الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التجويد
معناه، والغاية منه، وحكمه
ومعنى اللحن الجلي واللحن الخفي
معناه، والغاية منه، وحكمه
…
التجويد
معناه، والغاية منه، وحكمه
ومعنى اللحن الجلي واللحن الخفي
التجويد:
معنى التجويد: في اللغة مأخوذ من أجاد الشيء يجيده أي: أتى به جيدًا، والجيد نقيض الرديء، وصيغة التفعيل منه جود يجود تجويدًا، فهو بمعنى التحسين والتكميل والإتقان.
وفي الاصطلاح: هو إعطاء الحروف حقها من الصفات اللازمة لها ومستحقها من الأحكام التي تنشأ عن تلك الصفات.
وتفصيل ذلك: أن للحرف حالتين: حالة الانفراد وحالة التركيب وله في كل منهما أحكام:
فأول أحكامه منفردًا تحديد مخرجه، ثم تحقيق الصفات اللازمة له كالاستفال أو الاستعلاء، والهمس أو الجهر، والشدة أو الرخاوة.
وعندما يتركب مع غيره من الحروف تنشأ أحكام الترقيق والتفخيم، والإظهار والإدغام، والمدود، ونحو ذلك.
ثم عندما تتركب الكلمات مع بعضها مكونة جملًا تنشأ أحكام الوقوف.
الغاية من علم التجويد: هو إتقان قراءة القرآن، بالنطق بحروفه مكتملة الإحكام والصفات ومحققة المخارج، من غير زيادة ولا نقصان، ولا تعسف ولا تكلف. وحينئذ يكون القارئ قد قرأ القرآن على الطريقة النبوية واللهجة العربية الفصحى التي أنزل بها.
ولذلك ميزان دقيق لا يحتمل الزيادة ولا النقصان تجب مراعاته وإلا اختلت القواعد والأحكام.
وإنما يبلغ القارئ الإتقان في ذلك بالتمرين والممارسة الدائبة وبرياضة اللسان على النطق الصحيح كما قال ابن الجزري:
وليس بينه وبين تركه
…
إلا رياضة امرئ بفكه
فإذا أخل القارئ بهذا الميزان الدقيق فزاد في المقادير أو نقص، وتكلف في النطق وتعسف في القراءة، فإنه يأتي بالحروف قبيحة ينفر منها السامع، ويضيع بذلك المقصود من التجويد.
قال الشيخ المقرئ علم الدين السخاوي في نونيته:
لا تحسب التجويد مدًا مفرطًا
…
أو مد ما لا مد فيه لواني
أو أن تشدد بعد مد همزة
…
أو أن تلوك الحرف كالسكران
أو أن تفوه بكلمة متهوعًا
…
فيفر سامعها من الغثيان
للحرف ميزان فلا تك طاغيًا
…
فيه ولا تلك مخسر الميزان
حكم القراءة بالتجويد: قال ابن الجزري في المقدمة:
والأخذ بالتجويد حتم لازم
من لم يجود القرآن آثم
فجعله واجبًا شرعيًا يأثم الإنسان بتركه، وبه قال أكثر العلماء والفقهاء، ذلك لأن القرآن نزل مجودًا، وقرأه الرسول صلى الله عليه وسلم على جبريل كذلك، وأقرأه الصحابة فهو سنة نبوية.
ومن أدلتهم على الوجوب قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [4: المزمل] . قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف1.
1 النشر: جـ1 صـ209.
ومنها قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ} [121: البقرة] .
فمن حق التلاوة حسن الأداء، كما أن منه العمل بالمقتضى.
وقد سبق ذكرالحديث "إن الله يحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل".
ومما يدل على وجوب تجويد القراءة ما رواه سعيد بن منصور في سننه1 أن عبد الله بن مسعود كان يقرئ رجلًا فقرأ الرجل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} مرسلة، فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: {لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} فمدها.
ومثله ما أخرجه البخاري عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أنه سئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كانت مدًا. ثم قرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يمد الله ويمد الرحمن ويمد الرحيم.
ومن أصرح الأدلة على أن تجويد القراءة هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ما أخرجه الترمذي في سننه عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سئلت عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفًا حرفًا.
لكن وجوب التجويد وترتب الإثم على تركه فيه تفصيل حسن ذكره بعض العلماء: فقد قسموا التجويد إلى قسمين:
1 ذكره ابن الجزري في النشر بإسناده إلى سعيد بن منصور قال: ثنا شهاب بن خراش ثني مسعود بن يزيد الكندي وذكر الحديث ثم قال: وأخرجه الطبراني في الكبير.
واجب: وهو ما يتوقف عليه صحة النطق بالحرف، فالإخلال به يغير مبنى الكلمة أو يفسد معناها، وذلك مثل معرفة مخارج الحروف وتحقيقها، ومعرفة الصفات التي تتميز بها بعض الحروف: كالاستعلاء والإطباق في الطاء، وكالتفشي في الشين، ومثل: إظهار المظهر، وإدغام المدغم، وتفخيم المخم، وترقيق المرقق، ومد ما يجب مده وقصر ما يلزم قصره، ونحو ذلك من الأحكام المتعلقة ببنية الكلمة، فمن أخل بشيء من تلك فقد أخل بالواجب فيأثم مع القدرة على القيام به في محل الواجبات.
وهذا القسم من التجويد يلزم كل قارئ للقرآن تحقيقه على قدر طاقته، وبذل وسعه في إتقانه حتى يصحح نطقه بالقرآن ويسلم من الوقوع في التحريف والتبديل في كتاب الله.
صناعي: وهو ما يتعلق بالمهارة في إتقان النطق الصحيح، وذلك ببلوغ الغاية في تحقيق الصفات والأحكام، وضبط مقادير المدود ضبطًا دقيقًا لا يزيد نصف درجة ولا ينقص، بل بعض القراء يزن المدود بأدق من ذلك فيفرق بين ربع الحركة في الزيادة أو النقص، ويدخل فيه مراعاة المعاني الخفية في الوقوف فإن ذلك لا يدركه إلا المهرة في فهم القرآن.
وهذا القسم لا يتعلق به إخلال بالنطق، ولذا لا يجب على العامة إتقانه ولا يطالبون به ولا يأثمون بتركه؛ لأنه من أسرار هذا العلم وخفاياه التي لا يدركها إلا المهرة فيه.