الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقدمة الطبعة الخامسة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ولي كل عون وتيسير، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد النبي البشير النذير، وعلى آله وصحبه ومن سار على صراطه المستقيم المنير، إلى يوم الدين.
وجزى الله عنا خير الجزاء علماء هذه الأمة المحمدية، الذين كانت سيرهم طيبة، وأعمالهم الصالحة، وعلومهم النافعة، وأوقاتهم الرابحة: خير قدوة وحافز للمستفيدين والطالبين، في حياتهم وبعد مما تهم، فالله مسئول أن يغدق عليهم شآبيب الرحمة والرضوان، ويسكنهم رفيع غرف الجنان، ويحبب إلينا الاقتداء بهم في صالح القول والعمل والعلم والسلوك.
وبعد هذه الطبعة الخامسة من كتابي (قيمة الزمن عند العلماء)، وقد أضفت إليه زيادات كثيرة هامة جدا، وعناوين لمقاطعه، وفهرسا للأعلام فيه، لم تكن في الطبعة الرابعة وما قبلها، راجيا أن يكون بذلك قد تكامل مجموعه، واستوفى موضوعه، فيزيد النفع به والاستفادة منه إن شاء الله تعالى.
وأبقيت ترتيب الأخبار فيه على تسلسل سني الوفيات، ولم أرتبه
على الموضوعات، ليتجلى فيه تعاقب الخالف للسالف على رعاية هذه الصفة الرفيعة:(حفظ الوقت) عند العلماء.
وأسأله عز وجل أن يتقبله عملا صالحا، ويرزقني الإخلاص فيه وفي غيره مما كتبته أو خدمته، ويجعلني من الذين يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم يوم العرض عليه، بفضله وإحسانه، وهو أرحم الراحمين.
هذا وان كتابي هذا: (قيمة الزمن عند العلماء)، حين صدر في طبعته الأولى سنة 1404 والطبعات التي بعدها، نفع الله تعالى به، وآتى أفضل الثمرات الطيبة، ولقي القبول والرواج الحسن، في محيط طلبة العلم والعلماء والمثقفين عامة، وخرك همم كثير من الأساتذة الفضلاء إلى الكتابة في موضوعه والاستفادة منه والاقتباس من أخباره ونصوصه.
فكتب فيه الأستاذ الدكتور عبد الستار نوير في سنة 1406، كتابه الذي تناول فيه الوقت من جوانب شتى ونواحي متعددة، وسماه بعنوان:(الوقت هو الحياة).
وكتب بعد ذلك الأستاذ خلدون الأحدب في أول سنة 1407، كتابه الذي أعطاه اسم (تأملات وسوانح في قيمة الزمن)، وهو في جل أخباره ومعظم نصوصه من كتابي سابق الذكر. ويبدو أن السيد خلدونا قد أحب كتابي هذا حبا جما، حتى اقتبسه في كتابه بمضمونه ومصادره، ومنحه زيادة في العنوان.
وإنه ليسرني أن ينتفع هذا المحب - أحد أبنائي في الطلب والتحصيل - بكتابي، ويقتبسه بجملته وجمهرته، وكنت أود أن يذكر من
أين اقتبس هذه النصوص التي ألف كتابه منها، أداء لأمانة، فقد قال العلماء: من الأمانة في العلم عزوه إلى قائله أو ناقله.
وكتب بعد ذلك الأستاذ جاسم بن محمد بن بدر المطوع في أواخر سنة 1407، كتابه الذي سماه:(الوقت عمار أو دمار)، وأكثر فيه من النصوص التي نقلها من كتابي، وبني عليها نصائحه وإرشاداته، ناسيا أو متناسيا عزوها إلى مصدرها الذي التقطها منه، مجموعة منسقة محققة، وقد حرص كل الحرص على أن لا يذكر كتابي أو يحيل إليه، نعم عزا بعض النصوص إلى كتاب الأستاذ خلدون الأحدب، الذي قبس من كتابي قبله، ولله في خلقه شؤون، ولله در الإمام الشافعي إذ يقول: الحر من راعي وداد لحظة، وانتمى لمن أفاده لفظة.
وكتابي: (قيمة الزمن عند العلماء) - على ما فيه من قصور - حصيلة نحو عشرين سنة، من مطالعاتي ومراجعاتي في كتب العلم: التفسير، والحديث، والفقه، والتاريخ، والرجال، والتراجم، والبلدان، واللغة، والنحو، والأدب، والأخلاق، وسواها، في جمع مادته، وانتخابها، وضبطها، وعزوها إلى مصادرها ومراجعها، والمقابلة بينها، وتمحيصها، وسبكها، وتحقيقها، وإخراجها بأبهى حلة.
وليس هذا مني - علم الله - حرصا على الشهرة أو الفخفخة، ولكن هي الأمانة والأدب الذي علمناه الإسلام، وصاغه الإمام الشافعي رضي الله عنه بأدبه وبيانه الرفيع، الذي أوردته آنفا، والله الهادي، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
وكتبه عبد الفتاح أبو غدة في الرياض 4 من جمادى الأول سنة 1408