الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَمْعُ جامَة، وَجَمْعُهَا جاماتٌ، وَتَصْغِيرُهَا جُوَيْمة، قَالَ: وَهِيَ مؤنثة أَعني الجام.
جيم: الْجِيمُ: حَرْفُ هِجَاءٍ، وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ؛ التَّهْذِيبُ: الْجِيمُ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي تُؤَنَّثُ وَيَجُوزُ تَذْكِيرُهَا. وَقَدْ جَيَّمْتُ جِيماً إِذا كَتَبْتَهَا «1» .
جيعم: الجَيْعَمُ: الجائع.
فصل الحاء المهملة
حبرم: الأَزهري: مِنَ الرُّبَاعِيِّ «2» . المؤلَّفِ المُحَبْرَمُ وَهُوَ مَرَقَةُ حَبِّ الرُّمَّان.
حتم: الحَتْمُ: الْقَضَاءُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحَتْمُ إِيجاب القَضاء. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا
؛ وَجَمْعُهُ حُتُومٌ؛ قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
حَنَانَيْ رَبِّنا، وَلَهُ عَنَوْنَا،
…
بكَفَّيْهِ المَنايا والحُتُومُ
وَفِي الصِّحَاحِ:
عِبادُك يُخْطِئونَ، وأَنتَ رَبٌّ
…
بكَفَّيْكَ المَنايا والحُتومُ
وحَتَمْتُ عليه الشيءَ: أَوْجَبْتُ. وَفِي حَدِيثِ الوِتْر:
الوِتْرُ لَيْسَ بحَتْمٍ كَصَلَاةِ المَكْتوبة
؛ الحَتْمُ:؛ اللَّازِمُ الْوَاجِبُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ. وحَتَمَ اللهُ الأَمرَ يَحْتِمُه: قَضَاهُ. والحاتِمُ: الْقَاضِي، وَكَانَتْ فِي الْعَرَبِ امرأَة مُفَوَّهَةٌ يُقَالُ لَهَا صَدُوفُ، قَالَتْ: لَا أَتَزَوَّج إِلا مَنْ يَرُدُّ عَلَيَّ جَوابي، فَجَاءَ خَاطِبٌ فَوَقَفَ بِبَابِهَا فَقَالَتْ: مَنْ أَنتَ؟ فَقَالَ: بَشَرٌ وُلِدَ صَغِيرًا ونشأَ كَبِيرًا، قَالَتْ: أَين مَنْزِلُكَ؟ قَالَ: عَلَى بِساطٍ وَاسِعٍ وَبَلَدٍ شاسِعٍ، قريبُهُ بعيدٌ وبعيدُهُ قريبٌ، فَقَالَتْ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: مَنْ شَاءَ أَحْدَثَ اسْماً، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتْماً، قَالَتْ: كأَنه لَا حَاجَةَ لَكَ، قَالَ: لَوْ لَمْ تَكُنْ حاجةٌ لَمْ آتِكِ، وَلَمْ أَقِفْ ببابِكِ، وأَصِلْ بأَسبابك، قَالَتْ: أَسِرٌّ حَاجَتُكَ أَمْ جَهْرٌ؟ قَالَ: سِرٌّ وسَتُعْلَنُ قَالَتْ: فأَنتَ خَاطِبٌ؟ قَالَ: هُوَ ذَاكَ، قَالَتْ: قُضِيَتْ، فتزوَّجها. والحَتْمُ: إِحْكام الأَمرِ. والحاتِمُ: الغُراب الأَسود؛ وأَنشد لمُرَقِّش السَّدوسي، وَقِيلَ هو لخُزَرِ بْنِ لَوْذان:
لَا يَمْنَعَنَّكَ، من بِغاءِ
…
الخَيْرِ، تَعْقادُ التَّمائِمْ
وَلَقَدْ غَدَوْتُ، وكنتُ لَا
…
أَغْدُو، عَلَى واقٍ وحاتِمْ
فإِذا الأَشائِمُ كالأَيامِنِ،
…
والأَيامِنُ كالأَشائِمْ
وكذاكَ لَا خَيْرٌ، وَلَا
…
شَرٌّ عَلَى أَحدٍ بدائِمْ
قَدْ خُطَّ ذلك في الزُّبورِ
…
الأَوَّليَّاتِ القَدائِمْ
قَالَ: والحاتِمُ المَشْؤوم. والحاتِمُ: الأَسْود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
إِن جاءتْ بِهِ أَسْحَمَ
(1). زاد في شرح القاموس: الجيم بالكسر الجمل المغتلم، نقله في البصائر عن الخليل، وأنشد:
كأني جيم في الوغى ذو شكيمة
…
ترى البزل فيه راتعات ضوامرا
والجيم: الديباج، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وبه سمى كتابه في اللغة لحسنه، نقله في البصائر
(2)
. قوله [من الرباعي إلخ] عبارته: ومن الرباعي المؤلف قولهم لمرقة حب الرمان: المحبرم، ومنه قول الراجز: لم يعرف السكباج والمحبرما
أَحْتَمَ
أَي أَسود. والحَتَمَةُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ «1» وَالتَّاءِ: السَّوَادُ، وَقِيلَ: سُمِّي الْغُرَابُ الأَسود حاتِماً لأَنه يَحْتِمُ عِنْدَهُمْ بالفِراق إِذا نَعَبَ أَي يَحْكم. والحاتِمُ: الحاكِم الموجِبُ للحُكْم. ابْنُ سِيدَهْ: الحاتِمُ غُرَابُ البَيْن لأَنه يَحْتِمُ بالفِراق، وَهُوَ أَحمر المِنْقار وَالرِّجْلَيْنِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الَّذِي يُولَعُ بِنَتْفِ رِيشِهِ وَهُوَ يُتشاءم بِهِ؛ قَالَ خُثَيْمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَقِيلَ الرقَّاص الكَلْبيُّ، يَمْدَحُ مَسْعُودَ بْنَ بَحْرٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَهُوَ الصَّحِيحُ:
وليسَ بهَيَّابٍ، إِذا شدَّ رَحْلَهُ
…
يقولُ: عَداني اليومَ واقٍ وحاتِمُ
وأَنشده الْجَوْهَرِيُّ: ولسْتُ بهيَّابٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ وَلَيْسَ بهَيَّابٍ لأَن قَبْلَهُ:
وجَدْتُ أَباكَ الحُرَّ بحْراً بنجْدَةٍ،
…
بَناها لَهُ مَجْداً أَشَمُّ قُماقِمُ «2» .
وَلَيْسَ بِهَيَّابٍ، إِذا شَدَّ رحلَه
…
يَقُولُ: عَداني اليومَ واقٍ وحاتِمُ
وَلَكِنَّهُ يَمْضي عَلَى ذاكَ مُقْدِماً،
…
إِذا صَدَّ عَنْ تِلْكَ الهَناتِ الخُثارِمُ
وَقِيلَ: الحاتِمُ الْغُرَابُ الأَسود لأَنه يَحْتِمُ عِنْدَهُمْ بالفِراق؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
زَعَمَ البَوارِحُ أَن رِحْلَتَنا غَداً،
…
وبِذاكَ تَنْعابُ الغرابِ الأَسودِ
قول مُلَيْحٍ الهُذلي:
وصَدَّقَ طُوَّافٌ تَنادَوْا بِرَدِّهِمْ
…
لَهامِيمَ غُلْباً، والسَّوامُ المُسَرَّحُ
حُتوم ظِباءٍ واجَهَتْنا مَرُوعَة،
…
تَكادُ مَطايانا عليهِنَّ تَطْمَحُ
يَكُونُ حُتومٌ جمعَ حاتِمٍ كشاهِدٍ وشُهود، وَيَكُونُ مَصْدَرَ حَتَمَ. وتَحَتَّم: جعَل الشَّيْءَ عَلَيْهِ حَتْماً؛ قَالَ لَبيد:
ويَوْمَ أَتانا حَيُّ عُرْوَةَ وابنِهِ
…
إِلى فاتِكٍ ذِي جُرْأَةٍ قَدْ تَحَتَّما
والحُتامةُ: مَا بَقِيَ عَلَى الْمَائِدَةِ مِنَ الطَّعَامِ أَو مَا سَقَطَ مِنْهُ إِذا أُكِلَ، وَقِيلَ: الحُتامةُ «3» مَا فَضَلَ مِنَ الطَّعَامِ عَلَى الطَّبَق الَّذِي يُؤْكَلُ عَلَيْهِ. والتَّحَتُّم: أَكل الحُتامة وَهِيَ فُتات الْخُبْزِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَكل وتَحَتَّم دَخَلَ الْجَنَّةَ
؛ التَّحَتُّم: أَكل الحُتامة، وَهِيَ فُتات الْخُبْزِ الساقطُ عَلَى الخِوَان. وتَحَتَّم الرجلُ إِذا أَكل شَيْئًا هَشّاً فِي فِيهِ. اللَّيْثُ: التَّحَتُّم الشَّيْءُ إِذا أَكلته فَكَانَ فِي فَمِك هَشّاً. والحَتَمَةُ: السَّوَادُ. والأَحْتَمُ: الأَسود. والتَّحتُّم: الهَشاشةُ. يُقَالُ: هُوَ ذُو تَحَتُّمٍ، وَهُوَ غَضُّ المُتَحَتَّم. والتَّحَتُّم: تَفَتُّتُ الثُّؤْلول إِذا جَفَّ. والتَّحتم: تَكسُّر الزُّجَاجِ بَعْضِهِ عَلَى بعضٍ. والحَتَمَةُ: الْقَارُورَةُ المُفَتَّتةُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ تَحَتَّمْتُ لَهُ بِخَيْرٍ أَي تمنيتُ لَهُ خَيْرًا وتَفاءلت لَهُ. وَيُقَالُ: هُوَ الأَخ الحَتْمُ أَي المَحْضُ الحقُّ؛ وَقَالَ أَبو خِراشٍ يَرْثِي رَجُلًا «4»
(1). قوله [والحتمة بفتح الحاء إلخ] كذا في النهاية والمحكم مضبوطاً بهذا الضبط أيضاً، والذي في القاموس والتكملة: والحتمة، بالضم، السواد انتهى. وجعلهما الشارح لغتين فيها
(2)
. قوله [الحر] سيأتي في مادة خثرم بدله الخير
(3)
. قوله [وقيل الحتامة إلخ] هكذا بالأصل
(4)
. قوله [رجلًا] في التكملة: يرثي خالد بن زهير
:
فواللهِ لَا أَنساكَ، مَا عِشْتُ، لَيْلَةً،
…
صَفيِّي مِنَ الإِخْوانِ والولدِ الحَتْمِ
وحاتِمٌ الطائيُّ: يُضْرَب بِهِ المَثَلُ فِي الجُود، وَهُوَ حاتِمُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْد بْنِ الحَشْرَجِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
عَلَى حالةٍ لَوْ أَنَّ فِي القومِ حاتِماً،
…
عَلَى جودِهِ، مَا جادَ بالمالِ، حاتِمِ «1»
. وإِنما خَفَضَهُ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْهَاءِ فِي جودِه؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وحاتِمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئِي
وَهُوَ اسْمٌ يَنْصَرِفُ، وإِنما تَرَكَ التَّنْوِينَ وَجُعِلَ بَدَلَ كَسْرَةِ النُّونِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، حذفَ النُّونَ لِلضَّرُورَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الشِّعْرُ لامرأَة مِنْ بَنِي عَقِيلٍ تَفْخَرُ بأَخوالها مِنَ الْيَمَنِ، وَذَكَرَ أَبو زَيْدٍ أَنه للعامِرِيّة؛ وَقَبْلَهُ:
حَيْدَةُ خَالِي ولَقِيطٌ وعَلِي،
…
وحاتِمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئِي
وَلَمْ يَكُنْ كَخَالِكَ العَبْدِ الدَّعِي
…
يأْكل أَزْمانَ الهزالِ والسِّنِي
هَيَّاب عَيْرٍ مَيْتةٍ غيرِ ذَكِي
وتَحْتَمُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ السُّلَيْك بْنُ السُّلَكة:
بِحَمْدِ الإِلَه وامْرِئٍ هُوَ دَلَّنِي،
…
حَوَيْتُ النِّهابَ مِنْ قَضِيبٍ وتَحْتَما
حتلم: حَتْلَم وحِتْلِم «2» : مَوْضِعٌ.
حثم: الحَثْمةُ: أُكَيْمَةٌ صَغِيرَةٌ سَوْدَاءُ مِنْ حِجَارَةٍ. والحُثُمُ: الطُّرُقُ «3» . الْعَالِيَةُ. والحَثْمَة: أَرْنَبةُ الأَنف. والحَثْمَةُ: المُهر الصَّغِيرُ؛ الأَخيرتان عَنِ الْهَجَرِيِّ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حِثامٌ. وحَثَمَ لَهُ حَثْماً أَي أَعطاه. الْجَوْهَرِيُّ: الحَثْمَةُ الأَكَمة الْحَمْرَاءُ، وَبِهَا سُمِّيَتِ المرأَة حَثْمَةَ. الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلرَّابِيَةِ الحَثَمَة. يُقَالُ: انزِل بَهَاتِيكَ الحَثَمَة، وَجَمْعُهَا حَثَماتٌ، وَيَجُوزُ حَثْمَة، بِسُكُونِ الثَّاءِ، وَمِنْهُ ابْنُ أَبي حَثْمة. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رضي الله عنه، ذَكَرَ حَثْمَة؛ هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الثَّاءِ: مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ قُرْبَ الحَجون. وأَبو حَثْمَةَ: رَجُلٌ مِنْ جُلَساء عُمَرَ، رضي الله عنه، كُنِّيَ بِذَلِكَ. وحَثَمَ لَهُ الشَّيْءَ يَحْثِمُه حَثْماً ومَحَثَهُ: دلَكه بِيَدِهِ دلْكاً شَدِيدًا؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بثَبَتٍ.
حثرم: الحِثْرِمَةُ، بِالْكَسْرِ: الدَّائِرَةُ الَّتِي تَحْتَ الأَنف. الْجَوْهَرِيُّ: الحِثْرِمَةُ الدَّائِرَةُ فِي وسَط الشَّفَةِ الْعُلْيَا، وَقِيلَ هِيَ الأَرْنبة، كِلَاهُمَا بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ، وَرَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ بِفَتْحِهِمَا، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ الْكَسْرِ فِي الْخَاءِ وَالرَّاءِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِذا طَالَتِ الحِثْرِمةُ قَلِيلًا قِيلَ رَجُلٌ أَبْظَرُ؛ وَقَالَ:
كأَنَّما حِثْرِمَةُ ابْنِ غابِنِ
…
قُلْفَةُ طِفْلٍ تَحْتَ مُوسى خاتِنِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ ابْنُ دُرَيْدٍ حِثْرِبَة، بِالْبَاءِ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ السِّجْزيّ: الخِثْرِمَةُ بِالْخَاءِ لِهَذِهِ الدَّائِرَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الحِثْرِمةُ بِالْحَاءِ؛ الأَزهري: هُمَا لُغَتَانِ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ. وَرَجُلٌ حُثارِمٌ: غَلِيظُ الشَّفَةِ، وَالِاسْمُ الحَثْرَمَةُ.
(1). قوله [على جوده إلخ] كذا في الأصل، والمشهور:
على جوده لضنّ بالماء حاتم
(2)
. قوله [حتلم] كزبرج وجعفر كما في القاموس
(3)
. قوله [والحثم الطرق] ضبط في نسخة من التهذيب بهذا الضبط
حثلم: الحِثْلِبُ والحِثْلِمُ: عَكَرُ الدُّهْنِ أَو السَّمْنِ فِي بعض اللغات.
حجم: الإِحْجامُ: ضدُّ الإِقْدام. أَحْجَمَ عَنِ الأَمر: كَفَّ أَو نَكَصَ هَيْبةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَخذَ سَيْفاً يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: مَنْ يأْخذ هَذَا السَّيْفَ بحَقِّه؟ فأَحْجَم الْقَوْمُ
أَي نَكَصُوا وتأَخروا وتَهَيَّبوا أَخْذه. وَرَجُلٌ مِحْجام: كَثِيرُ النُّكوص. والحِجامُ: شَيْءٌ يُجْعَلُ فِي فَمِ الْبَعِيرِ أَو خَطْمِه لِئَلَّا يَعَضَّ «1» ، وَهُوَ بَعِيرٌ مَحْجُوم، وَقَدْ حَجَمه يَحْجُمه حَجْماً إِذا جَعَلَ عَلَى فَمِهِ حِجَامًا وَذَلِكَ إِذا هاجَ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ: وَذَكَرَ أَباه فَقَالَ: كَانَ يَصيحُ الصَّيْحةَ يَكَادُ مَنْ سَمِعَهَا يَصْعَقُ كَالْبَعِيرِ المَحْجُوم.
وأَما قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
حَمْزَةَ: إِنه خَرَجَ يومَ أُحُدٍ كأَنه بَعِيرٌ مَحْجُوم
، وَفِي رِوَايَةٍ:
رَجُلٌ مَحْجوم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي جَسِيمٌ، مِنَ الحَجْمِ وَهُوَ النُّتُوُّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا قِيلَ فِي الشِّعْرِ فُلَانٌ يَحْجُم فُلَانًا عَنِ الأَمر أَي يَكُفُّهُ، والحَجْمُ: كَفُّكَ إِنساناً عَنْ أَمر يُرِيدُهُ. يُقَالُ: أَحْجَمَ الرجلُ عَنْ قِرْنِه، وأَحْجَمَ إِذا جَبُنَ وكَفَّ؛ قَالَهُ الأَصمعي وَغَيْرُهُ، وَقَالَ مُبْتَكِرٌ الأَعرابي: حَجَمْتُه عَنْ حَاجَتِهِ مَنَعْتُهُ عَنْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: حَجَوْتُه عَنْ حَاجَتِهِ مِثْلُهُ، وحَجَمْتُه عَنِ الشَّيْءِ أَحْجُمُه أَي كفَفْته عَنْهُ. يُقَالُ: حَجَمْتُه عَنِ الشَّيْءِ فأَحْجَمَ أَي كَفَفْتُهُ فكَفَّ، وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ مِثْلُ كبَبْتُه فأَكبَّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ حَجَمْته عَنِ الشَّيْءِ فأَحْجَم أَي كَفَفْتُهُ عَنْهُ وأَحْجَمَ هُوَ وكَبَبْتُه وأَكَبَّ هُوَ، وشَنَقْتُ البعيرَ وأَشنَقَ هُوَ إِذا رَفَعَ رأْسه، ونَسَلْتُ ريشَ الطَّائِرِ وأَنْسَلَ هُوَ، وقَشَعَتِ الريحُ الغيمَ وأَقْشَعَ هُوَ، ونَزَفْتُ البئرَ وأَنْزَفَتْ هِيَ، ومَرَيْتُ الناقةَ وأَمْرَتْ هِيَ إِذا دَرَّ لبنُها. وإِحْجام المرأَةِ المولودَ: أَوَّلُ إِرْضاعةٍ تُرْضِعُه، وَقَدْ أَحْجَمَتْ لَهُ. وحَجَمَ العظمَ يَحْجُمه حَجْماً: عَرَقَهُ. وحَجَمَ ثَدْيُ المرأَة يَحْجُم حُجُوماً: بَدَا نُهُوده؛ قَالَ الأَعشى:
قَدْ حَجَمَ الثَّدْيُ عَلَى نَحْرِها
…
فِي مُشْرِقٍ ذِي بَهْجةٍ ناضِرِ «2»
. وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي التَّهْذِيبِ بالأَلف فِي النَّثْرِ وَالنَّظْمِ: قَدْ أَحْجَمَ الثديُ عَلَى نَحْرِ الْجَارِيَةِ. قَالَ: وحَجَّمَ وبَجَّم إِذا نَظَرَ نَظَرًا شَدِيدًا، قَالَ الأَزهري: وحَمَّجَ مِثْلُهُ. وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ إِذا غَطَّى اللحمُ رؤوس عِظَامِهَا فَسَمِنَتْ: مَا يَبْدُو لعِظامها حَجْمٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ: حَجْمُ الشَّيْءِ حَيْدهُ. يُقَالُ: لَيْسَ لِمِرْفَقِهِ حَجْمٌ أَي نُتُوٌّ. وحَجْم كلِّ شَيْءٍ: مَلْمَسُه النَّاتِئُ تَحْتَ يَدِكَ، وَالْجَمْعُ حُجُوم. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حَجْمُ الْعِظَامِ أَن يُوجَدَ مَسُّ العِظام مِنْ وَرَاءِ الْجِلْدِ، فَعَبَّرَ عَنْهُ تَعْبيرَه عَنِ الْمَصَادِرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَهو عِنْدَهُ مَصْدَرٌ أَم اسْمٌ. قَالَ اللَّيْثُ: الحَجْمُ وِجْدانُك مسَّ شَيْءٍ تَحْتَ ثَوْبٍ، تَقُولُ: مَسِسْت [مَسَسْت] بطنَ الحُبْلى فَوَجَدْتُ حَجْمَ الصبيِّ فِي بَطْنِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَصِف حَجْمَ عِظَامِهَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد لَا يَلْتَصِقُ الثَّوْبُ بِبَدَنِهَا فَيَحْكي الناتئَ والناشزَ مِنْ عِظَامِهَا وَلَحْمِهَا، وَجَعَلَهُ وَاصِفًا عَلَى التَّشْبِيهِ لأَنه إِذا أَظهره وبيَّنه كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاصِفِ لَهَا بِلِسَانِهِ. والحَجْمُ: المَصّ. يُقَالُ:
(1). قوله [لئلا يعض] في المحكم بعده: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الدَّيْنَوَرِيُّ هي مخلاة تجعل على خطمه لئلا يعض
(2)
. قوله [ذي بهجة إلخ] كذا في المحكم، وفي التكملة: ذي صبح نائر
حَجَمَ الصبيُّ ثَدي أُمه إِذا مَصَّهُ. وَمَا حَجَمَ الصبيُّ ثَدْيَ أُمه أَي مَا مَصَّه. وثَدْيٌ مَحْجوم أَي مَمْصُوصٌ. والحَجَّامُ: المَصَّاص. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ لِلْحَاجِمِ حَجَّامٌ لامْتِصاصه فَمَ المِحْجَمَة، وَقَدْ حَجَمَ يَحْجِمُ ويَحْجُم حَجْماً وحاجِمٌ حَجُومٌ ومِحْجَمٌ رَفيقٌ. والمِحْجَمُ والمِحْجَمَةُ: مَا يُحْجَم بِهِ. قَالَ الأَزهري: المحْجَمَةُ قارُورَتُهُ، وَتُطْرَحُ الْهَاءُ فَيُقَالُ مِحْجَم، وَجَمْعُهُ مَحاجِم؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وَلَمْ يُهَريقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجمِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعْلَقَ فِيهِ مِحْجَماً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: المِحْجَمُ، بِالْكَسْرِ، الْآلَةُ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا دَمُ الحِجامة عِنْدَ الْمَصِّ، قَالَ: والمِحْجَمُ أَيضاً مِشْرَطُ الحَجَّام؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَعْقَةُ عَسلٍ أَو شَرْطة مِحْجَمٍ
، وحِرفَتُه وفعلُه الحِجامةُ. والحَجْمُ: فِعْلُ الْحَاجِمِ وَهُوَ الحَجّامُ. واحْتَجَمَ: طَلَبَ الحِجامة، وَهُوَ مَحْجومٌ، وَقَدِ احْتَجَمْتُ مِنَ الدَّمِ. وَفِي حَدِيثِ الصَّوْمِ:
أَفْطَرَ الحاجِمُ والمَحْجومُ
؛ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ: أَنهما تَعَرَّضا للإِفْطار، أَما المَحْجومُ فَلِلضَّعْفِ الَّذِي يَلْحَقُهُ مِنْ خُرُوجِ دَمِهِ فَرُبَّمَا أَعجزه عَنِ الصَّوْمِ، وأَما الحاجمُ فَلَا يأْمَنُ أَن يَصِلَ إِلى حَلْقِهِ شَيْءٌ مِنَ الدَّمِ فيبلعَهُ أَو مِنْ طَعْمِه، قَالَ: وَقِيلَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمَا أَي بَطَلَ أَجْرُهما فكأَنهما صَارَا مُفْطِرَيْنِ، كقَوله:
مَنْ صَامَ الدَّهْرَ فَلَا صَامَ وَلَا أَفطر.
والمَحْجمة مِنَ الْعُنُقِ: مَوْضِعُ المِحْجمةِ. وأَصل الحَجْمِ الْمَصُّ، وَقَوْلُهُمْ: أَفْرَغُ مِنْ حَجَّام ساباطٍ، لأَنه كَانَ تَمُرُّ بِهِ الْجُيُوشُ فيَحْجُمهم نَسيئةً مِنَ الْكَسَادِ حَتَّى يَرْجِعُوا فَضَرَبُوا بِهِ المَثَلَ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الحِجامةُ مِنَ الحَجْمِ الَّذِي هُوَ البَداءُ لأَن اللَّحْمَ يَنْتَبِرُ أَي يَرْتَفِعُ. والحَوْجَمةُ: الوَرْدُ الأَحمر، وَالْجَمْعُ حَوْجَمٌ.
حدم: الأَزهري: الحَدْمُ شِدَّةُ إِحْمَاءِ الشَّيْءِ بحَرِّ الشَّمْسِ وَالنَّارِ، تَقُولُ: حَدَمَه كَذَا فاحْتَدَمَ؛ وَقَالَ الأَعشى:
وإدْلاجُ لَيْلٍ عَلَى غِرَّةٍ،
…
وهاجِرَة حَرُّها محْتَدِمْ
الْفَرَّاءُ: لِلنَّارِ حَدَمَةٌ وحَمَدَةٌ وَهُوَ صَوْتُ الِالْتِهَابِ. وحَدَمةُ النَّارِ، بِالتَّحْرِيكِ: صَوْتُ الْتِهَابِهَا. وَهَذَا يَوْمٌ مُحْتَدِمٌ ومُحْتَمِدٌ: شَدِيدُ الْحَرِّ. والاحْتِدامُ: شِدَّةُ الْحَرِّ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: احْتَدَمَ يومُنا احْتَمَدَ. ابْنُ سِيدَهْ: حَدْمُ النَّارِ والحرِّ وحَدَمُهما شِدَّةُ احْتِرَاقِهِمَا وحَمْيُهما. الْجَوْهَرِيُّ: احْتَدَمَت النَّارُ الْتَهَبَتْ. غَيْرُهُ: احْتَدَمَتِ النارُ والحرُّ اتَّقَدَا. واحْتَدَمَ صدرُ فُلَانٍ غَيْظًا واحْتَدَمَ عليَّ غَيْظًا وتَحَدَّمَ: تَحَرّقَ، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ، وَمَا أَدْرِي مَا أَحْدَمَه. وَكُلُّ شَيْءٍ الْتهب فَقَدِ احْتَدَمَ. والحَدَمَةُ: صَوْتُ جَوْفِ الأَسْود مِنَ الحيَّات. الأَزهري: قَالَ أَبو حَاتِمٍ الحَدَمَةُ مِنْ أَصْوَاتِ الحيَّة صوتُ حَفِّه كأَنه دَوِيٌّ يَحْتَدِمُ. واحْتَدَمَتِ القِدْرُ إِذا اشْتَدَّ غَلَيانُها. قَالَ أَبو زَيْدٍ: زَفِيرُ النارِ لَهَبُها وشَهِيقُها وحَدَمُها وحَمَدُها وكَلْحَبَتُها بِمَعْنًى وَاحِدٍ. واحْتَدَمَ الشرابُ إِذا غَلَى؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ الْخَمْرَ:
رُدَّتْ إِلى أَكْلَفِ المَناكِبِ مَرْشومٍ
…
مُقيمٍ فِي الطِّينِ مُحْتَدِمِ
قَالَ الأَزهري: أَنشد أَبو عمرو «1» .
(1). قوله [أنشد أبو عمرو إلخ] ليس محل ذكره هنا بل محل مادة د ح م
قالَتْ: وكيفَ وَهُوَ كالمُبَرْتَكِ؟
…
إِنِّي لطولِ الفَشْلِ فِيهِ أَشْتَكِي،
فادْحَمْهُ شَيْئًا سَاعَةً ثُمَّ ابْرُكِ
ابْنُ سِيدَهْ: احْتَدَمَ الدمُ إِذا اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ حَتَّى يَسْوَدّ، وحدَمَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: قِدْرٌ حُدَمَةٌ سَرِيعَةُ الغَلْي، وَهُوَ ضِدُّ الصَّلُود. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: يوشِكُ أَن تَغشاكم دَواجي ظُلَلِهِ واحْتِدامُ عِلَلِه
أَي شِدَّتُهَا، وَهُوَ مِنِ احْتِدام النَّارِ أَي الْتِهَابِهَا وَشِدَّةِ حَرِّهَا. وحُدْمَة: موضع «2» معروف.
حذم: الحَذْمُ: الْقَطْعُ الوَحِيُّ. حَذَمَه يَحْذِمُه حَذْماً: قَطَعَهُ قَطْعًا وَحِيّاً، وَقِيلَ: هُوَ الْقَطْعُ مَا كَانَ. وَسَيْفٌ حَذِمٌ وحِذْيَمٌ. قَاطِعٌ. والحَذْمُ: الإِسراع فِي الْمَشْيِ وكأَنه مَعَ هَذَا يَهْوِي بِيَدَيْهِ إِلى خَلْف، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رضي الله عنه، لِبَعْضِ الْمُؤَذِّنِينَ: إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ وَإِذَا أَقَمْتَ فاحْذِمْ
؛ قَالَ الأَصمعي: الحَذْمُ الحَدْرُ فِي الإِقامة وَقَطْعُ التَّطْوِيلِ؛ يُرِيدُ عَجّلْ إِقامة الصَّلَاةِ وَلَا تُطَوِّلها كالأَذان، هَكَذَا رَوَاهُ الْهَرَوِيُّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَسَيَجِيءُ، وَقِيلَ: الحَذْم كالنَّتْفِ فِي المشي شيبةٌ بِمَشْيِ الأَرانب. والحَذْمُ: الْمَشْيُ الْخَفِيفُ. وَكُلُّ شَيْءٍ أَسرعت فِيهِ فَقَدَ حَذَمْتَهُ، يُقَالُ: حَذَمَ فِي قِرَاءَتِهِ، والحَمامُ يَحْذِمُ فِي طَيَرانِه كَذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: الحُذُمُ الأَرانب السِّرَاعُ، والحُذُمُ أَيضاً اللُّصُوصُ الحُذَّاقُ. والأَرنب تَحْذِمُ أَي تُسْرِعُ، وَيُقَالُ لَهَا حُذَمَةٌ لُذَمَةٌ، تسبِقُ الْجَمْعَ بالأَكَمَة؛ حُذمَةٌ إِذَا عَدَتْ فِي الأَكَمَةِ أَسرعت فَسَبَقَتْ مَنْ يَطْلُبُهَا، لُذَمَةٌ: لازمةٌ للعَدْوِ. وَيُقَالُ: حَذَمَ فِي مِشْيَته إِذا قَارَبَ الخُطى وأَسرع. والحُذَمُ: الْقَصِيرُ مِنَ الرِّجَالِ الْقَرِيبُ الخَطْو. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: الحَذَمانُ شَيْءٌ مِنَ الذَّمِيل فَوْقَ الْمَشْيِ، قَالَ: وَقَالَ لِي خَالِدُ بْنُ جَنْبة الحَذَمانُ إِبْطاءُ الْمَشْيِ، وَهُوَ مِنْ حُرُوفِ الأَضداد، قَالَ: وَاشْتَرَى فلانٌ عَبْدًا حُذامَ الْمَشْيِ لَا خَيْرَ فِيهِ. وامرأَة حُذَمَةٌ: قَصِيرَةٌ. والحُذَمةُ: الْمَرْأَةُ الْقَصِيرَةُ؛ وَقَالَ:
إِذا الخَرِيعُ العَنْقَقِيرُ الحُذَمَهْ
…
يَؤُرُّها فحلٌ شَدِيدُ الصُّمَمَه
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَذَا ذَكَرَهُ يَعْقُوبُ الحُذَمَة، بِالْحَاءِ، وَكَذَا أَنشده أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ فِي نَوَادِرِهِ بِالْحَاءِ أَيضاً، وَالْمَعْرُوفُ الجَدَمَةُ، بِالْجِيمِ مَفْتُوحَةً وَالدَّالِ، وَصَوَابُ الْقَافِيَةِ الأَخيرة الضَّمْضَمَة، قَالَ: وَكَذَا أَنشده أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَكَذَا أَنشده ابْنُ السِّكِّيتِ أَيْضًا وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: الضَّمْضَمَةُ الأَخذ الشَّدِيدُ. يُقَالُ: أَخذه فَضَمْضَمَهُ أَي كَسَرَهُ؛ قَالَ وأَوَّله:
سَمِعتُ مِنْ فَوْقِ البُيوت كَدَمَهْ،
…
إِذا الخَريعُ العَنْقَفِيرُ الجَدَمَهْ
يَؤُرُّها فَحْلٌ شَدِيدُ الضَّمْضَمَه،
…
أَرّاً بعَتَّارٍ إِذا مَا قَدَّمهْ
فِيهَا انْفَرَى وَمَّاحُها وخَرَمَهْ،
…
فَطَفِقَتْ تَدْعُو الهَجِينَ ابْنَ الأَمَهْ
فَمَا سَمِعْتُ بَعْدَ تِيك النَّأَمَهْ
…
مِنْهَا، وَلَا مِنْهُ هُنَاكَ، أبْلُمَهْ
قَالَ: والرجز لرِياحٍ الدبيري.
(2). قوله [وحدمة موضع] عبارة المحكم: وحدمة مضبوطاً بالضم وقيل حدمة مضبوطاً كهمزة موضع، وصرح بذلك كله في التكملة
والحِذْيَمُ: الْحَاذِقُ بِالشَّيْءِ. وحُذَمَةُ: اسْمُ فَرَسٍ. وحَذامِ: مِثْلُ قَطامِ. وحَذامِ: اسْمُ امْرَأَةٍ معدولةٌ عَنْ حاذِمَةٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هِيَ بِنْتُ العَتِيك بْنِ أَسْلَمَ بْنِ يَذْكُر بْنِ عَنَزَةَ؛ قَالَ وسِيمُ بْنُ طارقٍ، وَيُقَالُ لِجِيمِ بْنِ صَعْب وحَذامِ امرأَته:
إِذا قالتْ حَذامِ فَصَدِّقُوها،
…
فإِنَّ القولَ مَا قالَتْ حَذامِ
التَّهْذِيبُ: حَذامِ مِنْ أَسماء النِّسَاءِ، قَالَ: جَرَّت العربُ حَذامِ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ لأَنها مصروفةٌ عَنْ حاذِمة، فَلَمَّا صُرِفَتْ إِلى فَعال كُسِرَتْ لأَنهم وَجَدُوا أَكثر حَالَاتِ الْمُؤَنَّثِ إِلى الْكَسْرِ، كَقَوْلِكَ: أَنتِ عَلَيْكِ، وكذلكِ فَجار وفَساقِ، قَالَ: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عُدِلَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ عَنْ وَجْهِهِ يُحْمَلُ عَلَى إِعراب الأَصوات والحكاياتِ مِنَ الزَّجْرِ وَنَحْوِهِ مَجْرُورًا، كَمَا يُقَالُ فِي زَجْر الْبَعِيرِ ياهٍ ياهٍ، ضَاعَفَ ياهٍ مَرَّتَيْنِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يُنَادِي بِيَهْياهٍ وياهٍ، كأَنَّهُ
…
صُوَيْتُ الرُّوَيْعِي ضَلَّ بِاللَّيْلِ صاحِبُهْ «1»
. يَقُولُ: سَكَنَ الحَرْفُ الَّذِي قَبْلَ الْحَرْفِ الْآخِرِ فحُرِّكَ آخِرُهُ بكسرةٍ، وإِذا تَحَرَّكَ الحَرْفُ قَبْلَ الْحَرْفِ الْآخِرِ وَسُكِّنَ الآخِرُ جَزَمْتَ، كَقَوْلِكَ بَجَلْ وأَجَلْ، وأَما حَسْب وجَيْر فإِنك كَسَرْت آخِرَهُ وَحَرَّكْتَهُ بِسُكُونِ السِّينِ وَالْيَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما قَوْلُ الشاعر:
بَصيرٌ بِمَا أَعْيَا النِّطاسِيَّ حِذْيَما
فإِنما أَراد ابْنُ حِذْيَمٍ «2» ، فحذف ابن. وحَذِيمةُ: بْنِ يَرْبوع بْنِ غَيْظ بْنِ مُرَّة. وحُذَيْمٌ وحِذْيَمٌ: إسمان.
حذلم: الأَصمعي: حَذْلَمَ سِقاءه إِذَا ملأَه؛ وأَنشد:
بِشابةَ فالقُهْبِ المَزادَ المُحَذْلَما
وحَذْلَمَ فَرسَه: أَصلحه. وحَذْلَم العُودَ: بَرَاه وأَحَدَّه. وإِناء مُحَذْلَمٌ: مَمْلُوءٌ. والحُذْلوم: الْخَفِيفُ السَّرِيعُ. وتَحَذْلَمَ الرجلُ إِذَا تأَدَّب وَذَهَبَ فُضُولُ حُمْقه. وحَذْلَم: اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْهُ. وحَذْلَم: اسم رجل. وتميم ابن حَذْلَم الضَّبّيّ: مِنَ التَّابِعِينَ. والحَذْلَمَةُ: الهَذْلَمةُ، وَهُوَ الإِسراع. يُقَالُ: مرَّ يَتَحَذْلَمُ إِذَا مَرَّ كأَنه يتدحْرج. وحَذْلَمْتُ: دَحْرجت. وذَحْلَمْتُ، بِتَقْدِيمِ الذَّالِ: صَرَعْتُ. الأَزهري: الحَذْلمةُ السُّرْعَةُ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الْحَرْفُ وُجِدَ فِي كِتَابِ الْجَمْهَرَةِ لِابْنِ دريد مع حروف غَيْرِهَا وَمَا وَجَدْتُ أَكثرها لأَحد من الثقات.
حرم: الحِرْمُ، بِالْكَسْرِ، والحَرامُ: نَقِيضُ الْحَلَالِ، وَجَمْعُهُ حُرُمٌ؛ قَالَ الأَعشى:
مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ،
…
وَبِاللَّيْلِ هُنَّ عليهمْ حُرُمْ
وَقَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ حُرْماً وحَراماً وحَرُمَ الشيءُ، بِالضَّمِّ، حُرْمَةً وحَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وحَرُمَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْأَةِ حُرُماً وحُرْماً، وحَرِمَتْ عليها
(1). قوله [ينادي بيهياه وياه] أَي ينادي ياهياه ثُمَّ يَسْكُتُ مُنْتَظَرًا الْجَوَابَ عَنْ دَعْوَتِهِ فإِذا أَبطأ عنه قال ياه
(2)
. قوله [فإِنما أَراد ابْنُ حِذْيَمٍ إلخ] عبارة شرح القاموس: قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي شرح الديوان الطبيب هو حذيم نفسه أو هو ابن حذيم، وإنما حذف ابن اعتماداً على الشهرة، قال شيخنا: وهل يكون هذا من الحذف مع اللبس أو من الحذف مع أمن اللبس خلاف، وقد بسطه البغدادي في شرح شواهد الرضي بما فيه كفاية
حَرَماً وحَراماً: لُغَةٌ فِي حَرُمَت. الأَزهري: حَرُمَت الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَحْرُمُ حُروماً، وحَرُمَتِ المرأةُ عَلَى زَوْجِهَا تَحْرُمُ حُرْماً وحَراماً، وحَرُمَ عَلَيْهِ السَّحورُ حُرْماً، وحَرِمَ لغةٌ. والحَرامُ: مَا حَرَّم اللهُ. والمُحَرَّمُ: الحَرامُ. والمَحارِمُ: مَا حَرَّم اللهُ. ومَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه الَّتِي يَحْرُم عَلَى الجَبان أَن يَسْلُكَهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَحارِمُ اللَّيْلِ لهُنَّ بَهْرَجُ،
…
حِينَ يَنَامُ الوَرَعُ المُحَرَّجُ «1»
. وَيُرْوَى: محارِمُ اللَّيْلِ أَي أَوائله. وأَحْرَمَ الشَّيْءَ: جَعله حَراماً. والحَريمُ: مَا حُرِّمَ فَلَمْ يُمَسَّ. والحَريمُ: مَا كَانَ المُحْرِمون يُلْقونه مِنَ الثِّيَابِ فَلَا يَلْبَسونه؛ قَالَ:
كَفى حَزَناً كَرِّي عَلَيْهِ كأَنه
…
لَقىً، بَيْنَ أَيْدي الطائفينَ، حَريمُ
الأَزهري: الحَريمُ الَّذِي حَرُمَ مَسُّهُ فَلَا يُدْنى مِنْهُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا حَجَّت الْبَيْتَ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا الَّتِي عَلَيْهَا إِذَا دَخَلُوا الحَرَمَ وَلَمْ يَلْبسوها مَا دَامُوا فِي الحَرَم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَقىً، بَيْنَ أَيدي الطائفينَ، حَريمُ
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ؛ كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُراةً وَيَقُولُونَ: لَا نَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي ثِيَابٍ قَدْ أَذْنَبْنا فِيهَا، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ عُرْيانَةً أَيضاً إِلّا أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَس رَهْطاً مِنْ سُيور؛ وَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ:
اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ،
…
وَمَا بَدا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
تَعْنِي فَرْجَهَا أَنه يَظْهَرُ مِنْ فُرَجِ الرَّهْطِ الَّذِي لَبِسَتْهُ، فأَمَرَ اللهُ عز وجل بَعْدَ ذِكْرِهِ عُقوبة آدمَ وَحَوَّاءَ بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالاستتار فقال: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ؛ قَالَ الأَزهري: والتَّعَرِّي وظهور السوءة مَكْرُوهٌ، وَذَلِكَ مُذْ لَدُنْ آدَمَ. والحَريمُ: ثَوْبُ المُحْرم، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَطُوفُ عُراةً وثيابُهم مطروحةٌ بَيْنَ أَيديهم فِي الطَّوَافِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عِياضَ بْنَ حِمار المُجاشِعيّ كَانَ حِرْميَّ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ إِذَا حَجَّ طَافَ فِي ثِيَابِهِ
؛ كَانَ أَشراف الْعَرَبِ الَّذِينَ يتَحَمَّسونَ عَلَى دِينِهِمْ أَي يتشدَّدون إِذَا حَج أَحَدُهُمْ لَمْ يَأْكُلْ إِلّا طعامَ رجلٍ مِنَ الحَرَم، وَلَمْ يَطُفْ إلَّا فِي ثِيَابِهِ فَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْ أَشرافهم رجلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَيَكُونُ كُلُّ واحدٍ مِنْهُمَا حِرْمِيَّ صَاحِبَهُ، كَمَا يُقَالُ كَرِيٌّ للمُكْري والمُكْتَري، قَالَ: والنَّسَبُ فِي النَّاسِ إِلى الحَرَمِ حِرْمِيّ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ. يُقَالُ: رَجُلٌ حِرْمِيّ، فَإِذَا كَانَ فِي غَيْرِ النَّاسِ قَالُوا ثَوْبٌ حَرَمِيّ. وحَرَمُ مَكَّةَ: مَعْرُوفٌ وَهُوَ حَرَمُ اللَّهِ وحَرَمُ رَسُولِهِ. والحَرَمانِ: مَكَّةُ والمدينةُ، وَالْجَمْعُ أَحْرامٌ. وأَحْرَمَ القومُ: دَخَلُوا فِي الحَرَمِ. وَرَجُلٌ حَرامٌ: دَاخِلٌ فِي الحَرَمِ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَقَدْ جَمَعَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى حُرُمٍ. وَالْبَيْتُ الحَرامُ وَالْمَسْجِدُ الحَرامُ وَالْبَلَدُ الحَرام. وَقَوْمٌ حُرُمٌ ومُحْرِمون. والمُحْرِمُ: الدَّاخِلُ فِي الشَّهْرِ الحَرام، والنَّسَبُ إِلَى الحَرَم حِرْمِيٌّ،
(1). قوله [المحرج] كذا هو بالأَصل والصحاح، وفي المحكم؛ المزلج كمعظم
والأُنثى حِرْمِيَّة، وَهُوَ مِنَ الْمَعْدُولِ الَّذِي يَأْتِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، قَالَ الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ امْرَأَةٌ حِرْمِيَّة وحُرْمِيَّة وأَصله مِنْ قَوْلِهِمْ: وحُرْمَةُ الْبَيْتِ وحِرْمَةُ الْبَيْتِ؛ قَالَ الأَعشى:
لَا تأوِيَنَّ لحِرْمِيّ مَرَرْتَ بِهِ،
…
يَوْمًا، وإنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ فِي النَّارِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَماليه عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَالَ: هَذَا الْبَيْتُ مُصَحَّف، وإِنما هُوَ:
لَا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيّ ظَفِرْتَ بِهِ،
…
يَوْمًا، وإِن أُلْقِيَ الجَرْميُّ فِي النَّارِ
الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بِذِي خُشُبٍ،
…
والدَّاخِلين عَلَى عُثْمان فِي الدَّار
وَشَاهِدُ الحِرْمِيَّةِ قَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي ومِيثَرَتي،
…
بِذِي المَجازِ، وَلَمْ تَحْسُسْ بِهِ نَغَما
مِنْ قَوْلِ حِرْمِيَّةٍ قَالَتْ، وَقَدْ ظَعنوا:
…
هَلْ فِي مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها
…
ضَرائرُ حِرْميّ تفاحشَ غارُها
قَالَ الأَصمعي: أَظنه عَنى بِهِ قُرَيْشاً، وَذَلِكَ لأَن أَهل الحَرَمِ أَول مَنِ اتَّخَذَ الضَّرَائِرَ، وَقَالُوا فِي الثَّوْبِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ حَرَمِيّ، وَذَلِكَ لِلْفَرْقِ الَّذِي يُحَافِظُونَ عَلَيْهِ كَثِيرًا وَيَعْتَادُونَهُ فِي مِثْلِ هَذَا. وَبَلَدٌ حَرامٌ وَمَسْجِدٌ حَرامٌ وَشَهْرٌ حَرَامٌ. والأَشهُر الحُرُمُ أَربعة: ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ أَي متتابِعة وَوَاحِدٌ فَرْدٌ، فالسَّرْدُ ذُو القَعْدة وَذُو الحِجَّة والمُحَرَّمُ، والفَرْدُ رَجَبٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ
؛ قَوْلُهُ مِنْها، يُرِيدُ الْكَثِيرَ، ثُمَّ قَالَ: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ لَمَّا كَانَتْ قَلِيلَةً. والمُحَرَّمُ: شَهْرُ اللَّهِ، سَمَّتْه الْعَرَبُ بِهَذَا الِاسْمِ لأَنهم كَانُوا لَا يستَحلُّون فِيهِ الْقِتَالَ، وأُضيف إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِعظاماً لَهُ كَمَا قِيلَ لِلْكَعْبَةِ بَيْتُ اللَّهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه مِنَ الأَشهر الحُرُمِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ. الْجَوْهَرِيُّ: مِنَ الشُّهُورِ أَربعة حُرُمٌ كَانَتِ الْعَرَبُ لَا تَسْتَحِلُّ فِيهَا الْقِتَالَ إِلا حَيّان خَثْعَم وطَيِءٌ، فَإِنَّهُمَا كَانَا يستَحِلَّان الشُّهُورَ، وكان الذين يَنْسؤُون الشُّهُورَ أَيام الْمَوَاسِمِ يَقُولُونَ: حَرّمْنا عَلَيْكُمُ القتالَ فِي هَذِهِ الشُّهُورِ إلَّا دِمَاءَ المُحِلِّينَ، فَكَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَحِلُّ دِمَاءَهُمْ خَاصَّةً فِي هَذِهِ الشُّهُورِ، وَجَمْعُ المُحَرَّم مَحارِمُ ومَحاريمُ ومُحَرَّماتٌ. الأَزهري: كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي شَهْرَ رَجَبٍ الأَصَمَّ والمُحَرَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ وأَنشد شَمِرٌ قَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْر:
رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ مِنْ كُلِّ مِذْنَبٍ،
…
شهورَ جُمادَى كُلَّها والمُحَرَّما
قَالَ: وأَراد بالمُحَرَّمِ رَجَبَ، وَقَالَ: قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
أَقَمْنا بِهَا شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما،
…
وشَهْرَيْ جُمادَى، واسْتَحَلُّوا المُحَرَّما
وَرَوَى
الأَزهري بإِسناده عَنْ أُم بَكْرَةَ: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، خَطَبَ فِي صِحَّته فَقَالَ: أَلا إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ السموات والأَرض، السَّنَة اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَربعة حُرُمٌ، ثلاثةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدة وَذُو الحِجَّة والمحَرَّمُ،
ورَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ.
والمُحَرَّم: أَول الشُّهُورِ. وحَرَمَ وأَحْرَمَ: دَخَلَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؛ قَالَ:
وإذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بِالنَّاسِ مُحْرِماً،
…
فَمُلِّئَ مِنْ عَوْفِ بْنِ كعبٍ سَلاسِلُهْ
فَقَوْلُهُ مُحْرِماً لَيْسَ مِنْ إِحْرام الْحَجِّ، وَلَكِنَّهُ الدَّاخِلُ فِي الشَّهْرِ الحَرامِ. والحُرْمُ، بِالضَّمِّ: الإِحْرامُ بِالْحَجِّ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: كُنْتُ أُطَيِّبُه، صلى الله عليه وسلم، لحِلِّهِ ولِحُرْمِه
أَي عِنْدَ إِحْرامه؛ الأَزهري: الْمَعْنَى أَنها كَانَتْ تُطَيِّبُه إِذَا اغْتسل وأَراد الإِحْرام والإِهْلالَ بِمَا يَكُونُ بِهِ مُحْرِماً مِنْ حَجٍّ أَو عُمْرَةٍ، وَكَانَتْ تُطَيِّبُه إِذَا حَلّ مِنْ إِحْرامه؛ الحُرْمُ، بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: الإِحْرامُ بِالْحَجِّ، وَبِالْكَسْرِ: الرَّجُلُ المُحْرِمُ؛ يُقَالُ: أَنتَ حِلّ وأَنت حِرْمٌ. والإِحْرامُ: مَصْدَرُ أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إِحْراماً إِذَا أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَو الْعُمْرَةِ وباشَرَ أَسبابهما وَشُرُوطَهُمَا مِنْ خَلْع المَخِيط، وأَن يَجْتَنِبَ الأَشياء الَّتِي مَنَعَهُ الشَّرْعُ مِنْهَا كَالطِّيبِ وَالنِّكَاحِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، والأَصل فِيهِ المَنْع، فكأَنَّ المُحْرِم مُمْتَنِعٌ مِنْ هَذِهِ الأَشياء. وَمِنْهُ حَدِيثُ
الصَّلَاةِ: تَحْرِيمُها التَّكْبِيرُ
، كأَن الْمُصَلِّيَ بِالتَّكْبِيرِ وَالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ صَارَ مَمْنُوعًا مِنَ الْكَلَامِ والأَفعال الْخَارِجَةِ عَنْ كَلَامِ الصَّلَاةِ وأَفعالِها، فَقِيلَ لِلتَّكْبِيرِ تَحْرِيمٌ لِمَنْعِهِ الْمُصَلِّيَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ تكبيرَة الإِحْرام أَي الإِحرام بِالصَّلَاةِ. والحُرْمَةُ: مَا لَا يَحِلُّ لَكَ انْتِهَاكُهُ، وَكَذَلِكَ المَحْرَمَةُ والمَحْرُمَةُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا؛ يُقَالُ: إِنَّ لِي مَحْرُماتٍ فَلَا تَهْتِكْها، وَاحِدَتُهَا مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمَةٌ، يُرِيدُ أَنَّ لَهُ حُرُماتٍ. والمَحارِمُ: مَا لَا يَحِلُّ اسْتِحْلَالُهُ. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبية:
لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يعَظِّمون فِيهَا حُرُماتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطيتُهم إِياها
؛ الحُرُماتُ جَمْعُ حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ وظُلُماتٍ؛ يُرِيدُ حُرْمَةَ الحَرَمِ، وحُرْمَةَ الإِحْرامِ، وحُرْمَةَ الشَّهْرِ الْحَرَامِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ مَا وَجَبَ القيامُ بِهِ وحَرُمَ التفريطُ فِيهِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الحُرُماتُ مَكَّةُ وَالْحَجُّ والعُمْرَةُ وَمَا نَهَى اللَّهُ مِنْ مَعَاصِيهِ كُلِّهَا، وَقَالَ عَطَاءٌ: حُرُماتُ اللَّهِ مَعَاصِي اللَّهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَرَمُ حَرَمُ مَكَّةَ وَمَا أَحاط إِلى قريبٍ مِنَ الحَرَمِ، قَالَ الأَزهري: الحَرَمُ قَدْ ضُرِبَ عَلَى حُدوده بالمَنار الْقَدِيمَةِ الَّتِي بَيَّنَ خليلُ اللَّهِ، عليه السلام، مشَاعِرَها وَكَانَتْ قُرَيْش تَعْرِفُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ والإِسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ، ويعملون أَن مَا دُونَ المَنارِ إِلى مَكَّةَ مِنَ الحَرَمِ وَمَا وَرَاءَهَا لَيْسَ مِنَ الحَرَمِ، وَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عز وجل مُحَمَّدًا، صلى الله عليه وسلم، أَقرَّ قُرَيْشاً عَلَى مَا عَرَفُوهُ مِنْ ذَلِكَ،
وَكَتَبَ مَعَ ابْنِ مِرْبَعٍ الأَنصاري إِلَى قُرَيْشٍ: أَن قِرُّوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ فَإِنَّكُمْ عَلَى إرْثٍ مِنْ إرْثِ إِبْرَاهِيمَ، فَمَا كَانَ دُونَ الْمَنَارِ، فَهُوَ حَرَم لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ وَلَا يُقْطَع شَجَرُهُ، وَمَا كَانَ وَرَاءَ المَنار، فَهُوَ مِنَ الحِلّ يحِلُّ صَيْدُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَائِدُهُ مُحْرِماً.
قَالَ: فإِن قَالَ قَائِلٌ مِنَ المُلْحِدين فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ
؛ كَيْفَ يَكُونُ حَرَماً آمِنًا وَقَدْ أُخِيفوا وقُتلوا فِي الحَرَمِ؟ فَالْجَوَابُ فِيهِ أَنه عز وجل جَعَلَهُ حَرَماً آمِنًا أَمراً وتَعَبُّداً لَهُمْ بِذَلِكَ لَا إِخباراً، فَمَنْ آمَنَ بِذَلِكَ كَفَّ عَمَّا نُهِي عَنْهُ اتِّبَاعًا وَانْتِهَاءً إِلى مَا أُمِرَ بِهِ، وَمَنْ أَلْحَدَ وأَنكر أَمرَ
الحَرَمِ وحُرْمَتَهُ فَهُوَ كَافِرٌ مباحُ الدمِ، وَمَنْ أَقَرَّ وَرَكِبَ النهيَ فَصَادَ صَيْدَ الْحَرَمِ وَقَتَلَ فِيهِ فَهُوَ فَاسِقٌ وَعَلَيْهِ الكفَّارة فِيمَا قَتَلَ مِنَ الصَّيْدِ، فإِن عَادَ فإِن اللَّهَ يَنْتَقِمُ مِنْهُ. وأَما الْمَوَاقِيتُ الَّتِي يُهَلُّ مِنْهَا لِلْحَجِّ فَهِيَ بَعِيدَةٌ مِنْ حُدُودِ الحَرَمِ، وَهِيَ مِنَ الْحِلِّ، وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْهَا بِالْحَجِّ فِي الأَشهر الحُرُمِ فَهُوَ مُحْرِمٌ مأْمور بِالِانْتِهَاءِ مَا دَامَ مُحْرِماً عَنِ الرَّفَثِ وَمَا وراءَه مِنْ أَمر النِّسَاءِ، وَعَنِ التَّطَيُّبِ بالطيبِ، وَعَنْ لُبْس الثَّوْبِ المَخيط، وَعَنْ صَيْدِ الصَّيْدِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِ الأَعشى:
بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا والمُحَرَّمِ
قَالَ: المُحَرَّمُ هُوَ الحَرَمُ. وَتَقُولُ: أَحْرَمَ الرجلُ، فَهُوَ مُحْرِمٌ وحَرامٌ، وَرَجُلٌ حَرامٌ أَي مُحْرِم، وَالْجَمْعُ حُرُم مِثْلُ قَذالٍ وقُذُلٍ، وأَحْرَم بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لأَنه يَحْرُم عَلَيْهِ مَا كَانَ لَهُ حَلالًا مِنْ قبلُ كَالصَّيْدِ وَالنِّسَاءِ. وأَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي الإِحْرام بالإِهلال، وأَحْرَمَ إِذا صَارَ فِي حُرَمِه مِنْ عَهْدٍ أَو مِيثَاقٍ هُوَ لَهُ حُرْمَةٌ مِنْ أَن يُغار عَلَيْهِ؛ وأَما قَوْلُ أُحَيْحَة أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
قَسَماً، مَا غيرَ ذِي كَذِبٍ،
…
أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه «2»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَإِنِّي أَحسب الحُرَمَةَ لُغَةً فِي الحُرْمَةِ، وأَحسن مِنْ ذَلِكَ أَن يَقُولَ والحُرُمَة، بِضَمِّ الرَّاءِ، فَتَكُونَ من باب طُلْمة وظُلُمَةٍ، أَو يَكُونَ أَتبع الضَّمَّ الضَّمَّ لِلضَّرُورَةِ كَمَا أَتْبَعَ الأَعشى الْكَسْرَ الْكَسْرَ أَيضاً فَقَالَ:
أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها،
…
وَقَدْ تُكْرَهُ الحربُ بَعْدَ السِّلِمْ
إِلَّا أَن قَوْلَ الأَعشى قَدْ يَجُوزُ أَن يَتَوَجَّه عَلَى الْوَقْفِ كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَرَرْتُ بالعِدِلْ. وحُرَمُ الرجلِ: عِيَالُهُ وَنِسَاؤُهُ وَمَا يَحْمِي، وَهِيَ المَحارِمُ، وَاحِدَتُهَا مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمة. ورَحِمٌ مَحْرَمٌ: مُحَرَّمٌ تَزْويجُها؛ قَالَ:
وجارةُ البَيْتِ أَراها مَحْرَمَا
…
كَمَا بَراها اللَّهُ، إِلا إِنما
مكارِهُ السَّعْيِ لِمَنْ تَكَرَّمَا
كَمَا بَراها اللَّهُ أَي كَمَا جَعَلَهَا. وَقَدْ تَحَرَّمَ بصُحْبته؛ والمَحْرَمُ: ذَاتُ الرَّحِم فِي الْقَرَابَةِ أَي لَا يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا، تَقُولُ: هُوَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَهِيَ ذاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ هُوَ ذُو رَحِمٍ مِنْهَا إِذا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نكاحُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَعَ ذِي حُرْمَةٍ مِنْهَا
؛ ذُو المَحْرَمِ: مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا مِنَ الأَقارب كالأَب وَالِابْنِ وَالْعَمِّ وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُمْ. والحُرْمَة: الذِّمَّةُ. وأَحْرَمَ الرجلُ، فَهُوَ مُحْرِمٌ إِذا كَانَتْ لَهُ ذِمَّةٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ مُحْرِماً،
…
ودَعا فَلَمْ أَرَ مثلَهُ مَقْتولا
وَيُرْوَى: مَخْذولا، وَقِيلَ: أَراد بِقَوْلِهِ مُحْرِماً أَنهم قَتَلُوهُ فِي آخِرِ ذِي الحِجَّةِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَي صَائِمًا. وَيُقَالُ: أَراد لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يوقِعُ بِهِ فَهُوَ مُحْرِمٌ.
الأَزهري: رَوَى شَمِرٌ لعُمَرَ أَنه قَالَ الصِّيَامُ إِحْرامٌ
، قَالَ: وإِنما قَالَ الصيامُ إِحْرام لَامْتِنَاعِ الصَّائِمِ مِمَّا يَثْلِمُ صيامَه، وَيُقَالُ لِلصَّائِمِ أَيضاً مُحْرِمٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ مُحْرِماً فِي بَيْتِ الرَّاعِي مِنَ الإِحْرام وَلَا مِنَ الدُّخُولِ فِي الشَّهْرِ الحَرام، قَالَ: وإِنما هُوَ مِثْلُ الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ، وإِنما
(2). قوله [أَن نبيح الخدن] كذا بالأَصل، والذي في نسختين من المحكم: أَن نبيح الحصن
يُرِيدُ أَن عُثْمَانَ فِي حُرْمةِ الإِسلام وذِمَّته لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يُوقِعُ بِهِ، وَيُقَالُ لِلْحَالِفِ مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه بِهِ، وَمِنْهُ
قَوْلُ الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي الْغَضَبِ
أَي يَحْلِفُ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
قَتَلُوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِماً،
…
غادَرُوه لَمْ يُمَتَّعْ بكَفَنْ
يُرِيدُ: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري: الحُرْمة المَهابة، قَالَ: وإِذا كَانَ بالإِنسان رَحِمٌ وَكُنَّا نَسْتَحِي مِنْهُ قُلْنَا: لَهُ حُرْمَةٌ، قَالَ: وَلِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حُرْمةٌ ومَهابةٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هُوَ حُرْمَتُك وَهُمْ ذَوو رَحِمِه وجارُه ومَنْ يَنْصره غَائِبًا وَشَاهِدًا وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقُّه. وَيُقَالُ: أَحْرَمْت عَنِ الشَّيْءِ إِذا أَمسكتَ عَنْهُ،
وَذَكَرَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ عَنِ الْيَزِيدِيِّ أَنه قَالَ: سَأَلْتُ عَمِّي عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: كلُّ مُسْلم عَنْ مُسْلِمٍ مُحْرِمٌ، قَالَ: المُحْرِمُ الْمُمْسِكُ
، مَعْنَاهُ أَن الْمُسْلِمَ مُمْسِكٌ عَنْ مَالِ الْمُسْلِمِ وعِرْضِهِ ودَمِهِ؛ وأَنشد لمِسْكين الدَّارِمِيِّ:
أَتتْني هَناتٌ عَنْ رجالٍ، كأَنها
…
خَنافِسُ لَيْلٍ لَيْسَ فِيهَا عَقارِبُ
أَحَلُّوا عَلَى عِرضي، وأَحْرَمْتُ عنهُمُ،
…
وَفِي اللهِ جارٌ لَا ينامُ وطالِبُ
قَالَ: وأَنشد الْمُفَضَّلُ لأَخْضَرَ بْنِ عَبَّاد المازِنيّ جَاهِلِيٌّ:
لَقَدْ طَالَ إِعْراضي وصَفْحي عَنِ الَّتِي
…
أُبَلَّغُ عنْكم، والقُلوبُ قُلوبُ
وَطَالَ انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ
…
ليَرْجِعَ وُدٌّ، والمَعادُ قريبُ
ولستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عَنِ الَّتِي
…
كرِهْتُ، وَمِنْهَا فِي القُلوب نُدُوبُ
فَلَا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ،
…
فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ
ويَظْهَرَ مِنّاً فِي المَقالِ ومنكُمُ،
…
إِذا مَا ارْتَمَيْنا فِي المَقال، عُيوبُ
وَيُقَالُ: أَحْرَمْتُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى حَرَّمْتُه؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
إِلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كَأَنَّهَا
…
رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
قَالَ: وَالضَّمِيرُ فِي كَأَنَّهَا يَعُودُ عَلَى رِكابٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. وتَحَرَّم مِنْهُ بحُرْمَةٍ: تَحَمّى وتَمَنَّعَ. وأَحْرَمَ القومُ إِذا دَخَلُوا فِي الشَّهْرِ الحَرامِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
جَعَلْنَ القَنانَ عَنْ يَمينٍ وحَزْنَهُ،
…
وَكَمْ بالقَنانِ مِنْ مُحِلّ ومُحْرِمِ
وأَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي حُرْمة لَا تُهْتَكُ؛ وأَنشد بَيْتَ زُهَيْرٍ:
وَكَمْ بالقنانِ مِنْ مُحِلّ ومُحْرِمِ
أَيْ مِمَّنْ يَحِلُّ قتالُه وَمِمَّنْ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ مِنْهُ. والمُحْرِمُ: المُسالمُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فِي قَوْلِ خِداش بْنُ زُهَيْرٍ:
إِذا مَا أصابَ الغَيْثُ لَمْ يَرْعَ غَيْثَهمْ،
…
مِنَ النَّاسِ، إِلا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
هَكَذَا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، بِرَفْعِ الْغَيْثِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراها لُغَةً فِي صابَ أَو عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ
كَأَنَّهُ إِذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الْغَيْثُ بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ وأَنشده مَرَّةً أُخرى:
إِذا شَرِبوا بالغَيْثِ
والمُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، والكَفيلُ مِنْ هَذَا أُخِذَ. وحُرْمَةُ الرَّجُلِ: حُرَمُهُ وأَهله. وحَرَمُ الرَّجُلِ وحَريمُه: مَا يقاتِلُ عَنْهُ ويَحْميه، فَجَمْعُ الحَرَم أَحْرامٌ، وَجَمْعُ الحَريم حُرُمٌ. وَفُلَانٌ مُحْرِمٌ بِنَا أَي فِي حَريمنا. تَقُولُ: فُلَانٌ لَهُ حُرْمَةٌ أَي تَحَرَّمَ بِنَا بصحبةٍ أَو بِحَقٍّ وذِمَّةِ. الأَزهري: والحَريمُ قَصَبَةُ الدارِ، والحَريمُ فِناءُ الْمَسْجِدِ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ وَاصِلٍ الْكِلَابِيِّ: حَريم الدَّارِ مَا دَخَلَ فِيهَا مِمَّا يُغْلَقُ عَلَيْهِ بابُها وَمَا خَرَجَ مِنْهَا فَهُوَ الفِناءُ، قَالَ: وفِناءُ البَدَوِيِّ مَا يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه وأَطنابُهُ، وَهُوَ مِنَ الحَضَرِيّ إِذا كَانَتْ تُحَاذِيهَا دَارٌ أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ مَا بَيْنَهُمَا. وحَريمُ الدَّارِ: مَا أُضيف إِلَيْهَا وَكَانَ مِنْ حُقُوقِهَا ومَرافِقها. وحَريمُ الْبِئْرِ: مُلْقى النَّبِيثَة والمَمْشى عَلَى جَانِبَيْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ الصِّحَاحُ: حَريم الْبِئْرِ وَغَيْرِهَا مَا حَوْلَهَا مِنْ مَرافقها وحُقوقها. وحَريمُ النَّهْرِ: مُلْقى طِينِهِ والمَمْشى عَلَى حَافَّتَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَريمُ الْبِئْرِ أَربعون ذِرَاعًا
، هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُحِيطُ بِهَا الَّذِي يُلْقى فِيهِ ترابُها أَي أَن الْبِئْرَ الَّتِي يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ فِي مَواتٍ فَحريمُها لَيْسَ لأَحد أَن يَنْزِلَ فِيهِ وَلَا يُنَازِعَهُ عَلَيْهَا، وَسُمِّيَ بِهِ لأَنه يَحْرُمُ مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْهُ أَو لأَنه مُحَرَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ التصرفُ فِيهِ. الأَزهري: الحِرْمُ الْمَنْعُ، والحِرْمَةُ الحِرْمان، والحِرْمانُ نَقيضه الإِعطاء والرَّزْقُ. يُقَالُ: مَحْرُومٌ ومَرْزوق. وحَرَمهُ الشيءَ يَحْرِمُهُ وحَرِمَهُ حِرْماناً وحِرْماً «1» وحَريماً وحِرْمَةً وحَرِمَةً وحَريمةً، وأَحْرَمَهُ لغةٌ لَيْسَتْ بِالْعَالِيَةِ، كُلُّهُ: مَنَعَهُ الْعَطِيَّةَ؛ قَالَ يَصِفُ امْرَأَةً:
وأُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قومَها
…
لتَنْكِحَ فِي مَعْشَرٍ آخَرِينا
أَي حَرَّمَتْهُم عَلَى نَفْسِهَا. الأَصمعي: أَحْرَمَتْ قَوْمَهَا أَي حَرَمَتْهُم أَن يَنْكِحُوهَا. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: كُلُّ مُسلمٍ عَنْ مُسْلِمٍ مُحْرِمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ
؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي يُقَالُ إِنَّهُ لمُحْرِمٌ عَنْكَ أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عَلَيْهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا بِمَعْنَى الْخَبَرِ، أَراد أَنه يَحْرُمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن يُؤْذي صاحبَهُ لحُرْمة الإِسلام المانِعَتِه عَنْ ظُلْمِه. وَيُقَالُ: مُسلم مُحْرِمٌ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يُوقِعُ بِهِ، يُرِيدُ أَن الْمُسْلِمَ مُعْتَصِمٌ بالإِسلام مُمْتَنِعٌ بحُرْمتِهِ مِمَّنْ أَراده وأَراد مَالَهُ. والتَّحْرِيمُ: خِلَافُ التَّحْليل. وَرَجُلٌ مَحْروم: مَمْنُوعٌ مِنَ الْخَيْرِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: المَحْروم الَّذِي حُرِمَ الخيرَ حِرْماناً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
؛ قِيلَ: المَحْروم الَّذِي لَا يَنْمِي لَهُ مَالٌ، وَقِيلَ أَيضاً: إِنه المُحارِفُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَكْتَسِبُ. وحَرِيمةُ الربِّ: الَّتِي يَمْنَعُهَا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ. وأَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه، وحَرِمَ فِي اللُّعبة يحْرَمُ حَرَماً: قُمِرَ وَلَمْ يَقْمُرْ هُوَ؛ وأَنشد:
ورَمَى بسَهْمِ حَريمةٍ لَمْ يَصْطَدِ
ويُخَطُّ خَطٌّ فَيَدْخُلُ فِيهِ غِلمان وَتَكُونُ عِدَّتُهُمْ فِي خَارِجٍ مِنَ الخَطّ فيَدْنو هَؤُلَاءِ من الخط ويصافحُ
(1). قوله [وحرماً] أي بكسر فسكون، زاد في المحكم: وحرماً ككتف
أَحدُهم صاحبَهُ، فإِن مسَّ الداخلُ الخارجَ فَلَمْ يَضْبُطْهُ الداخلُ قِيلَ لِلدَّاخِلِ: حَرِمَ وأَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، وإِن ضَبَطَهُ الداخلُ فَقَدْ حَرِمَ الخارِجُ وأَحْرَمَه الداخِلُ. وحَرِمَ الرجلُ حَرماً: لَجَّ ومَحَكَ. وحَرِمَت المِعْزَى وغيرُها مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْف حِراماً واسْتحْرَمَتْ: أَرادت الْفَحْلَ، وَمَا أَبْيَنَ حِرْمَتَها، وَهِيَ حَرْمَى، وَجَمْعُهَا حِرامٌ وحَرامَى، كُسِّرَ عَلَى مَا يُكَسَّرُ عَلَيْهِ فَعْلَى الَّتِي لَهَا فَعْلانُ نَحْوُ عَجْلان وعَجْلَى وغَرْثان وغَرْثى، وَالِاسْمُ الحَرَمةُ والحِرمةُ؛ الأَول عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ الذِّئْبَةُ وَالْكَلْبَةُ وَأَكْثَرُهَا فِي الْغَنَمِ، وَقَدْ حُكِيَ ذَلِكَ فِي الإِبل. وَجَاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمُ الساعةُ تُسَلَّطُ عَلَيْهِمُ الحِرْمَةُ
أَي الغُلْمَةُ ويُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل فِي ذُكُورِ الأَناسِيِّ، وَقِيلَ: الاسْتِحْرامُ لِكُلِّ ذَاتِ ظِلْفٍ خَاصَّةً. والحِرْمَةُ، بِالْكَسْرِ: الغُلْمةُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَكَأَنَّهَا بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنَ الْحَيَوَانِ أَخَصُّ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
آدَمَ، عليه السلام: أَنَّهُ اسْتَحْرَمَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِهِ مائةَ سنةٍ لَمْ يَضْحَكْ
؛ هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي حُرْمَةٍ لَا تهْتَكُ، قَالَ: وَلَيْسَ مِنِ اسْتِحْرام الشاة. الجوهري: والحِرْمةُ فِي الشَّاءِ كالضَّبْعَةِ فِي النُّوقِ، والحِنَاء فِي النِّعاج، وَهُوَ شَهْوَةُ البِضاع؛ يُقَالُ: اسْتَحْرَمَت الشاةُ وَكُلُّ أُنثى مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْفِ خَاصَّةً إِذا اشْتَهَتِ الْفَحْلَ. وَقَالَ الأُمَوِيُّ: اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ والكلبةُ إِذا أَرادت الْفَحْلَ. وَشَاةٌ حَرْمَى وَشِيَاهٌ حِرامٌ وحَرامَى مِثْلُ عِجالٍ وعَجالى، كأَنه لَوْ قِيلَ لمذكَّرِهِ لَقِيل حَرْمانُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَعْلَى مُؤَنَّثَةُ فَعْلان قَدْ تُجْمَعُ عَلَى فَعالَى وفِعالٍ نَحْوُ عَجالَى وعِجالٍ، وأَما شَاةٌ حَرْمَى فَإِنَّهَا، وإِن لَمْ يُسْتَعْمَلْ لَهَا مذكَّر، فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا قَدِ اسْتُعْمِلَ لأَن قِيَاسَ الْمُذَكَّرِ مِنْهُ حَرْمانُ، فَلِذَلِكَ قَالُوا فِي جَمْعِهِ حَرامَى وحِرامٌ، كَمَا قَالُوا عَجالَى وعِجالٌ. والمُحَرَّمُ مِنَ الإِبل مِثْلُ العُرْضِيِّ: وَهُوَ الذَلُول الوَسَط «1» الصعبُ التَّصَرُّفِ حِينَ تصَرُّفِه. وَنَاقَةٌ مُحَرَّمةٌ: لَمْ تُرَضْ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ نَاقَةٌ مُحَرَّمَةُ الظهرِ إِذا كَانَتْ صَعْبَةً لَمْ تُرَضْ وَلَمْ تُذَلَّلْ، وَفِي الصِّحَاحِ: نَاقَةٌ مُحَرَّمةٌ أَي لَمْ تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: إِنه أَراد البَداوَة فأَرسل إليَّ نَاقَةً مُحَرَّمةً
؛ هِيَ الَّتِي لَمْ تُرْكَبْ وَلَمْ تُذَلَّل. والمُحَرَّمُ مِنَ الْجُلُودِ: مَا لَمْ يُدْبَغْ أَو دُبغ فَلَمْ يَتَمَرَّن وَلَمْ يُبَالِغْ، وجِلد مُحَرَّم: لَمْ تَتِمَّ دِباغته. وَسَوْطٌ مُحَرَّم: جَدِيدٌ لَمْ يُلَيَّنْ بعدُ؛ قَالَ الأَعشى:
تَرَى عينَها صَغْواءَ فِي جنبِ غَرْزِها،
…
تُراقِبُ كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّما
وَفِي التَّهْذِيبِ: فِي جَنْبِ مُوقِهَا تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سَوْطَهُ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت الْعَرَبَ يُسَوُّون سياطَهم مِنْ جُلُودِ الإِبل الَّتِي لَمْ تُدْبَغْ، يَأْخُذُونَ الشَّريحة الْعَرِيضَةَ فَيَقْطَعُونَ مِنْهَا سُيوراً عِراضاً وَيَدْفِنُونَهَا فِي الثَّرَى، فإِذا نَدِيَتْ وَلَانَتْ جَعَلُوا مِنْهَا أَربع قُوىً، ثُمَّ فَتَلُوهَا ثُمَّ علَّقوها مِنْ شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها فِي الأَرض فتُقِلُّها مِنَ الأَرض مَمْدُودَةً وَقَدْ أَثقلوها حَتَّى تَيَبَّسَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
وحِرْم عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنهم لَا يَرْجِعُونَ
؛ رَوَى قَتادةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ واجبٌ عَلَيْهَا إِذا هَلَكَتْ أَن لَا تُرْجَعُ إِلى دُنْياها؛ وَقَالَ أَبو مُعاذٍ النَّحْوِيُّ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قرأَها
وحَرمَ عَلَى قَرْيَةٍ
أَي وَجَب عَلَيْهَا، قَالَ: وحُدِّثْت
(1). قوله [وهو الذلول الوسط] ضبطت الطاء في القاموس بضمة، وفي نسختين من المحكم بكسرها ولعله أقرب للصواب
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنه قرأَها:
وحِرْمٌ على قَرْيَةٍ أَهلكناها
؛ فَسُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ: عَزْمٌ عَلَيْهَا. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها
؛ يَحْتَاجُ هَذَا إِلى تَبْيين فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيَّنْ، قَالَ: وَهُوَ، وَاللَّهُ أَعلم، أَن اللَّهَ عز وجل لَمَّا قَالَ: فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ، أَعْلَمنا أَنه قَدْ حَرَّمَ أَعْمَالَ الْكُفَّارِ، فَالْمَعْنَى حَرامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَن يُتَقَبَّل مِنْهُمْ عَمَلٌ، لأَنهم لَا يَرْجِعُونَ أَي لَا يَتُوبُونَ؛ وَرُوِيَ أَيضاً
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ: وحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها، قَالَ: واجبٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنه لَا يَرْجِعُ مِنْهُمْ رَاجِعٌ
أَي لَا يَتُوبُ مِنْهُمْ تَائِبٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وَرَوَى الْفَرَّاءُ بإِسناده
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وحِرْمٌ
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَي وَاجِبٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما تَأَوَّلَ الْكِسَائِيُّ وَحَرامٌ
فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى وَاجِبٍ، لِتَسْلَمَ لَهُ لَا مِنَ الزِّيَادَةِ فَيَصِيرَ الْمَعْنَى عِنْدَهُ واجبٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنهم لَا يَرْجِعُونَ، وَمِنْ جَعَلَ حَراماً بِمَعْنَى الْمَنْعِ جَعَلَ لَا زَائِدَةً تَقْدِيرُهُ وحَرامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنهم يَرْجِعُونَ، وَتَأْوِيلُ الْكِسَائِيِّ هُوَ تأْويل ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَيُقَوِّي قَوْلَ الْكِسَائِيِّ إِن حَرام فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى وَاجِبٌ قولُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُمانَةَ المُحاربيّ جَاهِلِيٌّ:
فإِنَّ حَراماً لَا أَرى الدَّهْرَ باكِياً
…
عَلَى شَجْوِهِ، إِلَّا بَكَيْتُ عَلَى عَمْرو
وَقَرَأَ أَهل الْمَدِينَةِ وَحَرامٌ
، قَالَ الْفَرَّاءُ: وحَرامٌ أَفشى فِي الْقِرَاءَةِ. وحَرِيمٌ: أَبو حَيّ. وحَرامٌ: اسْمٌ. وَفِي الْعَرَبِ بُطون يُنْسَبُونَ إِلى آلِ حَرامٍ «1» بَطْنٌ من بني تميم وبَطْنٌ فِي جُذام وَبَطْنٌ فِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ. وحَرامٌ: مَوْلَى كُلَيْبٍ. وحَريمةُ: رَجُلٌ مِنْ أَنجادهم؛ قَالَ الكَلْحَبَةُ اليَرْبوعيّ:
فأَدْرَكَ أَنْقاءَ العَرَادةِ ظَلْعُها،
…
وَقَدْ جَعَلَتْني مِنْ حَريمةَ إِصْبَعا
وحَرِمٌ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
حَيِّ دارَ الحَيِّ لَا حَيَّ بِهَا،
…
بِسِخالٍ فأُثالٍ فَحَرِمْ
والحَيْرَمُ: الْبَقَرُ، وَاحِدَتُهَا حَيْرَمة؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
تَبَدَّلَ أُدْماً مِنْ ظِباءٍ وحَيْرَما
قَالَ الأَصمعي: لَمْ نَسْمَعْ الحَيْرَمَ إِلا فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر، وَلَهُ نَظَائِرُ مَذْكُورَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: والقولُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَنَحْوِهَا وجوبُ قَبُولِهَا، وَذَلِكَ لِمَا ثبتتْ بِهِ الشَّهادةُ مِنْ فَصاحة ابْنِ أَحمر، فإِما أَن يَكُونَ شَيْئًا أَخذه عَمَّنْ نَطَقَ بِلُغَةٍ قَدِيمَةٍ لَمْ يُشارَكْ فِي سَمَاعِ ذَلِكَ مِنْهُ، عَلَى حَدِّ مَا قُلْنَاهُ فِيمَنْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ، وَهُوَ فَصِيحٌ كَقَوْلِهِ فِي الذُّرَحْرَح الذُّرَّحْرَحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وإِما أَن يَكُونَ شَيْئًا ارْتَجَلَهُ ابْنُ أَحمر، فإِن الأَعرابي إِذا قَوِيَتْ فصاحتُه وسَمَتْ طبيعتُه تصرَّف وَارْتَجَلَ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ أَحد قَبْلَهُ، فَقَدْ حُكِيَ عَنْ رُؤبَة وأَبيه: أَنهما كَانَا يَرْتَجِلان أَلفاظاً لَمْ يَسْمَعَاهَا وَلَا سُبِقا إِليها، وَعَلَى هَذَا قَالَ أَبو عُثْمَانَ: مَا قِيس عَلَى كَلَامِ العَرَب فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. ابْنُ الأَعرابي: الحَيْرَمُ الْبَقَرُ، والحَوْرَمُ الْمَالُ الْكَثِيرُ مِنَ الصامِتِ وَالنَّاطِقِ. والحِرْمِيَّةُ: سِهام تُنْسَبُ إِلى الحَرَمِ، والحَرَمُ قَدْ يَكُونُ الحَرامَ، وَنَظِيرُهُ زَمَنٌ وزَمانٌ.
(1). قوله [إِلى آل حرام] هذه عبارة المحكم وليس فيها لفظ آل
وحَريمٌ الَّذِي فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ حَريمُ بْنُ جُعْفِيّ جَدُّ الشُّوَيْعِر؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَعْنِي قَوْلَهُ:
بَلِّغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَني،
…
عَمْدَ عَيْنٍ، قَلَّدْتُهُنَّ حَريما
وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ شِعْرٍ. والحرَيمةُ: مَا فَاتَ مِنْ كُلِّ مَطْموع فِيهِ. وحَرَمَهُ الشَّيْءَ يَحْرِمُه حَرِماً مِثْلُ سَرَقَه سَرِقاً، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وحِرْمَةً وحَريمةً وحِرْماناً وأَحْرَمَهُ أَيضاً إِذا مَنَعَهُ إِياه؛ وَقَالَ يَصِفُ امْرَأَةً:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَها
…
لتَنْكِحَ فِي مَعْشَرٍ آخَرِينا «2»
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ شَاهِدًا عَلَى أَحْرَمَتْ بَيْتَيْنِ مُتَبَاعِدٌ أَحدهما مِنْ صَاحِبِهِ، وَهُمَا فِي قَصِيدَةٍ تُرْوَى لشَقِيق بْنِ السُّلَيْكِ، وَتُرْوَى لَابْنِ أَخي زِرّ ابن حُبَيْشٍ الْفَقِيهِ الْقَارِئِ، وَخَطَبَ امرأَة فَرَدَّتْهُ فَقَالَ:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَهَا
…
لتَنكِح فِي معشرٍ آخَرينا
فإِن كنتِ أَحْرَمْتِنا فاذْهَبي،
…
فإِن النِّساءَ يَخُنَّ الأَمينا
وطُوفي لتَلْتَقِطي مِثْلَنا،
…
وأُقْسِمُ باللهِ لَا تَفْعَلِينا
فَإِمَّا نَكَحْتِ فَلَا بالرِّفاء،
…
إِذا مَا نَكَحْتِ وَلَا بالبَنِينا
وزُوِّجْتِ أَشْمَطَ فِي غُرْبة،
…
تُجَنُّ الحَلِيلَة مِنْهُ جُنونا
خَليلَ إماءٍ يُراوِحْنَهُ،
…
وللمُحْصَناتِ ضَرُوباً مُهِينا
إِذا مَا نُقِلْتِ إِلى دارِهِ
…
أَعَدَّ لظهرِكِ سَوْطًا مَتِينا
وقَلَّبْتِ طَرْفَكِ فِي مارِدٍ،
…
تَظَلُّ الحَمامُ عَلَيْهِ وُكُونا
يُشِمُّكِ أَخْبَثَ أَضْراسِه،
…
إِذا مَا دَنَوْتِ فتسْتَنْشِقِينا
كأَن المَساويكَ فِي شِدْقِه،
…
إِذا هُنَّ أُكرِهن، يَقلَعنَ طِينَا
كأَنَّ تَواليَ أَنْيابِهِ
…
وَبَيْنَ ثَناياهُ غِسْلًا لَجِينا
أَراد بالمارِدِ حِصْناً أَو قَصراً مِمَّا تُعْلى حيطانُه وتُصَهْرَجُ حَتَّى يَمْلاسَّ فَلَا يَقْدِرُ أَحد عَلَى ارْتِقَائِهِ، والوُكُونُ: جَمْعُ واكِنٍ مِثْلُ جَالِسٍ وجُلوسٍ، وَهِيَ الجاثِمة، يُرِيدُ أَن الْحَمَامَ يَقِفُ عَلَيْهِ فَلَا يُذْعَرُ لِارْتِفَاعِهِ، والغِسْل: الخطْمِيُّ، واللَّجِينُ: الْمَضْرُوبُ بِالْمَاءِ، شبَّه مَا رَكِبَ أَسنانَه وأَنيابَه مِنَ الْخُضْرَةِ بالخِطميّ الْمَضْرُوبِ بِالْمَاءِ. والحَرِمُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: الحِرْمانُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وإِنْ أَتاه خليلٌ يَوْمَ مَسْأَلةٍ
…
يقولُ: لَا غائبٌ مَالِي وَلَا حَرِمُ
وإِنما رَفَعَ يقولُ، وَهُوَ جَوَابُ الْجَزَاءِ، عَلَى مَعْنَى التَّقْدِيمِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ كأَنه قَالَ: يَقُولُ إِن أَتاه خَلِيلٌ لَا غَائِبٌ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ عَلَى إِضْمَارِ الْفَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
(2). قَوْلُهُ [ونبئتها] في التهذيب: وأنبئتها
الحَرِمُ الْمَمْنُوعُ، وَقِيلَ: الحَرِمُ الحَرامُ. يُقَالُ: حِرْمٌ وحَرِمٌ وحَرامٌ بِمَعْنًى. والحَريمُ: الصَّدِيقُ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ حَريمٌ صَريح أَي صَديق خَالِصٌ. قَالَ: وَقَالَ العُقَيْلِيُّونَ حَرامُ اللَّهِ لَا أَفعلُ ذَلِكَ، ويمينُ اللَّهِ لَا أَفعلُ ذَلِكَ، مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. قَالَ: وَقَالَ أَبو زَيْدٍ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا هُوَ بحارِم عَقْلٍ، وَمَا هُوَ بعادِمِ عَقْلٍ، مَعْنَاهُمَا أَن لَهُ عَقْلًا. الأَزهري: وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ
إِذا اجْتَمَعَتْ حُرْمتانِ طُرِحت الصُّغْرى للكُبْرى
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: يَقُولُ إِذا كَانَ أَمر فِيهِ مَنْفَعَةٌ لعامَّة النَّاسِ ومَضَرَّةٌ عَلَى خَاصٍّ مِنْهُمْ قُدِّمت مَنْفَعَةُ الْعَامَّةِ، مِثَالُ ذَلِكَ: نَهْرٌ يَجْرِي لشِرْب الْعَامَّةِ، وَفِي مَجْراه حائطٌ لِرَجُلٍ وحَمَّامٌ يَضُرُّ بِهِ هَذَا النَّهْرُ، فَلَا يُتْرَكُ إِجْرَاؤُهُ مِنْ قِبَلِ هَذِهِ المَضَرَّة، هَذَا وَمَا أَشبهه، قَالَ: وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: فِي الحَرامِ كَفَّارةُ يمينٍ
؛ هُوَ أَن يَقُولَ حَرامُ اللَّهِ لَا أَفعلُ كَمَا يَقُولُ يمينُ اللهِ، وَهِيَ لُغَةُ العقيلِييّن، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ تَحْريمَ الزَّوْجَةِ وَالْجَارِيَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ
، ثُمَّ قَالَ عز وجل: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ نِسَائِهِ وحَرَّمَ فَجَعَلَ الحَرامَ حَلَالًا
، تَعْنِي مَا كَانَ حَرّمهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ نِسَائِهِ بالإِيلاء عَادَ فأَحَلَّهُ وَجَعَلَ فِي الْيَمِينِ الكفارةَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ «1» فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَنتِ عليَّ حَرامٌ
، وَحَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ حَرّمَ امرأَته فَلَيْسَ بشيءٍ
، وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:
إِذا حَرَّمَ الرَّجُلُ امرأَته فَهِيَ يمينٌ يُكَفِّرُها.
والإِحْرامُ والتَّحْريمُ بِمَعْنًى؛ قَالَ يَصِفُ بَعِيرًا:
لَهُ رِئَةٌ قَدْ أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهرِهِ،
…
فَمَا فِيهِ للفُقْرَى وَلَا الحَجِّ مَزْعَمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ وَلَّاد وَغَيْرُهُ: لَهُ رَبَّة، وَقَوْلُهُ مَزْعَم أَي مَطْمع. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ*
؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ المُحارِف. أَبو عَمْرٍو: الحَرُومُ النَّاقَةُ المُعْتاطةُ الرَّحِمِ، والزَّجُومُ الَّتِي لَا تَرْغُو، والخَزُوم الْمُنْقَطِعَةُ فِي السَّيْرِ، والزَّحُوم الَّتِي تزاحِمُ عَلَى الْحَوْضِ. والحَرامُ: المُحْرِمُ. والحَرامُ: الشَّهْرُ الحَرامُ. وحَرام: قَبِيلَةٌ مَنْ بَنِي سُلَيْمٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَمَنْ يَكُ خَائِفًا لأَذاةِ شِعْرِي،
…
فَقَدْ أَمِنَ الهجاءَ بَنُو حَرامِ
وحَرَام أَيضاً: قَبِيلَةٌ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. والتَّحْرِيمُ: الصُّعوبة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
دَيَّثْتُ مِنْ قَسْوتِهِ التَّحرِيما
يُقَالُ: هُوَ بَعِيرٌ مُحَرَّمٌ أَي صَعْبٌ. وأَعرابيّ مُحَرَّمٌ أَي فَصِيحٌ لَمْ يُخَالِطِ الحَضَرَ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَما عَلِمْتَ أَن الصُّورَةَ مُحَرَّمةٌ؟
أَي مُحَرَّمَةُ الضربِ أَو ذَاتُ حُرْمةٍ، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
حَرَّمْتُ الظلمَ عَلَى نَفْسِي
أَي تَقَدَّسْتُ عَنْهُ وتعالَيْتُ، فَهُوَ فِي حَقِّهِ كَالشَّيْءِ المُحَرَّم عَلَى النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
فَهُوَ حَرامٌ بحُرمة اللَّهِ
أَي بِتَحْرِيمِهِ، وَقِيلَ: الحُرْمةُ الْحَقُّ أَي بِالْحَقِّ الْمَانِعِ مِنْ تَحْلِيلِهِ. وَحَدِيثُ الرَّضَاعِ:
فَتَحَرَّمَ بِلَبَنِهَا
أَي صَارَ عَلَيْهَا حَراماً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وذُكِرَ عِنْدَهُ قولُ عَلِيٍّ أَو عُثْمَانَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الأَمَتَيْن الأُختين: حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ وأَحَلَّتْهُنَّ آيةٌ، فَقَالَ: يُحَرِّمُهُنَّ عليَّ قرابتي
(1). قوله [وفي حديث عليّ إلخ] عبارة النهاية: ومنه حديث عليّ إلخ
مِنْهُنَّ وَلَا يُحرِّمُهُنَّ قرابةُ بَعْضِهِنَّ مِنْ بَعْضٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد ابْنُ عَبَّاسٍ أَن يُخْبِرَ بالعِلَّة الَّتِي وَقَعَ مِنْ أَجْلِهَا تَحْريمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الأُختين الحُرَّتَين فَقَالَ: لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ بِقُرَابَةِ إِحداهما مِنَ الأُخرى إِذ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ وطءُ الثَّانِيَةِ بَعْدَ وَطْءِ الأُولى كَمَا يَجْرِي فِي الأُمِّ مَعَ الْبِنْتِ، وَلَكِنَّهُ وَقَعَ مِنْ أَجْلِ قَرَابَةِ الرَّجُلِ مِنْهُمَا فَحُرمَ عَلَيْهِ أَن يَجْمَعَ الأُختَ إِلى الأُخت لأَنها مِنْ أَصْهاره، فكأَن ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ أَخْرَجَ الإِماءَ مِنْ حُكْمِ الحَرائر لأَنه لَا قَرَابَةَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ إمائِه، قَالَ: وَالْفُقَهَاءُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ الْجَمْعَ بَيْنَ الأُختين فِي الحَرائر والإِماء، فَالْآيَةُ المُحَرِّمةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ، وَالْآيَةُ المُحِلَّةُ قَوْلُهُ تعالى: ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.
حرجم: حَرْجَمَ الإِبلَ: رَدَّ بعضَها عَلَى بَعْضٍ. وحَرْجَمْتُ الإِبل فاحْرَنْجَمَتْ إِذا رَدَدْتَها فَارْتَدَّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ واجْتَمعت؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عايَنَ حَيّاً كالحِراجِ نَعَمُهْ،
…
يكونُ أَقْصى شَلِّهِ مُحْرَنْجِمُهْ
وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: وَذَكَرَ السَّنة فَقَالَ تَرَكَتْ كَذَا وَكَذَا والذِّيخ مُحْرَنْجِماً
أَي مُنْقَبِضًا مُجْتَمِعًا كَالِحًا مِنْ شِدَّةِ الجَدْب أَي عَمَّ المَحْلُ حَتَّى نَالَ السِّباعَ وَالْبَهَائِمَ، والذِّيخُ: ذَكَرُ الضِّباع، وَالنُّونُ فِي احْرَنْجَمَ زَائِدَةٌ. الأَصمعي: المُحْرَنْجِمُ الْمُجْتَمِعُ. اللَّيْثُ: حَرْجَمْتُ: الإِبل إِذا رددتَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ؛ وأَنشد الْبَيْتَ:
يَكُونُ أَقْصى شَلِّهِ مُحْرَنْجِمُهْ
قَالَ الْبَاهِلِيُّ: مَعْنَاهُ أَن الْقَوْمَ إِذا فاجأَتهم الغارةُ لَمْ يَطْرُدُوا نَعَمَهُمْ وَكَانَ أَقْصى طردِهِمْ لَهَا أَن يُنِيخوها فِي مَبَارِكِهَا ثُمَّ يقاتِلوا عَنْهَا، ومَبْرَكُها هُوَ مُحْرَنْجَمُها الَّذِي تَحْرَنْجِمُ فِيهِ وَتَجْتَمِعُ وَيَدْنُو بعضُها مِنْ بَعْضٍ. الْجَوْهَرِيُّ: احْرَنْجَمَ القومُ ازْدَحَمُوا. والمُحْرَنْجِمُ: الْعَدَدُ الْكَثِيرُ؛ وأَنشد:
الدَّارُ أَقْوَتْ بَعْدَ مُحْرَنْجِمِ،
…
مِنْ مُعْرِبٍ فِيهَا وَمِنْ مُعْجِمِ
واحْرَنْجَمَ الرجلُ: أَراد الأَمر ثُمَّ كَذَّبَ عَنْهُ. واحْرَنْجَمَ القومُ: اجْتَمَعَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ. واحْرَنْجَمَت الإِبل: اجْتَمَعَتْ وَبَرَكَتْ، اعْرَنزَم واقْرَنْبَعَ واحْرَنْجَمَ إِذا اجْتَمَعَ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
إِن فِي بَلَدِنَا حَرَاجِمَةً
أَي لُصُوصًا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ كُتُبِ المتأَخرين، قَالَ: وَهُوَ تَصْحِيفٌ وإِنما هُوَ بِجِيمَيْنِ، كَذَا جَاءَ فِي كُتُبِ الْغَرِيبِ وَاللُّغَةِ إِلّا أَن يَكُونَ قَدْ أَثبتها فَرَوَاهَا.
حردم: الحَرْدَمَةُ: اللجاج.
حرزم: حَرْزَمَهُ: ملأَه. وحَرْزَمَهُ اللَّهُ: لَعَنَهُ. وحَرْزَمٌ: رَجُلٌ. وحَرْزَمٌ: جَمَلٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
لأَعْلِطَنَّ حَرْزَماً بعَلْطِ
…
بلِيتِهِ عند وُضوحِ الشَّرْطِ
حرسم: الحِرْسِمُ: السَّمُّ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقَالَ مُرَّةُ: سَقَاهُ اللَّهُ الحِرْسِمَ وَهُوَ المَوْت. اللِّحْيَانِيُّ: سَقَاهُ اللَّهُ الحِرْسِمَ وَهُوَ السَّمُّ الْقَاتِلُ. وَيُقَالُ: مَا لَهُ سَقَاهُ الحِرْسِمَ وَكَأْسَ الذَّيفَان لَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ؛ قَالَ: رأَيته مُقَيَّدًا بِخَطِّهِ فِي كِتَابِ اللِّحْيَانِيِّ الجِرْسِم، بِالْجِيمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَيْسَ الجِرْسِمُ مِنْ هَذَا الْبَابِ هُوَ فِي الْجِيمِ. أَبو عَمْرٍو: الحَراسيمُ والحَراسِينُ السِّنون المُقْحِطاتُ. ابْنُ الأَعرابي: الحِرْسِمُ الزَّاوِيةُ.
حرقم: حَرْقَمٌ: مَوْضِعٌ؛ التَّهْذِيبُ: قُرِئَ عَلَى شَمِرٍ فِي شِعْرِ الحُطَيْئةِ:
فقلتُ لَهُ: أَمْسِكْ فَحَسْبُكَ، إِنَّما
…
سأَلْتُكَ صِرْفاً مِنْ جيادِ الحَراقِمِ
قَالَ: الحَراقِمُ الأَدَمُ والصُّوف الأَحمر «1» .
حرهم: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: نَاقَةٌ حُراهِمَةٌ أَي ضَخْمَةٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جؤَيَّة يصف ضبعا:
تَرَاهَا، الضَّبْعُ أَعْظَمَهُنَّ رأْساً،
…
حُراهِمَةً لَهَا حِرَةٌ وثِيلُ
الضَّبُعُ حُراهِمَةٌ عُراهِمَةٌ.
حزم: الحَزْمُ: ضَبْطُ الإِنسان أَمره والأَخذ فِيهِ بالثِّقة. حَزُمَ، بِالضَّمِّ، يَحْزُم حَزْماً وحَزامَةً وحُزُومة، وَلَيْسَتِ الحُزُومةُ بِثَبْتٍ. وَرَجُلٌ حازمٌ وحَزيمٌ مِنْ قَوْمٍ حَزَمة وحُزَماء وحُزَّمٍ وأَحْزامٍ وحُزَّامٍ: وَهُوَ الْعَاقِلُ الْمُمَيِّزُ ذُو الحُنْكةِ. وَقَالَ ابْنُ كَثْوَةَ: مِنْ أَمثالهم: إِن الوَحَا مِنْ طَعَامِ الحَزْمَة؛ يُضْرَبُ عِنْدَ التَّحَشُّد عَلَى الانْكِماش وحَمْدِ المُنْكَمِشِ. والحَزْمَةُ: الحَزْمُ. وَيُقَالُ: تَحَزَّم فِي أَمرك أَي اقْبَلْهُ بالحَزْم والوَثاقة. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحَزْمُ سُوءُ الظَّنِّ
؛ الحَزْمُ ضَبْطُ الرَّجُلِ أَمْرَه والحَذَرُ مِنْ فَوَاتِهِ. وَفِي حَدِيثِ الوِتْر:
أَنه قَالَ لأَبي بَكْرٍ أَخذتَ بالحَزْم.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا رأَيتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ ودِينٍ أَذهبَ للُبِّ الحازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ
أَي أَذْهَبَ لِعَقْلِ الرَّجُلِ المُحْتَرِزِ فِي الأُمور، الْمُسْتَظْهِرِ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سُئِلَ مَا الحَزْمُ؟ فَقَالَ: الحَزْمُ أَن تَسْتَشِيرَ أَهل الرأْي وَتُطِيعَهُمْ.
الأَزهري: أُخِذَ الحَزْمُ فِي الأُمور، وَهُوَ الأَخذ بالثِّقة، مِنَ الحَزْمِ، وَهُوَ الشَّدُّ بالحِزامِ وَالْحَبْلِ اسْتِيثَاقًا مِنَ المَحْزوم؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي الْمَثَلِ: قَدْ أَحْزِمُ لَوْ أَعْزِمُ أَي قَدْ أَعرف الحَزْمَ وَلَا أَمضي عَلَيْهِ. والحَزْمُ: حزْمُكَ الْحَطَبَ حُزْمةً. وحَزَمَ الشَّيْءَ يَحْزِمُه حَزْماً: شَدُّهُ. والحُزْمَةُ: مَا حُزِمَ. والمِحْزَمُ والمِحْزَمةُ والحِزامُ والحِزامَةُ: اسْمُ مَا حُزِمَ بِهِ، وَالْجَمْعُ حُزُمٌ. واحْتَزَمَ الرجلُ وتَحَزَّمَ بِمَعْنًى، وَذَلِكَ إِذا شَدَّ وَسَطَهُ بِحَبْلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى أَن يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بِغَيْرِ حِزامٍ
أَي مِنْ غَيْرِ أَن يشُدَّ ثَوْبُهُ عَلَيْهِ، وإِنما أَمر بِذَلِكَ لأَنهم قَلَّما يَتَسَرْوَلُونَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَراويلُ، أَو كَانَ عَلَيْهِ إِزَارٌ، أَو كَانَ جَيْبُه وَاسِعًا وَلَمْ يَتَلَبَّبْ أَو لَمْ يَشُدَّ وسْطه فَرُبَّمَا انْكَشَفَتْ عورتُه وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى أَن يُصَلِّيَ الرجلُ حَتَّى يَحْتَزِمَ
أَي يتَلَبَّبَ وَيَشُدَّ وَسَطَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
أَنه أَمر بالتَّحَزُّمِ فِي الصَّلَاةِ.
وَفِي حَدِيثِ الصَّوْمِ:
فتَحَزَّمَ الْمُفْطِرُونَ
أَي تلَبَّبُوا وَشَدُّوا أَوساطهم وعَمِلُوا لِلصَّائِمِينَ. والحِزامُ للسَّرْج والرحْل والدابةِ وَالصَّبِيِّ فِي مَهْدِه. وَفَرَسٌ نبيلُ المِحْزَمِ. وحِزامُ الدَّابَّةِ مَعْرُوفٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جاوَزَ الحِزامُ الطُّبْيَيْنِ. وحَزَمَ الفرسَ: شَدَّ حزامَهُ: قَالَ لَبِيدٌ:
حَتَّى تَحَيَّرَتِ الدِّبارُ كأَنها
…
زَلَفٌ، وأُلقِيَ قِتْبُها المَحْزوم
تَحَيَّرَت: امتلأَت مَاءً. والدّبارُ: جَمْعُ دَبْرةٍ
(1). قوله [والصوف الأَحمر] هكذا في الأَصل، والذي في التهذيب: والصرف بالراء ومثله في التكملة ومقصودهما تفسير لفظ الصرف المذكور في البيت بالأَحمر، وقد نطقت بذلك عبارة التكملة ومنه يعلم ما في القاموس من جعله كلا من الأَدم والصرف الأَحمر معنى للحراقم وما في شرحه من تصويب الصوف الأَحمر اغتراراً بنسخة اللسان
أَو دِبارَة، وَهِيَ مَشارَةُ الزَّرْعِ. والزَّلَفُ: جَمْعُ زَلَفَةٍ وَهِيَ مَصْنَعة الْمَاءِ الْمُمْتَلِئَةُ، وَقِيلَ: الزَّلَفَةُ المَحارَةُ أَي كأَنها مَحَارٍ مَمْلُوءَةٌ. وأَحْزَمهُ: جَعَلَ لَهُ حِزاماً، وَقَدْ تَحَزَّمَ واحْتَزَمَ. ومَحْزِمُ الدَّابَّةِ: مَا جَرَى عَلَيْهِ حِزامُها. والحَزيمُ: مَوْضِعُ الحِزامِ مِنَ الصَّدْرِ والظهرِ كُلِّهِ مَا اسْتَدَارِ، يُقَالُ: قَدْ شَمَّر وشدَّ حَزيمَهُ؛ وأَنشد:
شيخٌ، إِذا حُمِّلَ مَكْروهة،
…
شَدَّ الحَيازِيمَ لَهَا والحَزِيما
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام:
اشْدُدْ حَيازيمكَ للمَوْتِ،
…
فإِن المَوْتَ لاقِيكا «1» .
هِيَ جَمْعُ الحَيْزُوم، وَهُوَ الصَّدْر، وَقِيلَ: وَسَطُهُ، وَهَذَا الْكَلَامُ كِنَايَةٌ عَنِ التَّشَمُّرِ للأَمر وَالِاسْتِعْدَادِ لَهُ. والحَزيمُ: الصَّدْرُ، وَالْجَمْعُ حُزُمٌ وأَحْزِمَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَزيمُ والحَيْزُومُ وسط الصدر وما يُضَمُّ عَلَيْهِ الحِزامُ حَيْثُ تلتقي رؤوس الجَوانح فَوْقَ الرُّهابةِ بحِيالِ الكاهِل؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والحَزيمُ مِثْلُهُ. يُقَالُ: شَدَدْتُ لِهَذَا الأَمر حَزيمي، وَاسْتَحْسَنَ الأَزهري التَّفْرِيقَ بَيْنَ الحَزيم والحَيْزُوم وَقَالَ: لَمْ أَر لِغَيْرِ اللَّيْثِ هَذَا الْفَرْقَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَيْزوم أَيضاً الصَّدْرُ، وَقِيلَ: الْوَسَطُ، وَقِيلَ: الحيَازيمُ ضُلُوعُ الفُؤاد، وَقِيلَ: الحَيْزوم مَا اسْتَدَارَ بِالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ، وَقِيلَ: الحَيْزومانِ مَا اكْتَنَفَ الحُلْقوم مِنْ جَانِبِ الصَّدْرِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يدافِعُ حَيْزومَيْهِ سُخْنُ صَريحِها،
…
وَحَلْقًا تَرَاهُ للثُّمالَةِ مُقْنَعا
واشْدُدْ حَيْزومَكَ وحيَازيمك لِهَذَا الأَمر أَي وطِّنْ عَلَيْهِ. وَبَعِيرٌ أَحْزَمُ: عَظِيمُ الحَيْزوم، وَفِي التَّهْذِيبِ: عظيمُ موضعِ الحِزام. والأَحْزَمُ: هُوَ المَحْزِمُ أَيضاً، يُقَالُ: بَعِيرٌ مُجْفَرُ الأَحْزَمِ؛ قَالَ ابْنُ فَسْوة التَّمِيمِيُّ:
تَرى ظَلِفات الرَّحْل شُمّاً تُبينها
…
بأَحْزَمَ، كَالتَّابُوتِ أَحزَمَ مُجْفَرِ
وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنَةِ الخُسِّ لأَبيها: اشْتَرِه أَحْزَمَ أَرْقَب. الْجَوْهَرِيُّ: والحَزَمُ ضدُّ الهَضَمِ، يُقَالُ: فَرَسٌ أَحْزَمُ وَهُوَ خِلَافُ الأَهْضَم. والحُزْمةُ: مِنَ الْحَطَبِ وَغَيْرِهِ. والحَزْمُ: الْغَلِيظُ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: الْمُرْتَفِعُ وَهُوَ أَغْلَظُ وأَرفع مِنَ الحَزْنِ، وَالْجَمْعُ حُزومٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، لَمَّا أَشْرَفَتْ
…
فِي الآلِ، وارْتَفَعَتْ بهنَّ حُزومُ،
نَخْلٌ كَوارِعُ فِي خَليج مُحَلِّمٍ
…
حَمَلَتْ، فَمِنْهَا موقَرٌ مَكْمومُ
وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن مِيمَ حَزْمٍ بَدَلٌ مِنْ نُونِ حَزْنٍ. والأَحْزَمُ والحَيْزُوم: كالحَزْم؛ قَالَ:
تاللهِ لَوْلَا قُرْزُلٌ، إِذ نَجا،
…
لكانَ مَأْوَى خَدِّكَ الأَحْزَما
وَرَوَاهُ بعضهم الأَحَرَما أَي لَقَطَعَ رَأْسَكَ فَسَقَطَ عَلَى أَخْرَمِ كَتِفَيْهِ. والحَزْمُ مِنَ الأَرض: مَا احْتَزَمَ مِنَ السَّيْلِ مِنْ نَجَوات الأَرض والظُّهور، والجمع
(1). قوله [اشدد حيازيمك إلخ] هذا بيت من الهزج مخزوم كما استشهد به العروضيون على ذلك وبعده:
ولا تجزع من الموت
…
إِذا حل بناديكا
الحُزُوم. والحَزْمُ: مَا غَلُظ مِنَ الأَرض وَكَثُرَتْ حِجَارَتُهُ وأَشرف حَتَّى صَارَ لَهُ إِقبال لَا تَعْلُوهُ الإِبلُ وَالنَّاسُ إِلا بالجَهْد، يَعْلُونَهُ مِنْ قِبَلِ قُبْلهِ، أَو هُوَ طِينٌ وَحِجَارَةٌ وَحِجَارَتُهُ أَغلظ وأَخشن وأكْلَبُ مِنْ حِجَارَةِ الأَكَمَةِ، غَيْرَ أَن ظَهْرَهُ عَرِيضٌ طَوِيلٌ يَنْقَادُ الْفَرْسَخَيْنِ والثلاثةَ، وَدُونَ ذَلِكَ لَا تَعْلُوهَا الإِبل إِلا فِي طَرِيقٍ لَهُ قُبْل، وَقَدْ يَكُونُ الحَزْم فِي القُفِّ لأَنه جَبَلٌ وقُفٌّ غَيْرَ أَنه لَيْسَ بِمُسْتَطِيلٍ مِثْلَ الجَبَلِ، وَلَا يُلْفَى الحَزْمُ إِلا فِي خُشُونَةٍ وقُفّ؛ قَالَ المَرَّارُ بْنُ سَعِيدٍ فِي حَزمِ الأَنْعَمَيْنِ:
بحَزْم الأَنْعَمَيْنِ لهُنَّ حادٍ،
…
مُعَرّ ساقَهُ غَرِدٌ نَسولُ
قَالَ: وَهِيَ حُزومٌ عِدَّةٌ، فَمِنْهَا حَزْما شَعَبْعَبٍ وحَزْمُ خَزازى، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّقاعِ فِي شِعْرِهِ:
فَقُلْتُ لَهَا: أَنَّى اهْتَدَيْتِ ودونَنا
…
دُلوكٌ، وأَشرافُ الجِبالِ القَواهِرُ
وجَيْحانُ جَيْحانُ الجُيوشِ وآلِسٌ،
…
وحَزْمُ خَزازَى والشُّعوبُ القَواسِرُ
وَيُرْوَى العَواسِرُ؛ وَمِنْهَا حَزْمُ جَديدٍ ذَكَرَهُ المرَّار فَقَالَ:
يقولُ صِحابي، إِذ نَظَرْتُ صَبابةً
…
بحَزْمِ جَدِيدٍ: مَا لِطَرْفِك يَطْمَحُ؟
وَمِنْهَا حَزْمُ الأَنْعَمَيْنِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَرَّارُ أَيضاً؛ وسَمَّى الأَخطلُ الحَزْمَ مِنَ الأَرض حَيْزُوماً فَقَالَ:
فَظَلّ بحَيْزُومٍ يفُلُّ نُسورَهُ،
…
ويوجِعُها صَوَّانُهُ وأَعابِلُهْ
ابْنُ بَرِّيٍّ: الحَيزُوم الأَرض الْغَلِيظَةُ؛ عَنِ الْيَزِيدِيِّ. والحَزَمُ: كالغَصَصِ فِي الصَّدْرِ، وَقَدْ حَزِمَ يَحْزَمُ حَزَماً. وحَزْمَةُ: اسْمُ فَرَسٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ، قَالَ: وحَزْمَةُ فِي قَوْلِ حَنْظَلَةَ بْنِ فاتِكٍ الأَسَدِيّ:
أَعْدَدْتُ حَزْمَةَ، وَهِيَ مُقْرَبَةٌ،
…
تُقْفَى بقوتِ عِيالِنا وتُصانُ
اسْمُ فَرَسٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الكلبيُّ أَن اسْمَهَا حَزْمَةُ، قَالَ: وَكَذَا وَجَدْتُهُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ، بِخَطِّ مَنْ لَهُ عِلمٌ؛ وأَنشد لحَنْظَلَة بْنِ فاتِكٍ الأَسديّ أَيضاً:
جَزَتْني أَمْسِ حَزْمَةُ سَعْيَ صِدْقٍ،
…
وَمَا أَقْفَيْتُها دُونَ العِيالِ
وحَيْزُومُ: اسْمُ فَرَسِ جِبْرِيلَ، عليه السلام. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
أَنه سَمِعَ صَوْتَهُ يَوْمَ بَدْرٍ يَقُولُ: أَقْدِم حَيْزُومُ
؛ أَراد أقْدِمْ يَا حَيْزومُ فَحَذَفَ حَرْفَ النِّدَاءِ، وَالْيَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَيْزُوم اسْمُ فَرَسٍ مِنْ خَيْلِ الْمَلَائِكَةِ. وحِزامٌ وحازِمٌ: اسْمَانِ. وحَزيمةُ: اسْمُ فَارِسٍ مِنْ فُرْسَانِ الْعَرَبِ. والحَزيمَتانِ والزَّبينتانِ مِنْ باهِلَةَ بْنِ عَمْرو بْنِ ثَعْلبَة، وَهُمَا حَزِيمَةُ وزبينةُ؛ قَالَ أَبو مَعْدانَ الْبَاهِلِيُّ:
جَاءَ الحزائِمُ والزّبائِنُ دُلْدُلًا،
…
لَا سابِقينَ وَلَا مَعَ القُطَّانِ
فَعَجِبْتُ مِنْ عَوفٍ وَمَاذَا كُلِّفَتْ،
…
وتَجِيء عَوْفٌ آخِرَ الرُّكْبانِ
حزرم: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَزْرَمٌ جَبَلٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَيَسْعَى لزَيدِ اللهِ وافٍ بِذِمَّةٍ،
…
إِذا زالَ عَنْهُمْ حَزْرَمٌ وأَبانُ
حَسَمَ: الحَسْمُ: الْقَطْعُ، حَسَمَهُ يَحْسِمُهُ حَسْماً فانْحَسَمَ: قَطعه. وحَسَمَ العِرْقَ: قَطَعَهُ ثُمَّ كواهُ لِئَلَّا يَسِيلَ دَمُهُ، وَهُوَ الحَسْمُ. وحَسَمَ الداءَ: قَطَعَهُ بِالدَّوَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بِالصَّوْمِ فإِنه مَحْسَمةٌ للعِرْق ومَذْهَبَةٌ للأَشَرِ
أَي مَقْطَعَةٌ لِلنِّكَاحِ؛ وَقَالَ الأَزهري: أَي مَجْفَرة مَقْطعة للباهِ. والحُسامُ: السَّيْفُ الْقَاطِعُ. وَسَيْفٌ حُسامٌ: قَاطِعٌ، وَكَذَلِكَ مُدْيَةٌ حُسامٌ كَمَا قَالُوا مُدْيَةٌ هُذام وجُرازٌ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ وَقَوْلُ أَبي خِراش الْهُذَلِيِّ:
وَلَوْلَا نَحْنُ أَرْهَقَهُ صُهَيْبٌ،
…
حُسامَ الحَدِّ مَذْروباً خَشيبا
يَعْني سَيْفًا حديدَ الحدِّ، وَيُرْوَى: حُسامَ السيفِ أَي طَرَفَهُ. وَخَشِيبًا أَي مَصْقولًا. وحُسامُ السَّيْفِ: طرَفُهُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَحْسِمُ «2» ، الدَّمَ أَي يَسْبِقُهُ فكأَنه يَكْوِيهِ. والحَسْمُ: الْمَنْعُ. وحَسَمَه الشيءَ يَحْسِمُهُ حَسْماً: مَنَعَهُ إِياه. والمَحْسُومُ: الَّذِي حُسِمَ رَضاعُه وغِذاؤُه أَي قُطِعَ. وَيُقَالُ لِلصَّبِيِّ السَّيِء الْغِذَاءِ: مَحسُومٌ. وَتَقُولُ: حَسَمَتْه الرَّضاعَ أُمُّه تَحْسِمُهُ حَسْماً، وَيُقَالُ: أَنا أَحْسِمُ عَلَى فُلَانٍ الأَمر أَي أَقطعه عَلَيْهِ لَا يَظْفَرُ مِنْهُ بِشَيْءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أُتيَ بِسَارِقٍ فَقَالَ اقْطعوه ثُمَّ احْسِموه
أَي اقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ اكْوُوهَا لِيَنْقَطِعَ الدَّمُ. والمَحْسومُ: السَّيِءُ الغِذاء؛ وَمِنْ أَمثالهم: وَلْغُ جُرَيّ كَانَ مَحْسوماً؛ يُقَالُ عِنْدَ اسْتِكْثَارِ الْحَرِيصِ مِنَ الشَّيْءِ، لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فقَدَرَ عَلَيْهِ، أَو عِنْدَ أَمره بِالِاسْتِكْثَارِ حِينَ قَدَرَ. والحُسُوم: الشُّؤْمُ. وأَيام حُسومٌ، وُصِفَتْ بِالْمَصْدَرِ: تَقْطَعُ الخيرَ أَو تَمْنَعُهُ، وَقَدْ تُضَافُ، وَالصِّفَةُ أَعلى. وَفِي التَّنْزِيلِ: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً
؛ وَقِيلَ: الأَيام الحُسومُ الدَّائِمَةُ فِي الشَّرِّ خَاصَّةً، وَعَلَى هَذَا فَسَّرَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي تَلَوْنَاهَا، وَقِيلَ: هِيَ المُتَواليةُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه الْمُتَوَالِيَةَ فِي الشَّرِّ خَاصَّةً؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الحُسومُ التِّباعُ، إِذا تَتابع الشيءُ فَلَمْ يَنْقَطِعْ أَولهُ عَنْ آخِرِهِ قِيلَ لَهُ حُسومٌ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ: ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً
أَي مُتَتَابِعَةً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد مُتَتَابِعَةً لَمْ يُقطع أَوله عَنْ آخِرِهِ كَمَا يُتابَعُ الكَيُّ عَلَى الْمَقْطُوعِ ليَحْسِمَ دمَهُ أَي يَقْطَعُهُ، ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ شَيْءٍ تُوبِعَ: حاسِمٌ، وَجَمْعُهُ حُسومٌ مِثْلُ شاهِدٍ وشُهودٍ. وَيُقَالُ: اقْطَعُوهُ ثُمَّ احْسِموهُ أَي اقْطَعُوا عَنْهُ الدَّمَ بِالْكَيِّ، والحَسْمُ: كَيُّ العِرْقِ بِالنَّارِ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: أَنه كَوَاهُ فِي أَكْحَلِهِ ثُمَّ حَسَمَهُ
أَي قَطَعَ الدَّمَ عَنْهُ بالكَيّ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ اللَّيَالِي الحُسُومُ لأَنها تَحْسِمُ الْخَيْرَ عَنْ أَهلها، قِيلَ: إِنما أُخِذَ مِنْ حَسْمِ الدَّاءِ إِذا كُوِيَ صاحبُه، لأَنه يُحْمَى يُكوى بالمِكْواة ثُمَّ يتابَعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الَّذِي توجِبُه اللغةُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ حُسوماً أَي تَحْسِمُهُمْ حُسوماً أَي تُذْهبهم وتُفْنيهم؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَعَلَا: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا. وَقَالَ يُونُسُ: الحُسُومُ يورِثُ الحُشومَ، وَقَالَ: الحُسومُ الدُّؤوبُ، قال: والحُشومُ الإِعْياءُ.
(2). قوله [لأَنه يحسم إلخ] عبارة المحكم: لأَنه يحسم العدو عما يريد من بلوغ عداوته، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يحسم الدم إلخ
وَيُقَالُ: هَذِهِ لَيَالِي الحُسوم تَحْسِمُ الخيرَ عَنْ أَهلها كَمَا حُسِمَ عَنْ عَادٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل: ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً
أَي شُؤْماً عَلَيْهِمْ ونَحْساً. والحَيْسُمانُ والحَيْمُسان جَمِيعًا: الآدَمُ «1» ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ حَيْسُماناً. والحَيْسُمانُ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وعَرَّدَ عَنّا الحَيْسُمانُ بْنُ حَابِسٍ
الْجَوْهَرِيُّ: وحِسْمَى، بِالْكَسْرِ، أَرض بِالْبَادِيَةِ فِيهَا جِبَالٌ شَواهِقُ مُلسُ الْجَوَانِبِ لَا يَكَادُ القَتامُ يُفَارِقُهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لتُخْرِجَنَّكم الرُّومُ مِنْهَا كَفْراً كَفْراً إِلى سُنْبُكٍ مِنَ الأَرض، قِيلَ: وَمَا ذَاكَ السُّنْبُكُ؟ قَالَ: حِسْمى جُذامَ
؛ ابْنُ سِيدَهْ حِسْمى مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ، وَقِيلَ: قَبِيلَةُ جُذامَ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِذا لَمْ يَذْكُرْ كُثَيِّرٌ غَيْقَةَ فحِسْمَى، وإِذا ذَكَرَ غَيْقَة فَحَسْنا «2»؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِلنَّابِغَةِ:
فأَصبَحَ عاقِلًا بِجِبَالٍ حِسْمَى،
…
دِقاقَ التُّرْبِ مُحْتَزِمَ القَتامِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَي حِسْمى قَدْ أَحاط بِهِ القَتامُ كَالْحِزَامِ لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَهُ مِثْلُ قُورِ حِسْمَى
؛ حِسْمى، بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ: اسْمُ بَلَدِ جُذام. والقُور: جَمْعُ قارةٍ وَهِيَ دُونَ الْجَبَلِ. أَبو عَمْرٍو: الأَحْسَمُ الرجلُ البازِل الْقَاطِعُ للأُمور. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الحَيْسَمُ الرَّجُلُ الْقَاطِعُ للأُمور الكيِّس. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: حِسْمَى وحُسُمٌ وَذُو حُسُمٍ وحُسَمٌ وحاسِمٌ مَوَاضِعُ بِالْبَادِيَةِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
عَفا حُسُمٌ مِنْ فَرْتَنا فالفَوارِعُ،
…
فجَنْبا أَريكٍ، فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ
وَقَالَ مُهَلْهِلٌ:
أَليْلَتَنا بِذِي حُسُمٍ أَنِيري،
…
إِذا أَنْتِ انقضيْتِ فَلَا تَحُوري
حشم: الحِشْمَةُ: الحَياءُ والانْقِباضُ، وَقَدِ احْتَشَمَ عَنْهُ وَمِنْهُ، وَلَا يُقَالُ احْتَشَمَهُ. قَالَ اللَّيْثُ: الحِشْمَةُ الِانْقِبَاضُ عَنْ أَخيك فِي المَطْعَمِ وطلبِ الحاجةِ؛ تَقُولُ: احْتَشَمْتَ وَمَا الَّذِي أَحْشَمَكَ، وَيُقَالُ حَشَمَكَ، فأَما قَوْلُ الْقَائِلِ: وَلَمْ يَحْتَشِمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ حَذَفَ مِنْ وأَوصل الفعلَ. والحِشْمَةُ والحُشْمَةُ: أَن يَجْلِسَ إِلَيْكَ الرَّجُلُ فتؤذِيَهُ وتُسْمِعَهُ مَا يَكْرَهُ، حَشَمَه يَحْشِمُهُ ويَحْشُمُه حَشْماً وأَحْشَمَهُ. وحَشَمْتُه: أَخجلته، وأَحْشَمْتُهُ: أَغضبته. قَالَ ابْنُ الأَثير: مَذْهَبُ ابْنِ الأَعرابي أَن أَحْشَمْتُه أَغضبته، وحَشَمْتُه أَخجلته، وَغَيْرُهُ يَقُولُ: حَشَمْتُه وأَحْشَمْتُه أَغضبته، وحَشَمْتُه وأَحْشَمتُه أَيضاً أَخْجَلْتُه. وَيُقَالُ للمُنْقَبِض عَنِ الطَّعَامِ: مَا الَّذِي حَشَمَكَ وأَحْشَمكَ، مِنَ الحِشْمَةِ وَهِيَ الِاسْتِحْيَاءُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الإِبَةُ الحَياء، يُقَالُ: أَوْأَبْتُه فاتّأَبَ أَي احْتَشَمَ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: لِكُلِّ داخلٍ دَهشةٌ فابْدَؤُوه بالتَّحِيَّةِ، وَلِكُلِّ طَاعِمٍ حشْمَةٌ فابدؤوه بِالْيَمِينِ
، وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لكُثَيِّر فِي الاحتِشام بِمَعْنَى الِاسْتِحْيَاءِ:
إنِّي، مَتى لَمْ يَكُنْ عَطاؤهما
…
عِنْدِي بِمَا قد فَعَلْتُ، أَحْتَشِمُ
(1). قوله [جميعاً الآدم] الذي في المحكم: الضخم الآدم
(2)
. قوله [فحسنا] بالفتح ثم السكون ونون وألف مقصورة وكتابته بالياء أولى لأَنه رباعيّ، قال ابن حبيب: حسنى جبل قرب ينبع. وكلام ابن الأَعرابي غامض، لا يُدرى إِلى أَي قولٍ قاله كثيّر يعود
وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
وأَرى مَطاعِمَ لَوْ أَشاءُ حَوَيتُها،
…
فيَصُدُّني عَنْهَا كثيرُ تَحَشُّمِي
وَقَالَ سَاعِدَةُ:
إِن الشَّبابَ رِداءٌ مَنْ يَزِنْ تَرَهُ
…
يُكْسَى جَمالًا ويُفْسِدْ غَيْرَ مُحتَشِم «1»
. وَفِي الْحَدِيثِ حَدِيثِ
عَلِيٍّ فِي السَّارِقِ: إِنِّي لأَحْتَشِمُ أَن لَا أَدَعَ لَهُ يَدًا
أَي أَستحي وأَنقبص. والحِشْمةُ: الِاسْتِحْيَاءُ. وَهُوَ يَتَحَشَّم المَحارم أَي يَتَوَقَّاهَا. وحَشِمَ حَشَماً: غَضِبَ. وحَشَمهُ يَحْشِمُه حَشْماً وأَحْشمهُ: أَغضبه؛ وأَنشدوا فِي ذَلِكَ:
لَعَمْرُكَ إِنَّ قُرْصَ أَبي خُبَيْب
…
بَطِيءُ النُّضْج، مَحْشوم الأَكيل
أَي مُغْضَب، وَالِاسْمُ الحِشْمة، وَهُوَ الِاسْتِحْيَاءُ وَالْغَضَبُ أَيضاً. وَقَالَ الأَصمعي: الحِشْمَةُ إِنما هُوَ بِمَعْنَى الْغَضَبِ لَا بِمَعْنَى الِاسْتِحْيَاءِ. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ فُصَحاء الْعَرَبِ أَنه قَالَ: إِن ذَلِكَ لَمِمَّا يُحْشِمُ بَنِي فُلَانٍ أَي يُغْضِبُهُمْ، واحْتَشَمْتُ واحْتَشَمْتُ مِنْهُ بِمَعْنًى؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ورأَيتُ الشَّريفَ فِي أَعْيُنِ النَّاس
…
وَضِيعاً، وقَلَّ مِنْهُ احْتِشامي
والاحْتِشامُ: التَّغَضُّبُ. وحَشَمْتُ فُلَانًا وأَحْشمْتُه أَي أَغضبته. وحُشْمَةُ الرَّجُلِ وحَشَمُهُ وأَحْشامُهُ: خاصَّتُهُ الَّذِينَ يَغْضَبُونَ لَهُ مِنْ عبيدٍ أَو أَهلٍ أَو جِيرةٍ إِذا أَصَابَهُ أَمر. ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي أَن الحَشَمَ واحدٌ وَجَمْعٌ، قَالَ: يُقَالُ هَذَا الْغُلَامُ حَشَمٌ لِي، فأُرى أَحْشاماً إِنما هُوَ جَمْعٌ هَذَا لأَن جَمْعَ الْجَمْعِ وَجَمْعَ الْمُفْرَدِ الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ غَيْرُ كَثِيرٍ. وحَشَمُ الرَّجُلِ أَيضاً: عِيَالُهُ وَقَرَابَتُهُ. الأَزهري: والحَشَمُ خَدَمُ الرَّجُلِ، وسُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم يَغْضَبُونَ لَهُ. والحُشْمَةُ، بِالضَّمِّ: الْقَرَابَةُ. يُقَالُ: فِيهِمْ حُشْمَةٌ أَي قُرَابَةٌ. وَهَؤُلَاءِ أَحشامي أَي جِيرَانِي وأَضيافي. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ إِنَّهُ لمُحْتَشمِ بِأَمْرِي أَي مُهْتَمّ بِهِ. وَقَالَ يُونُسُ: لَهُ الحُشْمةُ الذِّمامُ، وَهِيَ الحُشْمُ «2» ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الحُشْمَة والحَشَمُ، وإِني لأَتَحَشَّمُ مِنْهُ تَحَشُّماً أَي أَتَذَمَّمُ وأَستحي. ابْنُ الأَعرابي: الحُشُمُ ذَوُو الْحَيَاءِ التَّامِّ، والحُسُمُ، بِالسِّينِ، الأَطِبَّاء، وَالْحَشَمُ الِاسْتِحْيَاءُ «3». والحُشُمُ: الْمَمَالِيكُ. والحُشُم: الأَتباع، مماليكَ كَانُوا أَو أَحراراً. وَفِي حَدِيثِ الأَضاحي:
فشكَوْا إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَن لَهُمْ عِيَالًا وحَشَماً
؛ الحَشَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: جَمَاعَةُ الإِنسان اللَّائذون بِهِ لِخِدْمَتِهِ. والحُشومُ: الإِقبال بَعْدَ الْهُزَالِ؛ حَشَمَ يَحْشِمُ حُشوماً: أَقبل بَعْدَ هُزَالٍ، وَرَجُلٌ حاشِمٌ. وحَشَمَتِ الدوابُّ فِي أَول الرَّبِيعِ تَحْشِمُ حَشْماً: وَذَلِكَ إِذا أَصابت مِنْهُ شَيْئًا فصَلَحَتْ وسَمِنَتْ وَعَظُمَتْ بُطُونُهَا وحَسُنَتْ. وحَشَمَتِ الدوابُّ: صاحَتْ. وَمَا حَشَمَ مِنْ طَعَامِهِ شَيْئًا أَي مَا أَكل. وغَدَوْنا نُريغُ الصَّيْدَ فَمَا حَشَمْنا صَافِرًا أَي مَا أَصبنا. يُونُسُ: تَقُولُ الْعَرَبُ الحُسُومُ يُورِثُ الحُشُومَ، قَالَ: والحُسُومُ
(1). قوله [إِن الشباب رداء إِلى آخر البيت] هكذا هو موجود بالأَصل
(2)
. قوله [وهي الحشم] وكذلك قوله بعد [الحشمة والحشم] كذا هو بضبط الأَصل
(3)
. قوله [والحشم الاستحياء] كذا بالأَصل بدون ضبط، وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ غير موثوق بها مضبوط بالتحريك، لكن الذي في القاموس: التحشم الاستحياء
الدُّؤُوب، والحُشُوم الإِعْياء؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ مُزاحم:
فَعنَّتْ عُنوناً، وَهْيَ صَغْواءُ، مَا بِهَا،
…
وَلَا بالخَوافي الضَّارباتِ، حُشُومُ
أَي إِعياء؛ وَقَدْ حُشِم حَشْماً. وَقَالَ الأَصمعي: فِي يَدَيْهِ حُشُومٌ أَيِ انْقِبَاضٌ، وَرَوَى الْبَيْتَ:
وَلَا بِالْخَوَافِي الخافقاتِ حُشوم
وَرَجُلٌ حَشِيمٌ أي مُحْتَشِمٌ.
حصم: حَصَم بِهَا يَحْصِم حَصْماً: ضرطَ، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الفَرس؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فباسَتْ أَتانٌ باتَتِ الليلَ تَحْصِم
والحَصُومُ: الضَّرُوطُ. يُقَالُ: حَصَم بِهَا ومَحَصَ بِهَا وحَبَجَ بِهَا وخَبَجَ بِهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والمِحْصَمَةُ: مِدَقَّةُ الْحَدِيدِ. قَالَ: والحَصْماءُ الأَتانُ الخَضَّافة، وَهِيَ الضَّرَّاطة. وانْحَصَمَ العُودُ: انْكَسَرَ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَبَيَاضًا أَحْدثَتْهُ لِمّتي،
…
مِثْلَ عِيدانِ الحَصادِ المُنْحَصِمْ
حصرم: الحِصْرِمُ: أَولُ العِنَب، وَلَا يَزَالُ العنبُ مَا دَامَ أَخضر حِصْرِماً. ابْنُ سِيدَهْ: الحِصْرِمُ الثَّمر قَبْلَ النُّضج. والحِصْرِمةُ، بِالْهَاءِ: حَبَّةُ العِنب حِينَ تَنْبُتُ؛ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مَرَّةً: إِذا عَقَد حَبُّ الْعِنَبِ فَهُوَ حِصْرِمٌ. الأَزهري: الحِصْرِمُ حَبُّ الْعِنَبِ إِذا صَلُبَ وَهُوَ حَامِضٌ. أَبو زَيْدٍ: الحِصْرِمُ حَشَفُ كلِّ شَيْءٍ. والحِصْرِمُ: العَوْدَقُ، وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُخْرَجُ بِهَا الدَّلْوُ. ورَجل حِصْرِمٌ ومُحَصْرَمٌ: ضَيِّقُ الخُلُقِ بَخِيلٌ، وَقِيلَ: حِصْرِم فَاحِشٌ ومُحَصْرَمٌ قَلِيلُ الْخَيْرِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الضَّيِّقِ الْبَخِيلِ حِصْرِمٌ ومُحَصْرَمٌ. وَعَطَاءٌ مُحَصْرَمٌ: قَلِيلٌ. وحَصْرَم قَوْسَهُ: شَدَّ وتَرَها. والحَصْرَمَةُ: شِدَّةُ فَتْلِ الْحَبْلِ. والحَصْرَمةُ: الشُّحُّ. وَشَاعِرٌ مُحَصرَمٌ: أَدرك الْجَاهِلِيَّةَ والإِسلام، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الضَّادِ. وحَصْرَمَ القلمَ: بَراهُ. وحَصْرَمَ الإِناءَ: ملأَه؛ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. الأَصمعي: حَصْرَمْتُ القِربة إِذا ملأْتها حَتَّى تَضِيقَ. وَكُلُّ مُضَيَّق مُحَصْرَمٌ. وزُبْدٌ مُحَصْرَمٌ؛ وتَحَصْرَمَ الزُّبْدُ: تَفَرَّقَ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ فَلَمْ يجتمع.
حصلم: الحِصْلِبُ والحِصْلِمُ: التُّرَابُ.
حضجم: الحِضْجِمُ والحُضاجِمُ: الْجَافِي الْغَلِيظُ اللَّحْمِ؛ وأَنشد:
لَيْسَ بمِبْطان ولا حُضاجِمِ
حضرم: الحَضْرَمِيَّةُ: اللُّكْنَةُ. وحَضْرَمَ فِي كَلَامِهِ حَضْرَمةً: لَحَنَ، بِالْحَاءِ، وَخَالَفَ بالإِعراب عَنْ وَجْهِ الصَّوَابِ. والحَضْرَمَةُ: الْخَلْطُ، وَشَاعِرٌ مُحَضْرَمٌ. وحَضْرَمَوْت: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ مَعْرُوفٌ. وَنَعْلٌ حَضْرَمِيُّ إِذا كَانَ مُلَسَّناً. وَيُقَالُ لأَهل حَضْرَمَوْتَ: الحَضارِمَةُ، وَيُقَالُ للعرب الذي يَسْكُنُونَ حَضْرَمَوْتَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ: الحَضارِمَةُ؛ هَكَذَا يَنْسُبُونَ كما يقولون المَهالِبَة والصَّقالِبَة. وَفِي حَدِيثِ
مُصْعَب بْنِ عُمَيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي فِي الحَضْرَمِيّ
؛ هُوَ النَّعْلُ المنسوبة إِلى حَضْرَمَوْتَ المتَّخَذَة بها.
حطم: الحَطْمُ: الْكَسْرُ فِي أَيِّ وَجْهٍ كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ كَسْرُ الشَّيْءِ الْيَابِسِ خاصَّةً كالعَظْم وَنَحْوِهِ. حَطَمهُ يَحْطِمُهُ حَطْماً أَيْ كَسَرَهُ، وحَطَّمَهُ
فانْحَطَم وتَحَطَّم. والحطْمَةُ والحُطامُ: مَا تَحَطَّمَ مِنْ ذَلِكَ. الأَزهري: الحُطامُ مَا تَكّسّرَ مِنَ اليَبيس، والتَّحْطيمُ التَّكْسِيرُ. وصَعْدَةٌ حِطَمٌ كَمَا قَالُوا كِسَرٌ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ قِطْعَةٍ مِنْهَا حِطْمةً؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
مَاذَا هُنالِكَ مِنْ أسْوانَ مُكْتَئِبٍ،
…
وساهِفٍ ثَمِلٍ فِي صَعْدَةٍ حِطَمِ
وحُطامُ البَيْضِ: قِشره؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
كأَنَّ حُطامَ قَيْضِ الصَّيْفِ فِيهِ
…
فَراشُ صَميمِ أَقْحافِ الشُّؤُونِ
والحَطيمُ: مَا بَقِيَ مِنْ نَبَاتِ عامِ أَوَّلَ ليُبْسِهِ وتَحَطُّمِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الأَزهري عَنِ الأَصمعي: إِذا تَكَسَّرَ يَبيسُ البَقْل فَهُوَ حُطامٌ. والحَطْمَةُ والحُطْمَةُ وَالْحَاطُومُ: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ لأَنها تَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: لَا تُسَمَّى حَاطُومًا إِلا فِي الجَدْب الْمُتَوَالِي. وَأَصَابَتْهُمْ حَطْمَةٌ أَيْ سَنَةٌ وجَدْبٌ: قَالَ ذُو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
مِنْ حَطْمَةٍ أَقْبَلَتْ حَتَّتْ لَنَا وَرَقاً
…
نُمارِسُ العُودَ، حَتَّى يَنْبُت الوَرَقُ
وَفِي حَدِيثِ
جَعْفَرٍ: كُنَّا نَخْرُجُ سَنَةَ الحُطْمةِ
؛ هِيَ الشَّدِيدَةُ الجَدْبِ. الْجَوْهَرِيُّ: وحَطْمَةُ السَّيْلِ مِثْلُ طَحْمَتِه، وَهِيَ دُفعَتُهُ. والحَطِمُ: الْمُتَكَسِّرُ فِي نَفْسِهِ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا تَهَدَّمَ لِطُولِ عُمْرِهِ: حَطِمٌ. الأَزهري: فَرَسٌ حَطِمٌ إِذا هُزِلَ وأَسَنَّ «4» فَضَعُفَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ حَطِمَتِ الدابةُ، بِالْكَسْرِ، أَيْ أَسَنَّتْ، وحَطَمَتْهُ السِّنُّ، بِالْفَتْحِ، حَطْماً. وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَطَمَتْهُ السِّنُّ إِذا أَسَنَّ وَضَعُفَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَنها قَالَتْ: بعد ما حَطَمْتُموه
، تَعْنِي النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم. يُقَالُ: حَطَمَ فُلَانًا أَهلُه إِذا كَبِرَ فِيهِمْ كأَنهم بِمَا حَمَّلُوه مِنْ أَثقالهم صَيَّروه شَيْخًا مَحْطوماً. وحُطامُ الدُّنْيَا: كلُّ مَا فِيهَا مِنْ مَالٍ يَفْنى وَلَا يَبْقَى. وَيُقَالُ للهاضومِ: حاطُومٌ. وحَطْمَةُ الأَسَد فِي الْمَالِ: عَيْثُه وفَرْسُهُ لأَنه يَحْطِمُه. وأَسد حَطُومٌ: يَحْطِمُ كلَّ شَيْءٍ يَدُقُّه، وَكَذَلِكَ رِيحٌ حَطُومٌ. وَلَا تَحْطِمْ عَلَيْنَا المَرْتَعَ أَي لَا تَرْعَ عِنْدَنَا فَتُفْسِدَ عَلَيْنَا المَرْعى. وَرَجُلٌ حُطَمَةٌ: كَثِيرُ الأَكل. وإِبل حُطَمَةٌ وَغَنَمٌ حُطَمَةٌ: كَثِيرَةٌ تَحْطِمُ الأَرض بخِفافِها وأَظْلافِها وتَحْطِمُ شَجَرَهَا وبَقْلَها فتأْكله، وَيُقَالُ للعَكَرةِ مِنَ الإِبل حُطَمَةٌ لأَنها تَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ؛ وَقَالَ الأَزهري: لِحَطْمِها الكَلأَ، وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ إِذا كَثُرَتْ. وَنَارٌ حُطَمَةٌ: شَدِيدَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ
؛ الحُطَمَة: اسْمٌ مِنْ أَسماء النَّارِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا، لأَنها تَحْطِمُ مَا تَلْقى، وَقِيلَ: الحُطَمَةُ بَابٌ مِنْ أَبواب جَهَنَّمَ، وكلُّ ذَلِكَ مِنَ الحَطْمِ الَّذِي هُوَ الْكَسْرُ وَالدَّقُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن هَرِمَ بْنَ حَيَّان غَضِبَ عَلَى رَجُلٍ فَجَعَلَ يَتَحَطَّمُ عَلَيْهِ غَيْضاً
أَيْ يَتَلَظَّى ويتوقَّد؛ مأْخوذاً مِنَ الحُطَمَة وَهِيَ النَّارُ الَّتِي تَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَجْعَلُهُ حُطاماً أَيْ مُتَحَطِّماً مُتَكَسِّرًا. وَرَجُلٌ حُطَمٌ وحُطُمٌ: لَا يَشْبَعُ لأَنه يَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ؛ قَالَ:
قَدْ لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
(4). قوله [وأسن] كذا في الأَصل بالواو وفي التهذيب أو
وَرَجُلٌ حُطَمٌ وحُطَمَةٌ إِذا كَانَ قَلِيلَ الرَّحْمَةِ لِلْمَاشِيَةِ يَهْشِمُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ. وَفِي المَثَلِ: شَرُّ الرِّعاءِ الحُطَمَةُ «1» ؛ ابْنُ الأَثير: هُوَ العنيفُ بِرِعَايَةِ الإِبل فِي السَّوْق والإِيراد والإِصْدارِ، ويُلْقي بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ويَعْسِفُها، ضَرَبَهُ مَثَلًا لِوالي السُّوءِ، وَيُقَالُ أَيضاً حُطَمٌ، بِلَا هَاءٍ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه: كَانَتْ قُرَيْشٌ إِذا رأَتْهُ فِي حَرْب قَالَتْ: احْذَرُوا الحُطَمَ، احْذَرُوا القُطَمَ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَجَّاجِ فِي خُطْبَتِهِ:
قَدْ لَفّها الليلُ بسَوّاق حُطَم
أَيْ عَسُوف عنيفٍ. والحُطَمَةُ: مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ الَّذِي يَكْثُرُ مِنْهُ الحَطْمُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ النَّارُ الحُطَمَةَ لأَنها تَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
رأَيت جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
الأَزهري: الحُطَمةُ هُوَ الرَّاعِي الَّذِي لَا يُمَكِّنُ رَعِيَّتَهُ مِنَ الْمَرَاتِعِ الخَصيبة وَيَقْبِضُهَا وَلَا يَدَعُها تَنْتَشِرُ فِي المَرْعى، وحُطَمٌ إِذا كَانَ عَنِيفًا كأَنه يَحْطِمُها أَي يَكْسِرُهَا إِذا سَاقَهَا أَوْ أَسامها يَعْنُفُ بِهَا؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِهِ:
قَدْ لَفَّها الليلُ بسَوَّاق حُطَمْ
هُوَ للحُطَمِ القَيْسِيّ، وَيُرْوَى لأَبي زُغْبَة الخَزْرَجيّ يَوْمَ أُحُدٍ؛ وَفِيهَا:
أَنا أَبو زُغْبَةَ أَعْدو بالهَزَمْ،
…
لَنْ تُمْنَعَ المَخْزاةُ إِلَّا بالأَلَمْ
يَحْمِي الذِّمار خَزْرَجِيٌّ مِنْ جُشَمْ،
…
قَدْ لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ
الهَزَمُ: مِنَ الِاهْتِزَامِ وَهُوَ شِدَّةُ الصَّوْتِ، وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ الهَزِيمة. وَقَوْلُهُ بِسَوَّاقٍ حُطَمٍ أَي رَجُلٍ شَدِيدِ السَّوْقِ لَهَا يَحْطِمُها لِشِدَّةِ سَوْقِهِ، وَهَذَا مَثَلٌ، وَلَمْ يُرِدْ إِبلًا يَسُوقُهَا وإِنما يُرِيدُ أَنه دَاهِيَةٌ مُتَصَرِّفٌ؛ قَالَ: وَيُرْوَى الْبَيْتُ لرُشَيْد بْنِ رُمَيْضٍ العَنَزِيِّ مِنْ أَبيات:
بَاتُوا نِياماً، وابنُ هِنْدٍ لَمْ يَنَمْ
…
بَاتَ يُقَاسِيهَا غُلَامٌ كالزَّلَمْ،
خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ خَفَّاقُ القَدَمْ،
…
ليْسَ بِراعي إبِلٍ وَلَا غَنَمْ،
وَلَا بِجَزَّار عَلَى ظَهْرِ وَضَمْ
ابْنُ سِيدَهْ: وانْحَطَمَ الناسُ عَلَيْهِ تَزَاحَمُوا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سَوْدَةَ: إِنها استأْذَنَتْ أَن تَدْفَعَ مِنْ مِنىً قَبْلَ حَطْمةِ النَّاسِ
أَي قَبْلَ أَن يَزْدَحِمُوا ويَحْطِمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَفِي حَدِيثُ تَوْبَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:
إِذَنْ يَحْطِمُكم الناسُ
أَيْ يَدُوسُونَكُمْ وَيَزْدَحِمُونَ عَلَيْكُمْ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطيمُ مَكَّةَ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، وَقِيلَ: هُوَ الحِجْر المُخْرَجُ مِنْهَا، سُمِّيَ بِهِ لأَن الْبَيْتَ رُفِع وَتُرِكَ هُوَ مَحْطوماً، وَقِيلَ: لأَن الْعَرَبَ كَانَتْ تَطْرَحُ فِيهِ مَا طَافَتْ بِهِ مِنَ الثِّيَابِ، فَبَقِيَ حَتَّى حُطِمَ بِطُولِ الزَّمَانِ، فَيَكُونُ فَعيلًا بِمَعْنَى فَاعِلٍ. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:
قَالَ للعبَّاس احْبِسْ أَبا سُفْيانَ عِنْدَ حَطْمِ الجَبَل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَتْ فِي كِتَابِ أَبي مُوسَى، وَقَالَ: حَطْمُ الجَبَل الْمَوْضِعُ الَّذِي حُطِمَ مِنْهُ أَيْ ثُلِمَ فَبقي مُنْقَطِعًا، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ عِنْدَ مَضِيقِ الجَبَل حَيْثُ يَزْحَمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، قَالَ: وَرَوَاهُ أَبو نَصْرٍ الْحُمَيْدِيُّ فِي كِتَابِهِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَفَسَّرَهَا فِي غَرِيبِهِ فقال:
(1). قوله [وَفِي الْمَثَلِ شَرُّ الرِّعَاءِ الحطمة] كونه مثلًا لا ينافي كونه حديثاً وكم من الأَحاديث الصحيحة عدت في الأَمثال النبوية، قاله ابن الطيب محشي القاموس راداً به عليه وأَقره الشارح
الخَطْمُ والخَطْمَةُ أَنف الْجَبَلِ «1» النَّادِرُ مِنْهُ، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ حَطْمِ الخَيْلِ، هَكَذَا مَضْبُوطًا، قَالَ: فإِن صَحَّتِ الرِّوايةُ وَلَمْ يَكُنْ تَحْرِيفًا مِنَ الكَتَبَةِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، أَنه يَحْبِسُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُتَضَايِقِ الَّذِي تَتَحَطَّمُ فِيهِ الخَيْلُ أَيْ يَدُوسُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَزْحَمُ بعضُها بَعْضًا فَيَرَاهَا جَمِيعَهَا وَتَكْثُرُ فِي عَيْنِهِ بِمُرُورِهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الضَّيِّقِ، وَكَذَلِكَ أَراد بِحَبْسِهِ عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ، عَلَى مَا شَرَحَهُ الْحُمَيْدِيُّ، فإِن الأَنف النَّادِرَ مِنَ الْجَبَلِ يُضَيِّقُ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الحَطِيمُ الجِدار بِمَعْنَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: الحَطِيمُ حِجْرُ مَكَّةَ مِمَّا يَلِي المِيزاب، سُمِّيَ بِذَلِكَ لانْحِطام النَّاسِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لأَنهم كَانُوا يَحْلِفُونَ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فيَحْطِمُ الكاذِبَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. الأَزهري: الحَطِيمُ الَّذِي فِيهِ المِرْزابُ، وإِنما سُمي حَطيماً لأَن الْبَيْتَ رُفِعَ وَتُرِكَ ذَلِكَ مَحْطوماً. وحَطِمَتْ حَطَماً: هَزِلَتْ. وَمَاءٌ حاطُومٌ: مُمْرِئٌ. والحُطَمِيَّةُ: دُرُوعٌ تُنْسَبُ إِلى رَجُلٍ كَانَ يَعْمَلُهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ، رضي الله عنه، دِرْعٌ يُقَالُ لَهَا الحُطَمِيَّةُ. وَفِي حَدِيثِ
زَوَاجِ فَاطِمَةَ، رضي الله عنها: أَنه قَالَ لِعَلِيٍّ أَيْنَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ؟ هِيَ الَّتِي تَحْطِمُ السُّيُوفَ
أَيْ تَكْسِرُهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْعَرِيضَةُ الثَّقِيلَةُ، وَقِيلَ: هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى بطْنٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ يُقَالُ لَهُمْ حُطَمَةُ بنُ محاربٍ كَانُوا يَعْمَلُونَ الدُّرُوعَ، قَالَ: وَهَذَا أَشبه الأَقوال. ابْنُ سِيدَهْ: وَبَنُو حَطْمَةَ بطنٌ.
حظم: الأَزهري: قَالَ أَبُو تُرَابٍ «2» . سَمِعْتُ بَعْضَ بَنِي سُلَيْمٍ يَقُولُ حَمَزَهُ وحمظهُ أَيْ عَصَرَهُ، وَجَاءَ بِهِ فِي بَابِ الظَّاءِ وَالزَّايِ.
حقم: الحَقْمُ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ يُشْبِهُ الْحَمَامَ، وَقِيلَ: هُوَ الْحَمَامُ يَمَانِيَةٌ. والحَقِيمانِ: مُؤَخَّرُ الْعَيْنَيْنِ مِمَّا يَلِي الصدْغَيْنِ.
حكم: اللَّهُ سبحانه وتعالى أَحْكَمُ الحاكمِينَ، وَهُوَ الحَكِيمُ لَهُ الحُكْمُ، سبحانه وتعالى. قَالَ اللَّيْثُ: الحَكَمُ اللَّهُ تَعَالَى. الأَزهري: مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ الحَكَمُ والحَكِيمُ والحاكِمُ، وَمَعَانِي هَذِهِ الأَسماء متقارِبة، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَراد بِهَا، وَعَلَيْنَا الإِيمانُ بأَنها مِنْ أَسمائه. ابْنُ الأَثير: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى الحَكَمُ والحَكِيمُ وَهُمَا بِمَعْنَى الحاكِم، وَهُوَ الْقَاضِي، فَهو فعِيلٌ بِمَعْنَى فاعِلٍ، أَوْ هُوَ الَّذِي يُحْكِمُ الأَشياءَ وَيُتْقِنُهَا، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ، وَقِيلَ: الحَكِيمُ ذُو الحِكمة، والحِكْمَةُ عِبَارَةٌ عَنْ مَعْرِفَةِ أَفْضَلِ الأَشياء بِأَفْضَلِ الْعُلُومِ. وَيُقَالُ لمَنْ يُحْسِنُ دَقَائِقَ الصِّناعات ويُتقنها: حَكِيمٌ، والحَكِيمُ يَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى الحاكِمِ مِثْلَ قَدِير بِمَعْنَى قَادِرٍ وعَلِيمٍ بِمَعْنَى عالِمٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُكْم الحِكْمَةُ مِنَ الْعِلْمِ، والحَكِيمُ العالِم وَصَاحِبُ الحِكْمَة. وَقَدْ حَكُمَ أَيْ صَارَ حَكِيماً؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَب:
وأَبْغِض بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً،
…
إِذا أَنتَ حاوَلْتَ أَن تَحْكُما
أَي إِذا حاوَلتَ أَن تَكُونَ حَكيِماً. والحُكْمُ: العِلْمُ وَالْفِقْهُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا
،
(1). قوله [والخطمة أنف الجبل] مضبوطة في نسخة النهاية بالفتح، وفي نسخة الصحاح مضبوطة بالضم
(2)
. قوله [الْأَزْهَرِيُّ قَالَ أَبُو تُرَابٍ إلخ] عبارته أهمل الليث وجوهه وقال أبو تراب إلخ
أَي عِلْمًا وَفِقْهًا، هَذَا لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:
الصَّمْتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعِلُهْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لحُكْماً
أَيْ إِن فِي الشِّعْرِ كَلَامًا نَافِعًا يَمْنَعُ مِنَ الْجَهْلِ والسَّفَهِ ويَنهى عَنْهُمَا، قِيلَ: أَراد بِهَا الْمَوَاعِظَ والأَمثال الَّتِي يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهَا. والحُكْمُ: العِلْمُ وَالْفِقْهُ وَالْقَضَاءُ بِالْعَدْلِ، وَهُوَ مَصْدَرُ حَكَمَ يَحْكُمُ، وَيُرْوَى:
إِن مِنَ الشِّعْرِ لحِكْمَةً
، وَهُوَ بِمَعْنَى الحُكم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الخِلافةُ فِي قُرَيش والحُكْمُ فِي الأَنصار
؛ خَصَّهُم بالحُكْمِ لأَن أَكثر فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ فِيهِمْ، منهم مُعاذُ ابن جَبَلٍ وأُبَيّ بن كَعْبٍ وزيد بْنُ ثَابِتٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ اللَّيْثُ: بَلَغَنِي أَنه نَهَى أَن يُسَمَّى الرجلُ حكِيماً «1» ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ سَمَّى الناسُ حَكيماً وحَكَماً، قَالَ: وَمَا علمتُ النَّهي عَنِ التَّسْمِيَةِ بِهِمَا صَحيحاً. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
أَبِي شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يُكَنَّى أَبَا الحَكَمِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: إِن اللَّهَ هُوَ الحَكَمُ، وَكَنَّاهُ بأَبي شُرَيْحٍ
، وإِنما كَرِه لَهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يُشارِكَ اللَّهَ فِي صِفَتِهِ؛ وَقَدْ سَمّى الأَعشى الْقَصِيدَةَ المُحْكمَةَ حَكِيمَةً فَقَالَ:
وغَريبَةٍ، تأْتي المُلوكَ، حَكِيمَةٍ،
…
قَدْ قُلْتُها ليُقالَ: مَنْ ذَا قالَها؟
وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ:
وَهُوَ الذِّكْرُ الحَكِيمُ
أَيِ الحاكِمُ لَكُمْ وَعَلَيْكُمْ، أَوْ هُوَ المُحْكَمُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَلَا اضْطِرَابَ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعَلٍ، أُحْكِمَ فَهُوَ مُحْكَمٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: قرأْت المُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم
؛ يُرِيدُ المُفَصَّلَ مِنَ الْقُرْآنِ لأَنه لَمْ يُنْسَخْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَشَابِهًا لأَنه أُحْكِمَ بيانُه بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلى غَيْرِهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: حَكَمْتُ وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بِمَعْنَى مَنَعْتُ وَرَدَدْتُ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلْحَاكِمِ بَيْنَ النَّاسِ حاكِمٌ، لأَنه يَمْنَعُ الظَّالِمَ مِنَ الظُّلْمِ. وَرَوَى
الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِمْ: حَكَمَ اللَّهُ بَيْنَنَا
؛ قَالَ الأَصمعي: أَصل الْحُكُومَةِ رَدُّ الرَّجُلِ عَنِ الظُّلْمِ، قَالَ: وَمِنْهُ سُمِّيَتْ حَكَمَةُ اللِّجَامِ لأَنها تَرُدُّ الدَّابَّةَ؟ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ مِنْ عَوْراتِها
…
كلَّ حِرْباءٍ، إِذا أُكْرِهَ صَلّ
والجِنْثِيُّ: السَّيْفُ؛ الْمَعْنَى: رَدَّ السيفُ عَنْ عَوْراتِ الدِّرْعِ وَهِيَ فُرَجُها كلَّ حِرْباءٍ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَحْرَزَ الجِنثيُّ وَهُوَ الزَّرَّادُ مَسَامِيرَهَا، وَمَعْنَى الإِحْكامِ حِينَئِذٍ الإِحْرازُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحُكْمُ القَضاء، وَجَمْعُهُ أَحْكامٌ، لَا يكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ حَكَمَ عَلَيْهِ بالأَمر يَحْكُمُ حُكْماً وحُكومةً وَحَكَمَ بَيْنَهُمْ كَذَلِكَ. والحُكْمُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ يَحْكُمُ أَيْ قَضَى، وحَكَمَ لَهُ وَحَكَمَ عَلَيْهِ. الأَزهري: الحُكْمُ الْقَضَاءُ بِالْعَدْلِ؛ قَالَ النابغة:
واحْكمْ كحكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ، إِذ نَظَرَتْ
…
إِلى حَمامٍ سِراعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ «2»
. وَحَكَى يَعْقُوبُ عَنِ الرُّواةِ أَن مَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ:
(1). قوله [أَن يُسَمَّى الرَّجُلُ حَكِيمًا] كذا بالأَصل، والذي في عبارة الليث التي في التهذيب: حكماً بالتحريك
(2)
. قوله [حمام سراع] كذا هو في التهذيب بالسين المهملة وكذلك في نسخة قديمة من الصحاح، وقال شارح الديوان: ويروى أيضاً شراع بالشين المعجمة أَي مجتمعة
كُنْ حَكِيماً كَفَتَاةِ الْحَيِّ أَي إِذا قُلْتَ فأَصِبْ كَمَا أَصابت هَذِهِ المرأَة، إِذ نظَرَتْ إِلى الحمامِ فأَحْصَتْها ولم تُخْطِئ عَدَدَهَا؛ قَالَ: ويَدُلُّكَ عَلَى أَن مَعْنَى احْكُمْ كُنْ حَكِيماً قولُ النَّمر بْنِ تَوْلَب:
إِذا أَنتَ حاوَلْتَ أَن تَحْكُما
يُرِيدُ إِذا أَردت أَن تَكُونَ حَكِيماً فَكُنْ كَذَا، وَلَيْسَ مِنَ الحُكْمِ فِي الْقَضَاءِ فِي شَيْءٍ. والحاكِم: مُنَفّذُ الحُكْمِ، وَالْجَمْعُ حُكّامٌ، وَهُوَ الحَكَمُ. وحاكَمَهُ إِلى الحَكَمِ: دَعَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وبكَ حاكَمْتُ
أَي رَفَعْتُ الحُكمَ إِليك وَلَا حُكْمَ إِلا لَكَ، وَقِيلَ: بكَ خاصمْتُ فِي طَلَبِ الحُكْمِ وإِبطالِ مَنْ نازَعَني فِي الدِّين، وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الحُكْمِ. وحَكَّمُوهُ بَيْنَهُمْ: أَمروه أَن يَحكمَ. وَيُقَالُ: حَكَّمْنا فُلَانًا فِيمَا بَيْنَنَا أَي أَجَزْنا حُكْمَهُ بَيْنَنَا. وحَكَّمَهُ فِي الأَمر فاحْتَكَمَ: جَازَ فِيهِ حُكْمُه، جَاءَ فِيهِ الْمُطَاوِعُ عَلَى غَيْرِ بَابِهِ وَالْقِيَاسُ فَتَحَكَّمَ، وَالِاسْمُ الأُحْكُومَةُ والحُكُومَةُ؛ قَالَ:
ولَمِثْلُ الَّذِي جَمَعْتَ لرَيْبِ الدَّهْرِ
…
يَأْبى حُكومةَ المُقْتالِ
يَعْنِي لَا يَنْفُذُ حُكومةُ مَنْ يَحْتَكِمُ عَلَيْكَ مِنَ الأَعداء، وَمَعْنَاهُ يأْبى حُكومةَ المُحْتَكِم عَلَيْكَ، وَهُوَ المُقْتال، فَجَعَلَ المُحْتَكِمَ المُقْتالَ، وَهُوَ المُفْتَعِلُ مِنَ الْقَوْلِ حَاجَةً مِنْهُ إِلى الْقَافِيَةِ، وَيُقَالُ: هُوَ كَلَامٌ مستعمَلٌ، يُقَالُ: اقْتَلْ عليَّ أَي احْتَكِمْ، وَيُقَالُ: حَكَّمْتُه فِي مَالِي إِذا جعلتَ إِليه الحُكْمَ فِيهِ فاحْتَكَمَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ. واحْتَكَمَ فلانٌ فِي مَالِ فُلَانٍ إِذا جَازَ فِيهِ حُكْمُهُ. والمُحاكَمَةُ: الْمُخَاصَمَةُ إِلى الحاكِمِ. واحْتَكَمُوا إِلى الحاكِمِ وتَحاكَمُوا بِمَعْنًى. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الحَكَمُ؛ الحَكَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْحَاكِمُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَقادَتْ بَنُو مَرْوانَ قَيْساً دِماءَنا،
…
وَفِي اللَّهِ، إِن لَمْ يَحْكُمُوا، حَكَمٌ عَدْلُ
والحَكَمَةُ: الْقُضَاةُ. والحَكَمَةُ: الْمُسْتَهْزِئُونَ. وَيُقَالُ: حَكَّمْتُ فُلَانًا أَي أَطلقت يَدَهُ فِيمَا شَاءَ. وحاكَمْنا فُلَانًا إِلى اللَّهِ أَي دَعَوْنَاهُ إِلى حُكْمِ اللَّهِ. والمُحَكَّمُ: الشَّارِي. والمُحَكَّمُ: الَّذِي يُحَكَّمُ فِي نَفْسِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والخَوارِج يُسَمَّوْنَ المُحَكِّمَةَ لإِنكارهم أَمر الحَكَمَيْن وقولِهِمْ: لَا حُكْم إِلا لِلَّهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وتحْكِيمُ الحَرُوريَّةِ قَوْلُهُمْ لَا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ وَلَا حَكَمَ إِلا اللهُ، وكأَن هَذَا عَلَى السَّلْبِ لأَنهم يَنْفُونَ الحُكْمَ؛ قَالَ:
فكأَني، وَمَا أُزَيِّنُ مِنْهَا،
…
قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما «3»
. وَقِيلَ: إِنما بدءُ ذَلِكَ فِي أَمر عَلِيٍّ، عليه السلام، ومعاوِيةَ. والحَكَمان: أَبو مُوسَى الأَشعريُّ وعمرو بْنُ الْعَاصِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الْجَنَّةَ للمُحَكّمين
، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا، فَالْفَتْحُ هُمُ الَّذِينَ يَقَعُون فِي يَدِ الْعَدُوِّ فيُخَيَّرُونَ بَيْنَ الشِّرْك وَالْقَتْلِ فَيَخْتَارُونَ الْقَتْلَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ أَصحاب الأُخْدودِ فُعِل بِهِمْ ذَلِكَ، حُكِّمُوا وخُيِّروا بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْكُفْرِ، فَاخْتَارُوا الثَّبات عَلَى الإِسلام مَعَ الْقَتْلِ، قَالَ: وأَما الْكَسْرُ فَهُوَ المُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَول الْوَجْهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
كَعْبٍ:
(3). قوله [وما أزين] كذا في الأَصل، والذي في المحكم: مما أزين
إِن فِي الْجَنَّةِ دَارًا، وَوَصْفَهَا ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْزِلُها إِلا نَبِيٌّ أَو صِدِّيق أَو شَهيد أَو مُحَكَّمٌ فِي نَفْسِهِ.
ومُحَكَّم اليَمامَةِ رَجُلٌ قَتَلَهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ. والمُحَكَّمُ، بِفَتْحِ الْكَافِ «1» ، الَّذِي فِي شِعْرِ طَرَفَةَ إِذ يَقُولُ:
لَيْتَ المُحَكَّمَ والمَوْعُوظَ صوتَكُما
…
تحتَ التُّرابِ، إِذا مَا الباطِلُ انْكشفا «2»
. هُوَ الشَّيْخُ المُجَرّبُ الْمَنْسُوبُ إِلى الحِكْمة. والحِكْمَةُ: الْعَدْلُ. وَرَجُلٌ حَكِيمٌ: عَدَلٌ حَكِيمٌ. وأَحْكَمَ الأَمر: أَتقنه، وأَحْكَمَتْه التجاربُ عَلَى المَثَل، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ حَكِيمًا: قَدْ أَحْكَمَتْه التجارِبُ. وَالْحَكِيمُ: الْمُتْقِنُ للأُمور، وَاسْتَعْمَلَ ثَعْلَبٌ هَذَا فِي فَرْجِ المرأَة فَقَالَ: المكَثَّفَة مِنَ النِّسَاءِ الْمُحْكَمَةُ الْفَرْجِ، وَهَذَا طَرِيفٌ جِدًّا. الأَزهري: وحَكَمَ الرجلُ يَحْكُمُ حُكْماً إِذا بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي مَعْنَاهُ مَدْحًا لَازِمًا؛ وَقَالَ مُرَقَّشٌ:
يأْتي الشَّبابُ الأَقْوَرينَ، وَلَا
…
تَغْبِطْ أَخاك أَن يُقالَ حَكَمْ
أَي بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي مَعْنَاهُ. أَبو عَدْنَانَ: اسْتَحْكَمَ الرجلُ إِذا تَنَاهَى عَمَّا يَضُرُّهُ فِي دِينه أَو دُنْياه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لمُسْتَحْكِمٌ جَزْل المُرُوءَةِ مؤمِنٌ
…
مِنَ الْقَوْمِ، لَا يَهْوى الْكَلَامَ اللَّواغِيا
وأَحْكَمْتُ الشَّيْءَ فاسْتَحْكَمَ: صَارَ مُحْكَماً. واحْتَكَمَ الأَمرُ واسْتَحْكَمَ: وثُقَ. الأَزهري: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
؛ فإِن التَّفْسِيرَ جَاءَ: أُحْكِمَتْ آياتُهُ
بالأَمر وَالنَّهِيِ والحلالِ والحرامِ ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، قَالَ: وَالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعلم، أَن آيَاتِهِ أُحْكِمَتْ وفُصِّلَتْ بِجَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إِليه مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَتَثْبِيتِ نُبُوَّةِ الأَنبياء وَشَرَائِعِ الإِسلام، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ
؛ إِنه فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعَلٍ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ عز وجل: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ
؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا إِن شَاءَ اللَّهُ كَمَا قِيل، والقرآنُ يُوَضِّحُ بعضُه بَعْضًا، قَالَ: وإِنما جَوَّزْنَا ذَلِكَ وَصَوَّبْنَاهُ لأَن حَكَمْت يَكُونُ بِمَعْنَى أَحْكَمْتُ فَرُدَّ إِلى الأَصل، وَاللَّهُ أَعلم. وحَكَمَ الشَّيْءَ وأَحْكَمَهُ، كِلَاهُمَا: مَنَعَهُ مِنَ الْفَسَادِ. قَالَ الأَزهري: وَرُوِّينَا
عَنْ إِبراهيم النَّخَعِيُّ أَنه قَالَ: حَكِّم اليَتيم كَمَا تُحكِّمُ وَلَدَكَ
أَي امْنَعْهُ مِنَ الْفَسَادِ وأَصلحه كَمَا تُصْلِحُ وَلَدَكَ وَكَمَا تَمْنَعُهُ مِنَ الْفَسَادِ، قَالَ: وَكُلُّ مَنْ مَنَعْتَهُ مِنْ شَيْءٍ فَقَدْ حَكَّمْتَه وأحْكَمْتَهُ، قَالَ: وَنَرَى أَن حَكَمَة الدَّابَّةِ سُمِّيَتْ بِهَذَا الْمَعْنَى لأَنها تَمْنَعُ الدَّابَّةَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الجَهْل. وَرَوَى
شمرٌ عَنْ أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِ النَّخَعِيِّ: حَكِّمِ اليَتيم كَمَا تُحكِّمُ وَلَدَكَ
؛ مَعْنَاهُ حَكِّمْهُ فِي مَالِهِ ومِلْكِه إِذا صَلَحَ كَمَا تُحكِّمُ وَلَدَكَ فِي مِلْكِه، وَلَا يَكُونُ حَكَّمَ بِمَعْنَى أَحْكَمَ لأَنهما ضدان؛
(1). قوله [والمحكم بفتح الكاف إلخ] كذا في صحاح الجوهري، وغلطه صاحب القاموس وصوب أَنه بكسر الكاف كمحدث، قال ابن الطيب محشيه: وجوز جماعة الوجهين وقالوا هو كالمجرب فإِنه بالكسر الذي جرب الأمور، وبالفتح الذي جربته الحوادث، وكذلك المحكم بالكسر حكم الحوادث وجربها وبالفتح حكمته وجربته، فلا غلط
(2)
. قوله [ليت المحكم إلخ] في التكملة ما نصه: يقول ليت أَني والذي يأمرني بالحكمة يوم يكشف عني الباطل وأَدع الصبا تحت التراب، ونصب صوتكما لأَنه أَراد عاذليّ كفّا صوتكما
قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ لَيْسَ بِالْمَرْضِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: حَكَمَ فلانٌ عَنِ الأَمر وَالشَّيْءِ أَي رَجَعَ، وأَحْكَمْتُه أَنا أَي رَجَعْتُه، وأَحْكَمه هُوَ عَنْهُ رَجَعَهُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَبَني حنيفةَ، أَحْكِمُوا سُفَهاءَكم،
…
إِني أَخافُ عليكمُ أَن أَغْضَبا
أَي رُدُّوهم وكُفُّوهُمْ وَامْنَعُوهُمْ مِنَ التَّعَرُّضِ لِي. قَالَ الأَزهري: جُعِلَ ابْنُ الأَعرابي حَكَمَ لَازِمًا كَمَا تَرَى، كَمَا يُقَالُ رَجَعْتُه فرَجَع ونَقَصْتُه فنَقَص، قَالَ: وَمَا سَمِعْتُ حَكَمَ بِمَعْنَى رَجَعَ لِغَيْرِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَهُوَ الثِّقَةُ المأْمون. وحَكَمَ الرجلَ وحَكَّمَه وأَحْكَمَهُ: مَنَعَهُ مِمَّا يُرِيدُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ الرَّجُلُ يَرِثُ امرأَةً ذاتَ قَرَابَةٍ فيَعْضُلُها حَتَّى تموتَ أَو تَرُدَّ إِليه صَدَاقَهَا، فأَحْكَمَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ
أَي مَنَعَ مِنْهُ. يُقَالُ: أَحْكَمْتُ فُلَانًا أَي مَنَعْتُهُ، وَبِهِ سُمِّيَ الحاكمُ لأَنه يَمْنَعُ الظَّالِمَ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ حَكَمْتُ الفَرسَ وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه إِذا قَدَعْتَهُ وكَفَفْتَه. وحَكَمْتُ السَّفِيه وأَحْكَمْتُه إِذا أَخذت عَلَى يَدِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
أَبَني حَنِيفَةَ، أَحْكِمُوا سُفهاءكم
وحَكَمَةُ اللِّجَامِ: مَا أَحاط بحَنَكَي الدَّابَّةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: بالحَنَك، وَفِيهَا العِذاران، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تَمْنَعُهُ مِنَ الْجَرْيِ الشَّدِيدِ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَجَمْعُهُ حَكَمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وأَنا آخِذٌ بحَكَمَة فَرَسِهِ
أَي بِلِجَامِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلا وَفِي رأْسه حَكَمَةٌ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فِي رأْس كُلِّ عَبْدٍ حَكَمَةٌ إِذا هَمَّ بسيئةٍ، فإِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَن يَقْدَعَه بِهَا قَدَعَه
؛ والحَكَمَةُ: حَدِيدَةٌ فِي اللِّجَامِ تَكُونُ عَلَى أَنف الْفَرَسِ وحَنَكِهِ تَمْنَعُهُ عَنْ مُخَالَفَةِ رَاكِبِهِ، وَلَمَّا كَانَتِ الحَكَمَة تأْخذ بِفَمِ الدَّابَّةِ وَكَانَ الحَنَكُ متَّصلًا بالرأْس جَعَلَهَا تَمْنَعُ مَنْ هِيَ فِي رأْسه كَمَا تَمْنَعُ الحَكَمَةُ الدَّابَّةَ. وحَكَمَ الفرسَ حَكْماً وأَحْكَمَهُ بالحَكَمَةِ: جَعَلَ لِلِجَامِهِ حَكَمَةً، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَتَّخِذُهَا مِنَ القِدِّ والأَبَقِ لأَن قَصْدَهُمُ الشجاعةُ لَا الزِّينَةُ؛ قَالَ زُهَيْرٍ:
الْقَائِدَ الخَيْلَ مَنْكوباً دوائرُها،
…
قَدْ أُحْكِمَتْ حَكَمات القِدِّ والأَبَقا
يُرِيدُ: قَدْ أُحْكِمَتْ بحَكَماتِ القِدِّ وبحَكَماتِ الأَبَقِ، فَحَذَفَ الحَكَمات وأَقامَ الأَبَقَ مَكَانَهَا؛ وَيُرْوَى:
مَحْكومَةً حَكَماتِ القِدِّ والأَبَقا
عَلَى اللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: عَدَّى قَدْ أُحْكِمَتْ لأَن فِيهِ مَعْنًى قُلِّدَتْ وقُلِّدَتْ مُتَعَدِّيَةٌ إِلى مَفْعُولَيْنِ. الأَزهري: وَفَرَسٌ مَحْكومةٌ فِي رأْسها حَكَمَةٌ؛ وأَنشد:
مَحْكومة حَكَمات القِدِّ والأَبقا
وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ: قد أُحْكِمَتْ، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ حَكَمْتُ الْفَرَسَ وأَحْكَمْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَكَمَةُ حَلْقَةٌ تَكُونُ فِي فَمِ الْفَرَسِ. وحَكَمَةُ الإِنسان: مُقَدَّمُ وَجْهِهِ. وَرَفَعَ اللَّهُ حَكَمَتَهُ أَي رأْسه وشأْنه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِن الْعَبْدَ إِذا تَوَاضَعَ رَفَعَ اللهُ حَكَمَتَهُ
أَي قَدْرَهُ وَمَنْزِلَتَهُ. يُقَالُ: لَهُ عِنْدَنَا حَكَمَةٌ أَي قَدْرٌ، وَفُلَانٌ عَالِي الحَكَمَةِ، وَقِيلَ: الحَكَمَةُ مِنَ الإِنسان أَسفل
وَجْهِهِ، مُسْتَعَارٌ مِنْ مَوْضِعِ حَكَمَةِ اللِّجَامِ، ورَفْعُها كِنَايَةٌ عَنِ الإِعزاز لأَن مِنْ صِفَةِ الذَّليل تنكيسَ رأْسه. وحَكَمة الضَّائِنَةِ: ذَقَنُها. الأَزهري: وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي أَرْش الجِراحات الحُكومَةُ
؛ وَمَعْنَى الحُكومة فِي أَرش الْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا دِيَةٌ مَعْلُومَةٌ: أَن يُجْرَحَ الإِنسانُ فِي موضع في بَدَنه يُبْقِي شَيْنَهُ وَلَا يُبْطِلُ العُضْوَ، فيَقْتاس الْحَاكِمُ أَرْشَهُ بِأَنْ يَقُولَ: هَذَا المَجْروح لَوْ كَانَ عَبْدًا غَيْرَ مَشينٍ هَذَا الشَّيْنَ بِهَذِهِ الجِراحة كَانَتْ قيمتُه أَلفَ دِرْهمٍ، وَهُوَ مَعَ هَذَا الشِّينِ قيمتُه تِسْعُمائة دِرْهَمٍ فَقَدْ نَقَصَهُ الشَّيْنُ عُشْرَ قِيمَتِهِ، فَيَجِبُ عَلَى الْجَارِحِ عُشْرُ دِيَتِه فِي الحُرِّ لأَن الْمَجْرُوحَ حُرٌّ، وَهَذَا وَمَا أَشبهه بِمَعْنَى الْحُكُومَةِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْفُقَهَاءُ فِي أَرش الْجِرَاحَاتِ، فاعْلَمْه. وَقَدْ سَمَّوْا حَكَماً وحُكَيْماً وحَكِيماً وحَكّاماً وحُكْمان. وحَكَمٌ: أَبو حَيّ مِنَ الْيَمَنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
شَفاعَتي لأَهل الْكَبَائِرِ مِنْ أُمتي حَتَّى حَكَم وحاءَ
؛ وَهُمَا قَبِيلَتَانِ جافِيتان مِنْ وَرَاءِ رَمْلِ يَبرين.
حلم: الحُلْمُ والحُلُم: الرُّؤْيا، وَالْجَمْعُ أَحْلام. يُقَالُ: حَلَمَ يَحْلُمُ إِذا رأَى فِي المَنام. ابْنُ سِيدَهْ: حَلَمَ فِي نَوْمِهِ يَحْلُمُ حُلُماً واحْتَلَم وانْحَلَمَ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
أَحَقٌّ مَا رأَيتَ أَمِ احْتِلامُ؟
وَيُرْوَى أَم انْحِلامُ. وتَحَلَّمَ الحُلْمَ: اسْتَعْمَلَهُ. وحَلَمَ بِهِ وحَلَمَ عَنْهُ وتَحَلَّم عَنْهُ: رأَى لَهُ رُؤْيا أَو رَآهُ فِي النَّوْمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَحَلَّم مَا لَمْ يَحْلُمْ كُلِّفَ أَنْ يَعقِدَ بَيْنَ شَعيرتين
، أَي قَالَ إِنه رأَى فِي النَّوْمِ مَا لَمْ يَرَهُ. وتَكَلَّفَ حُلُماً: لَمْ يَرَه. يُقَالُ: حَلَم، بِالْفَتْحِ، إِذا رأَى، وتَحَلَّم إِذا ادَّعَى الرؤْيا كَاذِبًا، قَالَ: فإِن قِيلَ كَذِبُ الكاذِبِ فِي منامِه لَا يَزِيدُ عَلَى كَذبه فِي يَقَظَتِه، فلِمَ زادَتْ عُقوبته وَوَعِيدُهُ وتَكليفه عَقْدَ الشَّعِيرَتَيْنِ؟ قِيلَ: قَدْ صَحَّ الخَبَرُ أَن الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّة، والنبوةُ لَا تَكُونُ إِلَّا وَحْياً، وَالْكَاذِبُ فِي رُؤْيَاهُ يَدَّعِي أَن اللَّهَ تَعَالَى أَراه مَا لَمْ يُرِهِ، وأَعطاه جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ولم يعطه إِياه، والكذِبُ عَلَى اللَّهِ أَعظم فِرْيَةً مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى الْخَلْقِ أَو عَلَى نَفْسِهِ. والحُلْمُ: الِاحْتِلَامُ أَيضاً، يُجْمَعُ عَلَى الأَحْلامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ والحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ
، وَالرُّؤْيَا والحُلْمُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَرَاهُ النَّائِمُ فِي نَوْمِهِ مِنَ الأَشياء، وَلَكِنْ غَلَبت الرُّؤْيَا عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّيْءِ الْحَسَنِ، وَغَلَبَ الحُلْمُ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الشَّرِّ وَالْقَبِيحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: أَضْغاثُ أَحْلامٍ*
، ويُستعمل كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ، وتُضَم لامُ الحُلُمِ وَتُسَكَّنُ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُلُمُ، بِالضَّمِّ، مَا يَرَاهُ النَّائِمُ. وَتَقُولُ: حَلَمْتُ بِكَذَا وحَلَمْتُه أَيضاً؛ قَالَ:
فَحَلَمْتُها وبنُو رُفَيْدَةَ دُونَهَا،
…
لَا يَبْعَدَنَّ خَيالُها المَحْلُومُ «1»
. وَيُقَالُ: قَدْ حَلَم الرجلُ بالمرأَة إِذا حَلَم فِي نَوْمِهِ أَنه يُبَاشِرُهَا، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ شَاهِدٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ خالوَيْه: أَحْلامُ نائمٍ ثِيابٌ غِلاظٌ «2» . والحُلْم والاحْتِلامُ: الجِماع وَنَحْوُهُ فِي النَّوْمِ، وَالِاسْمُ الحُلُم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ؛ والفِعْل
(1). إِن هذا البيت للأَخطل
(2)
. قوله [أَحْلَامُ نَائِمٍ ثِيَابٌ غِلَاظٌ] عبارة الأَساس: وهذه أحلام نائم للأَماني الكاذبة. ولأَهل المدينة ثياب غلاظ مخططة تسمى أحلام نائم، قال:
تبدلت بعد الخيزران جريدة
…
وبعد ثياب الخز أحلام نائم
يقول: كبرت فاستبدلت بقدّ في لين الخيزران قدّاً في يبس الجريدة وبجلد في لين الخز جلداً في خشونة هذه الثياب
كالفِعْل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، أَمر مُعاذاً أَن يأْخذ مِنْ كُلِّ حالِمٍ دِينَارًا
يَعْنِي الْجِزْيَةَ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَراد بالحالِمِ كلَّ مَنْ بَلَغَ الحُلُمَ وَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّجَالِ، احتَلَمَ أَو لَمْ يَحْتَلِم. وَفِي الْحَدِيثِ:
الغُسْلُ يومَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حالِمٍ إِنما هُوَ عَلَى مَنْ بَلَغَ الحُلُم
أَي بَلَغَ أَن يَحْتَلم أَو احْتَلَم قَبْلَ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ: مُحْتَلِمٍ أَي بَالِغٍ مُدْرِك. والحِلْمُ، بِالْكَسْرِ: الأَناةُ وَالْعَقْلُ، وَجَمْعُهُ أَحْلام وحُلُومٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا؛ قَالَ جَرِيرٌ:
هَلْ مِنْ حُلُومٍ لأَقوامٍ، فَتُنْذِرَهُم
…
مَا جَرَّبَ الناسُ مِنْ عَضِّي وتَضْرِيسي؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا أَحد مَا جُمِعَ مِنَ الْمَصَادِرِ. وأَحْلامُ الْقَوْمِ: حُلَماؤهم، وَرَجُلٌ حَلِيمٌ مِنْ قَوْمٍ أَحْلامٍ وحُلَماء، وحَلُمَ، بِالضَّمِّ، يحْلُم حِلْماً: صَارَ حَليماً، وحلُم عَنْهُ وتَحَلَّم سَوَاءً. وتَحَلَّم: تَكَلَّفَ الحِلْمَ؛ قَالَ:
تَحَلَّمْ عَنِ الأَدْنَيْنَ واسْتَبْقِ وُدَّهم،
…
وَلَنْ تستطيعَ الحِلْمَ حَتَّى تَحَلَّما
وتَحالَم: أَرَى مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِهِ. والحِلْم: نقيضُ السَّفَه؛ وشاهدُ حَلُمَ الرجُلُ، بِالضَّمِّ، قولُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْس الرُّقَيَّات:
مُجَرَّبُ الحَزْمِ فِي الأُمورِ، وإِن
…
خَفَّتْ حُلُومٌ بأَهلِها حَلُمَا
وحَلَّمه تَحليماً: جَعَلَهُ حَلِيماً؛ قَالَ المُخَبَّل السَّعْدِيُّ:
ورَدُّوا صُدورَ الخَيْل حَتَّى تَنَهْنَهَتْ
…
إِلى ذِي النُّهَى، واسْتَيْدَهُوا للمُحَلِّمِ
أَي أَطاعوا الَّذِي يأْمرهم بالحِلْمِ، وقيل «1»: حَلَّمه أَمره بالحِلْمِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ: لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولوا الأَحْلام والنُّهَى
أَي ذَوُو الأَلباب وَالْعُقُولِ، وَاحِدُهَا حِلْمٌ، بِالْكَسْرِ، وكأَنه مِنَ الحِلْم الأَناة والتثبُّت فِي الأُمور، وَذَلِكَ مِنْ شِعار الْعُقَلَاءِ. وأَحْلَمَت المرأَةُ إِذا وَلَدَتِ الحُلَماء. والحَلِيمُ فِي صِفَةِ اللَّهِ عز وجل: مَعْنَاهُ الصَّبور، وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنه الَّذِي لَا يسْتَخِفُّهُ عِصْيان العُصاة وَلَا يستفِزّه الْغَضَبُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ شيءٍ مِقْداراً، فَهُوَ مُنْتَهٍ إِليه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ
؛ قَالَ الأَزهري: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه كِنايةٌ عَنْ أَنهم قَالُوا إِنك لأَنتَ السَّفِيهُ الْجَاهِلُ، وَقِيلَ: إِنهم قَالُوهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا مِنْ أَشدّ سِباب الْعَرَبِ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ إِذا اسْتَجْهَلَهُ يَا حَلِيمُ أَي أَنت عِنْدَ نَفْسِكَ حَلِيمٌ وَعِنْدَ النَّاسِ سَفِيهٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ؛ أَي بِزَعْمِكَ وَعِنْدَ نَفْسِكَ وأَنتَ المَهِينُ عِنْدَنَا. ابْنُ سِيدَهْ: الأَحْلامُ الأَجسام، قَالَ: لَا أَعرف وَاحِدَهَا. والحَلَمَةُ: الصَّغِيرَةُ مِنَ القِرْدانِ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ آخِرُ أَسنانها، وَالْجَمْعُ الحَلَمُ وَهُوَ مِثْلُ العَلّ، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يَنْهَى أَن تُنْزَع الحَلَمَةُ عَنْ دَابَّتِهِ
؛ الحَلَمَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْقُرَادَةُ الْكَبِيرَةُ. وحَلِمَ البعيرُ حَلَماً، فَهُوَ حَلِمٌ: كَثُرَ عَلَيْهِ الحَلَمُ، وبعِير حَلِمٌ: قَدْ أَفسده الحَلَمُ
(1). قوله [أَي أَطاعوا الَّذِي يَأْمُرُهُمْ بالحلم وقيل إلخ] هذه عبارة المحكم، والمناسب أَن يقول: أَي أَطاعوا من يعلمهم الحلم كما في التهذيب، ثم يقول: وقيل حلمه أَمره بالحلم، وعليه فمعنى البيت أَطاعوا الَّذِي يَأْمُرُهُمْ بِالْحِلْمِ
مِنَ كَثْرَتِهَا عَلَيْهِ. الأَصمعي: القرادُ أَوّل مَا يكونُ صَغِيرًا قَمْقامَةٌ، ثُمَّ يَصِيرُ حَمْنانةً، ثُمَّ يَصِيرُ قُراداً، ثُمَّ حَلَمَة. وحَلَّمْتُ الْبَعِيرَ: نَزَعْتُ حَلَمَهُ. وَيُقَالُ: تَحَلَّمَتِ القِرْبةُ امتلأَت مَاءً، وحَلَّمْتُها ملأْتها. وعَناقٌ حَلِمة وتِحْلِمَةٌ «2»: قَدْ أَفسد جلدَها الحَلَمُ، وَالْجَمْعُ الحُلَّامُ. وحَلَّمَهُ: نَزَعَ عَنْهُ الحَلَمَ، وَخَصَّصَهُ الأَزهري فَقَالَ: وحَلَّمْتُ الإِبل أَخذت عَنْهَا الحَلَم، وَجَمَاعَةٌ تِحْلِمَةٌ تَحالِمُ: قَدْ كَثُرَ الحَلَمُ عَلَيْهَا. والحَلَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: أَن يَفْسُد الإِهابُ في العمل ويقعَ فِيهِ دُودٌ فيَتَثَقَّبَ، تَقُولُ مِنْهُ: حَلِمَ، بِالْكَسْرِ. والحَلَمَةُ: دُودَةٌ تَكُونُ بَيْنَ جِلْدِ الشَّاةِ الأَعلى وَجِلْدِهَا الأَسفل، وَقِيلَ: الحَلَمةُ دُودَةٌ تَقَعُ فِي الْجِلْدِ فتأْكله، فإِذا دُبغ وَهَى موضعُ الأَكل فَبَقِيَ رَقِيقًا، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كلِّه حَلَمٌ، تَقُولُ مِنْهُ: تَعَيَّب الجلدُ وحَلِمَ الأَديمُ يَحْلَمُ حَلَماً؛ قَالَ الوَليد بْنُ عُقْبَةَ ابن أَبي عُقْبَةَ «3» .
مِنْ أَبيات يَحُضُّ فِيهَا مُعاوية عَلَى قِتَالِ عَلِيٍّ، عليه السلام، وَيَقُولُ لَهُ: أَنتَ تَسْعَى فِي إِصلاح أَمر قَدْ تمَّ فسادُه، كَهَذِهِ المرأَة الَّتِي تَدْبُغُ الأَديم الحَلِمَ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الحَلَمَةُ، فنَقَّبَته وأَفسدته فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ:
أَلا أَبْلِغْ معاوِيةَ بنَ حَرْبٍ
…
بأَنَّكَ، مِنْ أَخي ثِقَةٍ، مُلِيمُ
قطعتَ الدَّهْرَ كالسَّدِم المُعَنَّى،
…
تُهَدِّرُ فِي دِمَشْق وَمَا تَرِيمُ
فإنَّكَ والكتابَ إِلى عليٍ،
…
كدابِغةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأَدِيمُ
لكَ الوَيْلاتُ، أَقْحِمْها عَلَيْهِمْ،
…
فَخَيْرُ الطالِبي التِّرَةِ الغَشُومُ
فقَوْمُكُ بِالْمَدِينَةِ قَدْ تَرَدَّوْا،
…
فَهُمْ صَرْعى كأَنَّهُمُ الهَشِيمُ
فَلَوْ كنتَ المُصابَ وَكَانَ حَيّاً،
…
تَجَرَّدَ لَا أَلَفُّ وَلَا سَؤُومُ
يُهَنِّيكَ الإِمارةَ كلُّ رَكْبٍ
…
مِنَ الْآفَاقِ، سَيْرُهُمُ الرَّسِيمُ
وَيُرْوَى:
يُهَنِّيك الإِمارةَ كلُّ ركبٍ،
…
لإنْضاءِ الفِراقِ بِهِمْ رَسِيمُ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الحَلَمُ أَن يَقَعَ فِي الأَديم دوابُّ فَلَمْ يَخُصَّ الحَلَم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مِنْهُ إِغفال. وأَديم حَلِمٌ وحَلِيم: أَفسده الحَلَمُ قَبْلَ أَن يُسْلَخَ. والحَلَمَةُ: رأْس الثَّدْي، وَهُمَا حَلَمتان، وحَلَمَتا الثَّدْيَيْن: طَرَفاهما. والحَلَمَةُ: الثُّؤْلول الَّذِي فِي وَسَطِ الثَّدْيِ. وتَحَلَّم المالُ: سَمِنَ. وتَحَلَّم الصبيُّ والضَّبُّ واليَرْبوع والجُرَذ والقُراد: أَقبل شَحْمُهُ وسَمن وَاكْتَنَزَ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَر:
لحَيْنَهُمُ لَحْيَ العَصا فطرَدْنَهُمْ
…
إِلى سَنةٍ، قِرْدانُها لَمْ تَحَلَّمِ
وَيُرْوَى: لحَوْنَهم، وَيُرْوَى: جِرْذانها، وأما أَبو
(2). قوله [وعناق حلمة وتحلمة] كذا هو مضبوط في المحكم بالرفع على الوصفية وبكسر التاء الأُولى من تحلمة وفي التكملة مضبوط بكسر تاء تحلمة والجر بالإضافة وكذا فيما يأتي من قوله وجماعة تحلمة تحالم
(3)
. قوله [عُقْبَةَ بْنِ أَبي عُقْبَةَ] كذا بالأَصل، والذي في شرح القاموس: عُقْبَةَ بْنِ أَبي مُعَيْطٍ انتهى. ومثله في القاموس في مادة م ع ط
حَنِيفَةَ فَخَصَّ بِهِ الإِنسان. والحَلِيم: الشَّحْمُ الْمُقْبِلُ؛ وأَنشد:
فإِن قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعَةً
…
مِنَ المُخِّ فِي أَنقاءِ كلِّ حَلِيم
وَقِيلَ: الحَلِيمُ هُنَا الْبَعِيرُ المُقْبِلُ السِّمَنِ فَهُوَ عَلَى هَذَا صِفَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف لَهُ فِعْلًا إِلَّا مَزيداً. وَبَعِيرٌ حَلِيمٌ أَي سَمِينٌ. ومُحَلِّم فِي قَوْلِ الأَعشى:
وَنَحْنُ غداةَ العَيْنِ، يومَ فُطَيْمةٍ،
…
مَنَعْنا بَنِي شَيْبان شُرْبَ مُحَلِّمِ
هُوَ نَهْرٌ يأْخذ مِنْ عَيْنِ هَجَرَ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ ظُعُناً وَيُشَبِّهُهَا بِنَخِيلٍ كَرَعَتْ فِي هَذَا النَّهْرِ:
عُصَبٌ كَوارِعُ فِي خَليج مُحَلِّمٍ
…
حَمَلَت، فَمِنْهَا مُوقَرٌ مكْمومُ
وَقِيلَ: مُحَلِّمٌ نَهْرٌ بِالْيَمَامَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَسِيلٌ دَنَا جَبَّارُه مِنْ مُحَلِّمٍ
وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ وَذَكَرَ السَّنَةَ: وبَضَّت الحَلَمَةُ
أَي دَرَّتْ حَلَمةُ الثَّدْيِ وَهِيَ رأْسه، وَقِيلَ: الحَلَمةُ نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ، والحديثُ يَحْتَمِلُهُمَا، وَفِي حَدِيثِ
مَكْحُولٍ: فِي حَلَمَةِ ثَدْيِ المرأَة رُبع دِيَتِها.
وقَتيلٌ حُلَّامٌ: ذَهَبَ بَاطِلًا؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:
كلُّ قتيلٍ فِي كُلَيْبٍ حُلَّامْ،
…
حَتَّى يَنَالَ القَتْلُ آلَ هَمّامْ
والحُلامُ والحُلَّامُ: وَلَدَ الْمَعْزِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الجَدْيُ والحَمَلُ الصَّغِيرُ، يَعْنِي بِالْحَمَلِ الخروفَ. والحُلَّامُ: الْجَدْيُ يُؤْخَذُ مِنْ بَطْنِ أُمه؛ قَالَ الأَصمعي: الحُلَّامُ والحُلَّانُ، بِالْمِيمِ وَالنُّونِ، صِغَارُ الْغَنَمِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُمِّيَ الْجَدْيُ حُلَّاماً لِمُلَازَمَتِهِ الحَلَمَةَ يَرْضَعُهَا؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:
كُلُّ قَتِيلٍ فِي كُلَيْبٍ حُلَّامْ
وَيُرْوَى: حُلّان؛ والبيتُ الثَّانِي:
حَتَّى يَنَالَ القتلُ آلَ شَيْبانْ
يَقُولُ: كلُّ مَنْ قُتِلَ مِنْ كُلَيْبٍ ناقصٌ عَنِ الْوَفَاءِ بِهِ إِلا آلَ هَمَّامٍ أَو شَيْبَانَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه قَضى فِي الأَرْنَب يقتلُه المُحْرِمُ بحُلَّام
، جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه هُوَ الجَدْيُ
، وَقِيلَ: يَقَعُ عَلَى الجَدْي والحَمَل حِينَ تَضَعُهُ أُمّه، وَيُرْوَى بِالنُّونِ، وَالْمِيمِ بَدَلٌ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ الصَّغِيرُ الَّذِي حَلَّمهُ الرَّضاعُ أَي سَمَّنَهُ فَتَكُونُ الْمِيمُ أَصلية؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الأَصل حُلَّان، وَهُوَ فُعْلان مِنَ التَّحْلِيلِ، فَقُلِبَتِ النونُ مِيمًا. وَقَالَ عَرّام: الحُلَّانُ مَا بَقَرْتَ عَنْهُ بَطْنَ أُمه فَوَجَدْتَهُ قَدْ حَمَّمَ وشَعَّرَ، فإِن لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ غَضِينٌ، وَقَدْ أَغْضَنَتِ الناقةُ إِذا فَعَلَتْ ذَلِكَ. وَشَاةٌ حَلِيمةٌ: سَمِينَةٌ. وَيُقَالُ: حَلَمْتُ خَيالَ فُلَانَةٍ، فَهُوَ مَحْلُومٌ؛ وأَنشد بَيْتَ الأَخطل:
لَا يَبْعَدَنَّ خيالُها المَحْلُوم
والحالُوم، بِلُغَةِ أَهل مِصْرَ: جُبْنٌ لَهُمْ. الجوهري: الحالُومُ لبن يغلُط فَيَصِيرُ شَبِيهًا بِالْجُبْنِ الرَّطْبِ وَلَيْسَ بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: الحالُومُ ضَرْبٌ مِنَ الأَقِط. والحَلَمةُ: نَبْتٌ؛ قَالَ الأَصمعي: هِيَ الحَلَمةُ
واليَنَمة، وَقِيلَ: الحَلَمةُ نَبَاتٌ يَنْبُتُ بنَجْدٍ فِي الرَّمْلِ فِي جُعَيْثنة، لَهَا زَهْرٌ وَوَرَقُهَا أُخَيْشِنٌ عَلَيْهِ شَوْكٌ كأَنه أَظافير الإِنسان، تَطْنى الإِبل وتَزِلُ
أَحناكُها، إِذا رَعَتْهُ، مِنَ الْعِيدَانِ الْيَابِسَةِ. والحَلَمَةُ: شَجَرَةُ السَّعْدان وَهِيَ مِنْ أَفاضل المَرْعَى، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَلَمةُ دُونَ الذِّرَاعِ، لَهَا وَرَقَةٌ غَلِيظَةٌ وأَفْنانٌ وزَهْرَةٌ كَزَهْرَةِ شَقائق النُّعْمانِ إِلا أَنها أَكبر وأَغلظ، وَقَالَ الأَصمعي: الحَلَمةُ نَبْتٌ مِنَ العُشْبِ فِيهِ غُبْرَةٌ لَهُ مَسٌّ أَخْشَنُ أَحمر الثَّمَرَةِ، وَجَمْعُهَا حَلَمٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَيْسَتِ الحَلَمَةُ مِنْ شَجَرِ السَّعْدان فِي شَيْءٍ؛ السَّعدانُ بَقْلٌ لَهُ حَسَكٌ مُسْتَدِيرٌ لَهُ شَوْكٌ مُسْتَدِيرٌ «1» ، والحَلَمةُ لَا شَوْكَ لَهَا، وَهِيَ مِنَ الجَنْبةِ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيتها، وَيُقَالُ للحَلَمَةِ الحَماطةُ، قَالَ: والحَلَمةُ رأْس الثَّدْيِ فِي وَسَطِ السَّعْدانة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الحَلَمةُ الهُنَيَّةُ الشَّاخِصَةُ مِنْ ثَدْيِ المرأَة وثُنْدُوَة الرَّجُلِ، وَهِيَ القُراد، وأَما السَّعْدانة فَمَا أَحاطَ بالقُراد مِمَّا خَالَفَ لونُه لَوْنَ الثَّدْيِ، واللَّوْعَةُ السَّوَادُ حَوْلَ الحَلَمةِ. ومُحَلِّم: اسْمُ رَجُلٍ، وَمِنْ أَسماء الرَّجُلِ مُحَلِّمٌ، وَهُوَ الَّذِي يُعَلّم الحِلْمَ؛ قَالَ الأَعشى:
فأَمَّا إِذا جَلَسُوا بالعَشِيّ
…
فأَحْلامُ عادٍ، وأَيْدي هُضُمْ
ابْنُ سِيدَهْ: وَبَنُو مُحَلَّمٍ وَبَنُو حَلَمَةَ قَبِيلَتَانِ. وحَلِيمةُ: اسْمُ امرأَة. وَيَوْمُ حَلِيمةَ: يَوْمٌ مَعْرُوفٌ أَحد أَيام الْعَرَبِ الْمَشْهُورَةِ، وَهُوَ يَوْمَ التَقَى المُنْذِرُ الأَكبر والحَرثُ الأَكبر الغَسَّانيّ، وَالْعَرَبُ تَضْرِبُ المَثَلَ فِي كُلِّ أَمر مُتَعالَمٍ مَشْهُورٍ فَتَقُولُ: مَا يَوْمُ حَلِيمةَ بسِرٍّ، وَقَدْ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ النابهِ الذِّكْرِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ: مَا يَوْمُ حَلِيمةَ بشَرّ، قَالَ: والأَول هُوَ الْمَشْهُورُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ السُّيُوفَ:
تُوُرِّثْنَ مِنْ أَزمان يومِ حَلِيمةٍ
…
إِلى الْيَوْمِ، قَدْ جُرّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هِيَ حَليمةُ بنت الحَرِث بْنَ أَبي شِمْر، وَجَّهَ أَبوها جَيْشًا إِلى المُنْذِرِ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ، فأَخْرجَتْ حليمةُ لَهُمْ مِرْكَناً فطَيَّبتهم. وأَحْلام نائمٍ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَحقُّها. والحُلَّامُ: اسْمُ قَبَائِلَ. وحُلَيْماتٌ، بِضَمِّ الْحَاءِ: مَوْضِعٌ، وهُنَّ أَكمات بطن فَلْج؛ وأَنشد:
كأَنَّ أَعْناقَ المَطِيِّ البُزْلِ،
…
بَيْنَ حُلَيْماتٍ وَبَيْنَ الجَبْلِ
مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، جُذُوعُ النَّخلِ
أَراد أَنها تَمُدُّ أَعناقها مِنَ التَّعَبِ. وحُلَيْمَةُ، عَلَى لَفْظِ التَّحْقِيرِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ إِبلًا:
تَتَبَّعُ أَوضاحاً بسُرَّةِ يَذْبُلٍ،
…
وتَرْعَى هَشِيماً مِنْ حُلَيْمةَ بالِياً
ومُحَلِّمٌ: نَهْرٌ بِالْبَحْرَيْنِ؛ قَالَ الأَخطل:
تَسَلسَلَ فِيهَا جَدْوَلٌ مِنْ مُحَلِّمٍ،
…
إِذا زَعْزَعَتْها الريحُ كادتْ تُمِيلُها
الأَزهري: مُحَلِّمٌ عينٌ ثَرَّةٌ فَوَّارة بِالْبَحْرَيْنِ وَمَا رأَيت عَيْنًا أَكثر مَاءً مِنْهَا، وَمَاؤُهَا حَارٌّ فِي مَنْبَعِه، وإِذا بَرَد فَهُوَ مَاءٌ عَذْبٌ؛ قَالَ: وأَرى مُحَلِّماً اسمَ رَجُلٍ نُسِبَت العينُ إِليه، وَلِهَذِهِ الْعَيْنِ إِذا جَرَتْ فِي نَهْرِهَا خُلُجٌ كَثِيرَةٌ، تَسْقِي نَخِيلَ جُؤاثا وعَسَلَّج وقُرَيَّات مِنْ قُرَى هَجَرَ.
(1). قوله [له شوك مستدير] كذا بالأَصل، وعبارة أَبي منصور في التهذيب: له حسك مستدير ذو شوك كثير
حلسم: الحِلَّسْمُ: الْحَرِيصُ الَّذِي لَا يأْكل مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الحَلِسُ؛ قَالَ:
لَيْسَ بِقِصْلٍ حَلِسٍ حِلَّسْمِ،
…
عِنْدَ الْبُيُوتِ، راشِنٍ مِقَمِ
حلقم: الحُلْقُوم: الحَلْقُ. ابْنُ سِيدَهْ: الحُلْقُومُ مَجْرى النَّفَس والسُّعال مِنَ الْجَوْفِ، وَهُوَ أَطْباقُ غَراضِيفَ، لَيْسَ دُونَهُ مِنْ ظَاهِرِ بَاطِنِ العُنُقِ إِلَّا جِلْدٌ، وطرفُه الأَسفل فِي الرئةِ، وطَرَفُهُ الأَعلى فِي أَصل عكَدَةِ اللِّسَانِ، وَمِنْهُ مَخْرَجُ النَّفَس وَالرِّيحِ والبُصاق وَالصَّوْتِ، وَجَمْعُهُ حَلاقِمُ وحَلاقيم. التَّهْذِيبُ قَالَ: فِي الحُلْقُوم والحُنجور مَخْرَجُ النَّفَس لَا يَجْرِي فِيهِ الطعامُ وَالشَّرَابُ الْمَرِّيءُ «1» ، وَتَمَامُ الذَّكَاةِ قَطْعُ الحُلْقُوم والمَريء والوَدَجَيْنِ، وَقَوْلُهُمْ: نَزَلْنَا فِي مِثْلِ حُلْقُوم النَّعامة، إِنما يُرِيدُونَ بِهِ الضِّيقَ. والحَلْقَمةُ: قَطْعُ الحُلْقُوم. وحَلْقَمَه: ذَبَحَهُ فَقَطَعَ حُلْقومَهُ. وحَلْقَمَ التمرُ: كَحَلْقَن، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنه بَدَلٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُلُقوم الحلْقُ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: قِيلَ لَهُ إِن الْحَجَّاجَ يأْمر بِالْجُمُعَةِ فِي الأَهْواز فَقَالَ: يَمْنَعُ الناسَ فِي أَمصارهم ويأْمر بِهَا فِي حَلاقيم البلادِ
أَي فِي أَواخرها وأَطرافها، كَمَا أَن حُلْقُومَ الرَّجُلِ وَهُوَ حَلْقُه فِي طَرَفه، والميمُ أَصلية، وَقِيلَ: هُوَ مأْخوذ مَنْ الحَلْقِ، وَهِيَ والواوُ زَائِدَتَانِ. وحَلاقيمُ الْبِلَادِ: نَوَاحِيهَا، واحدُها حُلْقُوم عَلَى الْقِيَاسِ. الأَزهري: رُطَبٌ مُحَلْقِمٌ ومُحَلْقِنٌ وَهِيَ الحُلْقامةُ والحُلقانة، وَهِيَ الَّتِي بَدَا فِيهَا النُّضْجُ مِنْ قِبَلِ قِمَعها، فإِذا أَرطبت مِنْ قِبَلِ الذَّنَبِ، فَهِيَ التَّذْنوبةُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تحريمُ الْخَمْرِ كُنَّا نَعْمِدُ إِلى الحُلْقامة، وَهِيَ التَّذْنُوبةُ، فَنَقْطَعُ مَا ذَنَّبَ مِنْهَا حَتَّى نَخْلُص إِلى البُسْرِ ثُمَّ نَفْتَضِخُه. أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ للبُسر إِذا بَدَا فِيهِ الإِرْطابُ مِنْ قِبَلِ ذَنَبَهُ مُذَنِّبٌ فإِذا بَلَغَ الإِرطابُ نصفَهُ فهو مُجَزِّعٌ، فإِذا بلغ ثلثيه فهو حُلْقان ومُحَلْقِنٌ.
حلكم: الحُلْكُمُ: الرَّجُلُ الأَسود، وَفِيهِ حَلْكَمةٌ؛ قَالَ هَمَيان:
مَا منهمُ إِلَّا لَئِيمٌ شُبْرُمُ،
…
أَرْصَعُ لَا يُدْعَى لخيرٍ، حُلْكُمُ
وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَوردها ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ حَلَكَ، قَالَ: وأَهمل الْجَوْهَرِيُّ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ الحُلْكُمَ، وَهُوَ الأَسود، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. الْفَرَّاءُ: الحُلْكُمُ الأَسود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فِي باب فُعْلُلٍ.
حمم: قَوْلُهُ تَعَالَى: حم*
؛ الأَزهري: قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ قَضَى مَا هُوَ كَائِنٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ: وَعَلَيْهِ العَمَلُ. وآلُ حامِيمَ: السُّوَرُ الْمُفْتَتَحَةُ بِحَامِيمْ. وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلَاثَةُ أَقوال: قَالَ حَامِيمْ اسْمُ اللَّهِ الأَعظم، وَقَالَ حَامِيمْ قَسَم، وَقَالَ حَامِيمْ حُرُوفُ الرَّحْمَنِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَعْنَى أَن الر وَحَامِيمْ وَنُونْ بِمَنْزِلَةِ الرَّحْمَنِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: آلُ حَامِيمْ دِيباجُ القرآنِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ كَقَوْلِكَ آلُ فُلانٍ كأَنه نَسَبَ السورةَ كُلَّهَا إِلى حم؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَجَدْنا لَكُمْ فِي آلِ حامِيمَ آيَةً،
…
تأَوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُعْرِبُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُ الْعَامَّةِ الحَوامِيم فَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الحَواميم سُوَرٌ فِي الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ وأَنشد:
(1). قوله [لَا يَجْرِي فِيهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ المريء] كذا هو بالأصل، وعبارة التهذيب: لَا يَجْرِي فِيهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ يقال له المريء
وبالطَّواسِين التي قد ثُلِّثَثْ،
…
وبالحَوامِيم الَّتِي قَدْ سُبِّعَتْ
قَالَ: والأَولى أَن تُجْمَعَ بذَواتِ حَامِيمْ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ فِي حَامِيمْ لشُرَيْحِ بْنِ أَوْفَى العَبْسِيّ:
يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجِرٌ،
…
فهلَّا تَلا حامِيمَ قبلَ التَّقَدُّمِ
قَالَ: وأَنشده غَيْرُهُ للأَشْتَرِ النَّخْعِيّ، وَالضَّمِيرُ فِي يُذَكِّرُنِي هُوَ لِمُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَة، وَقَتَلَهُ الأَشْتَرُ أَو شُرَيْحٌ. وَفِي حَدِيثِ الْجِهَادِ:
إِذا بُيِّتُّمْ فَقُولُوا حَامِيمْ لَا يُنْصَرون
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ لَا يُنْصَرُون، قَالَ: ويُرِيدُ بِهِ الخَبرَ لَا الدُّعاء لأَنه لَوْ كَانَ دُعَاءً لَقَالَ لَا يُنصروا مَجْزُومًا فكأَنه قَالَ وَاللَّهِ لَا يُنصرون، وَقِيلَ: إِن السُّوَر الَّتِي أَوَّلها حَامِيمْ لَهَا شأْن، فَنبَّه أَن ذِكْرَهَا لِشَرَفِ مَنْزِلَتِهَا مِمَّا يُسْتَظهَرُ بِهِ عَلَى اسْتِنْزَالِ النَّصْرِ مِنَ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ لَا يُنصرون كَلَامٌ مستأْنف كأَنه حِينَ قَالَ قُولُوا حَامِيمْ، قِيلَ: مَاذَا يَكُونُ إِذا قُلْنَاهَا؟ فَقَالَ: لَا يُنصرون. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قَالَتِ الْعَامَّةُ فِي جَمْعِ حم وَطس حَواميم وطَواسين، قَالَ: وَالصَّوَابُ ذَواتُ طس وذَواتُ حم وذواتُ أَلم. وحُمَّ هَذَا الأَمرُ حَمّاً إِذا قُضِيَ. وحُمَّ لَهُ ذَلِكَ: قُدِّرَ؛ قأَما مَا أَنشده ثَعْلَبٌ مِنْ قَوْلِ جَميل:
فَلَيْتَ رِجَالًا فيكِ قَدْ نذَرُوا دَمِي
…
وحُمُّوا لِقائي، يَا بُثَيْنَ، لَقوني
فإِنه لَمْ يُفَسِّرْ حُمُّوا لِقائي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالتَّقْدِيرُ عِنْدِي للِقائي فَحَذَفَ أَي حُمَّ لَهُمْ لِقائي؛ قَالَ: وروايتُنا وهَمُّوا بِقَتْلِي. وحَمَّ اللهُ لَهُ كَذَا وأَحَمَّهُ: قَضَاهُ؛ قَالَ عَمْرُو ذُو الْكَلْبِ الهُذَليُّ:
أَحَمَّ اللهُ ذَلِكَ مِنْ لِقاءٍ
…
أُحادَ أُحادَ فِي الشَّهْرِ الحَلال
وحُمَّ الشيءُ وأُحِمَّ أَي قُدِّرَ، فَهُوَ مَحْموم؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لخَبَّابِ بْنِ غُزَيٍّ:
وأَرْمي بِنَفْسِي فِي فُروجٍ كثيرةٍ،
…
وليْسَ لأَمرٍ حَمَّهُ اللَّهُ صارِفُ
وَقَالَ البَعيثُ:
أَلا يَا لَقَوْمِ كلُّ مَا حُمَّ واقِعُ،
…
وللطَّيْرِ مَجْرى والجُنُوب مَصارِعُ
والحِمامُ، بِالْكَسْرِ: قَضَاءُ الْمَوْتِ وقَدَرُه، مِنْ قَوْلِهِمْ حُمَّ كَذَا أَي قُدِّرَ. والحِمَمُ. المَنايا، وَاحِدَتُهَا حِمَّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ الحِمام كَثِيرًا، وَهُوَ الْمَوْتُ؛ وَفِي شِعْرِ ابْنِ رَواحةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ:
هَذَا حِمامُ الموتِ قَدْ صَلِيَتْ
أَي قَضَاؤُهُ، وحُمَّةُ الْمَنِيَّةِ والفِراق مِنْهُ: مَا قُدِّرَ وقُضِيَ. يُقَالُ: عَجِلَتْ بِنَا وَبِكُمْ حُمَّةُ الفِراق وحُمَّةُ الْمَوْتِ أَي قَدَرُ الفِراق، وَالْجَمْعُ حُمَمٌ وحِمامٌ، وَهَذَا حَمٌّ لِذَلِكَ أَي قَدَرٌ؛ قَالَ الأَعشى:
تَؤُمُّ سَلَامَةَ ذَا فائِشٍ،
…
هُوَ اليومَ حَمٌّ لِمِيعَادِهَا
أَي قَدَرٌ، وَيُرْوَى: هُوَ الْيَوْمَ حُمَّ لِمِيعَادِهَا أَي قُدِّر لَهُ. وَنَزَلَ بِهِ حِمامُه أَي قَدَرُهُ وموتُه. وَحَمَّ حَمَّهُ: قَصَدَ قَصْدَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ بِعِيرَهُ:
فَلَمَّا رَآنِي قَدْ حَمَمْتُ ارْتِحالَهُ،
…
تَلَمَّكَ لَوْ يُجْدي عَلَيْهِ التَّلَمُّكُ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَعْنِي عَجَّلْتُ ارْتِحَالَهُ، قَالَ: وَيُقَالُ حَمَمْتُ ارْتِحَالَ الْبَعِيرِ أَي عَجَلَتَهُ. وحامَّهُ: قارَبه. وأَحَمَّ الشيءُ: دَنَا وَحَضَرَ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وكنتُ إِذا مَا جِئْتُ يَوْمًا لحاجةٍ
…
مَضَتْ، وأَحَمَّتْ حاجةُ الغَد مَا تَخْلو
مَعْنَاهُ حانَتْ وَلَزِمَتْ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ: وأَجَمَّتْ. وَقَالَ الأَصمعي: أَجَمَّتِ الحاجةُ، بِالْجِيمِ، تُجِمُّ إِجْماماً إِذا دنَتْ وَحَانَتْ، وأَنشد بَيْتَ زُهَيْرٍ: وأَجَمَّتْ، بِالْجِيمِ، وَلَمْ يَعْرِفْ أَحَمَّتْ، بِالْحَاءِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَحَمَّتْ فِي بَيْتِ زُهَيْرٍ يُرْوَى بِالْحَاءِ وَالْجِيمِ جَمِيعًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَرِدْ بالغَدِ الَّذِي بَعْدَ يَوْمِهِ خَاصَّةً وإِنما هُوَ كِنَايَةٌ عَمَّا يستأْنف مِنَ الزَّمَانِ، وَالْمَعْنَى أَنه كلَّما نَالَ حَاجَةً تطلَّعتْ نَفْسُهُ إِلى حَاجَةٍ أُخرى فَمَا يَخْلو الإِنسان مِنْ حَاجَةٍ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَحَمَّت الحاجةُ وأَجَمَّت إِذا دَنَتْ؛ وأَنشد:
حَيِّيا ذَلِكَ الغَزالَ الأَحَمَّا،
…
إِن يَكُنْ ذَلِكَ الفِراقُ أَجَمَّا
الْكِسَائِيُّ: أَحَمَّ الأَمرُ وأَجَمَّ إِذا حَانَ وَقْتُهُ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ للَبيد:
لِتَذودَهُنَّ. وأَيْقَنَتْ، إِن لَمْ تَذُدْ،
…
أَن قَدْ أَحَمَّ مَعَ الحُتوفِ حِمامُها
وَقَالَ: وَكُلُّهُمْ يَرْوِيهِ بِالْحَاءِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَحَمَّ قُدومُهم دَنَا، قَالَ: وَيُقَالُ أَجَمَّ، وَقَالَتِ الْكِلَابِيَّةُ: أَحَمَّ رَحِيلُنا فَنَحْنُ سَائِرُونَ غَدًا، وأَجَمَّ رَحيلُنا فَنَحْنُ سَائِرُونَ الْيَوْمَ إِذا عَزَمْنا أَن نَسِيرَ مِنْ يَوْمِنَا؛ قَالَ الأَصمعي: مَا كَانَ مَعْنَاهُ قَدْ حانَ وُقوعُه فَهُوَ أَجَمُّ بِالْجِيمِ، وإِذا قُلْتَ أَحَمّ فَهُوَ قُدِّرَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَن أَبا الأَعور السُّلَمِيَّ قَالَ لَهُ: إِنا جِئْنَاكَ فِي غَيْرِ مُحِمَّة
؛ يُقَالُ: أَحَمَّت الْحَاجَةُ إِذا أَهَمَّتْ وَلَزِمَتْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ المُحِمَّةُ الْحَاضِرَةُ، مِنْ أَحَمَّ الشيءُ إِذا قَرُبَ وَدَنَا. والحَمِيمُ: الْقَرِيبُ، وَالْجَمْعُ أَحِمَّاءُ، وَقَدْ يَكُونُ الحَمِيم لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ. والمُحِمُّ: كالحَمِيم؛ قَالَ:
لَا بأْس أَني قَدْ عَلِقْتُ بعُقْبةٍ،
…
مُحِمٌّ لَكُمْ آلَ الهُذَيْلِ مُصِيبُ
العُقْبَةُ هُنَا: البَدَلُ. وحَمَّني الأَمرُ وأَحَمَّني: أَهَمَّني. واحْتَمَّ لَهُ: اهْتَمَّ. الأَزهري: أَحَمَّني هَذَا الأَمر واحْتَمَمْتُ لَهُ كَأَنَّهُ اهْتِمَامٌ بِحَمِيمٍ قَرِيبٍ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
تَعَزَّ عَلَى الصَّبابةِ لَا تُلامُ،
…
كأَنَّكَ لَا يُلِمُّ بِكَ احْتِمامُ
واحْتَمَّ الرجلُ: لَمْ يَنَمْ مِنَ الْهَمِّ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
عَلَيْهَا فَتًى لَمْ يَجعل النومَ هَمَّهُ
…
وَلَا يُدْرِكُ الحاجاتِ إِلا حَمِيمُها
يَعْنِي الكَلِفَ بِهَا المُهْتَمَّ. وأَحَمَّ الرجلُ، فَهُوَ يُحِمُّ إِحْماماً، وأَمر مُحِمٌّ، وَذَلِكَ إِذا أَخذك مِنْهُ زَمَعٌ وَاهْتِمَامٌ. واحْتَمَّتْ عَيْنِي: أَرِقتْ مِنْ غَيْرِ وَجَعٍ. وَمَا لَهُ حُمٌّ وَلَا سُمٌّ غَيْرُكَ أَي مَا لَهُ هَمٌّ غيرُك، وَفَتْحُهُمَا لُغَةٌ، وَكَذَلِكَ مَا لَهُ حُمٌّ وَلَا رُمّ، وحَمٌّ وَلَا رَمٌّ، وَمَا لَكَ عَنْ ذَلِكَ حُمٌّ وَلَا رُمٌّ، وحَمٌّ وَلَا رَمٌّ أَي بُدٌّ، وَمَا لَهُ حَمٌّ وَلَا رَمٌّ أَي قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
جَعَلَتْهُ حَمَّ كَلْكَلَها
…
مِنْ ربيعٍ ديمةٌ تَثِمُهْ
وحامَمْتُه مُحامَّةً: طَالَبْتُهُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ أَنا مُحامٌّ عَلَى هَذَا الأَمر أَي ثَابِتٌ عَلَيْهِ. واحْتَمَمْتُ: مِثْلَ اهْتَمَمْتُ. وَهُوَ مِنْ حُمَّةِ نَفْسِي أَي مِنْ حُبَّتها، وَقِيلَ: الْمِيمُ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: فُلَانٌ حُمَّةُ نَفْسِي وحُبَّة نَفْسِي. والحامَّةُ: العامَّةُ، وَهِيَ أَيضاً خاصَّةُ الرجل من أَهله وولده. يُقَالُ: كَيْفَ الحامَّةُ وَالْعَامَّةُ؟ قَالَ اللَّيْثُ: والحَميمُ الْقَرِيبُ الَّذِي تَوَدُّه ويَوَدُّكَ، والحامَّةُ خاصةُ الرجل من أَهله وَوَلَدِهِ وَذِي قَرَابَتِهِ؛ يُقَالُ: هَؤُلَاءِ حامَّتُه أَي أَقرِباؤه. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللهمَّ هَؤُلَاءِ أَهلُ بَيْتِي وحامَّتي أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وطَهِّرْهم تَطْهِيرًا
؛ حامَّة الإِنسان: خاصتُه وَمَنْ يَقْرُبُ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
انْصَرَفَ كلُّ رجلٍ مِنْ وَفْد ثَقيف إِلى حامَّته.
والحَمِيمُ القَرابةُ، يُقَالُ: مُحِمٌّ مُقْرِبٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً
؛ لَا يسأَل ذُو قَرَابَةٍ عَنْ قَرَابَتِهِ، وَلَكِنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُمْ سَاعَةً ثُمَّ لَا تَعارُفَ بَعْدَ تِلْكَ السَّاعَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: حَميمكَ قَرِيبُكَ الَّذِي تَهْتَمُّ لأَمره. وحُمَّةُ الحَرِّ: معظمُه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للضِّباب بْنِ سُبَيْع:
لعَمْري لَقَدْ بَرَّ الضِّبابَ بَنُوه،
…
وبَعْضُ الْبَنِينَ حُمَّةٌ وسُعالُ
وحَمُّ الشَّيْءِ: مُعْظَمُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِذا الْتَقَى الزَّحْفانِ وَعِنْدَ حُمَّةِ النَّهْضات
أَي شِدَّتِهَا وَمُعْظَمِهَا. وحُمَّةُ كُلِّ شَيْءٍ: مُعْظَمُهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَصلها مِنَ الحَمِّ الْحَرَارَةُ وَمِنْ حُمَّة السِّنان.، وَهِيَ حِدَّتُه. وأَتيته حَمَّ الظَّهيرةِ أَي فِي شِدَّةِ حَرِّهَا؛ قَالَ أَبو كَبير:
وَلَقَدْ ربَأْتُ، إِذا الصِّحابُ تَوَاكَلُوا،
…
حَمَّ الظَّهيرةِ فِي اليَفاع الأَطْولِ
الأَزهري: مَاءٌ مَحْموم ومَجْموم ومَمْكُول ومَسْمول وَمَنْقُوصٌ ومَثْمود بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والحَمِيمُ والحَمِيمةُ جَمِيعًا: الْمَاءُ الْحَارُّ. وشربتُ الْبَارِحَةَ حَميمةً أَي مَاءً سُخْنًا. والمِحَمُّ، بِالْكَسْرِ: القُمْقُمُ الصَّغِيرُ يُسَخَّنُ فِيهِ الْمَاءُ. وَيُقَالُ: اشربْ عَلَى مَا تَجِدُ مِنَ الْوَجَعِ حُسىً مِنْ مَاءٍ حَمِيمٍ؛ يُرِيدُ جَمْعَ حُسْوَةٍ مِنْ مَاءٍ حَارٍّ. والحَمِيمَةُ: الْمَاءُ يُسَخَّنُ. يُقَالُ: أَحَمُّوا لَنَا الْمَاءَ أَي أَسخنوا. وحَمَمْتُ الْمَاءَ أَي سَخَّنْتُهُ أَحُمُّ، بِالضَّمِّ. والحَمِيمةُ أَيضاً: المَحْضُ إِذا سُخِّنَ. وَقَدْ أَحَمَّهُ وحَمَّمَه: غَسَلَهُ بالحَمِيم. وَكُلُّ مَا سُخِّنَ فَقَدْ حُمِّمَ؛ وَقَوْلُ العُكْلِيِّ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وبِتْنَ عَلَى الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها،
…
وحارَدْنَ إِلا مَا شَرِبْنَ الحَمائِما
فَسَّرَهُ فَقَالَ: ذهبتْ أَلْبانُ المُرْضِعاتِ إِذ لَيْسَ لَهُنَّ مَا يأَكلْنَ وَلَا مَا يشربْنَ إِلا أَن يُسَخِّنَّ الْمَاءَ فَيَشْرَبْنَهُ، وإِنما يُسَخِّنَّهُ لِئَلَّا يشربْنه عَلَى غَيْرِ مأْكول فيَعْقِرَ أَجوافهن، فَلَيْسَ لَهُنَّ غِذاءٌ إِلا الْمَاءُ الحارُّ، قَالَ: والحَمائِمُ جَمْعُ الحَمِيم الَّذِي هُوَ الْمَاءُ الحارُّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خطأٌ لأَن فَعِيلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فَعائل، وإِنما هُوَ جَمْعُ الحَمِيمَةِ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ الحارُّ، لُغَةٌ فِي الحَميم، مِثْلَ صَحيفةٍ وصَحائف. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه كَانَ يَغْتَسِلُ بالحَميم
، وَهُوَ الْمَاءُ الحارُّ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَمّامُ مُشدّد وَاحِدُ الحَمّامات الْمَبْنِيَّةِ؛
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُبَيْدِ بْنِ القُرْطِ الأَسديّ وَكَانَ لَهُ صَاحِبَانِ دَخَلَا الحَمّامَ وتَنَوَّرا بنُورةٍ فأَحْرقتهما، وَكَانَ نَهَاهُمَا عَنْ دُخُولِهِ فَلَمْ يَفْعَلَا:
نَهَيْتُهما عَنْ نُورةٍ أَحْرقَتْهما،
…
وحَمَّامِ سوءٍ ماؤُه يَتَسَعَّرُ
وأَنشد أَبو الْعَبَّاسِ لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ:
خليليَّ بالبَوْباة عُوجا، فَلَا أَرى
…
بِهَا مَنْزِلًا إِلا جَديبَ المُقَيَّدِ
نَذُقْ بَرْدَ نَجْدٍ، بَعْدَ مَا لعِبَت بِنَا
…
تِهامَةُ فِي حَمَّامِها المُتَوَقِّدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جاءَ الحَمَّامُ مُؤَنَّثًا فِي بَيْتٍ زَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ أَنه يَصِفُ حَمّاماً وَهُوَ قَوْلُهُ:
فإِذا دخلْتَ سمعتَ فِيهَا رَجَّةً،
…
لَغَط المَعاوِلِ فِي بُيُوتِ هَدادِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَمَّامُ الدِّيماسُ مُشْتَقٌّ مِنَ الحَميم، مُذَكَّرٌ تُذَكِّرُه الْعَرَبُ، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ مِنَ الأَسماء عَلَى فَعّالٍ نَحْوَ القَذَّافِ والجَبَّانِ، وَالْجَمْعُ حَمَّاماتٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَمَعُوهُ بالأَلف وَالتَّاءِ وإِن كَانَ مُذَكَّرًا حِينَ لَمْ يكسَّر، جَعَلُوا ذَلِكَ عِوَضًا مِنَ التَّكْسِيرِ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: سَأَلْتُ ابْنَ الأَعرابي عَنْ الحَمِيم فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وساغَ لِي الشَّرابُ، وكنتُ قِدْماً
…
أَكادُ أَغَصُّ بِالْمَاءِ الحَميمِ
فَقَالَ: الحَميم الْمَاءُ الْبَارِدُ؛ قَالَ الأَزهري: فالحَميم عِنْدَ ابْنِ الأَعرابي مِنَ الأَضداد، يَكُونُ الماءَ الْبَارِدَ وَيَكُونُ الماءَ الحارَّ؛ وأَنشد شَمِرٌ بَيْتَ المُرَقِّش:
كلُّ عِشاءٍ لَهَا مِقْطَرَةٌ
…
ذاتُ كِباءٍ مُعَدّ، وحَميم
وَحَكَى شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الحَمِيم إِن شِئْتَ كَانَ مَاءً حَارًّا، وإِن شِئْتَ كَانَ جَمْرًا تَتَبَخَّرُ بِهِ. والحَمَّةُ: عَيْنُ مَاءٍ فِيهَا مَاءٌ حَارٌّ يُسْتَشْفى بِالْغَسْلِ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هِيَ عُيَيْنَةٌ حارَّةٌ تَنْبَعُ مِنَ الأَرض يَستشفي بِهَا الأَعِلَّاءُ والمَرْضَى. وَفِي الْحَدِيثِ
مَثَلُ الْعَالِمِ مثَلُ الحَمَّةِ يأْتيها البُعَداءُ وَيَتْرُكُهَا القُرَباءُ، فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذ غَارَ ماؤُها وَقَدِ انْتَفَعَ بِهَا قَوْمٌ وَبَقِيَ أَقوام يَتَفَكَّنون
أَي يتندَّمون. وَفِي حَدِيثِ
الدَّجَّالِ: أَخبروني عَنْ حَمَّةِ زُغَرَ
أَي عَيْنِهَا، وزُغَرُ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ. واسْتَحَمَّ إِذا اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ الحَميم، وأَحَمَّ نفسَه إِذا غَسَلَهَا بِالْمَاءِ الْحَارِّ. والاستِحْمامُ: الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، هَذَا هُوَ الأَصل ثُمَّ صَارَ كلُّ اغْتِسَالٍ اسْتِحْماماً بِأَيِّ مَاءٍ كَانَ. وَفِي الْحَدِيثُ:
لَا يبولَنَّ أَحدُكم فِي مُسْتَحَمِّه
؛ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَغْتَسِلُ فِيهِ بالحَميم، نَهَى عَنْ ذَلِكَ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْلَكٌ يَذْهَبُ مِنْهُ الْبَوْلُ أَو كَانَ الْمَكَانُ صُلْباً، فَيُوهَمُ الْمُغْتَسِلُ أَنه أَصابه مِنْهُ شَيْءٌ فَيَحْصُلُ مِنْهُ الوَسْواسُ؛ وَمِنْهُ حديث
ابن مُغَغَّلٍ: أَنه كَانَ يَكْرَهُ البولَ فِي المُسْتَحَمِّ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن بعضَ نِسَائِهِ اسْتَحَمَّتْ مِنْ جَنابةٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، يَسْتَحِمُّ مِنْ فَضْلِهَا
أَي يَغْتَسِلُ؛ وَقَوْلُ الحَذْلَمِيّ يَصِفُ الإِبل:
فذاكَ بَعْدَ ذاكَ مِنْ نِدامِها،
…
وبعد ما اسْتَحَمَّ فِي حَمَّامها
فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: عَرِقَ مِنْ إِتعابها إِياه فَذَلِكَ اسْتحمامه.
وحَمَّ التَّنُّورَ: سَجَرَه وأَوقده. والحَمِيمُ: الْمَطَرُ الَّذِي يأْتي فِي الصَّيْفِ حِينَ تَسْخُن الأَرض؛ قَالَ الهُذَليُّ:
هُنَالِكَ، لَوْ دَعَوْتَ أَتاكَ مِنْهُمْ
…
رِجالٌ مِثْلَ أَرْمية الحَمِيمِ
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحَمِيم الْمَطَرُ الَّذِي يأْتي بَعْدَ أَن يَشْتَدَّ الْحَرُّ لأَنه حَارٌّ. والحَمِيمُ: القَيْظ. وَالْحَمِيمُ: العَرَقُ. واسْتَحَمَّ الرَّجُلُ: عَرِقَ، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ؛ قَالَ الأَعشى:
يَصِيدُ النَّحُوصَ ومِسْحَلَها
…
وجَحْشَيْهما، قَبْلَ أَن يَسْتَحِم
قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا:
فكأَنَّه لَمَّا اسْتَحَمَّ بمائِهِ،
…
حَوْلِيُّ غِرْبانٍ أَراح وأَمطرا
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي ذُؤَيْبٍ:
تأْبَى بدِرَّتها، إِذا مَا اسْتُكْرِهَتْ،
…
إِلا الحَمِيم فإِنه يَتَبَضَّعُ
فأَما قَوْلُهُمْ لِدَاخِلِ الحمَّام إِذا خَرَجَ: طَابَ حَمِيمُك، فَقَدْ يُعْنى بِهِ الاستحْمامُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبي عُبَيْدٍ، وَقَدْ يُعْنَى بِهِ العَرَقُ أَي طَابَ عَرَقُكَ، وإِذا دُعِيَ لَهُ بِطِيبِ عَرَقِه فَقَدْ دُعِي لَهُ بِالصِّحَّةِ لأَن الصَّحِيحَ يَطِيبُ عرقُه. الأَزهري: يُقَالُ طَابَ حَمِيمُك وحِمَّتُكَ لِلَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الحَمَّام أَي طَابَ عَرَقُك. والحُمَّى والحُمَّةُ: عِلَّةٌ يسْتَحِرُّ بِهَا الجسمُ، مِنَ الحَمِيم، وأَما حُمَّى الإِبلِ فبالأَلف خَاصَّةً؛ وحُمَّ الرجلُ: أَصابه ذَلِكَ، وأَحَمَّهُ اللَّهُ وَهُوَ مَحْمُومٌ، وَهُوَ مِنَ الشَّوَاذِّ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ مَحْمُوم بِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهَا عَلَى ثِقَةٍ، وَهِيَ أَحد الْحُرُوفِ الَّتِي جَاءَ فِيهَا مَفْعُول مِنْ أَفْعَلَ لِقَوْلِهِمْ فُعِلَ، وكأَنَّ حُمَّ وُضِعَتْ فِيهِ الحُمَّى كَمَا أَن فُتِنَ جُعِلَتْ فِيهِ الفِتْنةُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حُمِمْتُ حَمّاً، وَالِاسْمُ الحُمَّى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الحُمَّى مَصْدَرٌ كالبُشْرَى والرُّجْعَى. والمَحَمَّةُ: أَرض ذَاتُ حُمَّى. وأَرض مَحَمَّةٌ: كَثِيرَةُ الحُمَّى، وَقِيلَ: ذَاتُ حُمَّى. وَفِي حَدِيثِ
طَلْقٍ: كُنَّا بأَرض وَبِئَةٍ مَحَمَّةٍ أَي ذَاتِ حُمَّى، كالمأْسَدَةِ والمَذْأَبَةِ لِمَوْضِعِ الأُسود والذِّئاب.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى الْفَارِسِيُّ مُحِمَّةً، وَاللُّغَوِيُّونَ لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنهم قَالُوا: كَانَ مِنَ الْقِيَاسِ أَن يُقَالَ، وَقَدْ قَالُوا: أَكْلُ الرَّطْبِ مَحَمَّةٌ أَي يُحَمُّ عَلَيْهِ الآكلُ، وَقِيلَ: كُلُّ طَعَامٍ حُمَّ عَلَيْهِ مَحَمَّةٌ، يُقَالُ: طعامٌ مَحَمَّةٌ إِذا كَانَ يُحَمُّ عَلَيْهِ الَّذِي يأْكله، وَالْقِيَاسُ أَحَمَّتِ الأَرضُ إِذا صَارَتْ ذَاتَ حُمَّى كَثِيرَةٍ. والحُمامُ، بِالضَّمِّ: حُمَّى الإِبل وَالدَّوَابِّ، جَاءَ عَلَى عَامَّةٍ مَا يَجِيءُ عَلَيْهِ الأَدواءُ. يُقَالُ: حُمَّ البعيرُ حُماماً، وحُمَّ الرَّجُلُ حُمَّى شَدِيدَةً. الأَزهري عَنِ ابْنِ شُمَيْلٍ: الإِبل إِذا أَكلت النَّدى أَخذها الحُمامُ والقُماحُ، فأَما الحُمامُ فيأْخذها فِي جِلْدِهَا حَرٌّ حَتَّى يُطْلَى جسدُها بِالطِّينِ، فَتَدَعُ الرَّتْعَةَ ويَذهَبُ طِرْقها، يَكُونُ بِهَا الشهرَ ثُمَّ يَذْهَبُ، وأَما القُماحُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ. وَيُقَالُ: أَخذ الناسَ حُمامُ قُرٍّ، وَهُوَ المُومُ يأْخذ النَّاسَ. والحَمُّ: مَا اصطَهَرْتَ إِهالته مِنَ الأَلْيَةِ وَالشَّحْمِ، وَاحِدَتُهُ حَمَّةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يُهَمُّ فِيهِ القومُ هَمَّ الحَمِ
وَقِيلَ: الحَمُّ مَا يَبقى مِنَ الإِهالة أَي الشَّحْمِ الْمُذَابِ؛ قَالَ:
كأَنَّما أَصواتُها، فِي المَعْزاء،
…
صوتُ نَشِيشِ الحَمِّ عِنْدَ القَلَّاء
الأَصمعي: مَا أُذيب مِنَ الأَلْيَةِ فَهُوَ حَمٌّ إِذا لَمْ يَبْقَ فِيهِ وَدَكٌ، وَاحِدَتُهُا حَمَّة، قَالَ: وَمَا أُذيب مِنَ الشَّحْمِ فَهُوَ الصُّهارة والجَمِيلُ؛ قَالَ الأَزهري: وَالصَّحِيحُ مَا قَالَ الأَصمعي، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِمَا أُذيب مِنْ سَنَامِ الْبَعِيرِ حَمّ، وَكَانُوا يسمُّون السَّنام الشحمَ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَمُّ مَا بَقِيَ مِنَ الأَلية بَعْدَ الذَّوْب. وحَمَمْتُ الأَليةَ: أَذبتها. وحَمَّ الشحمةَ يَحُمُّها حَمّاً: أَذابها؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وجارُ ابْنِ مَزْرُوعٍ كُعَيْبٍ لَبُونُه
…
مُجَنَّبَةٌ، تُطْلَى بحَمّ ضُروعُها
يَقُولُ: تُطْلَى بَحمّ لِئَلَّا يُرْضِعَهَا الرَّاعِي مِنْ بُخْلِهِ. وَيُقَالُ: خُذْ أَخاك بحَمِّ اسْتِهِ أَي خُذْهُ بأَول مَا يُسْقِطُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ. والحَمَمُ: مَصْدَرُ الأَحَمّ، والجمعُ الحُمُّ، وَهُوَ الأَسود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالِاسْمُ الحُمَّةُ. يُقَالُ: بِهِ حُمَّةٌ شَدِيدَةٌ؛ وأَنشد:
وقاتمٍ أَحْمَرَ فِيهِ حُمَّةٌ
وَقَالَ الأَعشى:
فَأَمَّا إِذا رَكِبوا للصَّباحِ
…
فأَوجُههم، مِنْ صدىَ البَيْضِ، حُمُ
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
أَحْوَى أَحَمّ المُقْلَتَيْن مُقَلَّد
وَرَجُلٌ أَحَمُّ بيِّن الحَمَم، وأَحَمَّهُ اللَّهُ: جَعَلَهُ أَحَمَّ، وكُمَيْتٌ أَحَمُّ بيِّن الحُمَّة. قَالَ الأَصمعي: وَفِي الكُمْتة لَوْنَانِ: يَكُونُ الْفَرَسُ كُمَيْتاً مْدَمّىً، وَيَكُونُ كُمَيْتاً أَحَمَّ، وأَشدُّ الْخَيْلِ جُلوداً وحوافرَ الكُمْتُ الحُمُّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحمَّةُ لَوْنٌ بَيْنَ الدُّهْمَة والكُمْتة، يُقَالُ: فَرَسٌ أَحَمُّ بَيِّنُ الحُمَّة، والأَحَمُّ الأَسْود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: الْوَافِدُ فِي اللَّيْلِ الأَحَمِ
أَي الأَسود، وَقِيلَ: الأَحَمّ الأَبيض؛ عَنِ الهَجَريّ؛ وأَنشد:
أَحَمُّ كَمِصْبَاحِ الدُّجى
وَقَدْ حَمِمْتُ حَمَماً واحمَوْمَيْتُ وتَحَمَّمْتُ وتَحَمْحَمْتُ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الهُذَلي:
أحَلا وشِدْقاه وخُنْسَةُ أَنْفِهِ،
…
كَحِنَاءِ ظَهْرِ البُرمة المُتَحَمِّم «2»
. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
وَقَدْ أَلَّ مِنْ أَعضادِه ودَنا لَهُ،
…
مِنَ الأَرض، دانٍ جَوزُهُ فَتَحَمْحَما
وَالِاسْمُ الحُمَّة؛ قَالَ:
لَا تَحْسِبَنْ أَن يَدِي فِي غُمَّهْ،
…
فِي قَعْرِ نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ حُمَّهْ،
أَمْسَحُها بتُرْبةٍ أَو ثُمَهْ
عَنَى بالحُمَّة مَا رسَب فِي أَسفل النِّحيِ مِنْ مُسْوَدّ مَا رسَب مِنَ السَّمن وَنَحْوِهِ، وَيَرْوِي خُمَّه، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا. والحَمَّاءُ، عَلَى وَزْنِ فَعْلاء: الاسْتُ لِسَوادها، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَمَّاء سافِلَةُ الإِنسان، والجمع حُمٌّ.
(2). قوله [كحناء ظهر] كذا بالأَصل، والذي في المحكم: كجآء
والحِمْحِمُ والحُماحِمُ جَمِيعًا: الأَسْود. الْجَوْهَرِيُّ: الحِمْحِمُ، بِالْكَسْرِ، الشديدُ السوادِ. وشاةٌ حِمْحِم، بِغَيْرِ هَاءٍ: سَوْدَاءُ؛ قَالَ:
أَشَدُّ مِنْ أُمّ عُنُوقٍ حِمْحِمِ
…
دَهْساءَ سَوْداءَ كلَوْن العِظْلِمِ،
تَحْلُبُ هَيْساً فِي الإِناء الأَعْظَمِ
الهَيْسُ، بِالسِّينِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ: الحَلْبُ الرُّوَيْد. والحُمَمُ: الفَحْمُ، وَاحِدَتُهُ حُمَمَةٌ. والحُمَمُ: الرَّماد والفَحْم وكلُّ مَا احْتَرَقَ مِنَ النَّارِ. الأَزهري: الحُمَم الفَحْم الْبَارِدُ، الْوَاحِدَةُ حُمَمَةٌ، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ حُمَمة. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: إِن رَجُلًا أَوصى بَنيه عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ: إِذا أَنا مُتُّ فأَحْرِقُوني بِالنَّارِ، حَتَّى إِذا صِرْتُ حُمَماً فاسْحَقوني، ثُمَّ ذَرُّوني فِي الرِّيحِ لَعَلِّي أَضِلُّ اللهَ
؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:
أَشَجاك الرَّبْعُ أَم قِدَمُهْ،
…
أَم رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُه؟
وحَمَّت الجَمْرةُ تَحَمُّ، بِالْفَتْحِ، إِذا صَارَتْ حُمَمةً. وَيُقَالُ أَيضاً: حَمَّ الماءُ أَي صَارَ حَارًّا. وحَمَّم الرَّجُلُ: سَخَّم وجْهَه بالحُمَم، وَهُوَ الفحمُ. وَفِي حَدِيثِ الرَّجْم:
أَنه أَمَرَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّم مَجْلود
أَي مُسْوَدّ الْوَجْهِ، مِنَ الحُمَمَة الفَحْمةِ. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ: خُذي مِنِّي أَخي ذَا الحُمَمة
؛ أَراد سَوادَ لَونه. وَجَارِيَةٌ حُمَمَةٌ: سَوْدَاءُ. واليَحْموم مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، يَفْعُولُ مِنَ الأَحَمِّ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَغَيْرُ سُفْعٍ مُثَّلٍ يَحامِم
باختلاسِ حركةِ الْمِيمِ الأُولى، حَذْفُ الْيَاءِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا قَالَ:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا
وأَظهر التَّضْعِيفَ لِلضَّرُورَةِ أَيضاً كَمَا قَالَ:
مهْلًا أَعاذِلَ، قَدْ جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقي
…
أَني أَجودُ لأَقْوامٍ، وإِنْ ضَنِنوا
واليَحْمومُ: دُخَّانٌ أَسود شَدِيدُ السَّوَادِ؛ قَالَ الصَّبَّاح بْنُ عَمْرٍو الهَزَّاني:
دَعْ ذَا فكَمْ مِنْ حالكٍ يَحْمومِ،
…
ساقِطةٍ أَرْواقُه، بَهيمِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: اليَحْمومُ الدخانُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ
، عَنى بِهِ الدُّخَانَ الأَسود، وَقِيلَ أَي مِنْ نَارٍ يُعَذَّبون بِهَا، وَدَلِيلُ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ عز وجل: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ؛ إِلا أَنه مَوْصُوفٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِشِدَّةِ السَّوَادِ، وَقِيلَ: اليَحْمومُ سُرادِق أَهل النَّارِ، قَالَ اللَّيْثُ: واليَحْمومُ الفَرَس، قَالَ الأَزهري: اليَحْمومُ اسْمُ فُرْسٍ كَانَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، سُمِّيَ يَحموماً لِشِدَّةِ سَوَادِهِ؛ وَقَدْ ذَكَرَهُ الأَعشى فَقَالَ:
ويأْمُرُ للْيَحْمومِ كلَّ عَشِيَّةٍ
…
بِقَتٍّ وتَعْليقٍ، فَقَدْ كَادَ يَسْنَقُ
وَهُوَ يَفْعولٌ مِنَ الأَحَمِّ الأَسْودِ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
والحارِثانِ كِلَاهُمَا ومُحَرِّقٌ،
…
والتُّبَّعانِ وفارِسُ اليَحْمومِ
واليَحْمومُ: الأَسْود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَتَسْمِيَتُهُ بالَيحْمومِ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: إِما أَن يَكُونَ مِنَ الحَميمِ الَّذِي هُوَ العَرَق، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ
السَّواد كَمَا سُمِّيَتْ فُرُسٌ أُخرى حُمَمة؛ قَالَتْ بَعْضُ نِسَاءِ الْعَرَبِ تَمْدَحُ فَرَسَ أَبيها: فَرَسُ أَبي حُمَمةُ وَمَا حُمَمةُ. والحُمَّةُ دُونَ الحُوَّةِ، وَشَفَةٌ حَمَّاء، وَكَذَلِكَ لِثَةٌ حَمَّاءُ. وَنَبْتٌ يَحْمومٌ: أَخضرُ رَيَّانُ أَسودُ. وحَمَّمَتِ الأَرضُ: بَدَا نباتُها أَخضرَ إِلى السَّوَادِ. وحَمَّمَ الفرخُ: طلَع ريشُه، وَقِيلَ: نَبْتٌ زَغَبُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ لَجَإٍ:
فَهُوَ يَزُكُّ دائمَ التَّزَعُّمِ،
…
مِثْلَ زَكيكِ الناهِضِ المُحمِّمِ
وحَمَّم رأْسُه إِذا اسْوَدَّ بَعْدَ الحَلْق؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَمَّمَ الرأْسُ نَبَتَ شَعَرُه بَعْدَ مَا حُلِق؛ وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَنه كَانَ إِذا حَمَّمَ رأْسُه بِمَكَّةَ خَرَجَ وَاعْتَمَرَ
، أَي اسْوَدَّ بَعْدَ الحلْق بِنَبَاتِ شَعْرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنه كَانَ لَا يُؤَخِّرُ الْعُمْرَةَ إِلى المُحَرَّمِ، وإِنما كَانَ يَخْرُجُ إِلى الْمِيقَاتِ وَيَعْتَمِرُ فِي ذِي الحِجَّة؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ زِمْلٍ: كأَنما حُمِّمَ شَعْرُهُ بِالْمَاءِ
أَي سُوِّدَ، لأَن الشَّعْرَ إِذا شَعِثَ اغْبَرَّ، وإِذا غُسِل بِالْمَاءِ ظَهَرَ سَوَادُهُ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ أَي جُعل جُمَّةً. وحَمَّمَ الغلامُ: بَدَتْ لِحْيَتُهُ. وحَمَّمَ المرأَةَ: متَّعها بِشَيْءٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ قَالَ:
أَنتَ الَّذِي وَهَبْتَ زَيداً، بَعْدَ مَا
…
هَمَمْتُ بِالْعَجُوزِ أَن تُحَمَّما
هَذَا رَجُلٌ وُلِدَ لَهُ ابنٌ فَسَمَّاهُ زَيْدًا بَعْدَ مَا كَانَ هَمّ بِتَطْلِيقِ أُمِّه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وحَمَّمْتُها قَبْلَ الْفِرَاقِ بِطعنةٍ
…
حِفاظاً، وأَصحابُ الحِفاظِ قَلِيلُ
وَرَوَى
شَمِرٌ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ مَسْلمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَرَبِيًّا، وَكَانَ يَقُولُ فِي خُطبته: إِن أَقلَّ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا هَمّاً أَقلُّهم حَمّاً
أَي مَالًا وَمَتَاعًا، وَهُوَ مِنَ التَّحْميمِ المُتْعَةِ؛ وَقَالَ الأَزهري: قَالَ سُفْيَانُ أَراد بِقَوْلِهِ أَقلُّهم حَمّاً أَي مُتْعةً، وَمِنْهُ تَحْمِيم المطلَّقة. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، رضي الله عنه: إِنه طَلَّقَ امرأَته فمتَّعها بخادمٍ سَوْداءَ حَمَّمَها إِياها
أَي مَتَّعها بِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تسمِّي المُتْعةَ التَّحْميمَ، وعَدَّاه إِلى مَفْعُولَيْنِ لأَنه فِي مَعْنَى أَعطاها إِياها، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد حَمَّمَها بِهَا فَحَذَفَ وأَوصَل. وثِيابُ التَّحِمَّة: مَا يُلْبِس المطلِّقُ المرأَةَ إِذا مَتَّعها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فإِنْ تَلْبَسي عَنّي ثيابَ تَحِمَّةٍ،
…
فَلَنْ يُفْلِحَ الْوَاشِي بِكِ المُتَنَصِّحُ
الأَزهري: الحَمامة طَائِرٌ، تَقُولُ الْعَرَبُ: حمامَةٌ ذكرٌ وَحَمَامَةٌ أُنثى، وَالْجَمْعُ الحَمام. ابْنُ سِيدَهْ: الحَمام مِنَ الطَّيْرِ البَرّيُّ الَّذِي لَا يأْلَف الْبُيُوتَ، قَالَ: وَهَذِهِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ هِيَ اليَمام. قَالَ الأَصمعي: اليَمام ضَرْبٌ مِنَ الْحَمَامِ برِّيّ، قَالَ: وأَما الْحَمَامُ فكلُّ مَا كَانَ ذَا طَوْق مِثْلَ القُمْريّ والفاخِتة وأَشباهِها، واحِدته حَمامة، وَهِيَ تَقَعُ عَلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ كالحَيّة والنَّعامة وَنَحْوِهَا، وَالْجَمْعُ حَمائم، وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ حَمام؛ فأَما قَوْلُهُ:
حَمامَيْ قفرةٍ وَقَعا فَطَارَا
فَعَلَى أَنه عَنى قَطِيعَيْنِ أَو سِرْبين كَمَا قَالُوا جِمالان؛ وأَما قَوْلُ العَجَّاج:
ورَبِّ هَذَا البلدِ المُحَرَّمِ،
…
والقاطِناتِ الْبَيْتِ غيرِ الرُّيَّمِ،
قَوَاطِنًا مكةَ مِنْ وُرْقِ الحَمي
فإِنما أَراد الحَمام، فَحَذَفَ الْمِيمَ وَقَلَبَ الأَلف يَاءً؛ قال أَبو إِسحق: هَذَا الحذفُ شَاذٌّ لَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ فِي الحِمار الحِمي، تُرِيدُ الحِمار، فأَما الحَمام هُنَا فإِنما حُذِفَ مِنْهَا الأَلف فَبَقِيَتِ الحَمَم، فَاجْتَمَعَ حَرْفَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَلَزِمَهُ التَّضْعِيفُ فأَبدل مِنَ الْمِيمِ يَاءً، كَمَا تَقُولُ فِي تظنَّنْت تظنَّيْت، وَذَلِكَ لِثِقَلِ التَّضْعِيفِ، وَالْمِيمُ أَيضاً تُزِيدُ فِي الثِّقَلِ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ. وَرَوَى
الأَزهري عَنِ الشَّافِعِيِّ: كلُّ مَا عَبَّ وهَدَر فَهُوَ حَمام
، يَدْخُلُ فِيهَا القَمارِيُّ والدَّباسِيُّ والفَواخِتُ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُطَوَّقة أَو غَيْرَ مطوَّقة، آلِفةً أَو وَحْشِيَّةً؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ الشَّافِعِيُّ اسْمَ الحَمام وَاقِعًا عَلَى مَا عَبَّ وهَدَر لَا عَلَى مَا كَانَ ذَا طَوْقٍ، فَتَدْخُلُ فِيهِ الوُرْق الأَهلية والمُطَوَّقة الْوَحْشِيَّةُ، وَمَعْنَى عَبَّ أَي شَرِبَ نَفَساً نَفَساً حَتَّى يَرْوَى، وَلَمْ يَنْقُر الْمَاءَ نَقْراً كَمَا تَفْعَلُهُ سَائِرُ الطَّيْرِ. والهَدير: صَوْتُ الْحَمَامِ كُلِّهِ، وجمعُ الحَمامة حَمام وحَمامات وحَمائم، وَرُبَّمَا قَالُوا حَمام لِلْوَاحِدِ؛ وأَنشد قَوْلَ الْفَرَزْدَقِ:
كأَنَّ نِعالَهن مُخَدَّماتٍ،
…
عَلَى شرَك الطريقِ إِذا اسْتَنَارَا
تُساقِطُ رِيشَ غادِيةٍ وغادٍ
…
حَمامَيْ قَفْرةٍ وقَعا فَطَارَا
وَقَالَ جِرانُ العَوْد:
وذَكَّرَني الصِّبا، بَعْدَ التَّنائي،
…
حَمامةُ أَيْكةٍ تَدْعو حَماما
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والحَمام عِنْدَ الْعَرَبِ ذَوَاتُ الأَطواق مِنْ نَحْوِ الفَواخِت والقَمارِيّ وساقِ حُرٍّ والقَطا والوَراشِين وأَشباه ذَلِكَ، يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى، لأَن الْهَاءَ إِنما دَخَلَتْهُ عَلَى أَنه وَاحِدٌ مِنْ جِنْسٍ لَا للتأْنيث، وَعِنْدَ الْعَامَّةِ أَنها الدَّواجِنُ فَقَطْ، الْوَاحِدَةُ حَمامة؛ قَالَ حُمَيْد بْنُ ثوْرٍ الْهِلَالِيُّ:
وَمَا هاجَ هَذَا الشَّوْقَ إِلَّا حمامةٌ
…
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ، تَرْحةً وتَرَنُّما
والحَمامة هَاهُنَا: قُمْرِيَّةٌ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:
واحْكُمْ كحُكْمِ فَتَاةِ الْحَيِّ، إِذ نَظَرتْ
…
إِلى حَمامٍ شِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ «3»
هَذِهِ زَرْقاء الْيَمَامَةِ نَظَرَتْ إِلى قَطاً؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهَا:
لَيت الحَمامَ لِيَهْ
…
إِلى حمامَتِيَهْ،
ونِصْفَه قَدِيَهْ،
…
تَمَّ القَطاةُ مِيَهْ
قَالَ: والدَّواجن الَّتِي تُسْتَفْرَخ فِي الْبُيُوتِ حَمام أَيضاً، وأَما اليَمام فَهُوَ الحَمامُ الْوَحْشِيُّ، وَهُوَ ضَرْب مِنْ طَيْرِ الصَّحْرَاءِ، هَذَا قَوْلُ الأَصمعي، وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَقُولُ: الحَمام هُوَ الْبَرِّيُّ، وَالْيَمَامُ هُوَ الَّذِي يأْلف الْبُيُوتَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ:
أَنه كَانَ يُعْجبه النَّظَرُ إِلى الأُتْرُجِّ والحَمام الأَحْمَر
؛ قَالَ أَبو مُوسَى: قَالَ هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ هُوَ التُّفَّاحُ؛ قَالَ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ. وحُمَة الْعَقْرَبِ، مُخَفَّفَةُ الْمِيمِ: سَمُّها، وَالْهَاءُ عِوَضٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَسَنَذْكُرُهُ فِي الْمُعْتَلِّ. ابْنُ الأَعرابي: يقال لِسَمّ العقرب الحُمَّة والحُمَةُ، وَغَيْرُهُ لَا يُجِيزُ التَّشْدِيدَ، يَجْعَلُ أَصله حُمْوَةً.
(3). وفي رواية أَخرى: سِراعٍ
والحَمامة: وسَطُ الصَّدْر؛ قَالَ:
إِذا عَرَّسَتْ أَلْقَتْ حَمامةَ صَدْرِها
…
بتَيْهاء، لَا يَقْضي كَراها رَقِيبُهَا
والحَمامة: المرأَة؛ قَالَ الشَّمَّاخ:
دارُ الفتاةِ الَّتِي كُنَّا نَقُولُ لَهَا:
…
يَا ظَبْيَةً عُطُلًا حُسّانَةَ الجيدِ
تُدْني الحمامةَ مِنْهَا، وَهِيَ لاهِيةٌ،
…
مِنْ يانِعِ الكَرْمِ غرْبانَ العَناقيدِ
وَمَنْ ذَهَبَ بالحَمامةِ هُنَا إِلى مَعْنَى الطَّائِرِ فَهُوَ وجْهٌ؛ وأَنشد الأَزهري للمُؤَرِّج:
كأَنَّ عَيْنَيْهِ حَمامتانِ
أَي مِرآتانِ. وحَمامةُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ الشمَّاخ:
ورَوَّحَها بالمَوْرِ مَوْرِ حَمامةٍ
…
عَلَى كلِّ إِجْرِيَّائِها، وَهُوَ آبِرُ
والحَمامة: خِيار الْمَالِ. والحَمامة: سَعْدانة الْبَعِيرِ. والحَمامة: سَاحَةُ الْقَصْرِ النَّقِيَّةُ. والحَمامةُ: بَكَرة الدَّلْو. والحَمامة: المرأَة الْجَمِيلَةُ. وَالْحَمَامَةُ: حَلْقة الْبَابِ. والحَمامةُ مِنَ الفَرَس: القَصُّ. والحَمائِم: كَرَائِمُ الإِبل، وَاحِدَتُهَا حَميمة، وَقِيلَ: الحَميمة كِرام الإِبل، فَعَبَّرَ بِالْجَمْعِ عَنِ الْوَاحِدِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ قَوْلُ كُرَاعٍ. يُقَالُ: أَخذ المُصَدِّقُ حَمائِمَ الإِبل أَي كَرَائِمَهَا. وإِبل حامَّةٌ إِذا كَانَتْ خِيَارًا. وحَمَّةُ وحُمَّةُ: مَوْضِعٌ؛ أَنشد الأَخفش:
أَأَطْلالَ دارٍ بالسِّباع فَحُمَّةِ
…
سأَلْت، فَلَمَّا اسْتَعْجَمَتْ ثُمَّ صَمَّتِ
ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَمَّةُ حِجَارَةٌ سُودٌ تَرَاهَا لَازِقَةً بالأَرض، تقودُ فِي الأَرض الليلةَ وَاللَّيْلَتَيْنِ والثلاثَ، والأَرضُ تَحْتَ الْحِجَارَةِ تَكُونُ جَلَداً وسُهولة، وَالْحِجَارَةُ تَكُونُ مُتدانِية وَمُتَفَرِّقَةً، تَكُونُ مُلْساً مِثْلَ الجُمْع وَرُؤُوسِ الرِّجَالِ، وَجَمْعُهَا الحِمامُ، وَحِجَارَتُهَا مُتَقَلِّعٌ ولازقٌ بالأَرض، وَتَنْبُتُ نَبْتًا كَذَلِكَ لَيْسَ بِالْقَلِيلِ وَلَا بِالْكَثِيرِ. وحَمام: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَالِمُ بْنُ دارَة يَهْجُو طَريفَ بْنَ عَمْرٍو:
إِني، وإِن خُوِّفْتُ بالسِّجن، ذاكِرٌ
…
لِشَتْمِ بَنِيَ الطَّمَّاح أَهلِ حَمام
إِذا مَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ دَهَنوا اسْتَهُ
…
بِزيت، وحَفُّوا حَوْله بِقِرام
نَسَبهم إِلى التَّهَوُّدِ. والحُمَامُ: اسْمُ رَجُلٍ. الأَزهري: الحُمام السَّيِّدُ الشَّرِيفُ، قَالَ: أُراه فِي الأَصل الهُمامَ فقُلبت الْهَاءُ حَاءً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنا ابنُ الأَكرَمينَ أَخو المَعالي،
…
حُمام عَشيرتي وقِوامُ قَيْسِ
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْعَامِرِيُّ قُلْتُ لِبَعْضِهِمْ أَبَقِيَ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ فَقَالَ: هَمْهامِ وحَمْحامِ ومَحْماحِ وبَحْباح أَي لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ. وحِمَّانُ: حَيٌّ مِنْ تَمِيمٍ أَحد حَيَّيْ بَنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَناةَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وحَمَّانُ، بِالْفَتْحِ، اسْمُ رَجُلٍ «1» . وحَمُومةُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ: مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، قَالَ: وأَظنه أَسود يَذْهَبُ إِلى اشْتِقَاقِهِ مِنَ الحُمَّة الَّتِي هِيَ السَّوَادُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالُوا: جَارَا حَمومةَ، فَحَمومةُ هُوَ هَذَا الْمَلِكُ، وَجَارَاهُ: مَالِكُ بْنُ جعفر
(1). قوله [وَحَمَّانُ بِالْفَتْحِ اسْمُ رَجُلٍ] قَالَ في التكملة:؛ المشهور فيه كسر الحاء
ابْنُ كِلَابٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُشَيْر. والحَمْحَمة: صَوْتُ البِرْذَوْن عِنْدَ الشَّعِير «1» . وَقَدْ حَمْحَمَ، وَقِيلَ: الحَمْحَمة والتَّحَمْحُم عَرُّ الْفَرَسِ حِينَ يُقَصِّر فِي الصَّهيل وَيَسْتَعِينُ بنفَسه؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَمْحَمة صَوْتُ البِرْذَوْنِ دُونَ الصَّوْتِ الْعَالِي، وصَوتُ الْفَرَسِ دونَ الصَّهيل، يُقَالُ: تَحَمْحَمَ تَحَمْحُماً وحَمْحَمَ حَمْحَمَةً؛ قَالَ الأَزهري: كأَنه حِكَايَةُ صَوْتِهِ إِذا طَلَبَ العَلَفَ أَو رأَى صَاحِبَهُ الَّذِي كَانَ أَلِفه فاستأْنس إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَجِيءُ أَحدُكم يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِفَرَسٍ لَهُ حَمْحَمةٌ.
الأَزهري: حَمْحَم الثورُ إِذا نَبَّ وأَراد السِّفادَ. والحِمْحِمُ: نَبْتٌ، واحدتُه حِمْحِمةٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحِمْحِم والخِمْخِم وَاحِدٌ. الأَصمعي: الحِمْحِم الأَسْود، وَقَدْ يُقَالُ لَهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وَسْطَ الديارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وحُماحِمٌ لَوْنٌ مِنَ الصِّبغ أَسود، والنَّسبُ إِليه حُماحِمِيٌّ. والحَماحِم: رَيْحانة مَعْرُوفَةٌ، الْوَاحِدَةُ حَماحِمَةٌ. وَقَالَ مُرَّةُ: الحَماحِم بأَطراف الْيَمَنِ كَثِيرَةٌ وَلَيْسَتْ ببَرّية وتَعْظُم عِنْدَهُمْ. وَقَالَ مُرَّةُ: الحِمْحِم عُشْبةٌ كَثِيرَةُ الْمَاءِ لَهَا زغَبٌ أَخشنُ يَكُونُ أَقل مِنَ الذِّرَاعِ. والحُمْحُمُ والحِمْحِم جَمِيعًا: طَائِرٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنه سَمِعَ أَعرابيّاً مِنْ بَنِي عَامِرٍ يَقُولُ: إِذا قِيلَ لَنَا أَبَقِيَ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قُلْنَا: حَمْحامِ. واليَحْموم: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ الأَخطل:
أَمْسَتْ إِلى جَانِبِ الحَشَّاك جيفَتُهُ،
…
ورأْسُه دونَهُ اليَحْمُوم والصُّوَرُ
وحَمُومةُ: اسْمُ جَبَلٍ بِالْبَادِيَةِ. واليَحاميمُ: الْجِبَالُ السُّودُ.
حنم: الأَزهري: رَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: الحَنَمة الْبُومَةُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ ثِقة.
حنتم: الحَنْتَم: جِرارٌ خُضْرٌ تَضرب إِلى الْحُمْرَةِ؛ قَالَ طُفَيْلٌ يَصِفُ سَحَابًا:
لَه هَيْدبٌ دانٍ كأَن فُروجَه،
…
فُوَيْقَ الحَصى والأَرْضِ، أَرفاضُ حَنْتَمِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ عَمرو بْنِ شَأْس:
رَجَعْتُ إِلى صَدْرٍ كجَرَّةِ حَنْتَمٍ،
…
إِذا قُرِعَتْ صِفْراً مِنَ الْمَاءِ صَلَّتِ
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ عَدِيٍّ:
مَنْ مُبْلِغُ الحَسْناء أَنَّ حَليلَها،
…
بمَيْسانَ، يُسْقى مِنْ رُخامٍ وحَنْتَمِ؟
والحَنْتَمُ: سَحَابٌ، وَقِيلَ: سَحَابٌ سُودٌ. والحَناتم: سَحائب سُودٌ لأَن السَّوَادَ عِنْدَهُمْ خُضْرَةٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
سَقى أُمَّ عمروٍ، كلَّ آخرِ ليلةٍ،
…
حناتمُ سُحْمٌ ماؤُهنَّ ثَجيجُ
وَالْوَاحِدَةُ حَنتمةٌ، وأَصل الحَنْتَمِ الْخُضْرَةُ، وَالْخُضْرَةُ قَرِيبَةٌ مِنَ السَّوَادِ. وحَنتَمٌ: اسْمُ أَرض؛ قَالَ الرَّاعِي:
كأَنكَ بالصحْراءِ مِنْ فَوقِ حَنْتَم
…
تُناغِيكَ، مِنْ تَحْتِ الخُدُورِ، الجَآذر
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ والحَنْتَم
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ جِرارٌ حُمْرٌ
(1). قوله [عند الشعير] أَي عند طلبه، أَفاده شارح القاموس
كَانَتْ تُحْمَلُ إِلى الْمَدِينَةِ فِيهَا الخمرُ؛ قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ لِلسَّحَابِ حَنْتَم وحَناتم لِامْتِلَائِهَا مِنَ الْمَاءِ، شُبِّهَتْ بحَناتم الجِرار الْمَمْلُوءَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ: الحَنْتَمُ جِرَارٌ مَدْهُونَةٌ خُضْرٌ كَانَتْ تُحْمَلُ الخمرُ فِيهَا إِلى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهَا فَقِيلَ للخَزَف كلِّه حَنْتم، وَاحِدَتُهَا حَنْتَمةٌ، وإِنما نَهَى عَنِ الِانْتِبَاذِ فِيهَا لأَنها تُسْرِعُ الشدةُ فِيهَا لأَجل دَهْنِهَا، وَقِيلَ: لأَنها كَانَتْ تُعْمل مَنْ طِينٍ يُعْجَنُ بِالدَّمِ وَالشَّعْرِ، فَنَهَى عَنْهَا ليُمْتنَع مِنْ عَمَلِهَا، والأَول الْوَجْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْعَاصِ: أَن ابْنَ حَنْتَمَةَ بعَجَتْ لَهُ الدُّنْيَا مِعاها
؛ حَنْتَمَةُ: أُم عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، وَهِيَ بِنْتُ هاشم بن المغيرة.
حندم: الحَنْدَمُ: شَجَرٌ حُمْرُ العُروق؛ قَالَ يَصِفُ إِبلًا:
حُمْراً ورُمْكاً كعُروقِ الحَنْدَمِ
وَاحِدَتُهُ حَنْدَمَة. وحَنْدَمٌ: اسْمٌ. والحِنْدِمانُ: قَبِيلَةٌ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السيرافي.
حنذم: الْجَوْهَرِيُّ: الحِنْذِمانُ الْجَمَاعَةُ، وَيُقَالُ الطائفةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وإِنا لزَوَّارُونَ بالمِقْنَبِ العِدى،
…
إِذا حِنْذِمانُ اللُّؤْمِ طابَتْ وِطابُها
حوم: الحَوْمُ: القَطيع الضخمُ مِنَ الإِبل أَكثرُه إِلى الأَلف؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ونَعَماً حَوْماً بِهَا مُؤَبَّلا
وَقِيلَ: هِيَ الإِبل الْكَثِيرَةُ مِنْ غَيْرِ أَن يُحَدَّ عددُها. وحَوْمةُ كُلِّ شَيْءٍ: مُعْظَمُهُ كَالْبَحْرِ وَالْحَوْضِ وَالرَّمْلِ. والحَوْمةُ: أَكثر مَوْضِعٍ فِي الْبَحْرِ مَاءً وأَغْمَرُه، وَكَذَلِكَ فِي الْحَوْضِ. وحَوْمَةُ الْقِتَالِ: مُعْظَمُهُ وأَشدُّ موضعٍ فِيهِ، وَكَذَلِكَ مِنَ الرَّمْلِ وَالْمَاءِ وَغَيْرِهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرُؤْبَةَ:
حَتَّى إِذا كَرَعْنَ فِي الحَوْمِ المَهَقْ
وحَوْمةُ الْمَاءِ: غَمْرَتُهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والحَوَمانُ: دَومانُ الطَّائِرِ يُدَوِّم ويَحُومُ حَوْلَ الْمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَا وَليَ أَحدٌ إِلَّا حامَ عَلَى قَرَابَتِهِ
أَي عَطَفَ كَفِعْلِ الْحَائِمِ عَلَى الْمَاءِ، وَيُرْوَى حَامَى. وحامَ الطائرُ عَلَى الشَّيْءِ حَوْماً وحَوَماناً: دَوَّمَ. والطائرُ يَحُومُ حَوْلَ الْمَاءِ ويَلُوبُ إِذا كَانَ يَدُورُ حَوْلَهُ مِنَ الْعَطَشِ. الْجَوْهَرِيُّ: حامَ الطَّائِرُ وَغَيْرُهُ حَوْلَ الشَّيْءِ يَحُومُ حَوْماً وحَوَماناً أَي دَارَ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اللَّهُمَّ ارْحَمْ بهائمَنا الحائمةَ
؛ هِيَ الَّتِي تَحُومُ حَوْلَ الْمَاءِ أَي تَطُوفُ فَلَا تَجِدُ مَاءً تَرِدُهُ، وحامَتِ الإِبلُ حَوْلَ الْمَاءِ حَوْماً كَذَلِكَ. وكلُّ مَنْ رامَ أَمْراً فَقَدْ حامَ عليه حَوْماً وحِياماً وحُؤُوماً وحَوَماناً. والحَومُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: جَمْعُ. وكلُّ عَطْشَانَ حائمٌ. وإِبل حَوائم وحُوَّمٌ: عِطَاشٌ جِدّاً؛ الأَصمعي: الحوَّمُ مِنَ الإِبل العِطاش الَّتِي تَحومُ حَوْلَ الْمَاءِ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ عَلْقَمة بْنِ عَبدَةَ:
كأْسٌ عَزِيزٌ مِنَ الأَعْناب عَتَّقَها،
…
لبَعْضِ أَربابها، حانِيَّةٌ حُومُ
قَالَ: الحُومُ الْكَثِيرَةُ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثُومٍ الحُومُ الَّتِي تَحُومُ فِي الرأْس أَي تَدُورُ، والمُعَتَّقة: الَّتِي طَالَ مُكْثُها. وهامَةٌ حائِمةٌ: عَطْشى، وَفِي التَّهْذِيبِ: قَدْ عَطِشَ دِماغُها.