الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (1)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «يقول الله عز وجل: يا ابن آدم أنفق أنفق عليك (2) » .
ونسأل الله عز وجل أن يضاعف أجر من ساهم في مساعدة إخوانه المجاهدين ويتقبل منه، وأن يعين المجاهدين في الشيشان وسائر المجاهدين في سبيله في كل مكان على كل خير، ويثبت أقدامهم في جهادهم، ويمنحهم الفقه في الدين والصدق والإخلاص، وأن ينصرهم على أعداء الإسلام أينما كانوا، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه إلى يوم الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1) سورة سبأ الآية 39
(2)
رواه البخاري في (النفقات) باب فضل النفقة على الأهل برقم (5352) ، ومسلم في (الزكاة) باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف برقم (993)
66 -
الرابطة الإسلامية هي أعظم
الوسائل التي تربط بين المسلمين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد:.
فإن الأخوة الدينية بين الشعوب الإسلامية هي أقوى الوشائج والروابط التي تشد الأمة وتؤلف بينها لتكون قوية متماسكة في وجوه أعدائها المتربصين بها من الكفار والمنافقين، وهذه النعمة- نعمة التآلف بين قلوب المسلمين- هي التي امتن الله بها على نبيه صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه:{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} (1){وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (2) وامتن بها على المسلمين جميعا رجالا ونساء في قوله عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (3)
(1) سورة الأنفال الآية 62
(2)
سورة الأنفال الآية 63
(3)
سورة التوبة الآية 71
وفي قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يكذبه ولا يخذله التقوى هاهنا- وأشار إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (2) » . رواه الإمام مسلم في صحيحه. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وهذه النعمة العظيمة قد ضاق بها أعداء الإسلام، وعملوا جاهدين لتفكيك أواصر الأمة وزرع أسباب الفرقة والتنازع بينهم لتذهب ريح الأمة وقوتها وليسهل إذلالها وقهرها والسيطرة عليها. وكما يقولون: فرق تسد.
ومن أقوى وسائل الأعداء في هذا وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وما تبثه من الأخبار الكاذبة
(1) سورة الحجرات الآية 10
(2)
رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب تحريم ظلم المسلم وخذله برقم (2564) .
والمحرفة التي تزرع الشر والفتن وأسباب الكراهية والحقد والفرقة بين المسلمين
ومن أهم الواجبات على المسلمين جميعا ولا سيما العلماء ورجال الإعلام المنصفون: التصدي لهذه الحملات الحاقدة التي تستغل الأحداث لإثارة الشكوك وإزالة الثقة بين المسلمين أفرادا وجماعات، حكاما ومحكومين.
ومما يلاحظ في هذا العام بشكل خاص أن كثيرا من وكالات الأنباء العالمية التي تخدم مخططات أعداء الإسلام وتخضع لمراكز التوجيه النصراني والماسوني تخطط بأسلوب ماكر لإثارة العالم كله ضد ما يسمونه (الأصوليين) وهم يقصدون بذلك الذم والقدح في المسلمين المتمسكين بالإسلام على أصوله الصحيحة، الذين يرفضون مسايرة الأهواء والتقارب بين الثقافات والأديان الباطلة.
وقد وقع بعض الإعلاميين المسلمين في مصيدة الأعداء، وأخذوا ينقلون تلك الأخبار المعادية للإسلام، وأصبحوا يتداولونها عن جهل بمقاصد أصحابها، أو غرض في نفوس بعضهم، فكانوا بفعلهم هذا أعوانا للأعداء على الإسلام والمسلمين بدلا من قيامهم بواجب التصدي لأعداء الإسلام، وإبطال كيدهم ببيان أهمية الرابطة الدينية والأخوة الإسلامية بين الشعوب الإسلامية. وإن الأخطاء الفردية التي لا يسلم منها
أحد لا ينبغي أن تكون مبررا للتشنيع على الإسلام والمسلمين والتفريق بينهم.
ولهذا رأيت تحرير هذه الكلمة الموجزة نصيحة المسلمين جميعا من الإعلاميين وغيرهم في الدول الإسلامية وغيرها، وتحذيرا للجميع من مكائد الأعداء من الكافرين والمنافقين والسائرين على نهجهم. وأن يصونوا الإعلام الإسلامي المقروء والمسموع والمرئي من أن يكون وسيلة للتشكيك في الإسلام والدعاة إليه، أو أن يستخدم للتفريق بين علماء الأمة وشعوبها والناصحين لها، وغرس أسباب الشحناء والتباغض بين حكامها ومحكوميها وعلمائها وعامتها. وأن يبذلوا كل ما يستطيعون في التقريب بين المسلمين وجمع كلمتهم، ودعوتهم حكاما ومحكومين للتمسك بدينهم والاستقامة عليه وتحكيم شريعة الله في عباده والتواصي بذلك، والتعاون عليه بالأساليب الحسنة والنصيحة الخالصة والعمل الصالح الدائب، والسليمة الحميدة عملا بقول الله عز وجل:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1) وقوله سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (2){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4)
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سورة العصر الآية 1
(3)
سورة العصر الآية 2
(4)
سورة العصر الآية 3
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة. قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم (1) » . رواه مسلم في صحيحه. ولما روى جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: «بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم (2) » . متفق على صحته.
كما أوصي العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أن يتجنبوا المسيرات والمظاهرات التي تضر الدعوة ولا تنفعها وتسبب الفرقة بين المسلمين والفتنة بين الحكام والمحكومين. وإنما الواجب سلوك السبيل الموصلة إلى الحق واستعمال الوسائل التي تنفع ولا تضر وتجمع ولا تفرق وتنشر الدعوة بين المسلمين وتبين لهم ما يجب عليهم بالكتابات والأشرطة المفيدة والمحاضرات النافعة، وخطب الجمع الهادفة التي توضح الحق وتدعو إليه، وتبين الباطل وتحذر منه، مع
(1) رواه الإمام أحمد في (مسند الشاميين) حديث تميم الداري برقم (16499) ، ومسلم في (الإيمان) باب بيان أن الدين النصيحة برقم (55)
(2)
رواه البخاري في (الإيمان) باب الدين النصيحة برقم (57) ، ومسلم في (الإيمان) باب بيان أن الدين النصيحة برقم (56) .
الزيارات المفيدة للحكام والمسئولين، والمناصحة كتابة أو مشافهة بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن، عملا بقول الله عز وجل في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (1) الآية. وقوله عز وجل لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام لما أرسلهما إلى فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (2) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا، وتطاوعوا ولا تختلفوا (3) » . وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه (4) » ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من يحرم الرفق يحرم الخير كله (5) » . وكل هذه الأحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1) سورة آل عمران الآية 159
(2)
سورة طه الآية 44
(3)
رواه البخاري في (العلم) باب ما كان النبي صلى الله عليه ومسلم يتخولهم بالموعظة برقم (69) ، ومسلم في (الجهاد والسير) باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير برقم (1734) .
(4)
رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب فضل الرفق برقم (2594) .
(5)
رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب الرفق برقم (2592) ، وأبو داود في (الأدب) باب في الرفق برقم (4809) واللفظ له
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به، اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه (1) » . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين جميعا ويجمع كلمتهم على الحق، وأن يصلح قادتهم وولاة أمرهم، ويوفقهم لتحكيم شريعته والرضا بها وإيثارها على ما سواها، وأن ينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمته، وأن يعينهم على كل ما فيه صلاح أمور دينهم ودنياهم، وعلى كل ما فيه سعادتهم وسعادة شعوبهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، وأن يوفق علماء المسلمين ودعاة الإسلام لأداء ما يجب عليهم على الوجه الذي يرضيه، وأن يبارك في جهودهم وينصر بهم الحق ويعينهم على كل ما فيه صلاح العباد والبلاد إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1) رواه مسلم في (الإمارة) باب فضيلة الإمام العادل برقم (1828)