الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
الإباء والصدق
قرأنا في الطبقات الكبرى للتاج السبكي هذه الأبيات الحكيمة، قال: أنشدها
الإمام الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي الشهير، ولم يسم قائلاً وهي:
صبرت على بعض الأذى خوف كله
…
وألزمت نفسي صبرها فاستقرت
وجرعتها المكروه حتى تدربت
…
ولو حملته جملة لاشمأزت
فيا رُب عز جر للنفس ذلة
…
ويا رب نفس بالتذلل عزت
وما العز إلا خيفة الله وحده
…
ومن خاف منه خافه ما أقلت
سأصدق نفسي إن في الصدق حاجتي
…
وأرضى بدنياي وإن هي قلت
وأهجر أبواب الملوك فإنني
…
أرى الحرص جلابًا لكل مذلة
إذا ما مددت الكف ألتمس الغنى
…
إلى غير من قال اسألوني فشُلَّت
إذا طرقتني الحادثات بنكبة
…
تذكرت ما عوفيتُ منه فقَلَّت
تبارك رزاق البرية كلها
…
على ما رآه لا على ما استحقت
فكم عاقل لا يستنيب وجاهل
…
ترقت به أحواله وتعلت
وكم من جليل لا يرام حجابه
…
بدار غرور أدبرت وتولت
يشوب القذى بالصفو والصفو بالقذى
…
ولو أحسنت في كل حال لملت
(مؤاخذة) : قال الإمام السبكي بعد إيراد هذه الأبيات: قلت: قوله: (تبارك
رزاق البرية) البيتين أصدق من قول أبي العلاء المعري:
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه
…
وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأحلام حائرة
…
وصير العالم النحرير زنديقًا
فقبحه الله ما أجرأه على الله، وقد أحسن من قال نقضًا عليه:
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه
…
وجاهل جاهل شبعان ريانا
هذا الذي زاد أهل الكفر - لا سلموا -
…
كفرًا وزاد أُولِي الإيمان إيمانا
_________