المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الياء المثناة من تحتها - لسان العرب - جـ ١٢

[ابن منظور]

الفصل: ‌فصل الياء المثناة من تحتها

أَراد بالوَهْمِ طَرِيقًا وَاسِعًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ نَاقَتَهُ:

كأَنها جَمَلٌ وَهْمٌ، وَمَا بَقِيتْ

إِلَّا النَّحيزةُ والأَلْواحُ والعَصَبُ

أَراد بالوَهْم جَمَلًا ضَخْماً، والأُنثى وَهْمَةٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

يَجْتابُ أَرْدِيَةَ السَّرابِ، وَتَارَةً

قُمُصَ الظّلامِ، بوَهْمةٍ شِمْلالِ

والوَهْم: العظيمُ مِنَ الرِّجَالِ والجمالِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الإِبل الذَّلولُ المُنْقادُ مَعَ ضِخَمٍ وقوّةٍ، وَالْجَمْعُ أَوْهَامٌ ووُهُومٌ ووُهُمٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الوَهْمُ الجملُ الضخم الذَّلُولُ.

وَيَمَ: قَالَ فِي تَرْجَمَةِ وأَم: ابْنُ الأَعرابي الوَأْمةُ المُوافقَةُ، والوَيْمَةُ التُّهْمَةُ، وَاللَّهُ أَعلم.

‌فصل الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِهَا

يَتَمَ: اليُتْمُ: الانفرادُ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. واليَتِيم: الفَرْدُ. واليُتْمُ واليَتَمُ: فِقْدانُ الأَب. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: اليُتْمُ فِي النَّاسِ مِنْ قِبَل الأَب، وَفِي الْبَهَائِمِ مِنْ قِبَل الأُم، وَلَا يُقَالُ لِمَنْ فَقَد الأُمَّ مِنَ النَّاسِ يَتِيمٌ، وَلَكِنْ مُنْقَطِعٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اليَتِيمُ الَّذِي يَمُوتُ أَبوه، والعَجِيُّ الَّذِي تَمُوتُ أُمه، واللَّطيم الَّذِي يموتُ أَبَواه. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: يَنْبَغِي أَن يَكُونَ اليُتْمُ فِي الطَّيْرِ مِنْ قِبَل الأَب والأُمِّ لأَنهما كِلَيْهِما يَزُقَّانِ فِراخَهما، وَقَدْ يَتِمَ الصبيُّ، بالكسر، يَيْتَمُ يُتْماً ويَتْماً، بِالتَّسْكِينِ فِيهِمَا. وَيُقَالُ: يَتَمَ ويَتِمَ وأَيْتَمَه اللهُ، وَهُوَ يَتِيمٌ حَتَّى يبلغَ الحُلُم. اللَّيْثُ: اليَتِيمُ الَّذِي مَاتَ أَبوه فَهُوَ يَتِيمٌ حَتَّى يبلغَ، فإِذا بَلَغَ زَالَ عَنْهُ اسمُ اليُتْم، وَالْجَمْعُ أَيْتَامٌ ويَتَامَى ويَتَمَةٌ، فأَما يَتَامَى فَعَلَى بَابِ أَسارى، أَدخلوه فِي بَابِ مَا يَكْرَهُونَ لأَن فَعالى نظيرُه فَعْلى، وأَما أَيْتَام فإِنه كُسِّر عَلَى أَفعالٍ كَمَا كَسَّرُوا فَاعِلًا عَلَيْهِ حِينَ قَالُوا شَاهِدٌ وأَشْهاد، ونظيرُه شريفٌ وأَشْراف ونَصِيرٌ وأَنْصارٌ، وأَما يَتَمَةٌ فَعَلَى يَتَمَ فَهُوَ يَاتِمٌ، وإِن لَمْ يَسْمَعِ «4». الْجَوْهَرِيُّ يَتَّمَهم اللَّهُ تَيْتِيماً جَعَلَهُمْ أَيْتَاماً؛ قَالَ الفِنْدُ الزِّمَّانيّ وَاسْمُهُ شَهْل بْنُ شَيْبان:

بضَرْبٍ فِيهِ تَأْيِيمُ،

وتَيْتِيمٌ وإِرْنانُ

قَالَ الْمُفَضَّلُ: أَصل اليُتْم الغفْلةُ، وسمي اليَتِيمُ يَتِيماً لأَنه يُتَغافَلُ عَنْ بَرِّه. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: اليُتْم الإِبطاء، وَمِنْهُ أُخذ اليَتيم لأَن البِرَّ يُبْطِئُ عَنْهُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: هُوَ فِي مَيْتَمةٍ أَي فِي يَتامى، وَهَذَا جَمْعٌ عَلَى مَفْعَلةٍ كَمَا يُقَالُ مَشْيَخة للشُّيوخ ومَسْيَفَة للسُّيوف. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ يَتِيمةٌ لَا يَزُولُ عَنْهَا اسمُ اليُتْمِ أَبداً؛ وأَنشدوا:

وينْكِح الأَرامِل اليَتَامَى

وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: تُدْعى يَتِيمَةً مَا لَمْ تَتزوج، فإِذا تَزوَّجت زَالَ عَنْهَا اسمُ اليُتْم؛ وَكَانَ المُفَضَّل يَنْشُدُ:

أَفاطِمَ، إِني هالكٌ فتثَبَّتي،

وَلَا تَجْزَعي، كلُّ النِّسَاءِ يَتيمُ

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ

؛ أَي أَعطوهم أَموالَهُم إِذا آنَسْتم مِنْهُمْ رُشْداً، وسُمُّوا يَتَامَى بَعْدَ أَن أُونِسَ مِنْهُمُ الرُّشْدُ بِالِاسْمِ الأَول الَّذِي كَانَ لَهُمْ قَبْلَ إِيناسِه مِنْهُمْ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ اليُتْم واليَتِيمِ واليَتيمة والأَيْتام وَالْيَتَامَى وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ. واليُتْمُ في الناس: فَقدُ

(4). قولهم: وإن لم يسمع؛ هكذا في الأصل، ولعلّ في الكلام سقطاً

ص: 645

الصَّبِيِّ أَباه قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَفِي الدَّوَابِّ: فَقْدُ الأُمّ، وأصلُ اليُتْم، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، الانفرادُ، وَقِيلَ: الغفْلةُ، والأُنثى يَتيمةٌ، وَإِذَا بَلَغا زَالَ عَنْهُمَا اسمُ اليُتْم حَقِيقَةً، وقد يطلق عليهما مَجَازًا بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا كَانُوا يُسَمُّون النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ كبيرٌ يَتِيمَ أَبي طَالِبٍ لأَنه رَبَّاه بَعْدَ موتِ أَبيه. وَفِي الْحَدِيثِ:

تُسْتأْمَرُ اليَتِيمَة فِي نَفْسها، فإِن سَكَتَتْ فَهُوَ إِذْنُها

؛ أَراد باليَتِيمَة البِكْرَ البالغةَ الَّتِي مَاتَ أَبوها قَبْلَ بلوغِها فلَزِمَها اسْمُ اليُتْمِ، فدُعِيت بِهِ وَهِيَ بالغةٌ مَجَازًا. وَفِي حَدِيثِ

الشَّعْبِيِّ: أَن امرأَة جاءَت إِليه فَقَالَتْ إِني امرأَةٌ يَتِيمَةٌ، فضَحِك أَصحابُه فَقَالَ: النساءُ كلُّهنّ يَتَامَى

أَي ضَعائفُ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: صَبيٌّ يَتْمانُ؛ وأَنشد لأَبي العارِم الْكِلَابَيِّ:

فَبِتُّ أُشَوِّي صِبْيَتي وحَليلتي

طَرِيّاً، وجَرْوُ الذِّئب يَتْمَانُ جائعُ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَحْرِ بيَتَامَى أَن يَكُونَ جمعَ يَتْمَانَ أَيضاً. وأَيْتَمَتِ المرأَةُ وَهِيَ مُوتِمٌ: صَارَ ولدُها يَتيماً أَو أَولادُها يَتَامَى، وَجَمْعُهَا مَيَاتِيمُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: قَالَتْ لَهُ بنتُ خُفَافٍ الغِفاريّ: إِنَّي امرأَةٌ مُوتِمةٌ تُوُفِّي زَوْجِي وتَركَهم.

وَقَالُوا: الحَرْبُ مَيْتَمَةٌ يَيْتَمُ فِيهَا البَنونَ، وَقَالُوا: لَا يَحَا «1» ..... الْفَصِيلَ عَنْ أُمّه فإِن الذِّئْب عالمٌ بِمَكَانِ الفَصِيل اليَتِيم. واليَتَمُ: الغَفْلةُ. ويَتِمَ يَتَماً: قصَّر وفَتَر؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

وَلَا يَيْتَمُ الدَّهْرُ المُواصِل بينَه

عَنِ الفَهِّ، حَتَّى يَسْتَدِير فيَضْرَعا

واليَتَمُ: الإِبْطاءُ وَيُقَالُ: فِي سَيْرِهِ يَتَمٌ؛ بِالتَّحْرِيكِ، أَي إِبْطاءٌ؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شَأْسٍ:

وإِلا فسِيرِي مثْلَ مَا سارَ راكِبٌ

تَيَمَّمَ خِمْساً، لَيْسَ فِي سَيْرِه يَتَمْ

يُرْوَى أَمَم. واليَتَمُ أَيضاً: الحاجةُ؛ قَالَ عِمْران بْنُ حِطّان:

وفِرَّ عنِّي مِنَ الدُّنْيا وعِيشَتها،

فَلَا يكنْ لَكَ فِي حَاجَاتِهَا يَتَمُ

ويَتِمَ مِنْ هَذَا الأَمر يَتَماً: انْفَلَت. وكلُّ شَيْءٍ مُفْرَدٍ بِغَيْرِ نَظيرِه فَهُوَ يَتِيمٌ. يُقَالُ: دُرّةٌ يَتِيمَةٌ. الأَصمعي: اليَتِيمُ الرَّمْلةُ المُنْفردة، قَالَ: وكلُّ مُنْفردٍ ومنفردةٍ عِنْدَ الْعَرَبِ يَتِيمٌ ويَتِيمَةٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضاً الْبَيْتَ الَّذِي أَنشده الْمُفَضَّلُ:

وَلَا تَجْزَعي، كلُّ النِّسَاءِ يَتِيمُ

وَقَالَ: أَي كلُّ مُنْفردٍ يَتِيمٌ. قَالَ: وَيَقُولُ النَّاسُ إِنّي صَحَّفت وإِنما يُصَحَّف مِنَ الصَّعْبِ إِلى الهيّنِ لَا مِنَ الْهَيِّنِ إِلى الصَّعْبِ «2» . ابْنُ الأَعرابي: المَيْتَمُ المُفْرَدُ «3» . مِنْ كُلِّ شيء.

يَسَمَ: الياسِمِينُ والياسَمِينُ: مَعْرُوفٌ، فارسيٌّ معرَّب، قَدْ جَرَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ الأَعشى:

وشاهِسْفَرَمْ واليَاسِمينُ ونَرْجِسٌ

يُصَبِّحُنا فِي كلُّ دَجْنٍ تَغَيَّما

فَمَنْ قَالَ يَاسِمُونَ جَعَلَ واحدَه يَاسِماً، فكأَنه فِي التَّقْدِيرِ يَاسِمَة لأَنّهم ذَهَبُوا إِلى تأْنيث الرَّيْحانة والزَّهْرة، فَجَمَعُوهُ عَلَى هجاءَيْن، وَمَنْ قَالَ ياسِمينُ فَرَفَعَ النُّونَ جعَله وَاحِدًا وأَعرب نُونَه، وقد جاء

(1). كذا بياض بالأَصل

(2)

. هذه الجملة من [قال ويقول الناس] لا تتعلق بما قبلها ولا بما بعدها

(3)

. قوله [المَيْتَم المفرد] كذا بالأصل

ص: 646

اليَاسِمُ فِي الشِّعْرِ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى زِيَادَةِ يائِه ونونِه؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

منْ ياسِمٍ بِيضٍ ووَرْدٍ أَحْمَرا

يَخْرُج مِنْ أَكْمامِه مُعَصْفَرا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَاسِمٌ جمعُ يَاسِمَةٍ، فَلِهَذَا قَالَ بِيض، وَيُرْوَى: ووَرْدٍ أَزْهرا. الْجَوْهَرِيُّ: بَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ شَمِمْت اليَاسِمِينَ وَهَذَا يَاسِمُونَ، فيُجْرِيه مُجْرى الْجَمْعِ كَمَا هُوَ مَقُولٌ فِي نَصيبينَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعُمَرَ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:

إِنَّ لِي عندَ كلِّ نَفْحةِ بُسْتانٍ

منَ الوَرْدِ، أَو منَ الياسِمِينَا

نَظْرةً والتفاتَةً لكِ، أَرْجُو

أَنْ تكُونِي حَلَلْتِ فِيمَا يَلِينَا

التَّهْذِيبُ: يَسُومُ اسمُ جبلٍ صخرهُ مَلْساء؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:

وسِرْنا بمَطْلُولٍ مِنَ اللَّهْوِ لَيِّنٍ،

يَحُطّ إِلى السَّهْلِ اليَسُومِيّ أَعْصَما

وَقِيلَ: يَسُوم جَبَلٌ بِعَيْنِهِ؛ قَالَتْ لَيْلَى الأَخيلِيَّة:

لَنْ تَسْتطِيعَ بأَن تُحَوِّلَ عِزّهُمْ،

حَتَّى تُحَوِّلَ ذَا الهِضابِ يَسُومَا

وَيَقُولُونَ: اللَّهُ أَعلم مَنْ حَطَّها منْ رأْسِ يَسُومَ؛ يُرِيدُونَ شَاةً مَسْرُوقَةً «1» . فِي هَذَا الْجَبَلِ.

يُلِمُّ: مَا سَمِعْتُ لَهُ أَيْلَمَةً أَي حَرَكَةً؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

فَمَا سَمِعْتُ بعدَ تِلك النَّأَمَهْ

مِنها، وَلَا مِنْهُ هُناكَ أَيْلَمَهْ

قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وَهِيَ أَفْعَلَة دُونَ فَيْعَلة، وَذَلِكَ لأَن زيادةَ الْهَمْزَةِ أَوّلًا كَثِيرٌ ولأَن أَفْعَلة أَكثر من فَيْعَلة. الجوهري: يَلَمْلَم لُغَةٌ فِي أَلَمْلَم، وَهُوَ ميقاتُ أَهل الْيَمَنِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَلِيٍّ يَلَمْلَم فَعَلْعَل، الياءُ فاءُ الْكَلِمَةِ وَاللَّامُ عَيْنُهَا والميم لامها.

يَمَّمَ: اللَّيْثُ: اليَمُّ البحرُ الَّذِي لَا يُدْرَكُ قَعْرُه وَلَا شَطَّاه، وَيُقَالُ: اليَمُّ لُجَّتُه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: اليَمُّ البحرُ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْكِتَابِ، الأَول لَا يُثَنَّى وَلَا يُكَسَّر وَلَا يُجْمَع جمعَ السَّلَامَةِ، وزَعَم بعضُهم أَنها لُغَةٌ سُرْيانية فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ، وأَصله يَمَّا، ويَقَع اسمُ اليَمّ عَلَى مَا كَانَ مَاؤُهُ مِلْحاً زُعاقاً، وَعَلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ العَذْب الْمَاءِ، وأُمِرَتْ أُمُّ مُوسَى حينَ وَلَدَتْه وخافتْ عَلَيْهِ فِرْعَوْنَ أَن تجعلَه فِي تَابُوتٍ ثُمَّ تَقْذِفَه فِي اليَمِّ، وَهُوَ نَهَرُ النِّيلِ بِمِصْرَ، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَمَاؤُهُ عَذْبٌ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ

؛ فَجَعل لَهُ ساحِلًا، وَهَذَا كُلُّهُ دليلٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ اللَّيْثِ إِنه الْبَحْرُ الَّذِي لَا يُدْرَكُ قَعْرُه وَلَا شَطَّاه. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحدُكم إِصْبَعه فِي اليَمِّ فلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ

؛ اليَمُّ: البحرُ. ويُمَّ الرجلُ، فَهُوَ مَيْمُومٌ إِذا طُرِح فِي الْبَحْرِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: إِذا غَرِقَ فِي اليَمِّ. ويُمَّ الساحلُ يَمّاً: غَطَّاه اليَمُّ وطَما عَلَيْهِ فغلَب عَلَيْهِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: واليَمُّ الحيَّةُ. واليَمَامُ: طائرٌ، قِيلَ: هُوَ أَعمُّ مِنَ الحَمام، وَقِيلَ: هُوَ ضربٌ مِنْهُ، وَقِيلَ: اليَمَامُ الَّذِي يَسْتَفْرِخُ،

(1). قوله [شاة مسروقة إلخ] عبارة الميداني: أصله أَنَّ رَجُلًا نَذَرَ أَنْ يذبح شاة فمر بيَسُوم وهو جبل فرأى فيه راعياً فقال: أتبيعني شاة من غنمك؟ قال: نعم، فأنزل شاة فاشتراها وأمر بذبحها عنه ثم ولى، فذبحها الراعي عن نفسه وسمعه ابن الرجل يقول ذلك فقال لأَبيه: سمعت الراعي يقول كذا، فقال: يا بُنَيَّ الله أعلم إلخ. يضرب مثلًا في النية والضمير، ومثله لياقوت

ص: 647

والحَمامُ هُوَ البرِّي الَّذِي لَا يأْلفُ الْبُيُوتَ. وَقِيلَ: اليَمَامُ الْبَرِّيُّ مِنَ الحَمام الَّذِي لَا طَوْقَ لَهُ. والحَمامُ: كلُّ مُطَوَّقٍ كالقُمْريّ والدُّبْسي والفاخِتَةِ؛ وَلِمَا فَسَّرَ ابْنُ دُرَيْدٍ قَوْلَهُ:

صُبَّة كاليَمَامِ تَهْوي سِراعاً،

وعَدِيٌّ كمثْلِ سَيرِ الطريقِ

قَالَ: اليَمَامُ طائرٌ، فَلَا أَدري أَعَنى هَذَا النوعَ مِنَ الطَّيْرِ أَمْ نَوْعًا آخَرَ. الْجَوْهَرِيُّ: اليَمَامُ الحَمامُ الوَحْشيّ، الْوَاحِدَةُ يَمَامةٌ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: هِيَ الَّتِي تأْلفُ الْبُيُوتَ. واليَامُومُ: فرخُ الحمامةِ كأَنه مِنَ اليمامةِ، وَقِيلَ: فرخُ النَّعَامَةِ. وأَما التَّيَمُّمُ الَّذِي هُوَ التَّوَخِّي، فَالْيَاءُ فِيهِ بدلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. الْجَوْهَرِيُّ: اليَمَامَةُ اسمُ جَارِيَةٍ زَرْقاء كَانَتْ تُبْصِرُ الرَّاكِبَ مِنْ مسيرةِ ثَلَاثَةِ أَيام، يُقَالُ: أَبْصَرُ مِنْ زَرْقاء اليَمَامَةِ. واليَمَامَةُ: القَرْيَةُ الَّتِي قصَبتُها حَجْرٌ كَانَ اسمُها فِيمَا خَلَا جَوّاً، وَفِي الصِّحَاحِ: كَانَ اسمُها الجَوَّ فسُمِّيت بِاسْمِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لِكَثْرَةِ مَا أُضيفَ إِليها، وَقِيلَ: جوُّ اليَمَامَة، والنِّسْبةُ إِلى اليمامةِ يَمَامِيٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرُ اليَمَامَةِ، وَهِيَ الصُّقْعُ الْمَعْرُوفُ شرْقيَّ الحِجاز، ومدينتُها العُظْمى حَجْرُ اليَمَامَة، قَالَ: وإِنما سُمِّي اليَمَامَةَ بِاسْمِ امرأَة كَانَتْ فِيهِ تسْكُنه اسْمُهَا يَمَامَة صُلِبَت عَلَى بَابِهِ. وقولُ الْعَرَبِ: اجتَمعت اليَمَامَةُ، أَصله اجتمعَ أَهلُ اليمامةِ ثُمَّ حُذف الْمُضَافُ فأُنِّث الفعلُ فَصَارَ اجتمَعت اليمامةُ، ثُمَّ أُعيد الْمَحْذُوفُ فأُقرَّ التأْنيث الَّذِي هُوَ الْفَرْعُ بِذَاتِهِ، فَقِيلَ: اجْتَمَعَتْ أَهلُ اليمامةِ. وَقَالُوا: هُوَ يَمَامَتي ويَمَامِي كأَمامي. ابْنُ بَرِّيٍّ: ويَمَامَةُ كلِّ شَيْءٍ قَطَنُه، يُقَالُ: الْحَقْ بيَمَامَتِك؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فقُلْ جابَتي لَبَّيْكَ واسْمَعْ يَمَامَتِي،

وأَلْيِنْ فِراشي، إِنْ كَبِرْتُ، ومَطعَمي

يَنَمْ: اليَنَمَةُ: عُشبةٌ طَيِّبةٌ. واليَنَمَةُ: عشبةٌ إِذا رَعَتْها الماشيةُ كثُرَ رغوةُ أَلْبانها فِي قِلَّة. ابْنُ سِيدَهْ: اليَنَمَةُ نَبْتةٌ مِنْ أَحْرار الْبُقُولِ تَنْبت فِي السَّهل ودَكادِكِ الأَرض، لَهَا ورقٌ طِوالٌ لطافٌ محَدَّبُ الأَطرافِ، عَلَيْهِ وبَرٌ أَغْبَرُ كأَنه قِطَعَ الفِراءِ، وزَهْرَتُها مثلُ سُنْبلةِ الشَّعِيرِ وحبُّها صغيرٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اليَنَمةُ لَيْسَ لَهَا زهرٌ، وَفِيهَا حبٌّ كَثِيرٌ، يَسْمَن عَلَيْهَا الإِبلُ وَلَا تَغْزُرُ، قَالَ: وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: قَالَتِ اليَنَمَةُ أَنا اليَنَمه، أَغْبُقُ الصبيَّ بَعْدَ العَتَمه، وأَكُبُّ الثُّمالَ فَوْقَ الأَكَمَه؛ تَقُولُ: دَرِّي يُعَجّل لِلصَّبِيِّ وَذَلِكَ أَن الصَّبِيَّ لَا يَصْبر، وَالْجَمْعُ يَنَمٌ، قَالَ مُرَقِّش وَوَصَفَ ثورَ وَحْشٍ:

بَاتَ بغَيْثٍ مُعْشِبٍ نبْتُه،

مُخْتَلِطٍ حُرْبُثُه واليَنَمْ

وَيُقَالُ: يَنَمَةٌ خذْواء إِذا استَرْخى وَرَقُهَا عِنْدَ تَمَامِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

أَعْجَبَها أَكْلُ الْبَعِيرِ اليَنَمَهْ

يُهِمُّ: اليَهْمَاءُ: مفازةٌ لَا مَاءَ فِيهَا وَلَا يُسْمع فِيهَا صوتٌ. وَقَالَ عُمارة: الفَلاة الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا وَلَا عَلَمَ فِيهَا وَلَا يُهتدَى لطُرُقِها؛ وَفِي حَدِيثِ

قُسٍّ:

كلُّ يَهْمَاء يَقْصُرُ الطَّرْفُ عَنْهَا،

أَرْقَلَتْها قِلاصُنا إِرْقالا

وَيُقَالُ لَهَا هَيْماء. وليلٌ أَيْهَمُ: لَا نجُومَ فِيهِ. واليَهْمَاء: فلاةٌ مَلْساء لَيْسَ بِهَا نبتٌ. والأَيْهَمُ: البلدُ الَّذِي لَا عَلَم بِهِ. واليَهْمَاءُ: العَمْياء، سُمِّيَتْ بِهِ لِعَمَى مَن يَسْلُكها كَمَا قِيلَ للسَّيْلِ وَالْبَعِيرِ الْهَائِجِ

ص: 648

الأَيْهَمَانِ، لأَنهما يَتَجَرْثَمانِ كلَّ شَيْءٍ كتَجَرْثُم الأَعْمى، وَيُقَالُ لَهُمَا الأَعْمَيان. واليَهْمَاءُ: الَّتِي لَا مَرْتَع بِهَا، أَرضٌ يَهْمَاء. واليَهْمَاءُ: الأَرضُ الَّتِي لَا أَثر فِيهَا وَلَا طَرِيقَ وَلَا عَلَمَ، وَقِيلَ هِيَ الأَرض الَّتِي لَا يُهتَدى فِيهَا لطريقٍ، وَهِيَ أَكثر اسْتِعْمَالًا مِنَ الهَيْماء، وَلَيْسَ لَهَا مذَكَّر مِنْ نَوْعِهَا. وَقَدْ حَكَى ابْنُ جِنِّي: بَرٌّ أَيْهَمُ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ فَلَهَا مُذكَّر. والأَيْهَمُ مِنَ الرِّجَالِ: الْجَرِيءُ الَّذِي لَا يُستطاعُ دَفْعُه. وَفِي التَّهْذِيبِ: الشجاعُ الَّذِي لَا يَنْحاشُ لِشَيْءٍ، وَقِيلَ: الأَيْهَمُ الَّذِي لَا يَعي شَيْئًا وَلَا يحفظُه، وَقِيلَ: هُوَ الثَّبْتُ العِناد جَهْلًا لَا يَزِيغُ إِلى حجّةٍ وَلَا يَتَّهِمُ رأْيَه إِعجاباً. والأَيْهَمُ: الأَصَمُّ، وَقِيلَ: الأَعْمى. الأَزهري: والأَيْهَمُ مِنَ النَّاسِ الأَصمُّ الَّذِي لَا يَسمع، بيِّنُ اليَهَمِ؛ وأَنشد:

كأَني أُنادي أَو أُكَلِّمُ أَيْهَمَا

وسَنَةٌ يَهْمَاء: ذَاتُ جُدوبةٍ. وسِنون يُهْمٌ: لَا كلأَ فِيهَا وَلَا ماءَ وَلَا شَجَرَ. أَبو زَيْدٍ: سَنةٌ يَهْمَاءُ شديدةٌ عَسِرَةٌ لَا فَرَحَ فِيهَا. والأَيْهَمُ: المُصابُ فِي عَقْلِهِ. والأَيْهَمُ: الرجلُ الَّذِي لَا عقلَ لَهُ وَلَا فَهْمَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

إِلَّا تَضالِيلُ الفُؤادِ الأَيْهَمِ

أَراد الأَهْيم فَقَلَبَهُ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:

كأَنما تَغْريدُه بَعْدَ العَتَمْ

مُرْتَجِسٌ جَلْجَلَ، أَوحادٍ نَهَمْ

أَو راجزٌ فِيهِ لَجاجٌ ويَهَمْ

أَي لَا يَعْقِل. والأَيْهَمانِ عِنْدَ أَهل الحَضَر: السيلُ والحريقُ، وَعِنْدَ الأَعراب: الحريقُ والجملُ الهائجُ، لأَنه إِذا هاجَ لَمْ يُستَطَعْ دَفْعُه بِمَنْزِلَةِ الأَيهَمِ مِنَ الرِّجَالِ وإِنما سُمِّيَ أَيْهَمَ لأَنه ليسَ مِمَّا يُسْتطاعُ دَفْعُه، وَلَا يَنْطِق فيُكلَّم أَو يُسْتَعْتَب، وَلِهَذَا قِيلَ لِلْفَلَاةِ الَّتِي لَا يُهْتَدَى بِهَا لِلطَّرِيقِ: يَهْمَاء، والبَرُّ أَيْهَم؛ قَالَ الأَعشى:

ويَهْمَاء بِاللَّيْلِ عَطْشَى الفَلاةِ،

يُؤْنِسُني صَوْتُ فَيّادِها

قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: لَيْسَ أَيْهَم ويَهْمَاء كأَدْهَم ودَهْماء لأَمْرَين: أَحدهما أَن الأَيْهَمَ الجملُ الهائجُ أَو السيلُ واليَهْمَاءُ الْفَلَاةُ، وَالْآخِرُ: أَن أَيْهَم لَوْ كَانَ مُذَكَّرَ يَهْماء لَوَجَبَ أَن يأْتي فِيهِمَا يُهْمٌ مِثْلَ دُهْمٍ وَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ، فعُلم لِذَلِكَ أَن هَذَا تَلاقٍ بَيْنَ اللَّفْظِ، وأَن أَيْهَم لَا مؤنَّث لَهُ، وأَن يَهْمَاء لَا مذكَّر لَهُ. والأَيْهَمانِ عِنْدَ أَهل الأَمْصارِ: السيلُ والحَريقُ لأَنه لَا يُهْتَدى فِيهِمَا كَيْفَ العملُ كَمَا لَا يُهْتَدى فِي اليَهْمَاءِ، والسَّيلُ والجملُ الهائجُ الصَّؤُولُ يُتعوَّذُ مِنْهُمَا، وهُما الأَعْمَيانِ، يُقَالُ: نَعُوذ بِاللَّهِ مِنَ الأَيْهَمَيْنِ، وَهُمَا البعيرُ المُغْتَلِم الهائجُ والسيلُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، يَتعوَّذُ مِنَ الأَيْهَمَيْنِ

، قَالَ: وَهُمَا السيلُ وَالْحَرِيقُ. أَبو زَيْدٍ: أَنت أَشدُّ وأَشجعُ مِنَ الأَيْهَمَيْنِ، وَهُمَا الجملُ والسَّيْلُ، وَلَا يُقَالُ لأَحدِهما أَيْهَم. والأَيْهَمُ: الشامخُ مِنَ الجبالِ. والأَيْهَمُ مِنَ الْجِبَالِ: الصَّعْبُ الطويلُ الَّذِي لَا يُرْتَقَى، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ. وأَيْهَم: اسمٌ. وجبلةُ بْنُ الأَيْهم: آخرُ مُلُوكِ غسّان.

يَوْم: اليَوْمُ: معروفٌ مِقدارُه مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلى غُرُوبِهَا، وَالْجَمْعُ أَيَّامٌ، لَا يكسَّر إِلا عَلَى ذَلِكَ، وأَصله أَيْوامٌ فأُدْغم وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا فِيهِ جمعَ الْكَثْرَةِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ

؛ الْمَعْنَى ذكِّرْهم بِنِعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ فِيهَا عَلَيْهِمْ وبِنِقَمِ اللَّهِ

ص: 649

الَّتِي انْتَقَم فِيهَا مِنْ نوحٍ وعادٍ وثمودَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ خَوِّفْهم بِمَا نزلَ بعادٍ وَثَمُودَ وغيرِهم مِنَ الْعَذَابِ وَبِالْعَفْوِ عَنْ آخَرِينَ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِكَ: خُذْهُم بِالشِّدَّةِ واللِّين. وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ

، قَالَ: نِعَمَه، وَرَوِي عَنْ

أُبيّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فِي قَوْلِهِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ

، قَالَ: أَيَّامُه نِعَمُه

؛ وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِهِمْ:

يَوْماهُ: يَوْمُ نَدىً، ويَوْمُ طِعان

ويَوْمَاه: يَوْم نُعْمٍ ويَوْمُ بُؤْسٍ، فاليَوْمُ هاهنا بِمَعْنَى الدَّهْر أَي هُوَ دَهْرَه كَذَلِكَ. والأَيَّام فِي أَصلِ البِناء أَيْوامٌ، وَلَكِنَّ الْعَرَبَ إِذا وَجَدُوا فِي كَلِمَةٍ يَاءً وَوَاوًا فِي مَوْضِعٍ. والأُولى مِنْهُمَا ساكنةٌ، أَدْغَموا إِحداهما فِي الأُخرى وَجَعَلُوا الْيَاءَ هِيَ الغالبةَ، كَانَتْ قبلَ الْوَاوِ أَو بعدَها، إِلَّا فِي كلماتٍ شَواذَّ تُرْوَى مِثْلَ الفُتُوّة والهُوّة. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ وسُئل عَنْ أَيَّامٍ: لمَ ذهبَتِ الواوُ؟ فأَجاب: أَن كُلَّ ياءٍ وواوٍ سبقَ أَحدُهما الآخرَ بسكونٍ فإِن الْوَاوَ تَصِيرُ يَاءً فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وتُدْغَم إِحداهما فِي الأُخرى، مِنْ ذَلِكَ أَيَّامٌ أَصلها أَيْوامٌ، ومثلُها سيّدٌ وَمَيِّتٌ، الأَصلُ سَيْوِدٌ ومَيْوِت، فَأَكْثَرُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا إِلا حَرْفَيْنِ صَيْوِب وحَيْوة، وَلَوْ أَعلُّوهما لَقَالُوا صَيِّب وَحَيَّةٌ، وأَما الواوُ إِذا سبَقت فقولُك لَوَيْتُه لَيّاً وشَوَيْتُه شَيّاً، والأَصل شَوْياً ولَوْياً. وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنْ قَوْلِ الْعَرَبِ اليَوْم اليَوْم، فَقَالَ: يُرِيدُونَ اليَوْم اليَوِمَ، ثُمَّ خَفَّفُوا الْوَاوَ فَقَالُوا اليَوْم اليَوْم، وَقَالُوا: أَنا اليَوْمَ أَفعلُ كَذَا، لَا يُرِيدُونَ يَوْمًا بِعَيْنِهِ وَلَكِنَّهُمْ يُرِيدُونَ الوقتَ الحاضرَ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

؛ وَقِيلَ: مَعْنَى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

أَي فَرَضْتُ مَا تَحْتَاجُونَ إِليه فِي دِينِكم، وَذَلِكَ حسَنٌ جَائِزٌ، فأَما أَن يكونَ دِينُ اللَّهِ فِي وقتٍ مِنَ الأَوقات غيرَ كَامِلٍ فَلَا. وَقَالُوا: اليَوْمُ يَوْمُك، يُرِيدُونَ التشنيعَ وَتَعْظِيمَ الأَمر. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: السَّائِبَةُ والصدَقةُ ليَوْمِهما

أَي ليومِ الْقِيَامَةِ، يَعْنِي يُراد بِهِمَا ثوابُ ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ المَلِك: قَالَ لِلْحَجَّاجِ سِرْ إِلى العِراق غِرارَ النَّوْمِ طَوِيلَ اليَوْم

؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ جَدَّ فِي عَملِه يومَه، وَقَدْ يُرادُ بِالْيَوْمِ الوقتُ مُطْلَقًا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

تِلْكَ أَيَّامُ الهَرْج

أَي وقتُه، وَلَا يَخْتَصُّ بالنهارِ دُونَ اللَّيْلِ. واليَوْمُ الأَيْوَمُ: آخرُ يَوْمٍ فِي الشَّهْرِ. ويَوْمٌ أَيْوَمُ ويَوِمٌ ووَوِمٌ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ لأَن الْقِيَاسَ لَا يوجبُ قَلْبَ الياءِ وَاوًا، كلُّه: طويلٌ شديدٌ هائلٌ. ويومٌ ذُو أَيَاوِيمَ كَذَلِكَ؛ وَقَوْلُهُ:

مَرْوانُ يَا مَرْوانُ لليومِ اليَمِي

وَرَوَاهُ ابْنُ جِنِّي:

مَرْوَانُ مَرْوَانُ أَخُو الْيَوْمِ اليَمِي

وَقَالَ: أَراد أَخو اليومِ السهْلِ اليومُ الصعبُ، فَقَالَ: يومٌ أَيْوَمُ ويَوِمٌ كأَشْعَث وشَعِث، فقُلب فَصَارَ يَمِو، فَانْقَلَبَتِ العينُ لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا طرَفاً، ووجهٌ آخَرُ أَنه أَراد أَخو اليَوْمِ اليَوْمُ كَمَا يُقَالُ عِنْدَ الشِّدَّةِ والأَمرِ الْعَظِيمِ اليَوْمُ اليَوْمُ، فقُلب فَصَارَ اليَمْو ثُمَّ نقلَه مِنْ فَعْل إِلى فَعِل كَمَا أَنشده أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِ:

عَلامَ قَتْلُ مُسْلِمٍ تَعَبَّدا،

مُذْ خَمْسة وخَمِسون عدَدا

يُرِيدُ خَمْسون، فَلَمَّا انكسرَ مَا قَبْلَ الْوَاوِ قُلِبَتْ يَاءً فَصَارَ اليَمِي؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَيَجُوزُ فِيهِ عِنْدِي وَجْهٌ

ص: 650

ثَالِثٌ لَمْ يُقَلْ بِهِ، وَهُوَ أَن يَكُونَ أَصله عَلَى مَا قِيلَ فِي الْمَذْهَبِ الثَّانِي أَخُو اليَوْم اليَوْم ثُمَّ قَلَبَ فَصَارَ اليَمْوُ، ثُمَّ نُقِلَتِ الضمّةُ إِلى الْمِيمِ عَلَى حَدِّ قَوْلِكَ هَذَا بَكُر، فَصَارَ اليَمُو، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْوَاوُ طَرَفًا بَعْدَ ضَمَّةٍ فِي الِاسْمِ أَبدلوا مِنَ الضَّمَّةِ كَسْرَةً، ثُمَّ مِنَ الْوَاوِ يَاءً فَصَارَتِ اليَمِي كأَحْقٍ وأَدْلٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ فَعِلٌ أَي الشَّدِيدِ؛ وَقِيلَ: أَراد اليَوْم اليَوْم كَقَوْلِهِ:

إِنَّ مَعَ اليَوْمِ أَخاه غَدْوَا

فاليَمِي، عَلَى الْقَوْلِ الأَول، نعتٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اسمٌ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَكِلَاهُمَا مَقْلُوبٌ، وَرُبَّمَا عَبَّرُوا عَنِ الشِّدَّةِ باليَوْم، يُقَالُ يومٌ أَيْوَم، كَمَا يُقَالُ لَيْلة ليلاءُ، قَالَ أَبو الأَخزر الْحِمَّانِيُّ:

نِعْمَ أَخو الهَيْجاءِ فِي اليومِ اليَمِي،

ليَوْمِ رَوْعٍ أَو فَعالِ مُكْرمِ

هُوَ مَقْلُوبٌ مِنْهُ، أَخَّر الواوَ وقدَّمَ الميمَ، ثُمَّ قُلِبَتِ الواوُ يَاءً حَيْثُ صَارَتْ طرَفاً كَمَا قَالُوا أَدْلٍ فِي جَمْعِ دَلْوٍ. واليَوْمُ: الكوْنُ. يُقَالُ: نِعْمَ الأَخُ فلانٌ فِي اليَوْم إِذا نزلَ بِنَا أَي فِي الْكَائِنَةِ مِنَ الكوْنِ إِذا حدَثتْ، وأَنشد:

نِعْمَ أَخو الْهَيْجَاءِ فِي اليَوْم اليَمِي

قَالَ: أَراد أَن يشتقَّ مِنَ الِاسْمِ نَعْتًا فَكَانَ حدُّه أَن يَقُولَ فِي اليَوْم اليَوْم فقلَبه، كَمَا قَالُوا القِسيّ والأَيْنُق، وَتَقُولُ الْعَرَبُ لليومِ الشديدِ: يومٌ ذُو أَيّامٍ ويومٌ ذُو أَيايِيمَ، لطولِ شرِّه عَلَى أَهله. الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ

، أَي مِنْ أَوَّل الأَيّام، كَمَا تَقُولُ لَقِيتُ كلَّ رجلٍ تُريد كلَّ الرِّجَالِ. ويَاوَمْتُ الرجلَ مُيَاوَمَةً ويِوَاماً أَي عاملتُه أَو استأْجَرْته اليومَ، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وعاملتُه مُيَاوَمَةً: كَمَا تَقُولُ مُشاهرةً، ولقيتُه يَوْمَ يَوْمَ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ وَقَالَ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَبْنِيه، وَمِنْهُمْ مَنْ يُضِيفُه إِلا فِي حَدِّ الْحَالِ أَو الظَّرْفِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الْعَرَبُ تَقُولُ الأَيَّام فِي مَعْنَى الْوَقَائِعِ، يُقَالُ: هُوَ عالمٌ بأَيَّام الْعَرَبِ، يُرِيدُ وقائعَها، وأَنشد:

وقائعُ فِي مُضَرٍ تِسْعةٌ،

وَفِي وائلٍ كانتِ العاشِرهْ

فَقَالَ: تِسْعة وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُولَ تِسْع لأَن الوَقيعة أُنثى، وَلَكِنَّهُ ذَهَبَ إِلى الأَيّام. وَقَالَ شَمِرٌ: جَاءَتِ الأَيَّام بِمَعْنَى الْوَقَائِعِ والنِّعم. وَقَالَ: إِنما خصُّوا الأَيّام دُونَ ذِكْرِ اللَّيَالِي فِي الْوَقَائِعِ لأَنَّ حُروبهم كَانَتْ نَهَارًا، وإِذا كَانَتْ لَيْلًا ذكرُوها كَقَوْلِهِ:

ليَلة العُرْقوبِ، حَتَّى غامرَتْ

جَعْفَر يُدْعى ورَهْط ابْنِ شَكَل

وأَما قَوْلُ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:

وأَيَّام لَنَا غُرّ طِوال

فإِنه يُرِيدُ أَيّامَ الْوَقَائِعِ الَّتِي نُصِروا فِيهَا عَلَى أَعدائهم، وَقَوْلُهُ:

شَرَّ يَوْمَيْها وأَغْواه لَهَا

رَكِبَتْ عَنْزُ بِحِدْجٍ جَمَلا

أَراد شَرَّ أَيّام دَهْرِها، كأَنه قَالَ: شَرّ يَوْمَيْ دَهْرِها الشَّرَّيْنِ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ إِن فِي الشَّرِّ خِياراً، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْبَيْتُ مَعَ بَقِيَّةِ الأَبيات وقصةُ عَنْز

ص: 651

مُسْتَوْفاة فِي مَوْضِعِهَا. ويامٌ وخارفٌ: قَبِيلَتَانِ مِنَ الْيَمَنِ. ويامٌ: حَيٌّ مِنْ هَمْدانَ. ويامٌ: اسمُ ولدِ نُوحٍ، عليه السلام، الَّذِي غَرِق بالطُّوفانِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى أَلفه بِالْوَاوِ لأَنها عَيْنٌ مَعَ وجود «ي وم» .

ص: 652