الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقد قال الحق، ومن وقف عليه عرف حقية هذا القول، ومتى يتسع للإنسان الوقت حتى يضع مثله، وهذا الذي ظهر - أي من التاريخ - هو الذي اختاره، وما صح له هذا إلا بعد مسودات ما كاد ينضبط حصرها، وله غيره تواليف حسنة، وأجزاء ممتعة)). انتهى كلام القاضي ابن خلكان. وقد زادت مؤلفات الحافظ أبي القاسم بن عساكر على خمسين كتابا، أحدها ((تاريخ مدينة دمشق)) في ثمانين مجلدا، كما سبق ذكره.
علو همة ابن عساكر وسعة طوافه بلدان الإسلام
2 -
وقال الحافظ الذهبي في ((تذكرة الحفاظ)) (1)، في ترجمته:((الإمام الحافظ الكبير، محدث الشام، فخر الأئمة، أبو القاسم بن عساكر، صاحب التصانيف و ((التاريخ الكبير))، ولد في أول سنة 499، وسمع في سنة 505، باعتناء أبيه وأخيه الإمام ضياء الدين هبة الله، فسمع
…
بدمشق، ورحل في سنة عشرين، فسمع
…
ببغداد، و
…
بمكة، و
…
بالكوفة، و
…
بنيسابور، و
…
بأصبهان، و
…
(1) 1328:4.
بمرو، و
…
بهراة، وعمل ((الأربعين البلدانية)) - أربعين حديثا من أربعين شيخا من أربعين بلدا -، وعدد شيوخه ألف وثلاث مئة شيخ، ونيف وثمانون امرأة.
وحدث عنه خلق كثير، ومنهم صاحبه في الرحلة أبو أسعد السمعاني، - ثم عدد الذهبي تواليفه، فبلغت نحو خمسين كتاباً -، وأملي في أبواب العلم أربع مئة مجلس وثمانية - وكل إملاء مجلس منها بمثابة تأليف -.
قال ولده المحدث بهاء الدين القاسم: كان أبي رحمه الله مواظبا على الجماعة والتلاوة، يختم كل جمعة، ويختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية - من جامع دمشق -، وكان كثير النوافل والأذكار، ويحيى ليلة النصف - من شعبان - والعيدين بالصلاة والذكر، وكان يحاسب نفسه على لحظة تذهب! لم يشتغل منذ أربعين سنة أي منذ أذن له شيوخه بالرواية والتحديث - إلا بالجمع والتسميع حتى في نزهته وخلواته.
قال الحافظ أبو العلاء الهمذاني: ما كان يسمي أبو القاسم بن عساكر في بغداد إلا شعلة نار، من ذكائه وتوقده وحسن إدراكه. وقال أبو المواهب بن صصرى: قلت له: هل سيدنا رأى مثل نفسه؟ قال: لا تقل هذا، قال الله تعالى:(لا تزكوا أنفسكم)(1). قلت: فقد قال الله
(1) من سورة النجم، الآية 32. ولفظ الآية بما قبلها وبعدها:(فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى).