الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثلاثون: إجتماعهم على تسميته بأمير المؤمنين
…
الباب الثلاثون: في ذكر اجتماعهم على تسميته بأمير المؤمنين
ذكر ابن الجوزي عن محمّد بن سعد، قال:"قالوا: لما مات أبو بكر رضي الله عنه وكان يدعى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المسلمون: "من جاء بعد عمر قيل: خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطول هذا، ولكن أجمعوا على اسم تدعون به الخليفة، يُدعَ به مَنْ بعده من الخلفاء"، فقال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحن المؤمنون وعمر أميرنا"، فدعي عمر أمير المؤمنين فهو أوّل من سمّي بذلك"1.
وعن ابن شهاب2: أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه سأل أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة3 لِمَ كان أبو بكر رضي الله عنه يكتب: من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب بعده: من عمر بن الخطاب خليفة أبي بكر [و] 4 مَنْ أوّل مَنْ5 كتب أمير المؤمنين؟ فقال: "حدّثني جدتي الشفاء6 - وكانت من المهاجرات الأول، وكان عمر إذا دخل السوق دخل عليها - قال: كتب عمر بن الخطاب إلى
1 ابن الجوزي: مناقب ص 59، ابن سعد 3/281، بدون إسناد.
2 محمّد بن مسلم الزهري.
3 العدوي، المدني، ثقة، عارف بالنسب. من الثالثة. (التقريب ص 623) .
4 سقط من الأصل.
5 في الأصل: (ما كتب) ، وهو تحريف.
6 الشفاء بنت عبد الله العدوية، أسلمت قبل الهجرة، وكات من المهاجرات الأول، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم. (الإصابة 8/120) .
عامل بالعراق1 أنِ ابْعَث إليّ برجلين جَلْدين نبيلين، أسألهما عن العراق وأهله. فبعث إليه صاحب العراقين بلبيد بن ربيعة2، وعدي بن حاتم3، فقدما المدينة فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد. ثم دخلا [المسجد] 4، فوجدا عمراً بن العاص، فقالا له:"يا عمرو استأذن لنا على أمير المؤمنين"، فدخل عمرو فقال:"السلام عليك يا أمير المؤمنين"، فقال له عمر:"ما بدا لك في هذا الاسم يا ابن العاص؟، لتخرن مما قلت"، قال:"نعم، قدم لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم، فقالا: "استأذن لنا على أمير المؤمنين، فقلت: أنتما والله أصبتما اسمه، إنه أمير المؤمنين". / [33 / ب] فجرى الكِتابُ من ذلك اليوم"5.
وقال الضحاك6: قال عمر رضي الله عنه: "أنتم المؤمنون وأنا أميركم فهو سمي نفسه"7.
وذكر جماعة من العلماء منهم أبو عبد الله محمّد بن سلامة8 في كتابه
1 في الاستيعاب: (عامل العراق) .
2 الكلابي الجعفري، الشاعر المشهور، أسلم سنة تسع، ونزل الكوفة، وتوفي سنة إحدى وأربعين. (الإصابة 6/4) .
3 الطائي، أسلم سنة تسع وثبت على إسلامه في الردة وأحضر صدقة قومه إلى أبي بكر، توفي سنة ثمان وستين. (الإصابة 4/228) .
4 سقط من الأصل.
5 الحاكم: المستدرك 3/81، 82، وقال الذهبي:"صحيح". ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1151، ابن الجوزي: مناقب ص 59، وأورده الهيثمي: مجمع الزوائد 9/61، وقال:"رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح"، والعسكري: الأوائل ص103، 104.
6 لم يتميز لي.
7 ابن الجوزي: مناقب ص 60.
8 في الأصل: (أسامة) ، وهو تحريف.
(المعارف)، وبعض من شرح (العمدة) :"مما خص به في ولايته أنه رضي الله عنه أوّل من سمي بأمير المؤمنين وأنه لم يسبق إليه"1.
وإذا نظر الإنسان في كلام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رأى أن جميعهم قد اتفقوا على تسميته بهذا الاسم وسار له في جميع الأقطار في حال ولايته.
والأمير: هو الكبير، فتأمر الرجل يتأمر فهو متأمر، وأمر الرجل يأمر فهو مؤتمر، وأمر الأمر يأمر فهو مؤتمر، أي: كبر، فسمي أمير لكبره وارتفاعه على غيره2، وفي الحديث:"لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، إنه ليخافه ملك بني الأصفر" 3، أي لقد كبر وعظم أمره4 وهذا أيضاً من هذا الباب.
وأمر الرجل إذا صار أميراً5، وفي حديث سقيفة بني ساعدة:"منا أمير ومنكم أمير"6. وقال أبو بكر: "نحن الأمراء وأنتم الوزراء"7. وفي حديث القراء: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أرسل جماعة من أصحابه وأمر عليهم عاصم ابن ثابت89.
1 ابن الملقن: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ق 10 / أ، ولم أجده في عيون المعارف.
2 في اللسان 4/31: "والأمير: الملِك لنفاذ أمره، الجمع: أمراء، وأَمَرَ علينا يأمُرُ أمْراً، وأَمُرَ وأَمِرَ: كوَلي". انظر: الجوهر: الصحاح 2/581.
3 البخاري: الصحيح، كتاب بدء الوحي 1/8، رقم: 7 بأطول.
4 انظر: ابن حجر: فتح الباري 1/40، 8/222، وفي النهاية 1/65، واللسان 4/29:"أي: كثر وارتفع شأنه".
5 الأزهري: تهذيب اللغة 15/292، ابن منظور: لسان العرب 4/31.
6 البخاري: الصحيح، كتاب المحاربين 6/250، رقم:6442.
7 أحمد: المسند 1/164، رقم: 18، قال أحمد شاكر:"ضعيف لانقطاعه". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فهذا مرسل حسن، ولعل حميداً أخذه من بعض الصحابة الذين شهدوا ذلك". (منهاج السنة 1/536) .
8 ابن أبي الأقلح الأنصاري الأوسي شهد بدراً، وهو الذي حمته الدَبْريوم الرجيع. (الاستيعاب 2/779) .
9 البخاري: الصحيح، كتاب المغازي 4/1499.
وأما الآمر: فهو من حصل منه أمر1.
والمائر: هو الّذي يجلب الطعام إلى أهله. يقال: امتار لهم الطعام يمتاره فهو مائر، قال الله عزوجل:{وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} [يوسف: 65]2.
والإمرة هي والإمارة واحد؛ وهي ما يحصل للأمير من الكبر والارتفاع؛ فهي اسم للولاية التي يعطاها من صار أميراً3. وفي الحديث: "فأخذهاخالد من غير إمرة" 4. وفي الحديث: "لا تسأل الإمارة" 5، وهي الولاية التي يصير بها أميراً6.
والمرّ هو الذهاب، ومنه:{تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: 88]7.
وكذلك المور قال الله عزوجل: / [34 / أ]{يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً} [الطور: 9] . وقد يكون المور: هو الّذي تري العين أنه يذهب وليس بذاهب، بل يتحرك يميناً وشمالاً ويضطرب كالسراب في شدة الحر. والله أعلم8.
1 انظر: ابن منظور: لسان العرب 4/27.
2 ابن منظور: لسان العرب 5/188، الجوهري: الصحاح 2/821.
3 انظر: الجوهري: الصحاح 2/581، ابن منظور: لسان العرب 4/31، الفيروزآبادي: القاموس ص 439.
4 البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز 1/420، رقم:1189.
5 البخاري: الصحيح، كتاب الإيمان والنذور 6/2443، رقم: 6248، مسلم: الصّحيح، كتاب الأيمان 3/1273، رقم:1652.
6 انظر: الجوهري: الصحاح 2/581.
7 انظر: الأزهري تهذيب اللغة 15/198، ابن منظور: لسان العرب 5/165.
8 انظر: الأزهري: تهذيب اللغة 15/297، الجوهري: الصحاح 2/820، الفيروزوآبادي: القاموس ص 614.