الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر جملة من العلماء ألفوا خمسين مؤلفاً فمئة فأكثر
وقد ألف الأستاذ جميل العظم الدمشقي، المتوفي سنة 1352 رحمه الله تعالى كتابا أسماه:((عقود الجوهر، في تراجم من لهم خمسون تصنيفا فمئة فأكثر)) (1)، وذكر فيه خلقا كثيرا من العلماء الذين عرفوا بكثرة التآليف والمصنفات.
فذكر ابن جرير الطبري، وابن الجوزي، والنووي، وابن سينا، والغزالي، وابن حجر العسقلاني، والبدر العيني، والسيوطي، وابن تيمية، وابن القيم، وعلى القاري، والمناوي، وعبد الغني النابلسي، وعبد الحي اللكنوي، وآخرين ممن زادت مؤلفات الواحد منهم على مئة كتاب أو على الخمسين كتاباً.
فإذا وقفت على تراجم هؤلاء الأفاضل الأعلام وأمثالهم، حفزتك تراجمهم إلى أن تحس بقيمة الوقت والزمن، فتلحق بهم إن كنت من أهل الهمم، فلا تبرح من هذه الدار، إلا وقد خلفت من بنات الأفكار، ما يزيد على الثلاثين والأربعين والخمسين
…
ويزيد الله في الخلق ما يشاء، ويختص برحمته من يشاء، والله واسع عليم.
ذكر الروافد المعينة على كسب الوقت والانتفاع به
ولحفظ الوقت وكسبه ذكروا قديما في أوصاف طالب العلم الذي يؤهل لتحصيل العلم، ويرجى له النبوغ فيه: أنه ينبغي أن يكون سريع الكتابة، سريع القراءة، سريع المشي (2).
(1) وطبع منه الجزء الأول فقط في بيروت سنة 1326.
(2)
جاء في ((ذيل طبقات الحنابلة)) للحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى 59:1، في ترجمة الحافظ شيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي الأنصاري. = الحنبلي (عبد الله بن محمد)، المتوفي سنة 481 رحمه الله تعالى، ما يلي:((قال الحافظ محمد بن طاهر المقدسي: سمعت أبا غسماعيل الأنصاري يقول: المحدث يجب أن يكون سريع المشي، سريع الكتابة، سريع القراءة)).
وسرعة مشيه ليتمكن من الطواف على الشيوخ في وقت قليل، أما سرعة كتابته وقراءته فلاختصار الوقت وحفظه لأعمال أخرى، وللازدياد من العلم فيه أيضا. وهذه الأوصاف لا شك أنها تساعد على زيادة التزود من العلم والشيوخ، بأقل مدة من الزمن والعمر.
وكنت زدت عليها وصفا رابعا، وهو: أن يكون سريع الأكل، لأنه إذا لم يكن كذلك، وكان بطيء الطعام طويل الغرام به! فاته الوقت الذي جمعه بسرعة القراءة والكتابة والمشي، بطول وقت دخول الطعام وخروجه! ولم يحسن التصرف في وقته، ولا عرف كيف يستفيد من امتثال النصيحة على وجهها (1).
(1) قال الإمام القاضي عياض رحمه الله تعالى، في كتابه ((الشفا بتعريف حقوق المصطفى)) صلى الله عليه وسلم 109:1، في الفصل السابع من الباب الثاني:((لم تزل العرب والحكماء تتمادح - أي تتفاخر - بقلة الغذاء والنوم، وتذم بكثرتهما، لأن كثرة الأكل والشرب دليل على النهم والحرص والشره، وجالبة لأدواء الجسد وخثارة النفس - أي ثقلها وعدم نشاطها - وامتلاء الدماغ. وقلتهما دليل على القناعة وملك النفس، ومسببه للصحة وصفاء الخاطر وحدة الذهن. كما أن كثرة النوم دليل على الضعف والفسولة - أي عدم الهمة في أمور الدنيا والآخرة - ومسببه للكسل وقساوة القلب وغفلته وموته، وتضييع العمر في غير نفع. وكثرة النوم من كثرة الأكل والشرب، وفي حكمة لقمان: يا بني، إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة، وقال سفيان الثوري: بقلة الطعام يملك سهر الليل. وقال سحنون: لا يصلح العلم لمن يأكل حتى يشبع)). انتهى. قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إياكم والبطنة، فإنها مكسلة عن الصلاة، مفسدة للجسم، مؤدية إلى السقم، وعليكم بالقصد في قوتكم. فهو أبعد من السرف، وأصح للبدن، وأقوى على العبادة، وإن العبد لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه.