الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
ليلة الجمعية الخيرية الإسلامية
ما رأى الراءون منظرًا أبدع، ولا محضراً أروع (المحضر: القوم
النازلون على المياه) مما كان في ليلة السبت الماضية من الزينة التي أنشأتها
الجمعية الخيرية الإسلامية في حديقة الأزبكية والجمع لها، وحبذا الاجتماع على
الصفاء والوداد، المنبعث من حب سعادة البلاد، كنا نقابل من الحديقة فتاة من
أحسن الجواري، متمنطقة من المصابيح بالدرر بل الدراري، ولها من كل باب
وجه يتلقى وجوه الناس بغاية البشر والإيناس، فإذا ما دخلتها تجدك من ليلك في
نهار، في جنة تجري من تحتها الأنهار، لا تسمع فيها إلا قيلاً سلامًا سلامًا،
وألحانًا مشجية وأنغامًا، ولا تبصر إلا مواكب تواكب (تساير) مواكب، وأشجارًا
مثمرة بالكواكب، ومادة تطير في الجواء، وتتحد بإكسير الهواء، فتعود إلى الأرض
بهيئة قلائد من العقيان، أو عقود من الياقوت والزمرد واللؤلؤ والمرجان، وبحيرة
قد أحاطت بها أشكال من الأضواء، وانطبعت فيها نجوم المصابيح، فخايلت بذلك
السماء، بل حاكت شمس النهار، بما انعكس من سطحها من الأنوار، قد أقيمت
على جوانبها هياكل ونصب نورانية، ذات أشكال هندسية، وألوان طيفية، ما أحاط
بها الطرف، فيحيط بها الوصف، وبالجملة: قد كانت ليلتنا تلك جدًّا في صورة
هزل، وبرًّا وإحسانًا في قالب لهو ولعب، وخبر اجتماع عام على مصلحة الإسلام،
عليها مدار تربية المئات والألوف من أبناء الفقراء والمساكين، وكل فرد من أفراد
الحاضرين قد سر بأنه ركن من أركان هذا الخير العظيم، إذ مجموع الأمداد من هذه
الأفراد.
_________
الكاتب: محمد رشيد رضا
أخبار وآراء
(مراكش)
كل يوم تبدي صروف الليالي
…
خلقًا من أبي سعيد عجيبا
ما كفى بلاد مراكش فتنها الداخلية حتى تشن عليها دول أوروبا كل يوم غارة
جديدة ينتحلون لها سبباً، فلا يزالون يمتصون دماءها باسم التعويض عن إهانة أو
خسارة لمن يلم بأطرافها من رعاياهم، حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين.
كانوا يطلبون منها المغارم فرادى، فصرن يطلبنها مجتمعات، فقد جاء في
الأهرام أن وكلاء الدول في طنجة اجتمعوا في دار السفارة الإنكليزية في 14 الجاري
ليقرروا طلب تعويض عام من سلطان مراكش عن القلاقل التي وقعت في سنة
1896 في ناحية ميزاب؛ لأن جواب حاكم كازابلانكة على مطالب التجار الإنكليز
وغيرهم لم يكن مرضيًا لهم.
***
(التعايشي وفارة السودان)
انضم إلى التعايشي ومن انهزم معه بضعة أوزاع من الفارِّين بعد هزيمته،
فألف منهم جيشًا عظيمًا، وكان نازلاً على بحيرة شركلة على مسافة 112 ميلاً من
النيل، فغادرها وتوجه شمالاً وقاتل بعض الأعراب، فهزمهم ونكل بهم، بهذا
جاءت رواد الأخبار من كردفان إلى أم درمان، وطير الخبر مع البرق إلى العاصمة،
وفيه أن التعايشي قطع بجيشه ثلثي المسافة بين بحيرة شركلة والنيل.
وقد صدر أمر السردار حاكم السودان إلى ضباط الجيش المصري الذين هنا
من الإنكليز والسودانيين أن يعودوا إلى أم درمان ليكون دائمًا على أهبة واستعداد
للقائه وهم يسافرون تباعًا.
_________