الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
/76 ب/
حرف الشين
[211]
شعيب بن أبي طاهر بن كليب بن مقبل، الضَّرير، أبو الغيث البصريُّ:
دخل بغداد وأقام بها إلى أن توفي في يوم الجمعة مستهل المحرم سنة ثمان وستمائة.
تفقه على أبي طالب صاحب ابن الخل، وقرأ كتاب الخلاصة في الفقه لأبي حامد الغزالي على الشيخ أبي جعفر بن البوقي، وأخذ على العربية عن أبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي، وأبي محمد بن عبيدة المقرئ البغدادي، وكان أحد القراء النحويين، عالمًا فاضلًا، يحب الخمول لفسه، ويكره الصيت والرئاسة، وله شعر ورسائل، وصنف كتابًا سماه "الحتم المفروض في علم العروض"، وكتاب:"الأهم في الأهم".
أنشدني الإمام زين الدين بن [أبي] ألبة بن أبي جعفر بن ناصر الشيرازي الشافعي، قال: أنشدني أبو الغيث شعيب الضرير لنفسه. [من الطويل]
ألا إنَّ أشواقي إلى ما عهدته
…
من الحضر العلياء ذات شبوب
/77 أ/ تأجَّج وجدًا كلَّ يوم وليلة
…
وتزداد وقدًا عند هبَّ جنوب
ولو حملتني شمال في هبوبها
…
لطرت إليكم عند كلِّ هبوب
ولكنها تسري إليكم ووفرها
…
سلامي وأشواقي ودمع غروب
وأنشدني قال: أنشدني لنفسه: [من الطويل]
ألا ليت شعري هل أفوزنَّ مرة
…
بنظرة محبوبي وحسن مالي
وهل يجمعنَّ الله من بعد بعدنا
…
وقد فنيت أعمارنا بتقالي
وقد برحت أيدي المدى بجموعنا
…
وولَّى نضير العيش غير مبالي
وعدنا نسجُّ الدَّمع حزنًا وحسرةً
…
على طيب أيام مضت وليالي
وقال أيضًا: [من الطويل]
كتابي بأشواقي إلى من أحبُّه
…
يناجيه عنّي بالغرام المحرِّق
ويشكو إليه عن لساني تألُّمي
…
بطول النَّوى عنه وطول التَّفرق
وقال أيضًا: [من البسيط]
إليك يا رب أشكو ما أكابده
…
من التَّنائي وأنهي ما ألاقيه
قد مسَّني الضرُّ فارحم مدنفًا قلقًا يفنى الزَّمان بفيض من مآقيه
يرعى نجوم السَّما من وقد لوعته
…
تردُّه النَّفس منه في تراقيه
/77 ب/ لو لم يكن منك يرجو أن سيجمعه
…
يوم بمن يبتغي ما عاش باقيه
[212]
شمعلة بن أبي النَّما، أبو محمد الواسطيُّ:
هو من قرية من أعمال واسط، تدعى نهفة وقيل: من مركوري، وكلاهما من الأعمال الواسطية.
كان رئيس قريته وشيخها، شاعرًا متأدبًا، جيد الروية، مطبوع الشعر، حسن النظم، سمح اليد، واسع النفس، تام المروة، متعصبًا لمن يقصده.
أنشدني أبو الحسن علي بن أبي الفرج بن محمود الخرابي النحوي الواسطي قال: أنشدني شمعلة لنفسه ما كتبه على سيفه، وكان يومئذٍ عاملًا بنهر جعفر في أيام
الناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن المستضيء بأمر الله- رضي الله عنهما:
[من مخلع البسيط]
شمعلةٌ قد أعدَّ هذا
…
لنصرة الحجَّة الإمام
فقل لأهل العناد صبرًا
…
سنجلي غيهب الظَّلام
فقل لأهل العناد صبرًا
…
سينجلي غيهب الظَّلام
/78 أ/ وأنشدني قال: أنشدني لنفسه في ابن الأمير السيد هاشم بن علي العلوي، وكان ناظرًا بواسط. [من الخفيف]
إنَّ عندي لهاشم بن عليٍّ
…
مننا كالنُّضار لا تستحيل
وثناء كأنَّه قطع الرَّو
…
ض أريضٌ غضٌ عريضٌ طويل
جدُّه أحمد وحسبك بالآ
…
باء من بعد حيدر والبتول
وأنشدني قال: أنشدني لنفسه: [من الطويل]
ألا إنَّ لي نفسًا أبت أن أسومها
…
لخسف وأن ترضى بذمٍ طباعها
أكلِّفها سرَّ الهوى فتصونه
…
مخافة أن يبدو لسرٍّ قناعها
حكت نفثات الدارميِّ وقوله
…
وناهيك أبيات يروق سماعها
(وفتيان صدقٍ ليس يطلع بعضهم
…
على سرِّ بعض غير أني جماعها)
وأنشدني قال: أنشدني لنفسه: [من الكامل]
أمحمِّلي عبء الغرام وتاركي
…
غرض السِّهام متى غليلي ينفع؟
وإلى م ما تنفكُّ نيران الأسى
…
والوجد ما بين الجوانح يسفع؟
ولأيِّما حال أذاد عن العلا
…
والصَّاب كاسات الرَّدى أتجرع؟
وتلذُّ عينك بالرُّقاد وما كذا
…
فعل الكرام ومقلتي لا تهجع
/78 ب/ ما كنت أحسب يا محمد خلَّتي
…
تُثنى ولا تلك العهود تضيِّع
فلئن أضرَّ بي الغرام ونال من
…
جسدي السقام وهام قلبي الموجع
فلقد كتمت الوجد وهو مبرِّحٌ
…
ولأمت شمل الجمع وهو مصدَّع
وظللت أظهر للوشاة تجلدًا
…
وببعض قول أبي ذؤيب مقنع
(وتجلدي للشَّامتين أريهم
…
أني لريب الدهر لا أتضعضع)
ولسان حال أخي الرِّواية منشد
…
بيتًا عليه بنو الهداية أجمعوا:
(إذا المنية أنشبت أظفارها
…
ألفيت كلِّ تميمة لا تنفع)
وأنشدني قال: أنشدني شمعلة لنفسه في وجع عينه، ويصف شخصًا يعرف بابن ريان الطبيب:[من البسيط]
ما مات بقراط إذ أضحى له خلفٌ
…
من آل ريانًا من الحكم
يقضي على الداء فلأقدار جارية
…
مما يحاول من برء ومن سقم
[هذا وأيسر شيء من محاسنه
…
إنشاده عند حسم الداء والألم
(لا يحمد الدَّهر في ما شاء يكنفها
…
فلو أردت دوام البؤس لم يدم)]
وأنشدني موفق الدين أبو الحسن علي بن مهذب بن أبي محمد بن بكران بن العاصماني الواسطي، بأرض البطائح يوم الجمعة /79 أ/ خامس شعبان سنة تسع وثلاثين وستمائة، قال: أنشدني شمعلة بن أبي النما لنفسه ما كتبه إلى ابن أخيه: [من الطويل]
عليُّ افترق فينا وما شئت جازني
…
محازاة من لم يرع حقًّا لوالد
وعدِّ عن الصُّنع الجميل وخلِّني
…
أكابد من بلواك ما لم أكابد
فقد خُيّبت فيك الظُّنون وصدِّقت
…
مقالة من آسى اللَّهى بالمحامد
(بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
…
بنوهنَّ أبناء الرَّجال الأباعد)
فيا حسن إحساني إليك وقبح ما
…
أسأت فدن ما بين مثنٍ وجاحد
[213]
شجاع بن علي بن إبراهيم بن محمد بن أبي زهران، أبو محمد الموصلي:
كانت ولادته تقديرًا سنة أربعين وخمسمائة، وتوفي مستهل رجب سنة عشرين
وستمائة بالموصل.
كان صاحب فضل، ومحاضرات، وفكاهة، وحكايات، ومعرفة الناس وأيامهم، وله أشعار كثيرة، ورحل إلى البلاد الشامية، وامتدح الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب- رضي الله عنه وولديه/79 ب/ الظاهر والأفضل وغيرهم.
أنشدني ولده أبو شجاع يعقوب قال: أنشدني [أبي] لنفسه يمدح صلاح الدين يوسف بن أيوب بدمشق سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ويذكر فتحه بيت المقدس- رحمه الله تعالى-:[من الطويل]
دموع جرت يوم الفراق سجام
…
وقلب لناء الشَّوق فيه ضرام
لحى الله يوم البين إنَّ مذاقه
…
لكلِّ نفوس العاشقين حمام
وكلُّ محبٍّ لم يمت يوم فرقة
…
فذاك له عند المنون ذمام
لئن درست بالأنعمين معاهدٌ
…
وعزَّ بأعلى الجلهتين مقام
وأمست عراص الأبرقين مواثلًا
…
فمنِّي على تلك الديار سلام
وإن جلِّ خطب أو عرتني ملمَّةٌ
…
فليس عجيبٌ أن يفلَّ حسام
سأدَّرع الليل البهيم لعلَّني
…
أجوب الموامي والعيون نيام
إلى من حباه الله بالملك إذا رأى
…
حمول الهدى والكفر فيه غرام
وزيَّنه بالحلم والعلم والتُّقى
…
فما حسن إلا لديه يرام
أقام قنا الدِّين الحنيفي راغبًا
…
إلى الله لما آض وهو ثمام
إلى ملك الدُّنيا الذي لو تفرقت
…
كتائبه والمشركون نيام
/80 أ/ لقام مقام الجيش حتَّى تزورهم
…
بأيدي الفيافي أنسر وهوام
إذا الحرب أعيت كلِّ قرم وباسل
…
وخام شجاعٌ واستسرَّ همام
وجاشت نفوس المسلمين بأسرهم
…
وعزَّ على المستسلمين كلام
كشفت قناع الرَّوع عنهم بمهجة
…
تميت وتحيي والصفوف قيام
عليها من الرحمن في الروع جُنَّة
…
ومن غير الدهر الخؤون زمام
وحين لقيت المشركين وظنُّهم
…
بأنَّهم في الحرب ليس يضاموا
أدرت عليهم بالصَّوارم والقنا
…
كؤوسًا لها مزج الدِّماء مدام
وغادرت فتح القدس للنَّاس آيةً
…
ولم يكُ حتى الحشر قط يرام
تهنَّى به الإسلام شرقًا ومغربًا
…
وصلَّى لديه العابدون وصاموا
ضمنت لربِّ العرش ملء جهنَّم
…
من النَّاس فاقتل ما عليك أثام
وحين عفت سبل المكارم والنَّدى
…
وأصبح حلُّ الجود وهو حرام
وقال ذوو الآمال عطِّل ذا الورى
…
من الجود أم غال الكرام لئام؟
شرعت لهم سبلًا شواهدها النَّدى
…
وأوردتهم بحر السَّماح فعاموا
لقد جدت حتى لم تجد قطُّ سائلًا
…
وحاربت حتى ما يسل حسام
وأرهبت أهل الظُّلم حتى كأنَّما
…
عليهم رقيبٌ منك حيث أقاموا
/80 ب/ كأنَّك في الملك ابن داود طاعة
…
وفي العزم ذو القرنين ليس يرام
لك الفتح لمَّا كان للسُّدِّ قسمةٌ
…
من الله إذ لاسبسب وأكام
لك الرزق فاقسم حيث شئت على الورى
…
لك الأرض إمَّا اخترت فهي مقام
تكاد الحصون الشُّم تسعى محبَّة
…
إليك وأرباب الحصون قيام
نهضت بأعباء الكتاب وإنَّه
…
ليعجز عنه يذبل وشمام
سهرت لئلَاّ يسهر النَّاس إنَّه
…
متى سهر الملك المعظَّم ناموا
لطاف بنو سام وحام ويافث
…
بأروع فيَّاض نداه غمام
من النَّفر الغلب البهاليل في الوغي
…
وفي السَّلم إن ضنَّ الغمام كرام
مطاعيم في اللأواء والعام أشهب
…
مطاعين والجيش الخميس لهام
ومنها:
ولمَّا رأيت الخطب قد جدَّ جدُّه
…
وقد مرَّ عام بالهموم وعام
وذلك لما انتاشني الدَّهر ما حوت
…
يميني وقلَّ الأقربون ولاموا
سلكت فجاج الأرض أسعى بهمَّة
…
لها ذروة فوق السُّها وسنام
إلى ملك لو أنَّ نور جبينه
…
على الدَّهر ما اجتاح الضياء ظلام
فعاينت بحرًا يغرق البحر جوده
…
وبدرًا يشين البدر وهو تمام
/81 أ/ بقيت على الإسلام ما ذرَّ شارق
…
وغرَّد قمري وسحَّ غمام
وأنشدني قال: أنشدني والدي لنفسه من قصيدة يتذكر بها أيامه بالموصل، ويتشوق إليها، ويمدح الملك الأفضل نور الدين علي بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب –رضي الله عنهما:[من الخفيف]
خليّياني ولوعتي خلِّياني
…
ما عليكم يا عاذليَّ ضماني
إنَّ طيف الخيال شرَّد نومي
…
وعراني لزروة ما عراني
طارق بالشّام من سرحة المو
…
صل يا حبَّذا البعيد الدَّاني
ومنها يقول:
وبباب العراق من سكّة الليـ
…
ـث مغان أكرم بها من معاني
سكَّة تطلع البدور فما تفـ
…
ـتا تلقى بدرًا على غصن بان
كم خلعت العذار بالشرف الأعـ
…
ـلى وأطلقت في السُّرور عناني
روضة تخجل الرِّياض بزهر
…
مثل وشي البرد القشيب اليماني
حيث تلقى بها من الطير ما نغـ
…
ـنى به عن مثالث ومثاني
/81 ب/ يتناغى بها الهزار على الشَّحـ
…
رور فالحيقطان فالورشان
وتطرَّبت مستهامًا إلى ديـ
…
ـر سعيد بالرَّاح والرَّيحان
وزمان مضى بدجلة فالخو
…
صر فالحوض بالوجوه الحسان
ولكم بالغروب أصبحت معتا
…
ضًا دواليبها عن العيدان
فمتى ما سمعت يومًا بباب الـ
…
ـجسر بلّت مدامعي أرداني
وكذا إن ذكرت ساحة شطِّ النـ
…
ـهر لج الفؤاد بالخفقان
غادر الباصلون قلبي قريحًا
…
لفراق الخلاّن والنُّدمان
وغزال مقرطق يخلب الألـ
…
ـباب منَّا بطرفه الفتَّان
تلك أشهى إليَّ من رقَّة القفـ
…
ـص فقطر بل مع البردان
يا خليلي إن كنت أمسيت ناء
…
عن بلادي وغبت عن أوطاني
فإلي الأفضل المعظّم نور الد
…
دين ركن الهدى ثنيت عناني
ملك صيغ من نوال ومن بأ
…
س ومن عفَّة ومن إحسان
حلَّ في شامخ من المجد في بيـ
…
ـت ثراه سام على كيوان
[214]
/82 أ/ شيبان بن تغلب بن حيدرة بن سيف بن طراد بن عقيل بن وثاب بن شيبان، أبو عبد الله الشيباني:
من أهل دمشق، كان شيخًا فقيهًا، أدبيًا شاعرًا، رقيق الشعر، طيب الغزل، أنشدني القاضي الإمام ابو القاسم عمر بن أحمد بن أبي جرادة الفقيه الحنفي –أدام الله سعادته- بحلب المحروسة، قال: أنشدني شيبان بن تغلب لنفسه بدمشق سنة ثلاث وستمائة: [من البسيط]
من ذا يخلِّصني من شادن غنج
…
يميت قلبي أحيانًا ويحييه؟
حلو الشَّمائل لا أبغي به بدلًا
…
ولا أطيع عذولًا لا مني فيه
من كان مقتسبًا نارًا فوجنته
…
أو كان ملتمسًا درًا فمن فيه
دعا فؤادي فلبَّاه لشقوته
…
لأنَّه ما رأى شيئًا يضاهيه
فحسن صبري فان من تذكره
…
وحسنه دائم لا شيء يفنيه
أموت مما تلاقي مهجتي كمدًا
…
لا أستطيع من الواشين أبديه
وأنشدني أبو الحجاج يوسف بن الخليل الدمشقي قال: أنشدني أبو عبد الله شيبان لنفسه: [من المجتث]
كفِّي عن الصد كفِّي
…
ففي صدودك حتفي
وواصلي أو فجودي
…
بنظرة منك تكفي
/82 ب/ يا من سبتني بقدِّ
…
قد قدَّ قلبي وطرفي
وتيَّمتني بجيد
…
ومعصم وبكفِّ
قد زدت في الحسن حتى
…
جللت عن كلِّ وصف
بالله وقِّي لذلّي
…
وسوء حالي وضعفي
وأنشدني قال: أنشدني أيضًا لنفسه: [من مجزوء الرجز]
أحببت ظبيًا حسنا
…
شردَّ عنِّي الوسنا
حلو إذا مرَّ على أيك يحاكي الغصنا
مرمر عيش عاشق
…
به المعنَّى افتتنا
دموعه منهلَّة
…
وجسمه حلف الضَّنا
وأنشدني أبو الحجاج قال: أنشدني شيبان لنفسه: [من مجزوء الكامل]
لام العذول ولو درى
…
من قد عشقت لأعذرا
ظبيًا غريرًا شادنًا
…
صقل العوارض أحورا
وأنشدني أيضًا قال: أنشدني أبو عبد الله قوله: [من الطويل]
بلوتهم مذ كنت طفلًا فلم أجد
…
كما أشتهي فيهم صديقًا وصاحبا
ولا ساترًا عيبًا إذا كنت حاضرًا
…
ولا قائلًا خيرًا إذا كنت غائبًا
فصوبت رأيي في فراري منهم
…
وشمَّرت أذيالي وامعنت هاربا