الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ب)
نصيحة مهمة لأبناء الشعب الفلسطيني
س2: يختلف الفلسطينيون في مواقفهم من عملية السلام: فحماس تعارض وتدعو للمقاومة، والسلطة الفلسطينية موافقة، وأغلب الشارع كما يبدو مع السلطة، فمن تلزم الناس طاعته؟ وما هو موقفنا نحن في الخارج؟ نرجو بيان الحق؛ لأن هناك أخطارا بأن ينشب القتال بين الفلسطينيين أنفسهم؟
وفي ختام الحديث مع سماحتكم وبما جعل الله لكم من محبة وقبول في قلوب الناس، أرجو أن يوجه سماحتكم كلمة لأبناء هذه الأمة يكون فيها ما يكفل سعادتهم في الدنيا والآخرة، ويكفل رفعة الدين وأهله.
وفقنا الله وإياكم لكل خير، آمين.
ج 2: ننصح الفلسطينيين جميعا بأن يتفقوا على الصلح، ويتعاونوا على البر والتقوى؛ حقنا للدماء، وجمعا للكلمة على الحق، وإرغاما للأعداء الذين يدعون إلى الفرقة والاختلاف. وعلى الرئيس وجميع المسئولين أن يحكموا شريعة الله، وأن يلزموا بها الشعب الفلسطيني؛ لما في ذلك من السعادة والمصلحة العظيمة للجميع، ولأن ذلك هو الواجب الذي
أوجبه الله على المسلمين عند القدرة، كما في قوله سبحانه في سورة المائدة:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} (1) إلى أن قال سبحانه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (2) وقال سبحانه في سورة النساء: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (3) وقال سبحانه في سورة المائدة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (4){وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (5){وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (6)
ومن هذه الآيات وغيرها يعلم أن الواجب على جميع الدول الإسلامية هو تحكيم شرع الله فيما بينهم، والحذر مما يخالفها، وفي ذلك سعادتهم ونصرهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة.
(1) سورة المائدة الآية 49
(2)
سورة المائدة الآية 50
(3)
سورة النساء الآية 65
(4)
سورة المائدة الآية 44
(5)
سورة المائدة الآية 45
(6)
سورة المائدة الآية 47
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمنحهم التوفيق، وأن يصلح لهم البطانة، وأن يعينهم على تحكيم شريعته في كل شئونهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وبهذه المناسبة فإني أنصح جميع المسلمين في كل مكان بأن يتفقهوا في الدين، وأن يعرفوا معنى العبادة التي خلقوا لها، كما في قوله سبحانه:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1) وقد أمرهم الله بها سبحانه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (2) وقد فسرها سبحانه في مواضع كثيرة من كتابه العظيم وسنة رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، وحقيقتها: توحيده سبحانه، وتخصيصه بالعبادة من الخوف والرجاء والتوكل والصوم والذبح والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة، مع طاعة أوامره وترك نواهيه.
وبذلك يعلم أنها هي الإسلام، والإيمان، والتقوى، والبر، والهدى، وطاعة الله ورسوله، سمى الله ذلك كله: عبادة؛ لأنها تؤدى بالخضوع والذل لله سبحانه.
فالواجب على المكلفين جميعا أن يعبدوه وحده، وأن
(1) سورة الذاريات الآية 56
(2)
سورة البقرة الآية 21
يتقوا غضبه وعقابه بالإخلاص له في العمل، وتخصيصه بالعبادة وحده، وطاعة أوامره وترك نواهيه، والحكم بشريعته، والتناصح بينهم، والتواصي بالحق والصبر عليه، كما قال الله عز وجل:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1) وقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (2){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4)
فأوضح سبحانه في هذه السورة العظيمة أن جميع بني الإنسان في خسران إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. فهؤلاء هم الرابحون والسعداء والمنصورون في الدنيا والآخرة.
ومعنى قوله سبحانه: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} (5) يعني: آمنوا بالله ربا وإلها ومعبودا بحق، وآمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وبجميع الرسل عليهم الصلاة والسلام، وبكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الجنة والنار والحساب والجزاء وغير ذلك، ثم {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (6) فأدوا فرائض الله، وتركوا محارم الله عن إخلاص لله وصدق، ثم {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} (7) فيما بينهم، وتناصحوا، وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر، وصبروا على ذلك؛
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سورة العصر الآية 1
(3)
سورة العصر الآية 2
(4)
سورة العصر الآية 3
(5)
سورة العصر الآية 3
(6)
سورة العصر الآية 3
(7)
سورة العصر الآية 3