المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الراء المهملة - لسان العرب - جـ ١٢

[ابن منظور]

الفصل: ‌فصل الراء المهملة

الْبَيَاضُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى أَنف الجدْي؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ ابْنُ سيده: فأَما قَوْلُهُ أَنشدَناه أَبو الْعَلَاءِ لأَبي زُبَيْدٍ:

تَرى لأَخْفافِها مِنْ خَلْفِها نَسَلًا،

مِثْلَ الذَّمِيمِ عَلَى قُزْمِ اليَعامِيرِ

فَقَدْ يَكُونُ البياضَ الَّذِي عَلَى أَنف الجَدْي، فأَما أَحمد بْنُ يَحْيَى فَذَهَبَ إِلى أَن الذَّمِيمَ مَا يَنْتَضحُ عَلَى الضُّرُوعِ مِنَ الأَلبان، واليَعاميرُ عِنْدَهُ الجِداء، وَاحِدُهَا يَعْمور، وقُزْمُها صِغارُها، والذَّمِيمُ: مَا يَسِيلُ عَلَى أُنوفها مِنَ اللَّبَنِ؛ وأَما ابْنُ دُرَيْدٍ فَذَهَبَ إِلى أَن الذَّمِيم هَاهُنَا النَّدى، وَالْيَعَامِيرُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ. ابْنُ الأَعرابي: الذَّمِيمُ والذَّنينُ مَا يَسِيلُ مِنَ الأَنف. والذَّمِيمُ: المُخاط وَالْبَوْلُ الَّذِي يَذِمُّ ويَذِنُّ مِنْ قَضيب التَّيْسِ، وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ مِنْ أَخلاف الشَّاةِ، وأَنشد بَيْتَ أَبي زُبَيْدٍ. والذَّمِيمُ أَيضاً: شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ مَسامِّ المارِنِ كَبَيْضِ النَّمْلِ؛ وَقَالَ الحادِرَةُ:

وَتَرَى الذَّمِيمَ عَلَى مَراسِنِهم،

يَوْمَ الْهِيَاجِ، كمازِنِ النَّمل

وَرَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ: كَمَازِنِ الجَثْلِ، قَالَ: والجَثْلُ ضَرْبٌ مِنَ النَّمْلِ كِبَارٌ؛ وَرُوِيَ:

وَتَرَى الذَّميم عَلَى مَناخرهم

قَالَ: والذَّميم الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الأَنف مِنَ القَشَفِ، وَقَدْ ذَمَّ أَنفُه وذَنَّ. وَمَاءٌ ذَميم أَي مَكْرُوهٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي للمَرَّارِ:

مُواشِكة تَسْتَعْجِلُ الرَّكْضَ تَبْتَغي

نَضائِضَ طَرْقٍ، ماؤُهُنَّ ذَمِيمُ

قَوْلُهُ مواشِكة مُسْرِعَةٌ، يَعْنِي القَطا، ورَكْضُها: ضَرْبُهَا بِجَنَاحِهَا، والنَّضائض: بَقِيَّةُ الْمَاءِ، الْوَاحِدَةُ نَضِيضة. والطَّرْقُ: المَطْروق.

ذيم: الذَّيْمُ والذامُ: الْعَيْبُ؛ قَالَ عُوَيْفُ القَوافي:

أَلَمَّتْ خُناسُ، وإِلمامُها

أَحاديث نَفْسٍ وأَسْقامُها

وَمِنْهَا:

يَرُدُّ الكَتِيبة مَفْلولةً،

بِهَا أَفْنُها وَبِهَا ذامُها

وَقَدْ ذامَهُ يَذيمه ذَيْماً وَذَامًا: عَابَهُ. وذِمْتُه أَذيمُه وذأَمْتُهُ وذَمَمْتُهُ كُلُّهُ بِمَعْنًى؛ عَنِ الأَخفش، فَهُوَ مَذيم عَلَى النَّقْصِ، ومَذْيُومٌ على التمام، ومَذْؤُومٌ إِذا هَمَزْتَ، ومَذْمومٌ مِنَ الْمُضَاعَفِ؛ وَقِيلَ: الذَّيْمُ والذامُ الذَّمُّ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا تَعْدَمُ الحَسْناءُ ذَامًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَنَسِ بْنِ نُواسِ المُحارِبيّ:

وكُنْتَ مُسَوَّداً فِينَا حَميداً،

وَقَدْ لَا تَعْدَمُ الحَسْناء ذَامَا

وَفِي الْحَدِيثِ:

عَادَتْ مَحاسنهُ ذَامًا

؛ الذامُ والذَّيْمُ الْعَيْبُ، وَقَدْ يَهْمَزُ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: قَالَتْ لِلْيَهُودِ عَلَيْكُمُ السَّامُ والذامُ

، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذكره، والله أَعلم.

‌فصل الراء المهملة

رأم: رَئِمتِ الناقةُ وَلَدَهَا تَرْأَمُهُ رَأْماً ورَأَماناً: عطفتْ عَلَيْهِ وَلَزِمَتْهُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: رِئْماناً أَحَبَّتْهُ؛ قَالَ:

أَم كَيْفَ يَنْفَعُ مَا تُعْطي العَلُوقُ بِهِ

رئْمانُ أَنْفٍ، إِذا مَا ضُنَّ بِاللَّبَنِ؟

ص: 223

وَيُرْوَى رِئْمانَ ورِئْمانُ، فَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى الْمَصْدَرِ، وَمِنْ رَفَعَ فَعَلَى الْبَدَلِ مِنَ الهاء. والناقة رؤوم ورائِمَةٌ ورائِمٌ: عَاطِفَةٌ عَلَى وَلَدِهَا، وأَرْأَمَها عَلَيْهِ: عَطَّفها فَتَرأّمتْ هِيَ عَلَيْهِ تعطَّفت، ورَأْمُها ولدُها الَّذِي تَرْأَمُ عَلَيْهِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

بمَصْدَرِه الماءَ رَأْمٌ رَذِيّ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه سَمَّاهُ بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ كأَنه مَرْؤُوم رَذيّ. والرُّؤَامُ والرُّؤَالُ: اللُّعاب. ابْنُ الأَعرابي: الرَّأْمُ الْوَلَدُ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ للبَوّ وَالْوَلَدِ رَأْمٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الرَّأْمُ البَوُّ أَو وَلَدٌ ظُئِرَتْ عَلَيْهِ غَيْرُ أُمّه؛ وأَنشد:

كأُمهات الرِّئْم أَو مَطافِلا

وَقَدْ رَئِمَتْه، فَهِيَ رائِمٌ ورَؤومٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والرَّأْم البَوّ. وَكُلُّ مَنْ لَزِمَ شَيْئًا وأَلِفَهُ وأَحبَّه فَقَدْ رَئِمَهُ؛ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَة:

أَبى اللهُ والإِسلامُ أَن تَرْأَمَ الْخَنَى

نفوسُ رِجالٍ، بالخَنَى لَمْ تُذَلَّلِ

ابْنُ السِّكِّيتِ: أَرْأَمْتُهُ عَلَى الأَمر وأَظْأَرته إِذا أَكرهته. والرَّوائم: الأَثافِيُّ لرِئمانها الرمادَ، وَقَدْ رَئِمَتِ الرمادَ، فَالرَّمَادُ كَالْوَلَدِ لَهَا. وأَرْأَمْنا النَّاقَةَ أَي عَطَّفناها عَلَى رَأْمِها. الأَصمعي: إِذا عُطِّفت النَّاقَةُ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا فَرَئِمَتْه فَهِيَ رَائِمٌ، فإِن لَمْ تَرْأَمْهُ وَلَكِنَّهَا تشَمُّهُ وَلَا تَدرّ عَلَيْهِ فَهِيَ عَلوق. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ تَصِفُ عُمَرَ، رضي الله عنهما: تَرْأَمُهُ ويأْباها، تُرِيدُ الدُّنْيَا

أَي تَعْطِف عَلَيْهِ كَمَا تَرْأَمُ الأُم وَلَدَهَا وَالنَّاقَةُ حُوارَها فَتَشُمُّهُ وتَتَرشَّفُه. وكلُّ مَنْ أَحبَّ شَيْئًا وأَلِفَهُ فَقَدْ رَئِمَهُ. ورَئِم الجُرْحُ رَأْماً ورِئْماناً حَسَنًا: التَأَم، وَفِي الْمُحْكَمِ: انْضَمَّ فُوه للبُرْء؛ وأَرْأَمَهُ إِرآماً: دَاوَاهُ وَعَالَجَهُ حَتَّى رَئِمَ، وَفِي الصِّحَاحِ: حَتَّى يبرأَ أَو يَلْتَئِمَ. وأَرْأَمَ الرجلَ عَلَى الشَّيْءِ: أَكرهه. ورَأَمَ الحبلَ يَرْأَمُه وأَرْأَمَه: فَتَلَهُ فَتْلًا شَدِيدًا. والرُّومَةُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ: الغِراء الَّذِي يُلصَقُ بِهِ رِيشُ السَّهْمِ، وَحَكَاهَا ثَعْلَبٌ مَهْمُوزَةً. الْجَوْهَرِيُّ: الرُّؤمَة الغِراء الَّذِي يُلْصَقُ بِهِ الشَّيْءُ. والرِّئْمُ: الْخَالِصُ مِنَ الظِّباء وَقِيلَ: هُوَ وَلَدُ الظَّبي، وَالْجَمْعُ أَرْآم، وَقَلَبُوا فَقَالُوا آرَامٌ، والأُنثى رِئْمَة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

بِمِثْلِ جِيد الرِّئْمة العُطْبُلِ

شَدَّدَ لِلضَّرُورَةِ كَقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا:

ببازلٍ وَجْناء أَو عَيْهَلِ

أَراد أَو عَيْهَلٍ فشدَّد. الأَصمعي: مِنَ الظِّباء الْآرَامِ وَهِيَ الْبِيضُ الْخَالِصَةُ الْبَيَاضِ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ مِثْلَهُ، وَهِيَ تَسْكُنُ الرِّمال. والرَّؤُوم مِنَ الْغَنَمِ: الَّتِي تَلْحَسُ ثِيَابَ مَنْ مرَّ بِهَا. ورَأَمَ القَدَحَ يَرْأَمُهُ رَأْماً ولأَمَهُ: أَصلَحَه كَرأَبَهُ. الشَّيْبَانِيُّ: رأَمْتُ شَعْب القَدَح إِذا أَصلحته؛ وأَنشد:

وقَتْلى بِحِقْفٍ مِنْ أُوارَةَ جُدِّعَتْ،

صَدَعْنَ قُلُوبًا لَمْ تُرَأّمْ شُعوبها

والرُّئِمُ: الِاسْتُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، حَكَّاهَا بالأَلف وَاللَّامِ، وَلَا نَظِيرَ لَهَا إِلَّا الدُّئِل وَهِيَ دُوَيْبَّةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

ذَلَّ وأَقْعَتْ بالحَضِيضِ رُئِمُه

ورِئام: مَوْضِعٌ. وَقِيلَ: هِيَ مَدِينَةٌ مِنْ مَدَائِنِ حِمْير يَحُلُّها أَولادُ أَوْدٍ، قَالَ الأَفْوَه الأَوْدي:

إِنَّا بَنُو أَوْدِ الَّذِي بِلِوائه

مُنِعَتْ رِئامُ، وَقَدْ غَزاها الأَجْدع

ص: 224

ربم: التَّهْذِيبُ: أَهمله اللَّيْثُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرِّبَمُ الكَلأُ المتصل.

رتم: رَتَمَ الشيءَ يَرْتِمُهُ رَتْماً: كَسَرَهُ وَدَقَّهُ. وشيءٌ رتِيمٌ ورَتْمٌ، عَلَى الصِّفَةِ بِالْمَصْدَرِ: مَكْسُورٌ، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بالرَّتْم كَسْرَ الأَنف. التَّهْذِيبُ: والرَّتْمُ والرَّثْمُ، بِالتَّاءِ وَالثَّاءِ، وَاحِدٌ. وَقَدْ رَتَمَ أَنْفَه ورَثَمَهُ: كَسَرَهُ. والرَّتْمُ: المَرْتوم. والرَّتْمُ: الدَّقُّ وَالْكَسْرُ. يُقَالُ: رَتَمَ أَنفه رَتْماً؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرِ:

لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاقَ الحَصَى،

مكانَ النَّبيِّ من الكائِبِ

وَرُوِيَ بَيْتُ أَوس بْنِ حَجَرٍ بِالتَّاءِ وَالثَّاءِ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: فِي كُلِّ شَيْءٍ صَدَقَةٌ حَتَّى فِي بَيَانِكَ عَنِ الأَرْتَمِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ، فإِن كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ رَتَمْتُ الشَّيْءَ إِذا كَسَرْتَهُ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ مَعْنَى الأَرَتِّ الَّذِي لَا يُفْصح الْكَلَامَ وَلَا يُفْهِمُه وَلَا يُبِينُهُ، وإِن كَانَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فسيأْتي ذِكْرُهُ. والرُّتامُ: الْمُتَكَسِّرُ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:

أَلَسْتم تَغضبون إِذا رأَيتم

يَمِينِى وَعْثَةً، وَفِمِي رُتاما؟

وَعْثة: مُتَكَسِّرَةً. والرَّتَمَةُ: الْخَيْطُ يُعْقَدُ عَلَى الإِصبع وَالْخَاتَمِ لِلْعَلَامَةِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: خَيْطٌ يُعْقَدُ فِي الإِصبع للتَّذَكُّر، وَفِي الصِّحَاحِ: خَيْطٌ يُشَدُّ فِي الإِصبع لتُسْتذكر بِهِ الحاجةُ. وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ الرَّتْمة، ورأَيته فِي بَاقِي الأُصول الرَّتَمَةَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الرَّتَمَةُ هِيَ الرَّتِيمة، بِفَتْحِ التَّاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

النَّهْيُ عَنْ شدِّ الرَّتائِم

؛ هِيَ جَمْعُ رَتِيمةٍ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ فِي الإِصبع لِتُسْتَذْكَرَ بِهِ الْحَاجَةُ، وَالْجَمْعُ رَتَمٌ، وَهِيَ الرَّتِيمة، وَجَمْعُهَا رَتائِم ورِتام. وأَرْتَمَه إِرْتاماً: عَقَدَ الرَّتِيمة فِي إِصبعه يَسْتَذْكِرُهُ حَاجَتَهُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

إِذا لَمْ تَكُنْ حاجاتُنا فِي نُفُوسِكُمْ،

فَلَيْسَ بمُغْنٍ عَنْكَ عَقْدُ الرَّتائم

وارْتَتَمَ بِهَا وتَرَتَّمَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

هَلْ يَنْفعَنْكَ الْيَوْمَ، إِن هَمَّتْ بِهَمْ،

كثرةُ مَا تُوصي وتَعْقادُ الرَّتَمْ؟

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّتَمُ هَاهُنَا جَمْعُ رَتَمَةٍ وَهِيَ الرَّتِيمة، قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ النَّبَاتَ الْمَعْرُوفَ لأَن الرَّتائِم لَا تَخُصُّ شَجَرًا دُونَ شَجَرٍ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ وتَعْقادُ الرَّتَم قَالَ: الرَّتِيمةُ أَن يَعْقد الرجلُ إِذا أَراد سَفَرًا شَجَرَتَيْنِ أَو غُصْنين يَعْقِدُهُمَا غُصْناً عَلَى غُصْنٍ وَيَقُولُ: إِن كَانَتِ المرأَة عَلَى الْعَهْدِ وَلَمْ تَخُنْهُ بَقِيَ هَذَا عَلَى حَالِهِ مَعْقُودًا وإِلَّا فَقَدْ نَقَضَتِ الْعَهْدَ، وَفِي الْمُحْكَمِ: فإِذا رجع فوجدهما عَلَى مَا عَقَدَ قَالَ قَدْ وَفَتِ امرأَته، وإِذا لَمْ يَجِدْهُمَا عَلَى مَا عَقَدَ قَالَ قَدْ نَكَثَتْ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي تَفْسِيرِ الْبَيْتِ. والرَّتَمُ، بِفَتْحِ التَّاءِ: شَجَرٌ، وَاحِدَتُهُ رَتَمَةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرَّتَمُ والرَّتِيمَةُ نَبَاتٌ مِنْ دِقِّ الشَّجَرِ كأَنه مِنْ دِقَّتِهِ يشبَّه بالرَّتَمِ؛: قَالَ الرَّاجِزُ:

نَظَرْتُ والعَيْنُ مُبِينَةُ التَّهَمْ

إِلى سَنا نارٍ، وَقُودُها الرَّتَمْ،

شُبَّتْ بأَعْلى عانِدَيْنِ مِنْ إِضَمْ

والرَّتَمُ: المَزادة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

فتِلْكُ المَكارِمُ لَا قِيلُكُمْ،

غَداةَ اللِّقاءِ، مَكَرَّ الرَّتَمْ «1» .

(1). قوله: تلكُ بالبناء على الضمّ، لعله أَراد تِلكُمُ المكارمُ فحذف الميم محافظة على وزن الشعر وأَبقى البناء على الضم

ص: 225

ابْنُ الأَعرابي: الرَّتَمُ المَزادة الْمَمْلُوءَةُ مَاءً. والرَّتْماءُ: النَّاقَةُ الَّتِي تَحْمِلُ الرَّتَمَ، والرَّتَمُ: المحجَّةُ. والرتَم: الْكَلَامُ الْخَفِيُّ. وَمَا رَتَمَ فُلَانٌ بِكَلِمَةٍ أَي مَا تَكَلَّمَ بِهَا. والرَّتَمُ: الحَياء التَّامُّ. والرَّتَمُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ. وَمَا زِلْتُ راتِماً عَلَى هَذَا الأَمر وراتِباً أَي مُقِيمًا، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن مِيمَهُ بَدَلٌ، وَالْمَصْدَرُ الرتَمُ. ويَرْتُمٌ: جَبَلٌ بأَرض بَنِي سُلَيْمٍ؛ قَالَ:

تَلَفَّعَ فِيهَا يَرْتُمٌ وتَعَمَّما

رثم: الرَّثَمُ والرُّثْمةُ: بَيَاضٌ فِي طَرَفِ أَنف الْفَرَسِ، وَقِيلَ: هُوَ فِي جَحْفَلَةِ الْفَرَسِ الْعُلْيَا، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ بَيَاضٌ قَلَّ أَو كَثُرَ إِذا أَصاب الجَحْفَلة الْعُلْيَا إِلى أَن يَبْلُغَ المَرْسِنَ، وَقِيلَ: هُوَ الْبَيَاضُ فِي الأَنف؛ وَقَدْ رَثِمَ رَثَماً، فَهُوَ رَثِمٌ وأَرْثَمُ، والأُنثى رَثْماء. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي شِيَاتِ الْفَرَسِ: إِذا كَانَ بجَحْفَلَةِ الْفَرَسِ الْعُلْيَا بَيَاضٌ فَهُوَ أَرْثَمُ، وإِن كَانَ بالسُّفلى بَيَاضٌ فَهُوَ أَلْمظُ، وَهِيَ الرُّثْمَةُ واللُّمظَةُ، الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدِ ارْثَمَّ الْفَرَسُ ارْثِماماً صَارَ أَرْثَمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

خَيْرُ الْخَيْلِ الأَرْثَمُ الأَقْرَحُ

؛ الأَرْثَمُ الَّذِي أَنفه أَبيض وَشَفَتُهُ الْعُلْيَا. وَنَعْجَةٌ رَثْماء: سَوْدَاءُ الأَرْنَبَة وَسَائِرُهَا أَبيض. ورَثَمَ أَنفه وَفَاهُ يَرْثِمُهُ رَثْماً، فَهُوَ مَرْثُومُ ورَثيم إِذا كَسَرَهُ حَتَّى تَقَطَّرَ مِنْهُ الدَّمُ، وَكَذَلِكَ رَتَمَه، بِالتَّاءِ. وَكُلُّ مَا لُطِخَ بِدَمٍ أَو كُسِرَ فَهُوَ رَثِيم. اللَّيْثُ: تَقُولُ الْعَرَبُ رَثَمْتُ فَاهُ رَثْماً، والرَّثْمُ تَخْديش وَشَقٌّ مِنْ طَرَفِ الأَنف حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ فَيُقَطَّرُ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: بَيَانُكَ عَنِ الأَرْثَمِ صَدَقَةٌ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي لَا يُصَحِّح كَلَامَهُ وَلَا يُبَيِّنُهُ لآفةٍ فِي لِسَانِهِ، وأَصله مِنْ رَثيم الحَصى، وَهُوَ مَا دُقَّ مِنْهُ بالأَخْفاف أَو مِنْ رَثَمْتُ أَنفه إِذا كَسَرْتَهُ فكأَنّ فَمَهُ قَدْ كُسِرَ فَلَا يُفْصِحُ فِي كَلَامِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي رَتَمَ بِالتَّاءِ. ورَثَمَتِ المرأَة أَنفها بِالطِّيبِ: لطَخَتْهُ وطَلَتْهُ، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ. والمِرْثَمُ: الأَنف فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ مِنْ ذَلِكَ. ورَثِمَ مَنْسِمُ الْبَعِيرِ: دَمِيَ. التَّهْذِيبُ: والرَّثْمُ كَسْرٌ مِنْ طَرَفِ مَنْسِمِ الْبَعِيرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ امرأَة:

تَثْني النِّقابَ عَلَى عِرْنِينِ أَرْنَبَة

شَمَّاء، مارِنُها بالمِسْكِ مَرْثوم

قَالَ الأَصمعي: الرَّثْم أَصله الْكَسْرُ، فَشَبَّهَ أَنفها مُلَغَّماً بِالطِّيبِ بأَنف مَكْسُورٍ مُلَطَّخٍ بِالدَّمِ، كأَنه جَعَلَ الْمِسْكَ فِي المارِنِ شَبيهاً بِالدَّمِ فِي الأَنف المَرْثوم. وخُفّ مَرْثُوم مِثْلُ مَلْثُوم إِذا أَصابته حِجَارَةٌ فَدَمِيَ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ فِي المَنْسِمِ:

بِرَثِيمٍ مَعِرٍ دَامِي الأَظَلّ

مَنْسِمٌ رَثِيم: أَدْمَتْهُ الْحِجَارَةُ. وحَصىً رَثِيمٌ ورَثْمٌ إِذا انْكَسَرَ؛ قَالَ الطَّرماح:

رَثِيم الحَصى مِنْ مَلْكِها المُتَوَضِّحِ

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكُلُّ كَسْرٍ ثَرْمٌ ورَتْمٌ ورَثْم؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

لأَصْبَحَ رَثْماً دُقاقَ الحَصى،

مَكَانَ النبيِّ مِنَ الكاثِب «1»

. والرَّثِيمةُ: الفأْرة.

رجم: الرَّجْمُ: الْقَتْلُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الرَّجْمُ الْقَتْلُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل، وإِنما قِيلَ لِلْقَتْلِ رَجْمٌ لأَنهم كَانُوا إِذا قتلوا رجلًا رَمَوْهُ

(1). راجع البيت في مادة رتم

ص: 226

بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَقْتُلُوهُ، ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ قَتْلٍ رَجْمٌ، وَمِنْهُ رَجْمُ الثيِّبَيْنِ إِذا زَنَيا، وأَصله الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: الرَّجْمُ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ. رَجَمَهُ يَرْجُمُهُ رَجْماً، فَهُوَ مَرْجُوم ورَجِيمٌ. والرَّجْمُ: اللَّعْنُ، وَمِنْهُ الشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ أَي المَرْجُومُ بالكَواكب، صُرِفَ إِلى فَعِيلٍ مِنْ مَفْعُولٍ، وَقِيلَ: رَجِيم مَلْعُونٌ مَرْجوم بِاللَّعْنَةِ مُبْعَدٌ مَطْرُودٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَهل التَّفْسِيرِ، قَالَ: وَيَكُونُ الرَّجيمُ بِمَعْنَى المَشْتُوم المَنْسوب مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ

؛ أَي لأَسُبَّنَّكَ. والرَّجْمُ: الهِجْرانُ، والرَّجْمُ الطَّرْدُ، والرَّجْمُ الظَّنُّ، وَالرَّجْمُ السَّب وَالشَّتْمُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى، حِكَايَةً عَنْ قَوْمِ نُوحٌ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ

؛ قِيلَ: الْمَعْنَى مِنَ المَرْجومين بِالْحِجَارَةِ، وَقَدْ تَراجَمُوا وارْتَجَمُوا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وأَنشد:

فَهْيَ تَرامى بالحَصى ارْتِجامها

والرَّجْمُ: مَا رُجِمَ بِهِ، وَالْجَمْعُ رُجومٌ. والرُّجُمُ والرُّجُوم: النُّجُومُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا. التَّهْذِيبُ: والرَّجْمُ اسْمٌ لِمَا يُرْجَمُ بِهِ الشَّيْءُ المَرْجوم، وَجَمْعُهُ رُجومٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الشُّهُب: وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ

؛ أَي جَعَلْنَاهَا مَرامي لَهُمْ. وتَراجَمُوا بِالْحِجَارَةِ أَي تَرامَوْا بِهَا. وَفِي حَدِيثِ

قَتَادَةَ: خَلَقَ اللَّهُ هَذِهِ النُّجُومَ لثلاثٍ: زِينَةً لِلسَّمَاءِ، ورُجوماً لِلشَّيَاطِينِ، وعَلاماتٍ يُهْتَدى بِهَا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الرُّجُومُ جَمْعُ رَجْمٍ، وَهُوَ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا لَا جَمْعًا، وَمَعْنَى كَوْنِهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ أَن الشُّهُبَ الَّتِي تَنْقَضُّ فِي اللَّيْلِ منفصلةٌ مِنْ نَارِ الْكَوَاكِبِ ونورِها، لَا أَنهم يُرْجَمُونَ بِالْكَوَاكِبِ أَنفسها، لأَنها ثَابِتَةٌ لَا تَزُولُ، وَمَا ذَاكَ إِلا كَقَبسٍ يُؤْخَذُ مِنْ نَارٍ وَالنَّارُ ثَابِتَةٌ فِي مَكَانِهَا، وَقِيلَ: أَراد بالرُّجوم الظُّنون الَّتِي تُحْزَرُ وتُظَنُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ

؛ وَمَا يُعَانِيهِ المُنَجِّمُونَ مِنَ الحَدْسِ وَالظَّنِّ والحُكْمِ عَلَى اتِّصَالِ النُّجُومِ وَانْفِصَالِهَا، وإِياهم عَنَى بِالشَّيَاطِينِ لأَنهم شَيَاطِينُ الإِنْس، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي بعد الأَحاديث:

مَنِ اقْتَبَسَ بَابًا مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ لِغَيْرِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فَقَدِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ

، المُنَجِّمُ كاهِنٌ وَالْكَاهِنُ سَاحِرٌ والساحر كَافِرٌ

؛ فَجَعَلَ المُنَجِّمَ الَّذِي يَتَعَلَّمُ النُّجُومَ لِلْحُكْمِ بِهَا وَعَلَيْهَا وَيَنْسُبُ التأْثيرات مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِليها كَافِرًا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. والرَّجْمُ: الْقَوْلُ بِالظَّنِّ والحَدْسِ، وَفِي الصِّحَاحِ: أَن يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِالظَّنِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: رَجْماً بِالْغَيْبِ

. وَفَرَسٌ مِرْجَمٌ: يَرْجُمُ الأَرض بحَوافره، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ، وَهُوَ مَدْحٌ، وَقِيلَ: هُوَ الثَّقِيلُ مِنْ غَيْرِ بُطْء، وَقَدِ ارْتَجَمَتِ الإِبل وتَراجَمَتْ. وَجَاءَ يَرْجُمُ إِذا مَرَّ يَضْطَرِمُ عَدْوُهُ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وراجَمَ عَنْ قَوْمِهِ: ناضَلَ عَنْهُمْ. والرِّجامُ: الْحِجَارَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الْحِجَارَةُ الْمُجْتَمِعَةُ، وَقِيلَ: هِيَ كالرِّضام وَهِيَ صُخُورٌ عِظَامٌ أَمثال الجُزُرِ، وَقِيلَ: هِيَ كالقُبور العادِيَّةِ، وَاحِدَتُهَا رُجْمةٌ، والرُّجْمةُ حِجَارَةٌ مُرْتَفِعَةٌ كَانُوا يَطُوفُونَ حَوْلَهَا، وَقِيلَ: الرُّجُمُ، بِضَمِّ الْجِيمِ، والرُّجْمَةُ، بِسُكُونِ الْجِيمِ جَمِيعًا، الْحِجَارَةُ الَّتِي تُنْصَبُ عَلَى الْقَبْرِ، وَقِيلَ: هُمَا العلامةُ. والرُّجْمة والرَّجْمة: الْقَبْرُ، وَالْجَمْعُ رِجامٌ، وَهُوَ الرَّجَمُ، بِالتَّحْرِيكِ، وَالْجَمْعُ أَرْجامٌ، سُمِّيَ رَجَماً لِمَا يُجْمَعُ عَلَيْهِ مِنَ الأَحجار؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْب

ص: 227

بْنِ زُهَيْرٍ:

أَنا ابنُ الَّذِي لَمْ يُخْزِني فِي حَياتِه،

وَلَمْ أُخْزِه حَتَّى أُغَيَّبَ فِي الرَّجَمْ «2»

. والرَّجَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: هُوَ الْقَبْرُ نَفْسُهُ. والرُّجْمَة، بِالضَّمِّ، وَاحِدُ الرُّجَمِ والرِّجامِ، وَهِيَ حِجَارَةٌ ضِخامٌ دُونَ الرِّضامِ، وَرُبَّمَا جُمِعَتْ عَلَى الْقَبْرِ ليُسَنَّمَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ رُمَيْضٍ العَنْبَرِيّ:

يَسِيلُ عَلَى الحاذَيْنِ والسَّتِّ حَيضُها،

كَمَا صَبّ فوقَ الرُّجْمةِ الدّمَ ناسِكُ

السَّتُّ: لُغَةٌ فِي الاسْتِ. اللَّيْثُ: الرُّجْمة حِجَارَةٌ مَجْمُوعَةٌ كأَنها قُبورُ عادٍ وَالْجَمْعُ رِجام. الأَصمعي: الرُّجْمةُ دُونَ الرِّضام وَالرِّضَامُ صُخُورٌ عِظام تُجْمَعُ فِي مَكَانٍ. أَبو عَمْرٍو: الرِّجامُ الهِضابُ، وَاحِدَتُهَا رُجْمة. ورِجامٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٍ:

عَفَتِ الدِّيارُ: مَحَلُّها فَمُقامُها

بِمِنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها

والرَّجَمُ والرِّجامُ: الْحِجَارَةُ الْمَجْمُوعَةُ عَلَى الْقُبُورِ؛ وَمِنْهُ

قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيّ: لَا تَرْجُموا قَبْرِي

أَي لَا تَجْعَلُوا عَلَيْهِ الرَّجَمَ، وأَراد بِذَلِكَ تَسْوِيَةَ الْقَبْرِ بالأَرض، وأَن لَا يَكُونَ مُسَنَّماً مُرْتَفِعًا كَمَا قَالَ الضَّحَّاكُ فِي وَصِيَّتِهِ: ارْمُسُوا قَبْرِي رَمْساً؛ وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: مَعْنَى وَصِيَّتِهِ لبَنِيه لَا تَرْجُمُوا قَبْرِي مَعْنَاهُ لَا تَنُوحُوا عند قبري أَي لا تَقُولُوا عِنْدَهُ كَلَامًا سَيِّئاً قَبِيحًا، مِنَ الرَّجْم السَّبِّ وَالشَّتْمِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ لَا تَرْجُمُوا، مُخَفَّفًا، وَالصَّحِيحُ تُرَجِّمُوا مُشَدَّدًا، أَي لَا تَجْعَلُوا عَلَيْهِ الرَّجَمَ وَهِيَ الْحِجَارَةُ، والرَّجْماتُ: المَنارُ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الَّتِي تُجْمَعُ وَكَانَ يُطاف حَوْلَهَا تُشَبَّهُ بِالْبَيْتِ؛ وأَنشد:

كَمَا طافَ بالرَّجْمَةِ المُرْتَجِمْ

ورَجَمَ الْقَبْرَ رَجْماً: عَمِلَهُ، وَقِيلَ: رَجَمَه يَرْجُمه رَجْماً وَضَعَ عَلَيْهِ الرَّجَم، بِالْفَتْحِ وَالتَّحْرِيكِ، الَّتِي هِيَ الْحِجَارَةُ. والرَّجَمُ أَيضاً: الحُفْرَةُ وَالْبِئْرُ والتَّنُّور. أَبو سَعِيدٍ: ارْتَجَمَ الشيءُ وارْتَجَنَ إِذا رَكِبَ بعضُه بَعْضًا. والرُّجْمَةُ، بِالضَّمِّ: وِجارُ الضَّبُعِ. وَيُقَالُ: صَارَ فُلَانٌ مُرَجَّماً لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَةِ أَمره؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ المُرَجَّمُ، بِالتَّشْدِيدِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

وَمَا هُوَ عَنْهَا بالحَديث المُرَجَّمِ

والرَّجْمُ: القَذْفُ بِالْغَيْبِ وَالظَّنُّ؛ قَالَ أَبو العِيال الهُذَليّ:

إِنَّ البَلاءَ، لَدَى المَقاوِسِ، مُخْرِجٌ

مَا كَانَ مِنْ غَيْبٍ، ورَجْمِ ظُنونِ

وَكَلَامٌ مُرَجَّمٌ: عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَأَرْجُمَنَّكَ أَي لأَهْجُرَنَّكَ ولأَقولنَّ عَنْكَ بِالْغَيْبِ مَا تَكْرَهُ. والمَراجمُ: الكلِمُ القَبيحة. وتَراجَموا بَيْنَهُمْ بمَراجِمَ: تَرامَوْا. والرِّجامُ: حَجَرٌ يُشَدُّ فِي طَرَف الْحَبْلِ، ثم يُدَلَّى في البئر فتُخَضْخَض بِهِ الحَمْأَة حَتَّى تَثُورَ، ثُمَّ يُسْتَقَى ذَلِكَ الماءُ فَتُسْتَنْقَى البئرُ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذا كَانَتِ الْبِئْرُ بَعِيدَةَ الْقَعْرِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَن يَنْزِلُوا فَيُنْقُوها، وَقِيلَ: هُوَ حَجَرٌ يُشَدُّ بعَرْقوَةِ الدَّلو لِيَكُونَ أَسرع لانْحِدارها؛ قال:

(2). قوله [أَغيب] كذا في الأصل، والذي في التهذيب: تغيب

ص: 228

كأَنَّهُما، إِذا عَلَوا وجِيناً

ومَقْطَعَ حَرَّةٍ، بَعَثا رِجاما

وَصَفَ عَيْراً وأَتاناً يَقُولُ: كأَنما بَعَثَا حِجَارَةً. أَبو عَمْرٍو: الرِّجامُ مَا يُبْنى عَلَى الْبِئْرِ ثُمَّ تُعَرَّضُ عَلَيْهِ الخشبةُ لِلدَّلْوِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:

عَلَى رِجامَيْنِ مِنْ خُطَّافِ ماتِحَةٍ،

تَهْدِي صُدُورَهُما وُرْقٌ مَراقِيلُ

الْجَوْهَرِيُّ: الرِّجامُ المِرْجاس، قَالَ: وَرُبَّمَا شُدّ بِطَرَفِ عَرْقُوَةِ الدَّلْوِ لِيَكُونَ أَسرع لِانْحِدَارِهَا. وَرَجُلٌ مِرْجَمٌ، بِالْكَسْرِ، أَي شَدِيدٌ كأَنه يُرْجَمُ بِهِ مُعادِيه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:

قَدْ عَلِمَتْ أُسَيِّدٌ وخَضَّمُ

أَن أَبا حَرْزَمَ شَيْخٌ مِرْجَمُ

وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: دَفَعَ رَجُلٌ رَجُلًا فَقَالَ: لَتَجِدَنِّي ذَا مَنْكِبٍ مِزْحَم ورُكْنٍ مِدْعَم وَلِسَانٍ مِرجَم. والمِرْجامُ: الَّذِي تُرْجَمُ بِهِ الْحِجَارَةُ. وَلِسَانٌ مِرْجَمٌ إِذا كَانَ قَوَّالًا. والرِّجامانِ: خَشَبَتَانِ تُنْصَبَانِ عَلَى رأْس الْبِئْرِ يُنْصبُ عَلَيْهِمَا القَعْوُ وَنَحْوُهُ مِنَ المَساقي. والرَّجائم: الْجِبَالُ الَّتِي تَرْمِي بِالْحِجَارَةِ، وَاحِدَتُهَا رَجِيمةٌ؛ قَالَ أَبو طَالِبٍ:

غِفارِية حَلَّتْ بِبَوْلانَ حَلَّةً

فَيَنْبُعَ، أَو حَلَّتْ بَهَضْبِ الرَّجائم

والرَّجْمُ: الإِخْوانُ: عَنْ كُرَاعٍ وَحْدَهُ، وَاحِدُهُمْ رَجْمٌ ورَجَمٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الرَّجْمُ الخَليل والنَّدِيم. والرُّجْمَةُ: الدُّكَّانُ الَّذِي تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ النَّخْلَةُ الْكَرِيمَةُ؛ عَنْ كُرَاعٍ وأَبي حَنِيفَةَ، قَالَا: أَبدلوا الْمِيمَ مِنَ الْبَاءِ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنها لُغَةٌ كالرُّجْبَةِ. ومَرْجُومٌ: لَقَبُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ كَانَ سيِّداً فَفَاخَرَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ إِلى بَعْضِ مُلُوكِ الحِيرة فَقَالَ لَهُ: قَدْ رَجَمْتُك بِالشَّرَفِ، فَسُمِّيَ مَرْجُوماً؛ قَالَ لَبِيدٌ:

وقَبِيلٌ، مِنْ لُكَيْزٍ، شاهِدٌ،

رَهْطُ مَرْجُومٍ ورَهْطُ ابْنِ المُعَلّ

وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ مَرْحُوم، بِالْحَاءِ خَطَأٌ، وأَراد ابْنَ المُعَلَّى وَهُوَ جَدُّ الجارودِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ المُعَلَّى. والرِّجامُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:

بمِنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها

والتَّرْجُمانُ والتُّرْجُمانُ: المفسِّر، وَقَدْ تَرْجَمَهُ وتَرْجَمَ عَنْهُ، وَهُوَ مِنَ الْمِثْلِ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما تَرْجُمانُ فَقَدْ حَكَيْتُ فِيهِ تُرْجُمان، بِضَمِّ أَوله، وَمِثَالُهُ فُعْلُلان كعُتْرُفان ودُحْمُسان، وَكَذَلِكَ التَّاءُ أَيضاً فِيمَنْ فَتَحَهَا أَصلية، وإِن لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ جَعْفُرٍ لأَنهُ قَدْ يَجُوزُ مَعَ الأَلف وَالنُّونِ مِنَ الأَمثله مَا لَوْلَاهُمَا لَمْ يَجُزْ، كعُنْفُوان وخِنْذِيان ورَيْهُقان، أَلا تَرَى أَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعْلُوٌ وَلَا فِعْلِيٌ وَلَا فَيْعُلٌ؟ وَيُقَالُ: قَدْ تَرْجَمَ كلامَه إِذا فَسَّرَهُ بِلِسَانٍ آخَرَ؛ وَمِنْهُ التَّرْجَمانُ، وَالْجَمْعُ التَّراجِمُ مِثْلُ زَعْفَرانٍ وزَعافِر، وصَحْصحان وصحاصِح؛ قَالَ: وَلَكَ أَن تَضُمَّ التَّاءَ لِضَمَّةِ الْجِيمِ فَتَقُولَ تُرْجُمان مِثْلُ يَسْرُوع ويُسْروع؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

ومَنْهل وَرَدْتُه التِقاطا

ص: 229

لَمْ أَلْقَ، إِذْ وَرَدْتُه، فُرَّاطا

إِلا الحمامَ الوُرْقَ والغَطاطا،

فهُنَّ يُلْغِطْنَ بِهِ إِلْغاطا،

كالتُّرْجُمان لَقِيَ الأَنْباطا

رحم: الرَّحْمة: الرِّقَّةُ والتَّعَطُّفُ، والمرْحَمَةُ مِثْلُهُ، وَقَدْ رَحِمْتُهُ وتَرَحَّمْتُ عَلَيْهِ. وتَراحَمَ القومُ: رَحِمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والرَّحْمَةُ: الْمَغْفِرَةُ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي وَصْفِ الْقُرْآنِ: هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ*

؛ أَي فَصَّلْناه هَادِيًا وَذَا رَحْمَةٍ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ

؛ أَي هُوَ رَحْمةٌ لأَنه كَانَ سَبَبَ إِيمانهم، رَحِمَهُ رُحْماً ورُحُماً ورَحْمةً ورَحَمَةً؛ حَكَى الأَخيرة سِيبَوَيْهِ، ومَرحَمَةً. وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ

؛ أَي أَوصى بعضُهم بَعْضًا بِرَحْمَة الضَّعِيفِ والتَّعَطُّف عَلَيْهِ. وتَرَحَّمْتُ عَلَيْهِ أَي قُلْتَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ

؛ فإِنما ذَكَّرَ عَلَى النَّسَبِ وكأَنه اكْتَفَى بِذِكْرِ الرَّحْمَةِ عَنِ الْهَاءِ، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ لأَنه تأْنيث غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، وَالِاسْمُ الرُّحْمى؛ قَالَ الأَزهري: التَّاءُ فِي قَوْلِهِ إِنَّ رَحْمَتَ

أَصلها هَاءٌ وإِن كُتِبَتْ تَاءً. الأَزهري: قَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها

: أَي رِزْقٍ، وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ

: أَي رِزقاً، وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً

: أَي عَطْفاً وصُنعاً، وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ

: أَي حَياً وخِصْباً بَعْدَ مَجاعَةٍ، وأَراد بِالنَّاسِ الْكَافِرِينَ. والرَّحَمُوتُ: مِنَ الرَّحْمَةِ. وَفِي الْمَثَلِ: رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ أَي لأَنْ تُرْهَبَ خَيْرٌ مِنْ أَن تُرْحَمَ، لَمْ يُسْتَعْمَلْ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ إِلا مُزَوَّجاً. وتَرَحَّم عَلَيْهِ: دَعَا لَهُ بالرَّحْمَةِ. واسْتَرْحَمه: سأَله الرَّحْمةَ، وَرَجُلٌ مَرْحومٌ ومُرَحَّمٌ شَدَّدَ لِلْمُبَالَغَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا

؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا مَجَازٌ وَفِيهِ مِنَ الأَوصاف ثَلَاثَةٌ: السَّعَةُ وَالتَّشْبِيهُ وَالتَّوْكِيدُ، أَما السَّعَةُ فلأَنه كأَنه زَادَ فِي أَسماء الْجِهَاتِ وَالْمَحَالِّ اسْمٌ هُوَ الرَّحْمةُ، وأَما التَّشْبِيهُ فلأَنه شَبَّه الرَّحْمةَ وإِن لَمْ يَصِحَّ الدُّخُولُ فِيهَا بِمَا يَجُوزُ الدُّخُولُ فِيهِ فَلِذَلِكَ وَضَعَهَا مَوْضِعَهُ، وأَما التَّوْكِيدُ فلأَنه أَخبر عَنِ العَرَضِ بِمَا يُخْبَرُ بِهِ عَنِ الجَوْهر، وَهَذَا تَغالٍ بالعَرَضِ وَتَفْخِيمٌ مِنْهُ إِذا صُيِّرَ إِلى حَيّز مَا يشاهَدُ ويُلْمَسُ وَيُعَايَنُ، أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْجَمِيلِ: وَلَوْ رأَيتم الْمَعْرُوفَ رَجُلًا لرأَيتموه حَسَنًا جَمِيلًا؟ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

وَلَمْ أَرَ كالمَعْرُوفِ، أَمّا مَذاقُهُ

فحُلْوٌ، وأَما وَجْهه فَجَمِيلُ

فَجَعَلَ لَهُ مَذَاقًا وجَوْهَراً، وَهَذَا إِنما يَكُونُ فِي الْجَوَاهِرِ، وإِنما يُرَغِّبُ فِيهِ وَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ ويُعَظِّمُ مِنْ قَدْرِهِ بأَن يُصَوِّرَهُ فِي النَّفْسِ عَلَى أَشرف أَحواله وأَنْوَه صِفَاتِهِ، وَذَلِكَ بأَن يَتَخَيَّرَ شَخْصًا مجسَّماً لَا عَرَضاً متوهَّماً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ

؛ مَعْنَاهُ يَخْتَصُّ بنُبُوَّتِهِ مَنْ يَشَاءُ مِمَّنْ أَخْبَرَ عز وجل أَنه مُصْطفىً مختارٌ. وَاللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ: بُنِيَتِ الصِّفَةُ الأُولى عَلَى فَعْلانَ لأَن مَعْنَاهُ الْكَثْرَةُ، وَذَلِكَ لأَن رَحْمَتَهُ وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فأَما الرَّحِيمُ فإِنما ذُكِرَ بَعْدَ الرَّحْمن لأَن الرَّحْمن مَقْصُورٌ عَلَى اللَّهِ عز وجل،. وَالرَّحِيمَ قَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: إِنما قِيلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمن الرَّحِيمِ فَجِيءَ بِالرَّحِيمِ بَعْدَ اسْتِغْرَاقِ الرَّحْمنِ مَعْنَى الرحْمَة لِتَخْصِيصِ

ص: 230

الْمُؤْمِنِينَ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً

، كَمَا قَالَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، ثُمَّ قَالَ: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ؛ فخصَّ بَعْدَ أَن عَمَّ لِمَا فِي الإِنسان مِنْ وُجُوهِ الصِّناعة وَوُجُوهِ الحكمةِ، ونحوُه كَثِيرٌ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الرَّحْمنُ اسْمٌ مِنْ أَسماء اللَّهِ عز وجل مَذْكُورٌ فِي الْكُتُبِ الأُوَل، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهُ مِنْ أَسماء اللَّهِ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: أَراه يَعْنِي أَصحاب الْكُتُبِ الأُوَلِ، وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ ذُو الرحْمةِ الَّتِي لَا غَايَةَ بَعْدَهَا فِي الرَّحْمةِ، لأَن فَعْلان بِنَاءٌ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ، ورَحِيمٌ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فاعلٍ كَمَا قَالُوا سَمِيعٌ بِمَعْنَى سامِع وقديرٌ بِمَعْنَى قَادِرٍ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ رَحُومٌ وامرأَة رَحُومٌ؛ قَالَ الأَزهري وَلَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ رَحْمن إِلَّا لِلَّهِ عز وجل، وفَعْلان مِنْ أَبنية مَا يُبالَعُ فِي وَصْفِهِ، فالرَّحْمن الَّذِي وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ، فَلَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ رَحْمن لِغَيْرِ اللَّهِ؛ وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ الرَّحْمن الرَّحيم: جَمَعَ بَيْنَهُمَا لأَن الرَّحْمن عِبْرانيّ والرَّحيم عَرَبيّ؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:

لَنْ تُدْرِكوا المَجْد أَو تَشْرُوا عَباءَكُمُ

بالخَزِّ، أَو تَجْعَلُوا اليَنْبُوتَ ضَمْرانا

أَو تَتْركون إِلى القَسَّيْنِ هِجْرَتَكُمْ،

ومَسْحَكُمْ صُلْبَهُمْ رَحْمانَ قُرْبانا؟

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمَا اسْمَانِ رَقِيقَانِ أَحدهما أَرق مِنَ الْآخَرِ، فالرَّحْمن الرَّقِيقُ والرَّحيمُ الْعَاطِفُ عَلَى خَلْقِهِ بِالرِّزْقِ؛ وَقَالَ الْحَسَنُ؛ الرّحْمن اسْمٌ مُمْتَنِعٌ لَا يُسَمّى غيرُ اللَّهِ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ رَجُلٌ رَحيم. الجوهري: الرَّحْمن والرَّحيم اسْمَانِ مُشْتَقَّانِ مِنَ الرَّحْمة، وَنَظِيرُهُمَا فِي اللُّغَةِ نَديمٌ ونَدْمان، وَهُمَا بِمَعْنًى، وَيَجُوزُ تَكْرِيرُ الِاسْمَيْنِ إِذا اخْتَلَفَ اشْتِقَاقُهُمَا عَلَى جِهَةِ التَّوْكِيدِ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ جادٌّ مُجِدٌّ، إِلا أَن الرَّحْمَنَ اسْمٌ مُخْتَصٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ أَن يُسَمّى بِهِ غَيْرُهُ وَلَا يُوصَفَ، أَلا تَرَى أَنه قَالَ: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ؟

فَعَادَلَ بِهِ الِاسْمَ الَّذِي لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَهُمَا مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ، ورَحمن أَبلغ مِنْ رَحِيمٌ، والرَّحيم يُوصَفُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَيُقَالُ رَجُلٌ رَحِيمٌ، وَلَا يُقَالُ رَحْمن. وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ الكذاب يقال له رَحْمن اليَمامة، والرَّحيمُ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى المَرْحوم؛ قَالَ عَمَلَّسُ بْنُ عقيلٍ:

فأَما إِذا عَضَّتْ بِكَ الحَرْبُ عَضَّةً،

فإِنك مَعْطُوفٌ عَلَيْكَ رَحِيم

والرَّحْمَةُ فِي بَنِي آدَمَ عِنْدَ الْعَرَبِ: رِقَّةُ الْقَلْبِ وَعَطْفُهُ. ورَحْمَةُ اللَّهِ: عَطْفُه وإِحسانه وَرِزْقُهُ. والرُّحْمُ، بِالضَّمِّ: الرَّحْمَةُ. وَمَا أَقرب رُحْم فُلَانٍ إِذا كَانَ ذَا مَرْحَمةٍ وبِرٍّ أَي مَا أَرْحَمَهُ وأَبَرَّهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَقْرَبَ رُحْماً

، وَقُرِئَتْ:

رُحُماً

الأَزهري: يَقُولُ أَبرَّ بِالْوَالِدَيْنِ مِنَ الْقَتِيلِ الَّذِي قَتَلَهُ الخَضِرُ، وَكَانَ الأَبوان مُسْلِمَيْنِ وَالِابْنُ كَافِرًا فَوُلِدَ لَهُمَا بعدُ بِنْتٌ فَوَلَدَتْ نَبِيًّا؛ وأَنشد اللَّيْثُ:

أَحْنَى وأَرْحَمُ مِنْ أُمٍّ بواحِدِها

رُحْماً، وأَشْجَعُ مِنْ ذِي لِبْدَةٍ ضارِي

وَقَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ: وَأَقْرَبَ رُحْماً

؛ أَي أَقرب عَطْفًا وأَمَسَّ بِالْقَرَابَةِ. والرُّحْمُ والرُّحُمُ فِي اللُّغَةِ: الْعَطْفُ والرَّحْمةُ؛ وأَنشد:

فَلا، ومُنَزِّلِ الفُرْقان،

مالَكَ عِندَها ظُلْمُ

وَكَيْفَ بظُلْمِ جارِيةٍ،

وَمِنْهَا اللينُ والرُّحْمُ؟

ص: 231

وَقَالَ الْعَجَّاجُ:

وَلَمْ تُعَوَّجْ رُحْمُ مَنْ تَعَوَّجا

وَقَالَ رُؤْبَةُ:

يَا مُنْزِلَ الرُّحْمِ عَلَى إِدْرِيس

وقرأَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: وأَقْرَبَ رُحُماً، وبالتثقيل، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ زُهَيْرٌ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنانٍ:

وَمِنْ ضَرِيبتِه التَّقْوى ويَعْصِمُهُ،

مِنْ سَيِء العَثَراتِ، اللهُ والرُّحُمُ «3»

. وَهُوَ مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُرٍ. وأُمُّ رُحْمٍ وأُمّ الرُّحْمِ: مَكَّةُ. وَفِي حَدِيثِ

مَكَّةَ: هِيَ أُمُّ رُحْمٍ

أَي أَصل الرَّحْمَةِ. والمَرْحُومةُ: مِنْ أَسماء مَدِينَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَذْهَبُونَ بِذَلِكَ إِلى مُؤْمِنِي أَهلها. وسَمَّى اللَّهُ الغَيْث رَحْمةً لأَنه بِرَحْمَتِهِ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ ذِي القَرْنَيْنِ: هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي

؛ أَراد هَذَا التَّمْكِينَ الَّذِي قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ، أَراد وَهَذَا التَّمْكِينُ الَّذِي آتَانِي اللَّهُ حَتَّى أَحكمْتُ السَّدَّ رَحْمَة مِنْ رَبِّي. والرَّحِمُ: رَحِمُ الأُنثى، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ تأْنيث الرَّحِم قَوْلُهُمْ رَحِمٌ مَعْقومَةٌ، وقولُ ابْنِ الرِّقاع:

حَرْف تَشَذَّرَ عَنْ رَيَّانَ مُنْغَمِسٍ،

مُسْتَحْقَبٍ رَزَأَتْهُ رِحْمُها الجَمَلا

ابْنُ سِيدَهْ: الرَّحِمُ والرِّحْمُ بَيْتُ مَنْبِتِ الْوَلَدِ وَوِعَاؤُهُ فِي الْبَطْنِ؛ قَالَ عَبيد:

أَعاقِرٌ كَذَاتِ رِحْمٍ،

أَم غانِمٌ كمَنْ يَخِيبُ؟

قَالَ: كَانَ يَنْبَغِي أَن يُعادِلَ بِقَوْلِهِ ذَاتِ رِحْمٍ نَقِيضَتَهَا فَيَقُولَ أَغَيْرُ ذَاتِ رِحْمٍ كَذَاتِ رِحْمٍ، قَالَ: وَهَكَذَا أَراد لَا مَحالة وَلَكِنَّهُ جَاءَ بِالْبَيْتِ عَلَى المسأَلة، وَذَلِكَ أَنها لَمَّا لَمْ تَكُنِ الْعَاقِرُ وَلُوداً صَارَتْ، وإِن كَانَتْ ذاتِ رِحْمٍ، كأَنها لَا رِحْم لَهَا فكأَنه قَالَ: أَغيرُ ذَاتِ رِحْمٍ كَذَاتِ رِحْمٍ، وَالْجَمْعُ أَرْحامٌ، لَا يُكَسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وامرأَة رَحُومٌ إِذا اشْتَكَتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ رَحِمَها، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي الْمُحْكَمِ بِالْوِلَادَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّحَمُ خُرُوجُ الرَّحِمِ مِنْ عِلَّةٍ؛ وَالْجَمْعُ رُحُمٌ «4» ، وَقَدْ رَحِمَتْ رَحَماً ورُحِمتْ رَحْماً، وَكَذَلِكَ العَنْزُ، وَكُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ تُرْحَمُ، وَنَاقَةٌ رَحُومٌ كَذَلِكَ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الَّتِي تَشْتَكِي رَحِمَها بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَتَمُوتُ، وَقَدْ رَحُمَتْ رَحامةً ورَحِمَتْ رَحَماً، وَهِيَ رَحِمَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ دَاءٌ يأْخذها فِي رَحِمِها فَلَا تَقْبَلُ اللِّقاح؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الرُّحامُ أَن تَلِدَ الشَّاةُ ثُمَّ لَا يَسْقُطُ سَلاها. وَشَاةٌ راحِمٌ: وارمةُ الرَّحِمِ، وَعَنْزٌ راحِمٌ. وَيُقَالُ: أَعْيَا مِنْ يدٍ فِي رَحِمٍ، يَعْنِي الصبيَّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا تَفْسِيرُ ثَعْلَبٍ. والرَّحِمُ: أَسبابُ الْقَرَابَةِ، وأَصلُها الرَّحِمُ الَّتِي هِيَ مَنْبِتُ الْوَلَدِ، وَهِيَ الرِّحْمُ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّحِمُ الْقَرَابَةُ، والرِّحْمُ، بِالْكَسْرِ، مثلُه؛ قَالَ الأَعشى:

إِمَّا لِطالِبِ نِعْمة يَمَّمْتَها،

ووِصالَ رِحْمٍ قَدْ بَرَدْتَ بِلالَها

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لقَيْل بْنِ عَمْرِو بْنِ الهُجَيْم:

وَذِي نَسَب ناءٍ بَعِيدٍ وَصَلتُه،

وَذِي رَحِمٍ بَلَّلتُها بِبِلالها

(3). في ديوان زهير: الرَّحِم أَي صلة القرابة بدل الرحُم

(4)

. قوله [والجمع رحم] أَي جمع الرحوم وقد صرح به شارح القاموس وغيره

ص: 232

قَالَ: وَبِهَذَا الْبَيْتِ سُمِّيَ بُلَيْلًا؛ وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ:

خُذُوا حِذرَكُم، يَا آلَ عِكرِمَ، وَاذْكُرُوا

أَواصِرَنا، والرِّحْمُ بالغَيْب تُذكَرُ

وَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَن هَذَا مُطَّرِدٌ فِي كلِّ مَا كَانَ ثانِيه مِنْ حُرُوفِ الحَلْقِ، بَكْرِيَّةٌ، وَالْجَمْعُ مِنْهُمَا أَرْحامٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَوو الرَّحِمِ هُمُ الأَقارب، وَيَقَعُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نسَب، وَيُطْلَقُ فِي الْفَرَائِضِ عَلَى الأَقارب مِنْ جِهَةِ النِّسَاءِ، يُقَالُ: ذُو رَحِمٍ مَحْرَم ومُحَرَّم، وَهُوَ مَن لَا يَحِلّ نِكَاحُهُ كالأُم وَالْبِنْتِ والأُخت وَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، وَالَّذِي ذَهَبَ إِليه أَكثر الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وأَبو حَنِيفَةَ وأَصحابُه وأَحمدُ أَن مَنْ مَلك ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عَلَيْهِ، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، قَالَ: وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الأَئمة وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إِلى أَنه يَعْتِقُ عَلَيْهِ الأَولادُ والآباءُ والأُمهاتُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ غيرُهم مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلى أَنه يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ وَالْوَالِدَانِ والإِخْوة وَلَا يَعْتِقُ غيرُهم. وَفِي الْحَدِيثِ:

ثَلَاثٌ يَنْقُصُ بِهِنَّ العبدُ فِي الدُّنْيَا ويُدْرِكُ بِهِنَّ فِي الْآخِرَةِ مَا هُوَ أَعظم مِنْ ذَلِكَ

: الرُّحْمُ والحَياءُ وعِيُّ اللِّسَانِ؛ الرُّحْمُ، بِالضَّمِّ: الرَّحْمَةُ، يُقَالُ: رَحِمَ رُحْماً، وَيُرِيدُ بِالنُّقْصَانِ مَا يَنال المرءُ بِقَسْوَةِ الْقَلْبِ ووَقاحَة الوَجْه وبَسْطة اللِّسَانِ الَّتِي هِيَ أَضداد تِلْكَ الْخِصَالِ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الدُّنْيَا. وَقَالُوا: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا والرَّحِمُ والرَّحِمَ، بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، وَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا والقطيعَة، بِالنَّصْبِ لَا غَيْرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن الرَّحِمَ شِجْنَةٌ مُعلقة بِالْعَرْشِ تَقُولُ: اللَّهُمَّ صِلْ مَنْ وَصَلَني واقْطَعْ مَنْ قَطَعني.

الأَزهري: الرَّحِمُ القَرابة تَجمَع بَني أَب. وَبَيْنَهُمَا رَحِمٌ أَي قَرَابَةٌ قَرِيبَةٌ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ

؛ مَنْ نَصب أَراد وَاتَّقُوا الأَرحامَ أَن تَقْطَعُوهَا، ومَنْ خَفَض أَراد تَساءَلون بِهِ وبالأَرْحام، وَهُوَ قَوْلُكَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ وبالرَّحِمِ. ورَحِمَ السِّقاءُ رَحَماً، فَهُوَ رَحِمٌ: ضَيَّعه أَهلُه بَعْدَ عينَتِهِ فَلَمْ يَدْهُنُوه حَتَّى فَسَدَ فَلَمْ يَلزم الْمَاءُ. والرَّحُوم: الناقةُ الَّتِي تَشْتَكِي رَحِمَها بَعْدَ النِّتاج، وَقَدْ رَحُمَتْ، بِالضَّمِّ، رَحامَةً ورَحِمَتْ، بِالْكَسْرِ، رَحَماً. ومَرْحُوم ورُحَيْم: اسمان.

رخم: أَرْخَمَتِ النَّعامة وَالدَّجَاجَةُ عَلَى بَيْضِهَا ورَخَمَتْ عَلَيْهِ ورَخَمَتْه تَرْخُمُهُ رَخْماً ورَخَماً، وَهِيَ مُرْخِمٌ وراخِمٌ ومُرْخِمَةٌ: حَضَنَتْهُ، ورَخَّمَها أَهلُها: أَلزموها إِياه. وأَلقى عَلَيْهِ رَخْمَتَهُ أَي مَحَبَّتَهُ وَمَوَدَّتَهُ. ورَخَمَتِ المرأَةُ وَلَدَهَا تَرْخُمُهُ وتَرْخَمُهُ رَخْماً: لَاعَبَتْهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: رَخِمَه يَرْخَمُهُ رَخْمةً، وإِنه لراخِمٌ لَهُ. وأَلْقت عَلَيْهِ رَخَمَها ورَخْمتها أَي عَطْفتها؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:

مُدَلَّل يَشْتُمنا ونَرْخَمُهْ،

أَطْيَبُ شيءٍ نَسْمُهُ ومَلْثَمُهْ

وَاسْتَعَارَهُ عَمْرُو ذُو الْكَلْبِ لِلشَّاةِ فَقَالَ:

يَا لَيْتَ شِعْري عَنْكَ، والأَمْرُ عَمَمْ،

مَا فَعَلَ اليومَ أُوَيْسٌ فِي الغَنَمْ؟

صَبَّ لَهَا فِي الرِّيحِ مِرِّيخٌ أَشَمْ؟

فَاجْتَالَ مِنْهَا لَجْبةً ذاتَ هَزَمْ،

حاشِكَةَ الدِّرَّةِ وَرْهاءَ الرَّخَمْ

ص: 233

اجْتَالَ لَجْبةً: أَخذ عَنْزًا ذَهَبَ لَبَنُهَا، وَرْهاء الرَّخَم: رِخْوة كأَنها مَجْنُونَةٌ. والرَّخْمَةُ أَيضاً: قَرِيبٌ مِنَ الرَّحْمَةِ؛ يُقَالُ: وقعتْ عَلَيْهِ رَخْمته أَي مَحَبَّتُهُ ولينُه وَيُقَالُ رَخْمان ورَحْمان؛ قَالَ جَرِيرٌ:

أَوَتَتْركونَ إِلى القَسَّيْنِ هِجْرَتَكُمْ،

ومَسْحَكُمْ صُلْبَهُم رَخْمانَ قُرْبانا «1»

؟ ورَخِمَهُ رَخْمةً: لُغَةٌ فِي رَحِمَهُ رَحْمةً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

كأَنَّها أُمُّ سَاجِي الطَّرْفِ،

أَخْدَرَها مُسْتَوْدَعٌ خَمَرَ الوَعْساءِ، مَرخُومُ

قَالَ الأَصمعي: مَرْخوم أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ رَخْمة أُمه أَي حُبُّهَا لَهُ وأُلْفَتُها إِياه، وَزَعَمَ أَبو زَيْدٍ الأَنصاري أَن مِنْ أَهل الْيَمَنِ مَنْ يَقُولُ رَخِمْتُهُ رَخْمةً بِمَعْنَى رَحِمْتُهُ. وَيُقَالُ: أَلْقى اللَّهُ عَلَيْكَ رَخْمةَ فُلَانٍ أَي عَطْفَهُ وَرِقَّتَهُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: هُوَ راخِمٌ لَهُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَرَةٌ تَرَخَّم صَبيَّها «2» . وَعَلَى صَبِيِّهَا وتَرْخَمُهُ وتَرَبَّخُهُ وتَرَبَّخُ عَلَيْهِ إِذا رَحِمَتْهُ. وارْتَخَمَتِ النَّاقَةُ فَصِيلَهَا إِذا رئِمَتْهُ. والرَّخَمُ: الْمَحَبَّةُ، يُقَالُ: رَخِمَتْهُ أَي عطفتْ عَلَيْهِ. ورخمَتْ بِي الغُرُبُ أَي صاحتْ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

مستودَعٌ خَمَرَ الوَعْساءِ، مَرْخُومُ

والرَّخَمُ: الإِشفاق. والرَّخِيم: الحَسَنُ الْكَلَامِ. والرَّخامةُ: لِينٌ فِي المَنْطِق حُسْنٌ فِي النِّسَاءِ. ورَخَمَ الكلامُ والصوتُ ورَخُمَ رَخامةً، فَهُوَ رَخِيمٌ: لانَ وسَهُلَ. وَفِي حَدِيثِ

مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ: بَلَغَنَا أَن اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ لِدَاوُدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا دَاوُدُ، مَجِّدْني بِذَلِكَ الصَّوْتِ الحسنِ الرَّخِيمِ

؛ هُوَ الرَّقِيقُ الشَّجِيُّ الطيبُ النَّغْمة. وَكَلَامٌ رَخِيمٌ أَي رَقِيقٌ. ورَخُمَتِ الْجَارِيَةُ رَخامَةً، فَهِيَ رَخيمة الصَّوْتِ ورَخِيمٌ إِذا كَانَتْ سَهْلَةَ الْمَنْطِقِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذُرَيْحٍ:

رَبْعاً لواضِحةِ الجَبين غريرةٍ،

كالشمسِ إِذْ طَلَعَتْ، رَخِيمِ المَنْطِقِ

وَقَدْ رَخُمَ كلامُها وَصَوْتُهَا، وَكَذَلِكَ رَخَمَ. يُقَالُ: هِيَ رَخِيمَةُ الصَّوْتِ أَي مَرْخومةُ الصوتِ، يُقَالُ ذَلِكَ للمرأَة والخِشْفِ. والتَّرْخِيمُ: التَّلْيِينُ؛ وَمِنْهُ الترخيمُ فِي الأَسماء لأَنهم إِنما يَحْذِفُونَ أَواخرها ليُسَهِّلُوا النُّطْقَ بِهَا، وَقِيلَ: التَّرْخيم الْحَذْفُ؛ وَمِنْهُ تَرْخيم الِاسْمِ فِي النِّدَاءِ، وَهُوَ أَن يُحْذَفَ مِنْ آخِرِهِ حَرْفٌ أَو أَكثر، كَقَوْلِكَ إِذا نَادَيْتَ حَرِثاً: يا حَرِ، ومالِكاً: يَا مالِ، سُمِّيَ تَرْخيماً لِتَلْيِينِ الْمُنَادِي صَوْتَهُ بِحَذْفِ الْحَرْفِ؛ قَالَ الأَصمعي: أَخَذَ عَنِّي الْخَلِيلُ مَعْنَى الترْخِيم وَذَلِكَ أَنه لَقِيَنِي فَقَالَ لِي: مَا تُسمي الْعَرَبُ السَّهْل مِنَ الْكَلَامِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: الْعَرَبُ تَقُولُ جَارِيَةٌ رَخِيمةٌ إِذا كَانَتْ سَهْلَةَ المَنْطِقِ؛ فَعَمِلَ بَابَ التَّرْخيم عَلَى هَذَا. والرُّخامُ: حَجَرٌ أَبيض سَهْلٌ رِخْوٌ. والرُّخْمَةُ: بَيَاضٌ فِي رأْس الشَّاةِ وغُبْرَةٌ فِي وَجْهِهَا وَسَائِرِهَا أَيّ لَوْنٍ كَانَ، يُقَالُ: شَاةٌ رَخْماءُ، وَيُقَالُ: شَاةٌ رَخْماءُ إِذا ابيضَّ رأْسها واسودَّ سَائِرُ جَسَدِهَا، وَكَذَلِكَ المُخَمَّرة، وَلَا تَقُلْ مُرَخَّمَة. وَفَرَسٌ أَرْخَمُ. والرُّخامى: ضَرب مِنَ الخِلْفة؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ غَبْرَاءُ الخُضْرةِ لَهَا زَهْرة بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، ولها

(1). راجع البيت في مادة رحم

(2)

. قوله [ترخم صبيها إلخ] كذا ضبط في نسخة من التهذيب

ص: 234

عِرْقٌ أَبيض تَحْفُرُهُ الحُمُرُ بِحَوَافِرِهَا، وَالْوَحْشُ كُلُّهُ يأْكل ذَلِكَ العِرْقَ لِحَلَاوَتِهِ وَطِيبِهِ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الرُّواةِ تَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ وَهِيَ مِنَ الجَنْبَةِ؛ قَالَ عَبِيد:

أَو شَبَبٌ يَحْفِرُ الرُّخامى

تَلُفُّهُ شَمْأَلٌ هَبُوبُ «1»

. والرُّخاءُ: الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ، وَهِيَ الرُّخامى أَيضاً. والرُّخامى: نَبْتٌ تَجذُبه السَّائِمَةُ، وَهِيَ بَقْلة غَبْرَاءُ تَضْرِبُ إِلى الْبَيَاضِ، وَهِيَ حُلْوَةٌ لَهَا أَصل أَبيض كأَنه العُنْقُرُ، إِذا انْتُزِعَ حَلَب لَبَنًا، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ مِثْلَ الضَّالِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

تَعاطى فِراخَ المَكْرِ طَوْراً، وَتَارَةً

تُثِيرُ رُخاماها وتَعْلَقُ ضالَها

وَقَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ فِي الرُّخامى، وَهُوَ نَبْتٌ، يَصِفُ فَرَسًا:

إِذا نَحْنُ قُدْناه تَأَوَّدَ مَتْنُهُ،

كعِرق الرُّخامى اللَّدْنِ فِي الهَطَلانِ

وَقَالَ مُضَرِّسٌ:

أُصُولُ الرُّخامى لَا يُفَزَّعُ طائِرُه

. والرُّخامَةُ، بِالْهَاءِ: نَبْتٌ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. ابْنُ الأَعرابي: والرَّخَمُ اللَّبَنُ الْغَلِيظُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الرُّخُمُ كُتَلُ اللِّبإِ. والرَّخَمَةُ: طَائِرٌ أَبقع عَلَى شَكْلِ النَّسْر خِلْقةً إِلا أَنه مُبَقَّعٌ بِسَوَادٍ وَبَيَاضٍ يُقَالُ لَهُ الأَنُوقُ، وَالْجَمْعُ رَخَمٌ ورُخْمٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

فلَعَمْرُ جَدِّك ذي العَواقِب حَتَّى

انْتَ عِنْدَ جوالِبِ الرُّخْمِ

ولعَمْرُ عَرْفِكَ ذِي الصُّماحِ، كَمَا

عَصَبَ السِّفارُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ

وخصَّ اللِّحْيَانِيُّ بالرَّخَمِ الْكَثِيرَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا إِلَّا أَن يَعْنِيَ الْجِنْسَ؛ قَالَ الأَعشى:

يَا رُخَماً قاظَ عَلَى مَطْلُوبِ،

يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ المُطِيبِ

وَفِي حَدِيثِ

الشَّعْبِيِّ: وَذَكَرَ الرَّافِضَةَ فَقَالَ لَوْ كَانُوا مِنَ الطَّيْرِ لَكَانُوا رَخَماً

؛ الرَّخَمُ: نَوْعٌ مِنَ الطَّيْرِ، وَاحِدَتُهُ رَخَمةٌ، وَهُوَ مَوْصُوفٌ بالغَدْر والمُوقِ، وَقِيلَ بالقَذَر؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَخِمَ السّقاءُ إِذا أَنْتن. واليَرْخُوم: ذَكَرُ الرَّخَمِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَمَا أَدري أَيُّ تُرْخَمٍ هُوَ، وَقَدْ تُضَمُّ الْخَاءُ مَعَ التَّاءِ، وَقَدْ تُفْتَحُ التَّاءُ وَتُضَمُّ الْخَاءُ، أَي أَيُّ النَّاسِ هُوَ، مِثْلَ جُنْدَبٍ وجُنْدُبٍ وطُحْلَبٍ وطُحْلُبٍ وعُنْصَرٍ وعُنصُرٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تُرْخُمٌ تُفْعُلٌ مِثْلَ تُرْتُبٍ، وتُرْخَمٌ مِثْلَ تُرْتَبٍ. ورَخْمانُ: مَوْضِعٌ. ورَخْمانُ: اسْمُ غارٍ بِبِلَادِ هُذَيلٍ فِيهِ رُمِي تأبَّطَ شَرًّا بَعْدَ قَتْلِهِ؛ قَالَتْ أُخته تَرْثِيهِ «2» .

نِعْمَ الْفَتَى غادَرْتُمُ بِرَخْمانْ،

بثابِتِ بْنِ جابِرِ بْنِ سُفْيانْ،

مَنْ يَقتل القِرن ويَرْوي النَّدْمانْ

وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ شِعْب الرَّخَمِ بِمَكَّةَ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى. وتُرْخُمٌ: حَيٌّ مِنْ حِمْيَر؛ قَالَ الأَعشى:

عَجِبتُ لآلِ الحُرْقَتَينِ، كأَنَّما

رَأَوْني نَقِيّاً من إِيادٍ وتُرْخُمِ

(1). في قصيدة عبيد: يرتعي بدل يحفر

(2)

. قوله [أُخته ترثيه] كذا في الأَصل، والذي في التكملة للصاغاني ومعجم ياقوت: أُمه

ص: 235

ورُخامٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

بمَشارِقِ الجَبَلَيْنِ، أَو بمُحَجَّرٍ،

فتَضَمَّنَتْها فَرْدَةٌ فَرُخامُها

ردم: الرَّدْمُ: سَدُّكَ بَابًا كُلُّهُ أَو ثُلْمَةً أَو مَدْخَلًا أَو نَحْوُ ذَلِكَ. يُقَالُ: رَدَمَ البابَ والثُّلْمَةَ ونحوَهما يَرْدِمُهُ، بِالْكَسْرِ، رَدْماً سدَّه، وَقِيلَ: الرَّدْم أَكثر مِنَ السَّدّ، لأَن الرَّدْمَ مَا جُعِلَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَالِاسْمُ الرَّدْمُ وَجَمْعُهُ رُدُومٌ. والرَّدْمُ: السَّدُّ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ يَأْجوج ومَأْجوج. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً

. وَفِي الْحَدِيثِ:

فُتِح اليومَ مِنْ رَدْمِ يأْجوج ومأْجوج مثلُ هَذِهِ، وعَقَدَ بِيَدِهِ تِسْعِينَ

، مِنْ رَدَمْتُ الثُّلْمَة رَدْماً إِذا سَددتها، وَالِاسْمُ وَالْمَصْدَرُ سَوَاءٌ؛ الرَّدْمُ وعَقْدُ التِّسْعِينَ: مِنْ مُواضَعات الحُسّاب، وَهُوَ أَن يَجْعَلَ رأَس الإِصبع السَّبابة فِي أَصل الإِبهام وَيَضُمُّهَا حَتَّى لَا يَبين بَيْنَهُمَا إِلا خَلَلٌ يَسِيرٌ. والرَّدْمُ: مَا يَسْقُطُ مِنَ الْجِدَارِ إِذا انْهَدَمَ. وَكُلُّ مَا لُفِقَ بعضُه بِبَعْضٍ فَقَدْ رُدِمَ. والرَّدِيمةُ: ثَوْبَانِ يُخَاطُ بَعْضُهُمَا بِبَعْضٍ نَحْوَ اللِّفاق وَهِيَ الرُّدُومُ، عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الْهَاءِ. والرَّدِيمُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ. وَثَوْبٌ رَدِيمٌ: خَلَقٌ، وَثِيَابٌ رُدُمٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ الْهُذَلِيُّ:

يُذْرِينَ دَمْعاً عَلَى الأَشْفارِ مُبْتَدِراً،

يَرْفُلْنَ بَعْدَ ثِيابِ الخالِ فِي الرُّدُمِ

ورَدَمْتُ الثَّوْبَ ورَدَّمْتُه تَرْدِيماً، وَهُوَ ثَوْبٌ رَديمٌ ومُرَدَّمٌ أَي مُرَقَّعٌ. وتَرَدَّمَ الثوبُ أَي أَخْلَقَ واسْتَرْقَعَ فَهُوَ مُتَرَدِّمٌ. والمُتَرَدَّمُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُرَقَّعُ. وَيُقَالُ: تَرَدَّمَ الرجلُ ثَوْبَهُ أَي رَقَّعَهُ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. ابْنُ سِيدَهْ: ثَوْبٌ مُرَدَّمٌ ومُرْتَدَمٌ ومُتَرَدَّمٌ ومُلَدَّمٌ خَلَقٌ مُرَقَّعٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:

هَلْ غادَرَ الشُّعَراءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ،

أَم هَلْ عَرَفْتَ الدارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ؟

مَعْنَاهُ أَي مُسْتَصْلَحٍ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَي مِنْ كَلَامٍ يَلْصَقُ بعضُه بِبَعْضٍ ويُلَبَّق أَي قَدْ سَبَقُونَا إِلى الْقَوْلِ فَلَمْ يَدَعُوا مَقَالًا لِقَائِلٍ. وَيُقَالُ: صِرتُ بَعْدَ الوَشْي والخَزِّ فِي رُدُمٍ، وَهِيَ الخُلْقان، بِالدَّالِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: الأَرْدَمُ المَلَّاحُ، وَالْجَمْعُ الأَرْدمون؛ وأَنشد فِي صِفَةِ نَاقَةٍ:

وتَهْفُو بهادٍ لَهَا مَيْلَعٍ،

كَمَا أَقحَمَ القادِسَ الأَرْدَمُونا

المَيْلَعُ: الْمُضْطَرِبُ هَكَذَا وَهَكَذَا، والمَيْلَعُ: الْخَفِيفُ. وتَرَدَّمَتِ الناقةُ: عَطَفَتْ عَلَى وَلَدِهَا. والرَّدِيمُ: لَقَب رَجُلٌ مِنْ فُرْسان الْعَرَبِ، سُمِّي بِذَلِكَ لِعِظَمِ خَلقِه، وَكَانَ إِذا وَقَفَ مَوْقِفاً رَدَمَهُ فَلَمْ يُجَاوِزْ. وتَرَدَّمَ القومُ الأَرض: أَكلوا مَرْتَعَها مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. وأَرْدَمَتْ عَلَيْهِ الحُمَّى، وَهِيَ مُرْدِمٌ: دَامَتْ وَلَمْ تُفَارِقْهُ. وأَرْدَمَ عَلَيْهِ المرضُ: لَزِمَهُ. وَيُقَالُ: وِرْدٌ مُرْدِمٌ وَسَحَابٌ مُرْدِمٌ. ورَدَمَ البعيرُ وَالْحِمَارُ يَرْدُمُ رَدْماً: ضَرطَ، وَالِاسْمُ الرُّدامُ، بِالضَّمِّ، وَقِيلَ: الرَّدْمُ الضُّراط عامَّةً. ورَدَمَ بِهَا رَدْماً: ضَرطَ. الْجَوْهَرِيُّ: رَدَمَ يَرْدُمُ، بِالضَّمِّ، رُداماً. والرَّدْمُ: الصَّوْتُ، وَخَصَّ بِهِ بَعْضُهُمْ صَوْتَ القَوْس. ورَدَمَ الْقَوْسَ: صَوَّتها بالإِنْباض؛ قَالَ صَخْر الغَيّ يَصِفُ قَوْسًا:

ص: 236

كأنَّ أُزْبِيَّها إِذا رُدِمَتْ،

هَزْمُ بُغاةٍ فِي إِثْرِ مَا فَقَدُوا

رُدِمَتْ: صُوّتت بالإِنْباض، وَفِي التَّهْذِيبِ: رُدِمَتْ أُنْبض عَنْهَا، والهَزْمُ: الصَّوْتُ. قَالَ الأَزهري: كَأَنَّهُ مأْخوذ مِنَ الرُّدامِ، وَهُوَ الضُّرَاطُ. وَرَجُلٌ رَدْمٌ ورُدامٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ. ورَدَمَ الشيءُ يَرْدُمُ رَدْماً: سَالَ؛ هَذِهِ عَنْ كُرَاعٍ، وَرِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ وَثَعْلَبٍ: رَذَمَ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. والرَّدْمُ: مَوْضِعٌ بِتِهَامَةَ؛ قَالَ أَبو خِراش:

فَكَلّا ورَبِّي لَا تَعُودِي لِمِثْلِهِ،

عَشِيّةَ لاقَتْهُ المَنِيّةُ بالرَّدْمِ

حَذَفَ النُّونِ الَّتِي هِيَ عَلَامَةُ رَفْعِ الْفِعْلِ فِي قَوْلِهِ تَعُودي لِلضَّرُورَةِ؛ وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:

أَبيتُ أَسْرِي، وتَبِيتي تَدْلُكي

جِسْمَكِ بالجادِيِّ والمِسْكِ الذَّكِيِّ

وَلَهُ نَظَائِرُ، وَنَصَبَ عَشِيَّةً عَلَى الْمَصْدَرِ، أَراد عَوْدَ عشيةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَن تَنْتَصِبَ عَلَى الظَّرْفِ لِتَدَافُعِ اجْتِمَاعِ الِاسْتِقْبَالِ وَالْمُضِيِّ، لأَن تَعُودِي آتٍ وَعَشِيَّةَ لاقَتْهُ مَاضٍ؛ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ جِنِّي. ورَدْمان: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ باليمن.

رذم: رَذَمَ أَنفُه يَرْذُمُ ويَرْذِمُ رَذْماً ورَذَماناً: قَطَرَ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:

مَا ليَ مِنْهَا، إِذا مَا أَزْمَةٌ أَزَمَتْ،

وَمِنْ أُوَيْسٍ، إِذا مَا أَنْفُهُ رَذَما

وَنَاقَةٌ راذِمٌ إِذا دَفَعَتْ بِاللَّبَنِ. والرَّذُومُ: السَّائِلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وقَصعة رَذُومٌ: مَلأَى تُصَبَّبُ جوانبُها حَتَّى إِن جَوَانِبَهَا لتَنْدى أَو كَأَنَّهَا تَسيلُ دَسَماً لِامْتِلَائِهَا، وَالْجَمْعُ رُذُمٌ؛ قَالَ أُمَيَّة بْنُ أَبي الصَّلْتِ يَمْدَحُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُذْعانَ:

لَهُ داعٍ بِمَكَّةَ مُشْمَعِلٌّ،

وآخرُ فَوْقَ دارَتِه يُنَادِي

إِلى رُذُمٍ مِنَ الشِّيزَى مِلاءٍ

لُبابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ

الْجَوْهَرِيُّ: وجِفانٌ رُذُمُ ورَذَمٌ مِثْلَ عَمُودٍ وعُمُدٍ وعَمَدٍ، وَلَا تَقُلْ رِذَمٌ، وَقَدْ رَذِمَتْ تَرْذَمُ رَذَماً وأَرْذَمَتْ، قَالَ: وَقَلَّمَا يُسْتَعْمَلُ إِلا بِفِعْلٍ مُجَاوِزٍ مِثْلَ أَرْذَمَتْ؛ وَقَوْلُهُ:

أَعني ابنَ لَيْلى عبدَ العزيزِ بِبابِ

الْيُونِ تَغْدُو جِفانُه رَذَما

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا رَوَاهُ الأَصمعي، سَمَّاهَا بِالْمَصْدَرِ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ رُذُماً جَمْعُ رَذُوم. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الرَّذُوم القَطُور مِنَ الدَّسَم، وَقَدْ رَذَمَ يَرْذِمُ إِذا سَالَ. الْجَوْهَرِيُّ: رَذَمَ الشيءُ سَالَ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ. وَفِي حَدِيثُ

عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: فِي قُدور رَذِمة

أَي مُتَصَبِّبة مِنَ الامْتلاء. والرَّذْمُ: القَطر والسَّيلان. وجَفْنة رَذوم وجِفان رُذُم: كَأَنَّهَا تَسِيلُ دَسَمًا لِامْتِلَائِهَا. وَفِي حَدِيثِ

عَطَاءٍ فِي الْكَيْلِ: لَا دَقَّ وَلَا رَذْم وَلَا زَلْزَلَة

؛ هُوَ أَن يملأَ المِكيال حَتَّى يجاوِز رأْسه. وكِسْر رَذُوم: يَسِيلُ وَدَكُه؛ قَالَ:

وعاذِلةٍ هَبَّت بَليلٍ تَلُومُني،

وَفِي كفِّها كِسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ

الأَبحُّ: الْعَظِيمُ الْمُمْتَلِئُ مِنَ المُخّ، وَالْجَفْنَةُ إِذا مُلِئَتْ شَحماً وَلَحْمًا فَهِيَ جَفنة رَذُوم، وجِفان رُذُم. ابْنُ

ص: 237

الأَعرابي: الرُّذُم الْجِفَانُ الملأَى، والرُّذُم الأَعضاء المُمِخَّة؛ وأَنشد غَيْرُهُ:

لَا يَمْلَأُ الدلْوَ صُبابات الوَذَمْ،

إِلّا سِجالٌ رَذَمٌ عَلَى رَذَمْ

قَالَ اللَّيْثُ: الرَّذَم هَاهُنَا الِامْتِلَاءُ، والرَّذَم الِاسْمُ، والرَّذْم الْمَصْدَرُ، والرَّذْم والرُّذام الفَسْلُ. وأَرْذم على الخمسين: زاد.

رزم: الرَّزَمَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: ضَرْبٌ مِنْ حَنين النَّاقَةِ عَلَى وَلَدِهَا حِينَ تَرْأَمُه، وَقِيلَ: هُوَ دُونَ الْحَنِينِ وَالْحَنِينُ أَشد مِنَ الرَّزَمَة. وَفِي الْمَثَلِ: لَا خَيْرَ فِي رَزَمَةٍ لَا دِرّةَ فِيهَا؛ ضُرِبَ مَثَلًا لِمَنْ يُظهر مودَّة وَلَا يُحَقِّقُ، وَقِيلَ: لَا جَدْوَى مَعَهَا، وَقَدْ أَرْزَمت عَلَى وَلَدِهَا؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الحَذْلميّ يَصِفُ الإِبل:

تُبينُ طِيبَ النفْسِ فِي إِرْزامها

يَقُولُ: تُبِينُ فِي حَنينها أَنها طَيِّبَةُ النَّفْسِ فَرِحة. وأَرْزَمت الشَّاةُ عَلَى ولَدها: حنَّت. وأَرْزَمت النَّاقَةُ إِرزاماً، وَهُوَ صَوْتٌ تُخْرِجُهُ مِنْ حَلْقها لَا تَفْتَحُ بِهِ فَاهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن نَاقَتَهُ تَلَحْلَحَتْ وأَرْزمت

أَي صوَّتت. والإِرْزامُ: الصَّوْتُ لَا يُفْتَحُ بِهِ الْفَمُ، وَقِيلَ فِي الْمَثَلِ: رَزَمَةٌ وَلَا دِرَّةٌ؛ قَالَ: يُضرب لِمَنْ يَعِد وَلَا يَفِي، وَيُقَالُ: لَا أَفْعل ذَلِكَ مَا أَرْزمت أُم حَائِلٍ. ورَزَمَةُ الصَّبِيِّ: صَوْتُهُ. وأَرْزَمَ الرَّعد: اشْتَدَّ صَوْتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ صَوْتٌ غَيْرُ شَدِيدٍ، وأَصله مِنْ إِرزام النَّاقَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّزَمة الصَّوْتُ الشديدُ. وَرَزَمَةُ السِّبَاعِ: أَصواتها. والرَّزِيم: الزَّئير؛ قَالَ:

لِأُسُودهنّ عَلَى الطَّرِيقِ رَزِيم

وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:

تركُوا عِمرانَ مُنْجَدِلًا،

لِلسِّبَاعِ حَوْله رَزَمَهْ

والإِرْزامُ: صَوْتُ الرَّعْدِ؛ وأَنشد:

وعَشِيَّة مُتَجاوِب إِرْزامُها «3»

. شبَّه رَزَمَة الرَّعْد بِرَزمة النَّاقَةِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: المِرْزَم مِنَ الْغَيْثِ وَالسَّحَابِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ رعدُه، وَهُوَ الرَّزِم أَيضاً عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ تَرْثِي أَخاها:

جَادَ على قبرك غَيْثٌ

مِن سَماء رَزِمَهْ

وأَرزمت الريحُ فِي جَوْفِهِ كَذَلِكَ. ورَزَمَ البعيرُ يَرْزِمُ ويَرْزُمُ رُزاماً ورُزُوماً: سَقَطَ مِنْ جُوعٍ أَو مَرَضٍ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَزَم البعيرُ والرجلُ وَغَيْرُهُمَا يَرْزُمُ رُزُوماً ورُزاماً إِذا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّهُوضِ رَزاحاً وهُزالًا. وَقَالَ مُرَّةً: الرَّازم الَّذِي قَدْ سَقَطَ فَلَا يَقدِر أَن يَتَحَرَّكَ مِنْ مَكَانِهِ؛ قَالَ: وَقِيلَ لِابْنَةِ الخُسّ: هَلْ يُفلح الْبَازِلُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَهُوَ رازِم؛ الْجَوْهَرِيُّ: الرَّازِم مِنَ الإِبل الثَّابِتُ عَلَى الأَرض الَّذِي لَا يَقُومُ مِنْ الهُزال. ورزَمت النَّاقَةُ تَرْزُمُ وتَرْزِمُ رُزُوماً ورُزاماً، بِالضَّمِّ: قَامَتْ مِنَ الإِعياء والهُزال فَلَمْ تَتَحَرَّكْ، فَهِيَ رازِم، وَفِي حَدِيثِ

سُلَيْمَانَ بْنَ يَسار: وَكَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ رازمٍ

أَي لَا تَتَحَرَّكُ مِنَ الهُزال. وَنَاقَةٌ رَازِمٌ: ذَاتُ رُزام كامرأَة حَائِضٍ. وَفِي حَدِيثِ

خُزَيْمَةَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ: تَرَكَتِ الْمُخَّ رِزاماً

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: إِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَتَكُونُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، تَقْدِيرُهُ: تَرَكَتْ ذَوَاتَ المُخِ

(3). هذا البيت من معلقة لبيد وصدره: مِنْ كُلِّ سَارِيَةٍ، وغادٍ مُدجنٍ

ص: 238

رِزاماً، وَيَكُونُ رِزاماً جَمْعَ رازِمٍ، وإِبل رَزْمَى. ورَزَمَ الرَّجُلُ عَلَى قِرْنه إِذا بَرك عَلَيْهِ. وأَسد رَزامَة ورَزامٌ ورُزَمٌ: يَبْرُك عَلَى فَرِيسته؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَية:

يخْشَى عَلَيْهِمْ مِنَ الأَمْلاك نابِخَةً

مِنَ النَّوابِخِ، مِثْل الحادِرِ الرُّزَمِ

قَالُوا: أَراد الْفِيلَ، والحادِرُ الْغَلِيظُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شَعَرِهِ الخادرُ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ الأَسد فِي خِدْرِهِ، والنَّابِخَة: المُتَجَبِّرُ، والرُّزَم: الَّذِي قَدْ رَزَم مَكَانَهُ، وَالضَّمِيرُ فِي يَخْشَى يَعُودُ عَلَى ابْنِ جُعْشُم فِي الْبَيْتِ قَبْلَهُ، وَهُوَ:

يُهْدِي ابنُ جُعْشُمَ للأَنباء نَحْوَهُمُ،

لَا مُنْتَأَى عَنْ حِياضِ الْمَوْتِ والحُمَمِ

والأَسد يُدْعى رُزَماً لأَنه يَرْزِم عَلَى فَرِيسَتِهِ. وَيُقَالُ لِلثَّابِتِ الْقَائِمِ عَلَى الأَرض: رُزَم، مِثَالُ هُبَعٍ. وَيُقَالُ: رجلٌ مُرْزِم لِلثَّابِتِ عَلَى الأَرض. والرِّزامُ مِنَ الرِّجَالِ «1» . الصَّعْب المُتَشدِّد؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

أَيا بَني عَبْدِ مَناف الرِّزام،

أَنتم حُماةٌ وأَبوكمُ حَامِ

لَا تُسلموني لَا يَحلُّ إِسْلام،

لَا تَمْنَعُوني فضلكمْ بعدَ الْعَامِ

وَيُرْوَى الرُّزَّام جَمْعُ رازِم. اللَّيْثُ: الرِّزْمة مِنَ الثِّيَابِ مَا شُدَّ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وأَصله فِي الإِبل إِذا رَعَتْ يَوْمًا خُلَّةً وَيَوْمًا حَمْضاً. قَالَ ابْنُ الأَنباري: الرِّزْمَة فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّتِي فِيهَا ضُروب مِنَ الثِّيَابِ وأَخلاط، مِنْ قَوْلِهِمْ رازَمَ فِي أَكله إِذا خَلَط بَعْضًا بِبَعْضٍ. والرِّزمة: الكارةُ مِنَ الثِّيَابِ. وَقَدْ رَزَّمتها تَرْزِيماً إِذا شَدَدْتُهَا رِزَماً. ورَزَمَ الشَّيْءَ يَرْزِمه ويَرْزُمه رَزْماً ورَزَّمه: جَمَعَهُ فِي ثَوْبٍ، وَهِيَ الرِّزْمة أَيضاً لِمَا بَقِيَ فِي الجُلَّةِ مِنَ التَّمْرِ، يَكُونُ نِصْفَهَا أَو ثُلُثَهَا أَو نَحْوَ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: أَنه أَعطى رَجُلًا جَزائرَ وَجَعَلَ غرائرَ عَلَيْهِنَّ فِيهِنَّ مِنْ رِزَمٍ مِنْ دَقِيقٍ

؛ قَالَ شَمِرٌ: الرِّزْمة قَدَرُ ثُلُثِ الغِرارة أَو رُبُعُهَا مِنْ تَمْرٍ أَو دَقِيقٍ؛ قَالَ زبد بْنُ كَثْوة: القَوْسُ قَدْرُ رُبُعِ الجُلَّة مِنَ التَّمْرِ، قَالَ: وَمِثْلُهَا الرِّزْمة. ورازَمَ بَيْنَ ضَرْبين مِنَ الطَّعَامِ، ورازَمت الإِبلُ العامَ: رَعَتْ حَمْضاً مرَّة وخُلّة مَرَّةً أُخرى؛ قَالَ الرَّاعِي يُخَاطِبُ نَاقَتَهُ:

كُلي الحَمْضَ، عامَ المُقْحِمِينَ، ورازِمي

إِلى قابلٍ، ثُمَّ اعْذِري بعدَ قابِل

مَعْنَى قَوْلِهِ ثُمَّ اعْذِري بَعْدَ قَابِلِ أَي أَنْتَجع عَلَيْكِ بَعْدَ قَابِلٍ فَلَا يَكُونُ لَكِ مَا تأْكلين، وَقِيلَ: اعْذِري إِن لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ كلأٌ، يَهْزَأُ بِنَاقَتِهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَقِيلَ رازَمَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأَكل وَغَيْرِهِ. ورازَمَتِ الإِبل إِذا خَلَطَت بَيْنَ مَرْعَيَيْن.

وَقَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم: رازِمُوا بَيْنَ طَعَامِكُمْ

؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ اذْكُرُوا اللَّهَ بَيْنَ كُلِّ لُقْمَتَيْنِ.

وَسُئِلَ ابْنُ الأَعرابي عَنْ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ إِذا أَكلتم فرازِمُوا

، قَالَ: المُرازَمة المُلازَمة وَالْمُخَالَطَةُ، يُرِيدُ مُوالاة الْحَمْدِ، قَالَ: مَعْنَاهُ اخْلطوا الأَكل بِالشُّكْرِ وَقُولُوا بَيْنَ اللُّقم الْحَمْدُ لِلَّهِ؛ وَقِيلَ: الْمُرَازَمَةُ أَن تأْكل اللَّيِّنَ وَالْيَابِسَ والحامضَ والحُلو والجَشِب

(1). قوله [والرزام من الرجال] مضبوط في القاموس ككتاب، وفي التكملة كغراب

ص: 239

والمَأْدُوم، فَكَأَنَّهُ قَالَ: كُلُوا سَائِغًا مَعَ جَشب غَيْرِ سَائِغٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد اخْلِطُوا أَكلكم ليِّناً مَعَ خَشِن وَسَائِغًا مَعَ جَشِب، وَقِيلَ: المُرازمة فِي الأَكل الْمُعَاقَبَةُ، وَهُوَ أَن يأْكل يَوْمًا لَحْمًا، وَيَوْمًا لَبَناً، وَيَوْمًا تَمْرًا، وَيَوْمًا خُبْزًا قَفاراً. والمُرازَمَةُ فِي الأَكل: المُوالاة كَمَا يُرازِمُ الرَّجُلُ بَيْنَ الجَراد وَالتَّمْرِ. ورازَمَ الْقَوْمُ دارَهُمْ: أَطالوا الإِقامة فِيهَا. ورَزَّمَ القومُ تَرْزيماً إِذا ضَرَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ لَا يَبْرَحون؛ قَالَ أَبو المُثَلَّمِ:

مَصاليتُ فِي يَوْمِ الهِياجِ مَطاعمٌ،

مَضاريبُ فِي جَنْبِ الفِئامِ المُرَزِّمِ «1»

. قَالَ: المُرَزِّمُ الحَذِرُ الَّذِي قَدْ جَرَّب الأَشياء يَتَرَزَّمُ فِي الأَمور وَلَا يَثْبُتُ عَلَى أَمر وَاحِدٍ لأَنه حَذِرٌ. وأَكل الرَّزْمَةَ أَي الوَجْبَة. ورَزَمَ الشتاءُ رَزْمَة شَدِيدَةً: بَرَدَ، فَهُوَ رازِمٌ، وَبِهِ سُمِّي نَوْءُ المِرْزَمِ. أَبو عُبَيْدٍ: المُرْزَئِمُّ المُقْشَعِرّ الْمُجْتَمِعُ، الرَّاءُ قَبْلَ الزَّايِ، قَالَ: الصَّوَابُ المُزْرَئِمُّ، الزَّايُ قَبْلَ الراي، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَبَلة، وشك أَبو زيد في المقّشَعِرِّ المجتمع أَنه مزْرَئمٌّ أَو مُرْزَئمّ. والمِرْزَمان: نَجْمَانِ مِنْ نُجُومِ الْمَطَرِ، وَقَدْ يُفْرَدُ؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:

أَعْدَدْتُ، للمِرْزَم والذِّراعَيْن،

فَرْواً عُكاظِيّاً وأَيَّ خُفَّيْن

أَراد: وخُفَّيْنِ أَيَّ خُفَّيْنِ؛ قَالَ ابْنُ كُناسَةَ: المِرْزَمان نَجْمَانِ وَهَمَا مَعَ الشِّعْرَيَيْنِ، فالذِّراعُ الْمَقْبُوضَةُ هِيَ إِحدى المرْزَمَيْن، وَنَظْمُ الجَوْزاء أَحَدُ المِرْزَمَيْنِ، وَنَظْمُهُمَا كَوَاكِبُ مَعَهُمَا فَهُمَا مِرْزَما الشِّعْرَيينِ، والشِّعْرَيان نَجْمَاهُمَا اللَّذَانِ مَعَهُمَا الذِّرَاعَانِ يَكُونَانِ مَعَهُمَا. الْجَوْهَرِيُّ: والمِرْزَمان مِرْزَما الشِّعْرَيين، وَهُمَا نَجْمَانِ: أَحدهما فِي الشِّعْرى، وَالْآخُرُ فِي الذِّرَاعِ. وَمِنْ أَسماء الشَّمَالِ أُم مِرْزَمٍ، مأْخوذ مِنْ رَزَمَةِ النَّاقَةِ وَهُوَ حَنينها إِلى وَلَدِهَا. وارْزامَّ الرجلُ ارْزِيماماً إِذا غَضِبَ. ورِزامٌ: أَبو حَيٍّ مِنْ تَمِيمٍ وَهُوَ رِزامُ بْنَ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ؛ وَقَالَ الْحُصَيْنُ بْنُ الحُمَام المُرِّيّ:

وَلَوْلَا رجالٌ، مِنْ رِزامٍ، أَعِزَّةٌ

وآلُ سُبَيْعٍ أَو أَسُوءَكَ عَلْقَما

أَراد: أَو أَنْ أَسوءَك يَا عَلْقَمةُ. ورُزَيْمَةُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ:

أَلا طَرَقَتْ رُزَيْمةُ بَعْدَ وَهْنٍ،

تَخَطَّى هَوْلَ أَنْمارٍ وأُسدِ

وأَبو رُزْمَةَ وأُمّ مِرْزَمٍ: الرِّيحُ؛ قَالَ صَخْرُ الغَيّ يُعَيِّرُ أَبا المُثَلَّم ببَرْدِ مَحَلِّهِ:

كَأَنِّي أَراه بالحَلاءَة شَاتِيًا

يُقَشِّرُ أَعلى أَنفه أُمُّ مِرْزَمِ

قَالَ: يَعْنِي رِيحَ الشَّمال، وَذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ أَنه الرِّيحُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بشَمال وَلَا غَيْرِهِ، والحَلاءة: مَوْضِعٌ. ورَزْمٌ: مَوْضِعٌ؛ وَقَوْلُهُ:

وخافَتْ مِنْ جبالِ السُّغْدِ نَفْسي،

وخافتْ مِنْ جِبَالِ خُوارِ رَزْمِ

(1). قوله [المرزم] كذا هو مضبوط في الأصل والتكملة كمحدث، وضبطه شارح القاموس كمعظم

ص: 240

قِيلَ: إِن خُواراً مُضَافٌ إِلى رَزْمٍ، وَقِيلَ: أَراد خُوارِزْم فَزَادَ رَاءً لإِقامة الْوَزْنِ. وَفِي تَرْجَمَةِ هَزَمَ: المِهْزامُ عَصًا قَصِيرَةٌ، وَهِيَ المِرزام؛ وأَنشد:

فشامَ فِيهَا مِثْلَ مِهْزام العَصا

أَو الْغَضَا، وَيُرْوَى: مِثْلَ مِرْزام.

رسم: الرَّسْمُ: الأَثَرُ، وَقِيلَ: بَقِيَّةُ الأَثَر، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَيْسَ لَهُ شَخْصٌ مِنَ الْآثَارِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَصِقَ بالأَرض مِنْهَا. ورَسْمُ الدَّارِ: مَا كَانَ مِنْ آثَارِهَا لَاصِقًا بالأَرض، وَالْجَمْعُ أَرْسُمٌ ورُسومٌ. ورَسَمَ الْغَيْثُ الدَّارَ: عَفّاها وأَبقى فِيهَا أَثراً لَاصِقًا بالأَرض؛ قَالَ الحُطَيئَةُ:

أَمِنْ رَسْم دارٍ مُرْبِعٌ ومُصِيفُ،

لعَينيك من ماءِ الشُّؤُون وكِيفُ؟

رَفَعَ مُرْبِعاً بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ رَسْمٌ، أَراد: أَمن أَن رَسَمَ مُرْبِعٌ ومُصيفٌ دَارًا. وتَرَسَّمَ الرَّسْمَ: نَظَرَ إِليه. وتَرَسَّمْتُ أَي نَظَرَتْ إِلى رُسُوم الدَّارِ. وتَرَسَّمْتُ الْمَنْزِلَ: تَأَمَّلْتُ رَسْمَهُ وتَفَرَّسْتُهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

أَأَنْ تَرَسَّمْتَ مِنْ خَرْقاء مَنْزِلَةً

ماءُ الصَّبابةِ، مِنْ عَيْنَيْك، مَسْجُومُ؟

وَكَذَلِكَ إِذا نَظَرْتَ وتفرسْت أَين تَحْفِرُ أَو تَبْنِي؛ وَقَالَ:

اللَّهُ أَسْقاك بِآلِ الجَبّار

تَرَسُّم الشَّيْخِ وضَرْب المِنْقار

والرَّوْسَمُ: كالرَّسْمِ؛ وأَنشد ابْنَ بَرِّيٍّ للأَخْطل:

أَتَعْرِفُ مِنْ أَسْماءَ بالجُدِّ رَوْسَما

مُحِيلًا، ونُؤْياً دارِساً مُتَهَدِّما؟

والرَّوْسَمُ: خَشَبَةٌ فِيهَا كِتَابٌ مَنْقُوشٌ يُخْتَمُ بِهَا الطعامُ، وَهُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيضاً. وَيُقَالُ: الرَّوْسَمُ شَيْءٌ تُجْلَى بِهِ الدَّنَانِيرُ؛ قَالَ كثيِّر:

مِنَ النَّفَرِ البِيضِ الَّذِينَ وُجُوهُهُمْ

دَنانيرُ شِيفَتْ، مِنْ هِرَقْلٍ، برَوْسَمِ

ابْنُ سِيدَهْ: الرَّوْسَمُ الطابَعُ، وَالشِّينُ لُغَةٌ، قَالَ: وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الطابَعَ الَّذِي يُطْبَعُ بِهِ رأَس الْخَابِيَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ: قُرْحة برَوْسَمِ أَي بِوَجْهِ الْفَرَسِ. وإِن عَلَيْهِ لرَوْسَماً أَي عَلَامَةَ حسنٍ أَو قُبح؛ قَالَهُ خَالِدُ بْنُ جَبَلَةَ، وَالْجَمْعُ الرَّواسِمُ والرَّواسِيمُ؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ عَرَّاماً يَقُولُ هُوَ الرَّسْمُ والرَّشْمُ للأَثر. ورَسَمَ عَلَى كَذَا ورَشَمَ إِذا كَتَبَ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلَّذِي يُطْبَعُ بِهِ رَوْسَمٌ ورَوْشَمٌ وراسُوم وراشُوم مِثْلَ رَوْسَمِ الأَكْداسِ ورَوْسَم الأَمير؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

ودِمْنة هَيَّجَتْ شَوْقي مَعالِمُها،

كأَنها بالهِدَمْلاتِ الرَّواسِيمُ

والرَّواسيم: كُتب كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، والهِدَمْلاتُ: رِمال مَعْرُوفَةٌ بِنَاحِيَةِ الدَّهناء؛ وَنَاقَةٌ رَسُومٌ. وَثَوْبٌ مُرَسَّمٌ، بِالتَّشْدِيدِ: مخطَّط؛ وَفِي حَدِيثِ زَمْزَمَ:

فرُسِّمَتْ بالقَباطِيّ والمَطارِف حَتَّى نَزَحُوهَا

أَي حَشُوهَا حَشْوًا بَالِغًا، كأَنه مأْخوذ مِنَ الثِّيَابِ المُرَسَّمَةِ، وَهِيَ الْمُخَطَّطَةِ خُطُوطًا خَفِيَّة. ورَسَمَ فِي الأَرض: غَابَ. والرَّاسِمُ: الْمَاءُ الْجَارِي. وَنَاقَةٌ رَسُومٌ: تُؤَثِّرُ فِي الأَرض مِنْ شِدَّةِ الْوَطْءِ. ورَسَمَتِ النَّاقَةُ تَرْسِمُ رَسِيماً: أَثَّرَتْ فِي الأَرض مِنْ شِدَّةِ وَطْئِهَا، وأَرْسَمْتها أَنا؛ فأَما

ص: 241

قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:

والمُرْسِمون إِلى عَبْدِ العَزيز بِهَا

مَعاً وشَتَّى، وَمِنْ شَفْعٍ وفُرَّادِ

إِنما أَراد المُرْسموها فَزَادَ الْبَاءَ وَفَصَلَ بِهَا بَيْنَ الْفِعْلِ وَمَفْعُولِهِ. والرَّسْمُ: الركِيّةُ تَدْفِنُهَا الأَرض، وَالْجَمْعُ رِسامٌ. وارْتَسَم الرَّجُلُ: كَبَّرَ وَدَعَا. والارْتِسامُ: التَّكْبِيرُ والتَّعَوُّذ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:

فِي ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي المَوْتَ صاحبُهُ،

إِذا الصَّرارِيُّ مِنْ أَهواله ارْتَسَما

وَقَالَ الأَعشى:

وقابَلَها الريحُ فِي دَنِّها،

وصَلَّى عَلَى دَنِّها وارْتَسَمْ

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ارْتَسَمَ خَتْمُ إِناءَها بالرَّوْسَمِ، قَالَ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ. والرَّوْسَبُ والرَّوْسَمُ: الدَّاهِيَةُ. والرَّسِيمُ مِنْ سَيْرِ الإِبل: فَوْقَ الذَّميل، وَقَدْ رَسَمَ يَرْسِمُ، بِالْكَسْرِ، رَسِيماً، وَلَا يُقَالُ أَرْسَمَ؛ وَقَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:

أَجَدَّتْ برِجْلَيْها النَّجاءَ وكَلَّفَتْ

بعيرَيْ غلامَيَّ الرَّسِيمَ، فأَرْسَما

وَفِي رِوَايَةٍ «2»

..... كَلَّفَتْ

غُلَامَيَّ الرَّسِيم فأَرسما

قَالَ أَبو حَاتِمٍ: إِنما أَراد أَرسم الْغُلَامَانِ بَعِيرَيْهِمَا وَلَمْ يَرِدْ أَرْسَمَ البعيرُ. والرَّسُومُ: الَّذِي يَبْقَى عَلَى السَّيْرِ يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَمَّا بَلَغَ كُراع الغَمِيم إِذا الناسُ يَرْسِمُونَ نَحْوَهُ

أَي يَذْهَبُونَ إِليه سِرَاعًا، والرَّسِيمُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ سَرِيعٌ مُؤَثِّرٌ فِي الأَرض. والرَّسَمُ: حُسْن الْمَشْيِ. ورَسَمْتُ لَهُ كَذَا فارْتَسَمَه إِذا امتَثله. وراسِمٌ: اسم.

رشم: رَشَمَ إِليه رَشْماً: كَتَبَ. والرَّشْم: خَاتَمُ البُر وَغَيْرِهِ مِنَ الْحُبُوبِ، وَقِيلَ: رَشْمُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَامَتُهُ، رَشَمَهُ يَرْشُمُهُ رَشْماً، وَهُوَ وَضْعُ الْخَاتَمِ عَلَى فِرَاءِ البُر فَيَبْقَى أَثره فِيهِ، وَهُوَ الرَّوْشَمُ، سَوَادِيَّةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّوْشَمُ اللَّوْحُ الَّذِي يُخْتَمُ بِهِ البَيادر، بِالسِّينِ وَالشِّينِ جَمِيعًا. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ عَرَّاماً يَقُولُ الرَّسْمُ والرَّشْمُ الأَثَرُ. ورَسَمَ عَلَى كَذَا ورَشَمَ أَي كَتَبَ. وَيُقَالُ لِلْخَاتَمِ الَّذِي يَخْتِمُ البُرَّ: الرَّوْشَمُ والرَّوْسَمُ. والرَّشْم: مَصْدَرُ رَشَمْتُ الطَّعَامَ أَرْشُمُهُ إِذا خَتَمْتَهُ. والرَّوْشَمُ: الطابَعُ، لُغَةٌ فِي الرَوْسَمِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ارْتَشَمَ خَتَمَ إِناءه بالرَّوْشَم. والرَّشَمُ، بِالتَّحْرِيكِ، والرَّوْشَم: أَوَّل مَا يَظْهَرُ مِنْ النَّبْتِ. يُقَالُ: فِيهِ رَشَمٌ مِنَ النَّبَاتِ. وأَرْشَمَتِ الأَرضُ: بَدَا نَبْتُهَا. وأَرْشَمَتِ المَهاةُ: رأَت الرَّشَمَ فَرَعَتْهُ؛ قَالَ أَبو الأَخْزَر الْحِمَّانِيُّ:

كَمْ مِنْ كَعابٍ كالمَهاة المُرْشِمِ

وَيُرْوَى المُوشِم، بِالْوَاوِ، يَعْنِي الَّتِي نَبَتَ لَهَا وَشْمٌ مِنَ الكَلإِ، وَهُوَ أَوّله، يشبَّه بوَشْمِ النِّسَاءِ. وعامٌ أَرْشَمُ: لَيْسَ بجَيّد خَصيب. وَمَكَانٌ أَرْشَمُ كأَبْرَشَ إِذا اخْتَلَفَتْ أَلوانه. اللِّحْيَانِيُّ: بِرْذَوْن أَرْشَمُ وأَرْمَشُ مِثْلَ الأَبْرَشِ فِي لَوْنِهِ؛ قَالَ: وأَرض رَشْماءُ ورَمْشاء مِثْلَ البَرْشاء إِذا اختلفت

(2). قوله [وفي رواية كلفت إلخ] كذا هو بالأَصل ولعله غلامي بعيري

ص: 242

أَلوان عُشْبها. وأَرْشَمَ الشجرُ: أَخرج ثَمَرُهُ كَالْحِمَّصِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَرْشَمَ الشجرُ وأَرْمَشَ إِذا أَورق. والأَرْشَمُ: الَّذِي يتشَمَّمُ الطَّعَامَ وَيَحْرِصُ عَلَيْهِ؛ قَالَ البَعِيثُ يَهْجُو جَريراً:

لَقًى حملتهُ أُمُّه، وَهِيَ ضَيْفَةٌ،

فجاءَتْ بيَتْنٍ للضِّيافة أَرْشَما

وَيُرْوَى:

فَجَاءَتْ بنَزٍّ للنُّزالة أَرْشَما

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ هَذَا الْبَيْتَ لِجَرِيرٍ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّشَمُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ رَشِمَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، يَرْشَمُ إِذا صَارَ أَرْشَمَ، وَهُوَ الَّذِي يتشمَّمُ الطَّعَامَ وَيَحْرِصُ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ أَرْشَما قَالَ: فِي لَوْنِهِ بَرَشٌ يَشُوبُ لونَه لَوْنٌ آخَرُ يَدُلُّ عَلَى الرِّيبَةِ، قَالَ: وَيُرْوَى مِنْ نُزالة أَرْشَما؛ يُرِيدُ مِنْ مَاءِ عبدٍ أَرْشَمَ. والأَرْشَم: الَّذِي بِهِ وَشْمٌ وَخُطُوطٌ. والأَرْشَمُ: الَّذِي لَيْسَ بِخَالِصِ اللَّوْنِ وَلَا حُرِّهِ. والأَرْشَمُ: الشَّرِهُ. وأَرْشَمَ البرقُ: مِثْلَ أَوْشَمَ. وَغَيْثٌ أَرْشَم: قَلِيلٌ مَذْمُومٌ. ورَشَمَ رَشْماً «1» . كرَشَنَ إِذا تَشَمَّمَ الطَّعَامَ وحَرِصَ عَلَيْهِ. والرَّشْمُ: الَّذِي يَكُونُ فِي ظَاهِرِ الْيَدِ وَالذِّرَاعِ بِالسَّوَادِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، والأَعرف الوَشْمُ، بِالْوَاوِ. اللَّيْثُ: الرَّشْمُ أَن تُرشمَ يَدَ الكُرْدِيِّ والعِلْجِ كَمَا تُوشَمُ يدُ المرأَة بالنِّيل لِكَيْ تُعرف بِهَا، وَهِيَ كالوَشْمِ. والرُّشْمَةُ: سَوَادٌ فِي وَجْهِ الضَّبْعِ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَضَبْعٌ رَشْماءُ، والله أَعلم.

رصم: ابْنُ الأَعرابي: الرَّصَمُ الدُّخُولُ فِي الشِّعْبِ الضَّيِّقِ، بالصاد المهملة.

رضم: رَضَم الشيخُ يَرْضِمُ رَضْماً: ثَقُل عَدْوُه، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ. والرَّضَمانُ: تَقارُبُ عَدْو الشَّيْخِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ إِن عَدْوَكَ لرَضَمان أَي بَطِيءٌ، وإِن أَكْلَكَ لَسَلَجان، وإِن قَضَاءَكَ لَلِيَّان. والرَّضْمَةُ والرَّضَمَةُ: الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ مِثْلُ الجزُور وَلَيْسَتْ بِنَاتِئَةٍ، وَالْجَمْعُ رَضَمٌ ورِضام؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الرَّضَمُ والرِّضامُ صُخُورٌ عِظَامٌ يُرْضم بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ فِي الأَبنية، الْوَاحِدَةُ رَضْمة، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْجَمْعُ رَضَماتٌ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لِذِي الرُّمَّةِ:

مِنَ الرَّضَماتِ البِيضِ، غَيَّرَ لَوْنَها

بَناتُ فِراضِ المَرْخِ، والذَّابلُ الجَزْلُ

يَعْنِي بالرَّضَماتِ الأَثافيَّ، وبَناتُ فِراضِ المَرْخ: النيرانُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الزِّناد، والذَّابِلُ: الحَطب، وَالْفِرَاضُ: جَمْعُ فَرْضٍ وَهُوَ الحَزُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَمَّا نَزَلَ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ؛ أَتى رَضْمَةَ جَبَلٍ فعَلا أَعْلاها

؛ هِيَ وَاحِدَةُ الرَّضْم والرِّضام، وَهِيَ دُونَ الهِضاب، وَقِيلَ: صُخورٌ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ

أَنس فِي المُرْتد نَصْرَانِيًّا: فأَلقَوه بَيْنَ حَجَرَيْنِ ورَضَموا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ.

وَفِي حَدِيثِ

أَبي الطُّفَيْل: لَمَّا أَرادت قُرَيْشٌ بِنَاءَ الْبَيْتِ بالخَشَب وَكَانَ البِناء الأَوّلُ رَضْماً.

وَيُقَالُ: رَضَمَ عَلَيْهِ الصَّخْرَ يَرْضِم، بِالْكَسْرِ، رَضْماً، ورَضَمَ فُلَانٌ بَيْتَه بِالْحِجَارَةِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الرَّضْم الْحِجَارَةُ البِيضُ؛ وأَنشد:

إِنَّ صُبَيْح ابْنَ الزِّنا قَدْ فأَرا

فِي الرَّضْم، لَا يَتْرُك مِنْهُ حَجَرا

(1). قوله [ورشم رشماً] هذه عبارة المحكم وهي مضبوطة فيه بهذا الضبط كالأصل، ويخالفه ما تقدم قريباً عن الجوهري وهو الذي في القاموس والتكملة

ص: 243

ورَضَمَ الحجارةَ رَضْماً: جَعَلَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ. وكلُّ بِنَاءٍ بُني بصَخْر رَضِيمٌ. ورَضَدْت المَتاع فارْتَضَد ورَضَمْته فارْتَضَمَ إِذا نَضَدتَه. ورَضَمْت الشيءَ فارْتَضَمَ إِذا كَسَرْتَهُ فَانْكَسَرَ. وَيُقَالُ: بَنَى فُلَانٌ دَارَهُ فَرَضَمَ فِيهَا الْحِجَارَةَ رَضْماً؛ وَقَالَ لَبِيدٍ:

حُفِزَتْ وزايَلَها السَّرابُ، كأَنها

أَجْزاعُ بِئشَة أَثْلُها ورِضامُها

والرِّضام: حِجَارَةٌ تُجْمَعُ، وَاحِدُهَا رَضْمةٌ ورَضْمٌ؛ وأَنشد:

يَنْصاحُ مِنْ جِبْلةِ رَضْمٍ مُدَّهِقْ

أَي مِنْ حِجَارَةٍ مَرْضُومة، وَيُقَالُ رَضْمٌ ورَضَمٌ لِلْحِجَارَةِ المَرْضومة؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:

حَديِدُهُ وقِطْرُهُ ورَضَمُهْ

وَفِي الْحَدِيثِ:

حَتَّى رَكَزَ الرَّايةَ فِي رَضَمٍ مِنْ حِجَارَةٍ.

وَبَعِيرٌ مِرْضَمٌ: يَرْمِي بَعْضَ الْحَجَرِ بِبَعْضٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

بكُلِّ مَلْمُومٍ مِرَضٍّ مِرْضَم

ورَضَمَ البعيرُ بِنَفْسِهِ رَضْماً: رَمعى بِنَفْسِهِ الأَرض. ورَضَمَ الرجلُ بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ. ورَضَم الرجلُ فِي بَيْتِهِ أَي سَقَط لَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، ورَمَأ كَذَلِكَ، وَقَدْ رَضَمَ يَرْضِمُ رُضُوماً. ورَضَمَ بِهِ الأَرض إِذا جَلَدَ بِهِ الأَرضَ. وبرْذَوْنٌ مَرْضُوم العَصب إِذا تَشَنَّجَ عَصَبُه صَارَتْ فِيهِ أَمثال العُقَد؛ وأَنشد:

مُبَيَّن الأَمْشاشِ مَرْضُوم العَصَبْ

جَمْعُ المَشَش، وَهُوَ انْتِبَارُ عَظْمِ الوَظيف. وَيُقَالُ: رَضَمَت أَي ثَبَتت. ورَضَمْتُ الأَرْضَ رَضْماً: أَثَرْتها لزرْع أَو نَحْوِهِ، يَمَانِيَّةٌ. ورُضام: اسْمُ مَوْضِعٍ. والرُّضَيِّمُ: طَائِرٌ، قَالَ النَّضْرُ: يُقَالُ طَائِرٌ رُضَمَة.

رطم: رَطَمه يَرْطُمُه رَطْماً فارْتَطَم: أَوحَله فِي أَمر لَا يَخْرُج مِنْهُ. وارْتَطَم فِي الطِّينِ: وَقَعَ فِيهِ فتَخَبَّط. ورَطَمْت الشَّيْءَ فِي الوحْل رَطْماً فارْتَطَم هُوَ فِيهِ أَي ارْتَبَكَ فِيهِ. وارتَطم عَلَيْهِ الأَمر إِذا لَمْ يَقْدِر عَلَى الخُروج مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:

فارْتَطَمتْ بسُراقة فرسُه

أَي سَاخَتْ قَوائمها كَمَا تَسُوخ فِي الوَحْل. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: مَنْ اتَّجَرَ قَبْلَ أَن يَتَفَقَّه ارتَطَم فِي الرِّبا ثُمَّ ارْتَطَم ثُمَّ ارْتَطَم

أَي وَقَعَ فِيهِ وارْتَبَك. وَوَقَعَ فِي رُطمَة ورُطُومة أَي فِي أَمر يتخَبَّط فِيهِ. وارْتَطَمَ فُلَانٌ فِي أَمر لَا مخْرج لَهُ مِنْهُ إِلا بغُمّة لَزِمَتْهُ. وارْتَطَمَتْ عَلَيْهِ أُمورُه: عيَّ فِيهَا وسُدَّت عَلَيْهِ مذاهبُه. ورُطِم البعيرُ رَطْماً: احْتَبَس نَجْوه كأُرْطِم. والتَّراطُم: التَّراكُم. والارتِطام: الازدِحام. ورَطَمَ الرجلُ: نَكَحَ. ورَطَمَها يَرْطُمُها رَطْماً: نَكَحَهَا يَكُونُ فِي المرأَة والأَتان؛ قَالَ:

عَيْنا أَتانٍ تَبْتَغِي أَن تُرْطَمَا

ورَطَمَ جارِيتَه رَطْماً إِذا جامَعَها فأَدخل ذَكَرَهُ كُلُّهُ فِيهَا. وامرأَة مَرْطُومَة: مَرْمِيّة بِسُوءِ مُتَّهمَة بِشْرٍ؛ قَالَ صَالِحُ بْنُ الأَحنف:

فابْرُزْ، كِلانا أُمه لَئيمهْ،

بِفِعل كلِّ عاهِرٍ مَرْطُومَهْ

والرَّطُوم مِنَ النِّسَاءِ: الواسعةُ الفرْج؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

يَا ابْنَ رَطُومٍ ذاتِ فَرْج عَفْلَق

ص: 244

وامرأَة رَطُوم: واسعةُ الجَهاز كَثِيرَةُ الْمَاءِ. أَبو عَمْرٍو: الرَّطُوم الضَّيِّقة الحَياء مِنَ النُّوقِ، وَهِيَ مِنَ النِّسَاءِ الرَّتْقاء، وَمِنَ الدَّجاج البَيْضاء. قَالَ شَمِرٌ: أَرْطَمَ الرجلُ وطَرْسَم وأَسبأَ «1» . واصْلَخَمَّ واخرنْبَق كُلُّهُ إِذا سَكَتَ. والرَّطُوم: الأَحمق. والراطِم: اللَّازِم لِلشَّيْءِ.

رعم: الرُّعام، بالضم: بالمُخاط، وَقِيلَ: مُخاط الْخَيْلِ وَالشَّاءِ، وَجَمْعُهُ أَرْعِمَة. ورَعَمَتِ الشَّاةُ تَرْعَمُ رُعاماً، وَهِيَ رَعُوم، وأَرْعَمَت: هُزلت فَسَالَ رُعامُها، ورَعَمَ مخاطُها رُعاماً: سَالَ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ دَاءٌ يأْخُذُها فِي أَنفها فَيَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ فَيُقَالُ لَهُ الرُّعام، بِالضَّمِّ، وَفِي الْحَدِيثِ:

صَلُّوا فِي مُراح الْغَنَمِ وَامْسَحُوا رُعامَها

؛ الرُّعام: مَا يَسِيلُ مِنْ أُنوفها. والرَّعُوم: الشَّدِيدُ الهُزال؛ قَالَ الأَزهري: الرَّعُوم، بِالرَّاءِ، مِنَ الشَّاءِ الَّتِي يَسِيلُ مُخَاطُهَا مِنَ الْهُزَالِ. وَيُقَالُ: كِسْرٌ رَعِمٌ ذُو شَحْمٍ. والرِّعْمُ: الشَّحْمُ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:

فِيهَا كُسُورٌ رَعِماتٌ وسُدُف

ابْنُ الأَعرابي: الرَّعامُ واليَعْمُورُ الطَّلِيُّ، وَهُوَ العَرِيضُ. ورَعَمَ الشيءَ يَرْعَمُهُ رَعْماً: رَقَبَه ورَعاهُ. ورَعَمَ الشَّمْسَ يَرْعَمُها: رَقَبَ غَيْبوبتها وَنَظَرَ وُجُوبها مِنْهُ؛ وَهُوَ فِي شِعْرِ الطِّرِمَّاح أَورده الأَزهري:

ومُشِيح، عَدْوُهُ مِتْأَقٌ،

يَرْعَمُ الإِيجابَ قبلَ الظَّلام

أَي يَنْتَظِرُ وُجُوبَ الشَّمْسِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلطِّرِمَّاحِ يَصِفُ عَيْراً:

مِثْلُ عَيرِ الفَلاة شاخَسَ فاهُ

طُولُ شَرْسِ القَطا، وطولُ العِضاض

يَرْعَمُ الشمسَ أَنْ تَمِيل بمثل الجَبءِ،

جأْبٍ مُقَذَّفٍ بالنِّحاضِ

قَوْلُهُ يَرْعَمُ أَي يَنْظُرُ، والجَبْءُ: حُفْرَةٌ فِي الصَّفا، وجَأْب: غَلِيظٌ، والنِّحاضُ: جَمْعُ نَحْضٍ وَهُوَ اللَّحْمُ، والجَبْءُ جَمْعُهُ أَجْباء، والجأْب جَمْعُهُ أَجْآب، والشَّرْسُ: الكِدام. يُقَالُ: شَرَسَهُ أَي نَحَضَهُ، وشاخَسَ فَاهُ: صَيَّرَه مُخْتَلِفًا طَوِيلًا وَقَصِيرًا، والقَطا: مَوْضِعُ الرِّدْفِ؛ يَقُولُ: إِن هَذَا العَيْرَ مِمَّا يَعَضُّ أَعجاز هَذِهِ الأُتُنِ قَدِ اخْتَلَفَتْ أَسنانه، وَشَبَّهَ عَيْنَهُ الَّتِي يَنْظُرُ بِهَا الشَّمْسَ بِحُفْرَةٍ فِي حِجَارَةٍ، يَعْنِي شدَّتها وَاسْتِقَامَتَهَا. والرُّعامَى: زِيَادَةُ الْكَبِدِ، وَالْغَيْنُ أَعلى. والرُّعامَى والرُّعامَةُ: شَجَرٌ لَمْ يُحَلَّ. ورَعُومٌ ورِعْمٌ، كِلَاهُمَا: اسْمُ امرأَة، ورَعْمان ورُعَيمٌ: اسْمَانِ. ورَعْمٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ.

رغم: الرَّغْم والرِّغْم والرُّغْمُ: الكَرْهُ، والمَرْغَمَةُ مِثْلُهُ. قَالَ

النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: بُعِثْتُ مَرْغَمَةً

؛ المَرْغَمَة: الرُّغْمُ أَي بُعِثْتُ هَوَانًا وذُلًّا لِلْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ رَغِمَهُ ورَغَمَهُ يَرْغَمُ، ورَغِمَتِ السَّائِمَةُ المَرْعَى تَرْغَمُه وأَنِفَتْه تأْنَفُهُ: كرهَته؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وكُنَّ بالرَّوْضِ لَا يَرْغَمْنَ وَاحِدَةً

مِنْ عَيْشهنّ، وَلَا يَدْرِين كَيْفَ غدُ

وَيُقَالُ: مَا أَرْغَمُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَي مَا أَنْقِمُه وما

(1). قوله [وأَسبأ] كذا هو بالأصل وشرح القاموس، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ: استبأ

ص: 245

أَكرهه. والرُّغْمُ: الذِّلَّة. ابْنُ الأَعرابي: الرَّغْم التُّرَابُ، والرَّغْم الذُّلُّ، والرَّغم القَسر «1». قَالَ: وفي الحديث

وإِن رَغَمَ أَنفُه

أَي ذَلَّ؛ رَوَاهُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: عَلَى رَغْمِ مَن رَغَمَ، بِالْفَتْحِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ

مَعْقِل بْنِ يَسارٍ: رَغِم أَنفي لأَمر اللَّهِ

أَي ذَلّ وَانْقَادَ. ورَغِمَ أَنفي لله رَغْماً ورَغَمَ يَرْغَمُ ويَرْغُمُ ورَغُمَ؛ الأَخيرة عَنِ الْهَجَرِيِّ، كُلُّهُ: ذلَّ عَنْ كُرْهٍ، وأَرغَمَه الذُّلُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا صَلَّى أَحدكم فليُلْزِمْ جَبْهَتَهُ وأَنفه الأَرض حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ الرَّغْمُ

؛ مَعْنَاهُ حَتَّى يَخْضَعَ ويَذِلَّ وَيَخْرُجَ مِنْهُ كِبْرُ الشَّيْطَانِ، وَتَقُولَ: فَعَلْتُ ذَلِكَ عَلَى الرَّغم مِنْ أَنفه. ورَغَمَ فُلَانٌ، بِالْفَتْحِ، إِذا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِانْتِصَافِ، وَهُوَ يَرْغَمُ رَغْماً، وَبِهَذَا الْمَعْنَى رَغِمَ أَنفُه. والمَرْغَمُ والمَرْغِمُ: الأَنف، وَهُوَ المَرْسِنُ والمَخْطِمُ والمَعْطِسُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَهْجُو جَرِيرًا:

تَبْكِي المَراغَةُ بالرَّغامِ عَلَى ابْنِهَا،

والناهِقات يَهِجْنَ بالإِعْوالِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه، عليه السلام، قَالَ: رَغِمَ أَنفُه ثَلَاثًا، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ أَدرك أَبويه أَو أَحدهما حَيًّا وَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ.

يُقَالُ: أَرْغَم اللَّهُ أَنْفَه أَي أَلزقه بالرَّغام، وَهُوَ التُّرَابُ؛ هَذَا هُوَ الأَصل، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الذُّلِّ وَالْعَجْزِ عَنِ الِانْتِصَافِ وَالِانْقِيَادِ عَلَى كُرْهٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

وإِن رَغِمَ أَنف أَبي الدَّرْداء

أَي وإِن ذَلَّ، وَقِيلَ: وإِن كَره. وَفِي حَدِيثِ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ:

كَانَتَا تَرْغيماً لِلشَّيْطَانِ.

وَفِي حَدِيثِ

أَسماء: إِن أُمِّي قدِمتْ عليَّ راغِمَةً مُشْرِكَةً أَفَأَصِلُها؟ قَالَ: نَعَمْ

؛ لَمَّا كَانَ الْعَاجِزُ الذَّلِيلُ لَا يَخْلُو مِنْ غَضَبٍ، قَالُوا: تَرَغَّمَ إِذا غَضِبَ، وراغِمةً أَي غَاضِبَةً، تُرِيدُ أَنها قدِمَتْ عليَّ غَضْبَى لإِسلامي وَهِجْرَتِي مُتَسَخِّطَةً لأَمري أَو كَارِهَةً مَجِيئَهَا إِليَّ لَوْلَا مَسِيسُ الْحَاجَةِ، وَقِيلَ: هَارِبَةٌ مِنْ قَوْمِهَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً

؛ أَي مَهْرباً ومُتَّسَعاً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

إِن السِّقْطَ ليُراغِمُ رَبَّهُ إِن أَدخل أَبويه النَّارَ

أَي يُغَاضِبُهُ. وَفِي حَدِيثِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ:

فَلَمَّا أَرْغَمَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَرْغَمَ بِشْرُ بْنُ البَراءِ مَا فِي فِيهِ

أَي أَلقى اللُّقْمَةَ مِنْ فِيهِ فِي التُّرَابِ. ورَغَّمَ فُلَانٌ أَنفه: خَضَعَ. وأَرْغَمَهُ: حَمَلَهُ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ أَن يَمْتَنِعَ مِنْهُ. ورَغَّمَهُ: قَالَ لَهُ رَغْماً ودَغْماً، وَهُوَ راغِمٌ داغِمٌ، ولأَفعلنَّ ذَلِكَ رَغْمًا وَهَوَانًا، نَصَبَهُ عَلَى إِضمار الْفِعْلِ الْمَتْرُوكِ إِظهاره. وَرَجُلٌ راغِمٌ داغِمٌ: إِتباع، وَقَدْ أَرْغَمَهُ اللَّهُ وأَدْغَمَه، وَقِيلَ: أَرْغَمَهُ أَسخطه، وأَدْغَمَهُ، بِالدَّالِ: سَوَّده. وَشَاةٌ رَغْماء: عَلَى طَرَفِ أَنفها بَيَاضٌ أَو لَوْنٌ يُخَالِفُ سَائِرَ بَدَنِهَا. وامرأَة مِرْغامة: مغضِبة لبَعْلِها؛ وَفِي الْخَبَرِ:

قَالَ بَيْنا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رحمه الله، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذ رأَى رَجُلًا يَطُوفُ وَعَلَى عُنُقِهِ مِثْلُ المَهاةِ وَهُوَ يَقُولُ:

عُدْتُ لِهَذِي جَمَلًا ذَلولا،

مُوَطَّأً أَتَّبِعُ السُّهولا،

أَعْدِلُها بالكَفِّ أَن تَمِيلا،

أَحذَر أَن تَسْقُطَ أَو تَزُولَا،

أَرْجو بِذَاكَ نَائِلًا جَزِيلا

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ هَذِهِ الَّتِي وَهَبْتَ لَهَا حَجَّكَ؟ قَالَ: امرأَتي، يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ إِنها حَمْقَاءُ مِرْغامة، أَكول قَامَةٌ، مَا تَبْقى لَهَا خَامَةٌ قَالَ: مَا لَكَ لَا

(1). قوله [والرغم القسر] كذا هو بالسين المهملة في الأَصل، والذي في التهذيب والتكملة: القشر بالشين المعجمة

ص: 246

تُطَلِّقُهَا؟ قَالَ: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ، هِيَ حَسْنَاءُ فَلَا تُفْرَك، وأُم صِبْيَانٍ فَلَا تُتْرك قَالَ: فشأَنك بِهَا إِذاً.

والرَّغامُ: الثَّرَى. والرَّغام، بِالْفَتْحِ: التُّرَابُ، وَقِيلَ: التُّرَابُ اللَّيِّنُ وَلَيْسَ بِالدَّقِيقِ؛ وَقَالَ:

وَلَمْ آتِ البُيوتَ، مُطَنَّباتٍ،

بأَكثِبَةٍ فَرَدْنَ مِنَ الرَّغامِ

أَي انْفَرَدْنَ، وَقِيلَ: الرَّغامُ رَمْلٌ مُخْتَلِطٌ بِتُرَابٍ. الأَصمعي: الرَّغامُ مِنَ الرَّمْلِ لَيْسَ بِالَّذِي يَسِيلُ مِنَ الْيَدِ. أَبو عَمْرٍو: الرَّغامُ دُقاق التُّرَابِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: أَرْغَمْتُه أَي أَهَنْتُهُ وأَلزقته بِالتُّرَابِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: قَالَ أَبو عَمْرٍو الرَّغام رمل يَغْشى البصر، وَهِيَ الرِّغْمان؛ وأَنشد لنُصَيْب:

فَلَا شَكَّ أَنّ الْحَيَّ أَدْنَى مَقِيلِهِمْ

كُناثِرُ، أَو رِغْمانُ بِيضِ الدَّوائر

وَالدَّوَائِرُ: مَا اسْتَدَارَ مِنَ الرَّمْلِ. وأَرْغَمَ اللَّهُ أَنفه ورَغَّمه: أَلزقه بالرَّغام. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: أَنها سُئِلَتْ عَنِ المرأَة توضأَتْ وَعَلَيْهَا الخِضابُ فَقَالَتْ: اسْلِتِيهِ وأَرغِمِيه

؛ مَعْنَاهُ أَهِينِيه وَارْمِي بِهِ عَنْكِ فِي التُّرَابِ. ورَغَّمَ الأَنفُ نفسُه: لَزِقَ بالرَّغام. وَيُقَالُ: رَغَمَ أَنفُه إِذا خَاسَ فِي التُّرَابِ. وَيُقَالُ: رَغمَ فُلَانٌ أَنفه «2» . اللَّيْثُ: الرُّغامُ مَا يَسِيلُ مِنَ الأَنف مِنْ دَاءٍ أَو غَيْرِهِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ، وَصَوَابُهُ الرُّعام، بِالْعَيْنِ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: مِنْ قَالَ الرُّغام فِيمَا يَسِيلُ مِنَ الأَنف فَقَدْ صَحَّفَ، وَكَانَ أَبو إِسحاق الزَّجَّاجُ أَخذ هَذَا الْحَرْفَ مِنْ كِتَابِ اللَّيْثِ فَوَضَعَهُ فِي كِتَابِهِ وَتَوَهَّمَ أَنه صَحِيحٌ، قَالَ: وأَراه عَرَضَ الْكِتَابَ عَلَى الْمُبَرِّدِ وَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ ثَعْلَبٍ «3» . قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والرَّغامُ والرُّغامُ «4» . مَا يَسِيلُ مِنَ الأَنف، وَهُوَ الْمُخَاطُ، وَالْجَمْعُ أَرْغِمَةٌ، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ الغَنم والظِّباء. وأَرْغَمَتْ: سَالَ رُغامُها، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيضاً. والمُراغَمَةُ: الهِجْرانُ وَالتَّبَاعُدُ. والمُراغَمةُ: الْمُغَاضَبَةُ. وأَرْغَمَ أَهله وراغَمَهُمْ: هَجَرَهُمْ. وراغَم قَوْمَهُ: نَبَذهُم وَخَرَجَ عَنْهُمْ وَعَادَاهُمْ. وَلَمْ أُبالِ رَغْم أَنفِه «5» . أَي وإِن لَصِقَ أَنفُه بِالتُّرَابِ. والتَّرَغُّمُ: التغضُّب، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالزَّايِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الحُطَيئَةِ:

تَرى بَيْنَ لَحْيَيها، إِذا مَا تَرَغَّمَتْ،

لُغاماً كَبَيْتِ العَنْكَبُوتِ المُمَدَّدِ

والمُراغَمُ: السَّعَةُ والمضطَرَبُ، وَقِيلَ: المَذْهب والمَهْرب فِي الأَرض، وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً

؛ مَعْنَى مُراغَماً مُهاجَراً، الْمَعْنَى يَجِدْ فِي الأَرض مُهاجَراً لأَن المُهاجِرَ لِقَوْمِهِ والمُراغِمَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وإِن اخْتَلَفَ اللَّفْظَانِ؛ وأَنشد:

إِلى بَلَدٍ غيرِ دَانِي المَحَل،

بعيدِ المُراغَمِ والمُضْطَرَبْ

قَالَ: وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الرَّغام وَهُوَ التُّرَابُ، وَقِيلَ: مُراغَماً مُضْطَرَباً. وَعَبْدٌ مُراغِمٌ «6» . أَي مضطربٌ

(2). قوله [وَيُقَالُ رَغَّمَ فُلَانٌ أَنفه] عبارة التهذيب: وَيُقَالُ رَغَّمَ فُلَانٌ أَنفه وأَرغمه إِذا حَمَلَهُ عَلَى مَا لَا امتناع له منه

(3)

. قوله [وَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ ثَعْلَبٌ] يعني أَنه بالعين المهملة كما يستفاد من التكملة

(4)

. قوله [والرغام والرغام إلخ] هما بفتح الراء في الأَول وضمها في الثاني، هكذا بضبط الأصل والمحكم

(5)

. قوله [وَلَمْ أَبال رَغْمَ أَنفه هو بهذا الضبط في التهذيب

(6)

. قوله [وعبد مراغم] مضبوط في نسخة من التهذيب بكسر الغين وقال شارح القاموس بفتح الغين

ص: 247

عَلَى مَواليه. والمُراغَمُ: الْحِصْنُ كالعَصَرِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد للجَعْدِيّ:

كَطَوْدٍ يُلاذُ بأَرْكانِهِ،

عَزيزِ المُراغَمِ والمَهْرَبِ

وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِسَالِمِ بْنِ دَارَةَ:

أَبْلِغْ أَبا سالمٍ أَن قَدْ حَفَرْت لَهُ

بِئْرًا تُراغَمُ بَيْنَ الحَمْضِ والشَّجَرِ

وَمَا لِي عَنْ ذَلِكَ مَرْغَمٌ أَي مَنْعٌ وَلَا دَفْعٌ. والرُّغامى: زِيَادَةُ الْكَبِدِ مِثْلُ الرُّعامى، بِالْغَيْنِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَقِيلَ: هِيَ قَصَبَةُ الرِّئة؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْديّ:

شاكَتْ رُغامى قَذُوفِ الطَّرْف خائفةٍ

هَوْلَ الجَنان، وَمَا هَمَّتْ بإِدْلاجِ

وَقَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ الحُمُرَ:

يُحَشرِجُها طَوْراً وطَوْراً، كأَنَّما

لها بالرُّغامى والخَياشِم جارِزُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ الرُّغامى قَصَبُ الرئَةِ؛ وأَنشد:

يَبُلُّ مِنْ مَاءِ الرُّغامى لِيتَهُ،

كَمَا يَرُبُّ سالئٌ حَمِيتَهُ

والرُّغامى مِنَ الأَنف؛ وَقَالَ ابْنُ القُوطِيَّة: الرُّغامى الأَنف وَمَا حَوْلَهُ. والرُّغامى: نَبْتٌ، لُغَةٌ فِي الرُّخامى. والتَّرَغُّمُ: الْغَضَبُ بِكَلَامٍ وَغَيْرِهِ والتَّزَغُّم بِكَلَامٍ؛ وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ لَبِيدٍ:

عَلَى خَيْرِ مَا يُلْقى بِهِ مَن تَرَغَّما

وَمَنْ تَزَعَّما. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ فِي قَوْلِهِ فَعَلْتُهُ عَلَى رَغْمِه: أَي عَلَى غَضَبِهِ وَمُسَاءَتِهِ. يُقَالُ: أَرْغَمْتُه أَي أَغضبته؛ قَالَ مُرَقِّشٌ:

مَا دِيننا فِي أَنْ غَزا مَلِكٌ،

مِنْ آلِ جَفْنَةَ، حازِمٌ مُرْغَمْ

مَعْنَاهُ مُغْضَب. وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ: صَلِّ فِي مُراح الْغَنَمِ وَامْسَحِ الرُّغامَ عَنْهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد مَسْحَ التُّرَابِ عَنْهَا رِعَايَةً لَهَا وإِصلاحاً لشأْنها. ورُغَيْم: اسم.

رفم: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي الرَّفَمُ النعيم التام.

رقم: الرَّقْمُ والتَّرقيمُ: تَعْجيمُ الْكِتَابِ. ورَقَمَ الْكِتَابَ يَرْقُمُهُ رَقْماً: أَعجمه وبيَّنه. وَكِتَابٌ مَرْقُوم أَي قَدْ بُيِّنتْ حُرُوفُهُ بِعَلَامَاتِهَا مِنَ التَّنْقِيطِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: كِتابٌ مَرْقُومٌ*

؛ كِتَابٌ مَكْتُوبٌ؛ وأَنشد:

سأَرْقُم فِي الْمَاءِ القَراحِ إِليكُم،

عَلَى بُعْدِكُمْ، إِن كَانَ لِلْمَاءِ راقِمُ

أَي سأَكتب. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ يَرْقُمُ فِي الْمَاءِ أَي بَلَغَ مِنْ حِذْقه بالأُمور أَن يَرْقُمَ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ الرَّقْمُ؛ وأَما الْمُؤْمِنُ فإِن كِتَابَهُ يُجْعَلُ فِي عِلِّيِّينَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وأَما الْكَافِرُ فَيُجْعَلُ كِتَابُهُ فِي أَسفل الأَرضين السَّابِعَةِ. والمِرْقَمُ: القَلَمُ. يَقُولُونَ: طَاحَ مِرْقَمُك أَي أَخطأَ قَلَمُكَ. الْفَرَّاءُ: الرَّقِيمةُ المرأَة الْعَاقِلَةُ البَرْزَةُ الفَطِنَةُ. وَهُوَ يَرْقُمُ فِي الْمَاءِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للفَطِنِ. والمُرَقِّمُ والمُرَقِّنُ: الْكَاتِبُ؛ قَالَ:

ص: 248

دَارٌ كَرَقْم الْكَاتِبِ المُرَقّن

والرَّقْمُ: الْكِتَابَةُ وَالْخَتْمُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا أَسرف فِي غَضَبِهِ وَلَمْ يَقْتَصِدْ: طَما مِرْقَمُكَ وَجَاشَ مرْقَمُكَ وغَلى وطَفَح وفاضَ وَارْتَفَعَ وقَذَفَ مِرْقَمُكَ. والمَرْقُومُ مِنَ الدَّوَابِّ: الَّذِي فِي قَوَائِمِهِ خُطُوطُ كَيَّاتٍ. وَثَوْرٌ مَرْقُوم الْقَوَائِمِ: مُخَطَّطُها بِسَوَادٍ، وَكَذَلِكَ الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ. التَّهْذِيبُ: والمَرْقُومُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي يُكْوَى عَلَى أَوْظِفَتِهِ كَيّاتٍ صِغَارًا، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا رَقْمَةٌ، وَيُنْعَتُ بِهَا الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ لِسَوَادٍ عَلَى قَوَائِمِهِ. والرَّقْمتانِ: شِبْهُ ظُفْرَين فِي قَوَائِمِ الدَّابَّةِ مُتَقَابِلَتَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اكْتَنَفَ جاعِرتي الْحِمَارِ مِنْ كَيَّة النَّارِ. وَيُقَالُ لِلنُّكْتَتَيْنِ السَّوْدَاوَيْنِ عَلَى عَجُزِ الْحِمَارِ: الرَّقْمتان، وَهُمَا الْجَاعِرَتَانِ. ورَقْمتا الْحِمَارِ والفرسِ: الأَثَرانِ بِبَاطِنِ أَعضادهما. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا أَنتم فِي الأُمم إِلا كالرَّقْمة فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ

؛ الرَّقْمَةُ: الهَنَةُ النَّاتِئَةُ فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ مِنْ دَاخِلٍ، وَهُمَا رَقمتان فِي ذِرَاعَيْهَا، وَقِيلَ: الرَّقْمتان اللَّتَانِ فِي بَاطِنِ ذِرَاعَيِ الْفَرَسِ لَا تُنْبِتان الشَّعَرَ. وَيُقَالُ للصَّناعِ الْحَاذِقَةِ بالخِرازة: هِيَ تَرْقُمُ الْمَاءَ وتَرْقُمُ فِي الْمَاءِ، كأَنها تَخُطُّ فِيهِ. والرَّقْمُ: خَزّ مُوَشّى. يُقَالُ: خَزٌّ رَقْم كَمَا يُقَالُ بُرْدٌ وَشْي. والرَّقْمُ: ضَرْبٌ مِنَ البُرود؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:

تَقُولُ: وَلَوْلَا أَنت أُنْكِحْتُ سَيِّدًا

أُزَفُّ إِليه، أَو حُمِلْتُ عَلَى قَرْمِ

لَعَمْري لَقَدْ مُلِّكْتِ أَمْرَك حِقْبةً

زَمَانًا، فَهَلَّا مِسْتِ فِي العَقْمِ والرَّقْمِ

والرَّقْمُ: ضَرْبٌ مُخَطَّطٌ مِنَ الوَشْي، وَقِيلَ: مِنَ الخَزِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَتى فَاطِمَةَ، عليها السلام، فَوَجَدَ عَلَى بَابِهَا ستْراً مُوَشًّى فَقَالَ: مَا لَنَا وَالدُّنْيَا والرَّقْم؟

يُرِيدُ النَّقْشَ والوَشْيَ، والأَصل فِيهِ الْكِتَابَةُ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عليه السلام، فِي صِفَةِ السَّمَاءِ: سَقْف سَائِرٌ ورَقِيمٌ مَائِرٌ؛ يُرِيدُ بِهِ وَشْيَ السَّمَاءِ بِالنُّجُومِ. ورَقَمَ الثَّوْبَ يَرْقُمُه رَقْماً ورَقَّمهُ: خَطَّطَهُ؛ قَالَ حُمَيْدٌ:

فَرُحْنَ، وَقَدْ زايَلنَ كُلَّ صَنِيعَةٍ

لَهُنَّ، وباشَرنَ السَّديلَ المُرَقَّما

وَالتَّاجِرُ يَرْقُمُ ثَوْبَهُ بسِمَته. ورَقْمُ الثَّوْبِ: كِتَابُهُ، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ؛ يُقَالُ: رَقَمْتُ الثَّوْبَ ورَقَّمْتُه تَرْقِيماً مِثْلُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ يَزِيدُ فِي الرَّقْمِ

أَي مَا يُكْتَبُ عَلَى الثِّيَابِ مِنْ أَثمانها لِتَقَعَ الْمُرَابَحَةُ عَلَيْهِ أَو يَغْتَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ الْمُحَدِّثُونَ فِيمَنْ يَكْذِبُ وَيَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَرْقَمُ حَيَّةٌ بَيْنَ الْحَيَّتَيْنِ مُرَقَّم بِحُمْرَةٍ وَسَوَادٍ وكُدْرَةٍ وبُغْثَةٍ. ابْنُ سِيدَهْ: الأَرْقَمُ مِنَ الْحَيَّاتِ الَّذِي فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَالْجَمْعُ أَراقِمُ، غَلَبَ غَلَبَةَ الأَسماء فكُسِّرَ تَكْسِيرَهَا وَلَا يُوصَفُ بِهِ الْمُؤَنَّثُ، يُقَالُ لِلذَّكَرِ أَرْقَم، وَلَا يُقَالُ حَيَّةٌ رَقْماء، وَلَكِنْ رَقْشاء. والرَّقَمُ والرُّقْمَةُ: لَوْنُ الأَرْقَم.

وَقَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ، رضي الله عنه: مَثَلِي كَمَثَلِ الأَرْقَمِ إِن تَقْتُلْهُ يَنْقَمْ وإِن تَتْرُكْهُ يَلْقمْ.

وَقَالَ شَمِرٌ: الأَرقَمُ مِنَ الْحَيَّاتِ الَّذِي يُشْبِهُ الجانَّ فِي اتِّقَاءِ النَّاسِ مِنْ قَتْلِهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ أَضعف الحَيّات وأَقلها غَضَبًا، لأَن الأَرْقَمَ وَالْجَانَّ يُتَّقَى فِي قَتْلِهِمَا عُقُوبَةَ الْجِنِّ لِمَنْ قَتَلَهُمَا، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ:

إِن يُقْتَل يَنْقَمْ

أَي يُثْأرْ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الأَرْقَمُ أَخبث

ص: 249

الْحَيَّاتِ وأَطلبها لِلنَّاسِ، والأَرْقَمُ إِذا جَعَلْتَهُ نَعْتًا قُلْتَ أَرْقَشُ، وإِنما الأَرقَمُ اسْمُهُ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: هُوَ إِذاً كالأَرْقَمِ أَي الْحَيَّةِ الَّتِي عَلَى ظَهْرِهَا رَقْمٌ أَي نَقْشٌ، وَجَمْعُهَا أَراقِمُ. والأَراقِمُ: قَوْمٌ مِنْ رَبِيعَةَ، سُمُّوا الأَراقِمَ تَشْبِيهًا لِعُيُونِهِمْ بِعُيُونِ الأَراقِمِ مِنَ الْحَيَّاتِ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَراقِمُ حَيٌّ مَنْ تَغْلب، وَهُمُ جُشَم؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ مُهَلْهِلٍ:

زَوَّجَها فَقْدُها الأَراقِمَ فِي

جَنْبٍ، وَكَانَ الحِباءُ مِنْ أَدَم

وجَنْبٌ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ. ابْنُ سِيدَهْ: والأَراقِمُ بَنُو بَكْرٍ وجُشَم ومالك والحرث وَمُعَاوِيَةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ غَيْرُهُ: إِنما سُميت الأَراقِمُ بِهَذَا الِاسْمِ لأَن نَاظِرًا نَظَرَ إِليهم تَحْتَ الدِّثارِ وَهُمْ صِغار فَقَالَ: كأَنّ أَعينهم أَعين الأَراقِمِ، فَلَجَّ عَلَيْهِمُ اللقبُ. والرَّقِمُ، بِكَسْرِ الْقَافِ: الدَّاهِيَةُ وَمَا لَا يُطاق لَهُ وَلَا يُقام بِهِ. يُقَالُ: وَقَعَ فِي الرقِمِ، والرَّقِمِ الرَّقْماءِ إِذا وَقَعَ فِيمَا لَا يَقُومُ بِهِ. الأَصمعي: جَاءَ فُلَانٌ بالرَّقِمِ الرَّقْماء كَقَوْلِهِمْ بِالدَّاهِيَةِ الدَّهْياء؛ وأَنشد:

تَمَرَّسَ بِي مِنْ حَيْنه وأَنا الرَّقِمْ

يُرِيدُ الدَّاهِيَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّقِم، بِكَسْرِ الْقَافِ، الدَّاهِيَةُ، وَكَذَلِكَ بِنْتُ الرَّقِم؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

أَرْسَلَها عَليقَة، وَقَدْ عَلِمْ

أَن العَلِيقاتِ يلاقِينَ الرَّقِمْ

وَجَاءَ بالرَّقِمِ والرَّقْمِ أَي الْكَثِيرِ. والرَّقِيمُ: الدَّواة؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ اللَّوْحُ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ

، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ الرَّقِيمُ اسْمُ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْكَهْفُ، وَقِيلَ: اسْمُ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، وَاللَّهُ أَعلم. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الرّقِيمُ لوحُ رَصاصٍ كُتِبَتْ فِيهِ أَسماؤهم وأَنسابهم وَقِصَصُهُمْ ومِمَّ فَرُّوا؛ وسأَل ابْنُ عَبَّاسٍ كَعْبًا عَنِ الرَّقِيم فَقَالَ: هِيَ الْقَرْيَةُ الَّتِي خَرَجُوا مِنْهَا، وَقِيلَ: الرَّقِيمُ الْكِتَابُ؛ وَذَكَرَ عِكْرِمةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: مَا أَدري مَا الرَّقِيمُ، أَكتاب أَم بُنْيَانٌ، يَعْنِي أَصحاب الْكَهْفِ والرَّقيمِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: قَالَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ فِي الرَّقيم خَمْسَةُ أَقوال: أَحدهما عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه لَوْحٌ كُتِبَ فِيهِ أَسماؤهم، الثَّانِي أَنه الدَّواة بِلُغَةِ الرُّوم؛ عَنْ مُجَاهِدٍ، الثَّالِثُ الْقَرْيَةُ؛ عَنْ كَعْبٍ، الرَّابِعُ الْوَادِي، الْخَامِسُ الْكِتَابُ؛ عَنِ الضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ وإِلى هَذَا الْقَوْلِ يَذْهَبُ أَهل اللُّغَةِ، وَهُوَ فَعِيلٌ فِي مَعْنَى مَفْعول. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ الصُّفُوفِ حَتَّى يَدَعَها مِثْلَ القِدْحِ أَو الرَّقِيمِ

، الرّقِيمُ: الْكِتَابُ، أَي حَتَّى لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً كَمَا يُقَوِّم الْكَاتِبُ سُطوره. والتَّرْقِيمُ: مِنْ كَلَامِ أَهل دِيوَانِ الْخَرَاجِ. والرَّقْمةُ: الرَّوْضَةُ، والرّقْمتان: رَوْضَتَانِ إِحداهما قَرِيبٌ مِنَ الْبَصْرَةِ، والأُخرى بنَجْدٍ. التَّهْذِيبُ: والرَّقْمتانِ رَوْضَتَانِ بِنَاحِيَةِ الصَّمَّانِ؛ وإِياهما أَراد زُهَيْرٌ بِقَوْلِهِ:

وَدَارٌ لَهَا بالرّقْمَتَيْنِ، كأَنّها

مَراجيع وَشْمٍ فِي نَواشِر مِعْصَمِ

ورَقْمةُ الْوَادِي: مجتَمَعُ مَائِهِ فِيهِ. والرَّقْمةُ: جَانِبُ الْوَادِي، وَقَدْ يُقَالُ للرّوْضة. وَفِي الْحَدِيثِ:

صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، رَقْمَةً مِنْ جَبَلٍ

؛ رَقمةُ الْوَادِي: جَانِبُهُ، وَقِيلَ: مُجْتَمَعُ مَائِهِ،

ص: 250

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: رَقْمَةُ الْوَادِي حَيْثُ الْمَاءُ. والمَرْقُومة: أَرض فِيهَا نُبَذٌ مِنَ النَّبْتِ. والرَّقَمَةُ: نَبَاتٌ يُقَالُ إِنه الخُبّازَى، وَقِيلَ: الرَّقَمَةُ مِنَ العُشب الْعُظَامِ تَنْبُتُ مُتَسَطِّحَةً غَصَنَةً كِبَارًا، وَهِيَ مِنْ أَول العُشْب خُرُوجًا تَنْبُتُ فِي السَّهْلِ، وأَول مَا يَخْرُجُ مِنْهَا تَرَى فِيهِ حُمرة كالعِهْن النَّافِضِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ وَلَا يَكَادُ الْمَالُ يأْكلها إِلا مِنْ حَاجَةٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرَّقَمَةُ مِنْ أَحْرار البَقْل، وَلَمْ يَصِفْهَا بأَكثر مِنْ هَذَا، قَالَ: وَلَا بَلَغَتْنِي لَهَا حِلْيةٌ. التَّهْذِيبُ: الرَّقَمَةُ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ يُشْبِهُ الكَرِشَ. وَيَوْمَ الرَّقَمِ: يَوْمٌ لغَطَفان عَلَى بَنِي عَامِرٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَوْمُ الرَّقَمِ مِنْ أَيام الْعَرَبِ، عُقِرَ فِيهِ قُرْزُلٌ فَرَسُ طُفَيْلِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَنه فَرَسُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ؛ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَن قُرْزُلًا فَرَسُ طُفَيل بْنِ مَالِكٍ، شَاهِدُهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

ومِنهنَّ إِذ نَجَّى طُفَيْلَ بْنَ مالكٍ،

عَلَى قُرْزُلٍ، رَجْلا رَكوضِ الهَزائِمِ

وَقَوْلُهُ أَيضاً:

ونَجَّى طُفَيْلًا مِنْ عُلالَةِ قُرْزُلٍ

قَوائمُ، نَجَّى لحمَهُ مُسْتَقِيمها

والرَّقَمِيَّاتُ: سِهَامٌ تُنْسَبُ إِلى مَوْضِعٍ بِالْمَدِينَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: والرَّقَمُ مَوْضِعٌ تُعْمَلُ فِيهِ النِّصالُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

فرَمَيْتُ القومَ رِشْقاً صَائِبًا،

لَيْسَ بالعُصْلِ وَلَا بالمُقْتَعِلّ

رَقَمِيَّاتٌ عَلَيْهَا ناهضٌ،

تُكلِحُ الأَرْوَقُ مِنْهُمْ والأَيَلّ

أَي عَلَيْهَا ريشُ ناهضٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الناهضُ. والرّقِيمُ والرُّقَيْمُ: مَوْضِعَانِ. والرَّقيمُ: فَرَسُ حِزام بن وابصة.

ركم: الرَّكْمُ: جَمْعُكَ شَيْئًا فَوْقَ شَيْءٍ حَتَّى تَجْعله رُكاماً مَرْكُومًا كَرُكَامِ الرَّمْلِ وَالسَّحَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْءِ المُرْتكِم بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. رَكَمَ الشَّيْءَ يَرْكُمُه إِذا جَمَعه وأَلقى بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَهُوَ مَرْكُومٌ بعضُه عَلَى بَعْضٍ. وارْتَكَمَ الشيءُ وتَراكَمَ إِذا اجْتَمَعَ. ابْنُ سِيدَهْ: الرَّكْمُ إِلقاء بَعْضِ الشَّيْءِ عَلَى بَعْضٍ وتَنْضيده، رَكَمَه يَرْكُمُهُ رَكْماً فارْتَكَمَ وتَراكَمَ. وَشَيْءٌ رُكامٌ: بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً

؛ يَعْنِي السَّحَابَ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّكَمُ السَّحَابُ المُتَراكِمُ. الْجَوْهَرِيُّ: الرُّكامُ الرَّمْلُ المُتَراكم، وَكَذَلِكَ السَّحَابُ وَمَا أَشبهه. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ: حَتَّى رأَيتُ رُكاماً؛ الرُّكامُ: السَّحَابُ المُتراكِمُ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ. وقَطِيعٌ رُكامُ: ضَخْمٌ كأَنه قَدْ رُكِمَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

وتَحْمِي بِهِ حَوْماً رُكاماً وَنِسْوَةً،

عَلَيْهِنَّ قَزٌّ نَاعِمٌ وحَريرُ

والرُّكْمةُ: الطِّينُ وَالتُّرَابُ الْمَجْمُوعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَجَاءَ بعُودٍ وَجَاءَ بِبَعْرَةٍ حَتَّى رَكَموا فَصَارَ سَوَادًا.

ومُرْتَكَمُ الطَّرِيقِ، بِفَتْحِ الْكَافِ: جادَّتُهُ ومَحَجَّتُهُ.

رمم: الرَّمّ: إِصلاح الشَّيْءِ الَّذِي فَسَدَ بَعْضُهُ مِنْ نَحْوِ حَبْلٍ يَبْلى فتَرُمُّهُ أَو دَارٍ تَرُمُّ شأْنها مَرَمَّةً. ورَمُّ الأَمر: إِصلاحه بَعْدَ انْتِشَارِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: رَمَمْتُ الشَّيْءَ أَرُمُّهُ وأَرِمُّهُ رَمّاً ومَرَمَّةً إِذا أَصلحته. يُقَالُ: قَدْ رَمَّ شأْنه ورَمَّهُ أَيضاً بِمَعْنَى أَكله. واسْتَرَمَّ الحائطُ أَي حَانَ لَهُ أَن يُرَمَّ إِذا بَعُدَ عَهْدُهُ

ص: 251

بِالتَّطْيِينِ. وَفِي حَدِيثِ

النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ: فَلْيَنْظُرْ إِلى شِسْعه ورَمِّ مَا دَثَرَ مِنْ سِلَاحِهِ

؛ الرَّمُّ: إِصلاح مَا فَسَدَ ولَمُّ مَا تَفَرَّقَ. ابْنُ سِيدَهْ: رَمَّ الشيءَ يَرُمُّهُ رَمّاً أَصلحه، واسْتَرَمَّ دَعَا إِلى إِصلاحه. ورَمَّ الحبلُ: تَقَطَّعَ. والرِّمَّةُ والرُّمَّةُ: قِطْعَةٌ مِنَ الحبْل بَالِيَةٌ، وَالْجَمْعُ رِمَمٌ ورِمام؛ وَبِهِ سُمِّيَ غَيْلانُ الْعَدَوِيُّ الشَّاعِرُ ذَا الرُّمَّةِ لِقَوْلِهِ فِي أُرجوزته يَعْنِي وَتِداً:

لَمْ يَبْقَ مِنْهَا، أَبَدَ الأَبِيدِ،

غيرُ ثلاثٍ ماثلاتٍ سُودِ

وغيرُ مَشْجوجِ القَفا مَوتُودِ،

فِيهِ بَقايا رُمَّةِ التَّقْليدِ

يَعْنِي مَا بَقِيَ فِي رأْس الوَتِدِ مِنْ رُمَّةِ الطُّنُبِ الْمَعْقُودِ فِيهِ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ: أَعطيته الشَّيْءَ برُمَّتِه أَي بِجَمَاعَتِهِ. والرُّمَّةُ: الْحَبْلُ يقلَّد الْبَعِيرَ. قَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ أَخذ الشَّيْءَ برُمَّتِه: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَن الرُّمَّةَ قِطْعَةُ حَبْلٍ يُشَدُّ بِهَا الأَسير أَو القاتلُ إِذا قِيدَ إِلى الْقَتْلِ للقَوَدِ،

وقولُ عَلِيٍّ يَدُلُّ عَلَى هَذَا حِينَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ ذُكِرَ أَنه رأَى رَجُلًا مَعَ امرأَته فَقَتَلَهُ فَقَالَ: إِن أَقام بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَجَاءَ بأَربعة يَشْهَدُونَ وإِلا فلْيُعْطَ برُمَّتِهِ

، يَقُولُ: إِن لَمْ يُقِم الْبَيِّنَةَ قَادَهُ أَهله بِحَبْلِ عُنُقِهِ إِلى أَولياء الْقَتِيلِ فَيُقْتَلُ بِهِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَخذت الشَّيْءَ تَامًّا كَامِلًا لَمْ يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ، وأَصله الْبَعِيرُ يُشَدُّ فِي عُنُقِهِ حَبْلٌ فَيُقَالُ أَعطاه الْبَعِيرَ برُمَّته؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

وَصْلُ خَرْقاءَ رُمَّةٌ فِي الرِّمام

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَصله أَن رَجُلًا دَفَعَ إِلى رَجُلٍ بَعِيرًا بِحَبْلٍ فِي عُنُقِهِ فَقِيلَ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا بِجُمْلَتِهِ؛ وَهَذَا الْمَعْنَى أَراد الأَعشى بِقَوْلِهِ يُخَاطِبُ خَمَّاراً:

فقلتُ لَهُ: هذِه، هاتِها

بأَدْماءَ فِي حَبْل مُقْتادِها

وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ عَلِيٍّ: الرُّمَّةُ، بِالضَّمِّ، قِطْعَةُ حبْل يُشَدُّ بِهَا الأَسير أَو الْقَاتِلُ الَّذِي يُقاد إِلى الْقِصَاصِ أَي يُسلَّم إِليهم بِالْحَبْلِ الَّذِي شُدَّ بِهِ تَمْكِينًا لَهُمْ مِنْهُ لِئَلَّا يَهْرُبَ، ثُمَّ اتَّسَعُوا فِيهِ حَتَّى قَالُوا أَخذت الشَّيْءَ برُمَّتِهِ وبزَغْبَرِهِ وبجُمْلَتِه أَي أَخذته كُلَّهُ لَمْ أَدع مِنْهُ شَيْئًا. ابْنُ سِيدَهْ: أَخذه برُمَّته أَي بِجَمَاعَتِهِ، وأَخذه برُمَّتِهِ اقْتَادَهُ بِحَبْلِهِ، وأَتيتك بِالشَّيْءِ برُمَّتِهِ أَي كُلِّهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ أَصله أَن يُؤْتى بالأَسير مَشْدُودًا برُمَّتِهِ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ. التَّهْذِيبُ: والرُّمَّة مِنَ الْحَبْلِ، بِضَمِّ الرَّاءِ، مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ تَقَطُّعِهِ، وَجَمْعُهَا رُمٌّ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، يَذُمُّ الدُّنْيَا: وأَسبابُها رِمامٌ

أَي بَالِيَةٌ، وَهِيَ بِالْكَسْرِ جَمْعُ رُمَّةٍ، بِالضَّمِّ، وَهِيَ قِطْعَةُ حَبْلٍ بَالِيَةٌ. وَحَبْلٌ رِمَمٌ ورِمامٌ وأَرْمام: بالٍ، وَصَفُوهُ بِالْجَمْعِ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ وَاحِدًا ثُمَّ جَمَعُوهُ. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَنه نَهَى عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بالرَّوْثِ والرِّمَّةِ

؛ والرِّمَّةُ، بِالْكَسْرِ: الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ، وَالْجَمْعُ رِمَمٌ ورِمام؛ قال لبيد:

والبيت إِن تعرَ مِنِّي رِمَّةٌ خَلَقاً،

بَعْدَ المَماتِ، فَإِنِّي كنتُ أَثَّئِرُ

والرمِيمُ: مِثْلُ الرِّمَّةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ

؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَهِيَ رَمِيمٌ

لأَن فَعِيلًا وفَعُولًا قَدِ اسْتَوَى فِيهِمَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ، مِثْلُ رَسُول وعَدُوٍّ

ص: 252

وصَديقٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي النَّهْيِ عَنِ الاستنجاءِ بالرِّمَّة قَالَ: يَجُوزُ أَن تَكُونَ الرِّمَّة جَمْعَ الرَّمِيم، وإِنما نَهَى عَنْهَا لأَنها رُبَّمَا كَانَتْ مَيْتَةً، وَهِيَ نَجِسَةٌ، أَو لأَن الْعَظْمَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْحَجَرِ لِمَلَاسَتِهِ؛ وَعَظْمٌ رَمِيمٌ وأَعظم رَمائِمُ ورَمِيمٌ أَيضاً؛ قَالَ حَاتِمٌ أَو غَيْرُهُ، الشَّكُّ مِنَ ابْنِ سِيدَهْ:

أَما وَالَّذِي لَا يَعْلَمُ السِّرَّ غَيْرُهُ،

ويُحْيي العِظامَ البِيضَ، وَهِيَ رَمِيمُ

وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي بالرَّمِيمِ الْجِنْسَ فَيَضَعَ الْوَاحِدَ مَوْضِعَ لَفْظِ الْجَمْعِ. والرَّمِيمُ: مَا بَقِيَ مِنْ نَبْتِ عَامِ أَول؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. ورَمَّ العظمُ وَهُوَ يَرِمُّ، بِالْكَسْرِ، رَمّاً ورَمِيماً وأَرَمَّ: صَارَ رِمَّةً؛ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ مِنْهُ رَمَّ العظمُ يَرِمُّ، بِالْكَسْرِ، رِمَّةً أَي بَلِيَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ رَمَّتْ عِظَامُهُ وأَرَمَّتْ إِذا بَلِيَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تُعْرَضُ صلاتُنا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمَّتَ؟

قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْحَرْبِيُّ كَذَا يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُونَ، قَالَ: وَلَا أَعرف وَجْهَهُ، وَالصَّوَابُ أَرَمَّتْ، فَتَكُونُ التَّاءُ لتأْنيث الْعِظَامِ أَو رَمِمْتَ أَي صِرْتَ رَمِيماً، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما هُوَ أَرَمْتَ، بِوَزْنِ ضَرَبْتَ، وأَصله أَرْمَمْتَ أَي بَلِيتَ، فَحُذِفَتْ إِحدى الْمِيمَيْنِ كَمَا قَالُوا أَحَسْتَ فِي أَحْسَسْتَ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ أَرْمَتَّ، بِتَشْدِيدِ التَّاءِ، عَلَى أَنه أَدغم إِحدى الْمِيمَيْنِ فِي التَّاءِ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلٌ سَاقِطٌ، لأَن الْمِيمَ لَا تُدْغَمُ فِي التَّاءِ أَبداً، وَقِيلَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ أُرِمْتَ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، بِوَزْنِ أُمِرْتَ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَرَمَت الإِبل تَأْرمُ إِذا تَنَاوَلَتِ العلفَ وَقَلَعَتْهُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَصل هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ رَمَّ الميتُ وأَرَمَّ إِذا بَليَ. والرِّمَّةُ: الْعَظْمُ الْبَالِي، وَالْفِعْلُ الْمَاضِي مِنْ أَرَمَّ لِلْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ أَرْمَمْتُ وأَرْمَمْتَ، بِإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ كَلُّ فِعْلٍ مضعَّف فإِنه يَظْهَرُ فِيهِ التَّضْعِيفُ مَعَهُمَا، تَقُولُ فِي شَدَّ: شَدَدْتُ، وَفِي أَعَدَّ: أَعْدَدْتُ، وإِنما ظَهَرَ التَّضْعِيفُ لأَن تَاءَ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ مُتَحَرِّكَةٌ وَلَا يَكُونُ مَا قَبْلَهَا إِلا سَاكِنًا، فإِذا سَكَنَ مَا قَبْلَهَا وَهِيَ الْمِيمُ الثَّانِيَةُ الْتَقَى سَاكِنَانِ، فإِن الْمِيمَ الأُولى سَكَنَتْ لأَجل الإِدغام، وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ تَحْرِيكُ الثَّانِي لأَنه وَجَبَ سُكُونُهُ لأَجل تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلا تَحْرِيكُ الأَول، وَحَيْثُ حُرِّكَ ظَهَرَ التَّضْعِيفُ، وَالَّذِي جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بالإِدغام، وَحَيْثُ لَمْ يَظْهَرِ التَّضْعِيفُ فِيهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ احْتَاجُوا أَن يُشَدِّدُوا التَّاءَ لِيَكُونَ مَا قَبْلَهَا سَاكِنًا، حَيْثُ تَعَذَّرَ تَحْرِيكُ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ، أَو يَتْرُكُوا القِياسَ فِي الْتِزَامِ سُكُونِ مَا قَبْلَ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ، قَالَ: فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ وَلَمْ تَكُنْ مُحَرَّفَةً فَلَا يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ إِلا عَلَى لُغَةِ بَعْضِ الْعَرَبِ، فإِن الْخَلِيلَ زَعَمَ أَن نَاسًا مِنْ بَكْر بْنِ وائلٍ يَقُولُونَ: رَدَّتُ ورَدَّتَ، وَكَذَلِكَ مَعَ جَمَاعَةِ الْمُؤَنَّثِ يَقُولُونَ: رُدَّنَ ومُرَّنَ، يُرِيدُونَ رَدَدْتُ ورَدَدْتَ وارْدُدْنَ وامْرُرْنَ، قَالَ: كأَنهم قَدَّرُوا الإِدْغامَ قَبْلَ دُخُولِ التَّاءِ وَالنُّونِ، فَيَكُونُ لَفْظُ الْحَدِيثِ أَرَمَّتَ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءِ. والرَّميمُ: الخَلَقُ الْبَالِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. ورَمَّتِ الشاةُ الْحَشِيشَ تَرُمُّه رَمّاً: أَخذته بِشَفَتِهَا. وَشَاةٌ رَمُومٌ: تَرُمُّ مَا مَرَّتْ بِهِ. ورَمَّتِ البهمةُ وارْتَمَّتْ: تَنَاوَلَتِ الْعِيدَانَ. وارْتَمَّتِ الشَّاةُ مِنَ الأَرض أَي رَمَّتْ وأَكلت. وَفِي الْحَدِيثِ

عَلَيْكُمْ بأَلْبان الْبَقَرِ فَإِنَّهَا تَرُمُّ مِنْ كُلِّ الشَّجَرِ

أَي

ص: 253

تأْكل، وَفِي رِوَايَةٍ:

تَرْتَمُ

؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الرَّمُّ والارْتِمامُ الأَكل؛ والرُّمامُ مِنَ البَقْلِ، حِينَ يَبْقُلُ، رُمامٌ أَيضاً. الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلَّذِي يَقُشُّ مَا سَقَطَ مِنَ الطَّعَامِ وأَرْذَله ليأْكله وَلَا يَتَوَقَّى قَذَرَهُ: فلانٌ رَمَّام قَشَّاش وَهُوَ يَتَرَمَّمُ كُلَّ رُمامٍ أَي يأْكله. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَمَّ فُلَانٌ مَا فِي الغَضارَةِ إِذا أَكل مَا فِيهَا. والمِرَمَّةُ، بِالْكَسْرِ: شَفَةُ الْبَقَرَةِ وكلِّ ذَاتِ ظِلْفٍ لأَنها بِهَا تأْكل، والمَرَمَّةُ، بِالْفَتْحِ، لُغَةٌ فِيهِ؛ أَبو الْعَبَّاسِ: هِيَ الشَّفَةُ مِنَ الإِنسان، وَمِنَ الظِّلْفِ المِرَمَّة والمِقَمَّة، وَمِنْ ذَوَاتِ الْخُفِّ المِشْفَرُ. وَفِي حَدِيثِ الهِرَّة:

حَبَسَتْها فَلَا أَطْعَمَتْها وَلَا أَرسلتْها تُرَمْرِمُ مِنْ خَشاشِ الأَرض

أَي تأْكل، وأَصلها مِنْ رَمَّتِ الشَّاةُ وارْتَمَّتْ مِنَ الأَرض إِذا أَكلت، والمِرَمَّةُ مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْفِ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: كالفَم مِنَ الإِنسان. والرِّمُّ، بِالْكَسْرِ: الثَّرى؛ يُقَالُ: جَاءَ بالطِّمِّ والرِّمِّ إِذا جَاءَ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ؛ وَقِيلَ: الطِّمُّ الْبَحْرُ، والرِّمُّ، بِالْكَسْرِ، الثَّرَى، وَقِيلَ: الطِّمُّ الرَّطْبُ والرِّمُّ الْيَابِسُ، وَقِيلَ: الطِّمُّ التُّرْبُ والرِّمُّ الْمَاءُ، وَقِيلَ: الطِّمُّ مَا حَمَلَهُ الْمَاءُ والرِّمُّ مَا حَمله الرِّيحُ، وَقِيلَ: الرِّمُّ مَا عَلَى وَجْهِ الأَرض مِنْ فُتات الْحَشِيشِ. والإِرْمام: آخِرُ مَا يَبْقَى مِنَ النَّبْتِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

تَرْعى سُمَيْراء إِلى إِرْمامِها

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: قَبْلَ أَن يَكُونَ ثُماماً ثُمَّ رُماماً

؛ الرُّمامُ، بِالضَّمِّ: مُبَالَغَةٌ فِي الرَّميم، يُرِيدُ الهَشِيمَ الْمُتَفَتِّتَ مِنَ النَّبْتِ، وَقِيلَ: هُوَ حِينَ تَنْبُتُ رؤوسه فتُرَمُّ أَي تُؤْكَلُ. وَفِي حَدِيثِ

زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ: حُمِلْتُ عَلَى رِمٍّ مِنَ الأَكرْادِ

أَي جَمَاعَةٌ نُزول كالحَيّ مِنَ الأَعراب؛ قَالَ أَبو مُوسَى: فكأَنه اسْمٌ أَعجمي، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الرِّمِّ، وَهُوَ الثَّرَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جَاءَ بالطِّمِّ والرِّمِّ. والمَرَمَّةُ: مَتَاعُ الْبَيْتِ. وَمِنْ كَلَامِهِمُ السَّائِرِ: جَاءَ فُلَانٌ بالطِّمِّ والرِّمِّ؛ مَعْنَاهُ جَاءَ بِكُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يَكُونُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، أَرادوا بالطِّمِّ الْبَحْرَ، والأَصل الطَّمُّ، بِفَتْحِ الطَّاءِ، فَكُسِرَتِ الطَّاءُ لِمُعَاقَبَتِهِ الرِّمَّ، والرِّمُّ مَا فِي الْبَرِّ مِنَ النَّبَاتِ وَغَيْرِهِ. وَمَا لَهُ ثُمٌ وَلَا رُمٌّ؛ الثُّمُّ: قُماش النَّاسِ أَساقيهم وَآنِيَتَهُمْ، والرُّمُّ مَرَمَّةُ الْبَيْتِ. وَمَا عَنْ ذَلِكَ حُمٌّ وَلَا رُمٌّ؛ حُمٌّ: مَحال، ورُمٌّ إِتباع. وَمَا لَهُ رُمٌّ غيرُ كَذَا أَي هَمٌّ. التَّهْذِيبُ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ النَّفْيِ: مَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ الأَمرِ حَمٌّ وَلَا رَمٌّ أَي بُدٌّ، وَقَدْ يضمَّان، قَالَ اللَّيْثُ: أَما حَمٌّ فَمَعْنَاهُ لَيْسَ يَحُولُ دُونَهُ قَضَاءٌ، قَالَ: ورَمٌّ صِلَة كَقَوْلِهِمْ حَسَن بَسَن؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَا لَهُ حُمٌّ وَلَا سُمٌّ أَي مَا لَهُ هَمٌّ غَيْرَكَ. وَيُقَالُ: مَا لَهُ حُمٌّ وَلَا رُمٌّ أَي لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، وأَما الرُّمُّ فإِن ابْنَ السِّكِّيتِ قَالَ: يُقَالُ مَا لَهُ ثُمٌّ وَلَا رُمٌّ وَمَا يَمْلِكُ ثُمّاً وَلَا رُمّاً، قَالَ: والثُّمُّ قُمَاشُ النَّاسِ أَساقيهم وَآنِيَتَهُمْ، والرُّمُّ مَرَمَّةُ الْبَيْتِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْكَلَامُ هُوَ هَذَا لَا مَا قَالَهُ اللَّيْثُ، قَالَ: وقرأْت بِخَطِّ شِمْرٍ فِي حَدِيثِ

عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ ذَكَرَ أُحَيْحَةَ بْنَ الجُلاح وَقَوْلَ أَخواله فِيهِ: كُنَّا أَهل ثُمِّه ورُمِّه حَتَّى اسْتَوَى عَلَى عُمُمِّهِ

؛ قَالَ: أَبو عُبَيْدٍ حَدَّثُوهُ بِضَمِّ الثَّاءِ وَالرَّاءِ، قَالَ وَوَجْهُهُ عِنْدِي ثَمِّه ورَمِّه، بِالْفَتْحِ، قَالَ: والثَّمُّ إِصلاح الشَّيْءِ وإِحكامه، والرَّمُّ الأَكل؛

قَالَ شَمِرٌ: وَكَانَ هَاشِمُ بْنُ عبدِ مَنافٍ تَزَوَّجَ سَلْمى بِنْتِ زَيْدٍ النَّجَّاريّة بَعْدَ أُحَيْحَةَ بْنِ الجُلاح فَوَلَدَتْ لَهُ شَيْبةَ وَتُوُفِّيَ هَاشِمٌ وشَبَّ الْغُلَامُ، فقَدِم المطَّلِب بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ فرأَى

رَمَتْني، وسِتْرُ اللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا،

عَشِيَّةَ أَحجارِ الكِناسِ، رَمِيمُ

أَراد بأَحْجار الكِناس رَمْلَ الكِناس. وأَرْمام: مَوْضِعٌ. ويَرَمْرَمُ: جَبَلٌ، وَرُبَّمَا قَالُوا يَلَمْلَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ رُمّ، بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَهِيَ بِئْرٌ بِمَكَّةَ مِنْ حَفْرِ مُرَّة بْنِ كعب.

رنم: الرَّنِيمُ والتَّرْنِيمُ: تَطْرِيبُ الصَّوْتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ أَذَنَه لِنَبِيٍّ حَسَنِ التَّرَنُّمِ بِالْقُرْآنِ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

حَسَنِ الصَّوْتِ يتَرَنَّمُ بِالْقُرْآنِ

؛ التَّرنُّمُ: التَّطْرِيبُ والتغَنِّي وَتَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالتِّلَاوَةِ

(7). قوله [قال] أَي سيبويه، وقوله [سألته] يعني الخليل، وقد صرح بذلك الجوهري في مادة ر م ن

ص: 254

وَيُطْلَقُ عَلَى الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ، ورَنَّمَ الحَمامُ والمُكَّاء والجُنْدُبُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

كأنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ،

إِذا تجاوَبَ مِنْ بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ

وَالْحَمَامَةُ تَتَرنَّمُ، وَلِلْمُكَّاءِ فِي صَوْتِهِ تَرْنِيمٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّنَمُ، بِالتَّحْرِيكِ، الصَّوْتُ. وَقَدْ رَنِمَ، بِالْكَسْرِ، وتَرَنّمَ إِذا رَجَّعَ صَوْتَهُ، وَالتَّرْنِيمُ مِثْلُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

إِذا تجاوَبَ مِنْ بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ

وتَرَنَّمَ الطَّائِرُ فِي هَديرِه، وتَرَنَّمَ الْقَوْسُ عِنْدَ الإِنْباضِ، وتَرَنَّمَ الْحَمَامُ وَالْقَوْسُ وَالْعُودُ، وَكُلُّ مَا اسْتُلِذَّ صَوْتُهُ وَسُمِعَ مِنْهُ رَنَمَةٌ حَسَنَةٌ «1» فَلَهُ تَرْنِيمٌ، وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ، وقال: أَراد بِبُرْدَيْهِ جَنَاحَيْهِ، وَلَهُ صَريرٌ يَقَعُ فِيهِمَا إِذا رَمِضَ فَطَارَ وَجَعَلَهُ تَرْنِيماً. ابْنُ الأَعرابي: الرُّنُمُ المُغَنِّيات المُجِيدات، قَالَ: والرُّنُمُ الْجَوَارِي «2» الكَيِّساتُ. وَقَوْسٌ تَرْنَمُوتٌ لَهَا حَنين عِنْدَ الرَّمْيِ. والتَّرْنَموت أَيضاً: تَرَنُّمها عِنْدَ الإِنْباض؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: أَنشدني الغَنَويّ فِي الْقَوْسِ:

شِرْيانَةٌ تُرْزِم مِنْ عُنْتُوتها،

تُجاوِبُ القَوْسَ بتَرْنَمُوتِها،

تَسْتَخْرِجُ الحَبَّة مِنْ تابوتِها

يَعْنِي حَبَّةَ الْقَلْبِ مِنَ الْجَوْفِ، وَقَوْلُهُ بِتَرْنَمُوتها أَي بتَرَنُّمها. الْجَوْهَرِيُّ: والتَّرْنَموتُ التَّرَنُّمُ، زَادُوا فِيهِ الْوَاوَ وَالتَّاءَ كَمَا زَادُوا فِي مَلَكُوتٍ. الأَصمعي: مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ الحُرْبُثُ والرَّنَمَةُ والتَّرِبَةُ؛ قَالَ شَمِرٌ: رَوَاهُ المِسْعَريُّ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ الرَّنَمة، قَالَ: وَهُوَ عِنْدَنَا الرَّتَمة، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الرَّنَمَةُ مِنْ دِقِّ النَّبَاتِ مَعْرُوفٍ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرَّنَمَةُ، بِالنُّونِ، ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ يَعْرِفْ شَمِرٌ الرَّنَمَةَ فَظَنَّ أَنه تَصْحِيفٌ وَصَيَّرَهُ الرَّتَمَةَ، والرَّتَمُ مِنَ الأَشجار الْكِبَارُ ذَوَاتُ السَّاقِ، والرَّنَمَةُ من دِقِّ النبات.

رهم: الرِّهْمةُ، بِالْكَسْرِ: الْمَطَرُ الضَّعِيفُ الدَّائِمُ الصَّغِيرُ القَطْر، وَالْجَمْعُ رِهَمٌ ورِهامٌ، قَالَ أَبو زَيْدٍ: مِنَ الدِّيمة الرِّهْمَةُ، وَهِيَ أَشد وَقْعًا مِنَ الدِّيمَةِ وأَسرع ذَهَابًا. وَفِي حَدِيثِ

طَهْفَةَ: وَنَسْتَحِيلُ الرِّهامَ وَهِيَ الأَمطار الضَّعِيفَةُ.

وأَرْهَمَتِ السَّحَابَةُ: أَتت بالرِّهام. وأَرْهَمَتِ السَّمَاءُ إِرْهاماً: أَمطرت. وَرَوْضَةٌ مَرْهُومَةٌ، وَلَمْ يَقُولُوا مُرْهَمَةٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

أَو نَفْحَة مِنْ أَعالي حَنْوَةٍ مَعَجَتْ

فِيهَا الصَّبا مَوْهِناً، والرَّوْضُ مَرْهومُ

وَنَزَلْنَا بِفُلَانٍ فَكُنَّا فِي أَرْهَمِ جَانِبَيْهِ أَي أَخصبهما. والمَرْهَمُ: طِلاء يُطْلى بِهِ الْجُرْحُ، وَهُوَ أَلين مَا يَكُونُ مِنَ الدَّوَاءِ، مُشْتَقٌّ مِنَ الرِّهْمَةِ لِلِينِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مُعَرَّبٌ. والرَّهامُ: مَا لَا يَصِيدُ مِنَ الطَّيْرِ، الأَزهري: والرُّهْم جَمَاعَتُهُ وَبِهِ سُمِّيَتِ المرأَة رُهْماً، قَالَ: وَقِيلَ الرُّهامُ جَمْعُ رُهامةٍ؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف الرُّهامَ، قَالَ: وأَرجو أَن يَكُونَ صَحِيحًا. وَبَنُو رُهْم: بَطْنٌ. الْجَوْهَرِيُّ: ورُهْمٌ، بِالضَّمِّ، اسْمُ امرأَة؛ وأَنشد الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ برعس:

(1). قوله [رنمة حسنة] كذا هو مضبوط في الأَصل بالتحريك وإِليه مال شارح القاموس وأَيده بعبارة الأَساس

(2)

. قوله [والرنم الجواري] كذا هو بالأَصل بالنون، وكتب عليه بالهامش ما نصه: صوابه الرمم

ص: 257

إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدائمُ،

فاعْمِدْ بَراعِيسَ أَبوها الرَّاهِمُ

قَالَ: وراهِمٌ اسْمُ فحل.

رهسم: رَهْسَمَ فِي كَلَامِهِ ورَهْسَمَ الخبرَ: أَتى مِنْهُ بطَرَفٍ وَلَمْ يُفْصِح بِجَمِيعِهِ، ورَهْمَسه مِثْلُ رَهْسَمَه.

وأُتيَ الْحَجَّاجُ بِرَجُلٍ فَقَالَ: أَمن أَهل الرَّسِّ والرَّهْمَسَةِ أَنت؟

كأَنه أَراد المسارَّة فِي إِثارة الْفِتَنِ وشقِّ العَصا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ يُرَهْمِسُ ويُرَهْسِمُ إِذا سارَّ وساوَرَ.

روم: رَامَ الشيءَ يَرومُهُ رَوْماً ومَراماً: طَلَبَهُ، وَمِنْهُ رَوْمُ الْحَرَكَةِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَالْمَجْرُورِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما الَّذِينَ رَامُوا الْحَرَكَةَ فإِنه دَعَاهُمْ إِلى ذَلِكَ الحِرْصُ عَلَى أَن يُخرجوها مِنْ حالِ مَا لَزِمَهُ إِسكانٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وأَن يُعلموا أَن حَالَهَا عِنْدَهُمْ لَيْسَ كَحَالِ مَا سَكَنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَذَلِكَ أَراد الَّذِينَ أَشَمُّوا إِلا أَن هَؤُلَاءِ أَشد تَوْكِيدًا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: رَوْمُ الْحَرَكَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ حَرَكَةٌ مُخْتَلَسَةٌ مُخْتفاةٌ لِضَرْبٍ مِنَ التَّخْفِيفِ، وَهِيَ أَكثر مِنَ الإِشمام لأَنها تُسْمَعُ، وَهِيَ بِزِنَةِ الْحَرَكَةِ وإِن كَانَتْ مُخْتلَسة مِثْلَ هَمْزَةٍ بَيْنَ بَيْنَ كَمَا قَالَ:

أَأَن زُمَّ أَجْمالٌ وفارقَ جِيرَةً،

وَصَاحَ غُراب البَيْنِ: أَنتَ حَزِينُ

قَوْلُهُ أَأَن زُمَّ: تَقْطِيعُهُ فَعُولُنْ، وَلَا يَجُوزُ تَسْكِينُ الْعَيْنِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: شَهْرُ رَمَضانَ، فِيمَنْ أَخفى إِنما هُوَ بِحَرَكَةٍ مُخْتَلَسَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَن تَكُونَ الرَّاءُ الأُولى سَاكِنَةً لأَن الْهَاءَ قَبْلَهَا سَاكِنٌ، فَيُؤَدِّي إِلى الْجَمْعِ بَيْنَ السَّاكِنِينَ فِي الْوَصْلِ مِنْ غَيْرِ أَن يَكُونَ قَبْلَهَا حَرْفُ لِينٍ، قَالَ: وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي شَيْءٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وأَمَّنْ لا يَهِدِّي ويَخِصِّمُونَ، وأَشباه ذَلِكَ، قَالَ: وَلَا مُعْتَبَر بِقَوْلِ القُرَّاء إِن هَذَا وَنَحْوَهُ مُدْغَمٌ لأَنهم لَا يُحَصِّلون هَذَا الْبَابَ، وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ السَّاكِنِينَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَصِحُّ فِيهِ اخْتِلَاسُ الْحَرَكَةِ فَهُوَ مُخْطِئٌ كقراءَة حَمْزَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَا اسْطاعُوا، لأَنَّ سِينَ الِاسْتِفْعَالِ لَا يَجُوزُ تَحْرِيكُهَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمَرامُ المَطْلَبُ. ابْنُ الأَعرابي: رَوَّمْتُ فُلَانًا ورَوَّمْتُ بِفُلَانٍ إِذا جَعَلْتَهُ يَطْلُبُ الشَّيْءَ. والرامُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ. والرَّوْمُ: شَحْمة الأُذن. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: أَنه أَوصى رَجُلًا فِي طَهَارَتِهِ فَقَالَ: تَعَهَّد المَغْفَلَةَ والمَنْشَلَةَ والرَّوْمَ

؛ هُوَ شَحْمَةُ الأُذن. والرُّومُ: جِيلٌ مَعْرُوفٌ، وَاحِدُهُمْ رُوميّ، يَنْتَمون إِلى عِيصُو بْنِ إِسحاق النَّبِيِّ، عليه السلام. ورُومانُ، بِالضَّمِّ: اسْمُ رَجُلٍ، قَالَ الْفَارِسِيُّ: رُومٌ ورُومِيّ مِنْ بَابِ زَنْجِيّ وَزَنْج؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِثْلُهُ عِنْدِي فارِسيّ وفُرْسٌ، قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ إِلا الْيَاءَ الْمُشَدَّدَةَ كَمَا قَالُوا تَمْرَةٌ وَتَمْرٌ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ إِلا الْهَاءُ. قَالَ: والرُّومَة بِغَيْرِ هَمْزٍ الغِراء الَّذِي يُلْصَقُ بِهِ رِيشُ السَّهْمِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَحَكَاهَا ثَعْلَبٌ مَهْمُوزَةً. ورُومة: بِئْرٌ بِالْمَدِينَةِ. وَبِئْرُ رُومَةَ، بِضَمِّ الرَّاءِ: الَّتِي حَفَرَهَا عُثْمَانُ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: اشْتَرَاهَا وسَبَّلها. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الرُّومِيُّ شِراعُ السَّفِينَةِ الْفَارِغَةِ، والمُرْبعُ شِراع المَلأَى. ورامَةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْبَادِيَةِ؛ وَفِيهِ جَاءَ الْمَثَلُ:

تَسْألُني برامَتَيْنِ سَلْجَما

ص: 258

وَالنِّسْبَةُ إِليهم رامِيّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ النِّسْبَةُ إِلى رامَهُرْمُزَ، وَهُوَ بَلَدٌ، وإِن شِئْتَ هُرْمُزِيّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو حَنِيفَةَ سَلْجَمُ مُعَرَّبٌ وأَصله بِالشِّينِ، قَالَ: وَالْعَرَبُ لَا تَتَكَلَّمُ بِهِ إِلا بِالسِّينِ غَيْرَ الْمُعْجَمَةِ؛ وَقِيلَ لرامِيٍّ: لمَ زَرَعْتُمُ السَّلْجَمَ؟ فَقَالَ: مُعَانَدَةً لِقَوْلِهِ:

تَسْأَلُني برامَتَيْنِ سَلْجَما،

يَا مَيُّ، لَوْ سأَلتِ شَيْئًا أَمَما،

جَاءَ بِهِ الكَرِيُّ أَو تَجَشَّما

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ وَالنِّسْبَةُ إِلى رَامَةٍ رامِيّ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ، قَالَ: هُوَ عَلَى الْقِيَاسِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ النَّسَبُ إِلى رامَتَيْن رامِيّ، كَمَا يُقَالُ فِي النَّسَبِ إِلى الزَّيْدَيْنِ زَيْدِيّ، قَالَ: فَقَوْلُهُ رَامِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لَا مَعْنَى لَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ النَّسَبِ إِلى رامَهُرْمُز رامِيّ عَلَى الْقِيَاسِ. ورُومَةُ: مَوْضِعٌ، بِالسُّرْيَانِيَّةِ. ورُوَيْمٌ: اسْمٌ. ورُومانُ: أَبو قَبِيلَةٍ. ورُوام: مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ رامَةُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

لِمَنْ طَلَلٌ برامَةَ لَا يَرِيمُ

عَفَا، وخِلالُهُ حُقُبٌ قَدِيمُ؟

فأَما إِكثارهم مِنْ تَثْنِيَةِ رامَةَ فِي الشِّعْرِ فَعَلَى قَوْلِهِمْ لِلْبَعِيرِ ذُو عَثانِينَ، كأَنه قَسَّمَهَا جُزْئَيْنِ كَمَا قَسَّمَ تِلْكَ أَجزاء؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى رامَتَيْنِ أَنها تَثْنِيَةٌ سُمِّيَتْ بِهَا الْبَلْدَةُ لِلضَّرُورَةِ، لأَنهما لَوْ كَانَتَا أَرْضَين لَقِيلَ الرَّامَتَيْنِ بالأَلف وَاللَّامِ كَقَوْلِهِمُ الزَّيْدَانِ، وَقَدْ جَاءَ الرامَتان بِاللَّامِ؛ قَالَ كثيِّر:

خَلِيلَيَّ حُثَّا العِيسَ نُصْبِحْ، وَقَدْ بَدَتْ،

لَنَا مِنْ جِبَالِ الرامَتَيْنِ، مَناكِبُ

ورامَهُرْمُزَ: مَوْضِعٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا فِيهَا مِنَ اللغات والنسب إِليها.

ريم: الرَّيْمُ: البَراحُ، وَالْفِعْلُ رامَ يَرِيمُ إِذا بَرِحَ. يُقَالُ: مَا يَرِيمُ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَي مَا يَبْرَحُ. ابْنُ سِيدَهْ: يُقَالُ مَا رِمْتُ أَفعله وَمَا رِمْتُ الْمَكَانَ وَمَا رِمْتُ مِنْهُ. ورَيَّمَ بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه قَالَ لِلْعَبَّاسِ لَا تَرِمْ مِنْ مَنْزِلِكَ غَدًا أَنت وبَنُوكَ

أَي لَا تَبْرَح، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

فَوَالكَعْبَة مَا رَامُوا

أَي مَا بَرِحُوا. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ رامَهُ يَرِيمُهُ رَيْماً أَي بَرِحَهُ. يُقَالُ: لَا تَرِمْه أَي لَا تَبْرَحْهُ؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:

فأَلْقَى التِّهامِي مِنْهُمَا بلَطاتِه،

وأَحْلَطَ هَذَا لَا أَرِيمُ مكانِيا

وَيُقَالُ: رِمْتُ فُلَانًا ورِمْتُ مِنْ عِنْدِ فُلَانٍ بِمَعْنًى؛ قَالَ الأَعشى:

أَبانا فَلَا رِمْتَ مِن عِنْدِنَا،

فإِنَّا بخَيْرٍ إِذا لَمْ تَرِمْ

أَي لَا بَرِحْتَ. والرَّيْمُ: التَّبَاعُدُ، مَا يَرِيمُ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يَقُولُ فِي قَوْلِهِمْ يَا رمْت بكرٍ قَدْ رَمَتْ «1» ، قَالَ: وَغَيْرُهُ لَا يَقُولُهُ إِلا بِحَرْفِ جَحْدٍ؛ قَالَ وأَنشدني:

هَلْ رَامَنِي أَحدٌ أَراد خَبِيطَتي،

أَمْ هَلْ تَعَذَّر سَاحَتِي وجَنابي؟

يُرِيدُ: هَلْ بَرِحَني، وَغَيْرُهُ يُنْشِدُهُ: مَا رَامَنِي. وَيُقَالُ: رَيَّمَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذا زَادَ عَلَيْهِ. والرَّيْمُ: الزِّيَادَةُ وَالْفَضْلُ. يُقَالُ: لَهَا رَيمٌ عَلَى هَذَا أَي فَضْلٌ؛

(1). قوله [فِي قَوْلِهِمْ يَا رِمْتَ بكر قد رمت] كذا هو بالأَصل بهذا الضبط

ص: 259

قَالَ الْعَجَّاجُ:

والعَصْر قبلَ هَذِهِ العُصُورِ

مُجَرِّساتٍ غِرَّةَ الغَرِيرِ

بالزَّجْرِ والرَّيْمِ عَلَى المَزْجورِ

أَي مَنْ زُجِرَ فَعَلَيْهِ الْفَضْلُ أَبداً لأَنه إِنما يُزْجَرُ عَنْ أَمر قَصَّرَ فِيهِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضاً:

فَأَقْعِ كَمَا أَقْعَى أَبوكَ عَلَى اسْتِهِ،

يَرَى أَن رَيْماً فَوْقَهُ لَا يُعادِلُهْ

والرَّيْمُ: الدَّرجة والدُّكَّان، يَمَانِيَّةٌ. والرَّيْمُ: النَّصِيبُ يَبقى مِنَ الجَزورِ، وَقِيلَ: هو عظم يبقى بعد ما يُقْسَمُ لَحْمُ الجَزور والمَيْسِر، وَقِيلَ: هُوَ عَظْمٌ يَفْضُلُ لَا يَبْلُغُهُمْ جَمِيعًا فيُعْطاه الجَزَّارُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُؤْتَى بالجَزور فَيَنْحَرُها صَاحِبُهَا ثُمَّ يَجْعَلُهَا عَلَى وَضَمٍ وَقَدْ جَزَّأَها عَشَرَةَ أَجزاء عَلَى الْوَرِكَيْنِ وَالْفَخِذَيْنِ والعَجُزِ والكاهلِ والزَّوْرِ والمَلْحاء وَالْكَتِفَيْنِ، وَفِيهِمَا الْعَضُدَانِ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلى الطَّفاطِف وخَرَزِ الرقَبة فَيُقَسِّمُهَا صَاحِبُهَا عَلَى تِلْكَ الأَجزاء بِالسَّوِيَّةِ، فإِن بَقِيَ عَظْمٌ أَو بَضعة فَذَلِكَ الرَّيْمُ، ثُمَّ يَنْتَظِرُ بِهِ الْجَازِرُ مَنْ أَراده فَمَنْ فَازَ قِدْحُه فأَخذه يَثْبُتُ بِهِ، وإِلا فَهُوَ لِلْجَازِرِ؛ قَالَ شَاعِرٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ:

وَكُنْتُمْ كَعَظْمِ الرَّيْمِ، لَمْ يَدْرِ جازِرٌ

عَلَى أَيِّ بَدْأَيْ مَقْسِمِ اللَّحْمِ يُجْعَلُ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده اللِّحْيَانِيُّ، وَرِوَايَةُ يَعْقُوبَ: يُوضَعُ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ مَا أَنشده اللِّحْيَانِيُّ، وَلَمْ يَرْوِ يُوضع أَحد غَيْرَ يَعْقُوبَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لأَوْسِ بْنِ حَجَرٍ مِنْ قَصِيدَةٍ عَيْنِيَّةٍ وَهُوَ للطِرمَّاحِ الأَجَئيّ مِنْ قَصِيدَةٍ لَامِيَّةٍ، وَقِيلَ: لأَبي شَمِرِ بْنِ حُجْر، قَالَ: وَصَوَابُهُ يُجْعَلُ مَكَانَ يُوضَعُ، قَالَ: وَكَذَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُ؛ وَقَبْلُهُ:

أَبوكُمْ لَئِيمٌ غَيْرُ حُرّ، وأُمُّكُمْ

بُرَيْدَةُ إِن ساءتْكُمُ لَا تُبَدَّلُ

والرَّيْمُ: القَبر، وَقِيلَ: وَسَطُهُ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْبِ:

إِذا مُتُّ فاعتادِي القُبورَ وسَلِّمِي

عَلَى الرَّيْم، أُسْقِيتِ الغَمامَ الغَوادِيا

والرَّيْمُ: آخِرُ النَّهَارِ إِلى اخْتِلَاطِ الظُّلْمَةِ. وَيُقَالُ: عَلَيْكَ نَهَارٌ رَيْمٌ أَي عَلَيْكَ نَهَارٌ طَوِيلٌ. يُقَالُ: قَدْ بَقِيَ رَيْمٌ مِنَ النَّهَارِ وَهِيَ السَّاعَةُ الطَّوِيلَةُ. ورِيمَ بِالرَّجُلِ إِذا قُطِعَ بِهِ؛ وَقَالَ:

ورِيمَ بالسَّاقي الَّذِي كَانَ مَعِي

ابْنُ السِّكِّيتِ: ورَيَّمَ فُلَانٌ بِالْمَكَانِ تَرْيِيماً أَقام بِهِ. ورَيَّمَتِ السَّحَابَةُ فأَغْضَنَتْ إِذا دامَت فَلَمْ تُقْلِعْ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَيَّمَ زَادَ فِي السَّيْرِ مِنَ الرَّيْم، وَهُوَ الزِّيادة وَالْفَضْلُ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبي الصَّلْتِ:

رَيَّمَ فِي البَحْرِ للأَعداءِ أَحْوالا

قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ رَيَّمَ مِنَ الرَّيْمِ وَهُوَ آخِرُ النَّهَارِ، فكأَنه يُرِيدُ أَدْأَبَ السَّيْرَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، كَمَا يُقَالُ أَوَّبَ إِذا سَارَ النَّهَارَ كُلَّهُ، وَقَدْ يَكُونُ رَيَّمَ مِنَ الرَّيْمِ وَهُوَ الْبَرَاحُ، فكأَنه يُرِيدُ أَكثر الجَوَلانَ والبَراحَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ. والرِّيمُ: الظَّبْيُ الأَبيض الْخَالِصُ الْبَيَاضِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي كِتَابِهِ يَضَعُ مِنَ ابْنِ السِّكِّيتِ: أَيُّ شَيْءٍ

ص: 260