المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لمحة موجزة من تاريخ التجويد والقراءات: - قواعد التجويد على رواية حفص عن عاصم بن أبي النجود

[عبد العزيز القارئ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌لمحة موجزة من تاريخ التجويد والقراءات:

- ‌القراءات المتواترة:

- ‌ترجمة عاصم:

- ‌ترجمة حفص:

- ‌التجويد‌‌ معناه، والغاية منه، وحكمهومعنى اللحن الجلي واللحن الخفي

- ‌ معناه، والغاية منه، وحكمه

- ‌معنى اللحن الجلي واللحن الخفي

- ‌تمرين رقم1

- ‌الباب الأولمخارج الحروف

- ‌الباب الثاني‌‌ صفات الحروف

- ‌ صفات الحروف

- ‌ألقاب الحروف:

- ‌تمرين رقم 2

- ‌الباب الثالث أحكام بعض الحروف

- ‌أحكام الراء

- ‌أحكام اللام:

- ‌أحكام النون الساكنة والتنوين

- ‌مدخل

- ‌الإظهار:

- ‌الإدغام:

- ‌الإقلاب

- ‌الإخفاء:

- ‌أحكام الميم الساكنة:

- ‌حكم النون والميم المشددتين:

- ‌تمريم رقم 3

- ‌تمرين رقم 4

- ‌المد والقصر:

- ‌هاء الكناية:

- ‌تمرين رقم 5

- ‌الباب الرابع الوقف والابتداء

- ‌معنى الوقف والفرق وبين القطع والسكت

- ‌أقسام الوقف:

- ‌رموز الوقف:

- ‌الابتداء بألفاظ الوصل والقطع

- ‌ألفات الأفعال: وهي على خمسة أقسام

- ‌ ألفات الأسماء: على ثلاثة أقسام:

- ‌تمرين رقم 6

- ‌باب الاستعاذة والبسملة:

- ‌أنواع القراءة

- ‌التحقيق

- ‌ الحدر:

- ‌ التوسط:

- ‌باب فرش الحروف:

- ‌تقريظ

- ‌قائمة ببعض المصادر والمراجع:

- ‌المحتويات

- ‌للمؤلف

الفصل: ‌لمحة موجزة من تاريخ التجويد والقراءات:

‌لمحة موجزة من تاريخ التجويد والقراءات:

لقد تعبد الله عز وجل خلقه بتلاوة هذا القرآن العظيم، ووعدهم عليها الثواب الجزيل، وأثابهم على كل حرف منه عشر حسنات وأمرهم أن يتفكروا فيه، ويتدبروا معانيه، حتى يصلوا إلى المقصود والمراد وهو تحقيق مبادئه وتطبيق أحكامه، وشرع للقراءة صفة معينة، وأمر نبيه بها فقال:{وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [4: المزمل] وقال: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا} . [106: الإسراء]

وكان صلى الله عليه وسلم من حرصه على إتقان القرآن يستعجل عندما كان يلقنه جبريل عليه السلام ويقرئه إياه فقال عز وجل: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [16، 17: القيامة] .

وكان صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة في رمضان، وفي السنة التي توفي فيها عرضه مرتين.

وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة القرآن كما تلقاه من جبريل، ولقنهم إياه بنفس الصفة، وحثهم على تعلمها والقراءة بها، وروي عنه أنه قال:"إن الله يحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل" رواه ابن خزيمة في صحيحه عن زيد بن ثابت.

ثم خص نفرًا من أصحابه أتقنوا القراءة حتى صاروا أعلامًا فيها، خصهم بمزيد من العناية والتعليم، وكان منهم: أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو

ص: 13

موسى الأشعري، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وغيرهم. وكان صلى الله عليه وسلم يتعاهدهم بالاستماع لهم أحيانًا، وبإسماعهم القراءة أحيانًا أخرى، فقد جاء في الحديث الصحيح أنه طلب من ابن مسعود أن يقرأ عليه فقرأ حتى بلغ قوله تعالى:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [41: النساء] قال: حسبك. فالتفت فإذا به صلى الله عليه وسلم تذرف عيناه1.

وجاء عنه أنه قال لأبي بن كعب: "يا أبا المنذر، إني أمرت أن أقرأ عليك القرآن" 2

وقال صلى الله عليه وسلم بتعلم القراءة، وبتحري الإتقان فيها، بتلقيها عن المتقنين الماهرين:"خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأبي بن كعب"3.

كل هذا وغيرها يدل على أن هناك صفة معينة للقراءة، هي الصفة المأخوذة عنه صلى الله عليه وسلم، وبها أنزل القرآن فمن خالفها أو أهملها فقد خالف السنة وقرأ القرآن بغير ما أنزل.

وصفة القراءة هذه التي اصطلحوا على تسميتها بعد ذلك بالتجويد تتضمن لهجات العرب الفصحى، وطريقتهم في النطق، وهذا من مقتضى كون القرآن عربيًا، فهو عربي في لفظه ومعناه، وأسلوبه وتركيبه، ولهجته وطريقة النطق به، ولذلك تجد كثيرًا من

1 متفق عليه.

2 مسلم والترمذي.

3 البخاري.

ص: 14

مباحث التجويد والقراءة في علم اللغة والنحو، فهي مباحث مشتركة بين الطرفين.

وقد اهتمت الأمة بهذا العلم الجليل، وقام علماء السلف -رضوان الله تعالى عليهم- بخدمته ورعايته بالتصنيف والقراءة والإقراء، حتى ليكاد القارئ يقول: لم يتركوا للآخرين شيئا.

وإني كلما اطلعت على شيء من مصنفاتهم ازداد يقيني بأن ما صنفه هؤلاء في القراءات والتجويد يشكل مكتبة قرآنية ضخمة لا تعادلها مكتبة أخرى، ومازالت الكنوز المدفونة في هذه المكتة تكشف عن روائعها كل يوم.

تاريخ التأليف في هذا الفن:

لعل أول من جمع هذا العلم في كتاب: الإمام العظيم أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفي سنة 224 هـ، فقد ألف كتاب القراءات الذي قال عنه الحافظ الذهبي: ولأبي عبيد كتاب في القراءات ليس لأحد من الكوفيين قبله مثله1

وقيل: إن أول من جمع القراءات وألف فيها: حفص بن عمر الدوري المتوفى سنة 246 هـ 2. واشتهر في القرن الرابع الهجري الحافظ أبو بكر بن مجاهد البغدادي، وهو أول من سبع السبعة، وأفرد القراءات السبعة المشهورة في كتاب وتوفي سنة 324 هـ.

1 معرفة القراء الذهبي: صـ142

2 معرفة القراء: صـ157

ص: 15

وفي القرن الخامس اشتهر الحافظ الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني مؤلف كتاب التيسير في القراءات السبع، والذي صار عمدة القراء بعده فهم يدورون حوله شرحًا ونظمًا، وقراءة وإقراء، وله تصانيف كثيرة في هذا الفن وغيره، قال الحافظ الذهبي: بلغني أن له ماية وعشرين مصنفًا1. وقد عد ابن الجزري منها في طبقاته واحدًا وعشرين كتاب.

توفي أبو عمرو الداني سنة 444هـ.

واشتهر في هذا القرن أيضًا الإمام مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني وقد ألف كتاب لا تعد ولا تحصى في القراءات وعلوم القرآن وغيرها، وذكر ابن الجزري في طبقاته أن له نيفًا وثمانين تأليفا، قلت: وقد وجد الكثير منها، ومن أشهرها التبصرة في القراءات وشرحه الكشف عن وجوه القراءات وعللها، والإبانة عن معاني القراءات، والرعاية في التجويد.

وفي القرن السادس الهجري اشتهر شيخ هذا الفن الذي تسابق العلماء إلى لاميته، وانكبوا عليها انكباب الفراش على النور، تلك هي الشاطبية التي أسماها حرز الأماني ووجه التهاني نظم فيها القراءات السبعة المتواترة في ثلاثة وسبعين وألف بيت، وذاك هو أبو القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الأندلسي.

توفي سنة 590 من الهجرة.

1 معرفة القراء: 327.

ص: 16

وبعده ما زالت العلماء تترى في هذا الفن في كل عصر وقرن، حاملين لواء القرآن آخذين بزمام علومه إقراءً وتطبيقًا، وصارفين الأعمار لخدمته تصنيفًَا وتحقيقًا، حتى قيض الله عز وجل له إمام المحققين ورئيس المقرئين محمد بن الجزري الشافعي، فتتلمذ عليه خلق لا يحصون وألف كتبًا كثيرة أشهرها النشر في القراءات العشر ضمنه السبعة وزاد عليها قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف، ثم اختصره في كتابه تقريب النشر ثم نظم في هذه القراءات العشر منظومة أسماها طيبة النشر، ونظم في القراءات الثلاث الدرة المضية.

ونظم في التجويد المقدمة فيما على قارئه أن يعلمه وقد تداولها أهل هذا الفن وعنوا بها، وممن شرحها ابن الناظم، ثم وضع لها الشيخ خالد الأزهري شرحًا مختصرًا سماه الحواشي الأزهرية، وشرحها أيضًا الشيخ زكريا الأنصاري، والملا علي القاري، وغيرهم.

وقد أفرد العلماء بعض أبواب هذا الفن بالتصنيف، كمخارج الحروف وصفاتها ومن أشهر الكتب فيها الرعاية لمكي، وكالفرق بين الضاد والظاء، والممدود والمقصور، والوقف والابتداء، وأحكام النون الساكنة والتنوين.

وإن من أماني النفس أن نرى هذه المكتبة القرآنية العظيمة التي تحوي كنوزًا مدفونة لا حصر لها وقد أبرزت للدنيا وكشفت للناس، فيفرح بها المسلمون، وينتفع المقرئون، ويشهد الشانئون الحاقدون مقدار عظمة هذا الدين، وعظمة كتابه المبين، ويروا بأعينهم معنى الحفظ الذي تكفل الله به لهذا الكتاب العظيم {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ

ص: 17

وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [9: الحجر] . ولعل بوادر نهضة في مجال الدراسات القرآنية قد بدت في الأفق، فإن القرآن لا تنفد عجائبه وعلومه، وما زال علم القراءات والتجويد يحتاج إلى مزيد من البحث والتدقيق باستخدام الوسائل المعاصرة.

ولا شك أن القارئ المعاصر، والتلميذ الحديث يحتاج مع ذلك إلى تقريب هذا الفن إلى ذهنه، وتحبيبه إلى قلبه بصياغته في ثوب جديد وأسلوب حديث، إذ أكثر المصنفات السالفة ألفت لمستويات رفيعة من المتفرغين وطلبة العلم المتخصصين، ووضعت بأسلوب غير أسلوبنا، وهم معذورون في ذلك إذ كانت الهمم أعلى، والعزائم أقوى، والنفوس مقبلة على العلم متفرغة له.

وجزى الله أسلافنا العلماء خير الجزاء عن القرآن وطلابه، وعن الإسلام وأهله.

ص: 18