الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(358) وسئل -حفظه الله تعالى-: عن حكم المآتم
؟
فأجاب قائلًا: المآتم كلها بدعة سواء كانت ثلاثة أيام، أو على أسبوع، أو على أربعين يومًا، لأنها لم ترد من فعل السلف الصالح رضي الله عنهم ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، ولأنها إضاعة مال، وإتلاف وقت وربما يحصل فيها شيء من المنكرات من الندب والنياحة ما يدخل في اللعن؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة.
ثم إنه إن كان من مال الميت -من ثلثه أعني- فإنه جناية عليه لأنه صرف له في غير الطاعة، وإن كان من أموال الورثة فإن كان فيهم صغار أو سفهاء لا يحسنون التصرف فهو جناية عليهم أيضًا، لأن الإنسان مؤتمن في أموالهم فلا يصرفها إلا فيما ينفعهم، وإن كان لعقلاء بالغين راشدين فهو أيضًا سفه، لأن بذل الأموال فيما لا يقرب إلى الله أو لا ينتفع به المرء في دنياه من الأمور التي تعتبر سفهًا، ويعتبر بذل المال فيها إضاعة له، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، والله ولي التوفيق.
(359) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم التلاوة لروح الميت
؟
فأجاب قائلًا: التلاوة لروح الميت يعني أن يقرأ القرآن وهو يريد أن يكون ثوابه لميت من المسلمين هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم على قولين:
القول الأول: أن ذلك غير مشروع وأن الميت لا ينتفع به أي لا ينتفع بالقرآن في هذه الحال.
القول الثاني: أنه ينتفع بذلك وأنه يجوز للإنسان أن يقرأ القرآن بنية أنه لفلان أو فلانة من المسلمين، سواء كان قريبًا أو غير قريب.
والراجح: القول الثاني لأنه ورد في جنس العبادات جواز صرفها للميت، كما في حديث سعد ابن عبادة رضي الله عنه حين تصدق ببستانه لأمه، وكما في قصة الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم:«إن أمي افْتُلِتَت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفأتصدق عنها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم» وهذه قضايا أعيان تدل على أن صرف جنس العبادات لأحد من المسلمين جائز وهو كذلك، ولكن أفضل من هذا أن تدعو للميت، وتجعل الأعمال الصالحة لنفسك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» . ولم يقل: أو ولد صالح يتلو له أو يصلي له أو يصوم له أو يتصدق عنه بل قال: - «أو ولد صالح يدعو له» والسياق في سياق العمل، فدل ذلك على أن الأفضل أن يدعو الإنسان للميت لا أن يجعل له شيئًا من الأعمال الصالحة، والإنسان محتاج إلى العمل الصالح، أن يجد ثوابه له مدخرًا عند الله عز وجل.
أما ما يفعله بعض الناس من التلاوة للميت بعد موته بأجرة، مثل أن يحضروا قارئًا يقرأ القرآن بأجرة، ليكون ثوابه للميت فإنه بدعة ولا يصل إلى الميت ثواب؛ لأن هذا القارئ إنما قرأ لأجل الدنيا ومن أتى بعبادة من أجل الدنيا فإنه لا حظ له منها في الآخرة كما قال الله - تعالى-:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . وإني بهذه المناسبة أوجه نصيحة لإخواني الذين يعتادون مثل هذا