الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(188) سئل فضيلة الشيخ - حفظه الله -: عن أسماء القيامة، وسبب تعددها
؟ .
فأجاب - حفظه الله - بقوله: الأسماء لا يمكنني الآن حصرها، لكن سبب تعددها أنها أسماء تدل على أوصاف، فهي: الساعة، وكلمة الساعة تقال في اللغة العربية؛ لما يقع فيه الأمر العظيم الشديد الشاق، وتسمى الحاقة؛ لكونها حقا، ووصفها الله جل جلاله أن زلزلتها شيء عظيم؛ لما فيها من الأهوال، ووصفت بالقارعة إلى غير ذلك من الأوصاف التي كل وصف منها يدل على معنى لا يدل عليه الاسم الآخر، أو الوصف الآخر، فهذه هي الحكمة من تعدد أوصافها، وذكرها حتى يكون ذلك أبلغ في الإيمان بها، وأقوم للاستعداد لها.
(189) سئل فضيلته - حفظه الله -: هل صح حديث خروج السفياني في علامات الساعة؟ وكذا هل صحت أيضا أحاديث خروج الرايات السود
؟ .
فأجاب - حفظه الله- بقوله: حديث السفياني أخرجه الحاكم في مستدركه، وقال: حديث صحيح الإسناد، ولكن الحاكم رحمه الله معروف بالتساهل بالتصحيح، فالله أعلم، وأما الرايات السود فلا أدري.
رسالة
لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد: فإن الله - تعالى - قال في كتابه المبين: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} ، وقال:{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} . وقال جل ذكره: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} .
وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلن للملأ قوله: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} . وقوله: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} ، وقوله:{قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا}
فبين الله - تعالى - في هذه الآيات الكريمة أن غيب السماوات والأرض لله - تعالى - وحده لا يشركه فيه غيره، ولا يظهر سبحانه أحدا على هذا الغيب إلا من ارتضاه من الرسل الكرام.
وكل علم يتعلق بالمستقبل فإنه من علم الغيب، كما قال - تعالى -:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} .
ومن ذلك علم قيام الساعة، فإنه من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ولم يطلع الله عليه أحدا من خلقه، حتى أشرف الرسل من الملائكة والبشر لا يعلمونه، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:«أن جبريل أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، في صورة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد من الصحابة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، فبينها له، ثم قال: أخبرني عن الساعة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ما المسئول عنها بأعلم من السائل "، قال فأخبرني عن أماراتها؟ فأخبره بشيء منها.» .
فقوله - صلي الله عليه وسلم -: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل» ؛ يعني أن علمي، وعلمك فيها سواء، فلست أعلم بها منك حتى أخبرك، فإذا كنت لا تعلمها فأنا لا أعلمها، فإذا انتفى علمها عن أفضل الرسل من الملائكة، وأفضل الرسل
من البشر فانتفاء علمها عمن سواهما أولى.
وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة بنفي علم الخلق بوقت الساعة بخصوصه.
فالآية الأولى قوله - تعالى - في سورة الأعراف: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} أي لا يعلمون أن علمها عند الله - تعالى - فهم يسألون عنها.
وقد أكد الله - تعالى - أن علمها عنده وحده في جمل أربع، وهي قوله:
{إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ) . (إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} . وهذه الجمل أفادت اختصاص علمها بالله عز وجل بدلالة الحصر التي هي من أقوى دلالات الاختصاص.
أما الجملة الرابعة، فهي قوله:{لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} . فإن الناس لو أمكنهم العلم بها ما جاءتهم بغتة؛ لأن المباغتة لا تكون في الشيء المعلوم.
فإن قال قائل: ألا يحتمل أن يكون في قوله - تعالى -: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} دليل على أن بعض الناس يعلمون متى تقوم؟ .
قلنا: لا يحتمل ذلك؛ لأنه ينافي التأكيد الوارد في هذه الجمل، ويناقضه، فكيف يؤكد الله - تعالى - أن علمها عنده وحده، ثم يشير إلى أن بعض الناس يعلمون ذلك؟ وهل هذا إلا من العبث المعنوي الذي ينزه الله - تعالى - عنه ومن
الركاكة والعي الذي تأباه بلاغة القرآن العظيم.
ولو قدر - على الفرض الممتنع - أن أحدا من الناس قد يعلمه الله - تعالى - به، فإن ذلك من علم الغيب الذي لا يظهر الله - تعالى - عليه إلا من ارتضى من رسول، وقد سبق أن الرسول البشري محمدا صلى الله عليه وسلم، والرسول الملكي جبريل لا يعلمان ذلك، فمن ذا يمكن أن يعلمه من سواهما من الخلق؟ .
والآية الثانية قوله في سورة لقمان: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} . وهذه الخمس هي مفاتح الغيب التي قال الله عنها: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} ، كما فسرها به أعلم الخلق بمراد الله عز وجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مفاتح الغيب خمس: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} » .
فثبت بذلك أن علم الساعة مما يختص الله - تعالى - به؛ لأنه من علم الغيب ولا يظهر الله - تعالى - أحدا من خلقه على غيبه إلا من ارتضاه من الرسل، فمن ادعى علم شيء منه غير الرسل فهو كاذب، مكذب لله - تعالى -.
فإن قال قائل: ما تقولون عما قيل: إنهم يطلعون على الجنين قبل وضعه
فيعلمون أذكر هو أم أنثى، وإنهم يتوقعون نزول المطر في المستقبل، فينزل كما توقعوا.
قلنا: الجواب عن الأول أنهم لا يعلمون أنه ذكر أم أنثى إلا بعد أن يخلق، فتبين ذكورته، أو أنوثته، وحينئذ لا يكون من الغيب المحض المطلق، بل هو غيب نسبي؛ ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الملك الموكل بالرحم، أنه يقول عند تخليق الجنين: " يا رب، أذكر أم أنثى؟ يا رب، أشقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه.
وفي صحيح مسلم من حديث حذيفة بن أسيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الملك الموكل بالرحم قال:«يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك» . فقد علم الملك أن الجنين ذكر أو أنثى، وهو في بطن أمه، لكنه قبل أن يخلق لا يعلم الملك، ولا غيره أنه ذكر أو أنثى.
والجواب عن الثاني: أن هذه التوقعات إنما تكون بوسائل حسية، وهي الأرصاد الدقيقة التي يعلم بها تكيفات الجو، وتهيؤه لنزول المطر بوجه خفي، لا يدرك بمجرد الحس، وهذا التوقع بهذه الأرصاد ليس من علم الغيب الذي يختص به الله عز وجل فهو كتوقعنا أن ينزل المطر حين يتكاثف السحاب، ويتراكم، ويدنو من الأرض، ويحصل فيه رعد وبرق.
والآية الثالثة قوله في سورة الأحزاب: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} .
والآية الرابعة: قوله في سورة الزخرف: {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ، فتقديم الخبر في قوله:{وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} يفيد الاختصاص، كما هو معلوم.
والآية الخامسة: قوله - تعالى - في سورة النازعات: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا} . فقدم الخبر في قوله: {إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا} ؛ ليفيد اختصاص ذلك به تبارك وتعالى.
هذه خمس آيات من كتاب الله - تعالى - كلها صريحة في أن علم الساعة خاص بالله - تعالى - لا يطلع عليه ملك مقرب، ولا نبي مرسل.
وأما السنة: فمنها ما سبق في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فإن قيل: ما تقولون في قوله - تعالى - في سورة طه: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} حيث إن ظاهرها أنه - تعالى - لم يخفها، فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: أن كثيرا من المفسرين، أو أكثرهم قال: معنى الآية أكاد أخفيها على نفسي، وهو من المبالغة في الإخفاء، كقوله صلى الله عليه وسلم في المتصدق يخفي صدقته:" حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ".
الثاني: أن يقال: هب أن ظاهر الآية أن الله - تعالى - لم يخفها على الناس، ولكن لغموض وسائل العلم بها صار كمن كاد يخفيها، فإن هذا الظاهر
مدفوع بالنصوص الصحيحة الصريحة، بأنه لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله - تعالى -.
وطريق الراسخين في العلم: أن يحملوا النصوص المتشابهة على النصوص المحكمة؛ لتكون النصوص كلها محكمة متفقة، غير متنافية ولا متناقضة {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} .
الثالث: أن يقال: إن أبى آب إلا أن يتمسك بالظاهر، ويقول: إن المراد أكاد أخفيها على الخلق، فالجواب أن يقال:
الإخفاء ثلاثة أنواع: إخفاء ذكر، وإخفاء قرب، وإخفاء وقوع.
فأما إخفاء الذكر فهو: أن لا يذكر الله الساعة للخلق، ولا يبين لهم شيئا من أحوالها، وهذا محال، تأباه حكمة الرب جل وعلا، ويكذبه الواقع، فإن الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان الستة، فالعلم به من ضروريات الإيمان؛ ولهذا لم يخف الله - تعالى - ذكر الساعة، بل أعلم عباده بها، وبين من أحوالها وأهوالها، وما يشفي ويكفي فيما أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة.
وأما إخفاء القرب فهو أن لا يذكر الله - تعالى - للخلق شيئا من علاماتها الدالة على قربها، وهي أشراطها، ولكن رحمة الرب الواسعة اقتضت أن يبين للخلق قرب قيامها بما يظهره من العلامات الدالة عليه ليزدادوا بذلك إيمانا، ويستعدوا لها بالعمل الصالح المبني على الإخلاص لله - تعالى - والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم وفي كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ما يتبين به قربها إجمالا تارة وتفصيلا تارة أخرى.
وأما إخفاء الوقوع فهو أن لا يذكر الله - تعالى - للخلق وقتا محدودا تقوم فيه الساعة، وهذا هو ما دل عليه الكتاب والسنة فليس في الكتاب والسنة تحديد لوقت قيام الساعة، بل فيهما النص الصريح الذي لا يحتمل التأويل بأن علم ذلك موكول إلى الله - تعالى - لا يعلم به ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وكل ما قيل في توقع وقت قيام الساعة فهو ظن، وتخمين باطل مردود على قائله لمخالفته كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - " ص 189 ج35 مجموع الفتاوى أثناء جواب له عن المنجمين "، قال: ووافقهم على ذلك من زعم أنه استخرج بقاء هذه الملة من حساب الجمل الذي للحروف، التي في أوائل السور، وهي مع حذف التكرير أربعة عشر حرفا، وحسابها في الجملة الكثير (كذا في الكتاب) ستمائة وثلاثة وتسعون.
ومن هذا أيضا ما ذكر في التفسير: أن الله - تعالى - لما أنزل {الم} قال بعض اليهود: بقاء هذه الملة إحدى وثلاثون، فلما أنزل بعد ذلك {الر} و {المر} قالوا: خلط علينا، فهذه الأمور التي توجد في ضلال اليهود والنصارى، وضلال المشركين، والصابئين من المتفلسفة، والمنجمين مشتملة من هذا الباطل على ما لا يعلمه إلا الله - تعالى -، وهذه الأمور وأشباهها خارجة عن الإسلام محرمة فيه، فيجب إنكارها والنهي عنها على المسلمين، على كل قادر؛ بالعلم، والبيان، واليد، واللسان فإن ذلك من أعظم ما أوجبه الله - تعالى - من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهؤلاء وأشباههم أعداء الرسل، وسوس الملل، ولا ينفق الباطل إلا بثوب من الحق اهـ. كلام الشيخ رحمه الله تعالى.
وعلى هذا فينزل قوله - تعالى -: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} على النوع الثاني إخفاء
القرب فإنه سبحانه لم يخفها الإخفاء المطلق بترك ذكرها، ولم يبينها البيان المطلق بذكر متى قيامها، وإنما بين لهم علاماتها، وهي أشراطها، وأخفى عليهم علم قيامها، وهذا مقتضى حكمته ورحمته، فإنه - تعالى - لو أبانه للناس لحصل لهم من الشر والفساد، وتعطل المصالح ما لا يعلمه إلا الله؛ خصوصا من كانوا قريبين من النهاية، ولكن الرب جل وعلا أخفى ذلك، كما أخفى علم كل إنسان بنهاية حياته؛ لئلا يستحسر، ويدع العمل خصوصا عند قرب حلول أجله.
ومن تأمل ما أبانه الله - تعالى - لخلقه من أمور الغيب، وما أخفاه عليهم تبين له من حكمة الله، ورحمته ما يبهر عقله، ويعلم به أن لله الحكمة البالغة، والرحمة الواسعة فيما أبان، وما أخفى، {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} . وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
حرره الفقير إلى الله - تعالى - كاتبه محمد الصالح العثيمين في شهر رجب عام 1405 هـ.