الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: شكيب أرسلان
الشعر العصري
نظم فارس اليراعة عزتلو الأمير شكيب أرسلان
عما بصباح العلم رغدًا وأنعما
…
ربع ظلام الجهل عنه تصرما
قد انصاح [1] صبح السعد في ليل نحسه
…
فغادره شيئًا فشيئًا مهزّما
وثاب إليه العلم عدوًا بعوده
…
إليه فلا لوم ما تلوّما [2]
فأصبح داجي أفقه اليوم زاهرًا
…
وقد كان زاهي أفقه قبل مظلما
وأينع ذاوي روضه اليوم بعد أن تصوّح
…
من عصف البوارح في الحمى [3]
ترنح عطف السعد فيه بعيد ما
…
رأى لثغور العلم فيه تبسما
وباتت غصون العز تخطر عندما
…
رأت فوقها طير المعارف حوّما
لعمرك إن الشرق ردّ بهاؤه
…
فيرفل في ثوب الثناء منمنما
وعاد إليه الفضل والعود أحمد
…
عليه إذا كان الغياب مذمما
وما الشرق إلا ذلك الشرق لم يزل
…
مدى الدهر أعلام العلى متسنما
فإن نابه يومًا من الدهر صرفه
…
فلم تك إلا برهة فتثلما
وإما تطش دهم الليالي سهامه
…
فهيهات لم تسلبه للحظ أسهما
وإن فاته للفضل غيث فإنما
…
وخي إليه الرجع جما فعتما [4]
وإن تعره الأحداث من بعد بسطة
…
أي الورى لم يلق بؤسًا وأنعما
وإن يك يومًا سوّد الجهل أفقه
…
فقد طالما في الفضل أطلع أنجما
نجوم علوم أخجلت بضيائها
…
نجوم علوم لحن في كبد السما
بهن اهتدى في سيره كل بارج
…
توغل في بحر الكيان الذي طما
رجال بهم جاد الزمان وعله
…
على مثل هذا الجود يومًا تندما
أقامهم في الشرق يحيون أهله
…
فأذهل عما نال عادًا وجرهما
هم الملأ الأخيار والعصبة الأولي
…
رأينا لعمري الرشد فيهم مجسما
تظلم منه الفخر قبل مجيئهم
…
فجاءوا فلما أثقلوه تظلما [5]
لكم أرهفوا بالجد للمجد مخذمًا
…
وكم أرعفوا بالنبل للفضل مخطما [6]
وكم صرفوا وجه الصروف عن الورى
…
وكم عفروا بالحزم للدهر مرغما [7]
وكم سهلوا حزنًا علا وثنية
…
وكم بدلوا بالشهد صابًا وعلقما
وسلُّوا من الآراء أبيض صارماً
…
ففلوا من الأرزاء جيشًا عرمرماً
أماطوا قناع المكرمات وقد جلوا
…
محيا المعالي بعد أن كان أسحما
وأعلوا منار الرشد في أفق شرفهم
…
وخلو سبيلاً للمآثر أقوما
وأجروا ينابيع المعارف في الملا
…
فطال بها نبت المعاني وقد نما
وشادوا أصولاً للفنون وأوضحوا
…
لها سبلًا أضحت إلى النجح سلما
(لها بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))
_________
(1)
الشق.
(2)
ثاب: رجع، وتلوم: تمكث وناخر.
(3)
توصح: تشقق، والبوارح: الرياح الحارة.
(4)
الرجع: مصدر رجع، والمطر بعد المطر، وعتم: أبطأ، وعتم عنه كف بعد المضي.
(5)
تظلم الأولى: بمعنى شكا من الظلم، والثانية بمعنى أحال الظلم على نفسه.
(6)
المخذم كمنبر: السيف القطاع، والإرعاف: إسالة الدم، والمخطم: كمغبر: الأنف.
(7)
المرغم بالفتح: الأنف، والمراد بتعفير أنف الدهر الإذلال.