الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع والثلاثون: جمعه الناس في التراويح على إمام
…
الباب السابع والثلاثون: في ذكر جمعه الناس في التراويح على إمام
ذكر ابن الجوزي عن عروة بن الزبير رضي الله عنه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة في جوف1 الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدّثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج في الليلة الثانية فصلى رجال بصلاته، وأصبح الناس يتحدّثون بذلك وكثر أهل2 المسجد في الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى وصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عَجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليه فطفق رجال يقولون: الصلاة فلم يخرج إليه حتى خرج لصلاة الفجر فلما قضى الصلاة أقبل على الناس بوجهه، فتشهد ثم قال:"أما بعد، فإنه لم يَخْفَ عليَّ شأنكم الليلة، ولكنّي خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها"3.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة أمر فيه. . . . 4، ويقول:"من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ثم كان على ذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنه5.
1 أي: ثلثه الآخر. (القاموس ص 1031) .
2 في الأصل: (أكثر) ، وهو تحريف.
3 ابن الجوزي: مناقب ص 63، 64، والحديث أخرجه البخاري: الصحيح، كتاب صلاة التراويح 2/708، رقم: 1908، ومسلم: الصّحيح، كتاب صلاة المسافرين وقصرها 1/524، رقم:761.
4 مطموس في الأصل بمقدار كلمة، ولم أتبينها، ولعلها:(إيجاب) .
5 البخاري: الصحيح، كتاب صلاة التروايح 2/708، رقم: 1905، ومسلم: الصّحيح، كتاب صلاة المسافرين وقصرها 1/523، رقم:759.
قال عروة: "فأخبرني عبد الرحمن بن [عبدٍ] 1 القاري2 وكان من عمال عمر، وكان يعمل مع عبد الله بن الأرقم3 على بيت مال المسلمين: أن عمر خرج4 ليلة في رمضان وهو معه، فطاف في المسجد وأهل المسجد أوزاع5 متفرِّقون، يصلي الرجل بنفسه6، ويصلي الرجل بصلاته الرهط، فقال عمر: "إني والله لأظن لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل"، ثم عزم على أن يجمعهم على قارئ واحدٍ فأمر أبي بن كعب رضي الله عنه أن يقوم / [40 / ب] لهم رمضان فخرج عمر رضي الله عنه والناس يصلون بصلاة قارئهم، ومعه عبد الرحمن بن عبد القاري فقال له عمر: "نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون"، يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوّله"7.
وعن أبي عثمان8: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعا ثلاثة قراء في شهر رمضان، فأمر أسرعهم قراءة9 [أن] 10 يقرأ ثلاثين آية، وأمر
1 سقط من الأصل.
2 عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، يقال له: رؤية، وذكره العجلي في ثقات التابعين، توفي سنة ثمان وثمانين. (التقريب ص 345) .
3 الزهري، صحابي، ولاّه عمر بيت المال، وتوفي في خلافة عثمان. (التقريب ص 295) .
4 في الأصل: (أن خرج عمر) .
5 الأوزاع: الجماعات. (القاموس ص 995) .
6 في البخاري: (لنفسه) .
7 أخرجه البخاري: الصحيح، كتاب صلاة التراويح 2/707، رقم: 1906، بنحوه، وعبد الرزاق: المصنف 4/259.
8 عبد الرحمن بن ملّ النهدي.
9 قوله: (قراءة) تكرر في الأصل.
10 سقط من الأصل.
أوسطهم أيقرأ بخمس وعشرين آية، وأمر أبطأهم أن يقرأ عشرين آية"1.
وعن عبد الله بن عكيم الجهني2، قال:": كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا دخل شهر رمضان، صلى للناس صلاة المغرب، ثم تشهد بخطبة خفيفة، ثم قال: "أما بعد: فإن هذا شهر كتب عليكم صيامه ولم يكتب عليكم قيامه، من استطاع منكم أن يقوم فإنها من نوافل الخير3 التي قال الله عزوجل، ومن لم يستطع منكم أن يقوم فلينم على فراشه، وليتق إنسان منكم أن يقول: أصوم إن صام فلان، وأقوم إن قام فلان، من صام منكم أو قام فليجعل ذلك لله عزوجل، وأقلوا اللغو في بيوت الله، واعلموا أن أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة، ألا لا يتقدم الشهر منكم أحد ثلاث مرات، ألا لا تصوموا حتى تروه ثم صوموا حتى تروه، ألا وإن غمّ عليكم فلن يغمّ عليكم العدد فعدّوا ثلاثين، ثم أفطروا، ألا ولا تفطروا حتى تروا الغسق4 على الظراب5، 6.
1 عبد الرزاق: المصنف 4/161، وسنده صحيح، وابن نصر: قيام الليل ص 192.
2 الجهني، أبو معبد الكوفي، مخضرم، وقد سمع كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهينة، مات في إمارة الحجاج. (التقريب ص 314) .
3 يشير إلى قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} ، [الإسراء: 79] .
4 الغَسَق: ظلمة أوّل الليل. (القاموس ص 1181) .
5 الظَرِب بكسر الراء: واحد الظِراب، هي الروابي الصغار. (الصحاح 1/174) .
6 عبد الرزاق: المصنف 4/265، ابن نصر: قيام الليل ص 88، وفيه عبد الله بن ملَاذ الأشعري، وهو مجهول. (انظر: التقريب ص رقم: 301، 326) ، وأورده ابن الجوزي: مناقب ص 65.
وعن أبي إسحاق الهمداني1، قال:"خرج عليّ رضي الله عنه أوّل ليلة من شهر رمضان فسمع القراءة من المسجد، ورأى القناديل تزهر، قال: "نور الله لعمر بن الخطاب في قبره كما نوّر مساجدنا بالقرآن"2.
وعن مجاهد3، قال:"خرج عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ذات ليلة في شهر رمضان فسمع تهافت4 الناس بقراءة القرآن في المساجد، فقال عليّ: "نوّر الله على عمر قبره كما نوّر مساجدنا"5.
فصل
لا يتوهم متوهم أن التراويح من وضع عمر، ولا أنه أوّل من وضعها، بل كانت موضوعة من زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن عمر رضي الله عنه أوّل من جمع الناس على قارئ، واحدٍ فيها، فإنهم كانوا يصلون لأنفسهم فجمعهم على قارئ واحد.
والتراويح سنة مؤكّدة6، وهي قيام رمضان، قال أحمد وأصحابه: " (. . . .) 7، يستحب أن تكون في جماعة، وأن يوتر بعدها في الجماعة ما لم
1 عمرو بن عبد الله السبيعي، الهمداني، ثقة مكثر عابد، اختلط بأخرة، توفي سنة تسع وعشرين ومئة. (التقريب ص 422) .
2 ابن الجوزي: مناقب ص 65، ابن قدامة: المغني 2/606.
3 مجاهد بن جبْر المخزومي مولاهم، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، توفي سنة إحدى - أو اثنتين أو ثلاث أو أربع - ومئة. (التقريب ص 520) .
4 في الأصل: (سهاور)، وهو تحريف. قال ابن منظور:"تهافتوا عليه: تتابعوا". (لسان العرب 2/104) .
5 ابن الجوزي: مناقب ص 65.
6 انظر: ابن قدامة: المغني 2/601، ابن مفلح: الفروع 1/546، المرداوي: الإنصاف 3/180.
7 الفراغ كلمة لم أتبينها ورسمها: (وعر) .
يكن له تهجد، فإن كان له تهجد فإن أحب متابعة الإمام أوتر معه، وإذا سلّم شفعها بأخرى، وإن أحب لم يوتر معه"1
وسميت التراويح: لأنهم يستريحون فيها بعد كلّ أربع2.
ويستحب أن يسلّم فيها من كلّ ركعتين ويذكر الله بعد كلّ أربع في جلوس الراحة3.
ويكره التّطوّع بين التراويح4.
وهل يكره بعد التراويح والوتر في جماعة من غير فصل بنوم أو ذهاب، على روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله5.
وصلاة التراويح في أوّل الليل في الجماعة أفضل من تأخيرها إلى آخر الليل ويصليها وحده. والله أعلم6. / [41 / أ] .
1 انظر: أبا يعلى: كتاب الروايتين والوجهين 1/162، ابن قدامة: المغني 2/598، 605، 607.
2 انظر: ابن منظور: لسان العرب 2/462، ابن مفلح: الفروع 1/548، المرداوي: الإنصاف 2/181.
3 انظر: ابن قدامة: المغني 2/589، ابن القيم: زاد المعاد 1/330.
4 انظر: ابن قدامة: المغني 2/607، ابن مفلح: الفروع 1/549، ابن النجار: منتهى الإرادات 1/100، المرداوي: الإنصاف 2/183.
5 انظر: أبا يعلى: كتاب الروايتين والوجهين 1/161، ابن قدامة: المغني 2/607، 608، ابن مفلح: الفروع 1/549، المرداوي: الإنصاف 2/183.
6 انظر: ابن قدامة: المغني 2/605، ابن مفلح: الفروع 1/547، 548، ابن النجار: منتهى الإرادات 1/100، المرداوي: الإنصاف 2181.