الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
61 -
نداء إلى الأمة الإسلامية لمساعدة شعب البوسنة والهرسك
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يبلغه من المسلمين في كل مكان.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:(1)
فليس بخاف عليكم ما يعانيه شعب البوسنة والهرسك من ظلم واضطهاد وتقتيل وتشريد وحرب لا هوادة فيها تدمر الأخضر واليابس من قبل طغمة كافرة معتدية ظالمة حاقدة على الإسلام والمسلمين، هم أولئك الصرب الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.
فالواجب على جميع المسلمين - حكومات وشعوبا- أن يبادروا إلى مساعدتهم بجميع أنواع المساعدة؛ من النقود والغذاء والدواء وغير ذلك من أنواع المساعدات، كل على حسب قدرته؛ لقول الله عز وجل:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) وقوله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (3) وقوله سبحانه:
(1) صدر من مكتب سماحته بتاريخ 8 \ 2 \ 1414 هـ، ونشر في هذا المجموع ج 8 ص 260.
(2)
سورة المائدة الآية 2
(3)
سورة التغابن الآية 16
{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (1) وقوله عز وجل: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (2) وقوله عز وجل: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (3) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه (4) » متفق على صحته، ومعنى لا يسلمه: لا يخذله، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا (5) » وقوله صلى الله عليه وسلم: «مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله مثل الصائم القائم (6) » ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يكذبه ولا يحقره ولا يخذله (7) » .
(1) سورة البقرة الآية 195
(2)
سورة التوبة الآية 41
(3)
سورة البقرة الآية 274
(4)
رواه البخاري في (المظالم والغصب) باب لا يظلم المسلم برقم (2442) ، ومسلم في (البر والصلة والآداب) باب تحريم الظلم برقم (2580) .
(5)
رواه البخاري في (الجهاد والسير) باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بخير برقم (2843) ، ومسلم في (الإمارة) باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله برقم (1895) .
(6)
صحيح البخاري الجهاد والسير (2787) .
(7)
رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب تحريم ظلم المسلم وخذله برقم (2564) .
والآيات والأحاديث في فضل الجهاد والإنفاق في سبيل الله ومساعدة المظلومين وردع الظالمين كثيرة جدا.
فأوصيكم أيها المسلمون جميعا بالمساعدة العاجلة لإخوانكم بواسطة اللجان الموثوقة والهيئات المأمونة، ومن الهيئات الموثوقة الهيئة العليا لجمع التبرعات لمسلمي البوسنة والهرسك التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير المكرم سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض.
فأوصي الجميع بدعمها بصفة مستمرة حتى ينصر الله المسلمين وأعوانهم في البوسنة والهرسك، ويخذل الظالمين، وتضع الحرب أوزارها، وهم مستحقون للمساعدة من الزكاة أو غيرها. مع العلم بأن التبرعات تودع في بنك الرياض ومصرف الراجحي والبنك الأهلي.
والله المسئول أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وينصر إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك على أعداء الله من الصرب وغيرهم، وأن يكبت أعداء الإسلام أينما كانوا، كما أسأله سبحانه أن يوفق المجاهدين في سبيله في كل مكان، وينصرهم على عدوهم، إنه جل وعلا سميع الدعاء قريب الإجابة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
62 -
وجوب نصر المسلمين المظلومين
في البوسنة وغيرها على جميع المسلمين
وغيرهم حسب الاستطاعة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:(1)
فإن من عرف أحوال المسلمين في البوسنة والهرسك، وما جرى عليهم من الظلم من الكروات والصرب وأنصارهم يتألم كثيرا ويحزن لخذلان إخوانهم لهم، وعدم نصرهم النصر الكافي الذي يمكنهم من الدفاع عن أنفسهم واستعادة ما أخذه عدوهم من أرضهم، وقد أوجب الله سبحانه نصر المظلومين وردع الظالمين من المسلمين وغيرهم، كما قال الله عز وجل:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ} (2) الآية.
فإذا كانت الطائفة المؤمنة الباغية يجب أن تقاتل حتى تفيء إلى الحق فالظالمة الكافرة من باب أولى، وقال تعالى:
(1) نشرت في هذا المجموع ج 8 ص 257.
(2)
سورة الحجرات الآية 9
{وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (1) والمعنى: يجب أن لا يتولاهم أحد ولا ينصرهم، وقال تعالى:{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (2) وقال سبحانه: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} (3) .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة الأمر بنصر المظلوم، فقال عليه الصلاة والسلام:«انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قيل: يا رسول الله، نصرته مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ قال: تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه (4) » فنصر المظلوم وردع الظالم من أي جنس كان واجب شرعا وعقلا وفطرة.
فالواجب على جميع الدول الإسلامية وعلى مجلس الأمن وعلى مجلس هيئة الأمم أن ينصروا المظلومين في البوسنة وغيرها بالمال والسلاح والرجال، وأن يردعوا الظالمين
(1) سورة الشورى الآية 8
(2)
سورة الشورى الآية 42
(3)
سورة الأنفال الآية 72
(4)
رواه البخاري في (الإكراه) باب يمين الرجل لصاحبه برقم (6952) ، والترمذي في (الفتن) باب ما جاء في النهي عن سب الرياح برقم (2255) .
بجميع الوسائل الرادعة حتى يقف الظالم عند حده، وحتى يعطى المظلوم جميع حقوقه، وبذلك تبرأ الذمة ويستحق الثواب الجزيل من الله عز وجل من فعل ذلك ابتغاء وجهه، وبذلك أيضا يأمن العباد، وتستوفى الحقوق، ويقف الظالمون عند حدودهم، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1) وقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (2){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة (5) » وقال صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا (6) » وقال عليه الصلاة والسلام: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سورة العصر الآية 1
(3)
سورة العصر الآية 2
(4)
سورة العصر الآية 3
(5)
رواه البخاري في (المظالم والغصب) باب الظلم ظلمات يوم القيامة برقم (2447) ، ومسلم في (البر والصلة والآداب) باب تحريم الظلم برقم (2578) .
(6)
رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب تحريم الظلم برقم (2577) .
في حاجته (1) » .
والآيات والأحاديث في وجوب نصر المظلوم وردع الظالم والتعاون على الخير والتواصي بالحق والصبر عليه كثيرة معلومة.
والله المسئول أن ينصر المظلومين في كل مكان، وأن يذل الظالمين ويخذلهم، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا، وأن يولي عليهم خيارهم، ويصلح قادتهم، وأن ينصرهم بالحق وينصر الحق بهم، وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن ونزغات الشيطان، إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1) رواه مسلم في (الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار) باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن برقم (2699) .