليب متعددة منها:

أولًا: عرض الآراء المختلفة للمختصين أو المهتمين بالظاهرة، أو شهود الواقعة وأطرافها وفقًا لطبيعة الموضوع مع التعقيب أو التحليل والاستنتاج، وأسلوب العرض الموسع المستقصي هو أنسب الأساليب لهذ النمط من التحقيقات.

ثانيًا: رواية الحدث من زاوية المتابعة الشخصية مع الرصد الدقيق، ومحاولة النفاذ إلى الخبايا والأسرار، وأسلوب السرد والقصة هو أكثر الأساليب ملاءمة لمثل هذا النوع من التحقيقات، ويعتمد على ذكاء الكاتب وفطنته وإلمامه بالتفاصيل وبنائه للحدث من خلال الجزئيات المتعددة تبعًا لدرجة الإثارة والتشويق فيها.

ثالثًا: الاعتماد على الوصف والاستقراء للواقعة أو المشهد، وهذا يناسب استطلاع المشاهد والمواقع والأماكن الأثرية، ويعتمد على موهبة الكاتب في استنطاق التضاريس المكانية أو المشهدية، وتشكيل صورة وصفية حية لها.

ص: 248

رابعًا: أسلوب الاعتراف، ومن خلاله تتبدى حنكة الكاتب في التمهيد لاستدراج الشخص أو المسئول والحصول منه على اعترافات كاملة، ويناسب هذا الأسلوب التحقيقات التي تجرى داخل السجون ومع المتهمين والمعتقلين، ومع المسئولين عن المراكز الحساسة والمؤثرة أحيانًا الذين يكشف النقاب عن تورطهم في أخطاء أو فضائح وما إلى ذلك، ويعتمد على قدرة الكاتب في نقل هذه الاعترافات وصياغتها صياغة دقيقة ومؤثرة ومشوقة.

خامسًا: المقابلة أو الحوار الصحفي، ويفترض في الكاتب أن يعد أسئلته بعناية فائقة وفقًا لخلفية متمكنة، تلم بمعلومات وافية عن الشخصية المراد إعداد الحوار معها، وقراءة ما كتب عنها وما كتبته من مؤلفات وما اضطلعت به من أعمال، وما اشتهرت به من مواقف، ويفترض أن يكون الكاتب قادرًا على اشتقاق أسئلة جديدة من الإجابات، وإثارة الشخصية لدفعها إلى الإفضاء بما لديه من أفكار ومعلومات.

وعند إعداد الحوار لا بد من حسن اختيار العنوان الذي من شأنه أن يجذب اهتمام القارئ وإبراز المعلومات الجديدة التي يطرحها التحقيق بشيء من العناية والتركيز، مع إثبات الأدلة والشواهد والمصادر بموضوعية، وإثارة غريزة حب الاستطلاع لدى القارئ لمتابعة قراءة التحقيق.

خطوات كتابة التحقيق:

لا تختلف خطوات التحقيق كثيرًا عن خطوات كتابة المقالة بشكل عام، ولكن صاحبها يتميز بشيء من يقظة الحاسة الصحفية، ويعتمد على جمع الحقائق اللازمة بدلًا من جمع المعلومات النظرية؛ لأن الحقائق في التحقيق الصحفي تختلف نوعيًا عن المعلومات في المقالة، فمصادرها متعددة، وتحتاج إلى سعي دؤوب يتخطى المراجع والكتب.

ص: 249

وإعداد خطة التحقيق يختلف أيضًا عن الإعداد المعروف للكتابة إذ تتنوع أشكال الخطة، فهناك وجهات نظر، وهناك ملاحظات مختلفة المصادر، وهناك استفتاء وأحاديث تُجرى، ورصد خاص، وما إلى ذلك، وكل هذا الخليط لا بد أن يرتب وفقًا لمحاور معينة تأخذ بعين الاعتبار العديد من المبادئ المهنية للصحافة، إذ لا بد أن يخدم التحقيق أهداف معينة تتعلق بالصحيفة وبالفكرة التي يهدف إلى جلائها التحقيق، وما إلى ذلك.

كيف تكتب المقال؟

أولًا-اختيار موضوع المقال: يخضع اختيار الموضوع لأسس متعددة منها ما يتصل بالكاتب ومنها ما ليس له دخل فيه؛ فالظروف هي التي تملي هذه الأسس، فإذا كان الكاتب صحفيًا فهو مضطر إلى اختيار موضع يتناسب مع الظرف الراهن ما يتمشى واهتمامات القراء وسياسة الصحيفة التي يكتب فيها، وأما إذا كان الكاتب حرًا في اختيار موضوعه فحالته العقلية والنفسية وتوجهه الفكري يفرض عليه هذا الاختيار، وقد يكون كاتب المقال مكلفًا بكتابة مقال محدد له علاقة بالمادة العملية التي يدرسها، أو في إطار ما يسمى بالنشاط اللاصفي، من هنا كانت عملية التحكم في اختيار الموضوع تخضع لظروف خاصة.

ثانيًا- تحديد الهدف من المقال: وهذا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالظروف التي أملت على الكاتب اختيار موضوعه، وتحديد الهدف يدفع إلى اختيار المنهج الملائم لكتابة المقال، فقد يكون الهدف توضيح مقولة ما، أو تزويد القارئ بمعلومات معينة حول مكان أو فكرة أو مسألة خلافية، أو كشفًا عن حقيقة غائبة.

ثالثًا- اختيار العنوان أمر بالغ الأهمية؛ لأنه يوجه مسار الكتابة، وكلما كان العنوان دقيقًا دالًا كان المقال واضح المعالم، وأفكاره مرتبة منتظمة، أو إذا

ص: 250

كان العنوان عامًا عائمًا؛ فإن الكتابة تسير في منعطفات لا تفضي إلا إلى مزيد من الاضطراب والتخبط.

رابعًا- التصور النظري: ويعني ذلك رسم المعالم الرئيسية وترتيبها في الذهن قبل المباشرة في الكتابة وفق خطة مدروسة تساعد الكاتب على تكثيف جهده وتركيزه في طرح منظم ومؤثر.

خامسًا-خطوات التنفيذ: تقسيم الخطة إلى مقدمة تهيِّئ الأذهان، وتكون موجزة مركزة وتشكل مدخلًا له صلة وثيقة بموضوع المقالة، وإلى عرض في عدة فقرات، كل فقرة تتناول فكرة معينة، وتكون الأفكار متسلسلة ومترابطة بحيث يستدل عليها بالأدلة النقلية والعقلية المناسبة، على أن يغلفها الكاتب بانطباعاته الشخصية ووجهة نظره الخاصة، وتفضي في نهاية المطاف إلى الخاتمة.

وقد أوردنا في نهاية هذا البحث نماذج تطبيقية يمكن الرجوع إليها.

مناهج كتابة المقالة1:

أولًا: المنهج التحليلي

ويقوم على تناول قضية من القضايا أو موضوع من الموضوعات بالدراسة من خلال النظر في عناصره المختلفة بعد فرزها واكتشاف ما بينها من علائق، وفحصها فحصًا دقيقًا تمهيدًا لفهمها أو الحكم عليها وتقييمها، وغالبًا ما يكون في معالجة النظريات والمذاهب الفكرية والنصوص والقضايا الاجتماعية والصفة التحليلية منهجًا وليس موضوعًا.

خطوات الكتابة وفقًا لهذا المنهج:

1-

الإلمام بالنظرية أو المذهب أو النص أو القضية وجمع المعلومات الكافية عنها.

1 راجع فيما يتعلق بهذا الموضوع كتاب "التحرير العربي" للدكتورين أحمد شوقي رضوان وعثمان الفريح، عمادة شؤون المكتبات، جامعة الملك سعود، الرياض 1404هـ. ص111 فما بعدها.

ص: 251

2-

تصنيف المعلومات وترتيبها.

3-

اكتشاف عناصر الموضوع وتدوينها تمهيدًا لدراستها.

4-

مباشرة الكتابة على النحو التالي:

أ- المقدمة حيث يتحدد الهدف من خلالها.

ب- العرض: تناول فيه كاتب المقال عناصر الموضوع عنصرًا عنصرًا لتسليط الضوء عليه وبيان صلته بالعناصر الأخرى، وبيان وجهة النظر حوله مدعمة بالأدلة والبراهين.

ج- استخلاص الموقف العام من الموضوع في نهاية المقالة.

ص: 252

نموذج تطبيقي الفلسفة الوجودية

الطريقة والمنهج:

1-

دراسة النظرية من مصادرها عند أشهر الفلاسفة الذين نادوا بها مثل سارتر وكامي وكير كيجارد.

2-

من خلال الدراسة والتأمل نستكشف تضاريس المذهب عل النحو التالي:

أ- الوجودية تعني قيمة الوجود الفردي، وتؤكد أولوية الوجود على الماهية.

ب- الإنسان مجموعة من المتناقضات، والوجوديون يقفون ضد أي محاولة لالتماس مبدأ كلي تندرج تحته الأفعال الأخلاقية.

ج- للسيطرة على هذا التناقض لا بد من استجماعه في وحدة شاملة تمضي به إلى اتجاه متناسق.

د- تختلف السبل عند الوجوديين في تحقيق هذه السيطرة.

هـ- الزعم بوجود ضربين من الوجودية: وجودية عميقة التدين، ووجودية ملحدة.

ص: 253

الكتابة:

في المقدمة نحدد الهدف من تحليل الفلسفة الوجودية على النحو التالي:

غاية هذه المقالة توعية القراء بحقيقة النظرة الخاطئة إلى الكون والوجود، وتبصير الطليعة المثقفة من الشباب بأهم الاتجاهات التي سادت الفكر الأوروبي الغربي في أعقاب الحرب العالمية الثانية نتيجة لخيبة الأمل الصاعقة التي أصابت المجتمعات الأوروبية في المبادئ الليبرالية.

إن انتقال هذه الاتجاهات إلى المجتمعات العربية والإسلامية قد أحدث شروخًا عميقة في نفوس الشباب، وأحدث نوعًا من البلبلة الفكرية خصوصًا في حقبة الستينيات، وانعكس أثرها عميقًا في الأعمال الإبداعية سواء كانت شعرًا أو نثرًا.

العرض:

ونتناول فيه العناصر التي تم فرزها "بعد التعرف عليها" في الفلسفة الوجودية.

الفقرة الأولى: "العنصر الأول":

تؤكد الوجودية قيمة الوجود الفردي، وهذه القيمة تعترف بها الأديان جميعًا، غير أن الوجوديين ينفون وجود جوهر كلي ينظم هذا الوجود، فلا يقرون إلا بالحسي والعياني، في حين أن الجوهر أساس هذا التحقق العياني، فإن الإنسانية كفكرة جوهرية تبرز النظرة الشاملة التي تتخطى الجزئيات وتتجاوز العياني المحدود للأشخاص، وتنتظم في تصور متكامل يفضي إلى استخلاص المبادئ والقيم التي ترتكز عليها الحياة الإنسانية، وإذا كانت الأديان السماوية ودينًا الإسلامي على وجه الخصوص يقر بوجود مظاهر الضعف والخلل في البشر كآحاد، لهم وجودهم المتعين فإنه يكشف عن الجوهر الإنساني الخير ويبرز

ص: 254

القيم والمثل التي من شأنها إصلاح حال الإنسان والارتقاء به وضمان حريته وكرامته، يقول الله سبحانه وتعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر} .

الفقرة الثانية: "العنصر الثاني":

أما فيما يتعلق بالنظر إلى الإنسان كمجموعة من المتناقضات وإنكار مبدأ كلي تندرج تحته الأفعال الأخلاقية فإن ذلك ينتهي بالوجودية إلى رصيف العبث والتشاؤم والسوداوية التي سادت إنتاج الأدباء الوجوديين من أمثال سارتر وكامي، والحقيقة أن المبادئ الأخلاقية الكلية لا يمكن إنكارها بدليل أنها كانت قوام وجود المجتمعات عبر التاريخ، وأن نضال الإنسان المستمر من أجل إرسائها أعطى لوجوده معنى، وقد أثمر هذه المنجزات الرائعة في الحياة وفي الفلسفة والفكر على حد سواء، ومن شأن شيوع هذه الأفكار العبثية أن تبذر بذور الفساد والعدمية وتفقد الحياة معناها.

الفقرة الثالثة "العنصر الثالث":

السيطرة على التناقض من وجهة نظر سارتر تكون بإطلاق العنان للحرية الفردية بلا ضابط وفقًا لمبدأ الحرية والمسئولية، وهذه الحرية تتمثل في إشباع الرغبات والشهوات دون مبالاة بشيء، وهذا الأمر يقود بالضرورة إلى تفجير التناقضات وتدمير الإنسان، وتحلله من أي انتماء، ولا يسهم ذلك في إعادة التوازن بل يؤدي إلى الانهيار المأساوي؛ لأن التكامل الذي يتم بالتوافق بين عنصري المادة والروح يختل تحت وطأة الرغبات الحسية ويجمح بالإنسان إلى الهلاك.

الفقرة الرابعة "العنصر الرابع":

وإذا كان سارتر يمثل توجهًا معينًا في إطار الفلسفة الوجودية فإن كامي يمثل الطرف الآخر النقيض، فوجود الفرد عنده يتحقق بمواجهة المخاوف والأخطار

ص: 255

وإبراز الطاقة الكامنة عند الإنسان بمعاناة أقصى درجات القلق والخوف، ويذهب آخرون إلى أن إمكانية تحقق الذات عند الإنسان يمكن أن تتم بمزيد من التعلق بالله سبحانه وتعالى، والتأمل في الكون والوجود.

وهكذا يمكن السير في معالجة لهذا الموضوع وفقا للنهج التحليلي في كتابة المقال وصولا إلى الخاتمة.

الخاتمة:

استخلاص الموقف العام

مما سبق يتضح لنا أن الوجودية ليست فلسفة شاملة أو نظرية متكاملة بل هي نزعات متباينة لا ينتظمها إطار كلي، تتشظى في مواقف جزئية متعددة، وأنها جاءت كردة فعل لما ساد الحياة الغربية من انهيار في القيم والمثل، وهي إحدى مظاهر الهزيمة الشاملة التي حاقت بالتطلعات والأماني المرجوه بعد سقوط ملايين البشر في حرب عبثية، وتناحر دموي على موارد الثروة ومناطق النفوذ؛ من هنا كان ينبغي أن يتنبه شبابنا لما في هذه الفلسفات من خطورة تهدد حياتهم ووجودهم.

المنهج البياني:

يدخل في إطار هذ المنهج كل مقال يعمد كاتبه إلى إيراد المعلومات في شكل مترابط يفضي إلى صورة واضحة عن أي موضوع من الموضوعات، ويدخل في إطار هذا المنهج الأسلوب القائم على التوضيح والعرض أو الوصف والقص، ومثال ذلك المقال التالي:

"القرآن الكريم ومناهج التفسير".

فيما يتعلق بالاستعداد للكتابة في هذا الموضوع نعمد إلى اتباع الخطوات السابقة الذكر:

ص: 256

أولًا: المقدمة تشير إلى أهمية هذا الموضوع وضرورة الإحاطة به:

إن المعارف المتعلقة بالقرآن الكريم تعين على فهم كتاب الله سبحانه وتعالى، والحذر مطلوب من المسلم في تلقيه لكل ما كتب حوله من تفسير أو بيان حتى ينشأ سليم العقيدة نقي الفكرة، من هنا كان لا بد من تناول هذا الموضوع بشيء من التفصيل.

العرض: ويقوم على التركيب بإثبات المعلومات مترابطة متسلسلة حتى تتكامل الصورة.

الفقرة الأولى:

نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم منجمًا في نحو عشرين سنة، وقد جمع عهد أبي بكر الصديق "رضي الله عنه" من الصحف والألواح وصدور الحفاظ، تم تدوينه وجمعه في مصحف واحد في عهد عثمان بن عفان "رضي الله عنه" وكان صحابة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يتحرجون في تفسيره، ولم يكونوا على مستوى واحد من الفهم، ذلك أن في القرآن الكريم آيات محكمات وأخر متشابهات، والمتشابهات لا يفهمها إلا من أوتي قدرا من العلم.

الفقرة الثانية:

هناك مناهج متعددة في تفسير القرآن ظهرت في القرنين الأول والثاني للهجرة، منها: التفسير بالنقل، أي: بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الأجلاء رضوان الله عليهم أجمعين وتابعيهم من الصفوة الثقات؛ فقد روت كتب الصحاح طائفة لا بأس بها من هذه الروايات عن علي وابن مسعود وابن عباس "رضي الله عنهم" وعن مجاهد وابن جريج ووهب بن منبه، وقد تحرج العديد من الصحابة والتابعين فلم يدلوا بدلوهم في هذا المجال، وخصوصًا سعيد بن المسيب.

ص: 257

الفقرة الثالثة:

وأما التفسير بالاجتهاد فقد أخذ أصحابه بأسباب العالم فوثَّقوا معارفهم اللغوية وألموا بأسباب التنزيل وتحروا الفهم الدقيق واستعانوا بما كانوا يحفظونه من شواهد اللغة والتمسوا طرائق العلم الصحيح واستعانوا بالثقات من الصحابة والتابعين فجاءت جهودهم في هذا المجال مثيرة للإعجاب، دالة على قرائح خصبة، وذوق لغوي متميز.

الفقرة الرابعة:

أما المتأخرون فقد استحدثوا مناهج جديدة في تفسير القرآن الكريم إلى جانب ما سبق ذكره كتفسير القرآن بالقرآن، وإلا بعضهم فاستحدث ما يسمى التفسير العلمي في عصرنا كتفسير طنطاوي جوهري، والتمس البعض الآخر سبل البيان وأوغل في التخريج والتأويل.

وهكذا يمكن أن يسير كاتب المقال على هذا النحو فيضيف المزيد من المعلومات حتى يصل إلى الخاتمة التي يستخلص منها صورة واضحة لذلك كله على النحو التالي:

الخاتمة:

مما سلف يتبين لنا أن الدراسات حول القرآن الكريم نمت وازدهرت في مختلف العصور الإسلامية فكانت حصيلة ذلك ثروة هائلة في هذا المجال، ولكنها تحتاج إلى تمحيص وتحقيق وتوثيق، فلا يؤخذ منها إلا ما برئ من الدس والتزييف، وما خلا من التعارض والتناقض والمطاعن.

ص: 258

المنهج الجدلي في بناء المقالة

ويقوم هذا المنهج على استحضار الآراء المتعارضة حول قضية ما ومناقشتها ودفع بعضها ببعض وصولًا إلى الرأي الأصوب.

الخاتمة:

مثال تطبيقي "العقلية العربية".

المقدمة: الإشارة إلى تعدد الآراء حول هذه المسألة على النحو التالي:

اختلفت الآراء حول طبيعة العقلية العربية؛ فمن الباحثين من يرى أن العرب ليسوا من النضج العقلي بحيث تكون لهم فلسفة وتراث مدون وهؤلاء هم الشعوبيون، ومنهم من يرى أن العقلية العربية تتفوق على غيرها بسرعة البديهة والفصاحة، ومنهم من يتهم العرب بالمادية الحسية في تفكيرهم ونزوعهم وبالجدب في خيالهم والسطحية في عواطفهم، ومنهم من ينظر إلى الأمر نظرة مغايرة.

العرض: فيه استعرض لهذه الآراء وحوار معها ورد عليها:

الفقرة الأولى:

إن مجمل هذه الآراء لا يصدر عن رؤية علمية راشدة تستهدي بالبحث ومناهجه القويمة، وتأخذ بأسباب التحقق والنظر المتأني، بل إن جلها يصدر عن هوى، ويخبط خبط عشواء، فالشعوبية تكره العرب وتحاول إيجاد ثغرة ما تنفذ منه للحط من قيمتهم، فليس العرب في عقلياتهم وسلوكهم ماديين أو روحيين، ولكنهم مروا بأطوار شأنهم شأن الأمم الأخرى، وهذه سنة الله في

ص: 259

خلقه، فالأمم كالأفراد يمرون بمراحل الولادة والنشأة والشباب والشيخوخة؛ وما يوصف به من العرب من حسية ونزوع مادي يصدق على المراحل الأولى البدائية.

الفقر الثانية:

وأما من استشهد بآراء ابن خلدون في هذا الصدد فإن كلامه مردود عليه، فوصفه العرب بالتوحش والسلب والنهب والجنوح إلى التخريب؛ يقصد به ابن خلدون شريحة الأعراب ممن جاء وصفهم في القرآن الكريم بأنهم أشد كفرًا ونفاقًا، وأما أولئك العرب الذي حملوا رسالة الإسلام ونشروها في ربوع العالم فهم الذين يمثلون هذا الشعب الوفي الذي اختاره الله سبحانه وتعالى للقيام بهذه المهمة العظيمة السامية.

الفقرة الثالثة:

وعند النظر إلى هذه القضية من منظور سليم؛ فإنه لا بد من استلهام الواقع الإنساني الذي كانت تعيشه أمة العرب في مراحل حياتها المختلفة قبل الإسلام وبعده، واستعراض الأحداث التاريخية، ووزنها بميزان العدل والإنصاف والدرس العلمي المحايد بعيدًا عن التحيز والتحامل، وبعيدًا عن الهوى، وهذا منهج الإسلام الحق؛ فالأمة العربية كغيرها من الأمم في رقيها ونموها العقلي، بل هي ذات رسالة أدتها خير أداء؛ فلا بد من إنصافها بما تستحق.

وهكذا يمكن السير على هذا المنهج في طرح الأفكار ومناقشتها وصولًا إلى الخاتمة التي تلخص زبدة الموضوع.

فالمنهج الجدلي يقوم على طرح المقدمات الصحيحة للخلوص إلى نتائج صحيحة وإبطال الآراء المغالية والمغرضة بما يكافئها من حجج وبراهين.

ص: 260

مكتبة المقالة:

أولًا: فن المقالة للدكتور محمد يوسف نجم، دار الثقافة ببيروت، يعتبر هذا الكتاب مرجعًا أساسيًا في المقالة من الناحية النظرية والتطبيقية، فقد تحدث عن نشأة هذا الفن ومقوماته وتاريخه.

ثانيًا: دراسات في الفن الصحفي، الأنجلو المصرية، القاهرة، وقد تحدث عن فن المقالة الصحفية ومقوماتها وأنواعها.

ثالثًا: التحرير العربي للدكتورين أحمد شوقي رضوان وعثمان الفريح عمادة شؤون المكتبات، جامعة الملك سعود الرياض 1404هـ.

رابعًا: فن الكتابة والتعبير، للدكتور محمد علي أبو حمده، الأقصى عمان، وقد تناول الكتابان الأخيران المقالة مع موضوعات أخرى.

ص: 261