الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد» .
وهذا خبر، وخبر النبي صلى الله عليه وسلم، لا يدخله الكذب، وهو متلقى من الوحي؛ لأن النبي، صلى الله عليه وسلم لا يعلم مثل هذا الغيب فهو غير موجود، ولكن الله يبعثه متى شاء.
(148) سئل فضيلة الشيخ: ذكرتم في الفتوى السابقة رقم "147": أن الدجال غير موجود الآن، وهذا الكلام ظاهره يتعارض مع حديث فاطمة بنت قيس في الصحيح، عن قصة تميم الداري، فنرجو من فضيلتكم التكرم بتوضيح ذلك
؟ .
فأجاب بقوله: ذكرنا هذا مستدلين بما ثبت في الصحيحين، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال:«إنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد» .
فإذا طبقنا هذا الحديث على حديث تميم الداري صار معارضا له؛ لأن ظاهر حديث تميم الداري أن هذا الدجال يبقى حتى يخرج، فيكون معارضا لهذا الحديث الثابت في الصحيحين، وأيضا فإن سياق حديث تميم الداري في ذكر الجساسة في نفسي منه شيء، هل هو من تعبير الرسول صلى الله عليه وسلم أو لا؟ .
(149) وسئل فضيلته: عن قول بعض أهل العلم: إن الرسل الذين أنذروا أقوامهم الدجال لم ينذروهم بعينه، وإنما أنذروهم بجنس فتنته
؟ .
فأجاب بقوله: هذا القول الضعيف، بل هو نوع من التحريف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه ما من نبي إلا أنذر به قومه بعينه
كما في صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب» ، وسبق لنا بيان الحكمة من إنذار الرسل به، ولكن يجب علينا أن نعلم أن جنس هذه الفتنة موجود حتى في غير هذا الرجل، يوجد من بني آدم الآن من يضل الناس بحاله، ومقاله، وبكل ما يستطيع، وتجد أن الله سبحانه وتعالى بحكمته أعطاه بيانا وفصاحة:{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} . فعلى المرء إذا سمع مثل هذه الفتن التي تكون لأهل البدع من أناس يبتدعون في العقائد، وأناس يبتدعون في السلوك، وغير ذلك، يجب عليه أن يعرض هذه البدع على الكتاب والسنة، وأن يَحْذَرَ ويُحَذِّرَ منها، وأن لا يغتر بما تكسى به من زخارف القول، فإن هذه الزخارف، كما قيل فيها:
حجج تهافت كالزجاج تخالها
…
حقا وكل كاسر مكسور
فالدجال المعين لا شك أن فتنته أعظم شيء يكون، لكن هناك دجاجلة يدجلون على الناس، ويموهون عليهم، فيجب الحذر منهم، ومعرفة إراداتهم ونياتهم، ولهذا قال الله تعالى في المنافقين:{هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} . مع أنه قال: {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} . يعني بيانه، وفصاحته، وعظمه، يجرك جرّا إلى أن تسمع، لكن كأنهم خشب مسندة، حتى الخشب ما هي قائمة بنفسها، مسندة تقوم على الجدار فهي لا خير فيها.
فهؤلاء الذين يزينون للناس بأساليب القول سواء في العقيدة، أو