الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجزء الثاني عشر
م
حرف الميم
م: الميمُ مِنَ الحُروف الشَّفَوِيَّة وَمِنَ الحُروف المَجْهورة، وَكَانَ الْخَلِيلُ يُسَمِّي الْمِيمَ مُطْبقَة لأَنه يُطْبَقُ إِذا لُفِظَ بها.
فصل الألف
ابْرِيسِمَ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الإِبْرِيسِم، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَرْسَمَ إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أتم: الأَتْمُ مِنَ الخُرَز: أَن تُفْتَق خُرْزَتان فتَصِيرا وَاحِدَةً، والأَتُومُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي التَقى مَسْلَكاها عِنْدَ الافْتِضاض، وَهِيَ المُفْضاة، وأَصلُه أَتَمَ يأْتِمُ إِذا جَمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، وَمِنْهُ سُمِّي المَأْتَمُ لِاجْتِمَاعِ النِّسَاءِ فِيهِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَصله فِي السِّقاء تَنْفَتِق خُرْزَتان فَتَصيران وَاحِدَةً؛ وَقَالَ:
أَيا ابنَ نخّاسِيَّة أَتُومِ
وَقِيلَ الأَتُومُ الصَّغِيرَةُ الفَرْج؛ والمَأْتم كُلُّ مُجْتَمَعٍ مِنْ رِجَالٍ أَو نِسَاءٍ فِي حُزْن أَو فَرَحٍ؛ قَالَ:
حَتَّى تَراهُنَّ لَدَيْه قُيّما،
…
كَمَا تَرى حَوْلَ الأَمِير المَأْتَما
فالمَأْتَمُ هُنَا رِجالٌ لَا مَحالةَ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ النِّسَاءَ يَجْتَمِعْنَ فِي حُزْن أَو فرَح. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَقاموا عَلَيْهِ مَأْتَماً
؛ المَأْتَمُ فِي الأَصل: مُجْتَمَعُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الغَمِّ والفَرَح، ثُمَّ خصَّ بِهِ اجْتِمَاعَ النِّسَاءِ لِلْمَوْتِ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّوابُّ منهنَّ لَا غَيْرَ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: المَأْتم عِنْدَ الْعَرَبِ النِّساء يَجْتَمِعْنَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؛ وَقَالَ أَبو حَيَّة النُّمَيْرِيّ:
رِمَتْهُ أَناةٌ مِنْ رَبِيعةِ عامِرٍ،
…
نَؤُومُ الضُّحى فِي مَأْتَمٍ أَيّ مأْتَمِ
فَهَذَا لَا مَحالة مَقام فَرَح؛ وَقَالَ أَبو عطاء السِّنْدي:
عَشِيَّة قام النائحاتُ، وشُقِّقت
…
جُيوبٌ بأَيْدي مَأْتَمٍ وخُدُودُ
أَي بأَيدي نِساءٍ فَهَذَا لَا مَحالة مَقام حُزْن ونَوْح. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وخصَّ بَعْضُهُمْ بالمَأْتَم الشوابَّ مِنَ
النِّساء لَا غَيْرَ، قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي الفَرَح:
ومَأْتَمٍ كالدُّمى حُورُ مَدامِعها،
…
لَمْ تَيْأَس العَيْشَ أَبكاراً وَلَا عُونا «2»
. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْعَامَّةُ تَغْلَط فتظنُّ أَن المأْتم النَّوْح وَالنِّيَاحَةُ، وإِنما المَأْتَمُ النِّسَاءُ المجتَمِعات فِي فَرَح أَو حُزْن؛ وأَنشد بَيْتَ أَبي عَطاء السِّنْدي:
عَشِيَّة قَامَ النائحاتُ، وشُقِّقت
…
جُيوبٌ بأَيْدي مَأْتَمٍ وخُدُودُ
فَجَعَلَ المأْتم النِّسَاءَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ النِّياحة؛ قَالَ: وَكَانَ أَبو عَطَاءٍ فَصِيحًا، ثُمَّ ذَكَرَ بَيْتَ ابْنِ مُقْبِلٍ:
ومَأْتمٍ كالدُّمى حُورُ مَدامِعها،
…
لَمْ تيْأَس العَيْشَ أَبكاراً وَلَا عُونا
وَقَالَ: أَراد ونِساء كالدُّمى؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ بَيْتَ أَبي حَيَّة النُّمَيْرِيِّ:
رَمَتْهُ أَناةٌ مِنْ رَبيعةِ عامِرٍ،
…
نَؤُومُ الضُّحى فِي مَأْتَمٍ أَيّ مَأْتَمِ
يُرِيدُ فِي نِساء أَي نِساء، وَالْجَمْعُ المَآتِم، وَهُوَ عِنْدَ العامَّة المُصيبة؛ يَقُولُونَ: كُنَّا فِي مَأْتَمِ فُلَانٍ وَالصَّوَابُ أَن يُقَالَ: كُنّا فِي مَناحة فُلَانٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَا يَمْتَنِعُ أَن يقَع المَأْتَم بِمَعْنَى المَناحةِ والحزْن والنَّوْحِ والبُكاءِ لأَن النِّسَاءَ لِذَلِكَ اجْتَمَعْنَ، والحُزْن هُوَ السَّبَبُ الْجَامِعُ؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ التَّيْمِيِّ فِي مَنْصُورِ بْنِ زِياد:
والناسُ مَأْتَمُهُم عَلَيْهِ واحدٌ،
…
فِي كُلِّ دَارٍ رَنَّةٌ وزَفِيرُ
وَقَالَ زَيْدُ الْخَيْلِ:
أَفي كلِّ عامٍ مَأْتَمٌ تَبْعَثُونَه
…
عَلَى مِحْمَرٍ، ثَوَّبْتُموه وَمَا رضَا
وَقَالَ آخَرُ:
أَضْحى بَناتُ النَّبِّي، إِذْ قُتلوا،
…
فِي مَأْتَمٍ، والسِّباعُ فِي عُرُسِ «3»
. أَي هُنَّ فِي حُزْن والسِّباع فِي سُرورٍ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَما ابْنُكِ إِلا ابنٌ مِنَ النَّاسِ، فاصْبِري
…
فَلن يُرْجِع المَوْتَى حَنِينُ المَآتِمِ
فَهَذَا كُلُّهُ فِي الشَّرِّ والحُزْن، وَبَيْتُ أَبي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ فِي الْخَيْرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَن المأْتَم مشتقٌّ مِنَ الأَتْمِ فِي الخُرْزَتَيْنِ، وَمِنَ المرأَة الأَتُوم، وَالْتِقَاؤُهُمَا أَنَّ المَأْتَم النِّسَاءُ يَجْتَمِعْنَ ويَتقابلن فِي الْخَيْرِ والشرِّ. وَمَا فِي سَيْرِهِ أَتَمٌ ويَتَمٌ أَي إِبطاء. وَخَطَبَ فَمَا زَالَ عَلَى .. «4» ..... شَيْءٌ وَاحِدٌ. والأُتُم: شَجَرٌ يُشْبِهُ شَجَرَ الزيْتون يَنْبُتُ بالسَّراة فِي الْجِبِالِ، وَهُوَ عِظام لَا يُحْمَلُ، وَاحِدَتُهُ أُتُمة، قَالَ: حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ. والأَتْم: مَوْضِعٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فأَوْرَدَهُنَّ بَطْنَ الأَتْمِ، شُعْثاً،
…
يَصُنَّ المَشْيَ كالحِدَإِ التُّؤامِ
وَقِيلَ: اسْمُ وَادٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
أُكَلَّفُ، أَن تَحُلَّ بَنُو سُلَيم
…
بطونَ الأَتْمِ؛ ظُلْم عَبْقَريّ
(2). قوله [تيأس] كذا في التهذيب بمثناة تحتية
(3)
. قوله [النبي] كذا في الأَصل، والذي في شرح القاموس: السبي
(4)
. كذا بياض بالأصل المعول عليه قدر هذا
قَالَ: وَقِيلَ الأَتْمُ اسْمُ جَبَلٍ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ خُفاف بْنِ نُدْبة يَصِفُ غَيثاً:
عَلا الأَتْمَ مِنْهُ وابلٌ بَعْدَ وابِلٍ،
…
فَقَدْ أُرْهقَتْ قِيعانُه كل مُرْهَق
أثم: الإِثْمُ: الذَّنْبُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يعمَل مَا لَا يَحِلُّ لَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ
. وَقَوْلُهُ عز وجل: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً
؛ أَي مَا أُثِم فِيهِ. قَالَ الْفَارِسِيُّ: سَمَّاهُ بِالْمَصْدَرِ كَمَا جَعَلَ سِيبَوَيْهِ المَظْلِمة اسْمَ مَا أُخِذ مِنْكَ، وَقَدْ أَثِم يأْثَم؛ قَالَ:
لَوْ قُلْتَ مَا فِي قَوْمِها لَمْ تِيثَمِ
أَراد مَا فِي قَوْمِهَا أَحد يفْضُلها. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ: وَلَوْ شَهِدْتُ عَلَى الْعَاشِرِ لَمْ إِيثَم
؛ هِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ فِي آثَم، وَذَلِكَ أَنهم يَكْسِرُونَ حَرْف المُضارَعة فِي نَحْوِ نِعْلَم وتِعْلَم، فَلَمَّا كَسَرُوا الْهَمْزَةَ فِي إِأْثَم انْقَلَبَتِ الْهَمْزَةُ الأَصلية يَاءً. وتأَثَّم الرَّجُلُ: تابَ مِنَ الإِثْم وَاسْتَغْفَرَ مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى السَّلْب كأَنه سَلَب ذَاتَهُ الإِثْم بالتوْبة وَالِاسْتِغْفَارِ أَو رامَ ذَلِكَ بِهِمَا. وَفِي حَدِيثِ
مُعاذ: فأَخْبر بِهَا عِنْدَ موتِه تَأَثُّماً
أَي تَجَنُّباً للإِثْم؛ يُقَالُ: تأَثَّم فلانٌ إِذا فَعَل فِعْلًا خرَج بِهِ مِنَ الإِثْم، كَمَا يُقَالُ تَحَرَّج إِذا فَعَلَ مَا يخرُج بِهِ عَنِ الحَرج؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: مَا عَلِمْنا أَحداً مِنْهُمْ تَرك الصَّلَاةَ عَلَى أَحدٍ مِنْ أَهْل القِبْلة تأَثُّماً
، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: كَانُوا إِذا قامَرُوا فَقَمَروا أَطْعَمُوا مِنْهُ وتصدَّقوا، فالإِطعام والصّدَقة مَنْفَعَة، والإِثْم القِمارُ، وَهُوَ أَن يُهْلِك الرجلُ ويذهِب مالَه، وَجَمْعُ الإِثْم آثامٌ، لَا يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذلك. وأَثِم فُلَانٌ، بِالْكَسْرِ، يأْثَم إثْماً ومَأْثَماً أَي وَقَعَ فِي الإِثْم، فَهُوَ آثِم وأَثِيمٌ وأَثُومٌ أَيضاً. وأَثَمَه اللَّهُ فِي كَذَا يَأْثُمُه ويأْثِمُه أَي عدَّه عَلَيْهِ إِثْماً، فَهُوَ مَأْثُومٌ. ابْنُ سِيدَهْ: أَثَمَه اللَّهُ يَأْثُمُه عاقَبَه بالإِثْم؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَثَمَه اللَّهُ يَأْثِمُه إِثْماً وأَثاماً إِذا جَازَاهُ جَزَاءَ الإِثْم، فَالْعَبْدُ مأْثومٌ أَي مَجْزِيٌّ جَزَاءَ إثْمه، وأَنشد الْفَرَّاءُ لنُصيب الأَسود؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَيْسَ بنُصيب الأَسود المَرواني وَلَا بنُصيب الأَبيض الْهَاشِمِيِّ:
وهَلْ يَأْثِمَنِّي اللهُ فِي أَن ذَكَرْتُها،
…
وعَلَّلْتُ أَصحابي بِهَا لَيْلة النفْرِ؟
ورأَيت هُنَا حَاشِيَةً صورتُها: لَمْ يقُل ابْنُ السِّيرافي إِن الشِّعْر لنُصيب الْمَرْوَانِيِّ، وإِنما الشِّعْرُ لنُصيب بن رياح الأَسود الحُبَكي، مَوْلَى بَنِي الحُبَيك بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ ابن كِنانة، يَعْنِي هَلْ يَجْزِيَنّي اللَّهُ جَزَاءَ إِثْمِي بأَن ذَكَرْتُ هَذِهِ المرأَة فِي غِنائي، وَيُرْوَى بِكَسْرِ الثَّاءِ وَضَمِّهَا، وَقَالَ فِي الْحَاشِيَةِ الْمَذْكُورَةِ: قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ السِّيرَافِيُّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يغلَط فِي هَذَا الْبَيْتِ، يَرْوِيهِ النَّفَرْ، بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: هَذَا الْبَيْتُ مِنَ الْقَصِيدِ الَّتِي فِيهَا:
أَما وَالَّذِي نادَى مِنَ الطُّور عَبْدَه،
…
وعَلَّم آياتِ الذَّبائح والنَّحْر
لَقَدْ زَادَنِي للجَفْر حُبًّا وأَهِله،
…
ليالٍ أَقامَتْهُنَّ لَيْلى عَلَى الجَفْر
وَهَلْ يَأْثِمَنِّي اللهُ فِي أَن ذَكَرْتُها،
…
وعَلَّلْتُ أَصحابي بِهَا لَيْلَةَ النَّفْر؟
وطيَّرْت مَا بِي مِنْ نُعاسٍ وَمِنْ كَرىً،
…
وَمَا بالمَطايا مِنْ كَلال وَمِنْ فَتْرِ
والأَثامُ: جَزاء الإِثْم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَلْقَ أَثاماً
، أَراد مُجازاة الأَثام يَعْنِي الْعُقُوبَةَ. والأَثامُ والإِثامُ: عُقوبة الإِثمِ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ. وسأَل مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ يُونُسَ عَنْ قَوْلِهِ عز وجل: يَلْقَ أَثاماً
، قَالَ: عُقوبةً؛ وأَنشد قَوْلَ بِشْرٍ:
وَكَانَ مقامُنا نَدْعُو عَلَيْهِمْ،
…
بأَبْطَح ذِي المَجازِ لَهُ أَثامُ
قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: تأْويلُ الأَثامِ المُجازاةُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: لَقِي فُلَانٌ أَثامَ ذَلِكَ أَي جَزاء ذَلِكَ، فإِنَّ الْخَلِيلَ وَسِيبَوَيْهِ يَذْهَبَانِ إِلى أَن مَعْنَاهُ يَلْقَ جَزاء الأَثامِ؛ وَقَوْلُ شَافِعٍ اللَّيْثِيِّ فِي ذَلِكَ:
جَزى اللهُ ابنَ عُرْوةَ حَيْثُ أَمْسَى
…
عَقُوقاً، والعُقوقُ لَهُ أَثامُ
أَي عُقوبة مُجازاة العُقُوق، وَهِيَ قَطِيعَةُ الرَّحِم. وَقَالَ اللَّيْثُ: الأَثامُ فِي جُمْلَةِ التَّفْسِيرِ عُقوبة الإِثمِ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى، يَلْقَ أَثاماً
، قِيلَ: هُوَ وادٍ فِي جَهَنَّمَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَن مَعْنَاهُ يَلْقَ عِقابَ الأَثام. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن عَضَّ عَلَى شِبذِعِه سَلِمَ مِنَ الأَثام
؛ الأَثامُ، بِالْفَتْحِ: الإِثمُ. يُقَالُ: أَثِمَ يَأْثَم أَثاماً، وَقِيلَ: هُوَ جَزاء الإِثمِ، وشِبْذِعُه لِسَانُهُ. وآثَمه، بِالْمَدِّ: أَوقعه فِي الإِثمِ؛ عَنِ الزجَّاج؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
بَلْ قُلْت بَعْض القَوْمِ غَيْرُ مُؤْثِمِ
وأَثَّمه، بِالتَّشْدِيدِ: قَالَ لَهُ أَثِمْت. وتأَثَّم: تحَرَّجَ مِنَ الإِثمِ وكَفَّ عَنْهُ، وَهُوَ عَلَى السَّلْب، كَمَا أَن تَحَرَّجَ عَلَى السّلْب أَيضاً؛ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ:
تَجَنَّبْت هِجْرانَ الحَبيب تأَثُّماً،
…
إِلا إِنَّ هِجْرانَ الحَبيب هُوَ الإِثمُ
وَرَجُلٌ أَثَّامٌ مِنْ قَوْمٍ آثِمِينَ، وأَثِيمٌ مِنْ قَوْمٍ أُثَماء. وَقَوْلُهُ عز وجل: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الأَثِيمُ الْفَاجِرُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: عُنِيَ بِهِ هُنَا أَبو جَهْلِ بْنُ هِشام، وأَثُومٌ مِنْ قوْم أُثُمٍ؛ التَّهْذِيبُ: الأَثِيمُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَعْنَى الآثِم. يُقَالُ: آثَمَهُ اللهُ يُؤْثمه، عَلَى أَفْعَله، أَي جَعَلَهُ آثِماً وأَلفاه آثِماً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه: أَنه كَانَ يُلَقِّنُ رَجُلًا إِنَّ شَجرةَ الزَّقُّومِ طَعام الأَثِيم
، وَهُوَ فَعِيل مِنَ الإِثم. والمَأْثَم: الأَثامُ، وَجَمْعُهُ المَآثِم. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْهُ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ والمَغْرَمِ
؛ المَأْثَمُ: الأَمرُ الَّذِي يَأْثَمُ بِهِ الإِنسان أَو هُوَ الإِثْمُ نفسهُ، وَضْعاً لِلْمَصْدَرِ مَوْضِعَ الِاسْمِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ
، يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَصْدَرَ أَثِمَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَسمع بِهِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ اسْمًا كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي التَّنْبيت والتَّمْتين؛ وَقَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
فَلَا لَغْوٌ وَلَا تأْثيمَ فِيهَا،
…
وَمَا فاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ
والإِثمُ عِنْدَ بَعْضِهِمُ: الْخَمْرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
شَرِبْتُ الإِثْمَ حَتَّى ضَلَّ عَقْلي،
…
كذاكَ الإِثمُ تَذْهَبُ بالعُقولِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه إِنما سمَّاها إِثْماً لأَن
شُرْبها إِثْم، قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ فِي مَجْلِسِ أَبي الْعَبَّاسِ:
نَشْرَبُ الإِثمَ بالصُّواعِ جِهارا،
…
وتَرى المِسْكَ بَيْنَنَا مُسْتَعارا
أَي نَتَعاوَره بأَيدينا نشتمُّه، قَالَ: والصُّواعُ الطِّرْجِهالةُ، وَيُقَالُ: هُوَ المَكُّوكُ الفارسيُّ الَّذِي يَلْتَقِي طَرفاه، وَيُقَالُ: هُوَ إِناء كَانَ يشرَب فِيهِ الملِك. قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَلَيْسَ الإِثمُ مِنْ أَسماء الْخَمْرِ بِمَعْرُوفٍ، وَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ ثَبَتٌ صَحِيحٌ. وأَثِمَتِ النَّاقَةُ الْمَشْيَ تأْثَمُه إِثْماً: أَبطأَت؛ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الأَعشى:
جُمالِيَّة تَغْتَلي بالرِّداف،
…
إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجِيرَا
يُقَالُ: نَاقَةٌ آثِمَةٌ وَنُوقٌ آثِماتٌ أَي مُبْطِئات. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ كَذِبَ هَاهُنَا خَفِيفَةُ الذَّالِ، قَالَ: وَحَقُّهَا أَن تَكُونَ مُشَدَّدَةً، قَالَ: وَلَمْ تَجِئْ مُخَفَّفَةً إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ، قَالَ: والآثِمات اللَّاتِي يُظنُّ أَنهنَّ يَقْوَيْن عَلَى الهَواجِر، فإِذا أَخْلَفْنه فكأَنهنَّ أَثِمْنَ.
أجم: أَجَمَ الطعامَ واللَّبنَ وغيرَهما يَأْجِمُه أَجْماً وأَجِمَهُ أَجَماً: كَرِهَه ومَلَّه مِنَ المُداومةِ عَلَيْهِ، وَقَدْ آجَمَهُ. الكسائي وأَبو زَيْدٍ: إِذا كَرِه الطعامَ فَهُوَ آجِمٌ، عَلَى فَاعِلٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ عَلَى فَعِل فَقَالَ: أَجِمَ يَأْجَم فَهُوَ أَجِمٌ، وسَنِقَ فَهُوَ سَنِقٌ. اللَّيْثُ: أَكلْتُه حَتَّى أَجِمْتُه. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: قَالَ لَهُ عَمْرو بْنُ مَسْعُودٍ، رضي الله عنهما: مَا تَسْأَل عَمَّنْ سُحِلَتْ مَرِيرَتُه.
وأَجِمَ النساءَ أَي كَرِهَهُنَّ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرُؤْبَةَ فَقَالَ:
جادَتْ بمَطْحونٍ لَهَا لَا تَأْجِمُهْ،
…
تَطْبُخُه ضُروعُها وتَأْدِمُهْ،
يَمْسُد أَعْلى لَحْمِه ويَأْدِمُه
يَصِفُ إِبلًا جادتْ لَهَا المَراعي باللبَن الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلَى الطَّحْن كَمَا يُطْحنُ الحبُّ، وَلَيْسَ اللبَن مِمَّا يَحتاج إِلى الطَّحْن بَلِ الضُّرُوعُ طَبَخَتْه، وَيُرِيدُ بِتَأْدِمُه تُخْلَطُ بأُدْمٍ، وعَنى بالأُدْم مَا فِيهِ مِنَ الدَّسَم، يُرِيدُ أَن اللبَن يَشُدُّ لَحْمُهُ، وَمَعْنَى يأْدمه يشدُّه ويُقَوّيه؛ يُقَالُ: حَبْل مَأْدُومٌ إِذا أُحكم فَتْلُه، يُرِيدُ أَن شرْب اللبَن قَدْ شدَّ لَحْمَهُ ووثَّقَه؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
خَمِيص البَطْن قَدْ أَجِمَ الْحَسَارَا «1»
. أَي كَرِهَه، وتَأَجَّمَ النهارُ تَأَجُّماً: اشتدَّ حَرُّه. وتَأَجَّمَت النَّارُ: ذَكَتْ مِثَالُ تأَجَّجَتْ، وإِن لَهَا لأَجيماً وأَجيجاً؛ قَالَ عُبَيْدُ بْنُ أَيوب العَنْبري:
ويَوْمٍ كتَنُّورِ الإِماء سَجَرْنَهُ،
…
حَمَلْنَ عَلَيْهِ الجِذْل حَتَّى تَأَجّما
رَمَيْت بنفْسي فِي أَجِيج سَمُومِه،
…
وبالعَنْسِ حَتَّى جَاشَ مَنْسِمُها دَما
وَيُقَالُ مِنْهُ: أَجِّمْ نَارَكَ. وتأَجَّمَ عَلَيْهِ: غَضِب مِنْ ذَلِكَ. وَفُلَانٌ يَتأَجَّم عَلَى فُلَانٍ: يَتَأَطَّمُ إِذا اشتَدَّ غضبهُ عَلَيْهِ وتَلَهَّف. وأَجَمَ الماءُ: تَغَيَّرَ كأَجَنَ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن ميمَها بدَلٌ مِنَ النُّونِ؛ وأَنشد لِعَوْفِ بْنِ الخَرِع:
وتَشْرَبُ أَسْآرَ الحِياض تَسوفُهُ،
…
وَلَوْ وَرَدَتْ ماءَ المُرَيْرةِ آجِما «2» .
(1). قوله [الحسارا] كذا في النسخ بحاء مهملة، والحسار، بالفتح: عُشْبَةٌ خَضْرَاءُ تُسَطَّحُ عَلَى الأَرض وَتَأْكُلُهَا الْمَاشِيَةُ أَكْلًا شديداً كما تقدم في مادة حسر
(2)
. قوله [تسوفه] كذا في الأَصل هنا، وفي مادة مرر وفي التكلمة والتهذيب: تسوفها
هَكَذَا أَنشده بِالْمِيمِ. الأَصمعي: ماءٌ آجِنٌ وآجِمٌ إِذا كَانَ متغيِّراً، وأَراد ابنُ الخَرِع آجِناً، وَقِيلَ: آجِمٌ بِمَعْنَى مَأْجومٍ أَي تَأْجِمُه وتَكْرَهه. وَيُقَالُ: أَجَمْت الشَّيْءَ إِذا لَمْ يُوافِقْك فكَرِهته. والأُجُمُ: حِصْن بَناه أَهلُ الْمَدِينَةِ مِنْ حِجَارَةٍ. ابْنُ سِيدَهْ: الأُجُمُ الحِصْن، وَالْجَمْعُ آجامٌ. والأُجْمُ، بِسُكُونِ الْجِيمِ: كُلُّ بَيْتٍ مُرَبَّع مُسَطَّح؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ قَالَ: كلُّ بَيْتٍ مربَّع مُسَطَّح أُجُم؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وتَيْماءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَةٍ
…
وَلَا أُجُماً إِلّا مَشِيداً بِجَنْدلِ «1»
. قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي هُوَ يخفَّف ويثقَّل، قَالَ: وَالْجَمْعُ آجامٌ مِثْلُ عُنُق وأَعْناق. والأَجَمُ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ قُرْب الفَراديس. التَّهْذِيبُ: الأَجَمَة مَنْبت الشَّجَرِ كالغَيْضة وَهِيَ الْآجَامُ. والأُجُمُ: القَصْر بِلُغَةِ أَهل الْحِجَازِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى تَوارَتْ بآجامِ الْمَدِينَةِ
أَي حُصونها، وَاحِدُهَا أُجُم، بِضَمَّتَيْنِ. ابْنُ سِيدَهْ. والأَجَمَة الشَّجَرُ الْكَثِيرُ الملتفُّ، وَالْجَمْعُ أُجْمٌ وأُجُمٌ وأُجَمٌ وآجامٌ وإِجامٌ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ الْآجَامُ والإِجامُ جَمْعَ أَجَمٍ، وَنَصَّ اللِّحْيَانِيُّ عَلَى أَن آجَامًا جَمْعُ أَجَمٍ. وتأَجّم الأَسدُ: دخَل فِي أَجَمَتِه؛ قَالَ:
مَحَلًّا، كَوعْساءِ القَنافِذِ ضارِباً
…
بِهِ كَنَفاً، كالمُخْدِرِ المُتَأَجِّمِ
الْجَوْهَرِيُّ: الأَجَمَةُ مِنَ القَصَب، وَالْجَمْعُ أَجَماتٌ وأُجَمٌ وإِجامٌ وآجامٌ وأُجُمٌ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ «2» . فِي أَكَم إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أدم: الأُدْمةُ: القَرابةُ والوَسيلةُ إِلى الشَّيْءِ. يُقَالُ: فُلَانٌ أُدْمَتي إِليك أَي وَسيلَتي. وَيُقَالُ: بَيْنَهُمَا أُدْمةٌ ومُلْحة أَي خُلْطةٌ، وَقِيلَ: الأُدْمة الخُلْطة، وَقِيلَ: المُوافَقةُ. والأُدْمُ: الأُلْفَةُ والاتِّفاق؛ وأَدَمَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ يَأْدِمُ أَدْماً. وَيُقَالُ: آدَم بَيْنَهُمَا يُؤْدِمُ إِيداماً أَيضاً، فَعَل وأَفْعَل بِمَعْنًى؛ وأَنشد:
والبِيضُ لَا يُؤْدِمْنَ إِلَّا مُؤْدَما
أَي لَا يُحْبِبْنَ إِلَّا مُحَبَّباً موضِعاً «3» . وأَدَمَ: لأَمَ وأَصْلَح وأَلَّفَ ووفَّق وَكَذَلِكَ آدَمَ يُؤْدِمُ، بِالْمَدِّ، وَكُلُّ مُوافِقٍ إِدامٌ؛ قَالَتْ غَادِيَةُ الدُّبَيْرِيَّة:
كَانُوا لِمَنْ خالَطَهُمْ إِداما
وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَنه قَالَ لِلْمُغِيرَةَ بْنِ شُعبة وخَطَبَ امرأَة لَوْ نَظَرْت إِليها فإِنه أَحْرى أَن يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُؤدَم بَيْنَكُمَا يَعْنِي أَن تَكُونَ بَيْنَهُمَا المحبَّة والاتِّفاق؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا أَرى الأَصل فِيهِ إِلا مِنْ أَدْمِ الطَّعَامِ لأَن صَلاحَه وطِيبَه إِنما يَكُونُ بالإِدامِ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ طَعَامٌ مَأْدُومٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وإِدامُ اسْمُ امرأَة مِنْ ذَلِكَ؛ وأَنشد:
أَلا ظَعَنَتْ لِطِيَّتِها إِدامُ،
…
وكلُّ وِصالِ غانِيةٍ زِمامُ «4»
. وأَدَمَهُ بأَهْلهِ أَدْماً: خَلَطه. وَفُلَانٌ أَدْمُ أَهْلِه وأَدْمَتُهم أَي أُسْوَتُهم، وبه يُعْرَفون. وأَدَمَهم
(1). في معلَّقة إمرئ القيس: ولا أُطُماً بدل أُجماً
(2)
. قوله [كما سنذكره إلخ] عبارة الجوهري: كما قلناه في الأكمة
(3)
. قوله [إلا محبباً موضعاً] الذي في التهذيب: إلا محبباً موضعاً لذلك
(4)
. قوله [زمام] كذا في الأصل، وشرح القاموس بالزاي، ولعله بالراء
يَأْدُمُهم أَدْماً: كَانَ لَهُمْ أَدَمَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. التَّهْذِيبُ: فُلَانٌ أَدَمَةُ بَنِي فُلَانٍ، وَقَدْ أَدَمَهم يَأْدُمُهم وهو الَّذِي عَرّفهم النَّاسَ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ جعلتُ فُلَانًا أَدَمَةَ أَهلي أَي أُسْوَتَهُم. والإِدامُ: مَعْرُوفٌ مَا يُؤْتَدَمُ بِهِ مَعَ الْخُبْزِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نِعْمَ الإِدام الخَلُ
؛ الإِدام، بِالْكَسْرِ، والأُدْمُ، بِالضَّمِّ: مَا يُؤْكَلُ بِالْخُبْزِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَيِّدُ إِدامِ أَهْل الدُّنيا وَالْآخِرَةِ اللحمُ
؛ جَعَلَ اللَّحْمَ أُدْماً وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ لَا يَجْعَلُهُ أُدْماً وَيَقُولُ: لَوْ حَلَفَ أَن لَا يَأْتَدِمَ ثُمَّ أَكل لَحْماً لَمْ يحنَث، وَالْجَمْعُ آدِمةٌ وَجَمْعُ الأُدْمِ آدامٌ، وَقَدِ ائتَدَمَ بِهِ. وأَدَمَ الْخُبْزَ يَأْدِمُه، بِالْكَسْرِ، أَدْماً: خَلَطَهُ بالأُدْم، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَدَمَ الخبزَ بِاللَّحْمِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
إِذا مَا الخُبْزُ تَأْدِمُه بلَحْمٍ،
…
فَذَاكَ أَمانَة اللَّهِ الثَّريدُ
وَقَالَ آخَرُ:
تَطْبُخه ضُروعُها وتَأْدِمُهْ
قَالَ: وَشَاهِدُ الإِدامِ قولُ الشَّاعِرِ:
الأَبْيَضانِ أَبْرَدا عِظامِي:
…
الماءُ والفَثُّ بِلَا إِدامِ
وَفِي حَدِيثِ
أُمّ مَعْبَد: أَنا رأَيت الشاةَ وإِنها لَتأْدُمُها وتَأْدُم صِرْمَتها
«1» . وَفِي حَدِيثِ
أَنس: وعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْم عُكَّةً لَهَا فأَدَمَتْه
أَي خَلَطته وَجَعَلَتْ فِيهِ إِداماً يؤْكل، يُقَالُ فِيهِ بالمَدّ والقَصْر، وَرُوِيَ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ عَلَى التَّكْثِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بِقَوْمٍ فَقَالَ: إِنَّكم تَأْتَدِمون عَلَى أَصحابكم فأَصْلِحوا رِحالَكم حَتَّى تَكُونُوا شامَةً فِي النَّاسِ
، أَي إِنَّ لَكُمْ مِنَ الغِنى مَا يُصْلِحكم كالإِدامِ الَّذِي يُصلِح الخُبز، فإِذا أَصلَحتم حَالَكُمْ كنْتُم فِي النَّاسِ كالشَّامة فِي الجسَد تَظْهرون للناظِرين؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْغَرِيبِ مَرْوِيّاً مَشْروحاً، وَالْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَةِ:
إِنكم قادِمون عَلَى أَصحابكم فأَصْلِحوا رِحالَكم
، قَالَ: وَالظَّاهِرُ، وَاللَّهُ أَعلم، أَنه سَهْوٌ. وَفِي حَدِيثِ
خَدِيجَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: فَوَاللَّهِ إِنك لتَكْسِبُ المَعْدُوم وتُطْعِم المأْدوم.
وَقَوْلُ امرأَة دُرَيد بْنِ الصِّمَّة حِينَ طلَّقها: أَبا فُلَانٍ، أَتُطَلِّقُني؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَبْثَثْتَك مَكْتُومي، وأَطْعَمْتُك مَأْدُومي، وجئتُك باهِلًا غَيْرَ ذَاتِ صِرارٍ
؛ إِنما عَنَت بالمَأْدُومِ الخُلُق الحسَن، وأَرادت أَنها لَمْ تَمْنَع مِنْهُ شَيْئًا كَالنَّاقَةِ الباهِلة الَّتِي لَمْ تُصَرَّ ويأْخُذ لبنَها مَن شَاءَ. وأَدَمَ القومَ: أَدَمَ لَهُمْ خُبْزَهم؛ أَنشد يَعْقُوبُ فِي صِفَةِ كِلَابِ الصَّيْدِ:
فَهِيَ تُباري كلَّ سارٍ سَوْهَقِ،
…
وتُؤْدِمُ الْقَوْمَ إِذا لَمْ تُغْبقِ «2»
. وَقَوْلُهُمْ: سَمْنُهم فِي أَديمهم، يَعْنِي طَعامَهم المَأْدُوم أَي خُبزهم رَاجِعٌ فِيهِمْ. التَّهْذِيبُ: مِنْ أَمثالهم: سَمْنُكم هُرِيقَ فِي أَدِيمِكم أَي فِي مَأْدُومِكم، وَيُقَالُ: فِي سِقائكم. والأَدِيمُ: الجِلْد مَا كَانَ، وَقِيلَ: الأَحْمَر، وَقِيلَ: هُوَ المَدْبوغُ، وَقِيلَ: هُوَ بَعْدَ الأَفيق، وَذَلِكَ إِذا تَمَّ واحْمَرَّ، وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ لِلْحَرْبِ فقال أَنشده
(1). قوله [وَإِنَّهَا لَتَأْدُمُهَا وَتَأْدُمُ صِرْمَتَهَا] ضبط في الأصل والنهاية بضم الدال
(2)
. قوله [فهي تباري إلخ] هكذا في الأصل هنا، وتقدم في مادة سهق على غير هذا الوجه وأتى بمشطورين بين هذين المشطورين
بعضهم للحرث بْنِ وَعْلة:
وإِيَّاك والحَرْبَ الَّتِي لَا أَدِيمها
…
صحيحٌ، وَقَدْ تُعْدَى الصِّحاحُ عَلَى السُّقْمِ
إِنما أَراد لَا أَدِيمَ لَهَا، وأَراد عَلَى ذَوات السُّقْم، وَالْجَمْعُ آدِمَةٌ وأُدُمٌ، بِضَمَّتَيْنِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَنْ قَالَ رُسْل فسكَّنَ قَالَ أُدْمٌ، هَذَا مُطَّرِدٌ، والأَدَمُ، بِنَصْبِ الدَّالِ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مِثْلُ أَفِيقٍ وأَفَقٍ. والآدامُ: جَمْعَ أَدِيمٍ كَيَتيمٍ وأَيْتام، وإِن كَانَ هَذَا فِي الصِّفَةِ أَكثر، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جمع أَدَمٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذا جَعَلْت الدَّلْوَ فِي خِطامِها
…
حَمْراءَ مِنْ مكَّة، أَو حَرَامِها،
أَو بَعْضِ مَا يُبْتاع مِنْ آدامِها
والأَدَمَةُ: باطنُ الجلْد الَّذِي يَلي اللحم والبَشَرةُ ظاهرها، وَقِيلَ: ظاهرهُ الَّذِي عَلَيْهِ الشعَر وَبَاطِنُهُ البَشَرة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الأَدَم جَمْعًا لِهَذَا بَلْ هُوَ الْقِيَاسُ، إِلَّا أَن سِيبَوَيْهِ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْجَمْعِ ونَظَّره بأَفَيقٍ وَأَفَقٍ، وَهُوَ الأَدِيمُ أَيضاً. الأَصمعي: يُقَالُ لِلْجِلْدِ إِهابٌ، وَالْجَمْعُ أُهُبٌ وأَهَبٌ، مُؤَنَّثَةٌ، فأَما الأَدَمُ والأَفَقُ فمذكَّران إِلّا أَن يقْصد قَصْد الجلودِ والآدِمَة فَتَقُولَ: هِيَ الأَدَمُ والأَفَقُ. وَيُقَالُ: أَدِيمٌ وآدِمَةٌ فِي الْجَمْعِ الأَقلّ، عَلَى أَفعِلة. يُقَالُ: ثَلَاثَةُ آدِمةٌ وأَربعة آدِمةٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: قَالَ لِرَجُلٍ مَا مالُكَ؟ فَقَالَ: أَقْرُنٌ وآدِمةٌ فِي المَنِيئةِ
؛ الآدِمةُ، بِالْمَدِّ: جَمْعُ أَديم مِثْلُ رَغِيف وأَرْغِفة، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ فِي جَمْعِهِ أُدَم، والمَنِيئةُ، بِالْهَمْزِ: الدِّباغ. وآدَمَ الأَدِيمَ: أَظهر أَدَمَتَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ: «1»
فِي صَلَبٍ مِثْلِ العِنانِ المُؤْدَمِ
وأَدِيمُ كُلِّ شَيْءٍ: ظاهِرُ جلْدِه. وأَدَمَةُ الأَرض: وجهُها؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا سُمِّيَ وجْهُ الأَرض أَديماً؛ قَالَ الأَعشى:
يَوْماً تَراها كَشِبْه أَرْدِية
…
العَصْب، وَيَوْمًا أَدِيمُها نَغِلا
وَرَجُلٌ مُؤْدَمٌ أَي مَحْبوب. وَرَجُلٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ: حاذقٌ مُجَرَّب قَدْ جَمَعَ لِيناً وشدَّةً مَعَ الْمَعْرِفَةِ بالأُمور، وأَصلُه مِنْ أَدَمَةِ الْجِلْدِ وبَشَرَته، فالبَشرةُ ظاهِرهُ وَهُوَ مَنْبتُ الشعَر. والأَدَمةُ: باطِنُه، وَهُوَ الَّذِي يَلي اللَّحْم، فَالَّذِي يُرَادُ مِنْهُ أَنه قَدْ جَمع لينَ الأَدَمةِ وخُشونَة البَشرة وجرَّب الأُمورَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ كَرِيمُ الجلْدِ غلِيظُه جَيِّده؛ وَقَالَ الأَصمعي: فُلَانٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ أَي هُوَ جَامِعٌ يصلُح للشدَّة والرَّخاء، وَفِي الْمَثَلِ: إِنما يُعاتَبُ الأَدِيمُ ذُو البَشرةِ أَي يُعادُ فِي الدِّباغِ، وَمَعْنَاهُ إِنما يُعاتَب مَنْ يُرْجَى وَفِيهِ مُسْكةٌ وقُوَّةٌ ويُراجَع مَن فِيهِ مُراجَعٌ. وَيُقَالُ: بَشَرْتُه وأَدَمْتُه ومَشَنْتُه أَي قَشَرْته، والأَدِيمُ إِذا نَغِلَتْ بَشَرَته فَقَدْ بَطَل. وَيُقَالُ: آدَمْتُ الْجِلْدَ بَشَرْتُ أَدَمَتَهُ. وامرأَة مُؤدَمَةٌ مُبْشَرَةٌ: إِذا حَسُنَ مَنْظَرُها وصحَّ مَخْبَرُها. وَفِي حَدِيثِ
نَجبَة: ابنتُك المُؤْدَمَة المُبْشَرة.
يُقال لِلرَّجُلِ الْكَامِلِ: إِنه لَمُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، أَي جَمَعَ لينَ الأَدَمةِ ونُعُومَتَها، وَهِيَ بَاطِنُ الجِلْد، وشدَّة الْبَشَرَةِ
(1). قوله [قال العجاج] عبارة الجوهري في صلب: والصلب، بالتحريك، لغة في الصلب من الظهر، قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ امْرَأَةً:
رَيَّا الْعِظَامِ فَخْمَةُ الْمُخَدَّمِ
…
فِي صَلَبٍ مِثْلِ العِنانِ المُؤْدَمِ
وخُشونَتها، وَهِيَ ظَاهِرُهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يُقَالُ رَجُلٌ مُبْشَرٌ مُؤْدَمٌ وامرأَة مُبْشَرة مُؤْدَمَةٌ فيُقدِّمون المُبْشَر عَلَى المؤدَم، قَالَ: والأَول أَعرف أَعني تَقْدِيمَ المُؤْدَمِ عَلَى المُبْشَر. وَقِيلَ: الأَدَمةُ مَا ظَهَرَ مِنْ جِلْدَةِ الرأْس. وأَدَمَةُ الأَرض: باطِنُها، وأَدِيُمها، وَجْهُها، وأَدِيمُ اللَّيْلِ: ظُلْمَتُهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
قَدْ أَغْتَدِي والليلُ فِي جَرِيمِه،
…
والصُّبْحُ قَدْ نَشَّمَ فِي أَدِيمهِ
وأَدِيمُ النَّهَارِ: بَياضُه. حَكَى ابْنُ الأَعرابي: مَا رأَيته فِي أَدِيمِ نَهارٍ وَلَا سَوادِ لَيْلٍ، وَقِيلَ: أَدِيمُ النَّهَارِ عامَّته. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: جئتُك أديمَ الضُّحي أَي عِنْدَ ارْتِفَاعِ الضُّحى. وأَديمُ السَّمَاءِ: مَا ظهَر مِنْهَا. وَفُلَانٌ بَرِيءُ الأَدِيمِ مِمَّا يُلْطخ بِهِ. والأُدْمَةُ: السُّمرةُ. والآدَمُ مِنَ النَّاسِ: الأَسْمَرُ. ابْنُ سِيدَهْ: الأُدْمةُ فِي الإِبل لَوْنٌ مُشْرَب سَواداً أَو بَيَاضًا، وَقِيلَ: هُوَ البياضُ الواضِحُ، وَقِيلَ: فِي الظِّباء لَوْنٌ مُشْرَبٌ بَيَاضًا وَفِي الإِنسان السُّمرة. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأُدْمةُ البياضُ، وَقَدْ أَدِمَ وأَدُمَ، فَهُوَ آدمُ، وَالْجَمْعُ أُدْمٌ، كسَّروه عَلَى فُعْل كَمَا كسَّروا فَعُولًا عَلَى فُعُل، نَحْوَ صَبور وصُبُرٍ، لأَن أَفْعَل مِنَ الثَّلَاثَةِ «2» . وَفِيهِ كَمَا أَن فَعُولًا فِيهِ زِيَادَةٌ وَعِدَّةُ حُروفه كعِدَّة حُروف فَعُول، إِلَّا أَنهم لَا يثقِّلون الْعَيْنَ فِي جَمْعِ أَفْعَل إِلَّا أَن يُضطَرَّ شَاعِرٌ، وَقَدْ قَالُوا فِي جَمْعِهِ أُدْمانٌ، والأُنثى أَدْماءُ وَجَمْعُهَا أُدْمٌ، وَلَا يُجْمَعُ عَلَى فُعْلان؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
والجِيدُ، مِنْ أُدْمانَةٍ، عَتُودُ
عِيبَ عَلَيْهِ فَقِيلَ: إِنما يُقَالُ هِيَ أَدْماءُ، والأُدْمان جَمْعٌ كأَحْمَر وحُمْران، وأَنت لَا تَقُولُ حُمْرانة وَلَا صُفْرانة، وَكَانَ أَبو عَلِيٍّ يَقُولُ: بُنيَ مِنْ هَذَا الأَصل فُعْلانة كخُمْصانة. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قُرَيْش الإِبلِ أُدْمُها وصُهْبَتُها، يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلى تَفْضِيلِهَا عَلَى سَائِرِ الإِبلِ، وَقَدْ أَوضحوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: خَيرُ الإِبل صُهْبُها وحُمْرُها، فَجَعَلُوهُمَا خيرَ أَنواع الإِبل، كَمَا أَنّ قُرَيْشاً خيرُ النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لمَّا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِن كنتَ تُريد النِّسَاءَ البيضَ والنُّوقَ الأُدْمَ فعَلَيْكَ بِبَنِي مُدْلِجٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأُدْم جَمْعُ آدَمَ كأَحْمَر وحُمْر. والأُدْمة فِي الإِبل: الْبَيَاضُ مَعَ سَوَادِ المُقْلَتَيْن، قَالَ: وَهِيَ فِي النَّاسِ السُّمرة الشَّدِيدَةُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أُدْمة الأَرض، وَهُوَ لَوْنُها، قَالَ: وَبِهِ سُمِّي آدَمُ أَبو البَشَر، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. اللَّيْثُ: والأُدْمةُ فِي النَّاسِ شُرْبةٌ مِنْ سَواد، وَفِي الإِبِل والظِّباء بَياض. يُقَالُ: ظَبْيَة أَدْماء، قَالَ: وَلَمْ أَسمع أَحداً يَقُولُ للذُّكور مِنَ الظِّباء أُدْمٌ، قَالَ: وَإِنْ قِيلَ كَانَ قِيَاسًا. وَقَالَ الأَصمعي: الآدَمُ مِنَ الإِبل الأَبْيض، فإِن خَالَطَتْهُ حُمْرة فَهُوَ أَصْهب، فإِن خالَطَتِ الحُمْرة صَفاءً فَهُوَ مُدَمًّى. قَالَ: والأُدْمُ مِنَ الظِّباء بيضٌ تَعْلوهُنّ جُدَدٌ فيهنَّ غُبْرة، فإِن كَانَتْ خَالِصَةَ البَياض فَهِيَ الآرامُ. وَرَوَى
الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ أَحمد بْنِ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ قَالَ: كُنّا نأْلَف مجلِس أَبي أَيوب بْنِ أُخت الْوَزِيرِ فَقَالَ لَنَا يَوْمًا، وَكَانَ ابنُ السِّكِّيتِ حَاضِرًا: مَا تَقولْ فِي الأُدْمِ مِنَ الظِّباء؟ فَقَالَ: هِيَ البيضُ البُطون السُّمْر الظُّهور يَفْصِل بَيْنَ لَوْنِ ظُهورِها وبُطونها جُدَّتان مِسْكِيَّتان، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِليَّ وَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا أَبا جَعْفَرٍ؟ فَقُلْتُ؟ الأُدْمُ عَلَى ضَرْبين: أَما التي
(2). قوله [لأَن أَفْعَلَ مِنَ الثَّلَاثَةِ إلخ] هكذا في الأَصل، ولعله لأن أفعل من ذي الثلاثة وفيه زيادة كما أن فعولا إلخ
مَساكنها الجِبال فِي بِلاد قَيْس فَهِيَ عَلَى مَا وَصَف، وأَما الَّتِي مَساكنها الرمْل فِي بِلَادِ تَميم فَهِيَ الخَوالِص البَياض، فأَنكر يَعْقُوبُ واستأْذن ابنُ الأَعرابي عَلَى تَفِيئَةِ ذَلِكَ فَقَالَ أَبو أَيوب: قَدْ جَاءَكُمْ مَن يفصِل بَيْنَكُمْ، فدَخَل، فَقَالَ لَهُ أَبو أَيوب: يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الأُدْم مِنَ الظِّباء؟ فتكلَّم كأَنما يَنْطِق عَنْ لِسَانِ ابْنِ السكِّيت، فَقُلْتُ: يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي ذِي الرُّمَّةِ؟ قَالَ: شَاعِرٌ، قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي قَصِيدَتِهِ صَيْدَح «1» ؟ قَالَ: هُوَ بِهَا أَعرف مِنْهَا بِهِ، فأَنشدته:
مِنَ المُؤْلِفاتِ الرَّمْل أَدْماءُ
…
حُرَّةٌ، شُعاعُ الضُّحى فِي مَتْنِها يَتَوَضَّح
فَسَكَتَ ابنُ الأَعرابي وَقَالَ: هِيَ الْعَرَبُ تَقُولُ مَا شَاءَتْ.
ابْنُ سِيدَهْ: الأُدْمُ مِنَ الظِّباء ظِباء بيضٌ يَعْلوها جُدَدٌ فِيهَا غُبْرة، زَادَ غَيْرُهُ: وتسكُن الجِبال، قَالَ: وَهِيَ عَلَى أَلْوان الْجِبَالِ؛ يُقَالُ: ظَبْية أَدْماء؛ قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي شِعْرِ ذِي الرُّمَّةِ أُدْمانة؛ قَالَ:
أَقُول للرَّكْب لمَّا أَعْرَضَتْ أُصُلًا:
…
أُدْمانةٌ لمْ تُرَبِّيها الأَجالِيدُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَجاليد جَمْعُ أَجْلاد، وأَجْلاد جَمْعُ جَلَد، وَهُوَ مَا صَلُب مِنَ الأَرض، وأَنكر الأَصمعي أُدْمانة لأَن أُدْماناً جمعٌ مِثْلُ حُمْران وسُودان وَلَا تَدْخُلُهُ الْهَاءُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أُدْمانةٌ وأُدْمان مِثْلُ خُمْصانة وخُمْصان، فَجَعَلَهُ مُفرداً لَا جَمْعًا، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ قَوْلُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: والأُدْمة فِي الإِبِلِ الْبَيَاضُ الشَّدِيدُ. يُقَالُ: بَعِيرٌ آدَم وَنَاقَةٌ أَدْماء، وَالْجَمْعُ أُدْمٌ؛ قَالَ الأَخْطل فِي كَعْب بْنِ جُعَيْل:
فإِنْ أَهْجُهُ يَضْجَرْ كَمَا ضَجْرَ بازِلٌ
…
مِنَ الأُدْمِ، دَبْرَت صَفْحَتاه وغارِبُهْ
وَيُقَالُ: هُوَ الأَبيضُ الأَسودُ المُقْلَتَيْن. واختُلف فِي اشتِقاق اسْمِ آدَم فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُمِّيَ آدَم لأَنه خُلِق مِنْ أَدَمةِ الأَرض، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لأُدْمةٍ جعلَها اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: آدَمُ أَصله بِهَمْزَتَيْنِ لأَنه أَفْعَل، إِلا أَنهم لَيَّنُوا الثَّانِيَةَ، فإِذا احتَجْت إِلى تَحْرِيكِهَا جَعَلْتَهَا وَاوًا وَقُلْتَ أَوادِم فِي الْجَمْعِ، لأَنه لَيْسَ لَهَا أَصل فِي الْيَاءِ مَعْرُوفٌ، فَجُعِلَ الغالبُ عَلَيْهَا الْوَاوُ؛ عَنِ الأَخفش؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كُلُّ أَلِف مَجْهُولَةٍ لا يُعْرَف عمَّا ذا انْقِلابُها، وَكَانَتْ عَنْ هَمْزَةٍ بَعْدَ هَمْزَةٍ يَدْعُو أَمْرٌ إِلى تَحْرِيكِهَا، فإِنها تبدَل وَاوًا حَمْلًا عَلَى ضَوارب وضُوَيْرب، فَهَذَا حكمُها فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِلا أَن تَكُونَ طَرفاً رَابِعَةً فَحِينَئِذٍ تُبْدَلُ يَاءً؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ «2»: يَقُولُ أَهلُ اللُّغَةِ إِنَّ اشْتِقاق آدَمَ لأَنه خُلِق مِنْ تُراب، وَكَذَلِكَ الأُدْمةُ إِنَّما هِيَ مُشَبَّهة بلَوْن التُّراب؛ وَقَوْلُهُ:
سادُوا الملُوكَ فأَصْبَحوا فِي آدَمٍ،
…
بَلَغُوا بِهَا غُرَّ الوُجوهِ فُحُولا
جَعَلَ آدمَ اسْماً للقَبيلة لأَنه قَالَ بَلَغوا بِهَا، فأَنّث وجمَع وَصَرَفَ آدَمَ ضرورة؛ وقوله:
(1). قوله [في قصيدته صيدح] هكذا في الأصل والتهذيب وشرح القاموس، ولعله في قصيدته في صيدح لأَنه اسم لناقة ذي الرمة ويمكن أن يكون سمى القصيدة باسمها
(2)
. قوله [وقال الزجاج إلخ] كذا في الأصل، وعبارة التهذيب: وَقَالَ الزَّجَّاجُ يَقُولُ أَهْلُ اللغة في آدم إِن اشتقاقه من أديم الأَرض لأَنه خُلِقَ مِنْ تُرَابِ
الناسُ أَخْيافٌ وشَتَّى فِي الشِّيَمْ،
…
وكلُّهم يَجْمَعُهم بيتُ الأَدَمْ
قِيلَ: أَراد آدَم، وَقِيلَ: أَراد الأَرض؛ قَالَ الأَخفش: لو جعلت في الشِّعْرِ آدَم مَعَ هَاشِمٍ لجَاز؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ القويُّ لأَنه لَا يحقِّق أَحدٌ همزةَ آدَم، وَلَوْ كَانَ تحقيقُها حَسَناً لَكَانَ التحقيقُ حَقيقاً بأَن يُسْمَع فِيهَا، وإِذا كَانَ بَدلًا البتَّة وجَب أَن يُجْرى عَلَى مَا أَجْرَتْه عَلَيْهِ الْعَرَبُ مِنْ مُراعاة لفظِه وَتَنْزِيلِ هَذِهِ الْهَمْزَةِ الأَخيرة منزلةَ الأَلفِ الزَّائِدَةِ الَّتِي لَا حظَّ فِيهَا لِلْهَمْزَةِ نَحْوَ عَالِمٍ وَصَابِرٍ، أَلا تَراهم لِمَا كَسَّرُوا قَالُوا آدَم وأَوادِم كسالِم وسَوالِم؟ والأَدَمانُ فِي النَّخْل: كالدَّمانِ وَهُوَ العَفَن، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛: وَقِيلَ: الأَدَمانُ عَفَن وسَوادٌ فِي قلْب النَّخْلة وَهُوَ وَدِيُّه؛ عَنْ كُراع، وَلَمْ يَقُلْ أَحَد فِي القَلْب إِنه الوَدِيُّ إِلَّا هُوَ. والأَدَمان: شَجَرَةٌ؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَلَمْ أَسمعها إِلا مِنْ شُبَيْل بْنِ عَزْرَةَ. والإِيدامةُ: الأَرضُ الصُّلْبة مِنْ غَيْرِ حِجَارَةٍ مأْخوذة مِنْ أَديم الأَرض وَهُوَ وَجْهُها. الْجَوْهَرِيُّ: الأَياديمُ مُتون الأَرض لَا وَاحِدَ لَهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَن وَاحِدَتَهَا إِيدامة، وَهِيَ فِيعَالَةُ مِنْ أَدِيم الأَرض؛ وَكَذَا قَالَ الشَّيْبَانِيُّ وَاحِدَتُهَا إِيدامةٌ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
كَمَا رَجَا مِنْ لُعابِ الشمْسِ، إِذ وَقَدَتْ،
…
عَطْشانُ رَبْعَ سَراب بالأَيادِيمِ
الأَصمعي: الإِيدامةُ أَرض مُسْتَوِية صُلْبة لَيْسَتْ بالغَليظة، وَجَمْعُهَا الأَياديمُ، قَالَ: أُخِذَتِ الإِيدامةُ مِنَ الأَديمِ؛ قَالَ ذُو الرمَّة:
كأَنَّهُنَّ ذُرى هَدْيٍ مَحُوبَةٌ
…
عَنْهَا الجِلالُ، إِذا ابْيَضَّ الأَياديمُ «1»
. وابْيِضاضُ الأَياديمِ للسَّراب: يَعْنِي الإِبل الَّتِي أُهْدِيَتْ إِلى مَكَّةَ جُلِّلَتْ بالجِلال. وَقَالَ: الإِيدامةُ الصُّلْبة مِنْ غَيْرِ حِجَارَةٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الإِيدامةُ مِنَ الأَرض السَّنَد الَّذِي لَيْسَ بِشَدِيدِ الإِشْراف، وَلَا يَكُونُ إِلا فِي سُهول الأَرض، وَهِيَ تَنْبُتُ وَلَكِنْ فِي نَبْتِها زُمَرٌ، لِغِلَظِ مَكَانِهَا وقِلَّة اسْتقْرار الْمَاءِ فِيهَا. وأُدمى، عَلَى فُعَلى، والأُدَمى: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: الأُدَمى أَرض بِظَهْرِ الْيَمَامَةِ. وأَدام: بَلَدٌ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
لَقَدْ أَجْرى لِمَصْرَعِه تَلِيدٌ،
…
وساقَتْه المَنِيَّةُ مِنْ أَدَامَا
وأُدَيْمَةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
كأَن بَني عَمْرو يُرادُ، بِدَارِهِمْ
…
بِنَعْمانَ، راعٍ فِي أُدَيْمَةَ مُعْزبُ
يَقُولُ: كأَنهم مِنِ امتناعِهم عَلَى مَن أَرادهم فِي جَبَل، وإِن كَانُوا فِي السَّهْل.
أرم: أَرَمَ ما عَلَى الْمَائِدَةِ يَأْرِمهُ: أَكله؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وأَرَمَتِ الإِبِلُ تَأْرِمُ أَرْماً: أَكَلَتْ. وأَرَمَ عَلَى الشَّيْءِ يَأْرِمُ، بِالْكَسْرِ، أَي عَضَّ عَلَيْهِ. وأَرَمَه أَيضاً: أَكَلَه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
(1). قوله [كأنهن ذرى إلخ] الشطر الأول في الأصل من غير نقط، وكتب في هامش الأصل وشرح القاموس: كأنهن ذرى هدي بمجوبة ثم شرحه شارح القاموس بمثل ما هنا، ولعل عنها في البيت بمعنى عليها كما يؤخذ من تفسيره
ويَأْرِمُ كلَّ نابِتَةٍ رِعاءً،
…
وحُشَّاشاً لهنَّ وحاطِبينا
أَي مِنْ كَثْرَتِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ ونأْرِم، بِالنُّونِ، لأَن قَبْلَهُ:
تَضِيقُ بِنَا الفِجاجُ، وهُنَّ فِيجٌ،
…
ونَجْهَرُ ماءَها السَّدِمَ الدَّفِينا
وَمِنْهُ سنَةٌ آرِمةٌ أَي مُسْتأْصِلة. وَيُقَالُ: أَرَمَتِ السنَةُ بأَموالنا أَي أَكَلت كُلَّ شَيْءٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرَمَتِ السَّائِمَةُ المَرْعَى تَأْرِمُه أَتَتْ عَلَيْهِ حَتَّى لَمْ تَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا. وَمَا فِيهِ إِرْمٌ وأَرْمٌ أَي ضِرس. والأُرَّمُ: الأَضراس؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كأَنه جَمْعُ آرِمٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَحْرُقُ عَلَيْكَ الأُرَّم إِذا تغَيَّظ فَحكَّ أَضْراسه بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَقِيلَ: الأُرّمُ أَطراف الأَصابع. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَالُوا هُوَ يَعْلُك عَلَيْهِ الأُرَّم أَي يَصْرِف بأَنيابه عَلَيْهِ حَنَقاً؛ قَالَ:
أُنْبِئْتُ أَحْمَاءَ سُلَيْمَى إِنَّما
…
أَضْحَوا غِضاباً، يَحْرُقُونَ الأُرَّما
أَنْ قُلْت: أَسْقَى الحَرَّتَيْنِ الدِّيمَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَا يصحُّ فَتْحُ أَنَّما إِلّا عَلَى أَن تَجْعَلَ أَحْماء مَفْعُولًا ثَانِيًا بإِسقاط حَرْفِ الْجَرِّ، تَقْدِيرُهُ نُبّئتُ عَنْ أَحْماء سُلَيمْى أَنَّهم فَعلوا ذَلِكَ، فإِن جَعَلْتَ أَحْماء مَفْعُولًا ثَانِيًا مِنْ غَيْرِ إِسقاط حَرْفِ الْجَرِّ كَسَرْتَ إِنَّما لَا غَيْرُ لأَنها المفعولُ الثالثُ، وَقَالَ أَبو رِيَاشٍ: الأُرَّمُ الأَنيابُ؛ وأَنشد لِعَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ الضَّبِّيِّ:
بِذِي فِرْقَيْنِ يَوْمَ بَنُو حَبيبٍ،
…
نُيُوبَهم عَلَيْنَا يَحْرُقُونَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَذَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ حَرَق فَقَالَ: حَرَقَ نابَه يَحْرُقه ويَحْرِقُه إِذا سَحَقَه حَتَّى يُسْمَعَ لَهُ صَرِيف. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ الأُرَّم الحِجارة؛ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: سأَلت نوحَ بْنَ جَرِيرِ بْنِ الخَطَفَى عَنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
يَلُوكُ مِنْ حَرْدٍ عليَّ الأُرَّمَا
قَالَ: الحَصَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ الأُرَّم الأَنياب هُنَا لِقَوْلِهِمْ يَحْرُق عَليَّ الأُرَّمَ، مِنْ قَوْلِهِمْ حَرَقَ نابُ الْبَعِيرِ إِذا صوَّت. والأَرْمُ: الْقَطْعُ. وأَرَمَتْهم السنَةُ أَرْماً: قَطَّعَتْهُمْ. وأَرَمَ الرجلَ يَأْرِمهُ أَرْماً: ليَّنَه؛ عَنْ كُراع. وأَرْض أَرْماءُ ومَأْرُومَةٌ: لَمْ يُتْرَك فِيهَا أَصل وَلَا فَرْعٌ. والأَرُومةُ: الأَصْل. وَفِي حَدِيثِ
عُمير بْنِ أَفْصى: أَنا مِنَ الْعَرَبِ فِي أَرُومة بِنائها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَرُومةُ بِوَزْنِ الأَكولة الأَصْل. وَفِيهِ كَيْفَ تَبْلُغك صَلاتُنا وَقَدْ أَرِمْتَ أَي بَلِيت؛ أَرِمَ المالُ إِذا فَنِيَ. وأَرض أَرِمةٌ: لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وَقِيلَ: إِنما هُوَ أُرِمْتَ مِنَ الأَرْمِ الأَكل، وَمِنْهُ قِيلَ للأَسْنان الأُرَّم؛ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَصله أَرْمَمْت أَي بَلِيت وَصِرْتَ رَمِيماً، فَحَذَفَ إِحدى الْمِيمَيْنِ كَقَوْلِهِمْ ظَلْت فِي ظَلِلْت؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَكَثِيرًا مَا تُرْوَى هَذِهِ اللَّفْظَةُ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَهِيَ لُغَةُ ناسٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي رَمَمَ. والإِرَمُ: حِجارة تُنْصَبُ عَلَماً فِي المَفازة، وَالْجَمْعُ آرامٌ وأُرُومٌ مِثْلُ ضِلَع وأَضْلاع وضُلوع. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا يوجَد فِي آرامِ الجاهليَّة وخِرَبها فِيهِ الخُمْس
؛ الْآرَامُ: الأَعْلام، وَهِيَ حِجَارَةٌ تُجْمَع وتنصَب فِي المَفازة يُهْتَدَى بِهَا، وَاحِدُهَا إِرَم
كعِنَب. قَالَ: وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنهم إِذا وَجَدُوا شَيْئًا فِي طَرِيقِهِمْ وَلَا يُمْكِنُهُمُ اسْتِصْحابُه تَرَكُوا عَلَيْهِ حِجَارَةً يعرفُونه بِهَا، حَتَّى إِذا عَادُوا أَخذوه. وَفِي حَدِيثِ
سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَع: لَا يَطْرَحُونَ شَيْئًا إِلَّا جَعَلْت عَلَيْهِ آرَامًا.
ابْنُ سِيدَهْ: الإِرَمُ والأَرِمُ الْحِجَارَةُ، والآرامُ الأَعْلام، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ أَعْلام عادٍ، واحدُها إِرَمٌ وأَرِمٌ وأَيْرَمِيٌّ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَرَمِيّ ويَرَمِيّ وإِرَمِيّ. والأُرومُ أَيضاً: الأَعْلام، وَقِيلَ: هِيَ قُبُور عادٍ؛ وعَمَّ بِهِ أَبو عُبَيْدٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
وساحِرة العُيون مِنَ المَوامي،
…
تَرَقَّصُ فِي نَواشِرِها الأُرُومُ
فَقَالَ: هِيَ الأَعْلام؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
حَتَّى تَعالى النِّيُّ فِي آرَامِهَا
قَالَ: يَعْنِي فِي أَسْنِمَتِها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدْري إِن كَانَتِ الْآرَامُ في الأَصل الأَسْمة، أَوْ شبَّهها بِالْآرَامِ الَّتِي هِيَ الأَعْلام لعِظَمِها وطُولها. وإِرَمٌ: والِدُ عادٍ الأُولَى، وَمَنْ ترَك صَرْفَ إِرَمٍ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ، وَقِيلَ: إِرَمُ عادٌ الأَخيرة، وَقِيلَ: إرَم لبَلْدَتِهم الَّتِي كَانُوا فِيهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
، وَقِيلَ فِيهَا أَيضاً أَرامٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي قَوْلِهِ عز وجل: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
، قَالَ: مَنْ لَمْ يُضِف جَعَلَ إِرَم اسمَه وَلَمْ يَصْرِفه لأَنه جَعَلَ عَادًا اسْمَ أَبيهم، وَمَنْ قرأَه بالإِضافة وَلَمْ يَصْرف جَعَلَهُ اسْمَ أُمّهم أَو اسْمَ بَلدةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ
ذَكَرَ إِرَمَ ذاتِ العِماد
، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا فَقِيلَ دِمَشق، وَقِيلَ غَيْرُهَا. والأَرُوم، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ: أَصْل الشَّجَرَةِ والقَرْن؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ يَهْجُو رَجُلًا:
تَيْسَ تُيُوسٍ، إِذا يُناطِحُها
…
يَأْلَمُ قَرْناً، أَرُومه نَقِدُ
قَوْلُهُ: يَأْلَمُ قَرْناً أَي يَأْلَمُ قَرْنَه، وَقَدْ جَاءَ عَلَى هَذَا حُرُوفٌ منها قولهم: يَيْجَع ظَهراً، ويَشْتكي عَيْنًا أَي يَشْتَكي عَينَه، وَنُصِبَ تَيْسَ عَلَى الذَّمِّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي جُنْدُبٍ الْهُذَلِيِّ:
أَولئك نَاصِرِي وهُمُ أُرُومِي،
…
وبَعْضُ الْقَوْمِ لَيْسَ بذِي أُرُومِ
وَقَوْلُهُمْ: جَارِيَةٌ مَأْرُومَةٌ حسَنة الأَرْمِ إِذا كَانَتْ مَجْدُولة الخَلْق. وإِرَمٌ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ مُرَقِّش الأَكْبَرُ:
فاذْهَبْ فِدىً لَكَ ابْنُ عَمّك لائحا
…
«1»
…
الأَشيبة وإِرَمْ
والأُرُومةُ والأَرُومة، الأَخيرة تميمة: الأَصلُ، وَالْجَمْعُ أُرُومٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
لَهُم فِي الذّاهِبِينَ أُرُومُ صِدْقٍ،
…
وَكَانَ لِكُلِّ ذِي حَسَب أُرُومُ
والأَرامُ: مُلْتقى قَبائِلِ الرأْس. ورَأْس مُؤَرَّمٌ: ضخْم القَبائل. وبَيْضَةٌ مُؤَرَّمةٌ واسِعَةُ الأَعْلى. وَمَا بالدَّارِ أَرِمٌ وأَرِيمٌ وإِرَميٌّ وأَيْرَميّ وإِيْرَمِيّ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ وأَبي عُبَيْدٍ، أَي مَا بِهَا أَحَدٌ، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي الجَحْد؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
دارٌ لأَسْماء بالغَمْرَيْنِ ماثِلةٌ،
…
كالوَحْيِ لَيْسَ بِهَا مِنْ أَهْلِها أَرِمُ
وَمِثْلُهُ قول الآخر:
(1). هنا بياض في الأصل
تِلْكَ القُرونُ وَرِثْنا الأَرضَ بَعْدَهُمُ،
…
فَمَا يُحَسُّ عَلَيْهَا منهمُ أَرِمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَانَ ابْنُ دَرَسْتَوَيْه يُخالف أَهل اللُّغَةِ فَيَقُولُ: ما بها آرِم، على فَاعِلٍ، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَنْصِب الأَرَمَ وَهُوَ العَلَم، أَي مَا بِهَا ناصِبُ عَلَم، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ مَا بِهَا أَرِمٌ، عَلَى وَزْنِ حَذِرٍ، وبيتُ زُهَيْرٍ وَغَيْرِهِ يَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِمْ، قَالَ: وَعَلَى أَنه أَيضاً حَكَى القَزَّاز وَغَيْرُهُ آرِم، قَالَ: وَيُقَالُ مَا بِهَا أَرَمٌ أَيضاً أَي مَا بِهَا علَم. وأَرَمَ الرجلَ يَأْرِمُه أَرْماً: لَيَّنه. وأَرَمْتُ الحَبْل آرِمُه أَرْماً إِذا فَتَلْتَه فَتْلًا شَدِيدًا. وأَرَمَ الشيءَ يَأْرِمُه أَرْماً: شدَّه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَمْسُدُ أَعْلى لَحْمِه ويَأْرِمُهْ
وَيُرْوَى بِالزَّايِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَجم. وَآرَامٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
مِن ذاتِ آرامٍ فجَنبَي أَلعسا «2»
. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْر إِرَمٍ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْخَفِيفَةِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ مِنْ دِيَارِ جُذام، أَقْطَعَه سيدُنا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بَنِي جِعال بْنِ رَبيعة.
أزم: الأَزْمُ: شدَّةُ العَضِّ بالفَمِ كلِّه، وَقِيلَ بالأَنْياب، والأَنْيابُ هِيَ الأَوازِمُ، وَقِيلَ: هُوَ أَنَ يَعَضَّه ثُمَّ يكرِّر عَلَيْهِ وَلَا يُرْسِله، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقْبِض عَلَيْهِ بِفِيهِ، أَزَمه، وأَزَمَ عَلَيْهِ يَأْزِمُ أَزْماً وأُزُوماً، فَهُوَ آزِمٌ وأَزُومٌ، وأَزَمْت يَد الرجُل آزِمُها أَزْماً، وَهِيَ أَشدُّ العَضِّ. قَالَ الأَصمعي: قَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ كَانَتْ لَنَا بَطَّة تَأْزِمُ أَي تَعَضُّ، وَمِنْهُ قِيلَ للسَّنة أَزْمَةٌ وأَزُومٌ وأَزامِ، بِكَسْرِ الْمِيمِ. وأَزَمَ الفرسُ عَلَى فأْسِ اللِّجام: قَبض؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الصِّدِّيقِ: نَظَرْت يَوْمَ أُحُدٍ إِلى حَلَقة دِرْع قَدْ نَشِبَت فِي جَبين رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فانْكَبَبْت لأَنْزِعَها، فأَقْسَم عليَّ أَبو عُبَيْدَةَ فأَزَمَ بِهَا بثَنيَّتيه فجَذبها جَذْباً رَفيقاً
أَي عَضَّها وأَمْسكها بَيْنَ ثَنِيَّتَيْه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الكَنْز وَالشُّجَاعِ الأَقْرع:
فإِذا أَخذه أَزَم فِي يَدِهِ
أَي عَضَّها. والأَزْمُ: القطعُ بِالنَّابِ والسِّكِّين وَغَيْرِهِمَا. والأَوَازمُ والأُزَّمُ والأُزُمُ: الأَنْياب، فَوَاحِدَةُ الأَوازمِ آزِمةٌ، وَوَاحِدَةُ الأُزَّمِ آزِمٌ، وَوَاحِدَةُ الأُزُمِ أَزُومٌ. والأَزْمُ: الجَدْبُ والمَحْل. ابْنُ سِيدَهْ: الأَزْمة الشِّدَّةُ والقَحْط، وَجَمْعُهَا إِزَمٌ كبَدْرةٍ وبِدَر، وأَزْمٌ كتَمْرةٍ وتَمْر؛ قَالَ أَبو خِراش:
جَزى اللهُ خَيْرًا خالِداً مِنْ مُكافِئٍ،
…
عَلَى كلِّ حالٍ مِنْ رَخاء وَمِنْ أَزْمِ
وَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا لأَزَم إِذا عضَّ، وَهِيَ الوَزْمة أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
اشْتَدِّي أَزْمَة تَنْفَرِجي
، قَالَ: الأَزْمَة السَّنة المُجْدِبة. يُقَالُ: إِن الشدَّة إِذا تَتابَعت انْفَرَجَتْ وإِذا تَوالَتْ تَوَلَّت. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: أَن قُرَيْشاً أَصابَتْهم أَزْمةٌ شديدةٌ وَكَانَ أَبو طَالِبٍ ذَا عيالٍ.
والأَوازمُ: السِّنُون الشَّدَائِدُ كالبَوازِم. وأَزَمَ عَلَيْهِمُ العامُ والدهرُ يَأْزِمُ أَزْماً وأُزُوماً: اشْتَدَّ قَحْطُه، وَقِيلَ: اشتدَّ وقَلَّ خَيرُه؛ وَسَنَةٌ أَزْمَةٌ وأَزِمَةٌ وأَزُومٌ وآزِمةٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
إِذا أَزَمَتْ بِهِمْ سَنةٌ أَزُوم
وَيُقَالُ: قَدْ أَزَمت أَزامِ؛ قال:
(2). قوله [فجني ألعسا] هكذا في الأصل وشرح القاموس
أَهان لَهَا الطَّعامَ فَلَمْ تُضِعْه،
…
غَداةَ الرَّوْعِ، إِذ أَزَمَتْ أَزامِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو عَلِّيَ هَذَا الْبَيْتَ:
أَهانَ لَهَا الطعامَ فَأَنْفَذَتْهُ،
…
غَداةَ الرَّوْعِ، إِذ أَزَمَتْ أَزُومُ
وَيُقَالُ: نزلتْ بِهِمْ أَزامِ وأَزُومٌ أَي شدَّة. والمُتَأَزِّمُ: المُتَأَلِّم لأَزْمةِ الزَّمَانِ؛ أَنشد عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمِّهِ الأَصمعي فِي رَجُلٍ خطَب إِليه ابنَته فردَّ الْخَاطِبَ:
قَالُوا: تَعَزَّ فَلَسْتَ نائِلَها،
…
حَتَّى تَمَرَّ حَلاوَةُ التَّمْرِ
لَسْنا مِنَ المُتأَزِّمينَ، إِذا
…
فَرِحَ اللَّمُوسُ بثائبِ الفَقْرِ
أَي لَسْنا نُزَوِّجك هَذِهِ المرأَة حَتَّى تَعود حَلاوةُ التَّمْر مَرارةً، وَذَلِكَ مَا لَا يَكُونُ. والمُتَأَزِّمُ: المُتَأَلِّم لأَزْمةِ الزَّمان وشدَّتِه، واللَّمُوسُ: الَّذِي فِي نَسَبه ضَعَةٌ، أَي أَن الضعيفَ النسَب يفْرَح بالسَّنة المُجْدبة ليُرْغَب إِليه فِي مَالِهِ فيَنْكِحَ أَشْراف نِسائهم لحاجَتهم إِلى مَالِهِ. وأَزَمَتْهم السنةُ أَزْماً: استأْصَلَتهم، وَقَالَ شَمِرٌ: إِنما هُوَ أَرَمَتْهم، بِالرَّاءِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ. وَيُقَالُ: أَصابتنا أَزْمة وآزمةٌ أَي شِدَّةٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وأَزَمَ عَلَى الشَّيْءِ يَأْزِمُ أُزُوماً: واظَب عَلَيْهِ ولَزِمَه. وأَزَمَ بِضَيْعَته وَعَلَيْهَا: حَافَظَ. أَبو زَيْدٍ: الأُزُومُ المُحافظة عَلَى الضَّيْعَة. وتَأَزَّمَ القومُ إِذا أَطالوا الإِقامة بِدارهم. وأَزَمَ بصاحِبه يَأْزِمُ أَزْماً: لَزِقَ. وَفِي الصِّحَاحِ: أَزَمَ الرجلُ بِصَاحِبِهِ إِذا لَزِمَه. وأَزَمَه أَيضاً أَي عَضَّه وأَزَمَ عَنِ الشَّيْءِ: أَمسك عَنْهُ. وأَزَمَ بِالْمَكَانِ أَزْماً: لَزِمَه. وأَزَمْتُ الحَبْلَ والعِنانَ والخَيْط وغيرَه آزِمُه أَزْماً: أَحكَمْت فَتْله وضَفْرَه، بِالرَّاءِ وَالزَّايِ جَمِيعًا، وَالرَّاءُ أَعرف، وَهُوَ مَأْزُومٌ. والأَزْمُ: ضرْب مِنَ الضَّفْر وَهُوَ الفَتْل. وأَزَمَ أَزْماً وأَزِمَ أَزَماً، كِلَاهُمَا: تقبَّض. والمَأْزِمُ: المَضِيق مِثْلُ المَأْزِلِ؛ وأَنشد الأَصمعي عَنْ أَبي مَهْدِيَّة:
هَذَا طريقٌ يَأْزِمُ المَآزِما،
…
وعِضَواتٌ تَمْشُق اللَّهازِما
وَيُرْوَى عَصَوات، وَهِيَ جَمْعُ عَصاً. وتَمْشُق: تضرِب. والمأْزِم: كلُّ طَرِيقٍ ضيِّق بَيْنَ جَبَلَيْنِ، وَمَوْضِعُ الحَرْبِ أَيضاً مَأْزِمٌ، وَمِنْهُ سُمِّي الْمَوْضِعُ الَّذِي بَيْنَ المَشْعَر وعَرَفة مَأْزِمَيْن. الأَصمعي: المَأْزِمُ فِي سَنَد مَضِيقٌ بَيْنَ جَمْعٍ وعَرَفة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: إِذا كنتَ بَيْنَ المَأْزِمَيْن دُونَ مِنىً فإِنَّ هُنَاكَ سَرْحَة سُرَّ تحتَها سَبْعُونَ نَبِيًّا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِني حَرَّمْت الْمَدِينَةَ حَراماً مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْها
؛ المَأْزِمُ: المَضِيقُ فِي الْجِبَالِ حَتَّى يَلتَقِي بعضُها بِبَعْضٍ ويَتَّسِع مَا وَرَاءه، والميمُ زَائِدَةٌ، وكأَنه مِنَ الأَزْمِ القُوّة وَالشِّدَّةُ؛ وأَنشد لِساعدة ابن جُؤَيَّةَ الهُذَلي:
ومُقامُهنّ، إِذا حُبِسْنَ، بِمَأْزِمٍ
…
ضَيْقٍ أَلَفَّ، وصَدّهنّ الأَخشَبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده ومُقامِهنَّ، بِالْخَفْضِ عَلَى القَسَم لأَنه أَقسم بالبُدْن الَّتِي حُبِسْن بِمَأْزِمٍ أَي بمَضِيق، وأَلَفَّ: مُلْتَفّ، والأَخْشَبُ: جبل،
والمَأْزِمُ: مَضِيقُ الْوَادِي فِي حُزُونةٍ. ومَآزِمُ الأَرض: مَضايِقها تلْتَقي ويتَّسِع مَا وَرَاءَهَا وَمَا قُدّامها. ومآزِمُ الفَرْجِ: مَضايقه، وَاحِدُهَا مَأْزِم. ومأْزِمُ القِتال: مَوْضِعُهُ إِذا ضَاقَ، وَكَذَلِكَ مَأْزِمُ العَيش؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وكلُّ مَضِيق مَأْزِمٌ. والأَزْمُ: إِغْلاق الْبَابِ. وأَزَمَ البابَ أَزْماً: أَغْلَقه. والأَزْمُ: الإِمساك. أَبو زَيْدٍ: الآزِمُ الَّذِي ضَمَّ شَفَتَيْهِ. والأَزْمُ: الصمْت. والأَزْمُ: تركُ الأَكل وأَصله مِنْ ذَلِكَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ قَالَ للحرث بْنِ كَلْدة وَكَانَ طبيبَ العَرب: مَا الطِّبُّ؟ فَقَالَ: هُوَ الأَزْمُ
، وَهُوَ أَن لَا تدخِل طَعَامًا عَلَى طَعَامٍ، وفسَّره الناسُ أَنه الحِمْيَةُ والإِمساك عَنِ الِاسْتِكْثَارِ، وَفِي النِّهَايَةِ: إِمساك الأَسْنان بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ. والأَزْمةُ: الأَكلة الْوَاحِدَةُ فِي الْيَوْمِ مرَّة كالوَجْبةِ. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ
أَنه قَالَ: أَيُّكم المُتَكلِّم؟ فَأَزَمَ القومُ
أَي أَمسكوا عَنِ الْكَلَامِ كَمَا يُمسِك الصَّائِمُ عَنِ الطَّعام، قَالَ: وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الحِمْيَةُ أَزْماً، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ:
فَأَرَمَّ الْقَوْمُ
، بِالرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ السِّواك:
يَسْتَعْمِلُهُ عِنْدَ تَغَيُّر الفَمِ، مِنَ الأَزْمِ.
وأَزِيمٌ: جبل بالبادية.
أسم: أُسامَةُ: مِنْ أَسماء الأَسد، لَا يَنْصرِف. وأُسامة: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فأَما قَوْلُهُ:
وكأَنِّي فِي فَحْمة ابْنٍ جَمِيرٍ
…
فِي نِقابِ الأُسامةِ السِّرْداحِ
فإِنه زَادَ اللَّامَ كَقَوْلِهِ:
وَلَقَدْ نَهَيتُك عَنْ بَنات الأَوْبرِ
وأَما قَوْلُهُ:
عَيْنُ بَكِّي لِسَامةَ بْنِ لُؤَيٍّ
…
عَلِقَتْ ساقَ سامةَ العَلَّاقهْ «1»
. فإِنه أَراد بِقَوْلِهِ لِسامةَ لأُسامة، فَحَذَفَ الْهَمْزَ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ هَذَا أُسامةُ، وَهُوَ الأَسدُ، وَهُوَ مَعْرِفة؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَمْدح هَرِم بْنَ سِنان:
ولأَنْت أَشْجَعُ مِنْ أُسامة، إِذ
…
دُعِيَتْ نزَالِ، ولُجَّ فِي الذُّعْرِ
وأَما الِاسْمُ فَنَذْكُرُهُ فِي الْمُعْتَلِّ لأَن الأَلف زَائِدَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما أَسماءُ اسْمُ امرأَة فمختلَف فِيهَا، فَمِنْهُمْ مَن يَجْعَلُهَا فَعلاء وَالْهَمْزَةُ فِيهَا أَصْل، وَمِنْهُمْ مَن يجعلُها بَدلًا مِنْ وَاوٍ وأَصْلُها عِنْدَهُمْ وَسْماء، وَمِنْهُمْ مَن يَجْعَلُ هَمْزَتَهَا قَطْعًا زَائِدَةً وَيَجْعَلُهَا جمعَ اسْمٍ سُمِّيَتْ بِهِ المرأَة، قَالَ: وَيُقَوِّي هَذَا الْوَجْهَ قَوْلُهُمْ فِي تَصْغِيرِهَا سُمَيَّة، وَلَوْ كَانَتِ الْهَمْزَةُ فِيهَا أَصْلًا لَمْ تحذَف.
أضم: الأَضَمُ: الحِقْدُ والحسَدُ والغضَبُ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَضَماتٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وباكَرَا الصَّيْدَ بحَدٍّ وأَضَمْ،
…
لَنْ يَرْجِعا أَو يَخْضِبا صَيْداً بِدَمْ
وأَضِمَ عَلَيْهِ، بِالْكَسْرِ، يَأْضَمُ أَضَماً: غَضِبَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فُرُحٌ بالخَيْر إِنْ جاءَهُمُ،
…
وإِذا مَا سُئِلُوه أَضِمُوا
قَالَ الْعَجَّاجُ:
ورأْس أَعْداءٍ شديد أَضَمُهْ
(1). قوله [وَأَمَّا قَوْلُهُ عَيْنُ بَكِّي إلخ] هذا البيت من قصيدة لأعرابية ترثي بها أسامة ولها حكاية ذكرت في مادة فوق فانظرها
وَفِي حَدِيثِ
نَجْران «1» : وأَضِمَ عَلَيْهِ أَخوه كُرْزُ بنُ عَلْقَمَة حَتَّى أَسلم.
يُقَالُ: أَضِمَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، يَأْضَمُ أَضَماً إِذا أَضْمَر حِقْداً لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمْضِيَه؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فَأَضِمُوا عَلَيْهِ.
وأَضِمَ بِهِ أَضَماً، فَهُوَ أَضِمٌ: عَلِقَ بِهِ. وأَضِمَ الْفَحْلُ بالشُّوَّل: عَلِقَ بِهَا يَطْرُدها ويَعَضُّها وأَضِم الرَّجُلُ بأَهله كَذَلِكَ. وإِضَمٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
واحْتَلَّت الشَّرْعَ فالأَجْراعَ مِنْ إِضَما
وإِضَمٌ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ نَارًا:
نَظَرْت والعَيْنُ مُبينة التَّهَمْ
…
إِلى سَنا نارٍ، وقُودُها الرَّتَمْ،
شُبَّتْ بأَعلى عانِدَيْن مَنْ إِضَمْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ غَيْرَ مَصْرُوفٍ، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ. وَفِي بَعْضِ الأَحاديث ذِكْر إِضَمٍ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الضَّادِ، اسْمُ جَبَلٍ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ.
أطم: الأُطُم: حِصْنٌ مَبْنِيٌّ بِحِجَارَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ بَيْتٍ مُرَبَّع مُسَطَّح، وَقِيلَ: الأُطْم مِثْلُ الأَجّم، يُخَفَّفُ ويثقَّل، وَالْجَمْعُ القليلُ آطامٌ وآجامٌ؛ قَالَ الأَعشى:
فإِمَّا أَتَتْ آطامَ جَوٍّ وأَهلَه،
…
أُنِيخَت فأَلقَتْ رَحْلَها بِفِنائكا
وَالْكَثِيرُ أُطُومٌ، وَهِيَ حُصون لأَهل الْمَدِينَةِ؛ قَالَ أَوْس بْنُ مَغْراء السَّعْدِيُّ:
بَثَّ الجُنودَ لَهُمْ فِي الأَرض يَقْتُلُهم،
…
مَا بَيْنَ بُصْرى إِلى آطامِ نَجْرانا
وَالْوَاحِدَةُ أَطَمة مِثْلُ أَكَمَة؛ وَبِالْيَمَنِ حِصْن يُعرف بأُطُم الأَضْبطِ، وَهُوَ الأَضْبط بْنُ قُرَيْع بْنِ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَناة، كَانَ أَغار عَلَى أَهْل صَنْعاء وبَنَى بِهَا أُطُماً وَقَالَ:
وشَفَيْتُ نَفْسِي، مِنْ ذوِي يَمَنٍ،
…
بالطَّعْنِ فِي اللَّبَّات والضربِ
قَتَّلتهمْ وأَبَحْتُ بَلْدَتَهم،
…
وأَقَمْتُ حَوْلًا كامِلًا أَسْبي
وبَنَيْتُ أُطْماً فِي بِلَادِهِمُ،
…
لأُثَبِّت التَّقْهِيرَ بالغَصْبِ
ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: الأُطْم حِصْن مَبْنِيٌّ. ابْنُ الأَعرابي: الأُطُوم القُصور. وَفِي حَدِيثِ
بِلَالٍ: أَنه كَانَ يؤذِّن عَلَى أُطْمٍ
؛ الأُطْم، بِالضَّمِّ: بِنَاءٌ مُرْتَفِعٌ، وَجَمْعُهُ آطَامٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى تَوارَتْ بآطامِ الْمَدِينَةِ
يَعْنِي بأَبنيتها الْمُرْتَفِعَةِ كالحُصون. ابْنُ بُزُرْج: أَطَمْت عَلَى البَيْت أَطْماً أَي أَرْخَيْت سُتورَه. والتَّأْطِيمُ فِي الهَوْدَج: أَن يُسَتَّر بِثِيَابٍ، يُقَالُ: أَطَّمْته تَأْطِيماً؛ وأَنشد:
تَدْخُلُ جَوْزَ الهَوْدَجِ المُؤَطَّمِ
وأَزَمَ بِيَدِهِ وأَطَمَ إِذا عضَّ عَلَيْهَا. وأَطَمْت أُطوماً إِذا سَكَتُّ. أَبو عَمْرٍو: التَّأَطُّم سُكُوتُ الرَّجُلِ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ. وأَطَمْتُ الْبِئْرَ أَطْماً: ضَيَّقْت فَاهَا. وتأَطُّمُ اللَّيْلِ: ظُلْمته وأَطِمَ أَطَماً: غضِب. وتَأَطَّم فُلَانٌ تأَطُّماً إِذا غضِب. وَفُلَانٌ يتأَطَّم عَلَى فُلَانٍ: مِثْلُ يَتَأَجَّم. وأَطِمَ أَطَماً: انضمَّ. والأُطامُ والإِطامُ: حصْر البَعير والرجُل، وَهُوَ أَن لَا يَبُول وَلَا يَبْعَر مِنْ داءٍ، وَقَدْ أَطِمَ أَطَماً
(1). قوله [وفي حديث نجران إلخ] عبارة النهاية: وفي حديث وفد نجران وأضم عليها منه أخوه إلخ
وأُطِمَ أَطْماً وأُطِمَ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا عَسُر عَلَيْهِ بُروزُ غائطِه: قَدْ أُطِم أَطْماً، وأْتُطِمَ ائتِطاماً. وَيُقَالُ: أَصابه أُطامٌ وإِطامٌ إِذا احْتَبَسَ بَطْنُه. وَبَعِيرٌ مَأْطُومٌ وَقَدْ أُطِمَ إِذا لَمْ يَبُل مِنْ داءٍ يَكُونُ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الأُطامُ، بِالضَّمِّ، احْتِبَاسُ الْبَوْلِ، تَقُولُ مِنْهُ: أُؤْتُطِمَ عَلَى الرَّجُلِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
تَمْشي مِنَ التَّحْفِيلِ مَشْيَ المُؤْتَطِمْ
قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ التَّأَطُّم امْتِنَاعُ النَّجْوِ، قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو المُؤَطَّم الْمُكَسَّرُ بِالتُّرَابِ؛ وأَنشد لِعِيَاضِ بْنِ درَّة:
إِذا سَمِعتْ أَصْوات لأْمٍ مِنَ المَلا،
…
بَكَتْ جَزَعاً مِنْ تَحْتِ قَبرٍ مُؤَطَّمِ
والأَطِيمةُ: مَوْقِدُ النَّارِ، وَجَمْعُهَا أَطائم؛ قَالَ الأَفْوَهُ الأَوْديّ:
فِي مَوْطِنٍ ذَرِبِ الشَّبا، فكأَنَّما
…
فِيهِ الرِّجالُ عَلَى الأَطائِم واللَّظى
شَمِرٌ: الأَطِيمةُ تُوثِقُ الْحَمَامَ بِالْفَارِسِيَّةِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَتُّون والأَطيمة الدَّاسْتَوْرَنُ «1» . والأَطُوم: سَمَكَةٌ فِي الْبَحْرِ يُقَالُ لَهَا المَلِصَةُ والزَّالِخَة. والأَطُومُ: السُّلَحْفاة الْبَحْرِيَّةُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: سُلَحْفاة بَحْريّة غَلِيظَةُ الجلْد فِي البَحْر يُشَبَّه بِهَا جِلْد الْبَعِيرِ الأَمْلَس، وتُتَّخذ مِنْهَا الْخِفَافُ للجَمّالين وتُخْصَفُ بِهَا النِّعال؛ قَالَ الشمَّاخ «2»:
وجِلْدُها من أَطُومٍ ما يُؤَيِّسهُ
…
طِلْحٌ، بضاحِية البَيْداء، مَهْزُولُ
وَقِيلَ: الأَطُوم القُنْفُذُ. والأَطُوم: البَقَرةُ، قِيلَ: إِنما سُمِّيت بِذَلِكَ عَلَى التَّشْبيه بالسَّمَكة لغِلَظ جِلْدها؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ:
كأَطُومٍ فَقَدَتْ بُرْغُزَها،
…
أَعْقبَتْها الغُبْسُ مِنْهَا نَدَما
غَفَلَتْ ثُمَّ أَتَتْ تَطْلُبُه،
…
فإِذا هِيَ بِعِظام وَدَما
وَفِي قَصِيدَةِ كَعْبِ بْنِ زُهَير يَمْدَحُ سيدَنا رسولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:
وجِلْدُها مِنْ أَطُوم لَا يُؤَيِّسُهُ
قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَطُومُ الزَّرافةُ يَصِفُ جِلْدها بالقُوَّة والمَلاسَةِ، لَا يُؤَيِّسه: لَا يُؤَثِّر فِيهِ. والأَطِيمُ: شحْم ولَحْم يُطْبخ فِي قِدْرٍ سُدَّ فَمُها. الْفَرَّاءُ: السِّنَّوْرُ يَتَأَطَّمُ ويَتَحَدَّم للصَّوْت الَّذِي فِي صَدْره. وتَأَطَّم السَّيْلُ إِذا ارْتَفَعَتْ فِي وَجْهه طَحَماتٌ كالأَمْواج ثُمَّ يكسَّر بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا ارْتَمَى فِي وَأْدِه تَأَطُّمُهْ
وَأْدُه: صَوْتُه.
أكم: الأَكَمَةُ: مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ أَكَماتٌ وأَكَمٌ، وَجَمْعُ الأَكَمِ إِكامٌ مِثْلُ جَبَلٍ وجِبالٍ، وَجَمْعُ الإِكامِ أُكُم مِثْلُ كتابٍ وكُتُبٍ، وَجَمْعُ الأُكُم آكامٌ مِثْلُ عُنُقٍ وأَعْناقٍ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي جَمْعِ تَمْرة. قَالَ: يُقَالُ أَكمة وأَكَم مِثْلُ ثَمَرة وثَمَر، وَجَمْعُ أَكَمَةٍ أُكُم كخَشَبَة وخُشُبٍ، وإِكام كرَحَبةٍ ورِحاب، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ آكَامٌ كجَبَل وأَجْبالٍ، غَيْرُهُ: الأَكَمَةُ تَلٌّ مِنَ القُفِّ وَهُوَ حَجر واحد.
(1). قوله [شمر الأطيمة إلى قوله الداستورن] مثله في التهذيب إلا أن لفظ توثق الحمام منقوط في التهذيب هكذا وفي الأصل من غير نقط، وقوله الداستورن هو في الأصل هكذا وفي التهذيب الداشوزن
(2)
. هذا البيت لكعب بن زهير لا للشماخ، وفي القصيدة: بضاحية المتنين بدل بضاحية البيداء
ابْنُ سِيدَهْ الأَكَمَة القُفُّ مِنْ حِجَارَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ دُونَ الْجِبَالِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ أَشدُّ ارْتِفَاعًا ممَّا حَوْلَه وَهُوَ غَلِيظٌ لَا يَبْلُغُ أَن يَكُونَ حَجَراً، وَالْجَمْعُ أَكَمٌ وأُكُمٌ وأُكْمٌ وإِكامٌ وآكامٌ وآكُمٌ كأَفْلُسٍ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَكَمَةُ قُفٌّ غَيْرَ أَن الأَكَمةَ أَطْول فِي السَّمَاءِ وأَعظم. وَيُقَالُ: الأَكَمُ أَشْرافٌ فِي الأَرض كالرَّوابي. وَيُقَالُ: هُوَ مَا اجْتَمَعَ مِنَ الحِجارة فِي مكانٍ وَاحِدٍ، فَرُبَّما غَلُظَ وَرُبَّمَا لَمْ يَغْلُظ. وَيُقَالُ: الأَكَمَةُ مَا ارتَفَعَ عَنِ القُفِّ مُلَمْلَمٌ مُصَعَّدٌ فِي السَّمَاءِ كَثِيرُ الْحِجَارَةِ. وَرَوَى ابْنُ هَانِئٍ عَنْ زَيْد بْنِ كَثْوة أَنه قَالَ: مِنْ أَمثالهم: حَبَسْتُموني ووَراء الأَكَمَةِ مَا وَراءها؛ قالَتْها امرأَة كَانَتْ واعَدَتْ تَبَعاً لَهَا أَن تأْتِيَهُ وَرَاءَ الأَكَمة إِذا جَنَّ رُؤْيٌ رُؤْياً، فَبَيْنا هِيَ مُعِيرةٌ فِي مَهْنَة أَهْلِها إِذ نَسَّها شَوْقٌ إِلى مَوْعِدها وَطَالَ عَلَيْهَا المُكْث وضَجِرت «1» .، فَخَرَجَ مِنْهَا الَّذِي كَانَتْ لَا تُرِيدُ إِظْهارَه وَقَالَتْ: حَبَسْتُموني ووَراء الأَكَمة مَا وَراءها يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ الهُزْء بِكُلِّ مَنْ أَخبر عَنْ نَفْسِهِ ساقِطاً مَا لَا يُرِيدُ إِظْهارَه. واسْتَأْكَم الموضعُ: صَارَ أَكَماً؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:
بَيْنَ النَّقَا والأَكَم المُسْتَأْكِمِ
وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسْقاء:
عَلَى الإِكامِ والظِّرابِ ومَنابتِ الشجَرِ
؛ الإِكامُ: جَمْعُ أَكَمة وَهِيَ الرابِيَة. والمَأْكَمَةُ: العَجِيزةُ. والمَأْكَمان والمَأْكَمَتان: اللَّحْمَتان اللَّتَانِ عَلَى رُؤوس الوَرِكَيْن، وَقِيلَ: هُمَا بَخَصَتان مُشْرِفتان عَلَى الحَرْقَفَتَيْنِ، وَهُمَا رُؤوس أَعالي الوَرِكَيْن عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ، وَقِيلَ: هُمَا لَحْمتان وَصَلَتا مَا بَيْنَ العَجُز والمَتْنَيْن، وَالْجَمْعُ المَآكِمُ؛ قَالَ:
إِذا ضَرَبَتْها الرِّيح فِي المِرْطِ أَشْرَفَتْ
…
مَآكِمُها، والزُّلُّ فِي الرِّيحِ تُفْضَحُ
وَقَدْ يُفْرَد فَيُقَالُ مَأْكَمٌ ومَأْكِمٌ ومَأْكَمَةٌ ومَأْكِمَةٌ؛ قَالَ:
أَرَغْت بِهِ فَرْجاً أَضاعَتْه فِي الوَغى،
…
فَخَلَّى القُصَيْرى بَيْنَ خَصْر ومَأْكَمِ
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لعَظيمُ المَآكِمِ كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ مَأْكَماً. وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ:
إِذا صَلَّى أَحدُكم فَلَا يَجْعل يَدَهُ عَلَى مَأْكَمتَيْه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُمَا لَحْمتان فِي أَصل الوَرِكَيْن، وَقِيلَ: بَيْنَ العَجُز والمَتْنَيْن، قَالَ: وَتُفْتَحُ كافُها وتكْسَر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المُغِيرة:
أَحْمَر المَأْكَمَةِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: لَمْ يُرِدْ حُمْرة ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِعَيْنِهِ، وإِنما أَراد حُمْرَة مَا تَحْتَهَا مِنْ سَفِلَته، وَهُوَ مَا يُسَبُّ بِهِ فَكَنَى عَنْهَا بِهَا؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ فِي السَّبِّ: يَا ابْنَ حَمْراء العِجَانِ ومَرْأَة مُؤَكِّمَةٌ: عَظِيمَةُ المَأْكِمَتَيْن. وأُكِمَتِ الأَرضُ: أُكِلَ جميعُ مَا فِيهَا. وإِكامٌ: جَبَلٌ بِالشَّامِ؛ وَرُوِيَ بَيْتُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
بَيْنَ حامِرٍ وبين إِكام «2»
(1). قوله [وضجرت] في التهذيب: وصخبت
(2)
. قوله [بين حامر] عبارة ياقوت معجمه بعد أن ذكر أن حامراً عدّة مواضع: وحامراً أيضاً واد في رمال بني سعد، وحامر أيضاً موضع في ديار غطفان، ولا أدري أيهما أَرَادَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بِقَوْلِهِ:
أحار تَرَى بَرْقًا أُرِيكَ وَمِيضَهُ
…
كلمع اليدين في حيّ مكلل
قَعَدْتُ لَهُ وَصُحْبَتِي بَيْنَ حَامِرٍ
…
وَبَيْنَ إِكَامِ بعد ما متأمل
وقال عند التكلم على إِكام بكسر الهمزة موضع بالشام، وأنشد البيت الثاني ويروى أيضاً: بَيْنَ ضارجٍ وَبَيْنَ العُذيب بدل بَيْنَ حَامِرٍ وَبَيْنَ إِكام.
ألم: الأَلَمُ: الوجَعُ، وَالْجَمْعُ آلامٌ. وَقَدْ أَلِمَ الرجلُ يَأْلَمُ أَلَماً، فَهُوَ أَلِمٌ. ويُجْمَعُ الأَلَمُ آلَامًا، وتَأَلَّم وآلَمْتُه. والأَلِيمُ: المُؤلِمُ المُوجِعُ مِثْلُ السَّمِيع بِمَعْنَى المُسْمِع؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ:
يَصُكُّ خُدُودَها وهَجٌ أَلِيمُ
والعَذاب الأَلِيمُ: الَّذِي يَبْلغ إِيجاعُهُ غَايَةَ الْبُلُوغِ، وإِذا قُلْتَ عَذاب أَلِيمٌ فَهُوَ بِمَعْنَى مُؤلِم، قَالَ: وَمِثْلُهُ رَجُلٌ وجِع. وضرْب وَجِع أَي مُوجِع. وتَأَلَّم فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ إِذا تَشَكَّى وتَوَجَّع مِنْهُ. والتَّأَلُّم: التَّوجُّع. والإِيلامُ: الإِيجاعُ. وأَلِمَ بَطنَه: مِنْ بَابِ سَفِه رأْيَه. الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ أَلِمْت بطنَك ورَشِدْت أَمْرَك أَي أَلِمَ بَطنُك ورَشِدَ أَمْرُك، وانتِصاب قَوْلِهِ بَطْنَك عِنْدَ الْكِسَائِيِّ عَلَى التَّفْسِيرِ، وَهُوَ مَعْرِفَةٌ، والمُفَسرات نَكرات كَقَوْلِكَ قَرِرْت بِهِ عَيْناً وضِقْتُ بِهِ ذَرْعاً، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ عِنْدَ قَوْلِهِ عز وجل: إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ، قَالَ: وَوَجْهُ الْكَلَامِ أَلِمَ بَطْنُه يَأْلَم أَلَماً، وَهُوَ لَازِمٌ فَحُوِّل فِعْلُه إِلى صَاحِبِ البَطْن، وخَرَج مُفَسّراً فِي قَوْلِهِ أَلِمْتَ بَطْنَك. والأَيْلَمَةُ: الأَلمُ. وَيُقَالُ: مَا أَخذ أَيْلمةً وَلَا أَلماً، وَهُوَ الوجَع. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَا سَمِعْتُ لَهُ أَيْلمةً أَي صَوْتاً. وقال شَمِرٌ عَنْهُ: مَا وَجَدْت أَيلمةً وَلَا أَلَماً أَي وَجَعاً. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَيْلمةُ الحَركة؛ وأَنشد:
فَمَا سَمِعْتُ بَعْدَ تِلْكَ النَّأَمَهْ
…
مِنْهَا وَلَا مِنْهُ، هُنَاكَ، أَيْلمهْ
قَالَ الأَزهري: وَقَالَ شَمِرٌ تَقُولُ الْعَرَبُ أَما وَاللَّهِ لأُبِيتَنَّك عَلَى أَيْلَمَةٍ، ولأَدَعَنَّ نَوْمَك تَوْثاباً، ولأُثئِدَنَّ مَبْرَكَك، ولأُدْخِلنَّ صَدْرك غمَّة: كلُّه فِي إِدْخال المشقَّة عَلَيْهِ والشدَّة. وأَلُومةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ صَخْر الْغَيِّ:
القَائد الخَيْلَ مِنْ أَلومَةَ أَو
…
مِنْ بَطْن وادٍ، كأَنها العجَدُ «1»
. وَفِي التَّهْذِيبِ:
ويَجْلُبُوا الخَيْلَ مِنْ أَلُومَةَ أَوْ
…
مِنْ بَطْنِ عَمْقٍ، كأَنَّها البُجُدُ
أمم: الأَمُّ، بِالْفَتْحِ: القَصْد. أَمَّهُ يَؤُمُّه أَمّاً إِذا قَصَدَه؛ وأَمَّمهُ وأْتَمَّهُ وتَأَمَّمَهُ ويَمَّه وتَيَمَّمَهُ، الأَخيرتان عَلَى البَدل؛ قَالَ:
فَلَمْ أَنْكُلْ وَلَمْ أَجْبُنْ، ولكنْ
…
يَمَمْتُ بِهَا أَبا صَخْرِ بنَ عَمرو
ويَمَّمْتُه: قَصَدْته؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَزْهَر لَمْ يُولَدْ بنَجْم الشُّحِّ،
…
مُيَمَّم البَيْت كَرِيم السِّنْحِ «2»
. وتَيَمَّمْتُهُ: قَصَدْته. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَن كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلى سُنَّةٍ فَلِأَمٍّ مَا هُوَ
أَي قَصْدِ الطَّرِيقِ المُسْتقيم. يُقَالُ: أَمَّه يَؤمُّه أَمّاً، وتأَمَّمَهُ وتَيَمَّمَه. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ الأَمُّ أُقِيم مَقام المَأْمُوم أَي هُوَ عَلَى طَرِيقٍ يَنْبَغِي أَن يُقْصد، وإِن كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، فإِنه يَرْجِعُ إِلى أَصله «3» . مَا هُوَ
(1). قوله [قال صخر الغيّ] أنشده في ياقوت هكذا:
هم جلبوا الْخَيْلَ مِنْ أَلُومَةَ أَوْ
…
مِنْ بَطْنِ عَمْقٍ كَأَنَّهَا البجد
جمع بجاد وهو كساء مخطط انتهى. وتقدم للمؤلف في مادة عجد بغير هذه الأَلفاط
(2)
. قوله [أزهر إلخ] تقدم في مادة سنح على غير هذا الوجه
(3)
. قوله [إلى أصله إلخ] هكذا في الأصل وبعض نسخ النهاية وفي بعضها إلى ما هو بمعناه بإسقاط لفظ أصله
بِمَعْنَاهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانُوا يَتَأَمَّمُون شِرارَ ثِمارِهم فِي الصدَقة
أَي يَتَعَمَّدون ويَقْصِدون، وَيُرْوَى يَتَيَمَّمون، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: وانْطَلَقْت أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم
، وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: فتَيمَّمت بِهَا التَّنُّور
أَي قَصَدت. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مالك: ثُمَّ يُؤمَرُ بأَمِّ الْبَابِ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ غَمٌّ أَبداً
أَي يُقْصَد إِليه فَيُسَدُّ عَلَيْهِمْ. وتَيَمَّمْت الصَّعيد لِلصَّلَاةِ، وأَصلُه التَّعَمُّد والتَّوَخِّي، مِنْ قَوْلِهِمْ تَيَمَّمْتُك وتَأَمَّمْتُك. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قَوْلُهُ: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً*
، أَي اقْصِدوا لصَعِيد طيِّب، ثُمَّ كَثُر استعمالُهم لِهَذِهِ الكلِمة حَتَّى صَارَ التَّيَمُّم اسْمًا علَماً لِمَسْح الوَجْه واليَدَيْن بالتُّراب. ابْنُ سِيدَهْ: والتَّيَمُّم التَّوَضُّؤ بالتُّراب عَلَى البَدل، وأَصْله مِنَ الأَول لأَنه يقصِد التُّراب فيَتَمَسَّحُ بِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَمَمْتُه أَمًّا وتَيَمَّمته تَيَمُّماً وتَيَمَّمْتُه يَمامَةً، قَالَ: وَلَا يَعْرِفُ الأَصمعي أَمَّمْتُه، بِالتَّشْدِيدِ، قَالَ: وَيُقَالُ أَمَمْتُه وأَمَّمْتُه وتَأَمَّمْتُه وتَيَمَّمْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي تَوَخَّيْتُه وقَصَدْته. قَالَ: والتَّيَمُّمُ بالصَّعِيد مأْخُوذ مِنْ هَذَا، وَصَارَ التَّيَمُّمُ عِنْدَ عَوامّ النَّاسِ التَّمَسُّح بِالتُّرَابِ، والأَصلُ فِيهِ القَصْد والتَّوَخِّي؛ قَالَ الأَعشى:
تَيَمَّمْتُ قَيْساً وَكَمْ دُونَه،
…
مِنَ الأَرض، مِنْ مَهْمَهٍ ذِي شزَنْ
وقال اللحياني: يقال أَمُّو ويَمُّوا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، ثُمَّ ذكَر سَائِرَ اللُّغَاتِ. ويَمَّمْتُ المَرِيضَ فَتَيَمَّم لِلصَّلَاةِ؛ وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَكثر ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ يَمَّمَ بِالْيَاءِ. ويَمَّمْتُه بِرُمْحي تَيْمِيماً أَي تَوَخَّيْتُه وقَصَدْته دُونَ مَن سِوَاهُ؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ مُلاعِب الأَسِنَّة:
يَمَّمْتُه الرُّمْح صَدْراً ثُمَّ قُلْتُ لَهُ:
…
هَذِي المُرُوءةُ لَا لِعْب الزَّحالِيقِ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ يَمم: واليَمامة القَصْد؛ قَالَ المرَّار:
إِذا خَفَّ ماءُ المُزْن عَنْهَا، تَيَمَّمَتْ
…
يَمامَتَها، أَيَّ العِدادِ تَرُومُ
وجَمَلٌ مِئمٌّ: دَلِيلٌ هادٍ، وَنَاقَةٌ مِئَمَّةٌ كَذَلِكَ، وكلُّه مِنَ القَصْد لأَن الدَّليلَ الْهَادِيَ قاصدٌ. والإِمَّةُ: الحالةُ، والإِمَّة والأُمَّةُ: الشِّرعة والدِّين. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ*
؛ قَالَهُ اللِّحْيَانِيُّ، وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: عَلَى إِمَّةٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: قُرِئَ إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ*
، وَهِيَ مِثْلُ السُّنَّة، وَقُرِئَ عَلَى إِمَّةٍ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ مِنْ أَمَمْت. يُقَالُ: مَا أَحسن إِمَّتَهُ، قَالَ: والإِمَّةُ أَيْضًا النَّعِيمُ والمُلك؛ وأَنشد لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
ثُمَّ، بَعْدَ الفَلاح والمُلك والإِمَّةِ،
…
وارَتْهُمُ هُنَاكَ القُبورُ
قَالَ: أَراد إِمامَة المُلك ونَعِيمه. والأُمَّةُ والإِمَّةُ: الدِّينُ. قَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ
، أَيْ كَانُوا عَلَى دينٍ واحد. قال أَبو إِسحق: وقال بَعْضُهُمْ فِي مَعْنَى الْآيَةِ: كَانَ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ كُفّاراً فبعَث اللَّهُ النبيِّين يُبَشِّرون مَنْ أَطاع بِالْجَنَّةِ ويُنْذِرون مَنْ عَصى بِالنَّارِ. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ جَمِيعُ مَن مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ مُؤْمِنًا ثُمَّ تفرَّقوا مِنْ بَعْدُ عَنْ كُفر فَبَعَثَ اللَّهُ النبيِّين. وقال آخَرُونَ: الناسُ كَانُوا كُفّاراً فَبَعَثَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ والنَّبيِّين مِنْ بعدهِ. قَالَ
أَبو مَنْصُورٍ «1» : فِيمَا فسَّروا يَقَعُ عَلَى الكُفَّار وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ. والأُمَّةُ: الطَّرِيقَةُ وَالدِّينُ. يُقَالُ: فُلَانٌ لَا أُمَّةَ لَهُ أَي لَا دِينَ لَهُ وَلَا نِحْلة لَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وهَلْ يَسْتَوي ذُو أُمَّةٍ وكَفُورُ؟
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
؛ قَالَ الأَخفش: يُرِيدُ أَهْل أُمّةٍ أَي خَيْرَ أَهْلِ دينٍ؛ وأَنشد لِلنَّابِغَةِ:
حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِك رِيبةً،
…
وَهَلْ يأْثَمَنْ ذُو أُمَّةٍ وَهْوَ طائعُ؟
والإِمَّةُ: لُغَةٌ فِي الأُمَّةِ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ والدينُ. والإِمَّة: النِّعْمة؛ قال الأَعشى:
وَلَقَدْ جَرَرْتُ لَكَ الغِنى ذَا فاقَةٍ،
…
وأَصاب غَزْوُك إِمَّةً فأَزالَها
والإِمَّةُ: الهَيْئة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والإِمَّةُ أَيضاً: الحالُ والشأْن. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الإِمَّةُ غَضارةُ العَيش والنعْمةُ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، رضي الله عنه:
فهلْ لكُمُ فيكُمْ، وأَنْتُم بإِمَّةٍ
…
عَلَيْكُمْ عَطاءُ الأَمْنِ، مَوْطِئُكم سَهْلُ
والإِمَّةُ، بِالْكَسْرِ: العَيْشُ الرَّخِيُّ؛ يُقَالُ: هُوَ فِي إِمَّةٍ مِنَ العَيْش وآمَةٍ أَي فِي خِصْبٍ. قَالَ شَمِرٌ: وآمَة، بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ: عَيْب؛ وأَنشد:
مَهْلًا، أَبَيْتَ اللَّعْنَ مَهْلًا
…
إِنَّ فِيمَا قلتَ آمَهْ
وَيُقَالُ: مَا أَمّي وأَمُّه وَمَا شَكْلي وشَكله أَي مَا أَمْري وأَمْره لبُعْده مِنِّي فلِمَ يَتعرَّض لِي؟ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَمَا إِمِّي وإِمُّ الوَحْشِ لَمَّا
…
تَفَرَّعَ فِي ذُؤابَتِيَ المَشيبُ
يَقُولُ: مَا أَنا وطَلَب الوَحْش بَعْدَمَا كَبِرْت، وَذِكْرُ الإِمِّ حَشْو فِي الْبَيْتِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ وَمَا أَمِّي وأَمُّ الوَحْش، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، والأَمُّ: القَصْد. وقال ابْنُ بُزُرْج: قَالُوا مَا أَمُّك وأَمّ ذَاتِ عِرْق أَي أَيْهاتَ مِنْكَ ذاتُ عِرْق. والأَمُّ: العَلَم الَّذِي يَتْبَعُه الجَيْش ابْنُ سِيدَهْ: والإِمَّة والأُمَّة السُّنَّةُ. وتَأَمَّم بِهِ وأْتَمَّ: جَعَلَهُ أَمَّةً. وأَمَّ القومَ وأَمَّ بِهِمْ: تقدَّمهم، وَهِيَ الإِمامةُ. والإِمامُ: كُلُّ مَنِ ائتَمَّ بِهِ قومٌ كَانُوا عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ أَو كَانُوا ضالِّين. ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ عز وجل: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ
، قَالَتْ طائفة: بكتابهم، وقال آخَرُونَ: بنَبيّهم وشَرْعهم، وَقِيلَ: بِكِتَابِهِ الَّذِي أَحصى فِيهِ عَمَله. وسيدُنا رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، إِمامُ أُمَّتِه، وَعَلَيْهِمْ جَمِيعًا الائتمامُ بسُنَّته الَّتِي مَضى عَلَيْهَا. وَرَئِيسُ الْقَوْمِ: أَمُّهم. ابْنُ سِيدَهْ: والإِمامُ مَا ائْتُمَّ بِهِ مِنْ رئيسٍ وغيرِه، وَالْجَمْعُ أَئِمَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ
، أَي قاتِلوا رؤساءَ الكُفْر وقادَتَهم الَّذِينَ ضُعَفاؤهم تَبَعٌ لَهُمْ. الأَزهري: أَكثر القُراء قَرَؤوا
أَيِمَّة الكُفْرِ
، بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ، وقرأَ بعضهم
أَئمَّةَ
، بهمزيتن، قَالَ: وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وجَعلْناهم أَيِمَّةً يَدْعون إِلى النارِ
، أَي مَن تَبِعَهم فَهُوَ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قُلبت الْهَمْزَةُ يَاءً لثِقَلها لأَنها حَرْفٌ سَفُل فِي الحَلْق وبَعُد
(1). قوله [قال أبو منصور إلخ] هكذا في الأصل، ولعله قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْإِمَّةُ فيما فسروا إلخ
عَنِ الْحُرُوفِ وحَصَل طرَفاً فَكَانَ النُّطْق بِهِ تكَلُّفاً، فإِذا كُرِهت الْهَمْزَةُ الْوَاحِدَةُ، فَهُمْ باسْتِكْراه الثِّنْتَيْن ورَفْضِهما لَا سِيَّما إِذا كَانَتَا مُصْطَحِبتين غَيْرَ مفرَّقتين فَاءً وَعَيْنًا أَو عَيْنًا وَلَامًا أَحرى، فَلِهَذَا لَمْ يأْت فِي الْكَلَامِ لفظةٌ توالتْ فِيهَا هَمْزتان أَصلًا البتَّة؛ فأَما مَا حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ دَريئة ودَرائئٌ وخَطيئة وخَطائيٌ فشاذٌّ لَا يُقاس عَلَيْهِ، وَلَيْسَتِ الْهَمْزَتَانِ أَصْلَين بَلِ الأُولى مِنْهُمَا زَائِدَةٌ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ أَهل الْكُوفَةِ
أَئمَّة
، بِهَمْزَتَيْنِ، شَاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: الإِمامُ الَّذِي يُقْتَدى بِهِ وَجَمْعُهُ أَيِمَّة، وأَصله أَأْمِمَة، عَلَى أَفْعِلة، مِثْلَ إِناء وآنِيةٍ وإِلَه وآلِهةٍ، فأُدغمت الْمِيمُ فنُقِلَت حركتُها إِلَى مَا قَبْلَها، فَلَمَّا حَرَّكوها بِالْكَسْرِ جَعَلُوهَا يَاءً، وَقُرِئَ
أَيِمَّة الكُفْر
؛ قَالَ الأَخفش: جُعلت الْهَمْزَةُ يَاءً، وَقُرِئَ
أَيِمَّة الكُفْر
؛ قَالَ الأَخفش: جُعلت الْهَمْزَةُ يَاءً لأَنها فِي مَوْضِعِ كَسْر وَمَا قَبْلَهَا مَفْتُوحٌ فَلَمْ يَهمِزُوا لِاجْتِمَاعِ الْهَمْزَتَيْنِ، قَالَ: وَمَنْ كَانَ مِنْ رَأْيه جَمْعُ الْهَمْزَتَيْنِ همَز، قَالَ: وَتَصْغِيرُهَا أُوَيْمة، لَمَّا تحرّكت الهمزة بالفتحة قلبها واواً، وقال الْمَازِنِيُّ أُيَيْمَة وَلَمْ يقلِب، وإِمامُ كلِّ شَيْءٍ: قَيِّمُهُ والمُصْلِح لَهُ، والقرآنُ إِمامُ المُسلمين، وسَيدُنا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، إِمام الأَئِمَّة، وَالْخَلِيفَةُ إِمَامُ الرَّعِيَّةِ، وإِمامُ الجُنْد قَائِدُهُمْ. وَهَذَا أَيَمُّ مِنْ هَذَا وأَوَمُّ مِنْ هَذَا أَي أَحسن إِمَامَةً مِنْهُ، قَلَبوها إِلى الْيَاءِ مرَّة وإِلى الْوَاوِ أُخرى كَراهِية التقاء الهمزتين. وقال أَبو إِسحق: إِذا فضَّلنا رجُلًا فِي الإِمامةِ قُلْنَا: هَذَا أَوَمُّ مِنْ هَذَا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هَذَا أَيَمُّ مِنْ هَذَا، قَالَ: والأَصل فِي أَئمَّة أَأْمِمَة لأَنه جَمْعُ إِمامٍ مِثْلُ مِثال وأَمْثِلة ولكنَّ المِيمَيْن لمَّا اجْتَمَعَتَا أُدغمت الأُولى فِي الثَّانِيَةِ وأُلقيت حَرَكَتُهَا عَلَى الْهَمْزَةِ، فَقِيلَ أَئِمَّة، فأَبدلت الْعَرَبُ مِنَ الْهَمْزَةِ الْمَكْسُورَةِ الْيَاءَ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ هَذَا أَيَمُّ مِنْ هَذَا، جَعَلَ هَذِهِ الْهَمْزَةَ كلَّما تَحَرَّكَتْ أَبدل مِنْهَا يَاءً، وَالَّذِي قَالَ فُلَانٌ أَوَمُّ مِنْ هَذَا كَانَ عِنْدَهُ أَصلُها أَأَمُّ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ أَن يُبْدِلَ مِنْهَا أَلفاً لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ فَجَعَلَهَا وَاوًا مَفْتُوحَةً، كَمَا قَالَ فِي جَمْعِ آدَم أَوادم، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، قَالَ: وَالَّذِي جَعَلها يَاءً قَالَ قَدْ صَارَتِ الياءُ فِي أَيِمَّة بَدَلًا لَازِمًا، وَهَذَا مَذْهَبُ الأَخفش، والأَول مَذْهَبُ الْمَازِنِيِّ، قَالَ: وأَظنه أَقْيَس المذهَبين، فأَما أَئمَّة بِاجْتِمَاعِ الْهَمْزَتَيْنِ فإِنما يُحْكى عن أَبي إِسحق، فإِنه كَانَ يُجيز اجتماعَهما، قَالَ: وَلَا أَقول إِنها غَيْرُ جَائِزَةٍ، قَالَ: وَالَّذِي بَدَأْنا بِهِ هُوَ الِاخْتِيَارُ. وَيُقَالُ: إِمامُنا هَذَا حَسَن الإِمَّة أَي حَسَن القِيام بإِمامته إِذا صلَّى بِنَا. وأَمَمْتُ القومَ فِي الصَّلاة إِمامةً. وأْتمّ بِهِ أَي اقْتَدَى بِهِ. والإِمامُ: المِثالُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَبوه قَبْلَه، وأَبو أَبِيه،
…
بَنَوْا مَجْدَ الحيَاة عَلَى إِمامِ
وإِمامُ الغُلام فِي المَكْتَب: مَا يَتعلَّم كلَّ يَوْمٍ. وإِمامُ المِثال: مَا امْتُثِلَ عَلَيْهِ. والإِمامُ: الخَيْطُ الَّذِي يُمَدُّ عَلَى الْبِنَاءِ فيُبْنَى عَلَيْهِ ويُسَوَّى عَلَيْهِ سافُ الْبِنَاءِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ:
وخَلَّقْتُه، حَتَّى إِذا تمَّ واسْتَوى
…
كَمُخَّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمامِ
أَي كَهَذَا الخَيْط المَمْدود عَلَى البِناء فِي الامِّلاسِ والاسْتِواء؛ يَصِفُ سَهْماً؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ:
قَرَنْتُ بِحَقْوَيْه ثَلاثاً فَلَمْ يَزِغْ،
…
عَنِ القَصْدِ، حَتَّى بُصِّرَتْ بِدِمامِ
وَفِي الصِّحَاحِ: الإِمامُ خَشَبَةُ البنَّاء يُسَوِّي عَلَيْهَا البِناء.
وإِمامُ القِبلةِ: تِلْقاؤها. وَالْحَادِي: إمامُ الإِبل، وإِن كَانَ وَرَاءَهَا لأَنه الْهَادِي لَهَا. والإِمامُ: الطريقُ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ
، أَي لَبِطريق يُؤَمُّ أَي يُقْصَد فَيُتَمَيَّز، يَعْنِي قومَ لُوطٍ وأَصحابَ الأَيكةِ. والإِمامُ: الصُّقْعُ مِنَ الطَّرِيقِ والأَرض. وقال الْفَرَّاءُ: وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ
، يَقُولُ: فِي طَريق لَهُمْ يَمُرُّون عَلَيْهَا فِي أَسْفارِهم فَجعل الطَّريقَ إِماماً لأَنه يُؤم ويُتَّبَع. والأَمامُ: بِمَعْنَى القُدّام. وَفُلَانٌ يَؤمُّ القومَ: يَقْدُمهم. وَيُقَالُ: صَدْرك أَمامُك، بِالرَّفْعِ، إِذا جَعَلْته اسْمًا، وَتَقُولُ: أَخوك أَمامَك، بِالنَّصْبِ، لأَنه صِفَةٌ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ فَجَعله اسْمًا:
فَعَدَتْ كِلا الفَرْجَيْن تَحْسِبُ أَنه
…
مَوْلَى المَخافَةِ: خَلْفُها وأَمامُها «2»
. يَصِفُ بَقَرة وَحْشِية ذَعَرها الصائدُ فَعَدَتْ. وكِلا فَرْجَيها: وَهُوَ خَلْفُها وأَمامُها. تَحْسِب أَنه: الْهَاءُ عِمادٌ. مَوْلَى مَخافَتِها أَي وَلِيُّ مَخافَتِها. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَؤُمُّ القَوْمَ أَي يَتَقَدَّمُهم، أُخِذ مِنَ الأَمامِ. يُقَالُ: فُلانٌ إِمامُ الْقَوْمِ؛ مَعْنَاهُ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ لَهُمْ، وَيَكُونُ الإِمامُ رئِيساً كَقَوْلِكَ إمامُ الْمُسْلِمِينَ، وَيَكُونُ الكتابَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ
، وَيَكُونُ الإِمامُ الطريقَ الواضحَ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ
، وَيَكُونُ الإِمامُ المِثالَ، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ:
بَنَوْا مَجْدَ الحَياةِ عَلَى إِمامِ
معناه على مِثال؛ وقال لَبِيدٌ:
ولكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وإِمامُها
وَالدَّلِيلُ: إِمامُ السَّفْر. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ:
فِي حَلْقِكم عَظْماً وَقَدْ شُجِينا
وإِنَّ المُتَّقِين فِي جَنَّات ونَهَرٍ. وَقِيلَ: الإِمامُ جَمْعُ آمٍّ كصاحِبٍ وصِحابٍ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ إِمامٍ لَيْسَ عَلَى حَدِّ عَدْلٍ ورِضاً لأَنهم قَدْ قَالُوا إِمامان، وإِنما هُوَ جَمْعٌ مُكَسَّر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَنْبأَني بِذَلِكَ أَبو العَلاء عَنْ أَبي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ قَالَ: وَقَدِ اسْتَعْمَلَ سِيبَوَيْهِ هَذَا القياسَ كَثِيرًا، قَالَ: والأُمَّةُ الإِمامُ. اللَّيْثُ: الإِمَّةُ الائتِمامُ بالإِمامِ؛ يُقَالُ: فُلانٌ أَحقُّ بإِمَّةِ هَذَا الْمَسْجِدِ مِنْ فُلان أَي بالإِمامة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الإِمَّة الهَيْئةُ فِي الإِمامةِ والحالةُ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ حَسَن الإِمَّةِ أَي حَسَن الهَيْئة إِذا أَمَّ الناسَ فِي الصَّلاة، وَقَدِ ائتَمَّ بِالشَّيْءِ وأْتَمَى بِهِ، عَلَى البدَل كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ؛ وأَنشد يَعْقُوبُ:
نَزُورُ امْرأً، أَمّا الإِلَه فَيَتَّقِي،
…
وأَمّا بفعلِ الصَّالحين فَيَأْتَمِي
والأُمَّةُ: القَرْن مِنَ النَّاسِ؛ يُقَالُ: قَدْ مَضَتْ أُمَمٌ أَي قُرُونٌ. وأُمَّةُ كُلِّ نَبِيٍّ: مَن أُرسِل إِليهم مِنْ كَافِرٍ ومؤمنٍ. اللَّيْثُ: كلُّ قَوْمٍ نُسِبُوا إِلى نَبِيٍّ فأُضيفوا إِليه فَهُمْ أُمَّتُه، وَقِيلَ: أُمة مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عليهم وَسَلَّمَ، كلُّ مَن أُرسِل إِليه مِمَّن آمَن بِهِ أَو كَفَر، قَالَ: وَكُلُّ جِيلٍ مِنَ النَّاسِ هُمْ أُمَّةٌ عَلَى حِدَة.
(2). قوله [فعدت كلا الفرجين] هو في الأصل بالعين المهملة ووضع تحتها عيناً صغيرة، وفي الصحاح في مادة ولي بالغين المعجة ومثله في التكملة في مادة فرج، ومثله كذلك في معلقة لبيد
وقال غَيْرُهُ: كلُّ جِنس مِنَ الْحَيَوَانِ غَيْرِ بَنِي آدَمَ أُمَّةٌ عَلَى حِدَة، والأُمَّةُ: الجِيلُ والجِنْسُ مِنْ كُلِّ حَيّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ
؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ
فِي مَعْنىً دُونَ مَعْنىً، يُريدُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهم وتَعَبَّدَهُم بِمَا شَاءَ أَنْ يَتَعَبَّدَهُم مِنْ تسْبيح وعِبادةٍ عَلِمها مِنْهُمْ وَلَمْ يُفَقِّهْنا ذَلِكَ. وَكُلُّ جِنْسٍ مِنَ الْحَيَوَانِ أُمَّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْلَا أنَّ الكِلاب أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ لأَمَرْت بقَتْلِها، وَلَكِنِ اقْتُلوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَد بَهيم
، وَوَرَدَ فِي رِوَايَةٍ:
لَوْلَا أَنَّهَا أُمَّةٌ تُسَبِّحُ لأَمَرْت بقَتْلِها
؛ يَعْنِي بِهَا الْكِلَابَ. والأُمُّ: كالأُمَّةِ؛ وَفِي حديث:
إِنْ أَطاعُوهما، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَشِدوا ورَشَدت أُمُّهم
، وَقِيلَ، هُوَ نَقِيضُ قَوْلِهِمْ هَوَتْ أُمُّه، فِي الدُّعاء عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَن كَانَ عَلَى دينِ الحَقِّ مُخالفاً لِسَائِرِ الأَدْيان، فَهُوَ أُمَّةٌ وَحْدَهُ. وَكَانَ إبراهيمُ خليلُ الرَّحْمَنِ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، أُمَّةً؛ والأُمَّةُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَا نظِير لَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ
؛ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كانَ أُمَّةً
أَيِ إِمَامًا. أَبو عَمْرٍو الشَّيباني: إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلشَّيْخِ إِذَا كَانَ باقِيَ الْقُوَّةِ: فُلَانٌ بإِمَّةٍ، مَعْنَاهُ رَاجِعٌ إِلَى الْخَيْرِ والنِّعْمة لأَن بَقاء قُوّتِه مَنْ أَعظم النِّعْمة، وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ مِنَ القَصْد. يُقَالُ: أَمَمْتُ إِلَيْهِ إِذَا قَصَدْته، فَمَعْنَى الأُمَّة فِي الدِّينِ أَنَّ مَقْصِدَهم مقْصِد وَاحِدٌ، وَمَعْنَى الإِمَّة فِي النِّعْمة إِنَّمَا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَقْصِده الخلْق ويَطْلُبونه، وَمَعْنَى الأُمَّة فِي الرجُل المُنْفَرد الَّذِي لَا نَظِير لَهُ أَنَّ قَصْده مُنْفَرِدٌ مِنْ قَصْد سَائِرِ النَّاسِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وَهَلْ يَأْثَمَنْ ذُو أُمَّةٍ وَهْوَ طائعُ
وَيُرْوَى: ذُو إمَّةٍ، فَمَنْ قال ذو أُمَّةٍ فمعناه ذُو دينٍ وَمَنْ قَالَ ذو إمَّةٍ فمعناه ذو نِعْمة أُسْدِيَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: وَمَعْنَى الأُمَّةِ الْقَامَةُ «1» . سَائِرُ مَقْصِدِ الْجَسَدِ، وَلَيْسَ يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَنْ مَعْنَى أَمَمْت قَصَدْت. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً
؛ قَالَ: أُمَّةً مُعلِّماً للخَير.
وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فسأَله عَنِ الأُمَّةِ، فَقَالَ: مُعَلِّمُ الْخَيْرِ
، والأُمَّةُ المُعَلِّم. وَيُرْوَى
عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: يُبْعَث يَوْمَ الْقِيَامَةِ زيدُ بنُ عَمْرِو بنِ نُفَيْل أُمَّةً عَلَى حِدَةٍ
، وَذَلِكَ أَنه كَانَ تَبَرَّأَ مِنْ أَدْيان الْمُشْرِكِينَ وآمَن بِاللَّهِ قَبْلَ مَبْعَث سيدِنا مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم. وَفِي حَدِيثِ
قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ: أَنه يُبْعَث يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وحْدَه
؛ قَالَ: الأُمَّةُ الرَّجُلُ المُتَفَرِّد بدينٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ
، وَقِيلَ: الأُمَّةُ الرجلُ الْجَامِعُ لِلْخَيْرِ. والأُمَّةُ: الحِينُ. قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ
، قَالَ بَعْدَ حينٍ مِنَ الدَّهْرِ. وقال تَعَالَى: وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ
. وقال ابْنُ الْقَطَّاعِ: الأُمَّةُ المُلْك، والأُمة أَتْباعُ الأَنبياء، والأُمّةُ الرَّجُلُ الجامعُ لِلْخَيْرِ، والأُمَّةُ الأُمَمُ، والأُمَّةُ الرَّجُلُ المُنْفَرد بِدِينِهِ لَا يَشْرَكُه فِيهِ أَحدٌ، والأُمَّةُ القامةُ والوجهُ؛ قَالَ الأَعشى:
وإنَّ مُعاوية الأَكْرَمِينَ
…
بيضُ الوُجوهِ طِوالُ الأُمَمْ
أَيْ طِوالُ القاماتِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّمَرْدَل بْنِ شَرِيكٍ اليَرْبوعي:
طِوال أَنْصِية الأَعْناقِ والأُمَمِ
(1). وقوله [ومعنى الأُمة القامة إلخ] هكذا في الأَصل
قَالَ: وَيُرْوَى الْبَيْتُ للأَخْيَلِيَّة. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لحسَنُ الأُمَّةِ أَيِ الشَّطاطِ. وأُمَّةُ الْوَجْهِ: سُنَّته وَهِيَ مُعظَمه ومَعْلم الحُسْن مِنْهُ. أَبُو زَيْدٍ: إِنَّهُ لَحَسن أُمَّة الْوَجْهِ يَعْنُون سُنَّته وصُورَته. وَإِنَّهُ لَقَبيحُ أُمَّةِ الْوَجْهِ. وأُمَّة الرَّجُلِ: وَجْهُه وقامَتُه. والأُمَّة: الطَّاعَةُ. والأُمَّة: العالِم. وأُمَّةُ الرَّجُلِ: قومُه. والأُمَّةُ: الْجَمَاعَةُ؛ قَالَ الأَخفش: هُوَ فِي اللَّفْظِ وَاحِدٌ وَفِي الْمَعْنَى جَمْع، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
إنَّ يَهُودَ بَني عَوْفٍ أُمَّةٌ مِنَ المؤْمنين
، يُرِيدُ أَنهم بالصُّلْح الَّذِي وقَع بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ المؤْمنين كجماعةٍ مِنْهُمْ كلمَتُهم وَأَيْدِيهِمْ وَاحِدَةٌ. وأُمَّةُ اللَّهِ: خلْقه: يُقَالُ: مَا رأَيت مِنْ أُمَّةِ اللَّهَ أَحسنَ مِنْهُ. وأُمَّةُ الطَّرِيقِ وأُمُّه: مُعْظَمُه. والأُمَمُ: القَصْد الَّذِي هُوَ الوسَط. والأَمَمُ: القُرب، يُقَالُ: أَخذت ذَلِكَ مِنْ أَمَمٍ أَيْ مِنْ قُرْب. وَدَارِي أَمَمُ دارِه أَيْ مُقابِلَتُها. والأَمَمُ: الْيَسِيرُ. يُقَالُ: دَارُكُمْ أَمَمٌ، وَهُوَ أَمَمٌ مِنْكَ. وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ. وأمْرُ بَني فُلان أَمَمٌ ومُؤامٌّ أَيْ بيّنٌ لَمْ يُجَاوِزِ الْقَدْرَ. والمؤَامُّ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ: الْمُقَارِبُ، أُخِذ مِنَ الأَمَم وَهُوَ الْقُرْبُ؛ يُقَالُ: هَذَا أَمْرٌ مؤَامٌّ مِثْلَ مُضارٍّ. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذَا كَانَ مُقارِباً: هُوَ مُؤامٌّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَزال أَمْرُ النَّاسِ مُؤَامّاً مَا لَمْ يَنْظروا فِي القَدَرِ والوِلْدان
أَيْ لَا يَزال جَارِيًا عَلَى القَصْد وَالِاسْتِقَامَةِ. والمُؤَامُّ: المُقارَب، مُفاعَل مِنَ الأَمِّ، وَهُوَ القَصْد أَو مِنَ الأَمَمِ الْقُرْبُ، وأَصله مُؤامَم فأُدْغِم. وَمِنْهُ حَدِيثُ
كَعْبٍ: لَا تَزال الفِتْنة مُؤامّاً بِهَا مَا لَمْ تبْدأْ مِنَ الشَّامِ
؛ مُؤَامٌّ هُنَا: مُفاعَل، بِالْفَتْحِ، عَلَى الْمَفْعُولِ لأَن مَعْنَاهُ مُقارَباً بِهَا، وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ، وَيُرْوَى مُؤَمّاً، بِغَيْرِ مدٍّ. والمُؤَامٌّ: المُقارِب والمُوافِق مِنَ الأَمَم، وَقَدْ أَمَّهُ؛ وَقَوْلُ الطرِمّاح:
مِثْلَ مَا كافَحْتَ مَحْزُوبَةً
…
نَصَّها ذاعِرُ وَرْعٍ مُؤَامْ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد مُؤَامٌّ فَحَذَفَ إِحْدَى الْمِيمَيْنِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَراد مُؤَامٌّ فأَبدل مِنَ الْمِيمِ الأَخيرة يَاءً فَقَالَ: مُؤَامي ثُمَّ وَقَفَ لِلْقَافِيَةِ فَحَذَفَ الْيَاءَ فَقَالَ: مُؤَامْ، وَقَوْلُهُ: نَصَّها أَيْ نَصَبَها؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ أَبو نَصْرٍ أَحسنُ مَا تَكُونُ الظَّبْية إِذَا مَدَّت عُنُقَها مِنْ رَوْعٍ يَسير، وَلِذَلِكَ قَالَ مؤَامْ لأَنه المُقاربُ اليَسير. قَالَ: والأَمَمُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَهُوَ مِنَ المُقارَبة. والأَمَمُ: الشيءُ الْيَسِيرُ؛ يُقَالُ: مَا سأَلت إِلَّا أَمَماً. وَيُقَالُ: ظلَمْت ظُلْماً أَمَماً؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
كأَنّ عَيْني، وَقَدْ سَالَ السَّلِيلُ بِهِمْ،
…
وَجِيرة مَا هُمُ لَوْ أَنَّهم أَمَمُ
يَقُولُ: أَيُّ جيرةٍ كَانُوا لَوْ أَنَّهُمْ بِالْقُرْبِ مِنِّي. وَهَذَا أمْر مُؤَامٌّ أَيْ قَصْدٌ مُقارب؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
تَسْأَلُني بِرامَتَيْنِ سَلْجَما،
…
لَوْ أَنَّهَا تَطْلُب شَيْئًا أَمَما
أَرَادَ: لَوْ طَلَبَت شَيْئًا يقْرُب مُتَناوَله لأَطْلَبْتُها، فأَما أَنْ تَطْلُب بالبلدِ السَّباسِبِ السَّلْجَمَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَيَسِّر وَلَا أَمَمٍ. وأُمُّ الشَّيْءِ: أَصله. والأُمُّ والأُمَّة: الْوَالِدَةُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
تَقَبَّلَها مِنْ أُمَّةٍ، ولَطالما
…
تُنُوزِعَ، فِي الأَسْواق مِنْهَا، خِمارُها
وَقَالَ سِيبَوَيْهِ «1» ..... لإِمِّك؛ وَقَالَ أَيْضًا:
اضْرِب الساقَيْنِ إمِّك هابِلُ
قَالَ فكسَرهما جَمِيعًا كَمَا ضَمَّ هُنَالِكَ، يَعْنِي أُنْبُؤُك ومُنْحُدُر، وَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ لُغَةً، وَالْجَمْعُ أُمَّات وأُمّهات، زادوا الهاء، وقال بَعْضُهُمْ: الأُمَّهات فِيمَنْ يَعْقِلُ، والأُمّات بِغَيْرِ هَاءٍ فِيمَنْ لَا يَعْقِلُ، فالأُمَّهاتُ لِلنَّاسِ والأُمَّات لِلْبَهَائِمِ، وَسَنَذْكُرُ الأُمَّهات فِي حَرْفِ الْهَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَصل فِي الأُمَّهات أَنْ تَكُونَ لِلْآدَمِيِّينَ، وأُمَّات أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِ الآدَمِيِّين، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَ بِعَكْسِ ذَلِكَ كَمَا قَالَ السفَّاح اليَرْبوعي فِي الأُمَّهات لِغَيْرِ الآدَمِيِّين:
قَوّالُ مَعْروفٍ وفَعّالُه،
…
عَقَّار مَثْنى أُمَّهات الرِّباعْ
قَالَ: وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سِوى مَا أَصابَ الذئبُ مِنْهُ وسُرْبَةٌ
…
أطافَتْ بِهِ مِنْ أُمَّهات الجَوازِل
فَاسْتَعْمَلَ الأُمَّهات للقَطا واستعملها اليَرْبوعي للنُّوق؛ وقال آخَرُ فِي الأُمَّهات للقِرْدانِ:
رَمى أُمَّهات القُرْدِ لَذْعٌ مِنَ السَّفا،
…
وأَحْصَدَ مِنْ قِرْبانِه الزَّهَرُ النَّضْرُ
وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ الإِبل:
وَهَامٍ تَزِلُّ الشمسُ عَنْ أُمَّهاتِه
…
صِلاب وأَلْحٍ، فِي المَثاني، تُقَعْقِعُ
وقال هِمْيان فِي الإِبل أَيْضًا:
جاءَتْ لِخِمْسٍ تَمَّ مِنْ قِلاتِها،
…
تَقْدُمُها عَيْساً مِنُ امَّهاتِها
وَقَالَ جَرِيرٌ فِي الأُمَّات للآدَمِييِّن:
لَقَدْ وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ،
…
مُقَلَّدة مِنَ الأُمَّاتِ عَارَا
التَّهْذِيبُ: يَجْمَع الأُمَّ مِنَ الآدَميّاتِ أُمَّهات، وَمِنَ البَهائم أُمَّات؛ وَقَالَ:
لَقَدْ آلَيْتُ أَغْدِرُ فِي جَداعِ،
…
وَإِنْ مُنِّيتُ، أُمَّاتِ الرِّباعِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَصل الأُمِّ أُمّهةٌ، وَلِذَلِكَ تُجْمَع عَلَى أُمَّهات. وَيُقَالُ: يَا أُمَّةُ لَا تَفْعَلي وَيَا أَبَةُ افْعَلْ، يَجْعَلُونَ عَلَامَةَ التأْنيث عِوَضًا مِنْ يَاءِ الإِضافة، وتَقِفُ عَلَيْهَا بِالْهَاءِ؛ وَقَوْلُهُ:
مَا أُمّك اجْتاحَتِ المَنايا،
…
كلُّ فُؤادٍ عَلَيْك أُمُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَلَّق الْفُؤَادَ بعَلى لأَنه فِي مَعْنَى حَزينٍ، فكأَنه قَالَ: عَلَيْكَ حَزينٌ. وأَمَّتْ تَؤُمُّ أُمُومَةً: صَارَتْ أُمّاً. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي امرأَة ذَكَرَهَا: كَانَتْ لَهَا عَمَّةٌ تَؤُمها أَيْ تَكُونُ لَهَا كالأُمِّ. وتَأَمَّها واسْتَأَمَّها وتأَمَّمها: اتَّخَذَها أُمّاً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ومِن عَجَبٍ، بَجِيلَ، لَعَمْرُ أُمّ
…
غَذَتْكِ، وغيرَها تَتأَمّمِينا
قَوْلُهُ: وَمِنْ عَجَبٍ خَبَرُ مبتدإٍ مَحْذُوفٍ، تقديرهُ: وَمِنْ عَجَبٍ انْتِفاؤكم عَنْ أُمِّكم الَّتِي أَرْضَعَتْكم واتِّخاذكم أُمّاً غيرَها. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ تأَمَّم فُلَانٌ أُمّاً إِذَا اتَّخذَها لِنَفْسِهِ أُمّاً، قَالَ: وَتَفْسِيرُ الأُمِّ فِي كُلِّ مَعَانِيهَا أُمَّة لأَن تأْسيسَه مِنْ حَرْفين صَحِيحَيْنِ وَالْهَاءُ فِيهَا أَصْلِيَّةٌ، وَلَكِنَّ العَرب حذَفت تِلْكَ الْهَاءَ إِذْ أَمِنُوا اللَّبْس. وَيَقُولُ بعضُهم فِي تَصْغير أُمّ أُمَيْمة،
(1). هنا بياض بالأَصل
قَالَ: وَالصَّوَابُ أُمَيْهة، تُردُّ إِلَى أَصل تأْسيسِها، وَمَنْ قَالَ أُمَيْمَة صغَّرها عَلَى لَفْظِهَا، وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ أُمّات؛ وأَنشد:
إذِ الأُمّهاتُ قَبَحْنَ الوُجوه،
…
فَرَجْتَ الظَّلامَ بأُمَّاتِكا
وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: يُقَالُ أُمٌّ وَهِيَ الأَصل، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أُمَّةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أُمَّهة؛ وَأَنْشَدَ:
تَقَبَّلْتَها عَنْ أُمَّةٍ لَكَ، طالَما
…
تُنوزِعَ بالأَسْواقِ عَنْهَا خِمارُها
يُرِيدُ: عَنْ أُمٍّ لَكَ فأَلحقها هَاءَ التأْنيث؛ وَقَالَ قُصَيّ:
عِنْدَ تَناديهمْ بِهالٍ وَهَبِي،
…
أُمَّهَتي خِنْدِفُ، والياسُ أَبي
فأَما الْجَمْعُ فأَكثر الْعَرَبِ عَلَى أُمَّهات، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أُمَّات، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: وَالْهَاءُ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ، وَهِيَ مَزِيدَةٌ فِي الأُمَّهات، والأَصل الأَمُّ وَهُوَ القَصْد؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ لأَن الْهَاءَ مَزِيدَةٌ فِي الأُمَّهات؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَحْذِفُ أَلف أُمّ كَقَوْلِ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
أَيُّها العائِبُ، عِنْدِ، امَّ زَيْدٍ،
…
أَنْتَ تَفْدي مَن أَراكَ تَعِيبُ
وَإِنَّمَا أَرَادَ عنْدي أُمَّ زيدٍ، فَلَمَّا حذَف الأَلف التَزقَتْ يَاءُ عنْدي بصَدْر الْمِيمِ، فَالْتَقَى سَاكِنَانِ فَسَقَطَتِ الْيَاءُ لِذَلِكَ، فكأَنه قَالَ: عِنْدِي أُمَّ زَيْدٍ. وَمَا كُنْتِ أُمّاً ولقد أَمِمْتِ أُمُومةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الأُمَّهة كالأُمِّ، الْهَاءُ زَائِدَةٌ لأَنه بِمَعْنَى الأُمِّ، وَقَوْلُهُمْ أمٌّ بَيِّنة الأُمومة يُصَحِّح لَنَا أَنَّ الْهَمْزَةَ فِيهِ فَاءُ الْفِعْلِ وَالْمِيمَ الأُولى عَيْن الفِعْل، وَالْمِيمَ الأُخرى لَامُ الفعْل، فَأُمٌّ بِمَنْزِلَةِ دُرّ وجُلّ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَاءَ عَلَى فُعْل وعينُه ولامُه مِنْ مَوْضِعٍ، وَجَعَلَ صاحبُ العَيْنِ الْهَاءَ أَصْلًا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. اللَّيْثُ: إِذَا قَالَتِ الْعَرَبُ لَا أُمَّ لَكَ فَإِنَّهُ مَدْح عِنْدَهُمْ؛ غَيْرُهُ: وَيُقَالُ لَا أُمَّ لَكَ، وَهُوَ ذَمٌّ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: زَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا أُمَّ لَكَ قَدْ وُضعَ مَوْضِعَ المَدح؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ سَعْدٍ الغَنَويّ يَرْثي أَخاه:
هَوَتْ أُمُّه مَا يَبْعَث الصُّبْح غادِياً،
…
وَمَاذَا يُؤدّي الليلُ حينَ يَؤوبُ؟
قَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ فِي هَذَا الْبَيْتِ: وأَيْنَ هَذَا مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبو عُبَيْدٍ؟ وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا كَقَوْلِهِمْ: وَيْحَ أُمِّه ووَيْلَ أُمِّه والوَيلُ لَهَا، وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ فِي هَذَا مِنَ المَدْح مَا ذهَب إِلَيْهِ، وَلَيْسَ يُشْبِه هَذَا قَوْلَهُمْ لَا أُمَّ لَكَ لأَن قَوْلَهُ لَا أُمَّ لَكَ فِي مَذْهَبٍ لَيْسَ لَكَ أُمٌّ حُرَّة، وَهَذَا السَّبُّ الصَّريح، وَذَلِكَ أَنّ بَني الإِماء عِنْدَ الْعَرَبِ مَذْمومون لَا يَلْحَقُونَ بِبَني الحَرائر، وَلَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ لَا أُمَّ لَكَ إلَّا فِي غضَبه عَلَيْهِ مُقَصِّراً بِهِ شاتِماً لَهُ، قَالَ: وأَمّا إِذَا قَالَ لَا أَبا لَك، فَلَمْ يَترك لَهُ مِنَ الشَّتِيمَة شَيْئًا، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا أُمَّ لَكَ، يَقُولُ أَنْتَ لَقِيطٌ لَا تُعْرَف لَكَ أُمٌّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَفْسِيرِ بَيْتِ كَعْبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَوْلُهُ هَوَتْ أُمُّه، يُسْتَعْمَل عَلَى جِهَةِ التعَجُّب كَقَوْلِهِمْ: قاتَله اللَّهُ مَا أَسْمَعه مَا يَبْعَث الصبحُ: مَا اسْتِفْهَامٌ فِيهَا مَعْنَى التعَجُّب وَمَوْضِعُهَا نَصْب بيَبْعَث، أَيْ أَيُّ شيءٍ يَبعَثُ الصُّبْح مِنْ هَذَا الرَّجُلِ؟ أَي إِذَا أَيْقَظه الصُّبح تصرَّف فِي فِعْل مَا يُريده. وغادِياً مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ وَالْعَامِلُ فيه يَبْعَث، ويَؤُوب: يَرجع، يُرِيدُ أَن إِقْبال اللَّيل سَبَب رُجُوعِهِ إِلَى بَيْتِهِ كَمَا أَن إِقْبال النَّهَارِ
سَبَب لتصرُّفه، وَسَنَذْكُرُهُ أَيضاً فِي الْمُعْتَلِّ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ وَيْلِمِّهِ، ويريدون وَيْلٌ لأُمّه فَحُذِفَ لِكَثْرَتِهِ فِي الْكَلَامِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيْلِمِّه، مَكْسُورَةُ اللَّامِ، شاهده قول المتنخل الْهُذَلِيِّ يَرْثي ولدهَ أُثَيلة:
وَيْلِمِّه رجلَا يأْتي بِهِ غَبَناً،
…
إِذَا تَجَرَّد لَا خالٌ وَلَا بَخِلُ
الغَبَنُ: الخَديعةُ فِي الرأْي، وَمَعْنَى التَّجَرُّد هَاهُنَا التَّشْميرُ للأَمرِ، وأَصْله أَن الإِنسان يَتجرَّد مِنْ ثِيَابِهِ إِذَا حاوَل أَمْراً. وَقَوْلُهُ: لَا خالٌ وَلَا بَخِل، الخالُ: الِاخْتِيَالُ والتَّكَبُّر مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ فِيهِ خالٌ أَيْ فِيهِ خُيَلاء وكِبْرٌ، وأَما قَوْلُهُ: وَيْلِمِّه، فَهُوَ مَدْح خَرَجَ بِلَفْظِ الذمِّ، كَمَا يَقُولُونَ: أَخْزاه اللَّهُ مَا أَشْعَرَه ولعَنه اللَّهُ مَا أَسْمَعه قَالَ: وكأَنهم قَصَدوا بِذَلِكَ غَرَضاً مَّا، وَذَلِكَ أَن الشَّيْءَ إِذَا رَآهُ الإِنسان فأَثْنى عَلَيْهِ خَشِيَ أَن تُصِيبه الْعَيْنُ فيَعْدِل عَنْ مَدْحه إِلَى ذَمِّهِ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنَ الأَذيَّةِ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا غَرَضاً آخَرَ، وَهُوَ أَن هَذَا الْمَمْدُوحَ قَدْ بلَغ غَايَةَ الفَضْل وَحَصَلَ فِي حَدّ مَنْ يُذَمُّ ويُسَب، لأَن الفاضِل تَكْثُر حُسَّاده وعُيّابه والناقِص لَا يُذَمُّ وَلَا يُسَب، بَلْ يَرْفعون أَنفسَهم عَنْ سَبِّه ومُهاجاتِه، وأَصْلُ وَيْلِمِّه وَيْلُ أُمِّه، ثُمَّ حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وكَسَروا لامَ وَيْل إِتْباعاً لِكَسْرَةِ الْمِيمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَصْلُهُ وَيلٌ لأُمِّه، فَحُذِفَتْ لَامُ وَيْل وَهَمْزَةُ أُمّ فَصَارَ وَيْلِمِّه، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أَصله وَيْ لأُمِّه، فَحُذِفَتْ هَمْزَةُ أُمّ لَا غَيْرُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ لِرَجُلٍ: لَا أُمَّ لَكَ
؛ قَالَ: هُوَ ذَمٌّ وسَبٌّ أَي أَنت لَقِيطٌ لَا تُعْرف لَكَ أُمٌّ، وَقِيلَ: قَدْ يقَع مَدْحاً بِمَعْنَى التعَجُّب مِنْهُ، قَالَ: وَفِيهِ بُعدٌ. والأُمُّ تَكُونُ للحيَوان الناطِق وَلِلْمَوَاتِ النامِي كأُمّ النَّخْلة والشجَرة والمَوْزَة وَمَا أَشبه ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الأَصمعي لَهُ: أَنَا كالمَوْزَة الَّتِي إِنَّمَا صَلاحُها بمَوْت أُمِّها. وأُمُّ كُلِّ شَيْءٍ: أَصْلُه وعِمادُه؛ قَالَ ابْنُ دُرَيد: كُلُّ شَيْءٍ انْضَمَّت إِلَيْهِ أَشياء، فَهُوَ أُمٌّ لَهَا. وأُم الْقَوْمِ: رئيسُهم، مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الشنْفَرى:
وأُمَّ [أُمِ] عِيال قَدْ شَهِدْتُ تَقُوتُهُمْ
يَعْنِي تأَبط شَرًّا. وَرَوَى الرَّبيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ يَلِي طَعام القَوْم وخِدْمَتَهم هُوَ أُمُّهم؛ وأَنشد لِلشَّنْفَرَى:
وأُمِّ عِيال قَدْ شَهدت تَقُوتُهُمْ،
…
إِذَا أَحْتَرَتْهُم أَتْفَهَتْ وأَقَلَّتِ «2»
. وأُمُّ الكِتاب: فاتِحَتُه لأَنه يُبْتَدَأُ بِهَا فِي كُلِّ صلاة، وقال الزَّجَّاجُ: أُمُّ الْكِتَابِ أَصْلُ الْكِتَابِ، وَقِيلَ: اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. التَّهْذِيبُ: أُمُّ الْكِتَابِ كلُّ آيَةٍ مُحْكَمة مِنْ آيَاتِ الشَّرائع والأَحْكام وَالْفَرَائِضِ، وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ:
أنَّ أُم الكِتاب هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ لأَنها هِيَ المُقَدَّمة أَمامَ كلِّ سُورةٍ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وابْتُدِئ بِهَا فِي المُصْحف فقدِّمت وَهِيَ «3»
..... الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ.
وأَما قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا
، فَقَالَ: هُوَ اللَّوْح المَحْفوظ، وَقَالَ قَتادة: أُمُّ الْكِتَابِ أَصْلُ الكِتاب. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أُمُّ الكِتاب الْقُرْآنُ مِنْ أَوله إِلَى آخِرِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ
، وَلَمْ يَقُلْ أُمَّهات لأَنه عَلَى الحِكاية كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لَيْسَ لِي مُعين، فَتَقُولُ: نَحْنُ مُعِينك فتَحْكِيه، وَكَذَلِكَ قوله تعالى:
(2). قوله [وَأُمَّ عِيَالٍ قَدْ شَهِدْتُ] تَقَدَّمَ هَذَا الْبَيْتُ فِي مادة حتر على غير هذا الوجه وشرح هناك
(3)
. هنا بياض في الأَصل
وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً. وأُمُّ النُّجوم: المَجَرَّة لأَنها مُجْتَمَع النُّجوم. وأُمُّ التَّنائف: المفازةُ الْبَعِيدَةُ. وأُمُّ الطَّرِيقِ: مُعْظَمها إِذَا كَانَ طَرِيقًا عَظِيمًا وحَوْله طرُق صِغار فالأَعْظم أُمُّ الطَّرِيقِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وأُمُّ الطَّرِيقِ مُعظمه فِي قَوْلِ كُثَيِّرِ عَزّة:
يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيّ وناصِحٍ،
…
تَخصُّ بِهِ أُمُّ الطريقِ عِيالَها
قَالَ: وَيُقَالُ هِيَ الضَّبُع، والعَسْب: مَاءُ الفَحْل، والوالِقِيّ وناصِح: فَرَسان، وعِيالُ الطَّرِيقِ: سِباعُها؛ يُرِيدُ أَنهنّ يُلْقِين أَولادَهنّ لِغَيْرِ تَمامٍ مِنْ شِدّة التَّعَب. وأُمُّ مَثْوَى الرَّجُلِ: صاحِبةُ مَنْزِله الَّذِي يَنْزله؛ قَالَ:
وأُمُّ مَثْوايَ تُدَرِّي لِمَّتي
الأَزهري: يُقَالُ للمرأَة الَّتِي يَأْوي إِلَيْهَا الرَّجُلُ هِيَ أُمُّ مَثْواهُ. وَفِي حَدِيثِ
ثُمامَة: أَتى أُمَّ مَنْزِلِه
أَي امرأَته وَمَنْ يُدَبِّر أَمْر بَيْته مِنَ النِّسَاءِ. التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي الأُم امرأَة الرَّجُلِ المُسِنَّة، قَالَ: والأُمّ الْوَالِدَةُ مِنَ الْحَيَوَانِ. وأُمُّ الحَرْب: الرَّايَةُ. وأُم الرُّمْح: اللِّواء وَمَا لُفَّ عَلَيْهِ مِنْ خِرْقَةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وسَلَبْنا الرُّمْح فِيهِ أُمُّه
…
مِنْ يَدِ العاصِي، وَمَا طَالَ الطِّوَلْ
وأُم القِرْدانِ: النُّقْرَةُ الَّتِي فِي أَصْل فِرْسِن الْبَعِيرِ. وأُم القُرَى: مَكَّةُ، شرَّفها اللَّهُ تَعَالَى، لأَنها توسطَت الأَرض فِيمَا زَعَموا، وَقِيلَ لأَنها قِبْلةُ جَمِيعِ النَّاسِ يؤُمُّونها، وَقِيلَ: سُمِّيَت بِذَلِكَ لأَنها كَانَتْ أَعظم القُرَى شأْناً، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا
. وكلُّ مَدِينَةٍ هِيَ أُمُّ مَا حَوْلها مِنَ القُرَى. وأُمُّ الرأْسِ: هِيَ الخَريطةُ الَّتِي فِيهَا الدِّماغ، وأُمُّ الدِّماغِ الجِلدة الَّتِي تجْمع الدِّماغَ. وَيُقَالُ أَيضاً: أُم الرأْس، وأُمُّ الرأْس الدِّماغ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيد: هِيَ الجِلْدة الرَّقِيقَةُ الَّتِي عَلَيْهَا، وَهِيَ مُجْتَمعه. وَقَالُوا: مَا أَنت وأُمُّ الباطِل أَيْ مَا أَنْتَ والباطِل؟ ولأُمّ أَشياءُ كَثِيرَةٌ تُضَافُ إِلَيْهَا؛ وفي حديث:
أَنَّهُ قَالَ لِزَيْدِ الْخَيْلِ نِعْم فَتىً إِنْ نَجا مِنْ أُمّ كلْبةَ
، هِيَ الحُمَّى، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَمْ تَضُرّه أُمُّ الصِّبْيان
، يَعْنِي الرِّيحَ الَّتِي تَعْرِض لَهُمْ فَربما غُشِي عَلَيْهِمْ مِنْهَا. وأُمُّ اللُّهَيْم: المَنِيّة، وأُمُّ خَنُّورٍ الخِصْب، وأُمُّ جابرٍ الخُبْزُ، وأُمُّ صَبّار الحرَّةُ، وأُم عُبيدٍ الصحراءُ، وأُم عَطِيَّةَ الرَّحى، وأُمُّ شَمْلَةَ الشَّمْسُ «1»
، وأُمُّ الخُلْفُف الداهيةُ، وأُمُّ رُبَيقٍ الحَرْبُ، وأُم لَيْلى الخَمْر، ولَيْلى النَّشْوة، وأُمُّ دَرْزٍ الدنيْا، وأُم جِرْذَانَ النَّخْلَةُ، وأُم رَجيه النَّحْلَةُ، وأُمُّ رِيَاحٍ الْجَرَادَةُ، وأُمُّ عامِرٍ الْمَقْبَرَةُ، وأُمُّ جَابِرٍ السُّنْبُلة، وأُمُّ طِلْبة العُقابُ، وَكَذَلِكَ شَعْواء، وأُمُّ حُبابٍ الدُّنيا، وَهِيَ أُمُّ وافِرَةَ، وأُمُّ وَافِرَةَ الْبِيرَةُ «2»
، وأُم سَمْحَةَ الْعَنْزُ، وَيُقَالُ للقِدْر: أُمُّ غِيَاثٍ، وأُمُّ عُقْبَة، وأُمُّ بَيْضاء، وأُمُّ رسمة، وأُمُّ العِيَالِ، وأُمُّ جِرْذان النَّخْلة، وَإِذَا سَمَّيْتَ رجُلًا بأُمِّ جِرْذان لَمْ تَصْرِفه، وأُمُّ خَبِيصٍ «3»
، وأُمُّ سُوَيْدٍ، وأُمُّ عِزْم، وأُم عُقَاقٍ، وأُم طَبِيخَةَ وَهِيَ أُم تِسْعِينَ، وأُمُّ حِلْس كُنْية الأَتان، وَيُقَالُ للضَّبُع أُمُّ عامِر وأُمُّ عَمْرو.
(1). قوله [وأم شملة الشمس] كذا بالأَصل هنا، وتقدم في مادة شمل: أن أم شملة كنية الدنيا والخمر
(2)
. قوله [وأم خبيص إلخ] قال شارح القاموس قبلها: ويقال للنخلة أيضاً أم خبيص إلى آخر ما هنا، لكن في القاموس: أم سويد وأم عزم بالكسر وأم طبيخة كسكينة في باب الجيم الاست
(3)
. قوله: البيرة هكذا في الأَصل. وفي القاموس: أم وافرة الدنيا
الْجَوْهَرِيُّ: وأُم البَيْضِ فِي شِعْرِ أَبي دُواد النعَامة وَهُوَ قَوْلُهُ:
وأَتانا يَسْعَى تَفَرُّسَ أُمِّ
…
البيضِ شَدّاً، وَقَدْ تَعالى النَّهارُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَصِفُ رَبيئَة، قَالَ: وَصَوَابُهُ تَفَرُّش، بِالشِّينِ معجَمةً، والتَّفَرُّش: فَتْحُ جَناحَي الطَّائِرِ أَو النَّعامة إِذَا عَدَتْ. التَّهْذِيبُ: وَاعْلَمْ أنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُضَمُّ إِلَيْهِ سائرُ مَا يَلِيهِ فإنَّ العربَ تُسَمِّي ذَلِكَ الشَّيْءَ أُمّاً، مِنْ ذَلِكَ أُمُّ الرأْس وَهُوَ الدِّماغُ، والشجَّةُ الآمَّةُ الَّتِي تَهْجُمُ عَلَى الدِّماغ. وأَمَّه يَؤُمُّه أَمّاً، فَهُوَ مَأْمُومٌ وأَمِيم: أَصَابَ أُمَّ رأْسِه. الْجَوْهَرِيُّ: أَمَّهُ أَيْ شجَّهُ آمَّةً، بالمدِّ، وَهِيَ الَّتِي تَبْلُغ أُمَّ الدِّماغِ حَتَّى يبقَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الدِّماغ جِلْدٌ رقيقٌ. وَفِي حَدِيثِ الشِّجاج:
فِي الآمَّة ثُلُثُ الدِّيَة
، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
المَأْمُومَة
، وَهِيَ الشَّجَّة الَّتِي بَلَغَتْ أُمَّ الرأْس، وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تجمَع الدِّمَاغَ. الْمُحْكَمُ: وشَجَّةٌ آمَّةٌ ومَأْمُومةٌ بَلَغَتْ أُمَّ الرأْس، وَقَدْ يُستعار ذَلِكَ فِي غَيْرِ الرأْس؛ قَالَ:
قَلْبي منَ الزَّفَرَاتِ صَدَّعَهُ الهَوى،
…
وَحَشايَ مِنْ حَرِّ الفِرَاقِ أَمِيمُ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
فَلَوْلَا سِلاحي، عندَ ذاكَ، وغِلْمَتي
…
لَرُحْت، وَفِي رَأْسِي مآيِمُ تُسْبَرُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: جَمَع آمَّةً عَلَى مآيِمَ وَلَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمُ الْخَيْلُ تَجْرِي عَلَى مَسَاوِيها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي زِيَادَةٌ وَهُوَ أَنه أَرَادَ مآمَّ، ثُمَّ كَرِه التَّضْعِيف فأَبدل الْمِيمَ الأَخيرة يَاءً، فَقَالَ مآمِي، ثُمَّ قَلَبَ اللامَ وَهِيَ الْيَاءُ المُبْدَلة إِلَى مَوْضِعِ الْعَيْنِ فَقَالَ مآيِم، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِهِ فِي الشَّجَّة مَأْمُومَة، قَالَ: وَكَذَا قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ بعضُ الْعَرَبِ يَقُولُ فِي الآمَّة مَأْمُومَة؛ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ وَهَذَا غلَطٌ إِنَّمَا الآمَّةُ الشَّجَّة، والمَأْمُومَة أُمُّ الدِّماغ المَشْجُوجَة؛ وأَنشد:
يَدَعْنَ أُمَّ رأْسِه مَأْمُومَهْ،
…
وأُذْنَهُ مَجْدُوعَةً مَصْلُومَه
وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَمِيمٌ ومَأْمُومٌ لِلَّذِي يَهْذِي مِنْ أُمِّ رأْسه. والأُمَيْمَةُ: الْحِجَارَةُ الَّتِي تُشْدَخ بها الرُّؤُوس، وَفِي الصِّحَاحِ: الأَمِيمُ حَجَرٌ يُشْدَخُ بِهِ الرأْس؛ وأَنشد الأَزهري:
ويَوْمَ جلَّيْنا عَنِ الأَهاتِم
…
بالمَنْجَنِيقاتِ وبالأَمائِم
قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
مُفَلَّقَة هاماتُها بالأَمائِم
وأُم التَّنائف: أَشدُّها. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ
، وَهِيَ النارُ «1»
. يَهْوِي مَن أُدْخِلَها أَيْ يَهْلِك، وَقِيلَ: فَأُمُّ رأْسه هاوِيَة فِيهَا أَيْ ساقِطة. وَفِي الْحَدِيثِ:
اتَّقوا الخَمْر فَإِنَّهَا أُمُّ الخَبائث
؛ وَقَالَ شَمِرٌ: أُمُّ الْخَبَائِثِ الَّتِي تَجْمَع كلَّ خَبيث، قَالَ: وَقَالَ الْفَصِيحُ فِي أَعراب قَيْسٍ إِذَا قِيلَ أُمُّ الشَّرِّ فَهِيَ تَجْمَع كُلَّ شَرٍّ عَلَى وَجْه الأَرض، وَإِذَا قِيلَ أُمُّ الْخَيْرِ فَهِيَ تَجْمَعُ كلَّ خَيْر. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأُمُّ لِكُلِّ شَيْءٍ هو المَجْمَع والمَضَمُّ.
(1). قوله [وهي النار إلخ] كذا بالأَصل ولعله هي النار يهوي فيها من إلخ
والمَأْمُومُ مِنَ الإِبِل: الَّذِي ذهَب وَبَرهُ عَنْ ظَهْره مِنْ ضَرْب أَوْ دَبَرٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَيْسَ بذِي عَرْكٍ وَلَا ذِي ضَبِّ،
…
وَلَا بِخَوّارٍ وَلَا أَزَبِّ،
وَلَا بمأْمُومٍ وَلَا أَجَبِ
وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ العَمِدِ المُتَأَكِّل السَّنامِ: مَأْمُومٌ. والأُمِّيّ: الَّذِي لَا يَكْتُبُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: الأُمِّيُّ الَّذِي عَلَى خِلْقَة الأُمَّةِ لَمْ يَتَعَلَّم الكِتاب فَهُوَ عَلَى جِبِلَّتِه، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ
؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَعْنَى الأُمِّيّ المَنْسُوب إِلَى مَا عَلَيْهِ جَبَلَتْه أُمُّه أَيْ لَا يَكتُبُ، فَهُوَ فِي أَنه لَا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأَن الكِتابة هِيَ مُكْتسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إِلَى مَا يُولد عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا وَلَدَته أُمُّهُ عَلَيْهِ، وَكَانَتِ الكُتَّاب فِي الْعَرَبِ مِنْ أَهل الطَّائِفِ تَعَلَّموها مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الحِيرة، وأَخذها أَهل الْحِيرَةِ عَنْ أَهل الأَنْبار. وَفِي الْحَدِيثِ:
إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُب وَلَا نَحْسُب
؛ أَراد أَنهم عَلَى أَصل وِلَادَةِ أُمِّهم لَمْ يَتَعَلَّموا الكِتابة والحِساب، فَهُمْ عَلَى جِبِلَّتِهم الأُولى. وَفِي الْحَدِيثِ:
بُعِثتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيَّة
؛ قِيلَ لِلْعَرَبِ الأُمِّيُّون لأَن الكِتابة كَانَتْ فِيهِمْ عَزِيزة أَو عَديمة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ
. والأُمِّيُّ: العَييّ الجِلْف الْجَافِي القَليلُ الْكَلَامِ؛ قَالَ:
وَلَا أعُودُ بعدَها كَرِيّا
…
أُمارسُ الكَهْلَةَ والصَّبيَّا،
والعَزَبَ المُنَفَّه الأُمِّيَّا
قِيلَ لَهُ أُمِّيٌّ لأَنه عَلَى مَا وَلَدَته أُمُّه عَلَيْهِ مِنْ قِلَّة الْكَلَامِ وعُجْمَة اللِّسان، وَقِيلَ لِسَيِّدِنَا محمدٍ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، الأُمِّي لأَن أُمَّة الْعَرَبِ لَمْ تَكُنْ تَكْتُب وَلَا تَقْرَأ المَكْتُوبَ، وبَعَثَه اللَّهُ رَسُولًا وَهُوَ لَا يَكْتُب وَلَا يَقْرأُ مِنْ كِتاب، وَكَانَتْ هَذِهِ الخَلَّة إحْدَى آيَاتِهِ المُعجِزة لأَنه، صلى الله عليه وسلم، تَلا عَلَيْهِمْ كِتابَ اللَّهِ مَنْظُوماً، تَارَةً بَعْدَ أُخْرَى، بالنَّظْم الَّذِي أُنْزِل عَلَيْهِ فَلَمْ يُغَيِّره وَلَمْ يُبَدِّل أَلفاظَه، وَكَانَ الخطيبُ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا ارْتَجَل خُطْبَةً ثُمَّ أَعادها زَادَ فِيهَا ونَقَص، فحَفِظه اللَّهُ عز وجل عَلَى نَبيِّه كَمَا أَنْزلَه، وأَبانَهُ مِنْ سَائِرِ مَن بَعَثه إِلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي بايَنَ بَينه وَبَيْنَهُمْ بِهَا، فَفِي ذَلِكَ أَنْزَل اللَّهُ تَعَالَى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ الَّذِينَ كَفَرُوا، ولَقالوا: إِنَّهُ وَجَدَ هَذِهِ الأَقاصِيصَ مَكْتوبةً فَحَفِظَها مِنَ الكُتُب. والأَمامُ: نَقِيضُ الوَراء وَهُوَ فِي مَعْنَى قُدَّام، يَكُونُ اسْمًا وَظَرْفًا. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَالَ الكِسائي أَمَامَ مُؤَنَّثَةٌ، وَإِنْ ذُكِّرتْ جَازَ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا أَمامَك إِذَا كُنْتَ تُحَذِّره أَوْ تُبَصِّره شَيْئًا، وَتَقُولُ أَنْتَ أَمامَه أَيْ قُدَّامه. ابْنُ سِيدَهْ: والأَئمَّةُ كِنانة «1»
؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأُمَيْمَة وأُمامةُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
قالتْ أُمَيْمةُ: مَا لجِسْمك شاحِباً
…
مِثْلِي ابْتُذِلْتَ، ومِثلُ مَا لَكَ يَنْفَعُ «2»
. وَرَوَى الأَصمعي أُمامةُ بالأَلف، فَمَن رَوَى أُمامة عَلَى التَّرْخِيمِ «3»
. وأُمامةُ: ثَلَثُمائة مِنَ الإِبِلِ؛ قال:
(1). قوله: والأئمة كِنانة؛ هكذا في الأَصل، ولعله أراد أن بني كنانة يقال لهم الأَئمة
(2)
. قوله [مثلي ابتذلت] تقدم في مادة نفع بلفظ منذ ابتذلت وشرحه هناك
(3)
. قوله [فَمَنْ رَوَى أُمَامَةَ عَلَى الترخيم] هكذا في الأَصل، ولعله فمن روى أمامة فعلى الأَصل ومن روى أميمة فعلى تصغير الترخيم
أَأَبْثُرهُ مالي ويَحْتِرُ [يَحْتُرُ] رِفْدَه؟
…
تَبَيَّنْ رُوَيْداً مَا أُمامةُ مِنْ هِنْدِ
أَراد بأُمامة مَا تقدَّم، وأَراد بِهِنْد هُنَيْدَة وَهِيَ الْمِائَةُ مِنَ الإِبل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا فَسَّرَهُ أَبو العَلاء؛ وَرِوَايَةُ الحَماسة:
أَيُوعِدُني، والرَّمْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ؟
…
تَبَيَّنْ رُوَيْداً مَا أُمامة مِنْ هِنْدِ
وأَما: مِنْ حُرُوفِ الِابْتِدَاءِ وَمَعْنَاهَا الإِخْبار. وإمَّا فِي الجَزاء: مُرَكَّبة مِنْ إنْ ومَا. وإمَّا فِي الشَّكِّ: عَكْسُ أَوْ فِي الْوَضْعِ، قَالَ: وَمِنْ خَفِيفِه أَمْ. وأَمْ حَرْفُ عَطف، معناه الِاسْتِفْهَامُ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى بَلْ. التَّهْذِيبُ: الْفَرَّاءُ أَمْ فِي الْمَعْنَى تَكُونُ رَدًّا عَلَى الِاسْتِفْهَامِ عَلَى جِهَتَيْن: إِحْدَاهُمَا أَنْ تُفارِق مَعْنَى أَمْ، والأُخرى أَنْ تَسْتَفْهِم بِهَا عَلَى جِهَةِ النّسَق، وَالَّتِي يُنْوى به الِابْتِدَاءُ إلَّا أَنه ابْتِدَاءٌ متصِل بِكَلَامٍ، فَلَوِ ابْتَدَأْت كَلَامًا لَيْسَ قَبْلَهُ كلامٌ ثُمَّ استَفْهَمْت لَمْ يَكُنْ إِلَّا بالأَلف أَوْ بهَلْ؛ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: أَلَمْ تَنْزِيلُ الْكِتابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ
، فَجَاءَتْ بأَمْ وَلَيْسَ قَبْلَها اسْتِفْهَامٌ فَهَذِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنها اسْتِفْهَامٌ مبتدأٌ عَلَى كَلَامٍ قَدْ سَبَقَهُ، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ
، فَإِنْ شِئْتَ جعَلْته اسْتِفْهَامًا مُبْتَدَأً قَدْ سَبَقَهُ كلامٌ، وَإِنْ شِئْتَ جعَلْته مَرْدُودًا عَلَى قَوْلِهِ مَا لَنَا لَا نَرَى «1»
، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي، ثُمَّ قَالَ: أَمْ أَنَا خَيْرٌ
، فَالتَّفْسِيرُ فِيهِمَا واحدٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وَرُبَّمَا جَعَلتِ الْعَرَبُ أَمْ إِذا سَبَقَهَا اسْتِفْهَامٌ وَلَا يَصْلُح فِيهِ أَمْ عَلَى جِهَةِ بَلْ فَيَقُولُونَ: هَلْ لَكَ قِبَلَنا حَقٌّ أَم أَنتَ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ بالظُّلْم، يُريدون بَلْ أَنْتَ رجُل مَعْرُوفٌ بالظُّلْم؛ وأَنشد:
فوَالله مَا أَدري أَسَلْمى تَغَوَّلَتْ،
…
أَمِ النَّوْمُ أَمْ كلٌّ إليَّ حَبِيبُ
يُريد: بَلْ كلٌّ، قَالَ: وَيَفْعَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ بأَوْ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وقال الزَّجَّاجُ: أَمْ إِذا كَانَتْ مَعْطُوفَةً عَلَى لَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ فَهِيَ مَعْرُوفَةٌ لَا إِشكال فِيهَا كَقَوْلِكَ زَيْدٌ أَحسن أَمْ عَمرو، أَكذا خيرٌ أَمْ كَذَا، وَإِذَا كَانَتْ لَا تقَعُ عَطْفًا عَلَى أَلِف الِاسْتِفْهَامِ، إِلا أَنها تَكُونُ غَيْرَ مبتدأَة، فإِنها تُؤذِن بِمَعْنَى بَلْ وَمَعْنَى أَلف الِاسْتِفْهَامِ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ
، قَالَ: الْمَعْنَى بَلْ تُريدون أَن تَسأَلوا رسولَكم، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ
؛ قَالَ: الْمَعْنَى بَلْ يَقُولُونَ افْتَراه، قَالَ اللَّيْثُ: أَمْ حَرْف أَحسَن مَا يَكُونُ فِي الِاسْتِفْهَامِ عَلَى أَوَّله، فَيَصِيرُ الْمَعْنَى كأَنه اسْتِفْهَامٌ بَعْدَ اسْتِفْهَامٍ، قَالَ: وَيَكُونُ أمْ بِمَعْنَى بَلْ، وَيَكُونُ أَمْ بِمَعْنَى ألِف الِاسْتِفْهَامِ كَقَوْلِكَ: أَمْ عِنْدك غَداء حاضِرٌ؟ وَأَنْتَ تُرِيدُ: أَعِندَك غَدَاءٌ حاضِرٌ وَهِيَ لُغَةٌ حَسَنَةٌ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا يَجُوز إِذا سَبَقَهُ كَلَامٌ، قَالَ اللَّيْثُ: وَتَكُونُ أَمْ مبتدَأَ الْكَلَامِ فِي الْخَبَرِ، وَهِيَ لُغَةٌ يَمانية، يَقُولُ قائلُهم: أَمْ نَحْن خَرَجْنا خِيارَ النَّاسِ، أَمْ نُطْعِم الطَّعام، أَمْ نَضْرِب الهامَ، وَهُوَ يُخْبِر. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ أَبو زَيْدٍ أَم تَكُونُ زَائِدَةً لغةُ أَهل الْيَمَنِ؛ قَالَ وأَنشد:
(1). قوله [وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ مَرْدُودًا عَلَى قَوْلِهِ مَا لَنَا لا نرى] هكذا في الأَصل
يَا دَهْن أَمْ مَا كَانَ مَشْيي رَقَصا،
…
بَلْ قَدْ تَكُونُ مِشْيَتي تَوَقُّصا
أَراد يَا دَهْناء فَرَخَّم، وأَمْ زَائِدَةٌ، أَرَادَ مَا كَانَ مَشْيي رَقَصاً أَيْ كنت أَتَوقَّصُ وأَنا فِي شَبِيبتي واليومَ قَدْ أَسْنَنْت حَتَّى صَارَ مَشيي رَقَصاً، والتَّوَقُّص: مُقارَبةُ الخَطْو؛ قَالَ ومثلُه:
يَا لَيْتَ شِعْرِي وَلَا مَنْجى مِنَ الهَرَمِ،
…
أَمْ هلْ عَلَى العَيْش بعدَ الشَّيْب مِن نَدَمِ؟
قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ أَبي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ، يذهَب إِلَى أَن قَوْلَهُ أَمْ كَانَ مَشْيي رَقَصاً مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقَدَّمَ، الْمَعْنَى كأَنه قَالَ: يَا دَهْن أَكان مَشْيي رَقَصاً أَمْ مَا كَانَ كَذَلِكَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَكُونُ أَمْ بِلُغَةِ بَعْضِ أَهل اليَمن بِمَعْنَى الأَلِف واللامِ، وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ مِنَ امْبرِّ امْصِيامُ فِي امْسَفَر
أَيْ لَيْسَ من البِرِّ الصِّيامُ في السفَر؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والأَلفُ فِيهَا أَلفُ وَصْلٍ تُكْتَب وَلَا تُظْهر إِذَا وُصِلت، وَلَا تُقْطَع كَمَا تُقْطَع أَلِف أَم الَّتِي قدَّمنا ذكْرَها؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
ذاكَ خَلِيلي وذُو يُعاتِبُني،
…
يَرْمي وَرَائِي بامْسَيْفِ وامْسَلِمَه
أَلَا تَرَاهُ كَيْفَ وَصَل الميمَ بِالْوَاوِ؟ فَافْهَمْهُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْوَجْهُ أَنْ لَا تُثْبَتَ الأَلف فِي الكِتابة لأَنها مِيمٌ جعلتْ بدَلَ الأَلفِ وَاللَّامِ للتَّعْريف. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ المكرَّم: قَالَ فِي أَوَّل كَلَامِهِ: أَمْ بِلُغَةِ الْيَمَنِ بِمَعْنَى الأَلف وَاللَّامِ، وأَوردَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ: والأَلف أَلفُ وَصْل تُكْتَبُ وَلَا تُظْهر وَلَا تُقْطَع كَمَا تُقْطَع أَلف أَمْ، ثُمَّ يَقُولُ: الوَجُه أَن لَا تُثْبَتَ الأَلِف فِي الْكِتَابَةِ لأَنها ميمٌ جُعِلَتْ بدَل الأَلف وَاللَّامِ للتَّعْريف، وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَن الميمَ عِوَض لَامِ التَّعْريف لَا غَيْر، والأَلفُ عَلَى حالِها، فَكَيْفَ تَكُونُ الْمِيمُ عِوَضاً مِنَ الأَلف وَاللَّامِ؟ وَلَا حُجَّة بِالْبَيْتِ الَّذِي أَنشده فإِن أَلفَ التَّعْريف وَاللَّامَ فِي قَوْلِهِ والسَّلِمَة لَا تَظْهَرُ فِي ذَلِكَ، وَلَا فِي قَوْلِهِ وامْسَلِمَة، وَلَوْلَا تشديدُ السِّينِ لَما قَدَرَ عَلَى الإِتْيان بِالْمِيمِ فِي الوزْن، لأَنَّ آلةَ التَّعْريف لَا يَظْهر مِنْهَا شَيْءٌ فِي قَوْلِهِ والسَّلِمة، فَلَمَّا قَالَ وامْسَلِمة احْتَاجَ أَن تَظْهَرَ الْمِيمُ بِخِلَافِ اللَّامِ والأَلف عَلَى حَالَتِهَا فِي عَدَم الظُّهور فِي اللَّفْظِ خاصَّة، وبإِظهاره الْمِيمَ زَالَتْ إِحْدى السِّينَيْن وخَفَّت الثَّانِيَةُ وارْتَفَع التشديدُ، فإِن كَانَتِ الْمِيمُ عِوَضاً عَنِ الأَلف وَاللَّامِ فَلَا تُثْبَتُ الأَلف وَلَا اللَّامُ، وإِن كَانَتْ عِوَضَ اللَّامِ خاصَّة فَثُبوت الأَلف واجبٌ. الْجَوْهَرِيُّ: وأَمّا أَمْ مُخَفَّفة فَهِيَ حَرف عَطف فِي الِاسْتِفْهَامِ وَلَهَا مَوْضِعان: أحدهُما أَنْ تَقَع مُعادِلةً لأَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ بِمَعْنَى أَيْ تَقُولُ أَزَيْدٌ فِي الدَّارِ أَمْ عَمرو وَالْمَعْنَى أَيُّهما فِيهَا، وَالثَّانِي أَن تَكُونَ مُنْقَطِعة مِمَّا قَبْلَهَا خَبراً كَانَ أَوِ اسْتِفْهَامًا، تَقُولُ فِي الخَبَر: إِنها لإِبلٌ أَمْ شاءٌ يَا فَتَى، وَذَلِكَ إِذا نَظَرْت إِلَى شَخْص فَتَوَهَّمته إبِلًا فَقُلْتَ مَا سَبَقَ إِلَيْكَ، ثُمَّ أَدْرَكك الظنُّ أَنه شاءٌ فانصَرَفْت عَنِ الأَوَّل فَقُلْتَ أَمْ شاءٌ بِمَعْنَى بَلْ لأَنه إضْرابٌ عمَّا كَانَ قَبْلَهُ، إلَّا أَنَّ مَا يَقَع بَعْدَ بَلْ يَقِين وَمَا بَعْد أَمْ مَظْنون، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِهِ فَقُلْتَ أمْ شاءٌ بِمَعْنَى بَلْ لأَنه إِضْراب عَمَّا كَانَ قَبْلَهُ: صَوابُه أَنْ يَقول بِمَعْنَى بَلْ أَهِيَ شاءٌ، فيأْتي بأَلِف الِاسْتِفْهَامِ الَّتِي وَقَع بِهَا الشكُّ، قَالَ: وتَقول فِي الِاسْتِفْهَامِ هَلْ زَيْدٌ مُنْطَلِق أمْ عَمرو يَا فَتى؟ إِنَّمَا أَضْرَبْت عَنْ سُؤالك عَنِ انْطِلاق زيدٍ وجعَلْته عَنْ عَمرو، فأَمْ
مَعَهَا ظنٌّ وَاسْتِفْهَامٌ وإضْراب؛ وأَنشد الأَخفش للأَخطل:
كَذَبَتْك عَينُكَ أَمْ رأَيت بِواسِطٍ
…
غَلَسَ الظَّلام، مِنَ الرَّبابِ، خَيالا؟
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ
؛ وَهَذَا لَمْ يَكُنْ أَصلهُ اسْتِفْهَامًا، وَلَيْسَ قَوْلُهُ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ
شَكًّا، ولكنَّه قَالَ هَذَا لِتَقبيح صَنيعِهم، ثُمَّ قَالَ: بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، كأَنه أَراد أَن يُنَبِّه عَلَى مَا قَالُوهُ نَحْوَ قَوْلِكَ لِلرَّجُلِ: الخَيرُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أمِ الشرُّ؟ وأَنتَ تَعْلَم أَنَّهُ يَقُولُ الْخَيْرُ وَلَكِنْ أَردت أَنْ تُقَبِّح عِنْدَهُ مَا صنَع، قَالَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عز وجل: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ
، وَقَدْ عَلِم النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، وَالْمُسْلِمُونَ، رضي الله عنهم، أَنَّهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ لَمْ يَتَّخِذ وَلَداً سُبْحَانَهُ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيُبَصِّرهم ضَلالَتَهم، قَالَ: وتَدْخُل أَمْ عَلَى هلْ تَقُولُ أَمْ هلْ عندك عمرو؛ وَقَالَ عَلْقمة بْنُ عَبَدة:
أَمْ هلْ كَبيرٌ بَكَى لَمْ يَقْضِ عَبْرَتَه،
…
إثْرَ الأَحبَّةِ، يَوْمَ البَيْنِ، مَشْكُومُ؟
قال ابن بري: أمْ هنا مُنْقَطِعة، واستَأْنَف السُّؤال بِهَا فأَدْخَلها عَلَى هلْ لتَقَدُّم هلْ فِي الْبَيْتِ قَبْلَهُ؛ وَهُوَ:
هلْ مَا عَلِمْت وَمَا اسْتودِعْت مَكْتوم
ثُمَّ استأْنف السُّؤَالَ بِأَمْ فَقَالَ: أَمْ هلْ كَبير؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الجَحَّاف بْنِ حَكِيمٍ:
أَبا مالِكٍ، هلْ لُمْتَني مُذْ حَضَضتَنِي
…
عَلَى القَتْل أَمْ هلْ لامَني منكَ لائِمُ؟
قَالَ: إِلَّا أَنه مَتَى دَخَلَتْ أَمْ عَلَى هلْ بَطَل مِنْهَا مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ، وَإِنَّمَا دَخَلتْ أَم عَلَى هلْ لأَنها لِخُروجٍ مِنْ كَلَامٍ إِلى كَلَامٍ، فَلِهَذَا السَّبَب دخلتْ عَلَى هلْ فقلْت أَمْ هلْ ولم تَقُل أَهَلْ، قَالَ: وَلَا تَدْخُل أَم عَلَى الأَلِف، لَا تَقول أَعِنْدك زَيْدٌ أَمْ أَعِنْدك عَمْرو، لأَن أَصْلَ مَا وُضِع لِلِاسْتِفْهَامِ حَرْفان: أَحدُهما الأَلفُ وَلَا تَقع إِلا فِي أَوَّل الْكَلَامِ، وَالثَّانِي أمْ وَلَا تَقَعُ إِلَّا فِي وَسَط الْكَلَامِ، وهلْ إِنما أُقيم مُقام الأَلف فِي الِاسْتِفْهَامِ فَقَطْ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقَع فِي كُلٍّ مَواقِع الأَصْل.
أنم: الأَنامُ: مَا ظَهَرَ عَلَى الأَرض مِنْ جَمِيعِ الخَلْق، وَيَجُوزُ فِي الشِّعْر الأَنِيمُ، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ
؛ همُ الجِنُّ والإِنْس، قَالَ: والدليلُ عَلَى مَا قَالُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ بعَقِبِ ذِكْره الأَنامَ إِلى قَوْلِهِ: وَالرَّيْحانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، وَلَمْ يَجْرِ للجنِّ ذِكْر قبلَ ذَلِكَ إِنما ذَكَر الجانَّ بَعْدَهُ فَقَالَ: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ؛ والجِنُّ والإِنسُ هُما الثَّقَلان، وَقِيلَ: جَازَ مُخاطَبَةُ الثَّقَلَيْن قَبْلَ ذِكْرِهِما معاً لأَنها ذُكِرَا بِعَقِب الخِطاب؛ قَالَ المُثَقَّب العَبْدي:
فَمَا أَدْرِي، إِذَا يَمَّمْتُ أَرْضاً
…
أُرِيدُ الخَيْرَ، أَيُّهما يَلِيني؟
أَأَلخَيْر الَّذِي أَنَا أَبْتَغيهِ،
…
أمِ الشَّر الَّذِي هُوَ يَبْتَغِيني؟
فقال: أَيُهما وَلَمْ يَجْر لِلشَّرِّ ذِكْرٌ إِلَّا بَعْدَ تَمام البيت.
اندرم: النِّهَايَةِ لِابْنِ الأَثير فِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ وسُئل كَيْفَ نُسَلِّم «2» . عَلَى أَهْلِ الذِّمَّة؟ فَقَالَ: قُلْ أَنْدَرَايَمْ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ مَعْناها أَأَدْخُل، وَلَمْ يُرِدْ أَن يَخُصَّهم بالاسْتِئذان بالفارِسِيَّة، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا مَجوساً فأَمَره أَن يُخاطِبَهم بِلِسانِهم، قَالَ: وَالَّذِي يُراد مِنْهُ أَنه لَمْ يَذْكُر السَّلامَ قَبْل الاسْتِئذان، أَلَا تَرَى أَنه لَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ أَنْدَرَايَمْ؟
أوم: الأُوامُ، بِالضَّمِّ: العَطَش، وَقِيلَ: حَرُّه، وَقِيلَ: شِدَّةُ العَطَش وأَن يَضِجَّ العَطْشان؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِي:
قَدْ عَلِمَتْ أَنِّي مُرَوِّي هامِها،
…
ومُذْهِبُ الغَلِيلِ مِنْ أُوامِها
وقد آمَ يَؤُومُ أَوْماً، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَلَمْ يُذْكُرْ لَهُ فِعلًا. والإِيامُ: الدُّخان، وَالْجَمْعُ أُيُمٌ، أُلْزِمَتْ عَيْنُه البَدَل لِغَيْرِ عِلّة، وإِلا فحُكْمُه أَنْ يَصِحَّ لأَنه لَيْسَ بمَصْدر فَيَعْتَلُّ باعْتِلال فِعْله، وَقَدْ آمَ عليها وآمَها يَؤُومُها أَوماً وإِياماً: دَخَّنَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤية:
فَمَا بَرِحَ الأَسْبابَ، حَتَّى وَضَعْنَه
…
لَدَى الثَّوْلِ يَنْفِي جَثَّها ويؤُومُها
وَهَذِهِ الكلِمة واوِيَّة وَيَائِيَّةٌ، وَهِيَ مِنَ الْيَاءِ بدَلالةِ قَوْلِهِمْ آمَ يَئِيمُ، وَهِيَ مِنَ الْوَاوِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ يَؤُومُ أَوْماً، فَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ أَنها واويَّة ويائِيَّة، غَيْرَ أَنهم لَمْ يَقولوا فِي الدُّخَان أُوَام إِنما قَالُوا إِيَام فَقَطْ، وإِنما تَدَاوَلَتِ الياءُ والواوُ فِعْلَه ومَصْدَرَه، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن قِيلَ فَقَدْ ذَكَرْت الإِيَامَ الَّذِي هُوَ الدُّخَان هُنَا وإِنما مَوْضِعُهُ الْيَاءُ، قُلْنَا: إنَّ الْيَاءَ فِي الإِيَام الَّذِي هُوَ الدُّخان قَدْ تَكُونُ مقْلوبة فِي لُغَةِ مَنْ قَالَ آمَها يَؤُومُها أَوْماً، فكأَنَّا إِنما قُلْنَا الأُوام وإِن كَانَ حُكْمُها أَن لَا تَنْقَلِب هُنَا لأَنه اسمٌ لَا مَصْدَر، لكنَّها قُلِبَتْ هُنَا قَلْباً لِغَيْرِ عِلَّة كَمَا قُلْنَا، إِلا طَلَبَ الخِفَّة، وَسَنَذْكُرُ الإِيَامَ فِي الْيَاءِ. والمُؤَوَّمُ مِثْلُ المُعَوَّمِ: الْعَظِيمُ الرأْس والخَلْق، وَقِيلَ: المُشَوَّه كالمُوَأَّمِ، قَالَ: وأَرَى المُوَأَّم مَقْلُوباً عَنِ المُؤَوَّم؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِعَنْتَرَةَ:
وكأَنَّما يَنْأَى بِجانِب دَفِّها
…
الوَحْشِيّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّم «3»
. فَسَّرَهُ بأَنه المُشَوَّه الخَلْق؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي سِنَّوْراً، قَالَ: والهَزِج المُتراكِب الصَّوْت وعَنى بِهِ هِرًّا وإِن لَمْ يتقدَّم لَهُ ذِكْر، وَإِنَّمَا أَتى بِهِ فِي أَول الْبَيْتِ الثَّانِي وَالتَّقْدِيرُ يَنْأَى بِجانِبها مِنْ مُصَوِّت بالعَشِيِّ هِرٌّ، ومَن رَوى تَنْأَى بِالتَّاءِ لتأْنِيثِ الناقةِ قَالَ هِرٍّ، بِالْخَفْضِ، وَتَقْدِيرُهُ مِنْ هِرٍّ هَزِج العَشِيّ؛ وفسَّر الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ فَقَالَ: أَراد مِنْ حادٍ هَزِج الْعَشِيِّ بحُدائه. قَالَ: والأُوامُ أَيضاً دُخان المُشْتار. والآمةُ: الْعَيْبُ؛ قَالَ عَبِيد:
مَهْلًا، أَبيتَ اللَّعْنَ مَهْلًا،
…
إنَّ فِيمَا قُلْتَ آمَهْ
والآمَةُ أَيضاً: مَا يَعْلَق بسُرَّةِ المَوْلود إِذَا سَقَطَ مِنْ بَطْنِ أُمِّه. وَيُقَالُ: مَا لُفَّ فِيهِ مِنْ خِرْقة وما
(2). قوله [كيف نسلم] هكذا في الأَصل بالنون مبنياً للفاعل، وفي نسخ النهاية: كيف يسلم، بالياء وبناء الفعل للمفعول
(3)
. هو مذكور في مادة هزج
خَرَج مَعَهُ؛ وَقَالَ حَسَّانُ:
وَمَوْؤُودَةٍ مَقْرُورةٍ فِي مَعاوِزٍ
…
بآمَتِها، مَرْسُومةٍ لَمْ تُوَسَّدِ
أَبو عَمْرٍو: اللَّيالي الأُوَّمُ المُنْكَرَة، ولَيالٍ أُوَمٌ كَذَلِكَ؛ وأَنشد:
لَمَّا رأَيت آخِرَ اللَّيلِ عَتَمْ،
…
وأَنها إحْدى لَيالِيك الأُوَمْ
قَالَ أَبو عَلِيٍّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مأْخوذاً مِنَ الْآمَةِ وَهِيَ العَيْب، وَمِنْ قَوْلِهِمْ مُؤَوّم. ودَعا جريرٌ رجُلًا مِنْ بَنِي كُلَيب إِلَى مُهاجاتِه فَقَالَ الكُلَيْبيُّ: إنَّ نِسائي بآمَتِهِنَّ وإنَّ الشُّعراء لَمْ تَدَع فِي نِسائك مُتَرقَّعاً؛ أَراد أَنَّ نِساءَه لَمْ يُهْتَك سِتْرهنَّ وَلَمْ يَذْكُر سِواهنُّ سَوأَتَهُنَّ، بِمَنْزِلَةِ الَّتِي وُلدتْ وَهِيَ غَيْرُ مَخْفوضَة وَلَا مُقْتَضَّة. وآمَهُ اللهُ أَيْ شَوَّه خَلْقه. والأُوامُ: دُوارٌ فِي الرأْس. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ أَوَّمَه الكَلأُ تأْويماً أَي سَمَّنه وعظَّم خَلْقه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَرَكْرَكٌ مُهْجِرُ الضُّؤْبان، أَوَّمَهُ
…
روْضُ القِذافِ رَبيعاً أَيَّ تَأْويمِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عَرَكْرَك غَلِيظ قَويٌّ، ومُهْجِر أَي فَائِقٌ، والأَصل فِي قَوْلِهِمْ بَعِيرٌ مُهْجِر أَي يَهْجُرُ الناسُ بذِكْره أَيْ يَنْعَتُونه، والضُّؤبانُ: السَّمِين الشديدُ أَي يَفوقُ السمان.
أيم: الأَيامى: الَّذِينَ لَا أَزواجَ لَهُمْ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وأَصله أَيايِمُ، فَقُلِبَتْ لأَن الْوَاحِدَ رَجُلٌ أَيِّمٌ سَوَاءً كَانَ تزوَّج قَبْلُ أَو لَمْ يَتَزَوَّجْ. ابْنُ سِيدَهْ: الأَيِّمُ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَا زَوْج لَهَا، بِكْراً كَانَتْ أَو ثَيِّباً، وَمِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا امرأَة لَهُ، وجمعُ الأَيِّمِ مِنَ النِّسَاءِ أَيايِمُ وأَيامى، فأَمَّا أَيايِم «1»
فَعَلَى بَابِهِ وَهُوَ الأَصل أَيايِم جَمْعُ الأَيِّم، فَقُلِبَتِ الْيَاءُ وجُعلت بَعْدَ الْمِيمِ، وأَمّا أَيامى فَقِيلَ: هُوَ مِنْ بَابِ الوَضْع وُضِع عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ؛ وَقَالَ الْفَارِسِيُّ: هُوَ مَقلوب مَوْضِعِ الْعَيْنِ إِلَى اللام. وقد آمَتِ المرأَة مِنْ زَوْجها تَئِيمُ أَيْماً وأُيُوماً وأَيْمَةً وإِيمة وتأَيَّمَتْ زَمَانًا وأتامَتْ وأْتَيَمْتها: تَزَوَّجْتُها أَيّماً. وتأَيَّم الرجلُ زَمَانًا وتأَيَّمتِ المرأَة إِذَا مَكَثا أَيّاماً وَزَمَانًا لَا يتزوَّجان؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
لَقَدْ إمْتُ حَتَّى لامَني كلُّ صاحِبٍ،
…
رَجاءً بسَلْمى أَن تَئِيمَ كَمَا إمْتُ
وأَنشد أَيْضًا:
فَإِنْ تَنْكِحِي أَنْكِحْ، وَإِنْ تَتَأَيَّمِي،
…
يَدَا الدَّهْرِ، مَا لم تنْكِحي أَتَأَيَّم
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ الثَّقَفِيُّ:
كلُّ امْرئٍ سَتَئيمُ منهُ
…
العِرْسُ، أَوْ مِنْهَا يَئيم
وقال آخَرُ:
نَجَوْتَ بِقُوفِ نَفْسِك، غَيْرَ أَني
…
إخالُ بأَنْ سَيَيْتَمُ أَوْ تَئِيمُ
أَيْ يَيتمُ ابنُك أَوْ تَئِيمُ امرأَتُك. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَالَ يَعْقُوبُ سَمِعت رجُلًا مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: أَيٌّ يَكُونَنَّ عَلَى الأَيْمِ نَصِيبي؛ يَقُولُ مَا يَقَعُ بيَدي بَعْدَ تَرْك التزوُّج أَيّ امرأَة صَالِحَةٌ أَو غَيْرُ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ امرأَة صَالِحَةٌ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ. والحَرْبُ مَأْيَمَة لِلنِّسَاءِ أَي تَقْتل الرجال فتَدَعُ
(1). قوله [فأما أيايم إلى قوله وأما أيامى] هكذا في الأَصل
النِّسَاءَ بِلَا أَزواجٍ فَيَئِمْنَ، وَقَدْ أَأَمْتُها وأَنا أُئيمُها: مِثْلَ أَعَمْتُها وأَنا أُعِيمُها. وآمَتِ المرأَةُ إِذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَوْ قُتِل وَأَقَامَتْ لَا تَتَزوَّج. يُقَالُ: امرأَةٌ أَيِّمٌ وَقَدْ تأَيَّمَتْ إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ زَوْج، وَقِيلَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ تَصْلُح للأَزْواج لأَنَّ فِيهَا سُؤْرةً مِنْ شَباب؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مُغايراً أَو يَرْهَبُ التَّأْيِيما
وأَيَّمَهُ اللهُ تَأْيِيماً. وَفِي الْحَدِيثِ:
امرأَةٌ آمَتْ مِنْ زوجِها ذاتُ مَنْصِب وجَمالٍ
أَيْ صارَتْ أَيِّماً لَا زَوْجَ لَهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
حَفْصَةَ: أَنها تَأَيَّمتْ مِنَ ابْنِ خُنَيْسٍ زَوْجِها قَبْل النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام: مَاتَ قَيِّمُها وَطَالَ تَأَيُّمُها
، وَالِاسْمُ مِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الأَيْمةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَطول أَيْمَةُ إحْداكُنَّ، يُقَالُ: أَيِّمٌ بَيِّن الأَيْمة.
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مَا لهُ آمٌ وعامٌ أَيْ هَلَكتِ امرأَته وماشِيَتُه حَتَّى يَئِيمَ ويَعيمَ إِلى اللَّبَن. ورجلٌ أَيْمانُ عَيْمانُ؛ أَيْمانُ: هَلَكتِ امرأَته، فأَيْمانُ إِلى النِّسَاءِ وعَيْمانُ إِلى اللَّبَنِ، وامرأَة أَيْمَى عَيْمَى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ
؛ دخَل فِيهِ الذَّكَر والأُنْثى والبِكْر والثَّيِّب، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: الحَرائر.
وَقَوْلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا
، فَهَذِهِ الثَّيِّبُ لَا غَيْرَ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَا تَنْكِحَنَّ الدَّهْرَ، مَا عِشْتَ، أَيِّماً
…
مُجَرَّبةً، قَدْ مُلَّ مِنْهَا، ومَلَّتِ
والأَيِّمُ فِي الأَصل: الَّتِي لَا زوجَ لَهَا، بِكْراً كَانَتْ أَو ثَيِّباً، مطلَّقة كَانَتْ أَوْ مُتَوَفّى عَنْهَا، وَقِيلَ: الأَيامى القَرابات الابْنةُ والخالةُ والأُختُ. الْفَرَّاءُ: الأَيِّمُ الحُرَّة، والأَيِّمُ القَرابة. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَتَزَوَّجْ أَيِّمٌ، والمرأَة أَيِّمَةٌ إِذا لَمْ تَتَزَوَّج، والأَيِّمُ البِكْر والثَّيّب. وآمَ الرجلُ يَئِيمُ أَيْمةً إِذا لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ، وَكَذَلِكَ المرأَة إِذا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الأَيْمةِ والعَيْمة
، وَهُوَ طولُ العُزْبةِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: فُلانَةُ أَيِّمٌ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ. وَرَجُلٌ أَيِّمٌ: لَا مرأَة لَهُ، وَرَجُلَانِ أَيِّمانِ وَرِجَالٌ أَيِّمُون ونساءٌ أَيِّماتٌ وأُيَّمٌ بَيِّنُ الأُيُوم والأَيْمةِ. والآمةُ: العُزَّاب، جَمْعُ آمٍ، أَراد أيِّم فقلَب؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أُمْهِرْنَ أَرْماحاً، وهُنَّ بآمَةٍ،
…
أَعْجَلْنَهُنَّ مَظنَّة الإِعْذارِ
يُرِيدُ أَنَّهنَّ سُبِينَ قَبْلَ أَن يُخْفَضْنَ، فَجَعَلَ ذَلِكَ عَيْباً. والأَيْمُ والأَيِّمُ: الحيَّة الأَبْيَضُ اللَّطِيفُ، وعَمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ جَمِيعَ ضُروب الْحَيَّاتِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: كُلُّ حيَّة أيْمٌ ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، وربَّما شدِّد فَقِيلَ أَيِّم كَمَا يُقَالُ هَيْن وهَيِّن؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
باللَّيْل مَوْرِدَ أَيِّم مُتَغَضِّفِ
وقال الْعَجَّاجُ:
وبَطْنَ أَيْمٍ وقَواماً عُسْلُجا
والأَيْم والأَيْنُ: الحيَّة. قَالَ أَبُو خَيْرَةَ: الأَيْمُ والأَيْنُ والثُّعْبان الذُّكْرانُ مِنَ الحَيَّات، وَهِيَ الَّتِي لَا تَضُرُّ أَحداً، وَجَمْعُ الأَيْمِ أُيُومٌ وأَصله التَّثْقِيل فكسِّر عَلَى لَفْظِهِ، كَمَا قَالُوا قُيُول فِي جَمْعِ قَيْل، وَأَصْلُهُ فَيْعِل، وَقَدْ جَاءَ مُشَدَّدًا فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ: