المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأخوة والصداقة [*] - مجلة المنار - جـ ١

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌التعريف بالمجلة

- ‌ترجمة صاحب المنار

- ‌التعريف بمنهج المنار

- ‌المجلد رقم (1)

- ‌شوال - 1315ه

- ‌مقدمة الطبعة الثانية للمجلد الأول من المنار

- ‌فاتحة السنة الأولى للمنار

- ‌اصطلاحات كُتَّاب العصر

- ‌مشروع مفيد

- ‌مجمل الأحوال السياسية

- ‌29 شوال - 1315ه

- ‌محاورة في سعادة الأمة [

- ‌مجمل الأحوال السياسية

- ‌اليهود في فرنسا وفي مصر

- ‌7 ذو القعدة - 1315ه

- ‌التمدن

- ‌التعصب

- ‌الطبيب الدجال

- ‌ذو القعدة - 1315ه

- ‌تبصرة وذكرى لقوم يعقلون

- ‌سؤال وجواب

- ‌21 ذو القعدة - 1315ه

- ‌الموالد أو المعارض [*]

- ‌المنار في بلاد الشام

- ‌الشرقين الأدنى والأقصى

- ‌28 ذو القعدة - 1315ه

- ‌منكرات الموالد [*]

- ‌صدمة جديدة على اللغة العربية(1)

- ‌خبر واعتبار

- ‌رئيس الولايات المتحدة والحرب

- ‌5 ذو الحجة - 1315ه

- ‌كيف السبيل

- ‌صدمة جديدة على اللغة العربية(2)

- ‌رواية اليتيم

- ‌19 ذو الحجة - 1315ه

- ‌الأدب الصحيح [*]

- ‌سعي مشكور

- ‌26 ذو الحجة - 1315ه

- ‌ما أكثر القول وما أقل العمل [*]

- ‌الشعر والشعراء(1)

- ‌اكتشاف

- ‌الحرب

- ‌إحصاء الحجاج سنة 1315 [*]

- ‌منار عجيب

- ‌أنيس التلميذ [*]

- ‌المحرم - 1316ه

- ‌الاعتبار بما هو جار

- ‌الشعر والشعراء(2)

- ‌تونس

- ‌11 المحرم - 1316ه

- ‌كتاب الإسلام [*]

- ‌الشعر والشعراء(3)

- ‌18 المحرم - 1316ه

- ‌بهتان عظيم [*]

- ‌البوفيه وما فيه

- ‌دار السعادة

- ‌25 المحرم - 1316ه

- ‌صيحة حق [*]

- ‌القوة في المال

- ‌بيع سكك الحديد السودانية

- ‌رسالة التوحيد

- ‌أهم أخبار العدد (13)

- ‌2 صفر - 1316ه

- ‌النميمة والسعاية [*]

- ‌الدين والمدنية في الشرق

- ‌أخبار الآستانة

- ‌أهم الأخبار المحلية

- ‌9 صفر - 1316ه

- ‌المدارس الوطنية في الديار المصرية [*]

- ‌حاجة البشر إلى الرسالة

- ‌الحرب بين أمريكا وأسبانيا

- ‌مراكش

- ‌مشاكل الدول

- ‌خلاصة البهجة

- ‌اختيار الوزراء

- ‌16 صفر - 1316ه

- ‌إلى أي تعليم وتربية نحن أحوج

- ‌محاورة في دعوى ضرر الدين والجامعة الإسلامية

- ‌وظيفة الرسل عليهم السلام

- ‌إيران

- ‌تعصب اليونان واعتداؤهم على المسلمين

- ‌قضية البرنس أحمد سيف الدين بك

- ‌23 صفر - 1316ه

- ‌الجيوش الغربية المعنويةفي الفتوحات الشرقية [*]

- ‌الشعر العصري

- ‌المنار في سوريا

- ‌الحرب

- ‌30 صفر - 1316ه

- ‌مشروع سكة حديد بين بورسعيد والبصرة [*]

- ‌رسالة لصاحب الاكتشاف في الهيئة الأرضية

- ‌7 ربيع الأول - 1316ه

- ‌العلم والحرب [*]

- ‌مشروع سكة حديد بين بورسعيد والبصرة

- ‌من نحالف

- ‌مقتبسات من الجرائد

- ‌14 ربيع الأول - 1316ه

- ‌نهضة مسلمي الهند(1)

- ‌مناقشة

- ‌مقتطفات من الجرائد

- ‌طول الحيوة

- ‌شؤونات إسلامية

- ‌مراقبو الجرائد في سوريا

- ‌كريت

- ‌21 ربيع الأول - 1316ه

- ‌بارقة نجاح

- ‌نهضة مسلمي الهند(2)

- ‌تأثير الاعتقاد في العمل

- ‌رواية الفتاة الشركسية

- ‌مقتطفات من الجرائد

- ‌تقريظ المنار

- ‌مشائخ الطرق

- ‌هكذا فليكن

- ‌28 ربيع الأول - 1316ه

- ‌سلطة مشيخة الطريق الروحية [*]

- ‌ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ [[*]

- ‌الشعر العصري

- ‌مقتطفات من الجرائد

- ‌5 ربيع الثاني - 1316ه

- ‌سلطة مشيخة الطريق الروحية [*]

- ‌حالنا

- ‌الإسلام في الصين

- ‌مقتطفات من الجرائد

- ‌12 ربيع الثاني - 1316ه

- ‌عيد الجلوس الهمايوني [*]

- ‌ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [[*]

- ‌رأي في موضوع المنار

- ‌نصيحة في معالجة فضيحة

- ‌19 ربيع الثاني - 1316ه

- ‌سجايا العلماء [*]

- ‌ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [[*]

- ‌العقيدة الإسلامية

- ‌مأثرة جليلة

- ‌26 ربيع الثاني - 1316ه

- ‌التعصب [*](1)

- ‌اقتراح القيصر

- ‌ثورة السودان

- ‌متفرقات

- ‌3 جمادى الأولى - 1316ه

- ‌التعصب [*](2)

- ‌مقتطفات من الجرائد

- ‌تصريح إنكلترا بامتلاك السودان

- ‌10 جمادى الأولى - 1316ه

- ‌مقدمة كتاب الحكمة الشرعيةفي محاكمة القادرية والرفاعية [*]

- ‌مقتطفات من الجرائد

- ‌17 جمادى الأولى - 1316ه

- ‌الاتحاد [*]

- ‌التشبه والاقتداء

- ‌مقتطفات من الجرائد

- ‌تعصب أوربا على الدولة العلية

- ‌24 جمادى الأولى - 1316ه

- ‌ما لا بد منه [*]

- ‌رسالة الحاسد والمحسود(للجاحظ)

- ‌مقتطفات من الجرائد

- ‌2 جمادى الآخرة - 1316ه

- ‌ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [[*]

- ‌رسالة الحاسد والمحسود(للجاحظ)

- ‌الحكمة الشرعية في محاكمة القادرية والرفاعية

- ‌مقتطفات من الجرائد

- ‌9 جمادى الآخرة - 1316ه

- ‌ رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا [[*]

- ‌الرسالة الحاتمية

- ‌(سوانح وبوارح)

- ‌رسالة التوحيد

- ‌جرائد سوريا المستعبَدة

- ‌المسلمون في جاوا

- ‌16 جمادى الآخرة - 1316ه

- ‌اليأس والرجاء في مصر

- ‌الإنصاف من مزايا الأشراف

- ‌عبرةالمنار وجريدة طرابلس

- ‌23 جمادى الآخرة - 1316ه

- ‌الجرائد(وظائف أصحابها)

- ‌أدبيات

- ‌شذرات علمية

- ‌كريت

- ‌5 رجب - 1316ه

- ‌ظلم الدول للمسلمين في كريت

- ‌الموسوعات

- ‌أدبيات

- ‌ما أشبه اليوم بالأمس

- ‌12 رجب - 1316ه

- ‌مقتطفات من الجرائد

- ‌الإباء والصدق

- ‌آثار عن إمبراطور ألمانيا في الشام والقدس

- ‌انتقاد

- ‌19 رجب - 1316ه

- ‌فلسفة التربية الحقة [*]

- ‌شبهة وجوابها

- ‌المنار في بلاد البرازيل

- ‌الإصلاح في الدولة العلية

- ‌أخبار تونسيةملخصة من جريدة الحاضرة الغراء

- ‌26 رجب - 1316ه

- ‌الإصلاح المطلوب [*]

- ‌السعادة الحقيقية

- ‌الشعر العصري

- ‌عجيبة عجيبةأو العدل في القضاء

- ‌اقتراح على مجلس إدارة الأزهر الشريف

- ‌مدارس الخرطوم

- ‌3 شعبان - 1316ه

- ‌الإصلاح الديني المقترح على مقام الخلافة الإسلامية [*]

- ‌ليلة المعراج

- ‌السعادة الحقيقية

- ‌الشعر العصري

- ‌تاريخ دول العرب والإسلام

- ‌إحياء سنة أو سننوإماتة بدع

- ‌10 شعبان - 1316ه

- ‌الإصلاح الديني المقترح على مقام الخلافة الإسلامية [*]

- ‌الغرب الأقصى

- ‌خطبة ناظر خارجية ألمانيا

- ‌17 شعبان - 1316ه

- ‌مستقبل الإسلام [*]

- ‌عالم قريشالإمام محمد بن إدريس الشافعي

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌24 شعبان - 1316ه

- ‌محاورة في إصلاح التعليم في الأزهر [*]

- ‌انتشار الإسلام

- ‌خطاب اللورد كرومر

- ‌وميض لمع في ظلمات بدع

- ‌2 رمضان - 1316ه

- ‌رمضان المبارك [*]

- ‌سيرة الإمام الشافعي

- ‌موافقة وانتقاد

- ‌الاستعمار الأوربي

- ‌9 رمضان - 1316ه

- ‌بسمارك والدين [*]

- ‌الجزية والإسلام

- ‌الاختلاف والتفرق في الدين

- ‌شكوى الزمان

- ‌أيها المسلم

- ‌الحكم بالشريعة في السودان

- ‌بغداد والتجارة

- ‌التقاريظ

- ‌16 رمضان - 1316ه

- ‌مَن المسئول الحكومة أم الشعب

- ‌الجزية والإسلام

- ‌اسطقس الحق

- ‌مصاب مصر بالسودان

- ‌23 رمضان - 1316ه

- ‌الوعظ والوعاظ [*]

- ‌الإسلام والترقي

- ‌اسطقس الحق

- ‌الاعتقاد بالجمادات

- ‌عجائب أمريكا

- ‌الشعر عند الإنكليز

- ‌الجنسية العثمانية المصرية

- ‌المدرستان الروسيتان بطرابلس الشام

- ‌طائفة من الأخبار

- ‌8 شوال - 1316ه

- ‌الصنائع والتربية والتعليم [*]

- ‌صلاة الجمعة في جامع عمرو

- ‌دمشق الشام

- ‌وعود فرنسا في تونس

- ‌فرنسا والسودان

- ‌إنكلترا والسودان

- ‌الصوم والفطر

- ‌تنازع أوربا الممالك الإسلامية

- ‌سلطانا العثمانيين والمغرب الأقصى

- ‌15 شوال - 1316ه

- ‌القوة والقانون [*]

- ‌حجة ناهضة وشبهة داحضة

- ‌ملوك المسلمين والتاريخ

- ‌ولي العهد للخديوية المصرية

- ‌ليلة الجمعية الخيرية الإسلامية

- ‌حرية الجرائد في السودان

- ‌22 شوال - 1316ه

- ‌الأُخوَّة والصداقة [*]

- ‌الاشتراكية والدين

- ‌الإصلاح الإسلامي والجرائد

- ‌منتدى سمر

- ‌خاتمة السنة الأولى للمنار

الفصل: ‌الأخوة والصداقة [*]

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌الأُخوَّة والصداقة [*]

] إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [[**]

الصِّنْو أشبه بالصنو منه بالشجرة التي يخرجان من أصلها، أو الثمرة التي

تخرج منهما، والأخوان صِنْوَان متساويان في الأصل والمنشأ، وفي النبات والنمو،

ويتعاهدان بتربية واحدة في الغالب، فأجدر بالأخ أن يأنس بأخيه، ما لا يأنس بأمه

وأبيه وصاحبته وبنيه، لما ذكرنا من كمال المناسبة والمشاكلة التي هي علة الأنس

والحب، ولأن للوالدين من الرفعة وحقوق الاحترام والاحتشام ما يقف بالأنس بهما

دون كماله، كما أن القيام على البنين بالتأديب والسيطرة منافٍ للاسترسال في الأنس

بهم والانبساط إليهم في جميع الشؤون والأطوار، فكم من كلام وعمل مما يرتاح إليه

يعرض عنهما الإنسان إذا كان على مرأى ومسمع من أصوله وفروعه، ويقبل إليه مع

إخوانه وصنوانه، أما الصاحبة (الزوجة) فلا يظهر هذا الوجه بالإضافة إليها؛ لأن

الأنس بها لا يكاد يساويه أنس، ولكن الأخ يفوقها في مناسبة الاتفاق في المنبت

والتربية، فإن لاختلاف التربية أقوى تأثير في الألفة والمحبة والنفور والوحشة،

وهو العلة في التنازع بين الأزواج، واختلال نظام العائلات المؤدي إلى سقوط الأمة

في عواثير الشقاء ومهاوي الهلكات. ومزية أخرى يفضل بها الأخُ الزوجَ، وهي:

أن الاستعاضة عنه إذا فقد ليست مما يناله الكسب، ويتوصل إليه بسعي أخيه الذي

فقده.

يحكى أن امرأة كان لها ابن وأخ وزوج وقعوا في غضب الحجاج، فأراد

الإيقاع بهم، وعهد إلى المرأة أن تختار أحدهم كفيلاً لها ليقتل من عداه، فاختارت

الأخ قائلة: إن الابن والزوج يمكن الاعتياض عنهما، وأما الأخ فلا عوض عنه،

فأعجب الحجاج بقولها؛ لأنها غلَّبت العقل والحكمة على الحنان والشهوة، وعفا عن

الجميع وقال: لو اختارت غير الأخ لقتلت الكل ولم أدع لها أحداً.

وبالجملة إن لكل قريب ونسيب مكانة تفضله من وجه على الآخر، فللوالدين:

التعظيم والاحترام، وللولد: الرأفة والحنان وللأخ والزوج (يطلق على الذكر

والأنثى كما لا يخفى) ارتياح المساواة، وأنس الكفؤ والنديد، ولذلك يسمى الأخ

شقيقًا، كأن الأخوين شيء واحد شُق نصفين، ويسمى صنوًا، والصنوان هما

فسيلتا النخل تخرجان من أصل واحد، ويسمى كل من الرجل والمرأة المقترنين

زوجًا للآخر بملاحظة أنهما شيء واحد في المعنى، ظهر بصورتين ثَنَّت إحداهما

الأخرى، وقد علمت أن مكانة الأخ لا يحلها سواه، وأن الميل إليه ميل إلى كفيح

ونديد، ترى له عليك مثل ما لك عليه، بخلاف سائر الأقربين، ولهذا سمي

الصديق أخًا، وجاء القرآن يعلم الناس ويرشدهم لأن يكونوا كلهم أصدقاء وإخوة،

ويجعلوا أباهم في هذه الأخوة الإيمان بالله تعالى بما نزل من الحق فقال: {إِنَّمَا

الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10)، ورتب على ذلك قوله: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ

أَخَوَيْكُمْ} (الحجرات: 10) ، وفي الحصر بـ (إنما) والعطف بالفاء ووضع

الظاهر في (أخويكم) موضع الضمير - ما لا يخفى من تأكيد هذه الأخوة وتقريرها،

ثم قال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} (الحجرات: 10) بأن تقوموا بحقوق هذه الأخوة، وما

ترتب عليها من الإصلاح بالمساواة إذ لا وجه لمحاباة أحد والكل إخوة: {لَعَلَّكُمْ

تُرْحَمُونَ} (الحجرات: 10) في الدنيا والآخرة، وما أجدر من يقوم على هذا

الصراط السوي بأن يرحم.

يسمي الناس كل صاحب صديقًا وأخًا، وأين الصداقة والأخوة من كل تصحبه،

أذكر هنا ملخص رقيم كنت أرسلته في سنة 1304 لصاحب آخيته في بعض البلاد

السورية [***] وهو ما جاء بعد كلام:

إنني أحب أن أكتب إليك الآن كلمات تتعلق بهذا اللقب الشريف (الأخ

الصديق) الذي أطلقته عليك وهي:

قد اعتاد الناس إطلاق هذا اللقب الشريف على كل من ارتبطوا معه برابطة

من روابط الاجتماع، ولو كانت الرابطة منفصمة العرى مقطعة الأسباب، أو انتكث

فتلها بعد إبرام، وتداعت دعائمها بعد إحكام، فإذا كانت رابطة المصاحبة هي

الاجتماع على القيل والقال وإضاعة المال، بنحو أكل وشرب ولهو ولعب، فيجدر

بنا أن ندعو ذويها أصحاب الوجوه وهم كثيرون حيث تكثر البطالة وتقل دواعي

العمران، وإذا كانت الجامعة بينهم الاشتراك في المنافع المالية والعلائق الشخصية

العملية، فينبغي أن نسمي صحبتهم صحبة المصالح والحظوظ، وهؤلاء يكثرون

بكثرة الأعمال التجارية والصناعية في المدن النافقة الأسواق الكثيرة السكان الوافرة

العمران، وإذا كانت جامعتهم هي المشاكلة في الأخلاق والسجايا، فهؤلاء هم الذين

يصح إطلاق لقب الصاحب على آحادهم بغير قيد، وصحبتهم هي الصحبة الحقيقية،

وهم فرق كثيرة لاختلاف السجايا وتباين الأخلاق، وأكثر أفراد المتصاحبين من

الأنواع المتقدمة الذكر لا يعرفون معنى الصدقة، وإن أكثروا من الثرثرة بلفظها؛

لأن أساسها الذي يقوم عليه بناؤها هو الصدق في السر والعلن، والغيبية والشهود،

والقرب والبعد، وفي السراء والضراء، والزعزع والرخاء، وهو أعز من الكبريت

الأحمر، ولذلك أنكر الصديق الوفي المنكرون فقال أحدهم:

سمعنا بالصديق ولا نراه

على التحقيق يوجد في الأنام

وأحسبه محالاً أو مقولاً

على وجه المجاز من الكلام

وقال آخر:

أيقنت أن المستحيل ثلاثة

الغول والعنقاء والخل الوفي

لعمرك إن غير الصدوق معذور باعتقاد استحالة وجود الصديق، لما عنده من

الدليل الوجداني على ذلك، والصدوق يعذر أيضًا إذا ارتأى أنه انفرد بالصدق في

بعض الأحايين، لما يعانيه من الابتلاء بمراوغة المنافقين ومخادعة الكاذبين،

ونظير ذلك ما تُنوقل عن السلطان محمود أنه أقسم مرة أنه لا يوجد في إستانبول

مسلم غيره وغير فرسه وسيفه، يريد عليه الرحمة أنه لم يصدق معه غيرهما، وأنه

لا يثق إلا بهما، فإذا ظفر مثل هذا الصديق بآخر مثله ربما ادعى انحصار الصداقة

فيه وفي صديقه، وإنما يصح ذلك بالنسبة لاختباره في وطن إقامته.

ثم إن أقوى الصداقة أساسًا وأضوأها نبراسًا، وأمنعها من الانحلال وأبعدها

عن الاختلال، صداقة أرباب المبادئ الشريفة والمقاصد الجليلة، فمهما كان للصديقين

منزع واحد ومشرب واحد هو مقصدهما من حياتهما تعاهدا عليه وتآخيا من أجله،

فلا جرم أن أخوتهما تكون أقوى من الأخوة النَّسَبية، ورابطة صداقتهما أقوى من

سائر الروابط الاجتماعية.

نعم، إن الثبات على الصداقة - كغيرها - مشروط بحسن الخلق وتهذيب

النفس؛ لأن فاسد الأخلاق عرضه للتغير والانقلاب، تتلاعب به عواطف الأهواء

فتقلبه ذات اليمين وذات الشمال، فلا يستقر له شأن، ولا يثبت على حال، فكم تألفت

في أوطاننا شركات تجارية وصناعية، فبدد فساد أخلاق أفرادها شملها، ونثر

منظوم أهلها، وفرق اجتماعهم وجعلهم عبرة للمعتبرين، ربما كان التنازع على

شيء لا يبالي به عاقل ولا يلتفت إليه مهذب، سبباً للفشل ونفض اليدين من العمل،

بل في نقض أساس رفع بناؤه وحل عُرى أُحْكِم فتلها، وذلك كالتقدم في المجلس أو

في الختم على الأوراق أو التحلي بلفظ رئيس أو مدير ونحوهما من الألقاب، أو

مراعاة مصلحة شخصية (واخجلتاه) .

وهذا هو السبب الذي قضى على الأمم الشرقية أو الإسلامية في هذه الأزمنة

الأخيرة بالتقاطع والتنازع، حتى رزءوا بالضعف والهبوط، بل بالخسف والسقوط

وصارت حالهم - كما نرى - شر الأحوال، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قام فيهم مصلحون مجددون، نبهوا الأفكار الغافلة وحركوا سواكن الهمم،

فاستضاءت بنور الحقيقة بصائر، ونشطت للعمل أعضاء سلكت الجادة وأتت

البيوت من أبوابها، حتى كادت تبلغ الغاية، لكن عارضها في سيرها وحال دون

تمام العمل نفوذ العدو الغربي المتيقظ لما يعقب نهضة هذه الفئة المصلحة من إيقاف

مطامعه في الشرق عن الامتداد، بل من تحويل مده إلى جزر لا يفيض بعده ثائب،

وساعد العدوَّ الغربي على معاكسة (كذا) الإصلاح الأمير الشرقي الجاهل، فكان

عاملاً على ثل عرشه وانتزاع سلطانه، ولقي أولئك المصلحون من الألاقي

(الدواهي) ما لا محل لشرحه هنا، وهم لا يزالون على سعيهم، وتعاليمهم

الشريفة لها من ذوي النفوس الزكية والعقول الصافية، المحل الأول والمقام الأسنى،

وبانبعات أشعتها في أفكارهم، وإضاءتها أرجاء قلوبهم، تدب فيهم حرارة الغيرة على

الدين والوطن، وما بعد انفعال الغيرة إلا الأخذ بوسائل العمل ومقاصده، {وَاللَّهُ

يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (النور: 46) .

إن لكل عاقل غرضًا صحيحاً من حياته، وغرض هذا العاجز إنما هو خدمة

أمته ووطنه من طريق علمي تهذيبي على ما يرشد إليه سير المصلحين، ولما كان

هذا أمرًا عامًّا كليًّا - وكل أمر كلي عام لا يفي به الواحد - احتجت لانتقاء الإخوان

المؤازرين المساعدين الذين يوثق بثباتهم لتهذبهم وحسن مقاصدهم ونياتهم، فلم

اصطف في طرابلس إلا واحدًا أو اثنين من صنفنا (أهل العلم) وقد اصطفيتك

أنت من أهل (....)[1] لما رأيته فيك من سمو الأفكار والنظر في حوادث الكون

بعين الاعتبار، مع التبصر والتدبر والتأسف والتحسر، بحيث لم يبق عندي ريب

في أنك على المشرب الذي نستقي منه، والمنحا الذي ننتحيه، ولم يبق من شروط

الأخوة الكبرى إلا الصدق والثبات الناتجين عن تهذيب الأخلاق (كذا في الأصل ولا

أرى أن قول الناس: نتج كذا عن كذا عربيًّا) وعندي أن اكتناه المرء واختباره التام

الذي تُعرف به أخلاقه وسجاياه لابد فيه من المعاشرة والمخالطة عدة سنين، لكن لما

كان مشربنا الذي أومأنا إليه محالفًا للتهذيب غالبًا لا يكاد يجنح إليه إلا محب للكمال، ولا يرسخ في نفس فاسدة الأخلاق والآداب، وكنتم مع قوة ميلكم إليه قد توفقتم

(الصواب: وُفِّقتم) للمطالعة في كتاب إحياء العلوم، الذي هو أحسن كتاب تهذيبي

إسلامي، وهو أستاذي الأول - فهذان الأمران أثبتا لي أملاً قويًّا وحسن ظن بصدقكم

وثباتكم فعاهدتكم على الولاء، وأطلقت عليكم لقب:(الأخ الصديق) وسيزيد الرجاء

قوة وتمكنًا بكرور الأيام، ويصير الظن عين اليقين [2] ، ونكون في جنة الأعمال

المفيدة إخوانًا على سرر متقابلين، يوم ينفع العالم منا بعلمه، والمتمول بماله، ونعم

أجر العاملين اهـ.

_________

(*) افتتح بها العدد 49 المؤرخ في 22 شوال سنة 1316 الموافق 4 مارس سنة 1899.

(**)(الحجرات: 10) .

(***) إن الصديق الذي كتبت إليه هذا لم يثبت على صداقته، بل حل عُقَدها بعد ظهور المنار وانتشاره لما حدث له من الميل إلى الخرافات.

(1)

وضعنا في الأصل نقطًا مكان اسم البلد لئلا تطلع الحكومة على المقالة فتبحث عن الصديق فتُوقِع به، أما وقد أُعلن الدستور فنقول: إنها بيروت.

(2)

تقدم في هامش سابق أن الزمان جعل هذا الظن كذبًا لا يقينًا.

ص: 937

الكاتب: أبو حامد الغزالي

حقوق الأخوة والصحبة

قال الإمام الغزالي: اعلم أن عقد الأخوة رابطة بين الشخصين كعقد النكاح بين

الزوجين، وكما يقتضي النكاح حقوقًا يجب الوفاء بها قيامًا بحق النكاح، فهكذا عقد

الأخوة؛ فلأخيك عليك حق في المال والنفس وفي اللسان والقلب بالعفو والدعاء

والإخلاص والوفاء وبالتخفيف وترك التكلف والتكليف، وذلك يجمعه ثمانية حقوق.

(الحق الأول) : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل الأخوين مثل

اليدين تغسل إحداهما الأخرى) وإنما شبههما باليدين لا باليد والرجل؛ لأنهما

يتعاونان على غرض واحد، فهكذا الأخوان إنما تتم أخوتهما إذا توافقا في مقصد

واحد، فهما من وجه كالشخص الواحد، وهذا يقتضي المساهمة في السراء والضراء،

والمشاركة في المال والحال وارتفاع الاختصاص والاستئثار.

والمواساة بالمال مع الإخوة على ثلاث مراتب: (أدناها) أن تُنزله منزلة

عبدك أو خادمك، فتقوم بحاجته من فضل مالك، فإذا سنحت له حاجة وكانت عندك

فضلة عن حاجتك أعطيته ابتداء، ولم تُحوِجه إلى السؤال، فهو غاية التقصير في

حق الأخوة.

(الثانية) : أن تنزله منزلة نفسك وترضى بمشاركته إياك في مالك، ونزوله

منزلتك حتى تسمح بمشاطرته في المال، قال الحسن: (كان أحدهم يشق إزاره بينه

وبين أخيه) .

(الثالثة) وهي العليا: أن تؤثره على نفسك وتقدم حاجته على حاجتك، وهذه

رتبة الصديقين ومنتهى درجات المتحابين. (أقول في هذا بحث أوردته في كتابي

(الحكمة الشرعية) وبينت فيه أن مرتبة الإيثار على النفس ليست عُليا المراتب،

وسأذكره في الجزء الآتي إن شاء الله تعالى) .

ومن تمام هذه الرتبة الإيثار بالنفس أيضًا، كما رُوي أنه سُعي بجماعة من

الصوفية إلى بعض الخلفاء، فأمر بضرب رقابهم وفيهم أبو الحسين النوري. فبادر

إلى السياف ليكون هو أول مقتول، فقيل له في ذلك فقال: أحببت أن أوثر إخواني

بالحياة في هذه اللحظة، فكان ذلك سبب نجاة جميعهم - من حكاية طويلة - فإن لم

تصادف نفسك في رتبة من هذه الرتب مع أخيك، فاعلم أن عقد الأخوة لم ينعقد في

الباطن، وإنما الجاري بينكما مخالطة رسمية، لا وقع لها في العقل والدين، فقد قال

ميمون بن مهران: (مَن رضي من الإخوان بترك الأفضال فليؤاخِ أهل القبور) .

وأما الدرجة الدنيا فليست مَرضية عند ذوي الدين؛ روي أن عتبة الغلام جاء

إلى منزل رجل كان قد آخاه، فقال: أحتاج من مالك إلى أربعة آلاف، فقال: خذ

ألفين، فأعرض عنه، وقال: آثرتَ الدنيا على الله، أما استحيت أن تدَّعي الأخوة

في الله وتقول هذا.

ومَن كان في هذه الدرجة من الأخوة فينبغي أن لا تعامله في الدنيا، قال أبو

حازم: إذا كان لك أخ في الله فلا تعامله في أمور دنياك. وإنما أراد به من كان في

هذه الرتبة.

وأما الرتبة العليا: فهي التي وصف الله تعالى المؤمنين بها في قوله {وَأَمْرُهُمْ

شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (الشورى: 38) أي كانوا خلطاء في الأموال

لا يميز بعضهم رحله عن بعض، وكان منهم من لا يصحب من قال: مالي أو نعلي؛

لأنه أضافه إلى نفسه. وجاء فتح الموصلي إلى منزل أخ له وكان غائبًا، فأمر

أهله فأخرجت صندوقه ففتحه وأخذ حاجته، وأخبرت الجارية مولاها فقال: (إن

صدقتِ فأنت حرة لوجه الله) سرورًا بما فعل. وجاء رجل إلى أبي هريرة رضي

الله عنه وقال: إني أريد أن أواخيك في الله، فقال: أتدري ما حق الإخاء؟ قال:

عرفني، قال: أن لا تكون أحق بدينارك ودرهمك مني. قال: لم أبلغ هذه المنزلة

بعد، قال: فاذهب عني. وقال علي بن الحسين رضي الله عنهما لرجل: (هل

يُدخِل أحدكم يده في كُم أخيه أو كيسه فيأخذ منه ما يريد بغير إذنه؟ قال: لا، قال:

فلستم بإخوان) .

ودخل قوم على الحسن رضي الله عنه فقالوا: يا أبا سعيد، أصليت؟ قال:

نعم، قالوا: فإن أهل السوق لم يصلوا بعد، قال: ومن يأخذ دينه من أهل السوق،

بلغني أن أحدهم يمنع أخاه الدرهم. قاله كالمتعجب منه، وجاء رجل إلى إبراهيم

ابن أدهم رحمه الله وهو يريد بيت المقدس فقال: إني أريد أن أرافقك، فقال له

إبراهيم: على شرط أن كون أملك لشيئك منك، قال: لا، قال: أعجبني صدقك.

قال: فكان إبراهيم رحمه الله إذا رافقه رجل لم يخالفه، وكان لا يصحب إلا من

يوافقه، وصحبه رجل شرَّاك (هو الذي يعمل الشُّرُك للنعال) فأهدى رجل إلى

إبراهيم في بعض المنازل قصعة من ثريد ففتح جراب رفيقه وأخذ حزمة من شُرُك

وجعلها في القصعة وردها إلى صاحب الهدية، فلما جاء رفيقه قال: أين الشُّرُك؟

قال: ذلك الثريد الذي أكلته إيش كان؟ قال: كنت تعطيه شراكين أو ثلاثة، قال:

اسمح يُسمح لك. وأعطى مرة حمارًا كان لرفيقه بغير إذنه رجلاً رآه راجلاً، فلما

جاء رفيقه سكت ولم يكره ذلك. قال ابن عمر رضي الله عنهما: أهدي لرجل من

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة فقال: أخي فلان أحوج مني إليه،

فبعث به إليه، فبعثه ذلك الإنسان إلى آخر، فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر،

حتى رجع إلى الأول بعد أن تداوله سبعة. وروي أن مسروقًا ادَّان دينًا ثقيلاً وكان

على أخيه خيثمة دين، قال: فذهب مسروق فقضى دين خيثمة وهو لا يعلم،

وذهب خيثمة فقضى دين مسروق وهو لا يعلم، ولما آخى رسول الله صلى الله عليه

وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع آثره بالمال والأهل، فقال عبد

الرحمن: بارك الله لك فيهما، فآثره بما آثره به، وكأنه قَبِله، ثم آثره به وذلك مساواة

والبداية إيثار والإيثار أفضل من المساواة. وقال أبو سليمان الداراني: (لو أن الدنيا

كُلَّها لي فجعلتها في فم أخ من إخواني لاستقللتها له) . وقال أيضا: (إني لألقم اللقمة

أخًا من إخواني فأجد طعمها في حلقي) .

ولما كان الإنفاق على الإخوان أفضل من الصدقات على الفقراء قال علي

رضي الله عنه: لَعشرون درهمًا أعطيها أخي في الله أحب إليَّ من أن أتصدق

بمائة درهم على المساكين. وقال أيضًا: (لأن أضع صاعًا من طعام وأجمع

إخواني في الله أحبُّ إليَّ من إعتاق رقبة) .

واقتداء الكل في الإيثار برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه دخل غيضة

مع بعض أصحابه فاجتنى منها سواكين: أحدهما معوج، والآخر مستقيم، فدفع

المستقيم إلى صاحبه فقال: يا رسول الله، كنت والله أحق بالمستقيم مني، فقال:

(ما من صاحب يصحب صاحبًا ولو ساعة من النهار إلا سئل عن صحبته، هل أقام

فيها حق الله أم أضاعه) . فأشار بهذا إلى أن الإيثار هو القيام بحق الله في الصحبة.

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بئر يغتسل عندها، فأمسك حذيفة

ابن اليمان الثوب وقام يستر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اغتسل، ثم جلس

حذيفة ليغتسل، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثوب وقام يستر حذيفة عن

الناس، فأبى وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا تفعل، وأبى عليه السلام إلا

أن يستره بالثوب حتى اغتسل، وقال صلى الله عليه وسلم: ما اصطحب اثنان قط

إلا كان أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه. وروي أن مالك بن دينار ومحمد بن واسع

دخلا منزل الحسن وكان غائبًا، فأخرج محمد بن واسع سلة فيها طعام من تحت

سرير الحسن، فجعل يأكل، فقال له مالك: كُفَّ يدك، حتى يجيء صاحب البيت،

فلم يلتفت محمد إلى قوله وأقبل على الأكل، وكان محمد أبسط منه وأحسن خلقًا،

فدخل الحسن وقال: يا مُوَيْلِك، هكذا كنا لا يحتشم بعضنا من بعض، حتى ظهرت

أنت وأصحابك، وأشار بهذا إلى أن الانبساط في بيوت الإخوان من الصفاء في

الأخوة، كيف وقد قال الله تعالى:] أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ [ (النور:61)

كان الأخ يدفع مفاتيح بيته إلى أخيه ويفوض إليه التصرف كما يريد، وكان أخوه

يتحرج من الأكل بحكم التقوى، حتى أنزل الله تعالى هذه الآية، وأذن لهم في

الانبساط في طعام الإخوان والأصدقاء.

_________

ص: 942