الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجهاد فرض كفاية
(1)
سؤال:
لا يخفى على سماحتكم ما يمر به المسلمون في البوسنة والهرسك من تدمير يقصد به استئصال شأفة المسلمين في أوروبا، فهل بعد ذلك التدمير والإبادة وهتك الأعراض نشك أن الجهاد في تلك الأرض هو فرض عين؟ ع. ف.
جواب:
سبق أن بينا أكثر من مرة أن الجهاد فرض كفاية، لا فرض عين، وعلى جميع المسلمين أن يجاهدوا في نصر إخوانهم بالنفس والمال، والسلاح، والدعوة والمشورة، فإذا خرج منهم من يكفي سلم الجميع من الإثم، وإذا تركوه كلهم أثموا جميعا، فعلى المسلمين في المملكة، وإفريقيا، والمغرب، وغيرها أن يبذلوا طاقتهم والأقرب فالأقرب، فإذا حصلت الكفاية من دولة أو دولتين أو ثلاث أو أكثر سقط عن الباقين، وهم مستحقون للنصر والتأييد، والواجب مساعدتهم ضد عدوهم؛ لأنهم مظلومون، والله أمر بالجهاد للجميع، وعليهم أن يجاهدوا ضد أعداء الله حتى ينصروا إخوانهم، وإذا تركوا ذلك أثموا وإذا قام به - من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
(1) سؤال مقدم لسماحته من المستفتي ع. ف ن، ونشر في هذا المجموع ج 7 ص 335.
واقعة اعتداء العراق على الكويت عبرة وعظة لنا جميعا (1)
(في اختتام المؤتمر الإسلامي العالمي لمناقشة الأوضاع الحاضرة في الخليج والذي نظمته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وجه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي والرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الكلمة التالية) :
الحمد لله تعالى، إن الدين النصيحة، وعلى علماء المسلمين أينما كانوا أن يناصروا الله وأن يبينوا للحاكم ما يجب عليه، وما يحرم عليه حتى يكون على بينة وعلى بصيرة، وأن يكون ذلك بالأسلوب المناسب وبالأسلوب الطيب الذي يدعو للقبول والرضا وعدم النفرة.
وكذلك يجب التناصح بين العلماء في بيان الدعوة إلى الله وتوجيه الناس إلى الخير في المساجد والمجتمعات، وتشجيع من يقوم بواجبه في الدعوة إلى الله عز وجل.
(1) نشرت هذه الكلمة في مجلة الدعوة في 1\3\1411 هـ وفي هذا المجموع ج 6 ص 147.
وهكذا تشجيع الخطباء في تحري الخطب المناسبة التي تنفع الناس على مقتضى الكتاب والسنة، وألا يتكلم إلا عن علم وبصيرة بما يحل ويحرم. فالمسلمون أشد حاجة إلى الدعوة والنصيحة، وغيرهم في حاجة إلى الدعوة والبلاغ والبيان لعلهم يهتدون.
وهذه الواقعة التي وقعت من حاكم العراق على دولة الكويت وما جاء بعدها فيها عبرة وعظة وفيها ذكرى لنا جميعا.
نسأل الله أن ينفعنا بذلك وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم، وأن يوفقنا إلى ما فيه صلاح قلوبنا وصلاح أعمالنا، وأن يهدينا جميعا لما يرضيه، ويقربنا إليه.
والواجب على كل مسلم ومسلمة الجهاد بالنفس والحساب لها، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (1) ويقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (2)
والواجب على الأمير والحاكم والقاضي وكل مسئول أن يتقي الله ويحاسب نفسه ويجاهدها في الله، وأن يستقيم على
(1) سورة الحشر الآية 18
(2)
سورة العنكبوت الآية 69
دين الله وأن يحذر محارم الله، وأن يقدم التوبة النصوح من كل ما سلف.
وهكذا كل مؤمن وكل مؤمنة، والواجب على الجميع جهاد النفس لعلها تستقيم وتبتعد عن طاعة الهوى والشيطان لعلها تلزم الحق.
والواجب شكر الله عند السراء والصبر عند البلاء، مع التوبة من التقصير والذنوب.
هذا هو الواجب على جميع المسلمين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له (1) » (2) رواه مسلم.
فالمؤمن يشكر عند الرخاء والنعمة، ويصبر عند البلاء يجاهدها ويتوب إلى الله، ويستقيم على دين الله، ويبتعد عن محارم الله، يناصر إخوانه، يدعوهم إلى الخير، يحاسب أهل بيته، ويدعوهم إلى الخير، ويأمر بالمعروف وينهاهم عن المنكر.
وهكذا مع إخوانه ومع زملائه وجيرانه، ينصحهم لله ويدعوهم إلى الحق بالأسلوب الحسن والطيب، ويحذرهم من مغبة المعاصي والشرور لعلهم يتوبون ويرجعون.
(1) صحيح مسلم الزهد والرقائق (2999) ، مسند أحمد بن حنبل (6/16) ، سنن الدارمي الرقاق (2777) .
(2)
رواه مسلم في الزهد والرقائق باب المؤمن أمره كله خير برقم 2999.
ونسأل الله أن يوفقنا جميعا والمسلمين لكل ما فيه رضاه وصلاح العباد، وأن يوفق شعب العراق، وأن يعينهم على إبدال هذا الرئيس الفاجر الخبيث بأصلح منه، ينفعهم في الدنيا والآخرة، وأن يعينهم على طاعة الله.
نسأل الله أن يبدلهم بخير منه، ممن يرحم العباد ويحكم فيهم شرع الله ويعينهم على طاعة الله.
ونسأل الله أن يوفق شعب العراق بإمام صالح، وبحاكم صالح، ويعينهم على طاعة الله، ويرحم صغيرهم، ويواسي كبيرهم، ويعينهم على كل خير، ويحكم شرع الله عز وجل فيهم.
ونسأل الله أن يزيل الحاكم صدام حسين، وأن يدير عليه دائرة السوء، وأن ينزل في قلبه من الرعب والخوف ما يحمله على سحب جيوشه من الكويت ومن الحدود، إنه جل وعلا جواد كريم.
وأشكركم مرة أخرى على جهودكم وأعمالكم، ونسأل الله أن يتقبل من الجميع إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه.