الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَسَم الله تعالى بالزمن لبيان عظمه وأهميته
وهناك آيات كثيرة فيها التنبيه إلى عظم هذا الأصل من النعم غير التي أسلفتها، وحسبك أ، تعلم أن الله سبحانه قد أقسم بالزمن في مختلف أطواره، في كتابه الكريم، في آيات جمة، إشعارا منه بقيمة الزمن، وتنبيها إلى أهميته، فأقسم جل شأنه بالليل، والنهار، والفجر، والصبح والشفق، والضحى، والعصر، فمن ذلك قوله تعالى:(والليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى)(1)، وقوله تعالى:(والليل إذا أدبر، والصبح إذا أسفر)(2)، وقوله تعالى:(والليل إذا عسعس، والصبح إذا تنفس)(3)، وقوله تعالى:(فلا أقسم بالشفق، والليل وما وسق)(4)، وقوله تعالى:(والفجر، وليال عشر)(5)، وقوله تعالى:(والضحى، والليل إذا سجى)(6)، وقوله تعالى:(والعصر، إن الإنسان لفي خسر)(7).
ويلاحظ أن كل ما أقسم الله عليه بالزمن، كان هاما في أعلى درجات الأهمية، وكان قسمه بالزمن في أمرين هامين جدا، أحدهما تبرئة الرسول صلى الله عليه وسلم، من أن يكون هجره ربه كما زعم ذلك المشركون والأعداء. والمقام الآخر في بيان أن كل إنسان خاسر وهالك
(1) من سورة الليل، الآية 1 - 2.
(2)
من سورة المدثر، الآية 33 - 34.
(3)
من سورة التكوير، الآية 17 - 18.
(4)
من سورة الانشقاق، الآية 16 - 17.
(5)
من سورة الفجر، الآية 1 - 2.
(6)
من سورة الضحى، الآية 1 - 2.
(7)
من سورة العصر، الآية 1 - 2.
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فقال سبحانه مقسما بالزمن:(والضحى. والليل إذا سجى. ما ودعك ربك وما قلى)(1).
وقال أيضا: (والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)(2). قال حبر الأمة وترجمان القرآن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: العصر هو الزمن.
بيان الفخر الرازي لقيمة الزمن وشرفِهِ
قال الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى، في تفسيره (3)، في تفسير سورة (العصر)، ما ملخصه ومعناه:
((أقسم بالله تعالى بالعصر - الذي هو الزمن -، لما فيه من الأعاجيب، لأنه يحصل فيه السراء والضراء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، ولأن العمر لا يقوم بشيء نفاسة وغلاء.
فلو ضيعت ألف سنة فيما لا يعني، ثم تبت وثبتت لك السعادة في اللمحة الأخيرة من العمر، بقيت في الجنة أبد الآباد، فعلمت أن أشرف الأشياء حياتك في تلك اللمحة، فكان الزمان من جملة أصول النعم، فلذلك أقسم الله به، ونبه سبحانه على أن الليل والنهار فرصة يضيعها الإنسان! وأن الزمان أشرف من المكان فأقسم به، لكون الزمان نعمة خالصة لا عيب فيها، إنما الخاسر المعيب هو الإنسان)) انتهى.
(1) من سورة الضحى، الآيات 1 - 3.
(2)
سورة العصر.
(3)
هو التفسير الكبير المسمى: ((مفاتيح الغيب)) 84:32.