الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- صلى الله عليه وسلم فنزلوا ضيوفا على قوم، ولكنهم لم يضيفوهم، وقدر أن لدغت حية سيدهم، فطلبوا من يقرأ عليه، فاشترط الصحابة أجرة على ذلك، فأعطوهم قطيعا من الغنم، فذهب أحدهم فقرأ عليه الفاتحة، فقام اللديغ، كأنما نشط من عقال، أي كأنه بعير فك عقاله، فقد أثرت القراءة في شفاء المريض.
فللدعاء تأثير، لكنه ليس تغييرا للقدر، بل هو مكتوب بسببه المكتوب، وكل شيء عند الله بقدر، وكذلك جميع الأسباب لها تأثير في مسبباتها بإذن الله، فالأسباب مكتوبة، والمسببات مكتوبة.
(198) وسئل فضيلة الشيخ: هناك مشكلة ترد على بعض الناس وهي: " كيف يعاقب الله على المعاصي، وقد قدرها على الإنسان
"؟
فأجاب قائلا: هذه في الحقيقة ليست مشكلة، وهي إقدام الإنسان على العمل السيئ، ثم يعاقب عليه هذه ليست مشكلة؛ لأن إقدام الإنسان على العمل السيئ إقدام باختياره، فلم يكن أحد شهر سيفه أمام وجهه، وقال: اعمل هذا المنكر، بل هو عمله باختياره، والله - تعالى - يقول:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} ، فالشاكر والكفور كلهم قد هداه الله السبيل، وبينه له ووضحه له، ولكن من الناس من يختار هذا الطريق، ومن الناس من لا يختاره، وتوضيح ذلك أولا بالإلزام، وثانيا بالبيان:
(أما الإلزام فإننا نقول للشخص: أعمالك الدنيوية وأعمالك الأخروية كلاهما سواء، ويلزمك أن تجعلهما سواء، ومن المعلوم أنه لو عرض عليك من أعمال الدنيا مشروعان أحدهما ترى لنفسك الخير فيه، والثاني ترى لنفسك الشر فيه، من المعلوم أنك تختار المشروع الأول الذي هو مشروع الخير ولا يمكن أبدًا بأي حال من الأحوال أن تختار المشروع الثاني وهو مشروع الشر، ثم تقول:
إن القدر ألزمني به، إذًا يلزمك في طريق الآخرة ما التزمته في طريق الدنيا، ونقول: جعل الله أمامك من أعمال الآخرة مشروعين؛ مشروعًا للشر وهي الأعمال المخالفة للشرع، ومشروعًا للخير وهي الأعمال المطابقة للشرع.
فإذا كنت في أعمال الدنيا تختار المشروع الخيري فلماذا لا تختار المشروع الخيري في أعمال الآخرة؟
إنه يلزمك في عمل الآخرة أن تختار المشروع الخيري كما أنت التزمت في عمل الدنيا أن تسلك المشروع الخيري هذا طريق الإلزام.
أما طريق البيان فإننا نقول: كلنا يجهل ماذا قدر الله له، قال الله -تعالى -:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} فالإنسان حينما يقدم على العمل يقدم عليه باختيار منه ليس عن علم بأن الله قدره عليه وأرغمه عليه ولهذا قال بعض العلماء: "إن القدر سر مكتوم" ونحن جميعًا لا نعلم أن الله قدر كذا حتى يقع ذلك العمل، فنحن إذًا حينما نقدم على العمل لا نقدم عليه على أساس أنه كتب لنا أو علينا، وإنما نقدم عليه باختيار، وحينما يقع نعلم أن الله قدره علينا، ولذلك لا يقع احتجاج الإنسان بالقدر إلا بعد وقوع العمل، ولكنه لا حجة له بذلك ويذكر عن أمير المؤمنين عمر قصة - قد تصح عنه وقد لا تصح - رفع إليه سارق تمت شروط القطع في