الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دعاء العباس رضي الله عنه فالمهم أن التوسل إلى الله -تعالى- بطلب الدعاء من ميت توسل باطل لا يحل، ولا يجوز.
ومن التوسل الذي ليس بصحيح: أن يتوسل الإنسان بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن جاه الرسول صلى الله عليه وسلم ليس مفيدًا بالنسبة إلى الداعي؛ لأنه لا يفيد إلا الرسول صلى الله عليه وسلم أما بالنسبة للداعي فليس بمفيد حتى يتوسل إلى الله به، وقد تقدم أن التوسل اتخاذ الوسيلة الصالحة التي تثمر. فما فائدتك أنت من كون الرسول صلى الله عليه وسلم له جاه عند الله؟! وإذا أردت أن تتوسل إلى الله على وجه صحيح فقل: اللهم بإيماني بك وبرسولك، أو بمحبتي لرسولك، وما أشبه ذلك؛ فإن هذا الوسيلة الصحيحة النافعة.
(375) وسئل فضيلة الشيخ أعلى الله درجته في المهديين: عن حكم التوسل وأقسامه
.
فأجاب بقوله: التوسل اتخاذ الوسيلة؛ والوسيلة "كل ما يوصل إلى المقصود" فهي من الوصل؛ لأن الصاد والسين يتناوبان كما يقال: صراط، وسراط، وبصطة، وبسطة.
والتوسل في دعاء الله -تعالى- أن يقرن الداعي بدعائه ما يكون سببًا في قبول دعائه، ولا بد من دليل على كون هذا الشيء سببًا للقبول؛ ولا يعلم ذلك إلا من طريق الشرع؛ فمن جعل شيئًا من الأمور وسيلة له في قبول دعائه بدون دليل من الشرع فقد قال على الله ما لا يعلم؛ إذ كيف يدري أن ما جعله وسيلة مما يرضاه الله -تعالى-، ويكون سببًا في قبول دعائه؟! والدعاء من العبادة؛ والعبادة موقوفة على مجيء الشرع بها. وقد أنكر
الله -تعالى- على من اتبع شرعًا بدون إذنه، وجعله من الشرك فقال تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} وقال - تعالى -: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}
والتوسل في دعاء الله -تعالى- قسمان:
القسم الأول: أن يكون بوسيلة جاءت بها الشريعة وهو أنواع.
النوع الأول: التوسل بأسماء الله تعالى وصفاته، وأفعاله، فيتوسل إلى الله -تعالى- بالاسم المقتضي لمطلوبه، أو بالصفة المقتضية له، أو بالفعل المقتضي له: قال الله - تعالى-: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} فيقول: اللهم يا رحيم ارحمني، ويا غفور اغفر لي، ونحو ذلك؛ وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي» . وعلم أمته أن يقولوا في الصلاة عليه: «اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم» .
النوع الثاني: التوسل إلى الله -تعالى-بالإيمان به وطاعته كقوله -تعالى- عن أولي الألباب: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}
وقوله: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} .
وقوله عن الحواريين: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}
النوع الثالث: أن يتوسل إلى الله بذكر حال الداعي المبينة لاضطراره، وحاجته، كقول موسى عليه الصلاة والسلام:{رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} .
النوع الرابع: أن يتوسل إلى الله بدعاء من ترجى إجابته كطلب الصحابة رضي الله عنهم من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم مثل قول الرجل الذي دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: ادع الله أن يغيثنا؛ وقول عكاشة بن محصن للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع الله أن يجعلني منهم.
وهذا إنما يكون في حياة الداعي، أما بعد موته فلا يجوز؛ لأنه لا عمل له؛ فقد انتقل إلى دار الجزاء؛ ولذلك لما أجدب الناس في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستسقي لهم؛ بل استسقى عمر بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: قم فاستسق؛ فقام العباس فدعا، وأما ما يروى عن العتبي أن أعرابيًا جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول: