الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر من اسمه سهل
[204]
سهل بن محمد بن رافع بن المحيَّى الهلاليُّ، أبو المحامد الشاعر:
من بني هلال، من رامة الشعر ببلدة حوران، مولده ومنشؤه ومقامه بها، كان من الشعراء المجيدين في دهره.
حدثني القاضي أبو القاسم عمر بن أحمد الحنفي- أيده الله- من لفظه قال: قدم أبو المحامد حلب مرارًا كثيرة، مسترقدًا من ملوكها وأمرائها، واجتمعت به، وكان حلو المنطق، فصيح العبارة، حسن الشعر، وكتبت عنه شيئًا من شعره، وتوفي في رجب أو شعبان سنة/60 ب/ ثلاث وعشرين وستمائة ببعلبك:
ومما أنشدني لنفسه من قصيدة يمدح بها الملك الظاهر غياث الدين غازي بن يوسف بن أيوب، ويتشوق فيها أهله ووطنه:[من البسيط]
لي نحو رامة قلب شأنه الطرب
…
وعبرة يعد يوم البين تنسكب
وأنَّه كلَّما ناحت مطوَّقة
…
تكاد من حرِّها الأحشاء تلتهب
كم رمت كتمان ما أبديه من كمد
…
وباعث الشَّوق يعصيني فأنتحب
يا حادي العيس بالجرعاء هل نظرت
…
عيناك مثلي معنَّى شفَّه الوصف؟
أحشاؤه من جوى التَّذكار في حرق
…
وقلبه لفراق الحيِّ مكتئبُ
لا كان يوم وداع كنت أحذره
…
والبدر يسفر أحيانًا وينتقب
وطلعة الشمس تبدو غير آفلة
…
من المعاجر طورًا ثم تحتجب
ودَّعت لذَّة عيشي يوم فُرقها
…
ودمع عيني من هول النَّوى سرب
فاستعبرت ومطايا الحيِّ مزمعة
…
سيرًا يسايره التَّقريب والخبب
فخلت حمرة خدَّيها وادمعها
…
راحًا تجول على ناجودها الحبب
لمياء يُخبر عن شهد مقبَّلها
…
ويُخجل الدُّرَّ منها ثغرها الشنب
تُريك وجهًا يريك الشَّمس طالعة
…
سبط المحاسن لا خال ولا ندب
/61 أ/ خودٌ هلالية الآباء لا أمم
…
يقضي المودَّة لي منها ولا صقب
من دون رشف حميا شهد ريقها
…
بيض الصَّوارم والعسَّالة السلب
قالت وقد ازمعت لي عن مواطنها
…
ميساء مضمرة مهرية نجب
ماذا الرَّحيل وقد غادرت منزلنا
…
صفر الجوانب لا ورق ولا ذهب
فقلت خلَّي سبيل الهمِّ منصرفًا
…
غازي بن يوسف ذخري والمدى حلب
وأنشدني أيضًا قال: أنشدني سهل لنفسه من قصيدة يمدح بها سنقر الحلبي:
[من الكامل]
ملك يسرُّ المعتفين لقاؤه
…
وتخاف شدَّه بأسه أسد الشَّرى
متألّق الأضواء يحمد وفده
…
عند الصَّباح بوجهه غبَّ السُّرى
قهر الفوارس قبل شدِّ نطاقه
…
وأتى المكارم يافعًا وحزوّرًا
وحوت مناقبه مآثر معشر
…
ما كان ذكرهم حديثًا يفترى
ماضي ظبا العزمات لا يعتاده
…
زمع إذا صبح الأسنَّة اسفرا
يلقى الكتيبة غير مكترث بها
…
ويكرُّ والأرواح واهية العُرى
متقلد عضبًا كأن مضاءه
…
قدر لكلِّ ملمّة قد قُدِّرا
ما شيم برق من مضارب حدِّه
…
إلا كسا الآفاق مرطًا احمرا
/61 ب/ يغشى غمار الموت غضبًا فاتكًا
…
ويلوح في رهج العجاج غضنفرا
أخبرني القاضي أبو القاسم- أيده الله- قال: قال أبو البقاء يعيش بن علي النحوي قال: رأيت الهلالي ينشد السلطان غياث الدين قصيدة من حفظه لنفسه، يمدحه بها، فجعل يتوقف فيها، ويعيد أبياتها، فلما فرغ منها قال للسلطان الملك الظاهر معتذرًا من
تغلظه فيها: يا مولانا، الجواد يكبو من قلة العلف، فقال السلطان في الحال مجاوبًا له: وقد يكون من حمير.
[205]
سهل بن محمد بن أيوب بن مالك، أبو الحسن الأزديُّ الغوناطي الأندلسي:
كان من العلماء الأفاضل المتفنّين في عصره، إمامًا في البلاغة/62 أ/، والخطابة، والشعر، والكتابة، قادرًا على إنشاء الكلام نظمًا ونثرًا، فقيهًا مالكي المذهب، عارفًا بأصول الدين، وأصول الفقه، مقدمًا في علم الأدب والعربية، مبرزًا في علم المنطق والجدل.
أنشدني أبو الوليد إسماعيل بن عبد الله بن إسماعيل بن أحمد البلوي القضاعي البيّاسي في العشرة الأخيرة من جمادى الأولى بحلب سنة أربع وثلاثين وستمائة قال: أنشدني أبو الحسن سهل بن مالك الغرناطي لنفسه في سنة تسع وستمائة، وقد فارق وطنه، ونزل مدينة سبتة:[من الكامل]
لما حططت بسبتة قتب النَّوى
…
والقلب يرجو أن تحوّل حاله
أبصرت من بلد الجزيرة مكنسًا
…
والبحر يمنع أن يصاد غزاله
كالشَّخص والمرآة تُبصر وقد
…
قربت مسافته وعزَّ مناله
وحدثني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن يوسف اللخمي الفراتي قال: أخبرنا أبو العباس أخمد بن محمد بن مسعود السبتي قال: كيف كان للفقيه الإمام العلامة أبي الحسن
سهل بن مالك خطيب/62 ب/ غرناط- كلأهما الله- ابن مدمن على شرب الخمر، وتعشق جارية، كان أبوه كثيرًا ما ينهاه عنها، وعن الشرب معها، وهو مع ذلك [لا يزداد] إلا غرامًا [بها]، فلما لم يجبه إلى ترك ما علق به من ذلك، حبسه، وقيده، وبقي على تلك الحال مدة طويلة، ثم سرَّحه بعد ذلك لموشحة صنعها. وصنع طعامًا، وأراد أن يحضر أصحابه، فيأكلون ذلك الطعام في منزل ابنه، ليطيب قلبه، فتقدم أبوه إلى منزله، فوجد الباب مفتوحًا، فدخل عليه، فوجده يشرب مع تلك الجارية، وهي تسقيه بفيها خمرًا، فرجع من غير أن يراه ابنه، وكتب إليه وهو لا يعرف اسم الجارية:
[من مخلع البسيط]
يا من أُراعيه ملء عيني
…
خف وصلة أعقبت يبين
إذا تمكَّنت من قلانه
…
فمرَّة واترك ائنتين
فما سقت خمرة بفيها
…
إلا لتشفى بسكرتين
/63 أ/ فكتب إليه ابنه: [من مخلع البسيط]
يا واحد الدَّهر دون مين
…
ومن تحلَّى بكلِّ زين
مثلك ينهى أخا غرام
…
عن وصلة أعقبت يبين
وقد نهيت الفؤاد لكن
…
يرجع قلبي لحكم عيني
قال: فسكت عنه، ووصله، ولم يعرض بذكر الجارية أبدًا.